logo
كيف يمكن لسوريا الاستفادة من التجربة التركية في الأمن والدفاع والتعليم والاقتصاد؟ (تقرير)

كيف يمكن لسوريا الاستفادة من التجربة التركية في الأمن والدفاع والتعليم والاقتصاد؟ (تقرير)

تشهد العلاقات بين تركيا وسوريا الجديدة تطورات ملحوظة، حيث تسعى الحكومة السورية الجديدة إلى الاستفادة من الخبرات التركية في عدة مجالات حيوية لإعادة بناء البلاد بعد سنوات من الحرب.
وبفضل الحدود المشتركة التي تمتد على مسافة تزيد عن 900 كيلومتر، والتاريخ الطويل من العلاقات بين البلدين، تبرز تركيا كشريك استراتيجي رئيسي في دعم إعادة الإعمار والاستقرار في سوريا.
العلاقات التركية السورية.. أسس تاريخية ومصالح مشتركة
تتمتع تركيا وسوريا بعلاقات تاريخية تمتد لقرون، وتطورت هذه العلاقات بشكل كبير منذ بداية الثورة السورية عام 2011.
فقد قدمت تركيا دعماً سياسياً واقتصادياً وإنسانياً للشعب السوري، حيث استضافت أكثر من 4 مليون لاجئ سوري، ودعمت المعارضة السورية السياسية والعسكرية.
وبعد سقوط نظام بشار الأسد المخلوع في كانون الأول/ديسمبر 2024، برزت تركيا كلاعب رئيسي في دعم الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس السوري أحمد الشرع، مع التركيز على إعادة بناء الدولة السورية وتعزيز استقرارها.
الكاتب والمحلل السياسي مأمون سيد عيسى، قال في حديث لـ 'وكالة أنباء تركيا'، إنه 'أولاً يجب أن نؤكد أن العلاقات بين الشعبين التركي والسوري تمتد لمئات السنين، وتركيا وقفت ولا تزال إلى جانب الشعب السوري منذ عام 2011 وحتى الآن، ونؤكد على وجود مصالح مشتركة بين الدولتين في الوقت الحاضر والمستقبل'.
وأضاف أن 'تركيا تمتلك إمكانيات كبيرة يمكنها توظيفها لدعم إعادة الإعمار والاستقرار في سوريا بعد الحرب، خاصة مع وجود حدود مشتركة تمتد لمئات الكيلومترات بين البلدين، حيث يمكن أن تلعب دوراً مهماً في عدة مجالات'.
وتابع سيد عيسى أنه 'يمكن أن تساعد تركيا في إعادة بناء الأجهزة الأمنية والجيش السوريين، وتقديم تدريب وخبرات لتعزيز الاستقرار والأمن وتسهيل التعاون في مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود المشتركة، ودعم جهود المصالحة الوطنية والحفاظ على السلام داخل سوريا، ويمكن أن تلعب الاستثمارات التركية في سوريا دوراً مهماً في تشغيل المصانع والشركات وتسهيل التجارة عبر الحدود، وتقديم الدعم الفني والتقني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والأهم المشاركة في مشاريع إعادة الإعمار المدن والقرى المدمرة أو المتضررة وإعادة بناء البنية التحتية الاقتصادية، فلدى تركيا شركات ذات خبرات عالمية في مشاريع الإسكان، الطرق، والمرافق العامة'.
الأمن والدفاع.. بناء جيش سوري حديث بدعم تركي
تُعد تركيا رائدة في مجال الأمن والدفاع، حيث طورت صناعات دفاعية متقدمة، خاصة في مجال الطائرات المسيرة مثل 'بيرقدار' التي أثبتت فعاليتها في نزاعات عديدة.
وفي سياق التعاون مع سوريا، أعلنت وزارة الدفاع التركية في كانون الثاني/يناير 2025 عن زيارة وفد عسكري إلى دمشق لمناقشة قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب، مع التأكيد على إعداد خارطة طريق مشتركة لتحسين قدرات الجيش السوري.
كما أرسلت تركيا قافلة عسكرية إلى مطار منغ شمالي حلب في آذار/مارس 2025، مع خطط لإنشاء قواعد عسكرية مشتركة.
تشير تقارير إلى أن تركيا قد تزود الجيش السوري بمنتجات دفاعية تركية متطورة، وتوفر مستشارين عسكريين لإعادة هيكلة الجيش السوري بعد انهيار الجيش السابق الموالي للأسد المخلوع.
ويُنظر إلى هذا التعاون كوسيلة لتعزيز الأمن القومي السوري ومكافحة التهديدات، خاصة من التنظيمات الانفصالية مثل PKK الإرهابي وPKK/PYD الإرهابي.
الباحث الاقتصادي محمد غزال، قال في حديثه لـ 'وكالة أنباء تركيا'، إن 'تركيا رائدة في مجال الأمن والدفاع، خاصة في الطائرات المسيرة، الاتصالات، والتشفير، ويمكن أن تسهم الخبرات التركية في تدريب الكوادر السورية، مما يوفر وقتاً كبيراً ويحقق نقلة نوعية في التخطيط العسكري وترتيب الجيش السوري، فتركيا تمتلك شركات رائدة في هذا القطاع، ومنتجاتها مثل مسيرات 'بيرقدار' حققت شهرة عالمية، حيث أحدثت نقلة نوعية في نزاعات مثل الحرب الروسية على أوكرانيا'.
