logo
إسرائيل تختبر الصمت العربي والأقصى في خطر

إسرائيل تختبر الصمت العربي والأقصى في خطر

الجزيرةمنذ يوم واحد

تتوالى التحذيرات من شخصيات دينية وسياسية بشأن تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى المبارك، وسط صمت عربي وإسلامي شكّل محفزًا لتصعيد محاولات فرض واقع جديد على ثالث الحرمين الشريفين.
وتأتي هذه التحذيرات في وقتٍ تتسارع فيه التطورات على الأرض، حيث يواصل الاحتلال الإسرائيلي خطواته لتغيير الوضع القائم في الأقصى، وازدياد المخاوف من فرض أمر واقع جديد.
فقد شهدت مدينة القدس أمس مظاهرات ومسيرة أعلام إسرائيلية استفزازية جابت البلدة القديمة ووصلت إلى أبواب المسجد، وسط حراسة مشددة من قوات الاحتلال وبمشاركة وزراء وأعضاء بالكنيست من اليمين المتطرف، وترافق ذلك مع اقتحامات واسعة لساحات الأقصى واعتداءات على المصلين والمرابطين.
وشكل ذلك كله مشهدا عدّته شخصيات دينية وسياسية -في مقابلات مع الجزيرة نت- حلقةً خطيرة من مسلسل التصعيد المستمر بحق المدينة ومقدساتها، مع تصاعد الدعوات المتجددة لتحمّل الأمة العربية والإسلامية مسؤولياتها، ووقف مسلسل الصمت تجاه "خطر التهويد الحقيقي" الذي بات يهدد الهوية والمقدسات الإسلامية في القدس.
ولا يمكن عزل هذا التصعيد الإسرائيلي في المسجد الأقصى عن استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وما يتعرض له سكان القطاع حاليا من حرب إبادة جماعية ومجاعة فعلية تهدد حياة 2.3 مليون فلسطيني يتعرضون لحصار إسرائيلي تام.
لماذا الصمت العربي؟
ويُجمع المتحدثون للجزيرة نت على أن الصمت العربي تجاه الانتهاكات المتصاعدة بحق المسجد الأقصى لم يعد مبرَّرًا، بل بات عاملا رئيسيًا في تشجيع الاحتلال على التمادي في تهويد الحرم القدسي.
فمدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني يقول "إن القدس عاصمة الإسلام والأقصى واجب عقيدي لكل مسلم، ولا يمكن اختزال الدفاع عنه في كونه مسؤولية الفلسطينيين فقط". مؤكدا أن "ما يحدث من اعتداءات ومحاولات لتغيير معالم البلدة القديمة والقصور الأموية والاقتحامات المتكررة هو استخفاف بالأمة جمعاء".
ويضيف مدير المسجد الأقصى أن "رابطتنا بالأقصى عقيدية، والصمت العربي والإسلامي إزاء ما يجري اليوم يُسقط هذا الواجب ويشكل خطورة كبيرة على هوية المسجد وأهله". مبينا أن "الأقصى حق خالص للمسلمين لا يقبل القسمة ولا الشراكة، والجميع حكومة وشعوبًا مطالبون بالقيام بمسؤولياتهم".
ويذهب رئيس لجنة القدس في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج حلمي البلبيسي إلى تحميل الأنظمة العربية المسؤولية المباشرة عما يجري من مخطط التهويد في المسجد الأقصى، وتمادي الاعتداءات على الشعب الفلسطيني.
ويضيف البلبيسي أن "الصمت العربي على انتهاكات الاحتلال هو ما شجّع العدو على التمادي، فالاعتداءات بدأت عام 1967 حين أُغلق الأقصى أمام المصلين ولم تصدر ردود فعل رسمية حازمة".
مشددا على أن "الأنظمة أذعنت لإملاءات العدو مقابل حماية مصالحها، أما الشعوب فما زالت قلوبها مع القدس، ويمنعها القمع من نصرة المقدسات، ولو فُتحت لها الأبواب لما ترددت في التضحية".
أما رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القرة داغي فيرى أن "الصمت نابع من الضعف والتفرق والهوان الذي أصاب معظم الدول العربية، إضافة إلى حب الدنيا وعبادة الكراسي والحرص على السلطة".
ويطرح القرة داغي سؤالا يقارن فيه بين ما يتردد عن وجود مقاومة مسلحة في غزة تمنع الأنظمة من التحرك وبين واقع الاحتلال في المسجد الأقصى، ويقول: "القدس اليوم بلا مقاومة مسلحة، ومع ذلك لا تتحرك الأنظمة! هناك أوراق ضغط هائلة بيد العرب: قطع العلاقات وإيقاف البترول وغيرهما، لكنها معطلة لغياب الإرادة".
لكن مدير عام أوقاف الخليل جمال أبو عرام يذهب إلى أن "المسؤولية جماعية، وليست مسؤولية الفلسطينيين وحدهم بل كل العرب والمسلمين"، مبينا أن الصمت يُضاعف شراسة العدوان ويجب فضح الانتهاكات على كل المستويات الدولية".
أما القيادي في حركة الجهاد الإسلامي هيثم أبو الغزلان فيقول "إن الصمت العربي والإسلامي مريب، خصوصًا في ظل استمرار الاعتداءات الصهيونية وتصاعدها ضد القدس والمسجد الأقصى، وضد أهلها؛ تهويدا واستيطانا واعتداءات مستمرة، واقتحامات متكررة، وعمل صهيوني جاد يهدد هوية المسجد الأقصى الإسلامية، والسعي الدائم لهدم المسجد الأقصى وبناء ما يسمى الهيكل المزعوم".
اختبار الصمت العربي
ولم تعد اقتحامات المسجد الأقصى فعلا عابرًا أو طقسًا دينيًا بحتًا، بل صارت أداة سياسية وإستراتيجية لاختبار صبر العرب والمسلمين وحدود ردة فعلهم.
