عرض شريط 'فتْيان النِّيكل' ( Nickel Boys ) للمخرج 'راميل روس'!الطاهر المعز
عرض شريط 'فتْيان النِّيكل' ( Nickel Boys ) للمخرج 'راميل روس'!
الطاهر المعز
يندرج هذا العرض ضمن بَحْثٍ أعدَدْتُهُ حول وضع المساجين في السُّجُون الأمريكية كمرآة للدّيمقراطية التي تتبجّح بها سُلطات الدّولة الإمبريالية المُهيمنة على العالم، في حين لا تزال العُنصرية – رغم الإلغاء القانوني للمَيْز العنصري – تُشكّل إحدى ركائز السُّلطة في الولايات المتحدة…
اطّلعتُ على كتاب 'فتيان النيكل' للكاتب الأمريكي الزّنجي 'كولسون وايتهيد' (Colson Whitehead )، وشاهدتُ مقاطع من الشريط الحامل لنفس الإسم، والذي لم أتمكّن من مشاهدته كاملاً وحاولتُ الإطّلاع على أكبر قدر ممكن من تصريحات المُخرج وكتابات النّقّاد وتعليقات المُشاهدين، بهدف إدراج الشريط كمُكمّل للمقال الذي سوف أنشُرُه لاحقًا عن السّجون الأمريكية كقطاع اقتصادي يستغل ملايين المساجين الذين انعدمت حقوقهم كعمال وكمواطنين وكبشر…
تداولت الأخبار المحلية بولاية فلوريدا سنة 2011، نَبَأَ إغلاق مدرسة 'أرثر دوزير' الإصلاحية في فلوريدا، بعد أن ظلت تقدم، لسنوات طويلة، خدمات الدعم التأهيلي للأطفال والمراهقين، وكان نَشْرُ الخبر مناسبةً للإطلاع – بالوثائق والصُّوَر – على ما كان يدور خلف أسْوار المدرسة من انتهاكات مُنتظمة، لا تُفَرّق بين الطفل واليافع، لأن القائمين على هذه 'الإصلاحية' كانوا يُؤمنون إن المساواة في التعذيب إجراء عادل، والتقط المخرج 'راميل روس' خبر إغلاق هذه 'المدرسة الإصلاحية' لِيُصَمِّمَ الخطوط العريضة لأول أشْرِطَتِه الروائية الطويلة 'فتيان النيكل ' (Nickel Boys)، وقد أُنتج عام 2024، ورُشح لجائزتي أوسكار، عن فئتي أفضل فيلم، وأفضل سيناريو مقتبس عن رواية الكاتب 'كولسون وايتهيد' التي نالت جائزة 'البولتيزر' سنة 2020، واشترك المُخْرِج في كتابة السيناريو مع الكاتبة 'جوسلين بارنز'.
سبق للمخرج الأمريكي الأسْوَد 'راميل روس' ( Ramell Ross ) أن قَدّم شريطًا وثائقيا رُشح لجائزة الأوسكار، بعنوان (Hale County This Morning, This Evening) أو ما يمكن ترجمته ('مقاطعة هيل هذا الصباح، هذا المساء )، قبل أن يُقدّم سنة 2024، أول شريط روائي طويل له ( 140 دقيقة ) بعنوان 'فتيان النيكل' ( Nickel Boys ) الذي يُصَوِّرُ نموذجًا للعنصرية 'المُمَأسَسة' ( أو التي أصبحت جُزْءًا من سياسة المؤسسات الرسمية) واقتبس المخرج موضوع الشريط من رواية نُشرت بنفس الاسم، للكاتب الأمريكي الزّنجي 'كولسون وايتهيد' (Colson Whitehead )، وهو من القلائل الذين فازوا بجائزة 'بوليتزر' مرّتَيْن سنة 2017 وسنة 2020 وتحولت روايتان من رواياته إلى أشرطة سينمائية : 'الجانب الخَطَأ من الجسر' (The Wrong Side of the Bridge ) ورواية 'فتيان النيكل'، وتدور أحداثها حول شابين مسجونين بمدرسة إصلاحية وحشية في ستينيات القرن الماضي.
تدور أحداث الرواية- الشّريط خلال فترة أوائل الستينيات من القرن العشرين، خلال فترة الميز والفصل العنصري، بمنطقة 'تالاهاسي' بولاية فلوريدا، حيث كان يعيش 'إلوود' (الممثل إيثان هيريس)، الشخصية الرئيسية للرواية، وهو مراهق أمريكي أسود، رَبَّتْهُ جدته الشجاعة المُحِبّة 'هاتي' (ممثلة المسرح والسينما 'أونجانيو إليس تايلور' – Aunjanue Ellis-Taylor)، وكان الشاب مُتميِّزًا في دراسته، وتم قُبُوله في برنامج دراسي بكلية في بلدة مجاورة، وهو لا يزال طالبًا بالمدرسة الثانوية، وكان الظّروف مواتية لكي يواصل طريقه نحو التميز الأكاديمي، غير إنه تلقّى ضربة مُدمِّرة، حَوّلت طريقه من المدرسة إلى سجن الأحداث ( القاصرين)
تدور أحداث الشريط حول احتجاز هذا الفتى الأسود 'إلوود' في أكاديمية 'نيكل' ( سجن 'إصلاحي' للمراهقين)، بعد أن سقط ضحية لبعض العَسْف القضائية، والتقى هناك بالشاب 'تيرنر' (الممثل براندون ويلسون)، وارْتَبَطَا بأواصر صداقة ممتدة، تعين كلا منهما على مواجهة بؤس حياتهما.
