logo
3 أسباب تُشعل الطائفية في سوريا

3 أسباب تُشعل الطائفية في سوريا

اليمن الآنمنذ يوم واحد
أحدثت أعمال العنف المأساوية التي شهدتها محافظة السويداء مؤخرا صدعا طائفيا جديدا في سوريا بعد أشهر قليلة على صدع طائفي آخر نتج عن التمرد الذي قاده فلول النظام السابق في الساحل.
ومع أن هذين الصدعين لهما جذور عميقة تمتد إلى ما قبل اندلاع أعمال العنف، إلا أنهما نقلا الاستقطاب الطائفي في سوريا إلى مستويات أكثر خطورة من ذي قبل.
إن التركة الثقيلة للحرب وحقبة دكتاتورية نظام البعث، التي غذّت العلاقة العدائية بين مختلف المكونات السورية طوال العقود الماضية، والتدخلات الخارجية في فترة الصراع وبعده ودورها المؤثر في تعميق الشرخ الطائفي، كلها عوامل موضوعية تفسر سياسة الهويات الطائفية التي تبدو مهيمنة في العلاقة بين مختلف الطوائف في سوريا بعد سقوط نظام الأسد.
يمكن تحديد ثلاثة محركات رئيسية تدفع هذا الاستقطاب الطائفي نحو صراع يتمحور حول منطق الأقليات في مواجهة الأكثرية، أو العكس:
أول هذه المحركات، هو البيئة التي أنتجتها الحرب والتدخلات الخارجية، والتي أسست لواقع الكيانات الطائفية والعرقية.
في شمال سوريا، ساهم تدخل التحالف الدولي في الحرب على الإرهاب في ظهور مشروع الحكم الذاتي الكردي بقيادة قوات سوريا الديمقراطية "قسَد".
وفي الجنوب، سعى نظام الأسد إلى تحييد الدروز عن الانخراط في الثورة من خلال منحهم نوعا من الإدارة اللامركزية. وعليه، فإن أطروحات اللامركزية التي تتبناها قوات سوريا الديمقراطية، والشيخ حكمت الهجري تستمد قوتها بدرجة أساسية من واقع هذه اللامركزية الذي تأسس في حقبة الصراع.
في السويداء، ازداد الوضع تعقيدا مع التدخل الإسرائيلي في الاشتباكات الأخيرة، حيث دعمت إسرائيل الجماعات المسلحة التي يقودها الشيخ الهجري في مواجهة الدولة السورية، التي حاولت تعزيز وجودها في المدينة ونزع السلاح غير الخاضع لسلطتها.
هذا التدخل يثير تساؤلات حول أهداف الهجري، وما إذا كان صراعه ضد الدولة يهدف إلى تأسيس خصوصية إدارية للسويداء على غرار النموذج الكردي في الشمال.
فإسرائيل لا تخفي طموحها في تقسيم سوريا إلى كيانات طائفية، مستفيدة من تقديم نفسها داعمة للدروز كجزء من إستراتيجية طويلة الأمد للتأثير في استقرار البنية الطائفية في سوريا.
المحرك الثاني، يكمن في الهواجس التي تعبر عنها بعض المكونات تجاه الحكم الجديد، سواء بسبب تمثيله الأكثرية، أو بسبب خلفيته الأيديولوجية.
هذه الهواجس قد تكون مفهومة جزئيا، لكنها تبدو هامشية مقارنة بالدوافع الحقيقية التي تشكل سلوك هذه المكونات.
فأطروحات "قسَد"، التي تراجعت من الفدرالية إلى اللامركزية، ستبقى حاضرة بغض النظر عن هوية السلطة في دمشق. والأمر نفسه ينطبق على حالة الشيخ الهجري، الذي طالب منذ بداية التحول بأطروحات الفدرالية واللامركزية.
