أحدث الأخبار مع #NickelBoys


الجزيرة
٢٧-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- الجزيرة
'فتيان النيكل'.. نموذج بصري طليعي يخلّف تجربة فريدة
بعض الأفلام تحاول إيجاد نموذج بصري يمنح المتفرج تجربة من نوع آخر، تجربة ذات منظور إبداعي مختلف، تشتبك مع القصة في مواضع شتى من حيث قراءة المشهد البصري، فالمتتالية البصرية يمكن التعاطي معها بأشكال شتى، ومناظير ذات أبعاد ترتبط ارتباط وثيق بكيفية الحكي وما وراء الحكاية، ولكن في النهاية يجد المخرج نفسه أمام معادلة شائكة، تتعلق بتقنية السرد البصري والمروية الذي يحاول المخرج حكيها. فهل يمكن أن يطغى أحدهما على الآخر لصالح الفيلم، أو لصالح المسار الحكائي الذي يحاول صناع الفيلم وضعه لعرض وجهة نظرهم؟ هذا هو السؤال الذي يصنع المفارقات بين الأسلوب والحكاية، وهو خيار المخرج الإبداعي الذي يحدد طريق الفيلم، ليس لأن الطرفين يتنافران أو يتناقضان -لأنهما في النهاية يتوحدان لخلق المنتج الإبداعي- بل لأن طغيان أحدهما على الآخر يخلق فيلما مختلفا تماما، فكل خيار يخلّف أسئلة متباينة ويكوّن مسارا شكلانيا وحكائيا متفردا، لا سيما إذا دُمج مع خلفية المخرج السينمائية. هذا ما يجعل فيلم 'فتيان النيكل' (Nickel Boys) للمخرج 'راميل روس' (2024) من الأفلام التي تحمل خصوصية لمخرجها وللوسيط الأدبي المقتبسة عنه وكيفية معالجته، لأن أسلوب الحكي يحمل ثقلا إبداعيا وقيمة أعلى من القصة ذاتها، مما ينتج رؤية جديدة كليا للحكاية التي تتبدى معالجة سينمائية سائدة. ولكن أسلوب التناول التقني ينقلها إلى مستوى مميز من الناحية البصرية، واتخاذ الكاميرا أداة فعالة يتجاوز دورها مجرد الرصد، فتشارك في الحدث وتورّط المتفرج بطريقة غير اعتيادية في هذا النوع من الأفلام الذي يعتمد في أغلبيته على الصدمة العاطفية المتعلقة بمأساة الضحية. بيد أن المخرج يحاول تجاوز حدود النص الأدبي للقصة الحقيقية، ليخلق كاميرا فعّالة في إعادة خلق الوقائع، وفي تحوّرها بصفتها بوابة لعبور المشاهد إلى الحدث، والتفاعل معه في صورة الضحية، فيرفع المخرج طموح الفيلم، بحيث لا نشاهد البطل يتحرك داخل الإطار، بل نحن من نتحرك.. نحن معهم في الداخل. صداقة الفتية السود في بيئة متطرفة تدور قصة الفيلم في فلوريدا خلال ستينيات القرن الماضي، حول 'إلوود كيرتس' (الممثل إيثان هيريس)، وهو صبي أمريكي أسود، يصارع لإيجاد مستقبل مشرق، لكن حياته تتخذ منعطفا مأساويا عندما يُتهم ظلما بارتكاب جريمة، فيُرسل إلى أكاديمية 'نيكل'، وهي إصلاحية منفصلة سيئة السمعة، بسبب ممارساتها المتطرفة. يتعرف 'إلوود' في المدرسة على 'تيرنر' (الممثل براندن ويلسون) وهو شاب أسود آخر، وسرعان ما يطوران صداقة حميمية تعينهم على قضاء الأيام العصيبة، ثم يحاولان معا مواجهة حقائق المؤسسة المروعة، التي تظهر تدريجيا مع الوقت في هذا المكان المشوه، ويسعيان جاهدين للحفاظ على إنسانيتهم، وسط القمع المنهجي والعنصرية المفرطة التي تمارسها المؤسسة في أنشطة غير مشروعة. المثير للاهتمام في هذا الفيلم أنه يتجاوز المادة المقتبس منها، يتجاوزها على مستوى المجاز والمادة باستخدامه 'منظور الشخص الأول'، فتتضاعف وطأة الفعل الممارس، سواء على الشخصية أو خارجها، وكان 'ترينس مالك' قد استخدم تلك التقنية في فيلم 'شجرة الحياة'. فرؤية المشهد بعيون الشخصيات، يحدث فارقا جوهريا في التلقي، فلا نتعاطى مع الحدث من خلال وسيط أو شخصية خارجية تسمح بمسافة آمنة، تتيح لنا الشعور بالراحة أثناء المشاهدة، بل نكون داخل بؤرة الفعل ذاته، فنشارك البطل مشاعره ومخاوفه، ثم نكوّن فكرة أكبر عما يحدث في الداخل. نفَس توثيقي يشعر بالألفة يؤطر المخرج العالم بعيون أبطاله، فيمنحنا رؤية أكثر خصوصية للحدث، وتجربة أكثر حميمية لقصة شبعت من المعالجات التقليدية، فذلك الشعور بالألفة الذي توفره التجربة، لا يتكرر كثيرا في معالجات متباينة لنفس الأفكار تقريبا. كما أن آلية العمل البصرية أيضا تحقق رباطا حقيقيا بين المشاهد والبطل، وأما دمج اللقطات الأرشيفية في متتاليات سريعة وخاطفة، فربما يحقق الإدماج التاريخي المطلوب لجعل المنتج السينمائي أكثر قابلية للتصديق والتعاطف. تلك اللقطات تحيلنا لمواطن قوة المخرج وأصله الذي يقوم على البنية الوثائقية، فقد خاض من قبلُ تجربة وثائقية فاقت التوقعات، ألا وهي فيلم 'مقاطعة هيل هذا الصباح هذا المساء' (Hale County This Morning This Evening) عام 