logo
#

أحدث الأخبار مع #OMFIF

«بوندسبنك».. وإصلاح أوروبا
«بوندسبنك».. وإصلاح أوروبا

صحيفة الخليج

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • صحيفة الخليج

«بوندسبنك».. وإصلاح أوروبا

وُصفت خطة ألمانيا للإنفاق الباذخ بأنها «مُغيرة لقواعد اللعبة»، ولكن الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن البنك المركزي الألماني «بوندسبنك» يبدو مؤيداً لها. وهذا التغيير الجذري في موقفه يزيد من فرص نجاح الاتحاد الأوروبي في تنفيذ خطته التي طال انتظارها لإنعاش الاقتصاد، لا سيما في ظل احتدام الحرب التجارية العالمية. ونجح المستشار الألماني المُنتظر، فريدريش ميرز، مؤخراً في تسريع إصلاح نظام كبح الديون في البلاد، والذي يحد حالياً من عجز الموازنة إلى 0.35% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك لتمكين أكبر اقتصاد في أوروبا من زيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير، وإنشاء صندوق بقيمة 500 مليار يورو لإصلاح البنية التحتية المتهالكة. وفي الشهر الماضي، اقترح البنك المركزي إصلاحاً خاصاً، يسمح بزيادة اقتراض الحكومة الألمانية إلى حد أقصى قدره 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي، إذا كان الدين أقل من 60% من ذلك الناتج، مع تخصيص النصيب الأكبر للاستثمار. وفي الوقت الذي كان فيه تدخل البنك المركزي الألماني أقل طموحاً مما قدمه ميرز، إلا أنه ربما كان أكثر إثارة للدهشة؛ إذ لطالما عارض المركزي الألماني بشراسة زيادة الديون. في غضون ذلك، ورد في بيان للمنتدى الرسمي للمؤسسات النقدية والمالية «OMFIF» أنه «بالنسبة لمؤسسة مصرفية أسست على مدى العقود الماضية سمعة راسخة في رفض السياسات التي تُعدّ تضخمية أو مزعزعة للاستقرار، بدأ المركزي الألماني يكتسب خبرة واسعة في قول «نعم» بدلاً من «لا». وهذا تغيير مرحّب به، فألمانيا بحاجة ماسة إلى الاستثمار في البنية التحتية. وبالنظر إلى قوتها التاريخية في الهندسة، فإن زيادة الإنفاق الدفاعي قد تمكنها من أن تُصبح لاعباً رئيسياً في هذا القطاع، مع تعزيز البحث والتطوير على نطاق أوسع. وعلى الرغم من أن مراقبي التضخم سيشعرون بالقلق من العواقب، فإن ألمانيا لديها مجال واسع للاقتراض مقارنة بنظرائها. فبعد سنوات من الخمول، لم يحقق الاقتصاد أي نمو يُذكر، بل انخفض تضخم مؤشر أسعار المستهلك بشكل حاد من ذروته في عام 2022 إلى 2.2% فقط في مارس/آذار. علاوة على ذلك، يقدّر جيل مويك، كبير الاقتصاديين في مجموعة «أكسا»، أن التحول المالي في ألمانيا قد يكون ذاتي التمويل في نهاية المطاف؛ حيث ستعوض عوائد النمو الاقتصادي الأقوى ارتفاع تكلفة الاقتراض