أحدث الأخبار مع #TheButterflyEffect


الأمناء
٠٢-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الأمناء
من الطوفان إلى سقوط نظام الأسد.. سيناريوهات منطقة الشرق 2025 في ضوء 'تأثير الفراشة' و'أحجار الدومينو'
تستعرض "مآلات' المسارات المحتملة لتداعيات التغيير في سوريا وانهيار نظام الأسد على عدة دول وفاعلين في منطقة الشرق وعلى الرغم من زيادة جوانب عدم اليقين والتعقيدات الناتجة عن تأثر ملفات المنطقة بتفاعل عدة عوامل لا تقتصر على التطورات في سوريا، إلا أن التأثيرات العميقة للتغيير في سوريا – والتي مازالت قيد التشكل بدورها – بات من الممكن تقديم قراءة أولية لها. سقوط نظام الأسد وتأثير الدومينو يشير مفهوم 'تأثير الدومينو' (Domino Effect) إلى سلسلة من الأحداث التي تنجم عن حدث أولي، إذ يؤدي كل حدث إلى الذي يليه، كما تتساقط قطع الدومينو واحدة تلو الأخرى عند دفع القطعة الأولى. وبالرغم من أن المفهوم له تطبيقات عدة في مجالات السياسة والعلاقات الدولية والاقتصاد والعلوم الاجتماعية والإدارية، إلا أن نشأة المفهوم جاءت من خلفية سياسية إذ استخدمه الرئيس الأمريكي السابق 'أيزنهاور' خلال الحرب الباردة لتبرير تدخل الولايات المتحدة في فيتنام، وأشار إلى تخوفات واشنطن من أن سقوط فيتنام في أيدي الشيوعيين قد يخلق 'تأثير الدومينو' في جنوب شرق آسيا. إن سقوط نظام الأسد لا يمثل تغييرا جذريا محليا في سوريا فحسب، بل يشكل نقطة تحوّل في توازنات القوى في الشرق الأوسط، بعدما تراجع النفوذ الإقليمي لبعض الجهات الفاعلة الإقليمية، بينما سعت جهات أخرى إلى ملء الفراغ، ووجدت قوى أخرى نفسها في موقف متحفظ خشية انتقال عدوى التغيير إليها. واستناداً إلى مفهوم 'تأثير الدومينو'، فإن انهيار النظام السوري نفسه هو قطعة دومينو سبق أن حركها طوفان الأقصى وحرب غزة. أي إن تفاعلات الحدثين متداخلة لا محالة، بما يفتح المجال أمام موجة من التغيرات الجيوسياسية الواسعة في المنطقة والتي لا تعني بالضرورة انهيار أنظمة أخرى بشكل مباشر، لكنه يخلق ديناميكيات جديدة قد تدفع بعض الدول إلى إعادة حساباتها الداخلية والخارجية، أو قد تؤدي إلى تصاعد صراعات كانت كامنة، أو تشكيل تحالفات جديدة، أو حتى بروز فاعلين جدد على الساحة. وهكذا، فإن 'تأثير الدومينو' ليس إلا حالة فرعية من الظاهرة الأوسع لتأثير الفراشة (The Butterfly Effect). وهو مفهومٌ نشأ من نظرية الفوضى في الرياضيات والأرصاد الجوية، ويُنسب إلى عالم الأرصاد الجوية إدوارد لورنز في ستينيات القرن الماضي. والذي يشير باختصار إلى فكرة أن التغييرات الطفيفة في الظروف الأولية يمكن أن تؤدي إلى نتائج مختلفة تمامًا في الأنظمة المعقدة، كما أن رفرفة جناحي الفراشة في البرازيل، قد تسبب إعصارًا في تكساس. وعلى الرغم من أن هذا المفهوم نشأ من العلوم الطبيعية، إلا أنه استُخدم على نطاق واسع في العلوم الاجتماعية، بما في ذلك العلاقات الدولية، لفهم العواقب غير المقصودة