واليوم الثلاثاء، حاول إسرائيليون عرقلة مرور شاحنات مساعدات في طريقها إلى قطاع غزة من ميناء أسدود.
وهذا ما ذهب إليه القيادي في الجهاد الإسلامي بأن تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية الحالية تمثل "اختبارا واضحا للصمت العربي والإسلامي، ومحاولة قياس رد الفعل على هذه الاعتداءات المستمرة، وهي جزء من العدوان المتواصل والمتصاعد ضد شعبنا وأهلنا في قطاع غزة و الضفة المحتلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ولذلك، فإن الاقتحامات بلغت درجات غير مسبوقة في عدد المشاركين ونوعية الطقوس الدينية المزعومة، كترديد التراتيل ومحاولات ذبح القربان داخل الساحات، خاصة بعد فشل الاحتلال في غزة، وهذا التصعيد جزء من مؤامرة جادة لتثبيت التهويد وتعويض إخفاقاتهم العسكرية، وفق ما صرح به البلبيسي.
ويوضح الكسواني أن "هذه الاقتحامات تجمع بين طقوس دينية متطرفة تمارس برعاية حكومة الاحتلال وبين محاولة فرض واقع جديد وجعل هذه الممارسات معتادة في المشهد اليومي.
وبيّن مدير المسجد الأقصى أن "الهدف من هذا واضح، وهو كسر هيبة المسجد الأقصى." مؤكدا أن "هذه الطقوس الشاذة تحدث بقوة الاحتلال والسلاح ولا تعطي أي شرعية، واستمرارها هو اختبار لاستكانة العالمين العربي والإسلامي، والدليل أن استمرار سفك الدماء في غزة قابله صمت مشابه تجاه الأقصى".
أما رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فيرى أن "هذه ليست طقوسًا دينية فقط، بل هي موقف سياسي مقصود وجس نبض للأمة تمهيدًا لمشاريع أكبر؛ فكل المؤشرات تدل على أنهم يخططون لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم، لا سيما مع التصريحات المتكررة لقادة اليمين الإسرائيلي."
ولا يبعد مدير الأوقاف في الخليل عن ذلك، ويقول إن "الاقتحامات اليومية وممارسات المستوطنين والجنود الإسرائيليين في الساحات وكل معالم الحرم القدسي تعكس حقدًا عقديًا، وتستفيد من ردة الفعل الضعيفة والصمت العربي والإسلامي".
ورغم هذه الممارسات، فإن الشيخ الكسواني يشير إلى أن حضور المصلين من أهل القدس وفلسطينيي الداخل يبعث رسالة قوية باستمرار التشبث بإسلامية الأقصى، رغم التضييق والمعاناة المستمرين على الحواجز.
الأقصى في خطر
ويتفق جميع المتحدثين للجزيرة نت على أن المسجد الأقصى في خطر حقيقي ومتفاقم منذ احتلاله عام 1967، لكن وتيرة الخطورة تصاعدت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
فالدكتور القرة داغي اليوم يحذر من أن سلطات الاحتلال تتعامل مع ساحات الأقصى بوصفها حديقة عامة، وترفع دعوات علنية للسيطرة الكاملة عليه وعلى القدس، وكل هذا وسط صمت مطبق من الأنظمة العربية. مبينا أنه "إذا استمر هذا الصمت فقد نشهد كارثة كبرى".
ويلفت أبو عرام النظر إلى أن "مخاطر التقسيم الزماني والمكاني قائمة، ودائرة الاستهداف للأقصى تتسع يومًا بعد يوم، خاصة بعد اندلاع الحرب على غزة، والأمة مطالبة بتحمل مسؤولياتها قبل فوات الأوان".
ويستشهد الكسواني بتاريخ الانتهاكات التي تعرض لها المسجد الأقصى، مشيرا إلى أنه "منذ عام 1967 والأقصى في خطر، أما الجديد الآن فأنه توجد كل يوم اقتحامات ومحاولات ممنهجة لتغيير الوضع القائم من خلال صلوات يهودية وتصريحات سياسية تهدف إلى التقسيم". مبينا أن "الخطر لم يعد مؤجلًا بل أصبح واقعا نعيشه يوميًا."
وهذا التقسيم يراه البلبيسي "الخطر الحقيقي الذي يكمن في احتمال تكرار تجربة المسجد الإبراهيمي بالخليل، حيث تم التقسيم الزماني والمكاني بحكم الأمر الواقع بعد الهجمة على الحرم.
مضيفا أن الأقصى اليوم "يشهد تصاعدًا في أدوات التهويد وسط انسحاب النظام العربي الرسمي من مسؤوليته، وهو ما يضعنا أمام احتمال الهدم الفعلي للأقصى."
والمسجد الأقصى يمر حاليا بأخطر مراحل العدوان الإسرائيلي المستمر، وهذا يتطلب موقفا عربيا وإسلاميًا يواجه هذه التحديات، ويعطي دفعا لمقاومة الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافها في صدّ العدوان وإنهاء المخاطر، حسب ما قاله أبو الغزلان.
وهكذا تتضافر شهادات المتحدثين في رسم مشهد بالغ الخطورة: صمت عربي رسمي وشعبي مكبل بالقمع وغياب الإرادة، في مقابل طقوس دينية متطرفة تتحول لأداة سياسية لاختبار العالم الإسلامي، في ظل تصاعد ملموس للخطر المحدق بمصير أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فيلم "8 أكتوبر" يهاجم الاحتجاج ضد الإبادة دعما لأجندة يمينية متطرفة
فيلم "8 أكتوبر" يهاجم الاحتجاج ضد الإبادة دعما لأجندة يمينية متطرفة