وبالنسبة للساحل، فإن التمرد الذي قام به فلول النظام السابق في مارس/ آذار الماضي كان مصمما لإسقاط الدولة في الساحل، والتأسيس لواقع مشابه لما يبدو الوضع عليه في الجنوب ومناطق سيطرة "قسد" من حيث الخصوصية الطائفية والعرقية.
المحرك الثالث، يتمثل في تقاطع مصالح الأطراف الداخلية المعادية للحكم الجديد في تقويضه، وفرض تصوراتها لمستقبل النظام السياسي في سوريا.
هذا التقاطع يُبرز بوضوح منطق الصراع بين الأقليات والأكثرية، التي يمثلها الحكم الجديد بقيادة الرئيس أحمد الشرع. على الرغم من النهج الوطني الذي يتبناه الشرع، فإن ذلك لا يبدو كافيا لتبديد هواجس هذه المكونات، مما شكل حافزا إضافيا للتمسك بسياسات الهوية الطائفية والعرقية.
ومع أن رفض الشرع نظام المحاصصة الطائفية يستند إلى تجارب فاشلة في دول مثل لبنان والعراق، فإن البنية الطائفية للمجتمع السوري تفرض ضرورة إشراك مختلف المكونات في السلطة كمدخل لتحقيق الاستقرار الطائفي، وهو التحدي الأبرز الذي تواجهه سوريا في هذه المرحلة.
ليست أحداث السويداء والساحل مجرد اضطرابات طائفية عابرة، بل تعبر عن عمق الشرخ الطائفي الذي يهدد تماسك المجتمع السوري ويضغط على الحفاظ على بلد موحد.
ففي السويداء، ساهمت أعمال العنف الأخيرة في التأسيس لبيئة عداء دائمة بين المكون الدرزي والدولة، وأضعف التيارات الدرزية التي ترفض الاستثمار الإسرائيلي في حالة الدروز، والاندماج في مشروع وطني شامل.
والأمر نفسه ينطبق على الساحل، حيث أدت أحداث مارس/ آذار الماضي إلى تعميق الشرخ الطائفي الذي كان قائما أصلا في فترة الحرب.
هذه البيئة العدائية بين مختلف المكونات يراد لها أن تصبح جزءا أساسيا من هوية سوريا الجديدة، مما يعيق بناء دولة متماسكة، ويؤسس لحقبة طويلة الأمد من سياسة الهويات.
تقف سوريا اليوم على مفترق طرق حاسم. فخ منطق الأقليات والأكثرية يهدد بتقويض جهود بناء دولة موحدة، ويعزز من احتمالات دوامة لا تنتهي من الاضطرابات الطائفية والعرقية.
إن نجاح الحكم الجديد في تجاوز هذه التحديات يتطلب رؤية إستراتيجية شاملة تركز بصورة رئيسية على إعادة ترميم النسيج الوطني المفكك، وبناء علاقة ثقة مع المكونات المختلفة من خلال إشراكها في عملية بناء الدولة الجديدة، وتدشين حقبة المصالحة الوطنية الشاملة التي تشكل مدخلا حاسما للحد من حالة الاضطراب الطائفي.
ومثل هذه الخطوات ليست مجرد عناوين، بل تترجم إلى مسارات سياسية واضحة وممكنة تحقق هذا الهدف. وبقدر ما إن مثل هذه الاضطرابات تجلب مزيدا من الضغط على عملية التحول في سوريا، فإنها تجلب أيضا فرصا لتشخيص مكامن الضعف والخلل في هذه العملية.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نادي القضاة الجنوبي يُبقي الإضراب مستمراً ويُرحّب بجهود الزُبيدي للحل القانوني
نادي القضاة الجنوبي يُبقي الإضراب مستمراً ويُرحّب بجهود الزُبيدي للحل القانوني