2018، وقد نافس على أوسكار أفضل فيلم وثائقي، لذلك فإن تأثر المخرج 'راميل روس' بالصبغة الوثائقية شكّلت نموذجه البصري في هذا الفيلم. فهو ينحو منحى توثيقيا حتى في أكثر لحظاته صنعة درامية، فهو يريدنا أن نرصد، وأن نكون شاهدين على مأساة تاريخية، ربما لم يتسن لكثير من أبطالها أن يدلوا بشهاداتهم، ولكننا اليوم لا نحتاج إلى شهادة، لا نحتاج إلى مراقبة شخص يخوض مأساة، لأننا نحن من نخوض المأساة ونشتبك معها في أكثر مواضعها قسوة. منظور الشخص الأول ربما يجد بعض المشاهدين صعوبة في الاندماج مع منهجية الفيلم البصرية، فمنظور الشخص الأول يمنح تجربة مثالية لاختبار الموقف وتكوين الخبرات، عن طريق التجربة الموازية للحقيقة، كأننا ببساطة نستبدل البطل بالمتفرج. ولكن في الوقت ذاته قد نجد صعوبة في التواصل مع الشخصية ذاتها، بصفتها كيانا خارجيا يخوض الحكاية، فالتماهي مع البطل يأتي من اختبارنا للتجربة والحضور المنطلق من عين البطل، لا من ارتباطنا العاطفي به. والحق أنها على أي حال مساحة استثنائية للاشتباك مع سردية الضحية، بيد أنها تفتقد في بعض أجزاء الفيلم -مع طوله الذي يتجاوز الساعتين- إلى الديناميكية العاطفية المتجاوزة للحدث، فالنموذج السائد للبطل المرئي غير متوفر هنا، حتى ظهور الأبطال بشكل متقطع داخل بعض المشاهد والتناوب بين مناظير الصديقين؛ لم يكن كافيا للوجود بشكل مستقل، فهي شخصيات غائبة الملامح. ولكن هذا على الجانب الآخر يخدم الأسلوب البصري الذي يحل محل الديناميكية العاطفية، فهو فيلم يتعاطى مع إشكالياته، ويتناول همومه من خلال الشكل، ويعتمد أساسا على التقنية السردية البصرية التجريبية، التي تبلغ درجة من الحساسية في بعض المشاهد، تجعلها سردية تأملية أكثر من كونها محدودة الإطار الحكائي. والحقيقة أن المخرج لا يفقد الديناميكية العاطفية تماما، بل ينجح في استعادة تلك الحيوية من خلال الجو العام للحكي في بعض أجزاء الفيلم، مما يحدث رنينا عاطفيا، غير أنه ليس كافيا لملء الحكاية التي تعوّدنا على تلقيها في جرعات هائلة من العاطفة، إلى جانب الانتقالات الزمنية التي تبدو مشتتة في بعض الأحيان، لا سيما الخط المعاصر الذي نشعر بجفافه وبطئه من غير داع حقيقي. تذوق العنف بطريقة أليفة قاسية يقوم الفيلم على تلك المسافة القائمة بين الممارس للعنف، وبيننا نحن المشاهدين الذين ننظر للعالم من عيون البطل، فمعالجة العنف هنا تأتي بطريقة أليفة، ولكنها قاسية، فنحن لسنا أمام إنسان يذوق العنف مباشرة، بل أمام خوف وذعر وترويع، ولكن بلا عنف مباشر. إبقاء العنف خارج حدود العين، يمنح المشاهد مساحة كافية لإعمال الخيال، أو إحداث ما يشبه المقاربة بين أحداث عنف حقيقية حدثت لهم، وبين ما يحدث للبطل في الفيلم، ولكننا لا نشاهده، فالبطل المغلوب على أمره يستقبل العنف وهو متكور على نفسه، أو بمنح ظهره للجلاد، فلا يتسنى لنا أن نرى العنف مباشرة في أغلب أحداث الفيلم، لكننا نتصور الحالة الشعورية ونواكب الإيقاع بخيالنا. مونتاج الفيلم.. عملية معقدة تكسب الرهان يحاول المخرج خلال الفيلم خلق لحظات مفعمة بالمشاعر، تستعيد الفيلم من التقنية المذهلة إلى ما هو حساس ورقيق، لحظات العناق بين 'تيرنر' وجدة 'إلوود'، ولحظات الهروب، هي لحظات خارج العالم الذي يؤسس له المخرج، لحظات تدعو للتأمل لاستيعاب تموضعها داخل سردية وحشية. الفيلم في مجمله جاف وعنيف، وجمالياته تنبع من تقنياته ومنظور حكايته ودمجها بوسائط إبداعية أخرى، ولكن الجدير بالذكر هو أن توليف الفيلم من أصعب المهام الإبداعية، لاشتماله على عدد كبير من المناظير والوسائط والتقنيات المتبادلة، التي تنطوي في مجملها على عملية معقدة من التجميع والتركيب في شريط الفيلم، لينال النعومة الكافية والإيقاع ذا الخصوصية، وينتج سردية قابلة للفهم في سياق قصصي مهموم بالفرد. شريط الصوت.. بناء وعي منفصل بالحدث يعد شريط الصوت من العناصر المهمة والمكملة لتجربة سينمائية متطرفة، لقدرته على شحن جو الفيلم العام، وخلق مناخ غير مريح وسهل المزج في مجموعة التداعيات البصرية. فالفيلم يجذب مجموعة من الوسائط، لتكوين وعي منفصل بالحدث، يسهم في إدراكه إدراكا مغايرا، وتمثيل معاناة جماعة من خلال الفرد، ليخرج لنا تجربة ثرية، ربما علينا مشاهدتها أكثر من مرة لهضمها بشكل أكثر مرونة والتعرف على مواطن جمالها. إنه من الأفلام التي من الممكن إعادة اكتشافها في كل مرة، فالتجربة البصرية وحدها ثرية بما يكفي.