الجزيرة

timeمنذ 27 دقائق

  • الجزيرة

فيلم "8 أكتوبر" يهاجم الاحتجاج ضد الإبادة دعما لأجندة يمينية متطرفة

بدأ في منتصف مارس/آذار الماضي عرض فيلم "8 أكتوبر" (الوثائقي) الأميركي في دور العرض السينمائي. الفيلم من إخراج ويندي ساكس، ومدته 100 دقيقة، من إنتاج شركة براياركليف إنترتينمنت 2025. لاحظ بعض النقاد أن فيلم "8 أكتوبر" يحرف حقيقة معاداة السامية لمهاجمة حركة الاحتجاج ضد الإبادة الإسرائيلية بفلسطين دعما لأجندة يمينية متطرفة أوسع نطاقا، لا تعادي تحرر فلسطين وتفكيك نظام الفصل العنصري الصهيوني وتتماهى مع العنف والاستيطان والإبادة الجماعية فحسب، بل تعادي الحقوق المدنية وبرامج "التنوع والمساواة والشمول" لأنها تنسجم مع الحقوق الشرعية الفلسطينية وتعارض استمرار الاستعمار والاستيطان ومع كافة قضايا المستضعفين. وبحسب الناقدة والأكاديمية، الدكتورة شكوفه رجب زاده، لا يهدف فيلم "8 أكتوبر" لنقل المعلومات، بل يستهدف إثارة الذعر، ذعر يأمل صناع الفيلم أن يدفع المشاهدين لدعم حملات قمع عنيفة، تشهدها جميع أنحاء الولايات المتحدة حاليا، ضد طلاب ناشطين في قضية فلسطين. فمنذ تولي ترامب منصبه، ألغت إدارته ما لا يقل عن 300 تأشيرة طلابية، واحتجزت سلطة الهجرة والجمارك الأميركية طلابا، وفيهم مقيمون دائمون بشكل قانوني. يحدث هذا في حين تجبر الجامعات على الرضوخ لمبادرات متطرفة معادية للتعليم والديمقراطية ومؤيدة لإسرائيل للحصول على تمويل فدرالي. فمثلا، لم توافق جامعة كولومبيا على "تطوير مركزها في تل أبيب" فحسب، بل عينت أيضا نائبا أول لرئيس الجامعة لمراجعة المناهج والبرامج بأقسام دراسات الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأفريقيا، مقابل 400 مليون دولار تمويلا فدراليا كان مقررا سابقا. ومع ذلك، وفي خضم هذه الحملات الاستبدادية على حرم الجامعات وحياة الطلاب الناشطين، يصور الفيلم الجديد "8 أكتوبر"، من إخراج ويندي ساكس، حرم الجامعات كمساحات سادتها الفوضى، حيث تترجم الفوضى لكراهية وعنصرية، والضحايا الوحيدون هم الطلاب اليهود الصهاينة! وتلفت رجب زاده إلى أن حجة الفيلم غير منطقية ومائعة. غالبا ما يقدم المشاركون في المقابلات التي أوردها الفيلم ادعاءات تبدو مخيفة، بيد أن اللقطات التي تلت ذلك تفند هذه الادعاءات. لكن هذا لا يهم، فهدف فيلم دعائي مثل "8 أكتوبر" ليس نقل المعلومات، بل إثارة ذعر واسع النطاق، ذعر يريد صناع الفيلم أن يستمر ويتصاعد ويبقى في وجدان المشاهدين حتى بعد نهاية الفيلم، وأن يدفعهم إلى دعم حملات القمع العنيفة وانتهاك حقوق الطلاب التي تشهدها البلاد الآن. خلط معاداة السامية بمعاداة الصهيونية يبدأ الفيلم بلقطات خام من هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ويتبعه مباشرة سرد شخصي للهجمات من قبل إيريت لاهاف، إحدى سكان كيبوتس نير عوز. وتظهر لنا الغرفة التي اختبأت فيها مع ابنتها، وكيف أغلقت الباب وأطفأت الأنوار لساعات. وفي هذه الأثناء، وفي الظلام، تقرأ رسائل واتساب من دردشة مجتمع الكيبوتس: "أطلقوا النار على زوجي"، "إنهم في منزلي"، "أصيب زوجي بالرصاص. إنه ينزف". وينتقل الفيلم بعد ذلك إلى شقة شاي دافيداي