للأحداث البسيطة أو التي تبدو غير مهمة، ويُسلّط الضوء على حدود فاعلية التفكير الخطي في عالم معقد وفوضوي ومترابط. ويفيدنا مفهوم تأثير الفراشة عند الأخذ بأن التداعيات ليست كلها سلبية بالضرورة كما أنها تكون غير متوقعة، وغير مرتبطة مباشرة بالحدث الأصلي، وغير خطية، وذلك بخلاف ما يوحي به تأثير الدومينو الذي يميل أكثر لإثارة احتمال أن الحدث يتكرر تباعا ويكرر النمط الأساسي بصورة أقرب ما تكون إلى الخطية. وهكذا، فإن تداعيات قرار الطوفان غير المتوقعة وغير الخطية تتشكل نتيجة تفاعل سلوك الأطراف، وصراع مصالحهم، وترابط النسيج الإقليمي، وقد تجلت في نتائج غير مخطط لها وغير مقصودة من قبل مخططي عملية طوفان الأقصى. فمثلا، بينما كانت تستهدف معركة الطوفان توحيد جهود محور المقاومة كداعم رئيسي، فإن نتائجها الراهنة هي إضعاف هذا المحور بصورة استراتيجية من خلال إضعاف حزب الله وسقوط نظام الأسد. لكنّها في المقابل عززت من تأثير الحوثيين إقليميا. كذلك؛ أدى التغيير في سوريا إلى تعزيز نفوذ تركيا إقليميا بل وتعزيز حكم الرئيس أردوغان محليا، وهي نتائج لم تكن ضمن أهداف مخططي عملية طوفان الأقصى، ولا حتى من أهداف الحرب الإسرائيلية على غزة وحزب الله. تركيا: تعزيز النفوذ الإقليمي ومكاسب للعدالة والتنمية تعد تركيا هي الرابح الإقليمي الأكبر من التغيرات في سوريا، خاصة وأنها تمثل نصرا واضحا في صراع النفوذ طويل الأمد مع إيران. وفي المنظور الأوسع، ليس من المبالغة اعتبار التغيير في سوريا إضافة لأوراق تركيا في معادلة تنافسها المعقدة مع روسيا. بالإضافة لذلك، فقد تسبب انهيار نظام الأسد في إضعاف وحدات حماية الشعب الكردية والقوات التابعة لها (قسد) التي تسيطر على الأجزاء الشمالية في سوريا كامتداد لحزب العمال الكردستاني (PKK). وفي ظل التفاهمات المتوقعة مع الولايات المتحدة بشأن سوريا، فإن تركيا ستكون قد ضمنت القضاء على تهديد قيام حكم ذاتي كردي في شمال سوريا، وهو أمر يغير مجمل ديناميات ملف التمرد الكردي في جنوب تركيا. ومن ثم فإن مسار المصالحة التركية الكردية محليا، والذي كان قد بدأت إرهاصاته بالفعل في أكتوبر الماضي، يكون قد تلقى دفعة إيجابية كبيرة على وقع التغيير في سوريا. بخلاف غالبية الأطراف الإقليمية، فإن حركة قطعة الدومينو في تركيا تحمل فرصا وليس تهديدات. فقد وضعت المعادلة السورية الجديدة تركيا في قيادة هيكل أمن إقليمي ناشئ يشمل العراق وسوريا والأردن ولبنان، يستهدف ضبط الحدود والتصدي لخطر استعادة تنظيم داعش نشاطه. كما باتت تركيا هي الضامن الأمني لاستقرار سوريا في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، وهو ما يخلق معادلة غير مسبوقة قد تكون فيها القوات التركية في حالة تماس مع الجيش الإسرائيلي، بما يمنح أنقرة مزيدا من الأوراق في مواجهة تل أبيب. وبالإضافة للمكاسب الجيوسياسية، فإن واحدة من التداعيات غير المتوقعة قد تكون إطالة حكم الرئيس التركي أردوغان. إذ جنى أردوغان