التي يتطلبها سوق السندات. وهذه أخبارٌ رحّب بها المستثمرون بشغف، ورفعت المعنويات بشكل كبير في مارس. حيث صعد مؤشر ثقة الاقتصاد لمعهد ZEW للأبحاث الاقتصادية إلى 51.6 نقطة، من 26.0 نقطة في فبراير/شباط، وطالت التأثيرات جميع أنحاء الاتحاد، مع نمو أسهم شركات الطيران والدفاع والبنوك الأوروبية في الربع الأول. وبالطبع، قد يعيق قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية متبادلة على شركائه التجاريين العمل؛ إذ سيُعطل سلاسل التوريد، ما يسبّب ارتفاعاً حاداً في الأسعار، ويُلحق الضرر بالنمو العالمي. وقد أثر «يوم التحرير» الذي أعلنه ترامب بالفعل سلباً في الأسهم العالمية. ولكن، على أي حال، فإن صدمة الرسوم الجمركية تجعل تغيير البنك المركزي الألماني لموقفه أكثر ترحيباً. ويحتل «بوندسبنك» مكانة مرموقة في المجتمع الألماني. فقد تأسس البنك عام 1957، وكان حصناً منيعاً ضد التضخم، الذي تفشى بشكل ملحوظ في عشرينيات القرن الماضي. كما لعب دوراً محورياً في إعادة توحيد ألمانيا بعد نهاية الحرب الباردة، وشارك بشكل وثيق في إنشاء العملة الأوروبية الموحدة. ولم يتردد المركزي الألماني في معارضة سياسات الحكومة. فخلال أزمة منطقة اليورو، قاوم العديد من الإجراءات الاستثنائية التي أثبتت في النهاية أنها حاسمة في منع انهيار الكتلة. لكن هذا الموقف تغير بقيادة يواكيم ناجل، الذي قال إن الأوقات الاستثنائية تبرر اتخاذ إجراءات مالية استثنائية. ويُعدّ هذا التحول في المؤشرات مهماً. فمع تقارب البنك المركزي الألماني والحكومة الألمانية في السياسة المالية، من الممكن أن تخفف برلين أيضاً من معارضتها لإجراءات أخرى على مستوى الكتلة، مثل الاقتراض المشترك. كل هذا أمرٌ بالغ الأهمية، لأن الاتحاد الأوروبي يمتلك الآن خطة للإنعاش الاقتصادي وضعها رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراجي، ومفوضية أوروبية عازمة على تنفيذها. ولم تكتفِ المفوضية بقبول دعوة دراجي للاتحاد الأوروبي لإنفاق ما يصل إلى 800 مليار يورو سنوياً لإنعاش النمو، بل إنها تتبع أيضاً توصيات حاسمة أخرى، مثل خفض لوائح الاتحاد الأوروبي ومتطلبات الإبلاغ عن الشركات، وإنشاء اتحادات للادخار والاستثمار والطاقة. ورغم أن هذه القائمة من المهام شاقة بطبيعة الحال، فإن عقبة رئيسية أزيلت من طريق الاتحاد الأوروبي في سباقه للتكيف مع المشهد الاقتصادي العالمي سريع التغير، وهي تعنّت البنك المركزي الألماني. وكما هو الحال اليوم، يعود الفضل في ذلك، إلى حدٍ كبير، إلى دونالد ترامب. ففي الأوقات الاستثنائية، يصبح المستحيل ممكناً. *مدير الاتصالات السابق في بنك إنجلترا، ومحرر سابق في «رويترز»