ساحة التحرير
١٩-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- ساحة التحرير
عرض شريط 'فتْيان النِّيكل' ( Nickel Boys ) للمخرج 'راميل روس'!الطاهر المعز
عرض شريط 'فتْيان النِّيكل' ( Nickel Boys ) للمخرج 'راميل روس'! الطاهر المعز يندرج هذا العرض ضمن بَحْثٍ أعدَدْتُهُ حول وضع المساجين في السُّجُون الأمريكية كمرآة للدّيمقراطية التي تتبجّح بها سُلطات الدّولة الإمبريالية المُهيمنة على العالم، في حين لا تزال العُنصرية – رغم الإلغاء القانوني للمَيْز العنصري – تُشكّل إحدى ركائز السُّلطة في الولايات المتحدة… اطّلعتُ على كتاب 'فتيان النيكل' للكاتب الأمريكي الزّنجي 'كولسون وايتهيد' (Colson Whitehead )، وشاهدتُ مقاطع من الشريط الحامل لنفس الإسم، والذي لم أتمكّن من مشاهدته كاملاً وحاولتُ الإطّلاع على أكبر قدر ممكن من تصريحات المُخرج وكتابات النّقّاد وتعليقات المُشاهدين، بهدف إدراج الشريط كمُكمّل للمقال الذي سوف أنشُرُه لاحقًا عن السّجون الأمريكية كقطاع اقتصادي يستغل ملايين المساجين الذين انعدمت حقوقهم كعمال وكمواطنين وكبشر… تداولت الأخبار المحلية بولاية فلوريدا سنة 2011، نَبَأَ إغلاق مدرسة 'أرثر دوزير' الإصلاحية في فلوريدا، بعد أن ظلت تقدم، لسنوات طويلة، خدمات الدعم التأهيلي للأطفال والمراهقين، وكان نَشْرُ الخبر مناسبةً للإطلاع – بالوثائق والصُّوَر – على ما كان يدور خلف أسْوار المدرسة من انتهاكات مُنتظمة، لا تُفَرّق بين الطفل واليافع، لأن القائمين على هذه 'الإصلاحية' كانوا يُؤمنون إن المساواة في التعذيب إجراء عادل، والتقط المخرج 'راميل روس' خبر إغلاق هذه 'المدرسة الإصلاحية' لِيُصَمِّمَ الخطوط العريضة لأول أشْرِطَتِه الروائية الطويلة 'فتيان النيكل ' (Nickel Boys)، وقد أُنتج عام 2024، ورُشح لجائزتي أوسكار، عن فئتي أفضل فيلم، وأفضل سيناريو مقتبس عن رواية الكاتب 'كولسون وايتهيد' التي نالت جائزة 'البولتيزر' سنة 2020، واشترك المُخْرِج في كتابة السيناريو مع الكاتبة 'جوسلين بارنز'. سبق للمخرج الأمريكي الأسْوَد 'راميل روس' ( Ramell Ross ) أن قَدّم شريطًا وثائقيا رُشح لجائزة الأوسكار، بعنوان (Hale County This Morning, This Evening) أو ما يمكن ترجمته ('مقاطعة هيل هذا الصباح، هذا المساء )، قبل أن يُقدّم سنة 2024، أول شريط روائي طويل له ( 140 دقيقة ) بعنوان 'فتيان النيكل' ( Nickel Boys ) الذي يُصَوِّرُ نموذجًا للعنصرية 'المُمَأسَسة' ( أو التي أصبحت جُزْءًا من سياسة المؤسسات الرسمية) واقتبس المخرج موضوع الشريط من رواية نُشرت بنفس الاسم، للكاتب الأمريكي الزّنجي 'كولسون وايتهيد' (Colson Whitehead )، وهو من القلائل الذين فازوا بجائزة 'بوليتزر' مرّتَيْن سنة 2017 وسنة 2020 وتحولت روايتان من رواياته إلى أشرطة سينمائية : 'الجانب الخَطَأ من الجسر' (The Wrong Side of the Bridge ) ورواية 'فتيان النيكل'، وتدور أحداثها حول شابين مسجونين بمدرسة إصلاحية وحشية في ستينيات القرن الماضي. تدور أحداث الرواية- الشّريط خلال فترة أوائل الستينيات من القرن العشرين، خلال فترة الميز والفصل العنصري، بمنطقة 'تالاهاسي' بولاية فلوريدا، حيث كان يعيش 'إلوود' (الممثل إيثان هيريس)، الشخصية الرئيسية للرواية، وهو مراهق أمريكي أسود، رَبَّتْهُ جدته الشجاعة المُحِبّة 'هاتي' (ممثلة المسرح والسينما 'أونجانيو إليس تايلور' – Aunjanue Ellis-Taylor)، وكان الشاب مُتميِّزًا في دراسته، وتم قُبُوله في برنامج دراسي بكلية في بلدة مجاورة، وهو لا يزال طالبًا بالمدرسة الثانوية، وكان الظّروف مواتية لكي يواصل طريقه نحو التميز الأكاديمي، غير إنه تلقّى ضربة مُدمِّرة، حَوّلت طريقه من المدرسة إلى سجن الأحداث ( القاصرين) تدور أحداث الشريط حول احتجاز هذا الفتى الأسود 'إلوود' في أكاديمية 'نيكل' ( سجن 'إصلاحي' للمراهقين)، بعد أن سقط ضحية لبعض