أرباح رهانه طويل الأمد على دعم فصائل المعارضة السورية مما يساهم في تعزيز وضع حزب العدالة والتنمية الحاكم داخلياً، خاصة مع العودة المحتملة لما يزيد عن ثلاثة ملايين لاجئ سوري. وكذلك فإن تموضع أنقرة في موقع الفاعل الرئيسي في إعادة إعمار سوريا سينعكس على أداء الاقتصاد التركي، وقد تجلى ذلك بوضوح عندما شهدت شركات البناء التركية ارتفاع أسهمها بعد سقوط الأسد مباشرة تحسباً لأنها ستكون في طليعة إعادة إعمار سوريا. وعلى الرغم من الضغوط الاقتصادية التي تمثل التحدي الأبرز محليا للحزب الحاكم، فإن مسار المصالحة مع الأكراد الذي عززته التغيرات في سوريا قد ينتج عنه تغيرا جذريا في التحالفات الحزبية بما يمكن العدالة والتنمية من المضي قدما في مشروع تعديل الدستور أو كتابة دستور جديد، أو على الأقل وضع نهاية لتحالف حزب الشعب الجمهوري مع الأكراد، وهو التحالف الذي بات يمثل تهديدا لمستقبل الحزب الحاكم. إيران: انحسار النفوذ الإقليمي والحاجة لعقيدة ردع جديدة مثّل انهيار نظام الأسد إلى جانب الهزيمة التي تعرض لها حزب الله، تقويضاً لنفوذ إيران وقوتها في المنطقة، وخسارة لمكتسبات إيرانية تراكمت على مدار العقدين الماضيين. حيث عزز الموقع الجيواستراتيجي لسوريا النفوذ العسكري الإيراني، خاصة وأنه قد وفّر جسراً برياً استراتيجياً بين إيران وحزب الله، الأمر الذي مكّن الأخير من امتلاك ترسانة ضخمة من الصواريخ وجعله بمثابة خط الدفاع الأول لإيران ضمن استراتيجية 'الردع الأمامي'. كما كشفت العمليات العسكرية بين إيران و'إسرائيل' خلال حرب غزة عن التفوق العسكري للكيان، وتجلى ذلك بوضوح بعد أن أدت الضربات التي وجهها الاحتلال إلى إيران في أكتوبر/تشرين أول الماضي إلى تقويض الدفاعات الجوية الإيرانية وقدرات إنتاج الصواريخ بشكل كبير. لا ينتج عن خسارة سوريا قطع خطوط إمداد حزب الله وبالتالي تعطيل أداة الردع الإيرانية الأساسية في مواجهة 'إسرائيل' فقط، لكن أيضا نتج عن انهيار نظام الأسد تدمير الاحتلال ما تبقى من قدرات الدفاع الجوي السوري، ما يعني أن الأجواء السورية باتت مفتوحة تماما للطيران الإسرائيلي. وعلى الرغم من أن الدفاعات السورية لم تكن تمثل سابقا أي عائق للطائرات العسكرية الإسرائيلية المتطورة، فإنها كانت تمثل تهديدا لطائرات التزود بالوقود اللازمة لإمداد الطائرات العسكرية إذا تحركت لشن هجمات في الأجواء الإيرانية. ما يعني أن الطيران الحربي الإسرائيلي تغلب على عقبة رئيسية كانت تحد من قدرته على شن هجوم واسع دون الاعتماد على دعم أمريكي. على الرغم من أن خيار إدارة ترامب الأول هو إجبار إيران على التفاوض عبر فرض عقوبات صارمة، أكثر تشددا من عقوبات فترة رئاسته السابقة، ما زالت احتمالات التوصل لاتفاق أمريكي إيراني محدودة جدا؛ نظرا لأن ترامب لا يتفاوض على البرنامج النووي فحسب، وإنما يضع أيضا على الطاولة برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وعلاقة طهران بوكلائها في المنطقة. أي