logo
#

أحدث الأخبار مع #ADLI

آليات التقييم المؤسسي: التأثير و تقرير المصير
آليات التقييم المؤسسي: التأثير و تقرير المصير

سعورس

time١٤-٠٤-٢٠٢٥

  • علوم
  • سعورس

آليات التقييم المؤسسي: التأثير و تقرير المصير

من بين أبرز النماذج المتبعة في هذا المجال، تبرز جائزة مالكم بالدريج (MBNQA) والجائزة الأوروبية للجودة (EFQM) كأمثلة على الأنظمة التي تعتمد على آليات تقييم متقدمة لقياس الأداء المؤسسي. هاتان الجائزتان لا تقتصران على تقدير التميز فحسب، بل تقدمان أيضًا إطارًا عمليًا يساعد المؤسسات على تحسين أدائها بشكل مستمر. فمثلاً، تعتمد جائزة مالكم بالدريج على آلية تقييم يطلق عليها "ADLI"، والتي تركز على النهج، التطبيق، التعلم، والتكامل، ما يسمح للمؤسسات بتقييم مدى فعالية استراتيجياتها، ومدى انتشارها داخل المنظمة، ومدى تكامل العمليات بين الأقسام المختلفة. كما تحدد هذه الآلية قدرة المؤسسات على التعلم من التجارب السابقة واكتشاف الفرص الجديدة للتحسين. من ناحية أخرى، تعتمد الجائزة الأوروبية للجودة على آلية تقييم يطلق عليه "RADAR"، التي تركز على النتائج، النهج، التطبيق، والتقييم والمراجعة. تساعد هذه الآلية المؤسسات على قياس مدى تحقيق النتائج المطلوبة وتحليل جودة الاستراتيجيات المتبعة في تنفيذ تلك النتائج. وتأتي أهمية هذه الآلية في كونها تُمكّن المؤسسات من متابعة الأداء وتقييم مدى تطبيق استراتيجياتها عبر الإدارات المختلفة، مما يساعدها على إجراء التعديلات اللازمة لضمان التميز المستدام. لكن، لا يكفي أن تعتمد المؤسسات على هذه الآليات فقط على الورق. فالتقييم المؤسسي الفعّال يتطلب جمع البيانات ذات الصلة وتحليلها بشكل منهجي للكشف عن الأنماط والاتجاهات السائدة. على سبيل المثال، إذا كانت شركة ما تواجه مشكلة في تأخر تسليم المنتجات أو الخدمات، فإن تحليل البيانات قد يكشف عن الأسباب الجذرية لهذا التأخر مثل نقص الموارد أو عدم كفاءة العمليات. بناءً على ذلك، يتم تحديد الأهداف التي ترغب المؤسسة في تحقيقها، مثل تحسين جودة المنتجات أو زيادة الإنتاجية، ومن ثم يتم تقييم الأداء الحالي مقارنة بهذه الأهداف، مع تحديد الفجوات بين الأداء المستهدف والأداء الفعلي. بمجرد تحديد هذه الفجوات، يتم البدء في تحديد فرص التحسين. على سبيل المثال، إذا تبين أن السبب الرئيسي لتلك الفجوة هو نقص التدريب لدى الموظفين، فستكون الفرصة لتطبيق برامج تدريبية مكثفة وموجهة لتحسين أداء الأفراد. ثم تأتي خطوة تقييم هذه الفرص بناءً على معايير مثل التكلفة، الجدوى، والوقت المطلوب لتنفيذها، مما يساعد في ترتيب الأولويات وتنفيذ التحسينات التي ستسهم في تحسين الأداء العام. إن تطبيق هذه الآليات في المؤسسات ليس مجرد نظرية، بل هو أمر ممارس على أرض الواقع في العديد من الشركات التي نجحت بفضل اعتمادها على التقييم المستمر والتحسين. على سبيل المثال، تبنّي شركة تويوتا نموذج الإنتاج الرشيق (Lean Production) سمح لها بتحقيق كفاءة تشغيلية عالية وتقليل الأخطاء الإنتاجية وتقليل الهدر. من خلال تحليل البيانات بشكل دوري، تمكنت تويوتا من تحديد نقاط الضعف (فرص التحسين) في عملياتها الإنتاجية وتطبيق تحسينات سريعة وفعّالة، مما أسهم في الحفاظ على مكانتها الرائدة في السوق. أما شركة موتورولا، فقد تبنّت منهجية ستة سيجما (Six Sigma) وبعدها لين ستة سيجما (Lean Six Sigma)، التي تعتمدان على تحليل البيانات وتحسين العمليات لضمان تحقيق مستويات عالية من الجودة، ومن ثم السعي في تقليل الهدر. هذا المنهج جعل من موتورولا رائدة في صناعة التكنولوجيا والاتصالات، حيث تمكنت من تحسين عملياتها بشكل مستمر، مما أدى إلى زيادة رضا العملاء وتعزيز ولائهم. من خلال تقييم أدائها بشكل دوري، تمكنت من تحقيق التميز في منتجاتها وخدماتها، ونجحت في المحافظة على مكانتها في السوق. ولكن ماذا يحدث عندما تتجاهل المؤسسات تطبيق آليات التقييم؟ تكشف التجارب السابقة لشركات كبرى عن العواقب الوخيمة التي قد تنتج عن الإهمال في هذا المجال. فشركة كوداك، على سبيل المثال، والتي كانت في يوم من الأيام رائدة في صناعة التصوير الفوتوغرافي، فشلت في التكيف مع ثورة التصوير الرقمي. رغم أن كوداك كانت تمتلك التكنولوجيا اللازمة لهذا التحول في وقت مبكر، إلا أن الإدارة قررت الاستمرار في التركيز على كاميرات الأفلام التقليدية، مما تسبب في النهاية بإفلاس الشركة. هذه القصة تعد واحدة من أبرز الأمثلة على الفشل بسبب تجاهل التقييم والتكيف مع متطلبات السوق المتغيرة. شركة نوكيا أيضًا، التي كانت تحتل الريادة في صناعة الهواتف المحمولة لسنوات طويلة، فشلت في التكيف مع التغيرات السريعة في السوق. عندما أطلقت شركة آبل هاتفها الذكي "آيفون" وشركة سامسونج تبنّت نظام أندرويد في هواتفها الذكية بمواصفات وأسعار تنافسية، كانت نوكيا بطيئة في الاستجابة، مما أدى إلى تراجع حصتها السوقية لصالح منافسيها، وفقدت الريادة في مجال الهواتف المحمولة. هذه الأخطاء كانت نتيجة لتجاهل آليات التقييم المستمر وتطوير استراتيجيات مبتكرة تواكب التغيرات التكنولوجية السريعة. اليوم، لم تعد آليات التقييم مجرد أدوات إدارية بسيطة، بل أصبحت جزءًا أساسيًا من منهجية شاملة تضمن استدامة التميز والابتكار داخل المؤسسات. ولضمان تحقيق التميز المؤسسي وفق معايير عالمية، توفر الأدوات التحليلية مثل ADLI و RADAR إمكانية تقييم الأداء بعمق، مما يسهم في تحسين مستمر يدعم أهداف الرؤية الطموحة ويصنع قادة للمستقبل. لذا، يمكن القول إن المؤسسات التي تعتمد على مثل هذه الآليات لن تكون فقط قادرة على الحفاظ على مكانتها، بل ستتمكن أيضًا من قيادة التغيير في أسواقها والمساهمة في دفع الاقتصاد إلى الأمام. فالمؤسسات التي تستثمر في تقييم أدائها وتحسينه بشكل مستمر هي تلك التي تمتلك القدرة على الصمود والازدهار في عالم الأعمال المتغير. في السياق السعودي، تُعد هذه الآليات ركيزة أساسية لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى تعزيز كفاءة الأداء المؤسسي، وترسيخ مبادئ الشفافية، وتحقيق الاستدامة. إذ يتيح التقييم المؤسسي للجهات الحكومية والقطاعات الخاصة إمكانية قياس فعالية المبادرات الوطنية، وتوجيه الموارد بفعالية، والتفاعل بذكاء مع مؤشرات الأداء المرتبطة ببرامج الرؤية، مثل برنامج التحول الوطني، وجودة الحياة، وبرنامج التخصيص. كما يسهم في ترسيخ ثقافة المساءلة والتحسين المستمر، مما يُعزز من قدرة المؤسسات على المنافسة إقليميًا وعالميًا، انسجامًا مع تطلعات المملكة نحو بناء اقتصاد معرفي متنوع. المستقبل سيظل مليئًا بالتحديات والفرص، لذا فإن التميز المؤسسي لا يأتي من خلال الصدفة، بل هو نتاج جهود مستمرة وتقويم دقيق للأداء. في عالم الأعمال المعاصر، يعد التقييم المستمر والتحسين جزءًا لا يتجزأ من النجاح، ولهذا فإن المؤسسات التي تتجاهل هذه الأدوات، أو تتباطأ في تطبيقها، ستواجه في النهاية عواقب صعبة قد تؤدي إلى زوالها من الساحة. *قسم الإحصاء وبحوث العمليات – كلية العلوم – جامعة الملك سعود