لا يبدو هذا الحدث استثنائيا بحدّ ذاته فعُنصرية الشّرطة والقضاء الأمريكي ضدّ السّود أمْرٌ مألوف، لكن سعت الرواية والشريط لِرَصْدِ المُمارسات العنصرية ( غير القانونية) وانتهاك الحُرّيات الشخصية في إحدى المدارس الحكومية، وهي المواضيع التي تناولتها الأعمال الوثائقية السابقة للمخرج الذي يُتْقِن تحويل الفِكْرَة أو الرُّؤية إلى صورة مُعبِّرَة تتناول قضايا العنصرية بأشكال فَنِّيّة رائدة، بمنهج سَرْدِي جريء يُصوّر الشريط كله تقريبا من وجهة نظر الشخصيتين الرئيسيتين، 'إلوود' و'تيرنر' ويتعمّد المُخرج استخدام المُعدِّلات التقنية لإرْباك المُشاهد الذي يَضْطَر للإنتباه لكل ما يحدث حول الشّابَّيْن المسجونَيْن، وكأن المُشاهد يعيش بنفسه ذلك الكابوس الذي يعيشُهُ المراهقان اللّذَيْن فقدَا براءتهما بشكل مُبَكِّر، واعتمد المُخرج سَرْدِيّة تباين الأزمنة ( عكس الإلتزام بإطار زمني ثابت) والكشف عن تداعيات الماضي والذّكريات، من خلال الإستعانة بمقاطع وثائق الأرشيف عن العنصرية، أو بإضافة مشاهد من أشرطة السينما العالمية العتيقة، بين كل مشهد وآخر، بما يدعم ويبلور هوية الشريط الذي يحاول خلق توازن بين الوثائقي ( الحقائق أو الواقع) والروائي أو الخيال الفَنِّي والوثائقي، أن يبلغ 'إلوود' عامه السابع عشر.
تم اعتقال الشاب الأسود 'إلوود' خَطَأ على إثر تلبيته دعوة لص سيارات محترف، لتوصيله إلى جامعته في أول أيام السنة الجامعية، وشكّل وُصُول 'إلوود' إلى إصلاحية 'نيكل' فُرصَةً لإزاحة السّتار عن المستقبل المحفوف بالمخاطر للشبان السود، وعن العُنْصُرية السائدة في المجتمع الأمريكي، حيث يتم الفَصْل – حتى داخل 'الأكاديمية الإصلاحية' – بين البيض 'ذوي العرق الأنقى'، والأعراق الأخرى من الأصول الأفريقية، أو الأمريكية الجنوبية، وتمتد هذه العُنصرية ذات الجذور الفاشية إلى ترسيخ سطوة الجنس الأبيض على سائر الألوان، وهو ما يُظْهِرُهُ الشريط في مشهد الاحتفال الرياضي السنوي في الأكاديمية، حيث يجب أن يقتنص النصر فيها أحد السجناء البيض، لأن مدير الإصلاحية العنصري الذي يتابع النشاط الرياضي السنوي، يُصِر على أن يحرز السجناء البيض النّصر، بأي شكل، أما من يُخالف التّعليمات أو يحاول الإعتراض على هذا الظُّلم فمصيره العقاب الذي يتراوح بين العزل أو الإقصاء التام أو القتل العمد ( الإغتيال)…
تمكّن 'إلوود' ورفيقه 'تيرنر' من الهرب من الإصلاحية، وأصبحت حياته تميل نحو الأفضل، لكن تداعيات الماضي تلاحقه، فحَوَّلَها إلى أداة فعالة وناشطة في البحث والتنقيب عن تاريخ هذا المكان الذي ضمّ بعض المقابر الجماعية المليئة بالجثث المجهولة ورفات المحتجزين السود، وبذلك تَحَوّل شقاء ذكريات الماضي إلى مُحفّز لمقاومة الطّغيان، وكلما تقدّم الزّمن ازدادت رغبة 'إلوود' في تحقيق العدالة المفقودة
يرسم السيناريو شخصية 'إلوود' محملة بالغضب الداخلي، الذي لا ينفجر ولا تبزغ بوادره إلا في لحظات نادرة عندما يُساعد غيره، فهو يحاول باستمرار كشف ما يدور داخل الإصلاحية، ويُدَوِّنُ كل ما يحدث، وهكذا نجده يندفع للاشتراك في الاعتصام المدرسي المندد بانتهاكات الرجل الأبيض، ويواجه الإضطهاد والقهر الذي يُمارسه مسؤولو الإصلاحية، ليكشف الهدوء الظّاهري عن شخصية شُجاعة ومتفانية في خدمة الحقيقة والعدالة…
تم ترشيح الشريط للجوائر في عدة مهرجانات، وحصل على جائزة أفضل إخراج في مهرجان ستوكهولم السينمائي، حيث تم وَصْف الشريط بأنه 'بارع ومؤثر يربط الماضي بالحاضر بشأن التاريخ المظلم للعنصرية والفصل العنصري في الولايات المتحدة…'2025-03-19
The post عرض شريط 'فتْيان النِّيكل' ( Nickel Boys ) للمخرج 'راميل روس'!الطاهر المعز first appeared on ساحة التحرير.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 4 أيام
- شفق نيوز
الهرّ الأسود "فلو" يحذّرنا من الكوارث الآتية