"فايننشال تايمز": هل يفقد العالم الثقة في الدولار الأميركي؟
"فايننشال تايمز": هل يفقد العالم الثقة في الدولار الأميركي؟

الميادين

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • الميادين

"فايننشال تايمز": هل يفقد العالم الثقة في الدولار الأميركي؟

صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تنشر تقريراً يناقش التحوّلات الكبرى في مكانة الدولار الأميركي عالمياً وتأثير سياسات إدارة ترامب على النظام المالي الدولي. والتقرير يفيد بأنّ سياسات ترامب الاقتصادية قد تزعزع الثقة العالمية بالدولار الأميركي وتغيّر النظام المالي الدولي بشكل جذري، مما يضع الولايات المتحدة في موقف غير مسبوق من التراجع المالي والجيوسياسي. أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية: في 15 آب/أغسطس 1971، قاطع الرئيس ريتشارد نيكسون حلقة من مسلسل "بونانزا" ليعلن عن "سياسة اقتصادية جديدة" للعائلات الأميركية المجتمعة أمام شاشات التلفاز مساء ذلك الأحد. ومن بين الإجراءات الكثيرة التي حدّدها الرئيس، فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على الواردات، وتعليق قابلية تحويل الدولار الأميركي إلى ذهب. كان نيكسون أكثر قلقاً بشأن ردّ الفعل السياسي العنيف للأميركيين، الذين كانوا يتوقّعون قضاء أمسيتهم مع عائلة كارترايت في مزرعة "بونديروسا"، من "الرأسماليين الدوليين" الخبيثين الذين استهدفهم إعلانه. وكانت عواقب هذه الإجراءات وخيمة؛ فعلى الرغم من كونها إجراءات مؤقتة، إلا أنّ الولايات المتحدة لن تعود أبداً إلى ما يُسمّى بالمعيار الذهبي. وما عُرف لاحقاً بـ"صدمة نيكسون" شكَّل نهاية حقبة مالية وبداية أخرى جديدة. وانتهى العمل بالإطار النقدي العالمي، الذي تمّ التوصّل إليه في فندق "ماونت واشنطن" بولاية نيو هامبشير خلال مؤتمر "بريتون وودز" في عام 1944. في المقابل، ساعدت "صدمة نيكسون" في إدخال عصر جديد من العملات العائمة التي يمكن تداولها بحرية، ونشأة الائتمان السريع، وتدفّقات رأس المال العالمية، غير المرتبطة بالذهب وغير المقيّدة على نحو مطّرد من قبل الحكومات. وبعد أكثر من نصف قرن، يواجه العالم صدمةً بالقوة نفسها. ففي وقت سابق من هذا الشهر، كشفت إدارة دونالد ترامب عن نظام رسوم جمركية صارم، بحيث صدم حجم الرسوم والمنهجية السطحية التي استندت إليها حتى الكثير من المؤيدين لهذه الإدارة. وفي مواجهة التمرّد في الأسواق المالية، أعلن الرئيس عن تعليق جزئيّ لهذه الرسوم لمدة 90 يوماً، لكنّ المستثمرين ما زالوا قلقين. والدولار، الذي يرتفع عادةً في أوقات الأزمات المالية والاقتصادية، انخفض بشكل حاد. ولكن في ظلّ موقف عدواني متزايد تجاه الحلفاء التاريخيين وموقف متناقض تجاه هيمنة الدولار من جانب بعض الشخصيات الرئيسة في الإدارة، أجبرت هذه الخطوة المستثمرين والمحللين في جميع أنحاء العالم على مواجهة إمكانية ظهور عصر جديد قد تتلاشى فيه هيمنة الدولار الأميركي أو تنتهي حتى. وفي هذا السياق، قال مارك سوبيل، الرئيس الأميركي لمركز "OMFIF"، وهو مركز أبحاث مالي، ومسؤول كبير سابق في وزارة الخزانة الأميركية: "الحرب التجارية ليست سوى أحدث مثال على استخفاف هذه الإدارة ببقية العالم. إنّ كون الولايات المتحدة شريكاً وحليفاً موثوقاً يُعدّ ركيزة أساسية لهيمنة الدولار الأميركي، واليوم ذهبت هذه الركيزة أدراج الرياح". هناك سؤالان مرتبطان ولكنهما مختلفان قليلاً يتمّ طرحهما اليوم في مختلف المراكز المالية العالمية بعد "صدمة ترامب". أولهما، إلى أيّ مدى يمكن أن يصل انخفاض قيمة الدولار الأخير؟ يمتلك الأجانب 19 تريليون دولار من الأسهم الأميركية، و7 تريليونات دولار من سندات الخزانة الأميركية، و5 تريليونات دولار من سندات الشركات الأميركية، وفقاً لكبير الاقتصاديين في شركة "أبولو"، تورستن سلوك. وفي حال بدأ بعض هؤلاء المستثمرين بتقليص حجم استثماراتهم، فستتعرّض قيمة الدولار لضغوط مستمرة. ثانياً، إذا اكتسبت التدفّقات الخارجية زخماً، فهل يُمكن أن تُؤدي في نهاية المطاف إلى تقويض الدور المميّز للدولار في الاقتصاد العالمي والنظام المالي؟ على الرغم من أنّ قيمة الدولار شهدت ارتفاعاً وانخفاضاً مستمراً، وسعي النقّاد المتواصل إلى تقويضه، إلا أنّ هيمنة الدولار ظلت ثابتة. ومع ذلك، يعتقد بعض المحللين والمستثمرين اليوم أنّ حجم "صدمة ترامب" قد ينهي ما يقرب من قرن من هيمنة الدولار. وقد أشار غريغوري بيترز، الرئيس التنفيذي المشارك لشؤون الاستثمار في شركة "PGIM Fixed Income" إلى أنّ "الولايات المتحدة استفادت من وضع العملة الاحتياطية لمدة 100 عام. ولم يستغرق الأمر سوى أقل من 100 يوم لزعزعة هذا الوضع. وهذا أمرٌ خطير للغاية". عندما حضر وزير الخزانة في عهد نيكسون، جون كونالي، اجتماع مجموعة الدول العشر في روما بعد وقت قصير من إنهاء الولايات المتحدة لقابلية تحويل الدولار، قال رجل تكساس المتبجّح لنظرائه الدوليين المصدومين: "الدولار عملتنا، ولكنه مشكلتكم". أما وجهة نظر إدارة ترامب فهي معاكسة تماماً: الدولار عملة الجميع، ولكنه مشكلة أميركا. وعلى الرغم من قيام نيكسون بفكّ ارتباط الدولار بالذهب في عام 1971، بقيت العملة الخضراء في مركز العالم النقدي. وبسبب أهمية الدولار في النظام المالي العالمي المتوسّع والمترابط بشكل مطّرد، ازدادت أهميته. وبدلاً من أن تُضعفه "صدمة نيكسون"، رسّخته بطرق جديدة. أما في عصرنا الحالي، فلا تُمثّل الولايات المتحدة سوى ربع الاقتصاد العالمي تقريباً، إلا أنّ أكثر من 57% من احتياطيات العالم الرسمية من العملات الأجنبية مُقوّمة بالدولار، وفقاً لصندوق النقد الدولي. وفي حين جرى الحديث كثيراً عن التراجع النسبي في احتياطيات البنوك المركزية على مدى العقود القليلة الماضية، فإنّ إحصاءات الاحتياطيات قد تقلل من أهمية الدولار. وهناك الكثير من الثروات الأخرى من الأموال السيادية وشبه السيادية التي لا تشملها بيانات صندوق النقد الدولي بشأن احتياطيات النقد الأجنبي، وسواء كنت مصرفاً في منغوليا، أو خطة تقاعد في تشيلي، أو مجموعة تأمين أوروبية، أو صندوق تحوّط في سنغافوريا، فإنّ الدولارات تُشكّل الأصول الاحتياطية النهائية. يحتّل الدولار مكانة مركزية في قطاع التجارة، بحيث تبلغ نسبة فواتير التصدير المقوّمة بالدولار 54%، وفقاً للمجلس الأطلسي. أما في قطاع