إن ترامب يريد من الجمهورية الإسلامية الاستسلام وليس التراجع التكتيكي، أي أن تتخلى طوعا عن كل استراتيجيتها الدفاعية الأساسية: الوكلاء كخط دفاع أمامي، والصواريخ البعيدة المدى، وأخيرا الردع النووي. وهو أمر ليس من المرجح قبول طهران به بغض النظر عن الضغوط الاقتصادية القاسية. وتمثل استقالة جواد ظريف مساعد الرئيس الإيراني رسالة واضحة على تراجع فرص التفاهم مع الولايات المتحدة. لذلك؛ فإن الخيار العسكري ليس مستبعدا. وقد يُغري ضعف إيران الحالي الرئيس الأمريكي بتوجيه ضربات ضد المنشآت النووية الإيرانية، خاصة وأن الضغوط الإسرائيلية واضحة في هذا الصدد. ومع ذلك فإن إقدام ترامب على هذه الخطوة يمكن أن يعرض منطقة الشرق الأوسط بأكملها لمخاطر كبيرة، ويطلق المزيد من تأثير الدومينو في المنطقة. وبالنظر إلى الوضعية الجديدة لإيران بعد أن فقدت خطوطها الأمامية وتراجع نفوذها في المنطقة؛ فإن أي تهديد من 'إسرائيل' وأمريكا للمصالح الحيوية لطهران، سيجعل الأخيرة في وضع 'الزاوية' ويدفعها إلى الاعتماد على قدراتها العسكرية التقليدية والرد بشكل مباشر. وفي هذه الحالة سيكون من المرجح أن تستخدم إيران استراتيجية 'التصعيد من أجل التهدئة' عبر مهاجمة المنشآت النفطية وتعطيل الشحن البحري في الخليج العربي ومضيق هرمز، وذلك بهدف حشد جهود خفض التصعيد من جانب الدول الخليجية المصدرة للنفط والغاز وكذلك الصين والهند واليابان باعتبارهما من كبار مستوردي الطاقة من الدول الخليجية.


اليمن الآن
٠٢-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- اليمن الآن
من الطوفان إلى سقوط نظام الأسد.. سيناريوهات منطقة الشرق 2025 في ضوء 'تأثير الفراشة' و'أحجار الدومينو'
تستعرض "مآلات' المسارات المحتملة لتداعيات التغيير في سوريا وانهيار نظام الأسد على عدة دول وفاعلين في منطقة الشرق وعلى الرغم من زيادة جوانب عدم اليقين والتعقيدات الناتجة عن تأثر ملفات المنطقة بتفاعل عدة عوامل لا تقتصر على التطورات في سوريا، إلا أن التأثيرات العميقة للتغيير في سوريا – والتي مازالت قيد التشكل بدورها – بات من الممكن تقديم قراءة أولية لها. سقوط نظام الأسد وتأثير الدومينو يشير مفهوم 'تأثير الدومينو' ( Domino Effect ) إلى سلسلة من الأحداث التي تنجم عن حدث أولي، إذ يؤدي كل حدث إلى الذي يليه، كما تتساقط قطع الدومينو واحدة تلو الأخرى عند دفع القطعة الأولى. وبالرغم من أن المفهوم له تطبيقات عدة في مجالات السياسة والعلاقات الدولية والاقتصاد والعلوم الاجتماعية والإدارية، إلا أن نشأة المفهوم جاءت من خلفية سياسية إذ استخدمه الرئيس الأمريكي السابق 'أيزنهاور' خلال الحرب الباردة لتبرير تدخل الولايات المتحدة في فيتنام، وأشار إلى تخوفات واشنطن من أن سقوط فيتنام في أيدي الشيوعيين قد يخلق 'تأثير الدومينو' في جنوب شرق آسيا. إن سقوط نظام الأسد لا يمثل تغييرا جذريا محليا في سوريا فحسب، بل يشكل نقطة تحوّل في توازنات القوى في الشرق