ماذا ستفعل لو وجدت نفسك وحيداً في عالَمٍ يغرق؟ ماذا لو خسرت أحباءك ومنزلك وكل ما تملك، وسرت تائهاً بلا وجهة، والمياه تغمر كل شيء؟ ما الذي سيحلّ بنا عندما يأتي الطوفان؟ يدفعنا فيلم الرسوم المتحركة "فلو" إلى طرح هذه الأسئلة، وإلى تخيّل سيناريو ما بعد الكارثة. الفيلم الذي أخرجه اللاتفي غينتس زيلبالوديس، وشارك في كتابته وإنتاجه مع ماتيس كازا، يخلو من أي حوار. يحكي قصة هرّ أسود اسمه فلو، يحاول النجاة من طوفانٍ يجتاح العالم، برفقة مجموعة من الحيوانات الهاربة، ويدعو إلى التفكير في تداعيات تغيّر المناخ على الأرض وسكانها. واعتمد المخرج في تنفيذ العمل على برنامج "بلندر" (Blender) لصناعة الرسوم المتحركة، وقرّر الاستغناء عن الحوار تماماً، فجاء تواصل الحيوانات بأصواتها الطبيعية، من دون أن تُسقَطَ عليها أي صفات أو سمات بشرية. هذا الخيار أضفى على الفيلم طابعاً واقعياً، وجعله متاحاً للجميع، من دون أن تشكّل اللغة عائقاً أمام فهمه. عرض العمل لأول مرة في 22 أيار/مايو 2024 ضمن قسم "نظرة ما" في مهرجان كان السينمائي، ونال جائزة أوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة، وفاز كذلك بجائزة غولدن غلوب لأفضل فيلم رسوم متحركة، إلى جانب جوائز عدّة أخرى، بينها جائزة سيزار الفرنسية عام 2025. وبدأ عرض الفيلم حديثاً في عدد من الدول العربية، من بينها لبنان، والسعودية، والإمارات. كلّ شيء يغرق يخرج "فلو" من منزله وحيداً وخائفاً، بعد أن فقد الأمل في عودة أصحابه. المياه تغمر كلّ شيء، ومنسوبها يستمرّ بالارتفاع. لم يعد بإمكانه البقاء في منزله، عليه أن يهجره ويتحرّك وسط غابةٍ بدأت الفيضانات تجتاحها أيضاً. كلّ ما حوله يغرق ويختفي تحت الماء. الرياح تشتدّ، والمطر لا يتوقّف. الحيوانات الأليفة والبرّية تركض مسرعةً لتنجو، وتكاد تدهسه. في هذه اللحظات، لا أحد يفكّر سوى بالهرب والنجاة من الطوفان. تطفو أمامه جثث حيوانات نافقة، قتلها الفيضان. يتوقّع العلماء أن يشهد العالم مزيداً من الكوارث الطبيعية، وبشكل خاص الفيضانات والحرائق، بوصفها من أبرز تداعيات تغيّر المناخ، التي ستصطحب معها ارتفاعاً غير مسبوق في درجات الحرارة، وهبوب رياح عاتية، وهطول أمطار غزيرة. الفيضانات وارتفاع منسوب المياه سيقابلهما جفاف وندرة في الأمطار. هذان العاملان كفيلان بتدمير الغابات والأراضي الزراعية، وبتهديد التنوع البيولوجي في أي مكان، بما في ذلك الكائنات النادرة المهدَّدة بالانقراض. في الطريق إلى مكان يساعده على تفادي الغرق، يلتقي فلو بحيوانات أخرى ضلّت طريقها، ويختلط عالم البحر بعالم اليابسة. كلّ حيوان يحمل سلوكاً وأطباعاً مختلفة عن الآخر. عليهم الآن أن يعيشوا معاً، بعدما تداخلت عوالمهم: قندس، وصقر جديان، وقرد ليمور، وكلاب أليفة. بعد النجاة، يأتي هَمُّ الغذاء وهَمُّ المبيت. هذان العاملان، اللذان يؤمّنان الاستمرار والاستقرار، سيكونان أيضاً سبباً للنزاع بين الناجين. سيجد الناجون أنفسهم، بعد وقت، على متن سفينة مهجورة. ستكون وسيلة النجاة الوحيدة، ومنها ستبدأ الرحلة في عالم ضربته الكارثة، حيث غمرت المياه المعالم الطبيعية والمناطق السكنية، وما تبقّى من الحضارات والتاريخ. يذكّر هذا المشهد بسفينة نوح، سفينة النجاة التي حملت الناجين من الطوفان الكبير، كما يرد في الكتب المقدسة. ستبحر السفينة وسط الرياح الشديدة والمطر الغزير. وعلى متنها، ستتعلّم الكائنات المختلفة التكاتف والتعاون وبناء علاقات جديدة، كما ستُضطر لاكتساب مهارات مثل العوم، وصيد الأسماك، وقيادة السفينة. فهل سيتعاون البشر مع بعضهم البعض حين تحلّ الكارثة؟ سينما خضراء؟ تناولت السينما العالمية الكوارث الطبيعية في عدد كبير من الأفلام، خاصة في تسعينيات القرن الماضي، لكنها كانت تركّز في الغالب على معاناة الأفراد في مواجهة الخطر، من دون التطرّق مباشرة إلى الأسباب الكامنة وراء هذه الكوارث. ومع تصاعد حملات التوعية حول تغيّر المناخ وتداعياته خلال العقود الأخيرة، بدأ بعض الكتّاب والمخرجين بمحاولة مقاربة هذه الأزمة من منظور أعمق، لا يكتفي فقط برصد النتائج، بل يحاول العودة إلى جذور المشكلة. يرى الناقد السينمائي إلياس دُمّر، في حديث مع بي بي سي عربي، أنّ هناك تحولاً واضحاً في المعالجة السينمائية خلال السنوات الأخيرة. يقول: "في السابق، كانت الكوارث الطبيعية تُقدَّم في الأفلام بوصفها أحداثاً خارقة أو ضرباً من القضاء والقدر، من دون التعمّق في الأسباب الجذرية مثل تغيّر المناخ. ركزت أفلام مثل Twister (الإعصار) الصادر عام 1996، وVolcano (بركان) الصادر عام 1997، على الإثارة والتشويق، ولم تتناول البُعد البيئي أو المناخي بشكل فعليّ". يقول دمّر: "شهدنا عبر السنين، تحوّلاً تدريجياً في اللغة السينمائية تجاه المسؤوليّة