العَسْف القضائية، والتقى هناك بالشاب 'تيرنر' (الممثل براندون ويلسون)، وارْتَبَطَا بأواصر صداقة ممتدة، تعين كلا منهما على مواجهة بؤس حياتهما. لا يبدو هذا الحدث استثنائيا بحدّ ذاته فعُنصرية الشّرطة والقضاء الأمريكي ضدّ السّود أمْرٌ مألوف، لكن سعت الرواية والشريط لِرَصْدِ المُمارسات العنصرية ( غير القانونية) وانتهاك الحُرّيات الشخصية في إحدى المدارس الحكومية، وهي المواضيع التي تناولتها الأعمال الوثائقية السابقة للمخرج الذي يُتْقِن تحويل الفِكْرَة أو الرُّؤية إلى صورة مُعبِّرَة تتناول قضايا العنصرية بأشكال فَنِّيّة رائدة، بمنهج سَرْدِي جريء يُصوّر الشريط كله تقريبا من وجهة نظر الشخصيتين الرئيسيتين، 'إلوود' و'تيرنر' ويتعمّد المُخرج استخدام المُعدِّلات التقنية لإرْباك المُشاهد الذي يَضْطَر للإنتباه لكل ما يحدث حول الشّابَّيْن المسجونَيْن، وكأن المُشاهد يعيش بنفسه ذلك الكابوس الذي يعيشُهُ المراهقان اللّذَيْن فقدَا براءتهما بشكل مُبَكِّر، واعتمد المُخرج سَرْدِيّة تباين الأزمنة ( عكس الإلتزام بإطار زمني ثابت) والكشف عن تداعيات الماضي والذّكريات، من خلال الإستعانة بمقاطع وثائق الأرشيف عن العنصرية، أو بإضافة مشاهد من أشرطة السينما العالمية العتيقة، بين كل مشهد وآخر، بما يدعم ويبلور هوية الشريط الذي يحاول خلق توازن بين الوثائقي ( الحقائق أو الواقع) والروائي أو الخيال الفَنِّي والوثائقي، أن يبلغ 'إلوود' عامه السابع عشر. تم اعتقال الشاب الأسود 'إلوود' خَطَأ على إثر تلبيته دعوة لص سيارات محترف، لتوصيله إلى جامعته في أول أيام السنة الجامعية، وشكّل وُصُول 'إلوود' إلى إصلاحية 'نيكل' فُرصَةً لإزاحة السّتار عن المستقبل المحفوف بالمخاطر للشبان السود، وعن العُنْصُرية السائدة في المجتمع الأمريكي، حيث يتم الفَصْل – حتى داخل 'الأكاديمية الإصلاحية' – بين البيض 'ذوي العرق الأنقى'، والأعراق الأخرى من الأصول الأفريقية، أو الأمريكية الجنوبية، وتمتد هذه العُنصرية ذات الجذور الفاشية إلى ترسيخ سطوة الجنس الأبيض على سائر الألوان، وهو ما يُظْهِرُهُ الشريط في مشهد الاحتفال الرياضي السنوي في الأكاديمية، حيث يجب أن يقتنص النصر فيها أحد السجناء البيض، لأن مدير الإصلاحية العنصري الذي يتابع النشاط الرياضي السنوي، يُصِر على أن يحرز السجناء البيض النّصر، بأي شكل، أما من يُخالف التّعليمات أو يحاول الإعتراض على هذا الظُّلم فمصيره العقاب الذي يتراوح بين العزل أو الإقصاء التام أو القتل العمد ( الإغتيال)… تمكّن 'إلوود' ورفيقه 'تيرنر' من الهرب من الإصلاحية، وأصبحت حياته تميل نحو الأفضل، لكن تداعيات الماضي تلاحقه، فحَوَّلَها إلى أداة فعالة وناشطة في البحث والتنقيب عن تاريخ هذا المكان الذي ضمّ بعض المقابر الجماعية المليئة بالجثث المجهولة ورفات المحتجزين السود، وبذلك تَحَوّل شقاء ذكريات الماضي إلى مُحفّز لمقاومة الطّغيان، وكلما تقدّم الزّمن ازدادت رغبة 'إلوود' في تحقيق العدالة المفقودة يرسم السيناريو شخصية 'إلوود' محملة بالغضب الداخلي، الذي لا ينفجر ولا تبزغ بوادره إلا في لحظات نادرة عندما يُساعد غيره، فهو يحاول باستمرار كشف ما يدور داخل الإصلاحية، ويُدَوِّنُ كل ما يحدث، وهكذا نجده يندفع للاشتراك في الاعتصام المدرسي المندد بانتهاكات الرجل الأبيض، ويواجه الإضطهاد والقهر الذي يُمارسه مسؤولو الإصلاحية، ليكشف الهدوء الظّاهري عن شخصية شُجاعة ومتفانية في خدمة الحقيقة والعدالة… تم ترشيح الشريط للجوائر في عدة مهرجانات، وحصل على جائزة أفضل إخراج في مهرجان ستوكهولم السينمائي، حيث تم وَصْف الشريط بأنه 'بارع ومؤثر يربط الماضي بالحاضر بشأن التاريخ المظلم للعنصرية والفصل العنصري في الولايات المتحدة…'2025-03-19 The post عرض شريط 'فتْيان النِّيكل' ( Nickel Boys ) للمخرج 'راميل روس'!الطاهر المعز first appeared on ساحة التحرير.