الأوسط، بعدما تراجع النفوذ الإقليمي لبعض الجهات الفاعلة الإقليمية، بينما سعت جهات أخرى إلى ملء الفراغ، ووجدت قوى أخرى نفسها في موقف متحفظ خشية انتقال عدوى التغيير إليها. واستناداً إلى مفهوم 'تأثير الدومينو'، فإن انهيار النظام السوري نفسه هو قطعة دومينو سبق أن حركها طوفان الأقصى وحرب غزة. أي إن تفاعلات الحدثين متداخلة لا محالة، بما يفتح المجال أمام موجة من التغيرات الجيوسياسية الواسعة في المنطقة والتي لا تعني بالضرورة انهيار أنظمة أخرى بشكل مباشر، لكنه يخلق ديناميكيات جديدة قد تدفع بعض الدول إلى إعادة حساباتها الداخلية والخارجية، أو قد تؤدي إلى تصاعد صراعات كانت كامنة، أو تشكيل تحالفات جديدة، أو حتى بروز فاعلين جدد على الساحة. وهكذا، فإن 'تأثير الدومينو' ليس إلا حالة فرعية من الظاهرة الأوسع لتأثير الفراشة ( The Butterfly Effect ). وهو مفهومٌ نشأ من نظرية الفوضى في الرياضيات والأرصاد الجوية، ويُنسب إلى عالم الأرصاد الجوية إدوارد لورنز في ستينيات القرن الماضي. والذي يشير باختصار إلى فكرة أن التغييرات الطفيفة في الظروف الأولية يمكن أن تؤدي إلى نتائج مختلفة تمامًا في الأنظمة المعقدة، كما أن رفرفة جناحي الفراشة في البرازيل، قد تسبب إعصارًا في تكساس. وعلى الرغم من أن هذا المفهوم نشأ من العلوم الطبيعية، إلا أنه استُخدم على نطاق واسع في العلوم الاجتماعية، بما في ذلك العلاقات الدولية، لفهم العواقب غير المقصودة للأحداث البسيطة أو التي تبدو غير مهمة، ويُسلّط الضوء على حدود فاعلية التفكير الخطي في عالم معقد وفوضوي ومترابط. ويفيدنا مفهوم تأثير الفراشة عند الأخذ بأن التداعيات ليست كلها سلبية بالضرورة كما أنها تكون غير متوقعة، وغير مرتبطة مباشرة بالحدث الأصلي، وغير خطية، وذلك بخلاف ما يوحي به تأثير الدومينو الذي يميل أكثر لإثارة احتمال أن الحدث يتكرر تباعا ويكرر النمط الأساسي بصورة أقرب ما تكون إلى الخطية. وهكذا، فإن تداعيات قرار الطوفان غير المتوقعة وغير الخطية تتشكل نتيجة تفاعل سلوك الأطراف، وصراع مصالحهم، وترابط النسيج الإقليمي، وقد تجلت في نتائج غير مخطط لها وغير مقصودة من قبل مخططي عملية طوفان الأقصى. فمثلا، بينما كانت تستهدف معركة الطوفان توحيد جهود محور المقاومة كداعم رئيسي، فإن نتائجها الراهنة هي إضعاف هذا المحور بصورة استراتيجية من خلال إضعاف حزب الله وسقوط نظام الأسد. لكنّها في المقابل عززت من تأثير الحوثيين إقليميا. كذلك؛ أدى التغيير في سوريا إلى تعزيز نفوذ تركيا إقليميا بل وتعزيز حكم الرئيس أردوغان محليا، وهي نتائج لم تكن ضمن أهداف مخططي عملية طوفان الأقصى، ولا حتى من أهداف الحرب الإسرائيلية على غزة وحزب الله. تركيا: تعزيز النفوذ الإقليمي ومكاسب للعدالة والتنمية تعد تركيا هي الرابح الإقليمي الأكبر من التغيرات في سوريا، خاصة وأنها تمثل نصرا واضحا في صراع النفوذ طويل الأمد مع إيران. وفي المنظور الأوسع، ليس من المبالغة اعتبار التغيير