البيئيّة. فعلى سبيل المثال، يعتبر فيلم The Day After Tomorrow (بعد غد)، الصادر عام 2004، من أوائل الإنتاجات الهوليوودية الكبرى التي ربطت بوضوح بين التغيّر المناخي والكوارث الطبيعية، رغم ما وُجّه إليه من انتقادات تتعلق بالمبالغة العلميّة". أما فيلم Don't Look Up (لا تنظر إلى الأعلى)، الصادر عام 2021، فقدّم معالجة مجازية وساخرة سلّطت الضوء على اللامبالاة البشريّة تجاه التحذيرات العلميّة، سواء تعلّقت بالمناخ أو بغيره من المخاطر الوجوديّة. الفيلم من بطولة ليوناردو دي كابريو، كايت بلانشيت، ميريل ستريب، وجنيفر لورنس. ويشير مّر إلى أنّ السينما الوثائقية تبدو أكثر حرية في تناول قضايا الواقع، بما في ذلك تغيّر المناخ، إذ إنها لا تخضع غالباً لشروط السوق أو لمعادلات الربح والخسارة، كما أنّ كلفتها الإنتاجية عادة ما تكون أقلّ. ومن بين الأمثلة التي يذكرها، الفيلم الوثائقي Before the Flood (قبل الطوفان)، الصادر عام 2016، من إنتاج ليوناردو دي كابريو بالتعاون مع الأمم المتحدة، والذي يتناول التهديدات المناخية بلُغَة مباشرة. كما يلفت إلى فيلم An Inconvenient Truth (حقيقة غير مريحة)، الذي صدر عام 2006، وفاز بجائزتي أوسكار، ويعدّ - بحسب دمّر - مثالاً بارزاً على التناول الصريح لقضية تغيّر المناخ في السينما العالمية. وثائقي الكوكب المتجمد لبي بي سي يعود بصور فريدة ولقطات حية للانهيار الجليدي يقول إلياس دمّر إنّ "هناك حساسية أكبر تجاه قضايا البيئة بدأت تظهر في هوليوود، خاصة مع تصاعد ضغوط جماعات البيئة والمشاهير الناشطين، مثل ليوناردو دي كابريو وإيما طومسون". ويضيف: "شهدنا أيضاً اتجاهاً متنامياً في بعض المهرجانات السينمائية لتخصيص جوائز أو فئات خاصة بالأفلام البيئية، مثل مهرجان "كان" الذي منح مساحات أوسع للأفلام الوثائقية عن الحياة البرية، أو مهرجان "صندانس" الذي دعم تجارب بيئية مستقلة". لكن، رغم هذه المؤشرات الإيجابية، يرى دمّر أنّ السينما التجارية لا تزال "أسيرة منطق السوق، وبالتالي فإنّ الإنتاج البيئي المباشر لا يحظى غالباً بالزخم نفسه، ما لم يُغلّف بالإثارة أو يحظَ بنجوم كبار". ويتابع قائلاً إنّ هناك تحديات عدّة أمام السينما التي تتناول قضايا المناخ والبيئة. "أولها الجمود الجماهيري"، يوضح دمّر، "فالجمهور عموماً ينجذب إلى الترفيه أكثر من التوعية، ما يضع الأفلام البيئية في موقع صعب على المستوى التجاري". أما التحدي الثاني، بحسب دمّر، فيكمن في "تعقيد القضايا المناخية ذاتها؛ فمن الصعب تبسيط موضوع مثل الاحتباس الحراري أو تأثير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على الأرض بلغة سينمائية جذابة". ويشير أيضاً إلى أنّ "بعض الدول أو الجماهير لا تتقبّل بسهولة الرسائل التي تحمل نقداً ضمنياً للنظام الاقتصادي أو الصناعي، وهو ما يزيد من تعقيد استقبال هذا النوع من الأعمال". أما التحدي الثالث، فيتعلّق بـ"التحفّظات الإنتاجية"، إذ يميل العديد من المنتجين إلى تجنّب المواضيع الواقعية الثقيلة، خوفاً من عدم تحقيق عائدات مضمونة. ويرى دمّر أنّ الحلّ قد يكمن في "الدمج الذكي بين الترفيه والتوعية، عبر خلق شخصيات وقصص إنسانية تتقاطع مع الكوارث البيئية بشكل عاطفي وجذّاب". لكن المفارقة برأيه أنّ صناعة السينما نفسها من بين الأنشطة التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة والوقود، وتخلّف أثراً بيئياً سلبياً، ما قد يتعارض مع الرسائل التي تدعو إلى الحفاظ على البيئة. ومن هنا ظهر مصطلح "السينما الخضراء"، وهي مقاربة تعتمد على استخدام الطاقة النظيفة والتقنيات المستدامة في مواقع التصوير. ويتابع دمّر: "التأثير البيئي لصناعة السينما لا يستهان به، بدءاً من استهلاك الطاقة، مروراً باستخدام الطائرات والشاحنات لنقل الطواقم والمعدّات". ويضيف: "للوصول إلى سينما خضراء، توصي العديد من طاولات النقاش منذ سنوات بتقليل عدد عناصر فرق الإنتاج، وتخفيض التنقّلات، والاعتماد على الطاقة النظيفة في مواقع التصوير، إضافة إلى إعادة تدوير الديكور والأزياء بدلاً من صناعتها من جديد". ويختم دمّر بالقول إنّ "السينما الخضراء ليست حلماً بعيد المنال، لكنها تتطلب تنظيماً حازماً من الهيئات الرسمية، والتزاماً جدياً من داخل الصناعة نفسها، إلى جانب وعي جماهيري يضغط باتجاه هذا التغيير".