الجزيرة
١٠-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- الجزيرة
'فتيان النيكل'.. فيلم ينبش جرح العنصرية الغائر في أمريكا
أغلقت مدرسة 'أرثر دوزير' الإصلاحية في فلوريدا أبوابها إلى الأبد، بعد أن ظلت سنوات كثيرة تقدم خدمات الدعم التأهيلي للأطفال والمراهقين. هذا ما تداولته وكالات الأنباء الأمريكية، على خلفية قرار الإغلاق الدائم لتلك المؤسسة عام 2011. قد يبدو خبرا مقتضب الصياغة، لكنه يحوي في إطاره المختصر تساؤلات عدة عن الأسباب الكامنة وراء هذا القرار، وقد تدفقت التقارير والصور الإخبارية فيما بعد، مفصحة عما كان يدور خلف تلك الأسوار من انتهاكات منظمة، لا تفرق بين الطفل واليافع، فالمساواة في التعذيب عدل، أو هكذا كان يظن القائمون على أمر تلك الإصلاحية. ومن هذا الخيط الشائك، ينسج المخرج الأمريكي 'راميل روس' أحداث أول أفلامه الروائية الطويلة 'فتيان النيكل' (Nickel Boys)، وقد أُنتج عام 2024، ورُشح لجائزتي أوسكار؛ عن فئتي أفضل فيلم، وأفضل سيناريو مقتبس. وكان المخرج قد اشترك في كتابة السيناريو مع الكاتبة 'جوسلين بارنز'، وهو مأخوذ عن رواية بالاسم ذاته للكاتب 'كولسون وايتهيد'، نالت جائزة 'البولتيزر' عام 2020. تدور أحداث الفيلم حول الفتى الأسود 'إلوود' (الممثل إيثان هيرسي)، الذي يحتجز في أكاديمية 'نيكل'، بعد أن سقط ضحية لبعض التعسفات القضائية، وهناك يلتقي بالشاب 'تيرنر' (الممثل براندون ويلسون)، فيرتبطان بأواصر صداقة ممتدة، تعين كلا منهما على مواجهة بؤس حياتهما. قد تبدو القصة عادية ومكررة المحتوى، لا سيما إن وُضعت في إطار التكالب المجاني، على استهلاك كل ما يتعلق بإعادة تدوير قضايا العنصرية الأمريكية ضد ذوي البشرة الملونة. لكن الحقيقة تعكس رؤية مشابهة ومتباينة مع المألوف في نفس الآن، فنحن أمام سردية تسعى قدر المستطاع لرصد مخالفات العنصرية في إحدى المدارس الحكومية، لكن بين سطور هذا الطرح المباشر نظرة أعمق، نحو ثنائية التعافي من التأثيرات المحتملة للماضي، والسعي لإكمال مصفوفة الحرية الشخصية، التي لا يكتمل تحقيقها إلا بتحرير الداخل الإنساني من شوائب الماضي العالقة به. هذا ما يبدو مضمون الفيلم معنيا بالتعبير عنه، ولا يختلف كثيرا عن سابقة أعمال المخرج، الذي تناولت أعماله الوثائقية قضايا العنصرية، فنحن أمام مخرج مشحون بالأفكار والرؤى، ويتقن جيدا التعبير عما يؤرقه من هموم، مما يضفي أصالة وصدق على المعالجة والتناول. فهل نجح المنتج الفيلمي في تحري الصدق الفني في سرديته؟ دفء العلاقة العاطفية مع الجدة.. مقدمة السرد تكمن أولى عناصر الإجابة في اختيار مقاس الصورة السينمائية (Aspect Ratio)، فقد جاءت بنسبة 1:33:1، وهي تختلف عن نمط الصورة المعتاد، فتبدو أضلاع الإطار البصري الأربعة متقاربة المساحات، معبرة في جوهرها عن واقعية الأحداث المعروضة بين إطارات الشاشة. أما العنصر المقابل من الإجابة، فيقع بين حدود السرد التجريبي المبتكر، وهو يروي وقائع الذكريات السابقة من زاوية منظور الشخص الأول، وهي مستوحاة من ألعاب الحاسوب، التي لا تظهر فيها هيئة البطل المتكلم، بل تصبح عينه الكاميرا التي نرى بحدقتها المتسعة تفاعلات الأحداث، وما يقابلها من ردود أفعال. وبناء على تلك المعادلات التقنية، يبدأ الحكي بتتابعات مشهدية، يطالعنا فيها الطفل 'إلوود' مستلقيا على أرض حديقة منزل جدته التي يعيش معها، ثم تتوالى المشاهد الكاشفة لعمق العلاقة بينهما، فكل منهما متعلق بالآخر متشبث به. وهكذا تتدفق الدقائق الأولى من الرقعة السردية البالغة نحو 140 دقيقة، إلى أن نصل معا لبلوغ 'إلوود' عامه السابع عشر. كسر المبادئ التقليدية في البناء الدرامي جعل السيناريو الأحداث تدور اعتمادا على مبدأ الرواة المتعددين، أو -بمعنى أكثر رحابة- الانتقال الميسر بين أكثر من زاوية سردية، والبداية مع 'إلوود'، ثم الانتقال السلمي إلى صديقه 'تيرنر'، ثم العودة إلى الصوت الأول، وهكذا في دائرة محكمة الصياغة، وإن كانت الغلبة لرؤية 'إلوود'، فهو الذي بيده ناصية الحكاية، ويمسك بخيوطها المتسعة. لا تتكئ تلك الخيوط على وحدة زمنية واحدة، بل تباينت أزمنتها، وانصهرت في بوتقة سردية واحدة، قوامها الكشف عن تداعيات الماضي وذكرياته، ومن ثم فلم يلتزم السرد بإطار زمني ثابت، بل تنوع الزمن بين الفعل الماضي بتدرجاته الزمنية، والفعل المضارع الحاضر. وهكذا