محاضرة عن 'الدراسات العليا في إيطاليا' نظمتها جمعية اللبنانيين في إيطاليا بالتعاون مع كلية الهندسة في اللبنانية
محاضرة عن 'الدراسات العليا في إيطاليا' نظمتها جمعية اللبنانيين في إيطاليا بالتعاون مع كلية الهندسة في اللبنانية

سيدر نيوز

time٢١-٠٢-٢٠٢٥

  • منوعات
  • سيدر نيوز

محاضرة عن 'الدراسات العليا في إيطاليا' نظمتها جمعية اللبنانيين في إيطاليا بالتعاون مع كلية الهندسة في اللبنانية

Join our Telegram نظمت جمعية اللبنانيين في إيطاليا الخيرية (ADLI)، بالتعاون مع كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية – فرع الحدت، محاضرة بعنوان 'الدراسات العليا في إيطاليا'، في إطار التعاون مع الجامعات في لبنان ومساعدة الطلاب. وقدمت الطالبة نور ضاوي شرحا عن الجمعية. ثم تحدثت المهندسة آية عبدالله عن نظام الجامعات في إيطاليا وكيفية التقديم. وتحدث المهندس علي خضرا في كلمة مسجلة عن تجربته الشخصية في إيطاليا. وكذلك، شكر رئيس الجمعية الدكتور فضل رمضان، في كلمة مسجلة لـ'إدارة الجامعة اللبنانية ومجلس فرع الطلاب فيها استضافتهما'، مشددا على 'دور الجامعة اللبنانية وأهميتها، رغم الظروف الصعبة التي مرت بها'.

المنظمات المتعلمة: من الجودة إلى الريادة العالمية
المنظمات المتعلمة: من الجودة إلى الريادة العالمية