ساحة التحرير
١٩-٠٣-٢٠٢٥
- ساحة التحرير
عرض شريط 'فتْيان النِّيكل' ( Nickel Boys ) للمخرج 'راميل روس'!الطاهر المعز
عرض شريط 'فتْيان النِّيكل' ( Nickel Boys ) للمخرج 'راميل روس'! الطاهر المعز يندرج هذا العرض ضمن بَحْثٍ أعدَدْتُهُ حول وضع المساجين في السُّجُون الأمريكية كمرآة للدّيمقراطية التي تتبجّح بها سُلطات الدّولة الإمبريالية المُهيمنة على العالم، في حين لا تزال العُنصرية – رغم الإلغاء القانوني للمَيْز العنصري – تُشكّل إحدى ركائز السُّلطة في الولايات المتحدة… اطّلعتُ على كتاب 'فتيان النيكل' للكاتب الأمريكي الزّنجي 'كولسون وايتهيد' (Colson Whitehead )، وشاهدتُ مقاطع من الشريط الحامل لنفس الإسم، والذي لم أتمكّن من مشاهدته كاملاً وحاولتُ الإطّلاع على أكبر قدر ممكن من تصريحات المُخرج وكتابات النّقّاد وتعليقات المُشاهدين، بهدف إدراج الشريط كمُكمّل للمقال الذي سوف أنشُرُه لاحقًا عن السّجون الأمريكية كقطاع اقتصادي يستغل ملايين المساجين الذين انعدمت حقوقهم كعمال وكمواطنين وكبشر… تداولت الأخبار المحلية بولاية فلوريدا سنة 2011، نَبَأَ إغلاق مدرسة 'أرثر دوزير' الإصلاحية في فلوريدا، بعد أن ظلت تقدم، لسنوات طويلة، خدمات الدعم التأهيلي للأطفال والمراهقين، وكان نَشْرُ الخبر مناسبةً للإطلاع – بالوثائق والصُّوَر – على ما كان يدور خلف أسْوار المدرسة من انتهاكات مُنتظمة، لا تُفَرّق بين الطفل واليافع، لأن القائمين على هذه 'الإصلاحية' كانوا يُؤمنون إن المساواة في التعذيب إجراء عادل، والتقط المخرج 'راميل روس' خبر إغلاق هذه 'المدرسة الإصلاحية' لِيُصَمِّمَ الخطوط العريضة لأول أشْرِطَتِه الروائية الطويلة 'فتيان النيكل ' (Nickel Boys)، وقد أُنتج عام 2024، ورُشح لجائزتي أوسكار، عن فئتي أفضل فيلم، وأفضل سيناريو مقتبس عن رواية الكاتب 'كولسون وايتهيد' التي نالت جائزة 'البولتيزر' سنة 2020، واشترك المُخْرِج في كتابة السيناريو مع الكاتبة 'جوسلين بارنز'. سبق للمخرج الأمريكي الأسْوَد 'راميل روس' ( Ramell Ross ) أن قَدّم شريطًا وثائقيا رُشح لجائزة الأوسكار، بعنوان (Hale County This Morning, This Evening) أو ما يمكن ترجمته ('مقاطعة هيل هذا الصباح، هذا المساء )، قبل أن يُقدّم سنة 2024، أول شريط روائي طويل له ( 140 دقيقة ) بعنوان 'فتيان النيكل' ( Nickel Boys ) الذي يُصَوِّرُ نموذجًا للعنصرية 'المُمَأسَسة' ( أو التي أصبحت جُزْءًا من سياسة المؤسسات الرسمية) واقتبس المخرج موضوع الشريط من رواية نُشرت بنفس الاسم، للكاتب الأمريكي الزّنجي 'كولسون وايتهيد' (Colson Whitehead )، وهو من القلائل الذين فازوا بجائزة 'بوليتزر' مرّتَيْن سنة 2017 وسنة 2020 وتحولت روايتان من رواياته إلى أشرطة سينمائية : 'الجانب الخَطَأ من الجسر' (The Wrong Side of the Bridge ) ورواية 'فتيان النيكل'، وتدور أحداثها حول شابين مسجونين بمدرسة إصلاحية وحشية في ستينيات القرن الماضي. تدور أحداث الرواية- الشّريط خلال فترة أوائل الستينيات من القرن العشرين، خلال فترة الميز والفصل العنصري، بمنطقة 'تالاهاسي' بولاية فلوريدا، حيث كان يعيش 'إلوود' (الممثل إيثان هيريس)، الشخصية الرئيسية للرواية، وهو مراهق أمريكي أسود، رَبَّتْهُ جدته الشجاعة المُحِبّة 'هاتي' (ممثلة المسرح والسينما 'أونجانيو إليس تايلور' – Aunjanue Ellis-Taylor)، وكان الشاب مُتميِّزًا في دراسته، وتم قُبُوله في برنامج دراسي بكلية في بلدة مجاورة، وهو لا يزال طالبًا بالمدرسة الثانوية، وكان الظّروف مواتية لكي يواصل طريقه نحو التميز الأكاديمي، غير إنه تلقّى ضربة مُدمِّرة، حَوّلت طريقه من المدرسة إلى سجن الأحداث ( القاصرين) تدور أحداث الشريط حول احتجاز هذا الفتى الأسود 'إلوود' في أكاديمية 'نيكل' ( سجن 'إصلاحي' للمراهقين)، بعد أن سقط ضحية لبعض العَسْف القضائية، والتقى