في سرد متعرج حداثي الهيئة والقوام الشكلي. لذلك فلا يمكن القول إنه يلتزم بالمبادئ التقليدية في البناء الدرامي، لكن الاستعانة بهذا النمط الحداثي من المعمار الفني، لا بد أن توازيه أسلوبية أكثر تطورا وتطويعا مع السياقات الزمنية والسردية المتشعبة. وهذا ما يقدم عليه السيناريو، فلا تتوقف معالمه الحداثية على التواءات مسار الحكي وتعرجاته الزمنية، بل يلجأ كذلك إلى تطعيم البنيان الدرامي، بالمقاطع الوثائقية الأرشيفية عن العنصرية، أو إضافة مشاهد من أفلام السينما العالمية العتيقة، بين كل مشهد وآخر، بما يدعم ويبلور قصدية المعنى، الكامنة وراء تسلسل المشاهد، ويجعل هوية الفيلم تمزج في ثناياها بين الروائي والوثائقي، دون أن ينجرف أحدهما على حساب الآخر. مناخ الكراهية والكفاح في الستينيات لا يكشف الفيلم تاريخ الأحداث طواعية، بل يضيف بعض التوابل التاريخية، التي تدور سياقاتها في الخلفية الدرامية، ومن ثم يمكن استنباط زمن السرد، فنرى في بعض المشاهد خطابات الناشط الحقوقي 'مارتن لوثر كينغ'، أو تظهر بعد بعض التتابعات مقاطع وثائقية عن القمر الصناعي 'أبولو'، وغيرها من الإشارات التي تدل جميعا على حقبة الستينيات، التي يصفها المؤرخون بأنها أكثر عقود القرن العشرين اشتعالا. فالنداءات المكررة بالمساواة بين البيض والسود، وما يرافقها من دعوات للتظاهر أو الاعتصامات المدنية، ضد قهر السلطة لحقوق الأقليات، يجعل البيئة العامة للأحداث أقرب إلى الثورية، لكنها ثورية مدججة بالكراهية وعدم قبول الآخر. فهمسات أحاديث الجدة الجانبية، دوما ما تبث تحذيرات غامضة من الرجل الأبيض، وفي المدرسة الثانوية يردد المعلم شعارات مناهضة لسطوة العرق الأوحد. وهكذا يقدم الفيلم عالمه الذي لا يخلو من كابوسية، دعمت أركانها وصول 'إلوود' إلى إصلاحية 'نيكل'، فقد اعتُقل خطأ على إثر تلبيته دعوة لص سيارات محترف، لتوصيله إلى جامعته في أول أيام انتظام الدراسة. تفضيل 'العرق الأنقى' على سائر الأعراق يبدو السعي نحو تحقيق مستقبل أفضل محفوفا بالحصار، وهنا تتضافر العوامل السالفة الذكر في تقديم أجواء السرد، وتدعم التعبير عن المضمون الرئيسي للفيلم، والمعني في المقام الأول، بإزاحة الستار عن المستور من أفعال العنصرية في المجتمع الأمريكي. تتجلى معالم تلك العنصرية بوضوح داخل الأكاديمية الإصلاحية، بداية من التفرقة بين البيض 'ذوي العرق الأنقى'، وبين الأعراق الأخرى ذوات الأصول الأفريقية، أو المنتمين إلى الجذور المكسيكية. لا يتوقف الأمر عند الحدود الجغرافية بين الفريقين، بل يمتد إلى ترسيخ سطوة الجنس الأبيض على سائر الألوان، كما نرى في مشهد الاحتفال الرياضي السنوي في الأكاديمية، فيجب أن يقتنص النصر فيها أحد السجناء البيض. ثم يصبح اليوم معيارا للسخرية الدائمة من انسحاق اللون الأسود، وتهاونه أمام بريق الأبيض وقوته المزعومة، وإذا خالف أحد تلك التعليمات، يوضع تحت مقصلة العقاب، التي قد تبلغ درجة الإقصاء التام أو القتل العمد. تُرى كيف تستقيم الحياة في ظلال تلك الأوضاع، التي أقل ما توصف به هو المأساوية؟ مقاومة طغيان الذكريات الظالمة تكمن الإجابة بين طيات النسيج السردي، فهو ينتقل بأريحية بين الماضي بكل ثقل أحداثه، والحاضر المسموم بإرهاصات الزمن السابق، فنرى 'إلوود' بعد أن هرب من الإصلاحية، وتوالت مسارات حياته نحو الأفضل، ولا تزال تداعيات ماضيه تلاحقه، ليصبح أداة فعالة وناشطة في البحث والتنقيب عن تاريخ هذا المكان، الذي ستفوح رائحة جرائمه فيما بعد، بعد اكتشاف عدد من المقابر المجهولة، يضم ترابها رفات محتجزين من السود. وهنا يمكن القول إن التذكر والتشبث بسوداوية الذكرى، يعد مقاومة، يواجه البطل بها طغيان الماضي، فالمعتاد أن تواجه الشخصيات ماضيها الملبد بالتعقيدات بمحاولات التناسي، والابتعاد الصارم عن كل ما يمت بصلة -وإن واهية- لهذا الزمن. لكن الوضع هنا مغاير، فالمواجهة مع هذا الماضي ليست بدافع البحث عن صيغة مصالحة تجاهه، بل للاقتصاص والانتقام منه، ويشكل ذلك اللبنة الرئيسية لمقومات الصراع الدرامي. يبدو الصراع إذن مزدوج الطبقات، فالطبقة الأولى -الأشبه بالقشرة- تدور في إناء معاناة البطل داخل الإصلاحية، من أجل نزع سوار العبودية عن عنقه، أما الطبقة المبطنة فتطرح تساؤلات أكثر اشتباكا عن الماضي ودوران الزمن وتعاقبه، وأيهما يكفل الآخر ويطمس وجوده. وبذلك