سعورس

time١٦-٠٢-٢٠٢٥

  • أعمال
  • سعورس

المنظمات المتعلمة: من الجودة إلى الريادة العالمية

لقد أظهرت تجارب عالمية أن التعلم التنظيمي ليس مجرد نظريات أكاديمية، بل هو عنصر حيوي في نجاح المنظمات. ففي حرب البوسنة والهرسك، على سبيل المثال، اكتشف الجيش أن الطرق المغطاة بالثلوج التي لم تكن عليها آثار سيارات عادةً ما تكون ملغمة، وكانت سرعة تبادل هذه المعلومة بين الوحدات العسكرية تعني الفرق بين الحياة والموت. هذه التجربة تعكس جوهر المنظمات المتعلمة وقدرتها على التقاط المعرفة الجديدة، ومشاركتها بفعالية، واستخدامها لتحسين الأداء واتخاذ القرارات الذكية. في إطار رؤية المملكة 2030، يُعد التميز الإداري حجر الأساس لدفع عجلة التنمية المستدامة، مما يستوجب تبنّي استراتيجيات متقدمة تعزز الكفاءة والابتكار. ويأتي "التعلم المدمج"، الذي يجمع بين الأساليب التقليدية والتقنيات الرقمية، كأداة فعالة لتمكين الموظفين من اكتساب المهارات بمرونة تتماشى مع متطلبات سوق العمل. وفي السياق ذاته، يسهم "الصف المقلوب" في تحويل الموظفين من متلقين سلبيين إلى عناصر فاعلة في تطوير الحلول واتخاذ القرارات، مما يعزز الابتكار المؤسسي ويحد من الجمود الإداري. كما تلعب المنظمات التعليمية الفعالة دورًا محوريًا في استثمار البيانات بذكاء، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة، وتطوير استراتيجيات مستدامة تعزز القدرة التنافسية. وتجسد تجربة شركة تويوتا نموذجًا رائدًا في هذا المجال، حيث تبنّت نهج التعلم المستمر والتحسين المستدام، مما مكّنها من تحقيق أداء متميز على المستوى العالمي. ولضمان تحقيق التميز المؤسسي وفق معايير عالمية، توفر الأدوات التحليلية مثل ADLI و RADAR إمكانية تقييم الأداء بعمق، مما يسهم في تحسين مستمر يدعم أهداف الرؤية الطموحة ويصنع قادة للمستقبل. لكن التحول نحو الإدارة المتميزة لا يقتصر على تطبيق أدوات وتقنيات جديدة فحسب، بل يستلزم تغييرًا ثقافيًا في طريقة التفكير واتخاذ القرارات داخل المنظمات. فبدلاً من التركيز على الامتثال الصارم للمعايير، ينبغي على القادة تشجيع بيئة تتيح التجريب والتعلم من الأخطاء. إن المنظمات التي تتعلم من أخطائها وتعمل على تجنب تكرارها تحقق تقدمًا مستدامًا، على عكس تلك التي تعيد ارتكاب نفس الأخطاء مرارًا بسبب غياب آليات التعلم الفعالة. تعد المنظمات التي تعتمد نهج التعلم المؤسسي أكثر قدرة على الاستدامة والابتكار. فالقدرة على التكيف مع التغيرات والاستجابة السريعة للمستجدات أصبحت عنصرًا حاسمًا في نجاح المنظمات الحديثة. فالشركات الكبرى مثل جوجل وأمازون نجحت في تحقيق الريادة بفضل اعتمادها على استراتيجيات التعلم المستمر، حيث تتيح لموظفيها فرصًا دائمة للتعلم والتطوير. كما أن التعلم المؤسسي يقلل من معدلات الفشل ويعزز من قدرة المنظمات على تطوير استراتيجيات أكثر ذكاءً. على سبيل المثال، قامت شركة تويوتا بتطبيق نموذج "الإنتاج الرشيق" الذي يعتمد على التعلم المستمر من البيانات الميدانية، مما ساعدها في تجنب الأخطاء الإنتاجية وتحقيق مستويات كفاءة عالية. إن نجاح شركة موتورولا في تطبيق نموذج المنظمة المتعلمة ساهم في جعلها واحدة من أوائل الشركات التي تبنّت الابتكار المستدام، وساعدها على إرساء معايير عالمية في الجودة والتحسين المستمر، والتي لا تزال تُستخدم حتى اليوم