هناك بالشاب 'تيرنر' (الممثل براندون ويلسون)، وارْتَبَطَا بأواصر صداقة ممتدة، تعين كلا منهما على مواجهة بؤس حياتهما. لا يبدو هذا الحدث استثنائيا بحدّ ذاته فعُنصرية الشّرطة والقضاء الأمريكي ضدّ السّود أمْرٌ مألوف، لكن سعت الرواية والشريط لِرَصْدِ المُمارسات العنصرية ( غير القانونية) وانتهاك الحُرّيات الشخصية في إحدى المدارس الحكومية، وهي المواضيع التي تناولتها الأعمال الوثائقية السابقة للمخرج الذي يُتْقِن تحويل الفِكْرَة أو الرُّؤية إلى صورة مُعبِّرَة تتناول قضايا العنصرية بأشكال فَنِّيّة رائدة، بمنهج سَرْدِي جريء يُصوّر الشريط كله تقريبا من وجهة نظر الشخصيتين الرئيسيتين، 'إلوود' و'تيرنر' ويتعمّد المُخرج استخدام المُعدِّلات التقنية لإرْباك المُشاهد الذي يَضْطَر للإنتباه لكل ما يحدث حول الشّابَّيْن المسجونَيْن، وكأن المُشاهد يعيش بنفسه ذلك الكابوس الذي يعيشُهُ المراهقان اللّذَيْن فقدَا براءتهما بشكل مُبَكِّر، واعتمد المُخرج سَرْدِيّة تباين الأزمنة ( عكس الإلتزام بإطار زمني ثابت) والكشف عن تداعيات الماضي والذّكريات، من خلال الإستعانة بمقاطع وثائق الأرشيف عن العنصرية، أو بإضافة مشاهد من أشرطة السينما العالمية العتيقة، بين كل مشهد وآخر، بما يدعم ويبلور هوية الشريط الذي يحاول خلق توازن بين الوثائقي ( الحقائق أو الواقع) والروائي أو الخيال الفَنِّي والوثائقي، أن يبلغ 'إلوود' عامه السابع عشر. تم اعتقال الشاب الأسود 'إلوود' خَطَأ على إثر تلبيته دعوة لص سيارات محترف، لتوصيله إلى جامعته في أول أيام السنة الجامعية، وشكّل وُصُول 'إلوود' إلى إصلاحية 'نيكل' فُرصَةً لإزاحة السّتار عن المستقبل المحفوف بالمخاطر للشبان السود، وعن العُنْصُرية السائدة في المجتمع الأمريكي، حيث يتم الفَصْل – حتى داخل 'الأكاديمية الإصلاحية' – بين البيض 'ذوي العرق الأنقى'، والأعراق الأخرى من الأصول الأفريقية، أو الأمريكية الجنوبية، وتمتد هذه العُنصرية ذات الجذور الفاشية إلى ترسيخ سطوة الجنس الأبيض على سائر الألوان، وهو ما يُظْهِرُهُ الشريط في مشهد الاحتفال الرياضي السنوي في الأكاديمية، حيث يجب أن يقتنص النصر فيها أحد السجناء البيض، لأن مدير الإصلاحية العنصري الذي يتابع النشاط الرياضي السنوي، يُصِر على أن يحرز السجناء البيض النّصر، بأي شكل، أما من يُخالف التّعليمات أو يحاول الإعتراض على هذا الظُّلم فمصيره العقاب الذي يتراوح بين العزل أو الإقصاء التام أو القتل العمد ( الإغتيال)… تمكّن 'إلوود' ورفيقه 'تيرنر' من الهرب من الإصلاحية، وأصبحت حياته تميل نحو الأفضل، لكن تداعيات الماضي تلاحقه، فحَوَّلَها إلى أداة فعالة وناشطة في البحث والتنقيب عن تاريخ هذا المكان الذي ضمّ بعض المقابر الجماعية المليئة بالجثث المجهولة ورفات المحتجزين السود، وبذلك تَحَوّل شقاء ذكريات الماضي إلى مُحفّز لمقاومة الطّغيان، وكلما تقدّم الزّمن ازدادت رغبة 'إلوود' في تحقيق العدالة المفقودة يرسم السيناريو شخصية 'إلوود' محملة بالغضب الداخلي، الذي لا ينفجر ولا تبزغ بوادره إلا في لحظات نادرة عندما يُساعد غيره، فهو يحاول باستمرار كشف ما يدور داخل الإصلاحية، ويُدَوِّنُ كل ما يحدث، وهكذا نجده يندفع للاشتراك في الاعتصام المدرسي المندد بانتهاكات الرجل الأبيض، ويواجه الإضطهاد والقهر الذي يُمارسه مسؤولو الإصلاحية، ليكشف الهدوء الظّاهري عن شخصية شُجاعة ومتفانية في خدمة الحقيقة والعدالة… تم ترشيح الشريط للجوائر في عدة مهرجانات، وحصل على جائزة أفضل إخراج في مهرجان ستوكهولم السينمائي، حيث تم وَصْف الشريط بأنه 'بارع ومؤثر يربط الماضي بالحاضر بشأن التاريخ المظلم للعنصرية والفصل العنصري في الولايات المتحدة…'2025-03-19 The post عرض شريط 'فتْيان النِّيكل' ( Nickel Boys ) للمخرج 'راميل روس'!الطاهر المعز first appeared on ساحة التحرير.