في سوريا إضافة لأوراق تركيا في معادلة تنافسها المعقدة مع روسيا. بالإضافة لذلك، فقد تسبب انهيار نظام الأسد في إضعاف وحدات حماية الشعب الكردية والقوات التابعة لها (قسد) التي تسيطر على الأجزاء الشمالية في سوريا كامتداد لحزب العمال الكردستاني ( PKK ). وفي ظل التفاهمات المتوقعة مع الولايات المتحدة بشأن سوريا، فإن تركيا ستكون قد ضمنت القضاء على تهديد قيام حكم ذاتي كردي في شمال سوريا، وهو أمر يغير مجمل ديناميات ملف التمرد الكردي في جنوب تركيا. ومن ثم فإن مسار المصالحة التركية الكردية محليا، والذي كان قد بدأت إرهاصاته بالفعل في أكتوبر الماضي، يكون قد تلقى دفعة إيجابية كبيرة على وقع التغيير في سوريا. بخلاف غالبية الأطراف الإقليمية، فإن حركة قطعة الدومينو في تركيا تحمل فرصا وليس تهديدات. فقد وضعت المعادلة السورية الجديدة تركيا في قيادة هيكل أمن إقليمي ناشئ يشمل العراق وسوريا والأردن ولبنان، يستهدف ضبط الحدود والتصدي لخطر استعادة تنظيم داعش نشاطه. كما باتت تركيا هي الضامن الأمني لاستقرار سوريا في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، وهو ما يخلق معادلة غير مسبوقة قد تكون فيها القوات التركية في حالة تماس مع الجيش الإسرائيلي، بما يمنح أنقرة مزيدا من الأوراق في مواجهة تل أبيب. وبالإضافة للمكاسب الجيوسياسية، فإن واحدة من التداعيات غير المتوقعة قد تكون إطالة حكم الرئيس التركي أردوغان. إذ جنى أردوغان أرباح رهانه طويل الأمد على دعم فصائل المعارضة السورية مما يساهم في تعزيز وضع حزب العدالة والتنمية الحاكم داخلياً، خاصة مع العودة المحتملة لما يزيد عن ثلاثة ملايين لاجئ سوري. وكذلك فإن تموضع أنقرة في موقع الفاعل الرئيسي في إعادة إعمار سوريا سينعكس على أداء الاقتصاد التركي، وقد تجلى ذلك بوضوح عندما شهدت شركات البناء التركية ارتفاع أسهمها بعد سقوط الأسد مباشرة تحسباً لأنها ستكون في طليعة إعادة إعمار سوريا. وعلى الرغم من الضغوط الاقتصادية التي تمثل التحدي الأبرز محليا للحزب الحاكم، فإن مسار المصالحة مع الأكراد الذي عززته التغيرات في سوريا قد ينتج عنه تغيرا جذريا في التحالفات الحزبية بما يمكن العدالة والتنمية من المضي قدما في مشروع تعديل الدستور أو كتابة دستور جديد، أو على الأقل وضع نهاية لتحالف حزب الشعب الجمهوري مع الأكراد، وهو التحالف الذي بات يمثل تهديدا لمستقبل الحزب الحاكم. إيران: انحسار النفوذ الإقليمي والحاجة لعقيدة ردع جديدة مثّل انهيار نظام الأسد إلى جانب الهزيمة التي تعرض لها حزب الله، تقويضاً لنفوذ إيران وقوتها في المنطقة، وخسارة لمكتسبات إيرانية تراكمت على مدار العقدين الماضيين. حيث عزز الموقع الجيواستراتيجي لسوريا النفوذ العسكري الإيراني، خاصة وأنه قد وفّر جسراً برياً استراتيجياً بين إيران وحزب الله، الأمر الذي مكّن الأخير من امتلاك ترسانة ضخمة من الصواريخ وجعله بمثابة خط الدفاع الأول لإيران ضمن استراتيجية 'الردع