يمكننا الوصول إلى مفتاح فهم الفيلم، الذي يدور حول ثنائية الزمن والذاكرة، فالحقيقة أن بعض الذكريات أشبه بالجرائم، لا تسقط تأثيراتها بالتقادم ومرور الوقت. فكلما ازداد تدفق عمر 'إلوود'، ازدادت رغبته في تحقيق قدر -ولو يسير- من العدالة المفقودة، لا لذاته ولا لهؤلاء الضحايا، بقدر ما هي محاولة لإعادة سطوع ضوء الاهتمام المنطفئ نحو تلك الحقبة، بكل تقلباتها الجدلية. رفيقا الإصلاحية.. تناوب على توزيع كعكة السرد بعد احتجاز 'إلوود' في الإصلاحية، يلتقي بالشاب 'تيرنر'، فتتحول دفة السرد تلقائيا إلى الزاوية المقابلة، فنرى الأحداث بعين 'تيرنر'، وهكذا يتناوبان على رواية ما جرى، وإن كان الميزان السردي يرجح كفة 'إلوود'، فمفتتح الحكي ينطلق من عنده، وينتهي كذلك من زاويته هو، وهنا يصبح السؤال عن ماهية دور 'تيرنر' صائبا وفي محله تماما. يقوم البناء العام على خط درامي وحيد، وهو مغامرة 'إلوود' القدرية في أكاديمية 'نيكل'، لكن هذا الخط ينشأ من رحمه الممتد فرع آخر، يتمثل في شخصية 'تيرنر' التي تتسع بإضافتها زاوية الرؤية تلقائيا، فكل راوٍ منهما يشكل عينا ترى وترصد وتسجل وقائع الأحداث من منظورها الشخصي. يضيف هذا الأمر شيئا جديدا على السياق العام، ويسمح بقراءة أوسع وأشمل للدراما، ويشكل إضافة مبتكرة على السرد السينمائي، الذي يستعير هذا النمط من النصوص الأدبية، ويحيلها بمهارة فائقة إلى النسيج الفيلمي، الذي تتسع قماشته للتجريب والتحديث. يرسم السيناريو شخصية 'إلوود' محملة بالغضب الداخلي، الذي لا ينفجر ولا تبزغ بوادره إلا في لحظات نادرة، تقع جميعها تحت طائلة المساعدة وإمداد العون، وهكذا نجده يندفع للاشتراك في الاعتصام المدرسي المندد بانتهاكات الرجل الأبيض. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل إنه يواجه قهر مسؤولي الإصلاحية، بمحاولة كشف ستر ما يدور في الداخل، عبر تدوينه لكل ما يدور، لتصبح الشخصية -على هدوئها الظاهري- فائضة بالشجاعة والفروسية المستترة. الهروب من الشرنقة تتوالى أيام الرفيقين بداخل الإصلاحية، ولا تبدو لخطها الممتد نهاية وشيكة، لكن المصادفات القدرية التي أوصلت بطلنا لهذا المكان، تدفعه للمغادرة هربا، وتتدفق المشاهد لاهثة الإيقاع، فيكشف محتواها مراحل هروب الصديقين من هذا الضيق الخانق إلى رحاب العالم الواسع، مثلما انطلق الشاعر الإيطالي 'دانتي أليغييري' في رحلته الطويلة من الجحيم إلى الفردوس، كذلك رحلة 'إلوود' في عودته إلى منزل الجدة. ولأن هيكل الفيلم، يجنح لخلق أسلوبية جديدة في التعبير، فقد جاء السياق البصري وما يقابله من لغة سينمائية ذا قدر كبير من التجديد، بدءا من اختيار زوايا التصوير، وحركات الكاميرا التي تخلق إيقاعا هادئا متمهلا، ينم عن قصدية واضحة، لإمداد الحالة الشعورية للمتفرج بما تعانيه الشخصيات، وكل ذلك بفضل مدير التصوير المخضرم 'جومو فراي'. وفي المقابل طعّم البناء العام بحس شاعري رفيع، أضفى حساسية وعذوبة على التلقي، حاولت قدر المستطاع تخفيف وطأة الفكرة، بما يجعل شكل الفيلم ومضمونه متناسقين، فبدا الفيلم -بناء على ما سبق من توليفات فنية- أحد أفضل إنتاجات العام، وسيحظى برصيد مقبول وكافٍ للبقاء في ذاكرة السينما العالمية. رُشح الفيلم لكثير من الجوائر في عدة مهرجانات، أهمها إحرازه جائزة أفضل إخراج في مهرجان ستوكهولم السينمائي، وجاء في حيثيات فوزه الوصف بأنه 'فيلم بارع ومؤثر، يغمرنا في رحلة الشخصية المروعة، إلى التاريخ المظلم للعنصرية والفصل العنصري في الولايات المتحدة، الذي يتردد صداه بعمق، ويربط الماضي بالحاضر'. وبطلنا يسعى بإخلاص إلى التحرر من قيود الماضي، التي ما تزال -على مر السنين- تلقي ظلالها الدنسة على أطياف الحاضر. وبعض الذكريات كالأنهار، تتدفق مياه آلامها بلا نهاية.

مصرس
٠٣-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- مصرس
أوسكار 97.. «المجمع المقدس» يحصد جائزة أفضل سيناريو مقتبس
حصد فيلم «المجمع المقدس - Conclave»، جائزة أفضل سيناريو مقتبس، في حفل توزيع جوائز الأوسكار في نسخته ال 97 لعام 2025، الذي أقامته أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة على مسرح دولبي في لوس أنجلوس. وتنافس على الجائزة كلا من «مجهول تماما - A Complete Unknown»، و«إيميليا بيريز - Emilia Pérez»، و«أولاد النيكل - Nickel Boys»، و«Sing Sing».