موقع كتابات
١٧-٠٣-٢٠٢٥
- موقع كتابات
'شون بن'.. يمتلك جاذبية وحضور علي الشاشة ويدعم القضايا الإنسانية
خاص: إعداد- سماح عادل 'شون بن' ممثل ومخرج سينمائي أمريكي. اشتهر بأدواره القيادية المميزة في السينما. حاز خلال مسيرته الفنية على العديد من الجوائز، منها جائزتا أوسكار، وجائزة غولدن غلوب، وجائزة نقابة ممثلي الشاشة، بالإضافة إلى ترشيحات لثلاث جوائز بافتا للأفلام. حصل بن على جائزة سيزار فخرية عام ٢٠١٥. حياته.. ولد في سانتا مونيكا، كاليفورنيا، للممثل والمخرج 'ليو بن' والممثلة 'إيلين رايان' شقيقه الأكبر هو الموسيقي 'مايكل بن'. توفي شقيقه الأصغر، الممثل 'كريس بن'، عام 2006. كان والده يهوديا مهاجرا من ميركيني في ليتوانيا، وكانت والدته كاثوليكية من أصول أيرلندية وإيطالية. نشأ في منزل علماني في ماليبو، كاليفورنيا، وتلقى تعليمه في مدرسة ماليبو بارك الإعدادية ومدرسة سانتا مونيكا الثانوية. بدأ في إنتاج أفلام قصيرة مع بعض أصدقاء طفولته، بمن فيهم الممثلان 'إميليو إستيفيز وتشارلي شين'، اللذان كانا يعيشان بالقرب من منزله. ظهر في حلقة عام ١٩٧٤ من مسلسل التلفزيوني 'البيت الصغير على البراري' ككومبارس، حيث أخرج والده، ليو، بعض الحلقات. بدأ بين مسيرته السينمائية بفيلم الأكشن الدرامي 'تابس' (١٩٨١)، حيث لعب دور طالب في مدرسة ثانوية عسكرية. في العام نفسه. ظهر لأول مرة على مسرح برودواي في مسرحية 'هارتلاند' للكاتب كيفن هيلان على مسرح سينشري. بعد عام، ظهر في الفيلم الكوميدي الناجح 'أوقات سريعة في ريدجمونت هاي' (١٩٨٢)، بدور راكب الأمواج جيف سبيكولي؛ وقد ساهمت شخصيته في ترويج كلمة 'شاب' في الثقافة الشعبية. بعد ذلك، ظهر بين بدور ميك أوبراين، الشاب المضطرب، في فيلم 'أولاد سيئون' (١٩٨٣).نال هذا الدور استحسانا واسعا من بين، وأطلق مسيرته الفنية كممثل جاد. عاد إلى برودواي في العام نفسه، حيث شارك في مسرحية 'سلاب بويز' لجون بيرن، إلى جانب كيفن بيكون، وفال كيلمر، وجاكي إيرل هالي، ومادلين بوتر، على مسرح بلاي هاوس. جسّد بين دور أندرو دالتون لي في فيلم 'الصقر ورجل الثلج' (1985)، الذي تناول قصة جنائية حقيقية. كان لي تاجر مخدرات سابقًا، أُدين بالتجسس لصالح الاتحاد السوفيتي، وحُكم عليه بالسجن المؤبد، لكن أُفرج عنه بشروط عام 1998. عين بين لاحقًا لي كمساعد شخصي له، ويعود ذلك جزئيا إلى رغبته في مكافأة لي على سماحه له بتجسيد دوره في الفيلم؛ كما كان بين مؤمنا بشدة بإعادة التأهيل، ورأى أنه يجب إعادة دمج لي بنجاح في المجتمع، بما أنه أصبح رجلا حرا مرة أخرى. تألق بين في الدراما 'على مقربة' (1986) التي نالت استحسان النقاد. توقف عن التمثيل لبضع سنوات في أوائل التسعينيات، لعدم رضاه عن الصناعة، وركز على أول تجربة إخراجية له. في عام 1990، جسّد بين دور المحقق تيري نونان في فيلم 'حالة النوار' (State of Grace) مع إد هاريس وغاري أولدمان. في العام التالي، بدأ بين مسيرته الإخراجية بفيلم 'العداء الهندي' (1991)، وهو فيلم درامي جريمة مقتبس من أغنية 'Highway Patrolman' لبروس سبرينغستين، من ألبوم 'نبراسكا' الصادر عام 1982. كتبت جانيت ماسلين من صحيفة نيويورك تايمز: 'مع محاولته المستمرة لمخاطر الانغماس في الذات، لا يزال السيد بن قادرا على الحفاظ على طابع الارتجال في هذه الدراما العائلية المؤلمة دون أن يصبح طاغيا. فرغم كل تجاوزاته الغامضة، نادرًا ما يغفل الفيلم عن جوهر قصته الخام.' كما أخرج فيديوهات موسيقية، مثل أغنية 'Dance with the One That Brought You' لشانيا توين (1993)، وأغنية 'North Dakota' لـ لايل لوفيت (1993). بعد انقطاع قصير عن التمثيل، عاد ليشارك في بطولة فيلم الجريمة الدرامي 'Carlito's Way' للمخرج برايان دي بالما (1993)، حيث مثل أمام آل باتشينو. كتب الناقد السينمائي ليونارد كلادي من مجلة فارايتي عن أدائه قائلا: 'يذكر بن المشاهدين بما فاتهم في أدائه لدور محامي كارليتو الطموح وغير الأخلاقي. دون أن ينحدر إلى مستوى الكاريكاتير، يجسد ببراعة أبشع ما في هذه المهنة.' رشح بن لجائزة غولدن غلوب لأفضل ممثل مساعد – فيلم سينمائي. كما أخرج فيلم الإثارة المستقل 'حارس العبور' (1995) من بطولة جاك نيكلسون. وكتبت جانيت ماسلين من صحيفة نيويورك تايمز: 'بن مخرج سينمائي قوي، سواء أكان يهاجم جمهوره بالواضح أم يصر على الصدق والصدق. فيلمه الثاني… يتمتع بنفس القوة الغاشمة التي جعلت من فيلمه 'العداء الهندي' عملا غريبا آسرا، يحمل بصمة أسلوب السيد بن الخام والباحث'. في العام نفسه، شارك في بطولة دراما الجريمة التي أخرجها تيم روبنز، والتي جسد فيها دور قاتل عنصري محكوم عليه بالإعدام في فيلم 'الرجل الميت يمشي' (1995). كتب الناقد روجر إيبرت: 'يثبت بن مجددا أنه أقوى ممثل في جيله' رشح لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل عن أدائه. في العام التالي، مثّل في الدراما الرومانسية 'إنها جميلة جدًا' (1997) للمخرج نيك كاسافيتس، أمام زوجته آنذاك روبن رايت بن. قارنت ليزا شوارزباوم من مجلة إنترتينمنت ويكلي الفيلم بأعمال جون كاسافيتس، وكتبت أن أداء بن 'مليء بالعاطفة والموهبة'. فاز بن بجائزة أفضل ممثل في مهرجان كان السينمائي. في العام نفسه، مثّل في دراما الجريمة 'يو تيرن' من إخراج أوليفر ستون، وفيلم الإثارة والغموض 'اللعبة' للمخرج ديفيد فينشر. في عام ١٩٩٧، لعب دور البطولة في الدراما المستقلة 'هيرلي بورلي' المقتبسة من مسرحية تحمل الاسم نفسه للكاتب ديفيد رابي عام ١٩٨٤. كتب بيتر برادشو من صحيفة الغارديان: 'ينتهي الأمر بشون بن مسيطرًا على الفيلم، يتدفق القلق والغضب من كل جانب. جاذبيته وحضوره على الشاشة لا يُنكر'. فاز عن أدائه بجائزة فولبي لأفضل ممثل في مهرجان البندقية السينمائي الدولي. في العام نفسه، لعب دورا رئيسيا في ملحمة تيرينس ماليك حول معركة غوادالكانال خلال الحرب العالمية الثانية في فيلم 'الخط الأحمر الرفيع' (١٩٩٨)، المقتبس عن رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب جيمس جونز عام ١٩٦٢. في العام التالي. كان بن صريحا في دعمه للعديد من القضايا السياسية والاجتماعية. في الفترة من ١٣ إلى ١٦ ديسمبر ٢٠٠٢، زار العراق احتجاجا على خطط إدارة بوش الواضحة لشن ضربة عسكرية على العراق. في ١٠ يونيو ٢٠٠٥، زار بن إيران، حيث حضر صلاة الجمعة في جامعة طهران، بصفته صحفيًا في مهمة لصحيفة سان فرانسيسكو كرونيكل. في ٧ يناير ٢٠٠٦، كان بن ضيفا خاصا في مؤتمر الديمقراطيين التقدميين الأمريكيين، حيث انضم إليه الكاتب والناقد الإعلامي نورمان سولومون والناشطة سيندي شيهان في 'منتدى الخروج من العراق' في ساكرامنتو، كاليفورنيا، والذي نُظم لدعم وتعزيز الحركة المناهضة لحرب العراق. في 18 ديسمبر 2006، حصل بن على جائزة كريستوفر ريف للتعديل الأول من الائتلاف الإبداعي لالتزامه بحرية التعبير. في أغسطس 2008، حضر بن إحدى مظاهرات رالف نادر 'افتحوا النقاشات' الكبرى، احتجاجا على استبعاد نادر ومرشحين آخرين من أحزاب ثالثة. في أكتوبر 2008، زار بن كوبا، حيث التقى بالرئيس الكوبي آنذاك راؤول كاسترو وأجرى معه مقابلة. في عام 2021، ندد بن بثقافة الإلغاء، واصفا إياها بأنها 'سخيفة'. في 18 أكتوبر 2002، نشر بين إعلانا بقيمة 56,000 دولار في صحيفة واشنطن بوست، مطالبًا علنًا الرئيس آنذاك جورج دبليو بوش بإنهاء الأعمال العدائية العسكرية في العراق وأماكن أخرى. كُتب الإعلان كرسالة مفتوحة، وأشار إلى الهجوم المُخطط له على العراق والحرب على الإرهاب. في الرسالة، انتقد بين أيضا إدارة بوش 'لتفكيكها للحريات المدنية' و'نظرتها المبسطة والمحرضة على الخير والشر'. زار بين العراق لفترة وجيزة في ديسمبر 2002. في ١٩ أبريل ٢٠٠٧، ظهر بن في برنامج 'ذا كولبير ريبورت' وأجرى مناظرة 'ميتا-فري-فور-أل' ضد ستيفن كولبير، والتي حكم عليها روبرت بينسكي بعد انتقادات بن لبوش. في المقابلة، قال بن: 'نرتجف خوفًا وأنتم تشيرون بأصابعكم إلينا لدعم قواتنا. أنتم والمعلقون المتملقون في جيوبكم أولئك الذين يستحمون في رطوبة ملابسكم الداخلية المتسخة والملطخة بالدماء يمكنكم تحمل هذا الضجيج والتخلي عنه.' فاز بن في المناظرة بعشرة ملايين نقطة مقابل نقطة واحدة لكولبير.