اليمن الآن

timeمنذ 32 دقائق

  • اليمن الآن

نادي القضاة الجنوبي يُبقي الإضراب مستمراً ويُرحّب بجهود الزُبيدي للحل القانوني

ودعا النادي الجميع إلى الصبر والتفهم حتى إعلان نتائج اللقاءات المرتقبة. أعلن نادي القضاة الجنوبي في عدن استمرار الإضراب الحالي حتى تحقيق مطالب القضاة المشروعة، مع التفاعل الإيجابي مع جهود نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُبيدي لوضع آلية تنفيذية تضمن حقوقهم ضمن الإطار القانوني.

قيادي يسجن والده السبعيني بسبب منزله
قيادي يسجن والده السبعيني بسبب منزله

اليمن الآن

timeمنذ 32 دقائق

  • اليمن الآن

قيادي يسجن والده السبعيني بسبب منزله

كريتر سكاي/خاص: أفادت مصادر محلية في محافظة إب أن القيادي في ميليشيا الحوثي محمد عبدالمجيد عضيب أقدم على حبس والده، البالغ من العمر 70 عامًا، في سجن شرطة الشعاب بمديرية المشنة، إثر خلاف عائلي يتعلق بملكية منزل الأسرة. وأوضحت المصادر أن القيادي الحوثي، الذي يشغل منصب "مشرف ثقافي" تابع للميليشيا، استغل نفوذه للضغط على والده وسجنه بهدف الاستيلاء على المنزل بالقوة، في حادثة أثارت استياءً واسعًا بين أهالي المنطقة، الذين اعتبروا ما جرى تجسيدًا لسياسة القمع التي تمارسها الميليشيا حتى داخل أسر عناصرها. وطالب ناشطون ووجهاء محليون بسرعة الإفراج عن الوالد، ووقف التجاوزات التي تمارسها الميليشيا بحق المواطنين، مؤكدين أن هذه الحادثة تمثل انتهاكًا صارخًا للأعراف والقيم المجتمعية والإنسانية.

صنعاء:حملة حو/ثية مرتقبة تستهدف سائقي الدراجات النارية
صنعاء:حملة حو/ثية مرتقبة تستهدف سائقي الدراجات النارية

اليمن الآن

timeمنذ 32 دقائق

  • اليمن الآن

صنعاء:حملة حو/ثية مرتقبة تستهدف سائقي الدراجات النارية

كشفت مصادر محلية عن استعداد ميليشيا الحوثي لإطلاق حملة ميدانية جديدة في العاصمة المختطفة صنعاء وضواحيها، تستهدف سائقي الدراجات النارية، بحجة تنظيم حركة السير وتطبيق إجراءات مرورية، في حين يعتبر السكان هذه الحملة وسيلة لابتزاز شريحة فقيرة من المجتمع، ودفعها بشكل غير مباشر إلى ساحات القتال. وبحسب المصادر، تعتزم المليشيات نشر عناصر تابعة لجهاز 'الضبط المروري'، المرتبط مباشرة بعبد الكريم الحوثي، وزير الداخلية في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، في شوارع العاصمة لتنفيذ سلسلة من الإجراءات المشددة بحق سائقي الدراجات. وتشمل هذه الإجراءات فرض رسوم جمركية جديدة حتى على الدراجات التي سبق جمركتها، وإجبار السائقين على شراء خوذات يصل سعرها إلى 16 دولاراً، بالإضافة إلى حظر تنقلاتهم في بعض الطرق الرئيسية، ومنعهم من نقل ركاب، أو استخدام الكشافات وأبواق التنبيه، تحت مبررات تخفيف الازدحام. وفي تصريحات لـالشرق الأوسط، عبّر عدد من سائقي الدراجات عن خشيتهم من التعرض للمضايقة أو مصادرة دراجاتهم خلال الحملة، مؤكدين أن الهدف الحقيقي للجماعة هو تضييق سبل العيش على الفقراء ودفعهم قسراً نحو الجبهات، لا تحسين الوضع المروري كما تدّعي. وقال أحد السائقين، يُدعى أحمد، إن هذه الإجراءات تضعهم أمام خيارات صعبة، فإما التوقف عن العمل، أو مواجهة الاعتقال والابتزاز، مشيراً إلى أن الحوثيين سبق وأن نفذوا حملات مماثلة لم تؤدِ سوى إلى مفاقمة معاناة هذه الفئة. بدورها، نددت نقابة سائقي الدراجات في صنعاء بالحملة المرتقبة، ووصفتها بأنها خطوة تهدف إلى فرض جبايات جديدة ومصادرة أرزاق الآلاف من العاملين في هذا القطاع، محذّرة من انعكاسات ذلك على أوضاع المواطنين الذين باتت الدراجات مصدر رزقهم الوحيد بعد توقف الرواتب وانعدام فرص العمل. وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من مليون دراجة نارية مستخدمة في اليمن، أغلبها تتركز في المدن والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وقد تحولت إلى وسيلة معيشة رئيسية لآلاف العائلات منذ اندلاع الحرب وتردي الأوضاع الاقتصادية. ويخشى مراقبون وناشطون محليون أن تتحول الحملة الجديدة إلى غطاء لانتهاكات واسعة بحق السائقين، في ظل غياب أي سلطة قضائية أو رقابية مستقلة، خصوصاً بعد أن استخدمت الجماعة سابقاً جهاز 'الضبط المروري' لفرض السيطرة والابتزاز في شوارع صنعاء. السائقون من جانبهم يرون أن هذه الإجراءات لن تسهم في تنظيم السير، بل ستضاعف معاناتهم اليومية، وتضعهم أمام خيارات بالغة القسوة في سبيل توفير قوت يومهم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store