في العديد من الشركات الكبرى حول العالم. لا يمكن تحقيق التميز الإداري دون تبني ثقافة الابتكار داخل المنظمات. فالابتكار لا يقتصر فقط على تطوير المنتجات أوالخدمات، بل يشمل أيضًا طرق الإدارة واتخاذ القرار. فالمنظمات الناجحة هي التي تتيح لموظفيها بيئة تحفز التفكير الإبداعي، وتوفر الأدوات اللازمة لتحقيق الأفكار الجديدة على أرض الواقع. يُعد غرس ثقافة الابتكار داخل المنظمات حجر الأساس لتحقيق التميز الإداري، حيث يتجاوز الابتكار مجرد تطوير المنتجات والخدمات ليشمل أساليب الإدارة واتخاذ القرارات. فالمنظمات الناجحة تدرك أن بيئة العمل التقليدية لم تَعُد كافية لمواكبة التغيرات السريعة، مما يستدعي توفير مساحات إبداعية وأدوات متقدمة تمكّن الموظفين من التفكير بطرق جديدة وتحويل أفكارهم إلى حلول عملية. إن هذا النهج لا يسهم فقط في تحسين الأداء المؤسسي، بل يُعد آلية استراتيجية لصناعة قادة المستقبل، إذ يمنح الأفراد القدرة على اتخاذ قرارات جريئة مبنية على الابتكار والتجربة. فعندما تتحول بيئة العمل إلى مختبر للأفكار بدلًا من كونها مجرد مساحة لتنفيذ المهام، تصبح المنظمة أكثر قدرة على التكيف، وأكثر استعدادًا لريادة المستقبل بفرق قيادية تمتلك أدوات التفكير الإبداعي، مما يعزز استدامة النمو والتنافسية في عالم متسارع التغيير. في عالم تنافسي يعتمد على الابتكار المستدام، تمثل برامج البحث والتطوير أحد أهم الأدوات التي تدفع المنظمات نحو الريادة، حيث يضمن الاستثمار في البحث العلمي والتطوير التقني قدرة المنظمات على المنافسة عالميًا. كما أن تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحليلات الضخمة يعزز من كفاءة العمليات التشغيلية، وهو ما تحقق بشكل واضح في بلدنا الغالي بفضل البنية التحتية المتطورة التي تدعم هذه التحولات. لكن الابتكار وحده لا يكفي، فالقيادة الفعالة تظل المحرك الأساسي لتحقيق التميز المؤسسي، حيث يتطلب الأمر قادة قادرين على تبني أساليب الإدارة الحديثة، وتعزيز ثقافة التعلم المستمر داخل المنظمة. فالمنظمات الناجحة لا تُبنى على التكنولوجيا فقط، بل على فرق عمل مبدعة يقودها مديرون يُحفّزون الابتكار، ويطوّرون مهارات الموظفين لضمان تحقيق الأهداف الاستراتيجية بكفاءة واستدامة. كما أن التحفيز والتمكين يعدان من أهم عوامل نجاح القيادة الإدارية. فالقادة الذين يمنحون موظفيهم الثقة والمسؤولية يعززون من إنتاجيتهم ويزيدون من التزامهم بأهداف المنظمة. كذلك، فإن الاستماع إلى آراء الموظفين وإشراكهم في عملية اتخاذ القرار يعزز من روح العمل الجماعي ويحفز الابتكار داخل المنظمات. إن تحقيق التميز الإداري في المملكة ليس مجرد طموح، بل ضرورة لضمان استدامة المنظمات فيها وقدرتها على تحقيق الريادة العالمية. فالمنظمات التي تنجح في دمج التعلم التنظيمي ضمن ثقافتها الداخلية ستكون الأكثر قدرة على مواجهة التحديات وقيادة مستقبل أكثر ازدهارًا. وكما أظهرت الحرب في البوسنة والهرسك، فإن المعرفة ليست مجرد قوة، بل هي عنصر حاسم في البقاء والتفوق في بيئات متغيرة، سواء في ساحات القتال أو في الأسواق العالمية. إن بناء ثقافة تنظيمية تدعم التعلم والابتكار هو المفتاح لتحقيق النجاح المستدام والريادة العالمية. * أ.د.عبدالحكيم بن عبدالمحسن بن عبدالكريم أبابطين قسم الإحصاء وبحوث العمليات – كلية العلوم – جامعة الملك سعود