بمدينة نيويورك؛ ونوا تيشبي في لوس أنجلوس؛ وتيسا فيكسلر، الطالبة بجامعة كاليفورنيا، في سانتا باربرا. وتروي كل منهن تجربتها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. فورا، وبعد أقل من 10 دقائق من بدء الفيلم، تتحد إسرائيل ومدن نيويورك ولوس أنجلوس وسانتا باربرا في تجربة جماعية لهجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وتختتم تيشبي المقطع بربط أحداث أكتوبر/تشرين الأول بالهولوكوست، ربطا غير منطقي: "إنها كلها قصص سمعناها وترعرعنا عليها. إلا أنها هذه المرة صورت بالفيديو". وبعد أن رسم الفيلم مقارنة بين السابع من أكتوبر/تشرين الأول والهولوكوست، ينتقل الفيلم بعد ذلك إلى الشوارع. وتظهر أولى لقطاته متظاهرين يهتفون "الحرية لفلسطين!". وهنا، يدعي الكاتب المؤيد لإسرائيل، دان سينور، أن "الغضب كان موجها نحو اليهود لاعتراضهم على الذبح". ومع ذلك، تظهر المقاطع المصورة بالمايكرو-ثانية متظاهرين يهتفون من أجل "فلسطين حرة" رافعين لافتات كتب عليها "أوقفوا كل المساعدات لدولة إسرائيل العنصرية". حتى في هذه المقاطع، يتضح أن الحركة من أجل "فلسطين حرة" لا علاقة لها بكراهية اليهود، بل هي دعوة لـ"حرية فلسطين" وتغيير السياسة الخارجية الأميركية. وبالمثل، يتحدث شاي دافيداي عن المظاهرة المزدوجة التي نظمت بساحة جامعة كولومبيا، ويقول: "لم أر جدلا أيديولوجيا بين طرفين. كنت أرى كراهية". لكن اللقطات تظهر مجموعتين من المتظاهرين في مواجهة سلمية، يواجهان بعضهما البعض في ساحة. الهتافات التي سمعت هي "فلسطين حرة حرة!" و"نطالب بالتحرير!". بدوره، يؤكد أورين سيغال من "رابطة مكافحة التشهير" أنه لم يسمح للطلاب اليهود بالتجول بحرية في الحرم الجامعي. لكن اللقطات التالية تظهر طالبا يهوديا يسأل ناشطا يقف عند مدخل أحد المخيمات: "إذن أنت لن تسمح للطلاب اليهود بالدخول؟" يرد الناشط: "لدينا طلاب يهود هنا. هل أنت صهيوني؟" ليس من المستغرب ألا يسمح لصهيوني يدافع عن الإبادة الجماعية بالدخول إلى مخيم مناهض للإبادة الجماعية. أحداث سحب الثقة ولكن ربما يكون أضعف مثال على معاداة السامية في الفيلم هو الأهم في حجته. إنها الأحداث التي أحاطت بسحب الثقة من رئيسة اتحاد الطلاب، تيسا فيكسلر، بجامعة كاليفورنيا، في سانتا باربرا. فبعد هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت فيكسلر دعمها لإسرائيل وطلبت من ناخبيها أن يحذوا حذوها. وبينما بدأ العديد من طلاب جامعة كاليفورنيا، في سانتا باربرا، يشعرون بالحزن على قتل إسرائيل غير المبرر للأطفال، لم تكترث فيكسلر لمعاناتهم ولم تطالب الجامعة بسحب استثماراتها من شركات تصنيع الأسلحة. بل، تركز على صهيونيتها من خلال التأكيد المتكرر على دعمها لإسرائيل والعمل مع جماعات عدوانية مؤيدة لإسرائيل، مثل جماعة "كل إسرائيل". نتيجة لذلك، بدأ الطلاب في تصميم ملصقات (بوسترات) تضخم موقفها السياسي: "تيسا فيكسلر تدعم الإبادة الجماعية". "تبا لمحايد كرئيس". وتقول فيكسلر في مقابلتها: "بعد ذلك، ازداد الأمر سوءا". وبالتالي، يتوقع المرء في هذه المرحلة أن يكون هناك هجوم يستهدف صراحة دينها أو هويتها اليهودية. بدلا من