الأمامي'. كما كشفت العمليات العسكرية بين إيران و'إسرائيل' خلال حرب غزة عن التفوق العسكري للكيان، وتجلى ذلك بوضوح بعد أن أدت الضربات التي وجهها الاحتلال إلى إيران في أكتوبر/تشرين أول الماضي إلى تقويض الدفاعات الجوية الإيرانية وقدرات إنتاج الصواريخ بشكل كبير. لا ينتج عن خسارة سوريا قطع خطوط إمداد حزب الله وبالتالي تعطيل أداة الردع الإيرانية الأساسية في مواجهة 'إسرائيل' فقط، لكن أيضا نتج عن انهيار نظام الأسد تدمير الاحتلال ما تبقى من قدرات الدفاع الجوي السوري، ما يعني أن الأجواء السورية باتت مفتوحة تماما للطيران الإسرائيلي. وعلى الرغم من أن الدفاعات السورية لم تكن تمثل سابقا أي عائق للطائرات العسكرية الإسرائيلية المتطورة، فإنها كانت تمثل تهديدا لطائرات التزود بالوقود اللازمة لإمداد الطائرات العسكرية إذا تحركت لشن هجمات في الأجواء الإيرانية. ما يعني أن الطيران الحربي الإسرائيلي تغلب على عقبة رئيسية كانت تحد من قدرته على شن هجوم واسع دون الاعتماد على دعم أمريكي. على الرغم من أن خيار إدارة ترامب الأول هو إجبار إيران على التفاوض عبر فرض عقوبات صارمة، أكثر تشددا من عقوبات فترة رئاسته السابقة، ما زالت احتمالات التوصل لاتفاق أمريكي إيراني محدودة جدا؛ نظرا لأن ترامب لا يتفاوض على البرنامج النووي فحسب، وإنما يضع أيضا على الطاولة برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وعلاقة طهران بوكلائها في المنطقة. أي إن ترامب يريد من الجمهورية الإسلامية الاستسلام وليس التراجع التكتيكي، أي أن تتخلى طوعا عن كل استراتيجيتها الدفاعية الأساسية: الوكلاء كخط دفاع أمامي، والصواريخ البعيدة المدى، وأخيرا الردع النووي. وهو أمر ليس من المرجح قبول طهران به بغض النظر عن الضغوط الاقتصادية القاسية. وتمثل استقالة جواد ظريف مساعد الرئيس الإيراني رسالة واضحة على تراجع فرص التفاهم مع الولايات المتحدة. لذلك؛ فإن الخيار العسكري ليس مستبعدا. وقد يُغري ضعف إيران الحالي الرئيس الأمريكي بتوجيه ضربات ضد المنشآت النووية الإيرانية، خاصة وأن الضغوط الإسرائيلية واضحة في هذا الصدد. ومع ذلك فإن إقدام ترامب على هذه الخطوة يمكن أن يعرض منطقة الشرق الأوسط بأكملها لمخاطر كبيرة، ويطلق المزيد من تأثير الدومينو في المنطقة. وبالنظر إلى الوضعية الجديدة لإيران بعد أن فقدت خطوطها الأمامية وتراجع نفوذها في المنطقة؛ فإن أي تهديد من 'إسرائيل' وأمريكا للمصالح الحيوية لطهران، سيجعل الأخيرة في وضع 'الزاوية' ويدفعها إلى الاعتماد على قدراتها العسكرية التقليدية والرد بشكل مباشر. وفي هذه الحالة سيكون من المرجح أن تستخدم إيران استراتيجية 'التصعيد من أجل التهدئة' عبر مهاجمة المنشآت النفطية وتعطيل الشحن البحري في الخليج العربي ومضيق هرمز، وذلك بهدف حشد جهود خفض التصعيد من جانب الدول الخليجية المصدرة للنفط والغاز وكذلك الصين والهند واليابان باعتبارهما من كبار مستوردي الطاقة من الدول الخليجية.