التمويل، فتتّسم هيمنته بشمولية أكبر. إذ تبلغ نسبة القروض والودائع الدولية المقوّمة بالدولار 60%، ونسبة إصدارات السندات الدولية 70%. وفي مجال صرف العملات الأجنبية، تبلغ نسبة المعاملات التي تتضمّن الدولار 88%. بالإضافة إلى ذلك، يتمّ تداول الأوراق النقدية الأميركية على نطاق واسع في الخارج نتيجة القبول الواسع للدولار. وبحسب البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، يمتلك الأجانب نحو نصف الأوراق النقدية الأميركية المصدّرة والتي تبلغ قيمتها أكثر من 2 تريليون دولار. إنّ الطلب الدولي الهائل على الدولار يترجم إلى علاوة مضمّنة على الأصول الأميركية ويعني أنّ الولايات المتحدة تقترض بتكاليف أقلّ ممّا كانت لتفعل لولا ذلك، وهو ما أشار إليه الرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكار ديستان ذات يوم بأنه "الامتياز الباهظ" للولايات المتحدة. كما أنه يمنح الولايات المتحدة القدرة على تخريب النظام المالي لأيّ دولة أخرى من خلال العقوبات. 17 نيسان 09:31 16 نيسان 14:24 ومع ذلك، يزعم كثيرون في إدارة ترامب أن تكاليف وضع الدولار كاحتياطي تفوق فوائده، من خلال جعل العملة الأميركية قوية أكثر من اللازم وإلحاق الضرر بالمُصدّرين الأميركيين. وفي هذا الصدد، قال ستيفن ميران، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين في إدارة ترامب: "صحيح أنّ الطلب على الدولار أبقى معدلات الاقتراض الخاصة بنا منخفضة، إلا أنه أبقى أيضاً أسواق العملات مشوّشة. وقد فرضت هذه العملية أعباءً غير مبرّرة على شركاتنا وعمالنا، ما جعل منتجاتهم وعمالتهم غير قادرين على المنافسة على الساحة العالمية. وسواء بالصدفة أو عن قصد، فإنّ كلّ إجراء اتخذته إدارة ترامب تقريباً خلال الأشهر الثلاثة الأولى من ولايتها قد أضعف دعم الدولار. فانخفض مؤشر الدولار الأميركي "DXY"، الذي يقيس قوة العملة مقابل سلة من العملات الأخرى - بنسبة 2.8% الأسبوع الفائت. وكان هذا سابع أسوأ أسبوع له في العقود الثلاثة الماضية. واستمر في الانخفاض هذا الأسبوع، ليصل معدل انخفاضه المتوقّع في عام 2025 إلى 8.2%. ووفقاً لمسؤول مالي أميركي، فإنّ "الأمر لا يقتصر على فقدان الثقة بالولايات المتحدة فحسب، سواء في الشؤون الجيوسياسية أو التجارية، بل نجحنا أيضاً في إثارة غضب بقية العالم على نطاق واسع. وهناك عداء حقيقي وشخصي تجاهنا، وهذا يضرّ بالدولار". والجدير بالذكر أنّ الدولار كان ضعيفاً بشكل خاص مقابل عملات الملاذ الآمن الأخرى التي عادةً ما تتعزّز عند تقلّبات الأسواق، مثل الفرنك السويسري والين الياباني، ومقابل الذهب أيضاً. وبالتالي، يُعدّ استبعاد الدولار الأميركي من هذه المجموعة المُختارة من العملات تطوّراً خطيراً بالنسبة للكثير من المحللين والمستثمرين. وفي تقرير له، أوضح جورج سارافيلوس، الرئيس العالمي لقسم بحوث النقد الأجنبي في البنك الألماني (Deutsche Bank)، أنّ "الضرر قد لحق بالدولار الأميركي، على الرغم من تراجع الرئيس ترامب عن فرض الرسوم الجمركية. وتقوم السوق بإعادة تقييم الجاذبية الهيكلية للدولار باعتباره العملة الاحتياطية العالمية، وتخضع لعملية إلغاء دولرة