ذلك، تروي فيكسلر: "أتذكر أنني تلقيت رسالة نصية في الساعة الثانية صباحا: هناك أشخاص يتجولون بأقنعة ويضعون منشورات في صناديق البريد بالقرب من منزلك". وتظهر الرسالة النصية التالية المنشور "اعزلوا تيسا فيكسلر". ثم التقطت شبكات الأخبار هذا الخبر: "تحقق جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا في لافتات ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي يبدو أنها تستهدف رئيسة اتحاد الطلاب". حملة المطالبة بالعزل ليست خطاب كراهية، ولا عنصرية، ولا تمييزية. في الواقع، إنها جوهر الديمقراطية، وجزء مهم من "الضوابط والتوازنات". نعم، لقد أشير تحديدا لرئيسة اتحاد الطلاب بسبب تصرفاتها خلال فترة ولايتها، وهكذا تجري عملية العزل أو سحب الثقة. في النهاية، لم تتحقق عملية سحب الثقة بسبب صوت واحد امتنع عن التصويت. ومع ذلك، يمثل ألم فيكسلر محور الفيلم في بقية أحداثه. في النهاية، تلاحظ رجب زاده، أن حجج فيلم "8 أكتوبر" لا تجدي نفعا إلا إذا آمن المشاهد بأن رفض الصهيونية وإنكارها هو رفض وإنكار لليهودية والهوية اليهودية. القضايا التي تركز على النشاط الجامعي، والتي تشكل أساس الفيلم، لا تقدم أي أمثلة على عنصرية معادية لليهود. بل يسلط الفيلم الضوء على الطرق التي يفسر بها الصهاينة حركات الحرم الجامعي المطالبة بحقوق فلسطين، ويتفاعلون معها، ويتعرضون لتهديد (مزعوم) من قبلها. بهذه الطريقة، تتكشف الأجندة الحقيقية للفيلم. دعم أوسع لأجندة يمينية يأتي كل هذا الاهتمام بالاحتجاجات ضد الإبادة بفلسطين على حساب إغفال أمثلة خطيرة على معاداة السامية. فمثلا، لم يضمن الفيلم سوى منشورات باتريك داي العنيفة بجامعة كورنيل، والداعية لقتل اليهود، لكن لم يركز عليها. هذا لأنه لم تكن هناك أي جهة أو منشور، بما في ذلك صحيفة التابلويد "نيويورك بوست" (الموالية للصهاينة)، قادرة على ربط هذا الطالب بالنشاط الفلسطيني. في الواقع، إن تجاهل معاداة السامية الحقيقية الفعلية لدى العنصريين البيض، وتشويه حركة سحب الثقة من رئيسة اتحاد طلاب جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، ليسا التحركين الوحيدين المعاديين للديمقراطية التي يقدمها فيلم المخرجة ويندي ساكس. ويصل تهافت فيلم "8 أكتوبر" حد إلقاء اللوم على برامج "التنوع والمساواة والشمول" (DEI) في زيادة معاداة السامية أيضا. ويحاول سكوت غالاوي، أستاذ التسويق بكلية إدارة الأعمال بجامعة نيويورك، إثارة إشكالية حول هذه البرامج من خلال شرح كيفية عمل ديناميات القوة العرقية. يقول غالاوي: "بدأت برامج "التنوع والمساواة والشمول" بالنوايا الصحيحة". "المشكلة أننا خلقنا هذه الأرثوذكسية غير الصحية حيث قررنا أن هناك مستكبرين ومستضعفين (مضطهدين). وليس هناك الكثير من الفروق الدقيقة هنا". ويشير تلميح غالاوي هنا، بحسب رجب زاده، إلى أن جهود "التنوع والمساواة والشمول" قد شجعت الناس على تبسيط القضايا المعقدة بشكل مفرط، كالهجوم الإسرائيلي على غزة. ولسوء الحظ، لا يقدم غالاوي فروقا دقيقة تعفي أحد أقوى جيوش العالم -والمسؤول عن إبادة جماعية واحتلال وفصل عنصري ومقتل 50 ألف شخص ونيف في 18 شهرا- من وصفه بالظالم. وتتابع نوا