التعليم.. سد الفجوة التعليمية
في مجال التعليم، وقّعت سوريا وتركيا في أيار/مايو الجاري اتفاقية تعاون تشمل الاعتراف المتبادل بالمؤهلات الجامعية، وإطلاق مشروع الجامعة التركية السورية في دمشق، وتقديم دعم فني لتطوير البنية التحتية المعلوماتية في الجامعات السورية.
وتستضيف تركيا حالياً نحو 40 ألف خريج سوري و16 ألف طالب سوري، ما يجعلها قاعدة قوية لنقل الخبرات التعليمية إلى سوريا.
وتتميز تركيا بنظام تعليمي متقدم، خاصة في مجال التعليم العالي، حيث أدخلت إصلاحات كبيرة عليه منذ عام 2002، ما ساعد في تطوير المناهج وتحسين جودة التعليم. يمكن لسوريا الاستفادة من هذه التجربة لسد الفجوة التعليمية الناتجة عن سنوات الحرب، من خلال فتح فروع للجامعات التركية في سوريا، وتفعيل برامج تبادل للكوادر التدريسية.
وقال غزال، إن 'تركيا رائدة في التعليم، حيث تستضيف عدداً كبيراً من الطلاب السوريين في جامعاتها، ومن الضروري فتح فروع للجامعات التركية في سوريا لمواكبة التعليم الحديث، خاصة أن هناك فجوة زمنية تعليمية بين سوريا وباقي الدول، إذ أن التجربة التركية في التعليم، خاصة في النظام المهني والتطبيقي، يمكن أن تساعد في تقليص هذه الفجوة'.
الاقتصاد.. شراكات لإعادة الإعمار
اقتصادياً، تُعد تركيا إحدى الدول العشرين الأكبر في العالم، حيث تمتلك اقتصاداً متنوعاً يعتمد على الزراعة، الصناعة، والتصدير.
وقد وقّعت سوريا وتركيا اتفاقيات تجارة حرة منذ عام 2004، مما ساهم في زيادة حجم التجارة بينهما إلى 2.3 مليار دولار بحلول عام 2010.
ومع بدء مرحلة إعادة الإعمار في سوريا، يمكن للاستثمارات التركية أن تلعب دوراً مهماً في تشغيل المصانع، دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وإعادة بناء البنية التحتية الاقتصادية.
كما يمكن لسوريا الاستفادة من التجربة التركية في إدارة السياسات النقدية والمالية، خاصة من خلال تدريب الكوادر السورية على أدوات السياسة النقدية في البنك المركزي التركي، الذي يتمتع باستقلالية نسبية مقارنة بالنظام السوري السابق.
وأوضح غزال أن 'تركيا إحدى الدول العشرين الكبرى اقتصادياً، وهي تنتج، تزرع، وتصدر، وإنشاء شراكات اقتصادية بين سوريا وتركيا أمر بالغ الأهمية، خاصة من خلال بناء مؤسسات اقتصادية مستفيدة من التجربة التركية في البنك المركزي ووزارة الخزانة، إضافة إلى أن تدريب الكوادر السورية على أدوات السياسة النقدية والمالية يمكن أن يحدث نقلة نوعية في الاقتصاد السوري'.
العمران.. إعادة بناء المدن السورية
وفي مجال العمران، أثبتت تركيا كفاءتها في إعادة الإعمار بعد كارثة الزلزال عام 2023، حيث طورت نماذج حضرية مقاومة للزلازل، وأنشأت مجمعات سكنية حديثة، وقللت الضغط على المدن الكبرى من خلال التخطيط الحضري المنظم.
ويمكن لسوريا الاستفادة من هذه التجربة لإعادة بناء مدنها المدمرة، مثل حلب وحمص، من خلال التعاون مع شركات تركية متخصصة في الإسكان، الطرق، والمرافق العامة.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تغريدة على حسابه في منصة 'إكس' في شباط/فبراير 2025، استعداد تركيا لتقديم الدعم اللازم لإعادة إعمار المدن المدمرة والبنية التحتية الحيوية في سوريا.
وشدد غزال أن 'تركيا أحدثت نقلة نوعية في التخطيط الحضري بعد زلزال 2023، من خلال إنشاء مجمعات سكنية مقاومة للزلازل، وتطوير البنية التحتية، والانتقال من العشوائية إلى التنظيم. يمكن لسوريا الاستفادة من هذه التجربة لإنشاء مجمعات سكنية بتعاون سوري تركي، مما يساعد في تسريع إعادة الإعمار وتقليل الضغط على المدن الكبرى'.
يمثل التعاون بين تركيا وسوريا الجديدة فرصة تاريخية لإعادة بناء سوريا على أسس متينة، مستفيدة من الخبرات التركية في الأمن، التعليم، الاقتصاد، والعمران.
ومع وجود حدود مشتركة ومصالح استراتيجية، يمكن لهذا التعاون أن يعزز الاستقرار الإقليمي، ويسهم في عودة سوريا كدولة قوية ومستقرة، ومع ذلك، يتطلب تحقيق هذه الأهداف تنسيقاً دبلوماسياً دقيقاً لتجنب التحديات الإقليمية والدولية، حسب مراقبين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نتنياهو يتفاخر في الكنيست: لقد غيرنا الشرق الأوسط
نتنياهو يتفاخر في الكنيست: لقد غيرنا الشرق الأوسط