سريعة". ومع ذلك، يقول معظم المحللين إنّ الحدّ من مكانة الدولار كاحتياطي مستبعدٌ، وذلك بسبب ندرة البدائل المُجدية. فاليورو اتحاد نقدي واحد، يضم 20 دولة مختلفة؛ والصين تُبقي على سعر صرف الرنمينبي تحت السيطرة، ما يحدّ من قابليته للتحويل؛ والعملات مثل الفرنك السويسري والين الياباني أصغر بكثير من أن تُنافس. ويتوقّع سوبيل من مركز "OMFIF" المالي أنّ "هيمنة الدولار ستظلّ قائمة في المستقبل المنظور لعدم وجود بدائل مجدية. ويضيف: "أشك في قدرة أوروبا على تنظيم أمورها، ومن الواضح أن الصين لن تفتح حسابها الرأسمالي في وقت قريب. فما البديل إذاً؟ ببساطة، لا يوجد بديل". علاوة على ذلك، إنّ هيمنة الدولار متأصلة تماماً في نسيج الاقتصاد العالمي، وذلك بفضل مجموعة معقّدة من العوامل المستقلة والمتشابكة في آنٍ، لدرجة أنه من المستبعد أن تتمكّن إدارة ترامب من تغيير الوضع الراهن بشكل جذري. ومع ذلك، وعلى الرغم من أنّ الدور الفريد الذي يضطلع به الدولار قد يستمر بفعل الجمود وقلة البدائل، إلا أنه قد يفقد قيمته. وبغضّ النظر عن التراجعات التي شهدها في نيسان/أبريل، لا يزال مؤشر الدولار الأميركي "DXY" أعلى بنسبة 12% عن أدنى مستوياته في عام 2020، وأعلى بنحو 40% عن أدنى مستوياته في أوائل عام 2008. وفي الوقت الراهن، يمزّق الكثير من محللي عملات الصرف الأجنبية توقّعاتهم السابقة ويتوقّعون تراجعاً إضافياً للدولار. وعلى سبيل المثال، يتوقّع بنك "غولدمان ساكس" ــ الذي كان متفائلاً في السابق بشأن الدولار ــ اليوم أنّ العملة الأميركية ستهبط إلى 1.20 دولار مقابل اليورو و135 يناً مقابل الين الياباني على مدى الـ12 شهراً المقبلة، أي ما يُعادل انخفاضاً آخر بنسبة 6% عن المستويات الحالية. وحذّر محللو النقد الأجنبي في "غولدمان ساكس" من أنّ "الاتجاهات السلبية في الحوكمة والمؤسسات في الولايات المتحدة تؤدي إلى إضعاف الامتياز الباهظ الذي تتمتع به الأصول الأميركية منذ فترة طويلة، وهذا يؤثّر سلباً على عوائد الأصول الأميركية والدولار، وقد يواصل تأثيره في المستقبل إذا لم ينعكس مسار هذه الاتجاهات". إنّ المسار طويل الأجل يُعدّ أكثر غموضاً. ويقول بيل دادلي، الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، إنّ العملة الأميركية قد تتعزّز. وهو يرى أنّ الرسوم الجمركية ستضعف الاقتصاد الأميركي وتزيد من التضخّم، في حين يُرجّح أن يكون التأثير على النمو الاقتصادي في أماكن أخرى أكثر وضوحاً. وهذا يعني أنّ البنوك المركزية الأخرى قد تميل إلى خفض أسعار الفائدة بشكل أكثر عدوانية من الاحتياطي الفيدرالي، وقد يؤدّي ذلك إلى إضعاف تلك العملات مقابل الدولار. في المقابل، يبرز أشخاص آخرون أكثر تشاؤماً. فقد أشار ستيفن جين، وهو خبير استراتيجي مخضرم في مجال صرف العملات الأجنبية ورئيس شركة "يوريزون إس إل جيه كابيتال" (Eurizon SLJ Capital) لإدارة الأصول، منذ فترة طويلة إلى أنّ عدداً من غرائب ​​الاقتصاد الكلي يمكن تفسيرها بشكل أفضل من خلال الدولار المبالغ في قيمته "بشكل صارخ"؛ مثل متوسط ​​الدخل بالدولار في ولاية ميسيسيبي، أفقر ولاية أميركية، الذي يضاهي متوسط الدخل في