فاي، الطالبة بكلية برنارد، هذه النقطة الأوسع، ملمحة إلى أن بناء التحالف الواسع بين حركة حقوق فلسطين والحركات الاجتماعية الأخرى ليس نتيجة للاعتراف الجماعي بأن الأنظمة القمعية تعمل وتتفاعل معا، بل لأن حركة "طلاب لأجل العدالة لفلسطين" قد "تلاعبت بالمظالم واستغلتها"، وفي هذه العملية "اختطفت كل قضية استضعاف في العالم". وجهات النظر هذه ليست شاذة. حيث يضم برنامج فيلم "8 أكتوبر" أيضا قائمة من المتحدثين اليمينيين الذين هونوا من شأن معاداة السامية لدى اليمين. من أولئك رابطة مكافحة التشهير، التي وصفت تحية إيلون ماسك النازية العلنية بأنها "لفتة غريبة في لحظة حماسة"؛ وباري فايس، مؤسسة دورية "الصحافة الحرة"، وهي خصم صريح لـ"التنوع والمساواة والشمول"، ودفعت بأجندة تدعو لـ"تصويت الديمقراطيين لترامب"؛ والممثل مايكل رابابورت الذي دعم ترامب علنا في انتخاباته الأخيرة، من بين آخرين. وحتى الشعار "الكفاح من أجل روح أميركا" الموجود على ملصق (بوستر) الفيلم يردد صدى شوق ترامب لـ"إعادة أميركا عظيمة مرة أخرى". شرعية إسرائيل على المحك! ورغم ذلك، تلفت رجب زاده، إلى أن إحدى نقاط القوة غير المقصودة في فيلم "8 أكتوبر" هي أنه يقدم لمحة عن كيفية تجربة الصهاينة مع النشاط المؤيد لفلسطين، وما يعتقد أنه الأكثر فعالية في إضعاف الأجندة الصهيونية. فمثلا، فيما يتعلق بقضية قرارات الحرم الجامعي، تعلن نوا تيشبي في لقطة مقربة ما تتخيله عبارة عميقة الأثر مفادها أن "جميع قرارات الطلاب بالحرم الجامعي (المضادة لإسرائيل) هذه ليس لها معنى فعلي. ولكن ما تفعله هو تدريب طلاب الجامعات على أن قرارا بشأن (عدم) شرعية إسرائيل هو قرار صالح من البداية". نعم! هذا صحيح وهذا هو سبب وجود الكثير من المعنى فيها. لاحقا، يدعي أحد المحاورين في الفيلم فيقول: "دعونا نواجه الأمر: صورة ولغة الثورة والتغيير التي يضمنونهما في سردياتهم المؤيدة للإرهاب، إنها تخلق شيئا مثيرا لاهتمام الناس". وتتفق رجب زاده مع ذلك. إنهم يؤكدون أن محتوى تيك توك المؤيد لفلسطين يطغى على البروباغندا (الدعاية) الصهيونية ويضعفها. هذا الفيلم زاخر أيضا بالعبارات التي يمكن توجيهها إلى صانعيه وتكشف نفاقهم. في هذا السياق، كان أفضل ما فيه عبارة عضو الكونغرس النائبة ريتشي توريس: "إذا لم نستطع كمجتمع أن ندين قتل الأطفال والمدنيين بدم بارد بوضوح أخلاقي، فعلينا أن نسأل أنفسنا: ما الذي أصبحنا عليه كمجتمع". أهم ما يستنتج من الفيلم أن الحركات الطلابية في الجامعات حققت نجاحا باهرا في نقل قضية فلسطين ورؤى التحرير إلى المركز. ولعل الأفضل أو الأكثر تفاؤلا ودلالة لاختتام الفيلم هو كلمات باري فايس، التي تساءلت وهي تتميز غيظا: "ماذا يعني أن قادة المستقبل لأهم ديمقراطية في العالم يهتفون للثورة والانتفاضة؟ كيف ستبدو البلاد بعد عقد من الآن؟". وتخلص رجب زاده من هذا الفيلم، إلى أنه عندما يدرك الجميع معنى الانتفاضة، وينهضون لمحاربة الظلم في الوطن وفي جميع أنحاء العالم، نأمل أن نحتفل بالتحرر الجماعي. و"إن شاء الله"، يا باري فايس، أنت والآخرون في الفيلم ستكونون قد تحررتم من الدفاع عن المشروع الأكثر عنفا واستعمارا في عصرنا.