الوفد

timeمنذ 8 ساعات

  • الوفد

نتنياهو يتفاخر في الكنيست: لقد غيرنا الشرق الأوسط

في تصريحات مثيرة للجدل، زعم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل حققت إنجازات غير مسبوقة على عدة جبهات في آن واحد، مدعيًا أنها "غيرت وجه الشرق الأوسط" منذ هجوم السابع من أكتوبر، مشيرا بشكل خاص إلى "خلق واقع جديد في لبنان لم يحصل منذ 50 سنة". تطرق نتنياهو إلى الوضع في قطاع غزة، مؤكدًا أن إسرائيل "صدت المهاجمين من أرضنا ودخلت قطاع غزة"، وقامت بـ "قتل آلاف المخربين"، ذاكرًا أسماء شخصيات قيادية في حماس مثل الضيف وهنية ويحيى السنوار ومحمد السنوار. كما ادعى تدمير "عدد لا محدود من المقدرات الإرهابية" والسيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح ومؤخرًا محور مراج. وزعم نتنياهو خلال كلمة له في الكنيست نقلتها قناة 'سكاي نيوز عربية' أن إسرائيل "قطعت إمدادات السلاح التي كانت تصل حماس وأوقفت تقريبًا كل الصواريخ التي كانت تطلق ضد أرضنا من غزة"، وأعادت سكان غلاف غزة إلى بيوتهم. واعتبر أن "نقطة تحول كبيرة باتجاه هزيمة ساحقة لحماس" تتمثل في سلب الحركة السيطرة على توزيع الغذاء في القطاع، واصفًا ذلك بـ "ماكينة المال التي كانوا يستعملونها لإعادة بناء جيش الإرهاب"، مؤكدًا أن هذا سيقضي على قدرات حماس "الحوكمية" والعسكرية. وبشأن الوضع في لبنان، رد نتنياهو على من يزعمون "صفر إنجازات" بقوله إن إسرائيل قامت بعملية "أجهزة البيجر" وقتلت "كافة هيئة الأركان التابعة لحزب الله".3 وادعى تدمير "قرى الإرهاب" على الحدود، وقتل "آلاف المخربين"، وتدمير "منظومة الصواريخ"، وإنهاء "تهديد اقتحام بلدات الشمال"، مختتما حديثه عن لبنان بالقول: "لقد ركعنا حزب الله وخلقنا واقعا جديدا في لبنان لم يحصل منذ 50 سنة". في سوريا، ادعى نتنياهو أن إسرائيل "منعت وصول الدعم من حزب الله لنظام الأسد"، مشيرًا إلى أن بشار الأسد كان يعتمد على حزب الله في قتاله خلال الحرب الأهلية. وأكد أنه "حين قتلنا نصر الله ودمرنا قدرات حزب الله القتالية لم يصل أي إمداد لسوريا"، ما دفع إيران لإرسال دعم عسكري، والذي اعترضته الطائرات الإسرائيلية وأجبرتها على العودة، واختتم بالقول: "بعد انقطاع الدعم عن بشار الأسد انهار نظامه وتقدم ثواره من مكان إلى مكان... وهكذا سقط النظام". اقرأ المزيد..