المنظمات المتعلمة: من الجودة إلى الريادة العالمية
المنظمات المتعلمة: من الجودة إلى الريادة العالمية

الرياض

time١٦-٠٢-٢٠٢٥

  • أعمال
  • الرياض

المنظمات المتعلمة: من الجودة إلى الريادة العالمية

في ظل ما تناولناه سابقًا حول التميز المؤسسي، وفي عالم يتسارع فيه التغيير وتتصاعد التحديات، لم يعد الالتزام بمعايير الجودة التقليدية كافيًا لضمان استدامة المنظمات وتعزيز قدرتها التنافسية. بل أصبح التميز المؤسسي ضرورة استراتيجية تدفع المنظمات إلى تجاوز النماذج التقليدية، والانتقال إلى أساليب أكثر تطورًا وابتكارًا تمكّنها من تحقيق الريادة في سوق عالمي سريع التحول. وفي هذا الإطار، يبرز مفهوم "المنظمات المتعلمة" كعامل أساسي في تحقيق التفوق الإداري، حيث تعتمد هذه المنظمات على آليات متقدمة للتعلم المستمر، مما يعزز قدرتها على التكيف السريع مع المتغيرات، ويحدّ من تكرار الأخطاء التي قد تعيق نموها وتطورها. لقد أظهرت تجارب عالمية أن التعلم التنظيمي ليس مجرد نظريات أكاديمية، بل هو عنصر حيوي في نجاح المنظمات. ففي حرب البوسنة والهرسك، على سبيل المثال، اكتشف الجيش أن الطرق المغطاة بالثلوج التي لم تكن عليها آثار سيارات عادةً ما تكون ملغمة، وكانت سرعة تبادل هذه المعلومة بين الوحدات العسكرية تعني الفرق بين الحياة والموت. هذه التجربة تعكس جوهر المنظمات المتعلمة وقدرتها على التقاط المعرفة الجديدة، ومشاركتها بفعالية، واستخدامها لتحسين الأداء واتخاذ القرارات الذكية. في إطار رؤية المملكة 2030، يُعد التميز الإداري حجر الأساس لدفع عجلة التنمية المستدامة، مما يستوجب تبنّي استراتيجيات متقدمة تعزز الكفاءة والابتكار. ويأتي "التعلم المدمج"، الذي يجمع بين الأساليب التقليدية والتقنيات الرقمية، كأداة فعالة لتمكين الموظفين من اكتساب المهارات بمرونة تتماشى مع متطلبات سوق العمل. وفي السياق ذاته، يسهم "الصف المقلوب" في تحويل الموظفين من متلقين سلبيين إلى عناصر فاعلة في تطوير الحلول واتخاذ القرارات، مما يعزز الابتكار المؤسسي ويحد من الجمود الإداري. كما تلعب المنظمات التعليمية الفعالة دورًا محوريًا في استثمار البيانات بذكاء، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة، وتطوير استراتيجيات مستدامة تعزز القدرة التنافسية. وتجسد تجربة شركة تويوتا نموذجًا رائدًا في هذا المجال، حيث تبنّت نهج التعلم المستمر والتحسين المستدام، مما مكّنها من تحقيق أداء متميز على المستوى العالمي. ولضمان تحقيق التميز المؤسسي وفق معايير عالمية، توفر الأدوات التحليلية مثل ADLI و RADAR إمكانية تقييم الأداء بعمق، مما يسهم في تحسين مستمر يدعم أهداف الرؤية الطموحة ويصنع قادة للمستقبل. لكن التحول نحو الإدارة المتميزة لا يقتصر على تطبيق أدوات وتقنيات جديدة فحسب، بل يستلزم تغييرًا ثقافيًا في طريقة التفكير واتخاذ القرارات داخل المنظمات. فبدلاً من التركيز على الامتثال الصارم للمعايير، ينبغي على القادة تشجيع بيئة تتيح التجريب والتعلم من الأخطاء. إن المنظمات التي تتعلم من أخطائها وتعمل على تجنب تكرارها تحقق تقدمًا مستدامًا، على عكس تلك التي تعيد ارتكاب نفس الأخطاء مرارًا بسبب غياب آليات التعلم الفعالة. تعد المنظمات التي تعتمد نهج التعلم المؤسسي أكثر قدرة على الاستدامة والابتكار. فالقدرة على التكيف مع التغيرات والاستجابة السريعة للمستجدات أصبحت عنصرًا حاسمًا في نجاح المنظمات الحديثة. فالشركات الكبرى مثل جوجل وأمازون نجحت في تحقيق الريادة بفضل اعتمادها على استراتيجيات التعلم المستمر، حيث تتيح لموظفيها فرصًا دائمة للتعلم والتطوير. كما أن التعلم المؤسسي يقلل من معدلات الفشل ويعزز من قدرة المنظمات على تطوير استراتيجيات أكثر ذكاءً. على سبيل المثال، قامت شركة تويوتا بتطبيق نموذج "الإنتاج الرشيق" الذي