متظاهرون يقتحمون مقر حزب الليكود في تل أبيب
متظاهرون يقتحمون مقر حزب الليكود في تل أبيب

الجزيرة

timeمنذ 28 دقائق

  • الجزيرة

متظاهرون يقتحمون مقر حزب الليكود في تل أبيب

اقتحم عشرات المتظاهرين الإسرائيليين، اليوم الأربعاء، مقر حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب- احتجاجا على عدم التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب على غزة والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين. وقالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن الشرطة اعتقلت 30 متظاهرا ممن اقتحموا المقر الذي يقع في الطابق الـ11 من المبنى المسمى "قلعة زئيف" في تل أبيب. وأضافت القناة أن الشرطة حاولت إخراج نحو 100 متظاهر اعتصموا داخل المقر وقالوا إن احتجاجهم ليس عنيفا وإنهم سيبقون لمدة 600 دقيقة في احتجاج رمزي على مرور 600 يوم على الحرب وبقاء الأسرى الإسرائيليين في غزة. وأظهرت صور ومقاطع فيديو عناصر الشرطة الإسرائيلية وهم يحاولون تفريق المتظاهرين بالقوة، بينما ربط بعض المحتجين أيديهم بالدرج أمام المقر. وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن المتظاهرين طالبوا نتنياهو بإبرام صفقة لإطلاق سراح الأسرى. إعلان وفي الخارج، نظم مئات المتظاهرين اعتصاما وأغلقوا الشوارع المجاورة للمبنى، وارتدى بعضهم أقنعة على صورة نتنياهو وعدد من وزرائه وملابس برتقالية على غرار ما يرتديه المحكومون بالإعدام. وقالت صحيفة هآرتس إن عشرات المتظاهرين أغلقوا شارع الملك جورج في تل أبيب خلال مسيرة باتجاه "ساحة المختطفين". وبعد مرور 600 يوم على حرب الإبادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، التي أدت إلى استشهاد أكثر من 54 ألف شخص، قرابة ثلثهم من الأطفال، لا يزال نتنياهو يتمسك بموقفه الرافض لوقف الحرب ويقول إنه يسعى لتنفيذ خطط للسيطرة على القطاع بالكامل. ويواجه نتنياهو اتهامات من المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى بمواصلة الحرب استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته من أجل تحقيق مصالحه الشخصية ولا سيما البقاء في السلطة.