أخبار العالم : الرئيس السوري: حربنا مع الطغاة انتهت وبدأت معركتنا ضد الفقر
أخبار العالم : الرئيس السوري: حربنا مع الطغاة انتهت وبدأت معركتنا ضد الفقر

نافذة على العالم

timeمنذ 8 ساعات

  • نافذة على العالم

أخبار العالم : الرئيس السوري: حربنا مع الطغاة انتهت وبدأت معركتنا ضد الفقر

عربي ودولي 148 27 مايو 2025 , 11:00م الدوحة - موقع الشرق قال الرئيس السوري، أحمد الشرع إن "معركة التحرير قد أنجزت"، وأن البلاد دخلت الآن "مرحلة إعادة البناء"، مشيراً إلى أن مدينة حلب "تمثل مفتاح النصر السوري". جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال مشاركته في الفعالية الجماهيرية "حلب مفتاح النصر"، التي تقام على مدرج قلعة حلب، تجسيداً لانتصار الثورة السورية، وتكريماً للمقاتلين الذين أسهموا في تحرير مدينة حلب. وقال الرئيس الشرع إن "حربنا مع الطغاة انتهت، وبدأت معركتنا ضد الفقر"، مضيفاً أنه "يا أهل حلب الكرام، ويا أهل سوريا العظام، لقد تحررت أرضكم واستعيد مجدكم، وعادت مكانتكم في الإقليم والعالم. رفعت عنكم القيود، وزالت عوائق التنمية، فشمروا عن سواعد الجد، وأتقنوا العمل، وتفننوا بالإبداع" بحسب وسائل إعلام سورية. وأشار الرئيس الشرع إلى أنه "أنتم فرصة الشرق في زمن الخراب، وفرصة الاستقرار في زمن الأزمات والحروب"، معتبراً أن "معركة البناء لتوها قد بدأت، فلنتكاتف جميعاً ونستعن بالله على صنع مستقبل مشرق لبلد عريق وشعب يستحق". وأكد الرئيس السوري على أنه "ليكن شعارنا كما رفعناه من قبل: لا نريح ولا نستريح حتى نعيد بناء سوريا من جديد، ونباهي بها العالم أجمع بحول الله وقوته". أخبار ذات صلة

نقطة تحول إقليمية كبرى.. ماذا وراء زيارة الشرع الأخيرة إلى تركيا ولقائه أردوغان؟ (تقرير)
نقطة تحول إقليمية كبرى.. ماذا وراء زيارة الشرع الأخيرة إلى تركيا ولقائه أردوغان؟ (تقرير)

وكالة أنباء تركيا

timeمنذ 8 ساعات

  • وكالة أنباء تركيا

نقطة تحول إقليمية كبرى.. ماذا وراء زيارة الشرع الأخيرة إلى تركيا ولقائه أردوغان؟ (تقرير)