يعتمد على التعلم المستمر من البيانات الميدانية، مما ساعدها في تجنب الأخطاء الإنتاجية وتحقيق مستويات كفاءة عالية. إن نجاح شركة موتورولا في تطبيق نموذج المنظمة المتعلمة ساهم في جعلها واحدة من أوائل الشركات التي تبنّت الابتكار المستدام، وساعدها على إرساء معايير عالمية في الجودة والتحسين المستمر، والتي لا تزال تُستخدم حتى اليوم في العديد من الشركات الكبرى حول العالم. لا يمكن تحقيق التميز الإداري دون تبني ثقافة الابتكار داخل المنظمات. فالابتكار لا يقتصر فقط على تطوير المنتجات أوالخدمات، بل يشمل أيضًا طرق الإدارة واتخاذ القرار. فالمنظمات الناجحة هي التي تتيح لموظفيها بيئة تحفز التفكير الإبداعي، وتوفر الأدوات اللازمة لتحقيق الأفكار الجديدة على أرض الواقع. يُعد غرس ثقافة الابتكار داخل المنظمات حجر الأساس لتحقيق التميز الإداري، حيث يتجاوز الابتكار مجرد تطوير المنتجات والخدمات ليشمل أساليب الإدارة واتخاذ القرارات. فالمنظمات الناجحة تدرك أن بيئة العمل التقليدية لم تَعُد كافية لمواكبة التغيرات السريعة، مما يستدعي توفير مساحات إبداعية وأدوات متقدمة تمكّن الموظفين من التفكير بطرق جديدة وتحويل أفكارهم إلى حلول عملية. إن هذا النهج لا يسهم فقط في تحسين الأداء المؤسسي، بل يُعد آلية استراتيجية لصناعة قادة المستقبل، إذ يمنح الأفراد القدرة على اتخاذ قرارات جريئة مبنية على الابتكار والتجربة. فعندما تتحول بيئة العمل إلى مختبر للأفكار بدلًا من كونها مجرد مساحة لتنفيذ المهام، تصبح المنظمة أكثر قدرة على التكيف، وأكثر استعدادًا لريادة المستقبل بفرق قيادية تمتلك أدوات التفكير الإبداعي، مما يعزز استدامة النمو والتنافسية في عالم متسارع التغيير. في عالم تنافسي يعتمد على الابتكار المستدام، تمثل برامج البحث والتطوير أحد أهم الأدوات التي تدفع المنظمات نحو الريادة، حيث يضمن الاستثمار في البحث العلمي والتطوير التقني قدرة المنظمات على المنافسة عالميًا. كما أن تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحليلات الضخمة يعزز من كفاءة العمليات التشغيلية، وهو ما تحقق بشكل واضح في بلدنا الغالي بفضل البنية التحتية المتطورة التي تدعم هذه التحولات. لكن الابتكار وحده لا يكفي، فـالقيادة الفعالة تظل المحرك الأساسي لتحقيق التميز المؤسسي، حيث يتطلب الأمر قادة قادرين على تبني أساليب الإدارة الحديثة، وتعزيز ثقافة التعلم المستمر داخل المنظمة. فالمنظمات الناجحة لا تُبنى على التكنولوجيا فقط، بل على فرق عمل مبدعة يقودها مديرون يُحفّزون الابتكار، ويطوّرون مهارات الموظفين لضمان تحقيق الأهداف الاستراتيجية بكفاءة واستدامة. كما أن التحفيز والتمكين يعدان من أهم عوامل نجاح القيادة الإدارية. فالقادة الذين يمنحون موظفيهم الثقة والمسؤولية يعززون من إنتاجيتهم ويزيدون من التزامهم بأهداف المنظمة. كذلك، فإن الاستماع إلى آراء الموظفين وإشراكهم في عملية اتخاذ القرار يعزز من روح العمل الجماعي ويحفز الابتكار داخل المنظمات. إن تحقيق التميز الإداري في المملكة ليس مجرد طموح، بل ضرورة لضمان استدامة المنظمات فيها وقدرتها على تحقيق الريادة العالمية. فالمنظمات التي تنجح في دمج التعلم التنظيمي ضمن ثقافتها الداخلية ستكون الأكثر قدرة على مواجهة التحديات وقيادة مستقبل أكثر ازدهارًا. وكما أظهرت الحرب في البوسنة والهرسك، فإن المعرفة ليست مجرد قوة، بل هي عنصر حاسم في البقاء والتفوق في بيئات متغيرة، سواء في ساحات القتال أو في الأسواق العالمية. إن بناء ثقافة تنظيمية تدعم التعلم والابتكار هو المفتاح لتحقيق النجاح المستدام والريادة العالمية. أ.د.عبدالحكيم بن عبدالمحسن بن عبدالكريم أبابطين قسم الإحصاء وبحوث العمليات – كلية العلوم – جامعة الملك سعود

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store