60 شهيدا بغزة منذ فجر الأربعاء ونسف وتدمير بجنوب القطاع
60 شهيدا بغزة منذ فجر الأربعاء ونسف وتدمير بجنوب القطاع

الجزيرة

timeمنذ 28 دقائق

  • الجزيرة

60 شهيدا بغزة منذ فجر الأربعاء ونسف وتدمير بجنوب القطاع

أفاد مراسل الجزيرة باستشهاد 5 فلسطينيين وإصابة آخرين جراء غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في جباليا البلد شمال قطاع غزة ، ليرتفع عدد الشهداء منذ فجر اليوم إلى 60 فلسطينيا. وفي حي الشجاعية شرق مدينة غزة، أفاد مراسل الجزيرة باستشهاد طفل وإصابة عدد من المواطنين في غارة إسرائيلية استهدفت منزلا. وأضاف المراسل أن الأهالي نقلوا الطفل الشهيد والمصابين إلى مستشفى المعمداني في غزة في ظل استمرار القصف المكثف وصعوبة وصول سيارات الإسعاف إلى المنطقة. وأفاد المراسل أيضا باستشهاد 5 فلسطينيين وإصابة آخرين، بينهم أطفال، في غارة استهدفت مركبة تابعة لمؤسسة خيرية كانت تقدم المساعدات والطعام للنازحين، في شارع النفق بمدينة غزة. شهداء بخان يونس وفي الجنوب، أفاد مراسل الجزيرة باستشهاد 3 فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف استهدف خيمة تؤوي نازحين في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس. وأضاف المراسل نقلا عن مصادر طبية أن المصابين وجثامين الشهداء نقلوا إلى مستشفى ناصر في خان يونس. وأفاد مراسل أيضا باستشهاد شخص وإصابة آخرين جراء استهداف مسيّرة مجموعة من الفلسطينيين بمنطقة قيزان أبو رشوان جنوبي خان يونس. وأفادت وزارة الصحة في غزة بارتفاع حصيلة الشهداء إلى 60 جراء القصف على القطاع منذ فجر اليوم الذي يتزامن مع مرور 600 يوم على العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة. نسف وتدمير وبالتوازي مع حملة الإبادة الجماعية التي يواصلها جيش الاحتلال ، أظهرت صور حصلت عليها الجزيرة قصف ونسف أحياء سكنية في منطقة تل الزعتر بمخيم جباليا شمالي القطاع، مما أسفر عن دمار واسع في المكان. وأظهرت الصور استهداف الطائرات الحربية للمباني وتدمير ما تبقى من منازل الفلسطينيين في تلك المنطقة، كما قامت قوات الاحتلال بحرق وتجريف مخيم تل الزعتر وخيام النازحين فيه. الوضع الصحي وعلى الصعيد الصحي، حذرت وزارة الصحة في غزة من كارثة تهدد تقديم الرعاية الطبية في مستشفيات القطاع حال توقف أو تعطل ما تبقى من محطات الأكسجين. وقالت وزارة الصحة إن 9 محطات أوكسجين فقط تعمل حاليا في قطاع غزة بشكل جزئي بعد أن دمر الاحتلال 25 محطة خلال اجتياح المستشفيات. وناشدت وزارة الصحة في غزة كافة الجهات المعنية العمل وبشكل عاجل على إدخال محطات الأكسجين حيث تزداد الحاجة لها في أقسام العناية المركزة والعمليات وحضانات الأطفال و الطوارئ.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store