ألمانيا والمملكة المتحدة، وأعلى بشكل ملحوظ من متوسط الدخل في اليابان. ويُقدّر جين أنّ الدولار مبالغ في قيمته بنحو 19% بالمقارنة مع نظرائه من العملات القيّمة، ويشير إلى أنه قد يضعف أكثر من ذلك إذا كان التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة قوياً لدرجة أنه يجبر البنك الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة بشكل حاد. وحينها، ستتضافر القوى الدورية والهيكلية والسياسية لإضعاف الدولار الأميركي بشكل كبير. وفي رسالة إلى عملائه، كتب جين: "تشير التوقّعات إلى أن الدولار سيشهد تصحيحاً يمتد لسنوات. وقد شكّلت المبالغة في تقييم الدولار أحد العوامل التي ساهمت في تراجع قدرة الولايات المتحدة التنافسية على مرّ السنين، ويُعدّ العجز التجاري المتزايد والرسوم الجمركية ردّ فعل على هذا الواقع غير السارّ". وبالنسبة لمنتقدي إدارة ترامب، كان من المناسب للغاية أن يبدأ البيت الأبيض شهر نيسان/أبريل بالاحتفال بـ"شهر محو الأمية المالية الوطنية"، نظراً إلى منهجية الرسوم الجمركية "المتبادلة" التي تعرّضت للسخرية على نطاق واسع والتي تمّ الكشف عنها في اليوم التالي، والفوضى التي تلتها. لقد أعاد تعليق الحكومة الأميركية الجزئي اللاحق لنظام الرسوم الجمركية الجديد بعض النظام إلى سوق الأسهم، وخلال عطلة نهاية الأسبوع أعفت الحكومة الهواتف الذكية وبعض الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية الأخرى من الرسوم الجمركية - بما في ذلك تلك المستوردة من الصين. وقد شجّع ذلك بعض المستثمرين على الاعتقاد بأن النتيجة النهائية قد لا تكون سيئة كما كانوا يخشون في البداية. ومع ذلك، يُحذّر عدد من المحللين من أن استعداد إدارة ترامب، بل وحرصها، على قلب المعايير يعني أن القضايا التي كانت غير قابلة للتصوّر من قبل أصبحت الآن موضع مناقشة علنية. وتتنوّع هذه التحدّيات بين المخاطر الملموسة، مثل ما إذا كانت استقلالية البنك الاحتياطي الفيدرالي معرّضة للخطر، والاقتراحات التي كانت تعتبر في السابق خيالية ــ مثل ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على فرض ضرائب على مشتريات سندات الخزينة، أو فرض ضوابط على رأس المال، أو الانسحاب من منظمات مثل صندوق النقد الدولي، أو حتى التهديد بالتخلّف عن سداد الديون بشكل انتقائي. وفي هذا الإطار، قال أجاي راجادياكشا، رئيس قسم الأبحاث العالمية في مصرف "باركليز" (Barclays): "إنها أسئلة صادمة، لكنها تُطرح اليوم. ولا يمكننا غضّ الطرف عنها". وهذا يعني أنّ انسحاباً تدريجياً للمستثمرين قد يكون حتمياً حتى لو استمرت إدارة ترامب في التراجع عن مواقفها العدوانية التي اتخذتها خلال الأشهر الثلاثة الأولى. وكما أشار والتر ريستون، الرئيس الراحل لمجموعة "سيتي كورب" (Citicorp boss)، وأحد عمالقة القطاع المصرفي الأميركي، سابقاً: "رأس المال يذهب إلى حيث يُرحّب به ويبقى حيث يُعامل بشكل جيّد". منذ ما يقرب من قرن، شكّلت الولايات المتحدة الوجهة العالمية الأولى للأموال. واليوم، يخشى المستثمرون فجأةً من أنّ هذا الأمر لم يَعد كذلك، وأنّ العواقب قد تكون وخيمة. نقلته إلى العربية: زينب منعم.