مجلة هي
٠٢-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- مجلة هي
أفضل أفلام الأوسكار 2025 نرشحها للمشاهدة تزامنا مع ليلة الجوائز
ينتظر الجمهور حفل توزيع جوائز الأوسكار 2025، المرتقب بعد ساعات، حيث تحمل النسخة 97 منافسة بين عدد من الأفلام، التي استطاعت أن تجذب النقاد والمحبين للسينما، لذلك حضورها في قائمة الترشيح لأفضل فيلم، وأفضل فيلم أجنبي، له دلالات، وهذه قائمة من الأفلام المنافسة على جائزة الأوسكار لتلك النسخة، والتي نرشحها للمشاهدة. فيلم "Nickel Boys" يستحق فيلم "Nickel Boys" لمشاهدة خاصة، واهتمام بقصته التي ترتكز على عناصر إنسانية، وإن كانت بمنظور خاص سعى لتقديمه المخرج والمؤلف راميل روس، فالفيلم المأخوذ عن رواية كولسون وايتهايد الفائزة بجائزة بوليتسر، يقدم قصة إنسانية لطفلين هما إلوود وترنر يواجه كل منهما معضلة الفصل العنصري في فلوريدا، خلال مرحلة صعبة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، يظهر الثنائي كل منهما بمنظوره الخاص والتحولات التي تشكل تهديد لحياتهما والآمال التي يحملها كل منهما، وسط كل تلك التعقيدات لمعنى الحرية وكيفية الوصول إليها، الفيلم مرشح لجائزة الأوسكار أفضل فيلم، ونال تقييمات مرتفعة من قبل النقاد طوال الفترة الماضية، وترشح لما يزيد عن 180 جائزة، كما فاز بـ50 جائزة أخرى، ويعتبر من الأعمال الدرامية المهمة في 2024. فيلم "Nickel Boys" فيلم "Straume" يحمل فيلم "Straume" حضوره الخاص في حفل جوائز الأوسكار 2025، فهو فيلم رسوم متحركة، يحمل قصة بسيطة حول قطة صغيرة رمادية تقود الحيوانات إلى ملجأ بعد موجة مد هائلة، الفيلم يمتلك مجموعة من العناصر التي تساهم في جعله من الأعمال التي تجذب الجمهور، فبعيدا عن قصة الفيلم والمغامرة البسيطة التي لا تحمل تعقيدات عميقة، يتوهج من خلال الرسومات المبهرة التي تلفت الانتباه، وهي من العناصر المهمة في أي فيلم رسوم متحركة، وهو ما جعله عمل مميز، يستحق المشاهدة، وكذلك الترشيح لجائزة الأوسكار أفضل فيلم رسوم متحركة، وكذلك جائزة أفضل فيلم دولي، في حفل جوائز الأوسكار، ليعتبر من أهم أعمال مخرج الرسام الرسوم المتحركة اللاتفي جينتس زيلبالوديس، الفيلم حصل أيضا على جائزة أفضل فيلم رسوم متحركة في حفل الغولدن غلوب في 2025. فيلم "Straume" فيلم "The Brutalist" يترشح فيلم "The Brutalist" لـ10 جوائز أوسكار في الحفل القادم، وهو الأمر الذي يجعله من الأعمال السينمائية التي تستحق المشاهدة، لكن بعيدا عن التقييمات المختلفة للعمل، والتي تشير إلى مدى إعجاب قطاع واسع من الجمهور به، يمتلك فيلم "The Brutalist"، العديد من نقاط القوة التي تجعله يستحق هذا الترشيح، بدأ من أداء أدريان برودي في شخصية لازلو توث، فضلا على قدرة الفيلم على تقديم الكثير من الأفكار دون أن يغوص في تفاصيلها، كما يسلط الضوء على فكرة الرحلة الصعبة والقضايا المتعددة التي سوف تبهر المشاهد من ناحية الصورة التي قدمها المخرج برادي كوربيت، وجعلت شخصيات فيلمه قادرة على خلق حالتها الخاصة، كما أن عند مشاهدة فيلم "The Brutalist"، ينصح بالصبر لاسيما أن الفيلم تصل مدته لما يقارب 3 ساعات و30 دقيقة. فيلم "The Brutalist" فيلم "Ainda Estou Aqui" يؤكد فيلم "Ainda Estou Aqui" أو "I'm Still Here" على ما يمكن أن تلعبه البطولة النسائية، في عمل سينمائي غير ناطق بالإنجليزية، لاسيما إذا كان المخرج والتر ساليس الفائزة بجائزتي بافتا، الفيلم تتصدر بطولته النجمة فرناندا توريس Fernanda Torres التي تنافس بقوة على جائزة أفضل ممثلة رئيسية، عن دور يونيس بايفا ربة منزل التي تضطر لخوض مواجهة للبحث عن زوجها عضو الكونجرس السابق روب نز بايفا، الذي اختفى خلال الحكم العسكري في البرازيل في السبعينيات، وتبدأ بايفا في البحث المستمر دون كلل أو ملل عنه، رغم كل الصعوبات التي تتعرض لها، وكذلك الحصار الصعب الذي تعيشه الأسرة، الفيلم يعتبر من الأعمال التي نالت تقديرا كبيرا من قبل النقاد، وكذلك قطاعات واسعة من الجمهور في التقييمات الخاصة بالفيلم، التي تصل مدة عرضه لأكثر من ساعتين و16 دقيقة. فيلم "Ainda Estou Aqui" فيلم "Dune: Part Two" استطاع فيلم "Dune: Part Two" أن يسير بخطى ثابتة في الحفاظ على ما حققه الجزء الأول منه الذي عرضه قبل 3 سنوات، وحقق نجاحا كبيرا على مستوى الإيرادات والجوائز، لكن يظل الجزء الثاني، خطوة أهم في تلك الرحلة وهي تقديم أجزاء جديدة منه في المرحلة المقبلة، وذلك بعد ما حققه الجزء الثاني من إيرادات، ويظل الفيلم من الأعمال المرشحة بقوة للمشاهدة، وتحديدا بداية من الجزء الأول، لمعرفة تفاصيل المغامرة في عالم الفضاء وبين المجرات، وذلك بعيدا عن فكرة الإسقاطات التي يقدمها العمل بشكل أو بآخر، الفيلم مرشح لجائزة الأوسكار لأفضل عمل سينمائي، كما أنه مرشح كذلك لـ4 جوائز أوسكار أخرى. فيلم "Dune: Part Two" فيلم "Anora" ربما واجه فيلم "Anora" بعض الانتقادات فيما يخص الهالة التي تركزت عليه طوال الشهور الماضية، وتحديدا منذ حصوله على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي 2024، ثم ترشحه لجائزة الأوسكار أفضل فيلم 2025، حيث اعتبر البعض أن الفيلم حصل على اهتمام مبالغ فيه، لاسيما على المستوى النقدي، لكن في المحصلة يعتبر فيلم "Anora" من الأعمال السينمائية المهمة التي تقدم قصة فتاة، تمر بمجموعة من التحولات في حياتها، ومدى التعقيدات التي تتميز بها شخصية البطلة، والمنعطفات التي تمر بها، ومن هنا يبرز بشكل واضح أداء النجمة مايكي ماديسون Mikey Madison، التي إذا تم الإعلان عن فوزها بجائزة الأوسكار أفضل ممثلة رئيسية في 2025، فلن يكون الأمر مفاجئ بل مستحق، لكونها النجمة التي حملت الفيلم وقدمته بصورة بأكثر إبهارا. فيلم "Anora" الصور من حسابات الأفلام وصناعها على انستجرام.