تُعد زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى تركيا ولقائه الرئيس رجب طيب أردوغان في أيار/مايو 2025 حدثًا بارزًا في مسار العلاقات السورية التركية، خاصة بعد رفع العقوبات الغربية عن سوريا بعيد سقوط نظام الأسد المخلوع في كانون الأول/ديسمبر 2024. وجاءت الزيارة في توقيت حساس، وسط تصاعد التحديات الإقليمية وتحولات السياسة الدولية. المحاور الرئيسية على طاولة النقاش واستنادًا إلى التصريحات والتسريبات الرسمية وغير الرسمية، تناولت الزيارة 4 محاور رئيسية: التعاون الأمني، عودة اللاجئين، إعادة الإعمار، والتطبيع السياسي. التعاون الأمني والعسكري ناقش الطرفان تعزيز التنسيق الأمني، خاصة في مواجهة الجماعات المسلحة شمالي سوريا. حضر اللقاء وفد سوري رفيع المستوى ضم وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ووزير الخارجية أسعد الشيباني، إلى جانب مسؤولين أتراك مثل وزير الخارجية هاكان فيدان ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم كالن. وركزت المباحثات على ملف تنظيم PKK/PYD الإرهابي، ودراسة إنشاء قواعد عسكرية تركية في سوريا، بما في ذلك قاعدة محتملة في تدمر لتعزيز الدفاع الجوي ضد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، كما تم بحث التصدي للتهديدات الإرهابية المتبقية، مثل تنظيم 'داعش' الإرهابي. عودة اللاجئين السوريين يُعد ملف اللاجئين أولوية ملحة لتركيا، التي تستضيف نحو 4 مليون لاجئ سوري. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة الصادرة في أيار/مايو 2025، عاد أكثر من مليون لاجئ منذ بداية العام، مع توقعات، حيث ناقش الشرع وأردوغان تحديات تأمين الخدمات الأساسية في مناطق العودة، مثل حلب وإدلب، وضرورة استقرارها الأمني لضمان عودة طوعية آمنة. إعادة الإعمار والتعاون الاقتصادي رفع العقوبات الغربية في أيار/مايو 2025 فتح الباب أمام فرص اقتصادية واسعة، حيث تسعى الشركات التركية لقيادة مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، خاصة في البنية التحتية والطاقة. وشهدت الزيارة لقاءات مع نائب الرئيس التركي جودت يلماز ووزير المالية محمد شيمشك، إلى جانب زيارة الشرع إلى مصنع أسلحة تركي، ما يعكس اهتمامًا بتعاون دفاعي واقتصادي، حيث أحمد الشرع أكد رغبة دمشق في استفادة سوريا من الخبرة التركية في التنمية. إعادة التطبيع السياسي هدفت الزيارة إلى إعادة رسم خارطة النفوذ شمالي سوريا عبر ترتيبات سياسية جديدة. وأكد أردوغان على دعم تركيا لوحدة الأراضي السورية، مشددًا على إدارة سوريا من مركز واحد، كما رحب بقرار رفع العقوبات. وقال الباحث المساعد في مركز حرمون للدراسات المعاصرة براهيم خولاني في حديثه لـ 'وكالة أنباء تركيا'، إن 'زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى تركيا تكتسب أهمية استثنائية لاعتبارات عدة، فهي تأتي في لحظة مفصلية إقليميًا ودوليًا بعد قرار رفع العقوبات الغربية عن دمشق، وتُعد أول زيارة بهذا المستوى منذ عقد من التوتر بين أنقرة ودمشق'. وتابع أن 'الملفات التي كانت على الطاولة، بحسب ما رشح من التسريبات الرسمية وغير الرسمية، تشمل أربعة محاور رئيسية: أولًا، تعزيز التعاون الأمني ولا سيما في ملف الجماعات المسلحة شمالي سوريا، وهو ملف حساس للطرفين؛ ثانيًا، ملف إعادة اللاجئين السوريين الذي يُعد أولوية متزايدة في الداخل التركي؛ ثالثًا، سبل مشاركة الشركات التركية في مشاريع إعادة الإعمار، خاصة في قطاعي البنية التحتية والطاقة؛ ورابعًا، إعادة تطبيع العلاقات السياسية بما يعيد رسم خارطة النفوذ في شمالي سوريا بترتيبات جديدة'. وأضاف أن 'ما يميز هذه الزيارة عن سابقاتها ليس فقط مستواها السياسي الرفيع، بل التوقيت والسياق الدولي؛ فأنقرة اليوم تبحث عن توازن جديد في سياساتها الخارجية وسط تصاعد التنافس الدولي في الإقليم، ودمشق من جهتها تعود تدريجيًا إلى المشهد الدولي عبر مسارات سياسية مدعومة عربيًا ودوليًا'. وتابع أن 'وراء هذه الزيارة رغبة متبادلة في بناء مقاربة تتجاوز الحسابات الأيديولوجية القديمة، وتفتح الباب لتفاهمات عملية على الأرض، سواء في ما يخص ملف الأكراد، أو عودة اللاجئين، أو تقاسم الفرص الاقتصادية في مرحلة ما بعد الحرب'. لماذا تختلف هذه الزيارة عن سابقاتها؟ تتميز زيارة أيار/مايو 2025 عن الزيارتين السابقتين للشرع في شباط/فبراير ونيسان/أبريل 2025 بالجوانب التالية: التوقيت الحساس: تزامنت الزيارة مع قرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رفع العقوبات عن سوريا في 26 أيار/مايو 2025، وهو ما أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كخطوة لدعم استقرار سوريا، وهذا القرار فتح آفاقًا لإعادة الإعمار وجذب الاستثمارات. المستوى الرفيع للوفود: رافق الشرع وفد أمني واقتصادي بارز، بينما ضم الجانب التركي مسؤولين كبارًا، مما يعكس طابعًا شاملًا للمباحثات، كما يؤكد العمر حضور قادة عسكريين واقتصاديين في الاجتماعات. السياق الإقليمي: جاءت الزيارة وسط تصعيد من الاحتلال الإسرائيلي في سوريا، حيث استهدفت غارات جوية مواقع في دمشق وحمص وحماة في الأسابيع الأخيرة، في حين وصف أردوغان هذه الانتهاكات بـ'غير المقبولة'، معززًا التنسيق العسكري مع دمشق. اللقاء الأمريكي: على هامش الزيارة، التقى الشرع بالمبعوث الأمريكي توماس باراك لبحث دعم واشنطن لإعادة بناء سوريا، وهو أول لقاء مباشر من نوعه، مما يعكس انفتاح دمشق على الحوار مع الغرب. وقال المحلل السياسي عبد الكريم العمر في حديثه لـ 'وكالة أنباء تركيا'، إن 'لهذه الزيارة أهمية كبيرة خاصة أنها جاءت بعد رفع العقوبات عن سوريا نهائيًا من قبل الأمم المتحدة وأوروبا، إضافة إلى ترتيبات داخلية تعمل عليها الإدارة السورية والقيادة السورية مع شمال شرقي سوريا، والمفاوضات التي تجري بهذا الخصوص'. وأضاف أن 'الوفد الذي رافق الرئيس أحمد الشرع كان وفدا أمنيا كبيراً يمثل مكتب الأمن القومي أو مجلس الأمن القومي، كما أن الاجتماعات التي عقدت مع الرئيس أردوغان كانت بحضور قادة عسكريين ثم مع قادة الملف الاقتصادي في تركيا، أي مع نائب الرئيس التركي ومع رئيس المصرف المركزي التركي، إضافة إلى زيارة أجراها الشرع إلى مصنع للدبابات ولقاءه مع مسؤول الدفاعات أو مسؤول الأسلحة في تركيا'. وزاد بالقول 'لذلك الزيارة كانت عسكرية سياسية اقتصادية بحثت ملفات مهمة جدا وحساسة، وخاصة الملفات الأمنية والسياسية والعسكرية وأهمها ملف شرقي سوريا'. ما وراء الزيارة؟ تكشف الزيارة عن رغبة متبادلة في بناء تحالف إقليمي يعزز استقرار سوريا وتركيا، إذ أن أنقرة ترى في استقرار سوريا جزءًا من أمنها القومي، خاصة مع التحديات الأمنية مثل ملف PKK/PYD الإرهابي والانتهاكات الإسرائيلية، في حين أن دمشق، من جانبها، تسعى لتعزيز شرعيتها الدولية عبر تحالفات إقليمية، مستفيدة من دعم تركيا المستمر. كما تسعى تركيا لملء الفراغ الذي خلفه تراجع النفوذ الإيراني بعد سقوط الأسد المخلوع، مع تعزيز دورها كلاعب إقليمي رئيسي، حسب مراقبين. ومع ذلك، تبقى التحديات قائمة، خاصة مع استمرار التوترات مع الاحتلال الإسرائيلي والتنافس الدولي في الإقليم. كما أن نجاح عودة اللاجئين يعتمد على استقرار المناطق السورية، وهو ما يتطلب تنسيقًا مستمرًا بين أنقرة ودمشق. ويؤكد مراقبون على أهمية الزيارة في سياق إقليمي ودولي متغير، ومع استمرار التحديات الإقليمية، ستكون هذه الشراكة حاسمة لتحقيق الاستقرار في سوريا والمنطقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store