وزير الخزانة الأمريكية يتخطى اجتماع مجموعة العشرين في جنوب إفريقيا
وزير الخزانة الأمريكية يتخطى اجتماع مجموعة العشرين في جنوب إفريقيا

الوفد

time٢٠-٠٢-٢٠٢٥

  • أعمال
  • الوفد

وزير الخزانة الأمريكية يتخطى اجتماع مجموعة العشرين في جنوب إفريقيا

قالت ثلاثة مصادر مطلعة على خططه إن وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسسنت سيغيب عن اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية من مجموعة العشرين في كيب تاون بجنوب أفريقيا الأسبوع المقبل. يعد قرار التغيب عن الاجتماع المنتظم لقادة المال من أكبر اقتصادات العالم أمرا غير معتاد للغاية بالنسبة لوزير الخزانة الأمريكي ، حيث تقود الولايات المتحدة غالبا اتفاقيات مجموعة العشرين بشأن مسائل السياسة المالية والنقدية. مجموعة العشرين وأضاف أحد المصادر لرويترز، أن الدول الأعضاء في مجموعة العشرين أبلغت بقرار بسنت عدم الحضور، وقال مصدر ثان إن بسنت لم يتمكن من الحضور لأنه كان لديه "واجبات مع الرئيس". ولم يتضح على الفور ما إذا كانت هذه الواجبات مرتبطة باجتماع قمة محتمل بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يراقبه كلا البلدين. وقال ترامب للصحفيين يوم الثلاثاء إنه علي الأرجح، سيظل يجتمع مع بوتين لمناقشة إنهاء حرب أوكرانيا قبل نهاية الشهر. وردد الكرملين هذا الأمل في وقت مبكر من يوم الأربعاء ، لكنه قال إن الاجتماع قد يعقد في وقت لاحق. ولم يرد البيت الأبيض ووزارة الخزانة الأمريكية على طلبات للتعليق على خطط بيسنت. ذكرت صحيفة نيويورك تايمز لأول مرة عن غياب بيسينت المخطط له. عالجت مجموعة العشرين - التي تضم الولايات المتحدة والصين وروسيا من بين دول أخرى - مجموعة من القضايا التي تؤثر على الاقتصاد العالمي ، من الاستجابة لوباء COVID-19 ومكافحة التضخم إلى التعامل مع تغير المناخ وأزمة الديون والصراعات التجارية. تتولى جنوب إفريقيا رئاسة مجموعة العشرين من ديسمبر 2024 إلى نوفمبر 2025. وستترأس الولايات المتحدة المجموعة العام المقبل. تصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا في الأسابيع الأخيرة بعد شكاوى من ترامب بشأن سياسة الأراضي في جنوب إفريقيا. في وقت سابق من هذا الشهر ، قال ترامب إن "جنوب إفريقيا تصادر الأراضي" و "طبقات معينة من الناس" تعامل "بشكل سيء للغاية". وقال البيت الأبيض إن واشنطن ستضع خطة لإعادة توطين المزارعين البيض في جنوب أفريقيا وأسرهم كلاجئين مع إعطاء المسؤولين الأمريكيين الأولوية للإغاثة الإنسانية للأفريكانيين في جنوب أفريقيا ومعظمهم من البيض المنحدرين من المستوطنين الهولنديين والفرنسيين الأوائل. وألغى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في وقت لاحق رحلة إلي جوهانسبرغ، لحضور اجتماع لوزراء خارجية مجموعة العشرين يومي الخميس والجمعة. وقال مارك سوبيل ، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الخزانة ، إن قرار تخطي اجتماع مجموعة العشرين كان خطأ فادحا. وتابع سوبيل ، الرئيس الأمريكي لمركز أبحاث OMFIF ، "كانت هذه فرصة ذهبية لبسنت للقاء نظرائه في جلسات عامة ، والأهم من ذلك في الاجتماعات الثنائية وراء الكواليس ، بما في ذلك مع الصين" ، لإجراء مناقشات حول السياسة الاقتصادية والضريبية العالمية وأسعار الصرف.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store