البوابة العربية للأخبار التقنية
١٢-٠٣-٢٠٢٥
- علوم
- البوابة العربية للأخبار التقنية
'مانوس' وكيل الذكاء الاصطناعي الصيني.. هل هو إنجاز حقيقي أم مجرد ضجة تسويقية؟
أثار إطلاق وكيل الذكاء الاصطناعي الجديد (مانوس) Manus، الذي طورته شركة (Monica) الصينية الناشئة، جدلًا واسعًا في أوساط التكنولوجيا العالمية، إذ تدعي الشركة أن (مانوس) هو أول وكيل ذكاء اصطناعي عام في العالم، وقادر على إنجاز مهام معقدة باستقلالية كاملة. ومع ذلك شكك العديد من الخبراء والمتخصصين في صحة هذه الادعاءات، قائلين إن قدرات (مانوس) لا ترقى إلى مستوى الإنجازات التي حققتها شركة (DeepSeek) في وقت سابق. وجاء إعلان الوكيل أيضًا مصحوبًا بعرض توضيحي انتشر كالنار في الهشيم، وأشعل فتيل نقاش حاد عبر منصات التواصل الاجتماعي بين المؤيدين والمعارضين، فقد أشاد الكثيرون بقدرة (مانوس) على أداء مهام معقدة بنحو مستقل في العالم الحقيقي، متجاوزًا حدود النماذج التقليدية التي تقتصر على تقديم إجابات نصية، في حين شكك آخرون في مدى استقلاليته وفعاليته، مشيرين إلى ثغرات محتملة ومثيرين مخاوف جدية بشأن الخصوصية. ومن ثم؛ يبرز سؤال أساسي، هو: هل يمثل هذا الوكيل فعلًا نقلة نوعية في عالم الذكاء الاصطناعي، أم أنه مجرد محاولة لجذب الانتباه في سوق مزدحم بالابتكارات؟ إليك كل ما تحتاج إلى معرفته عن (مانوس) أول وكيل ذكاء اصطناعي مستقل في العالم: ما قدرات (مانوس)؟ طُور (مانوس) استنادًا إلى مفهوم الأنظمة المتعددة الوكلاء، إذ يجمع بين عدة نماذج ذكاء اصطناعي مختلفة لتنفيذ المهام باستقلالية تامة، دون الحاجة إلى تدخل بشري متكرر، فبمجرد تلقي التوجيه الأولي من المستخدم، يستطيع الوكيل إكمال المهمة من البداية إلى النهاية، وذلك ما يميزه عن روبوتات الدردشة التقليدية. ويظهر مقطع فيديو إطلاقه قدرته على فرز السير الذاتية، وتصنيف المرشحين، وتنظيم البيانات في جداول إلكترونية في غضون ثوانٍ معدودة، مما يدل على سرعته وكفاءته. وقال ييتشاو بيك جي، المؤسس المشارك وكبير العلماء في (Manus AI): 'هذا ليس مجرد روبوت دردشة تقليدي أو أداة لأتمتة سير العمل، إنه وكيل مستقل كليًا يربط بين مرحلتي التصور والتطبيق الفعلي'. وتؤكد الشركة أن (مانوس) يمتلك قدرات متقدمة تشمل: تحليل توجهات سوق الأسهم بدقة، واستخلاص البيانات من مواقع الإنترنت المختلفة، وحتى إنشاء مواقع ويب تفاعلية بالكامل، ويعمل النظام عبر السحابة، مما يتيح له مواصلة أداء مهامه حتى عندما يغادر المستخدمون المنصة، وهي ميزة تعزز من مرونته واستدامته. كما يشير موقع (Manus) الرسمي إلى تفوقه على وكيل (Deep Research) من OpenAI في معيار (GAIA)، وهو معيار يستخدم لمقارنة أداء النماذج. ومع ذلك، فإن الوصول إلى (مانوس) يقتصر على مجموعة مختارة من المستخدمين في الوقت الحالي، ويتطلب دعوة خاصة للمشاركة في الاختبار. من الذي طور (مانوس)؟ طُور وكيل الذكاء الاصطناعي (مانوس) بواسطة شركة (Monica) الصينية الناشئة، التي تشير التقارير إلى أنها تابعة لشركة تُسمى (The Butterfly Effect)، وتؤكد سياسة الخصوصية الخاصة بـ (مانوس) أن شركة (The Butterfly Effect) هي كيان مسجل في سنغافورة. وتمتلك شركة (Butterfly Effect) مكاتب في بكين ووهان وفقًا لصحيفة (SCMP)، ويُقال إن الشركة لا تضم سوى بضع عشرات من الموظفين، لكنها اكتسبت اهتمامًا سريعًا في مجال الذكاء الاصطناعي في الصين. ويتكون الفريق المؤسس من رواد أعمال ومديري منتجات متمرسين، ويقوده (شياو هونج) Xiao Hong، وهو رائد أعمال يبلغ من العمر 33 عامًا، تخرج من جامعة هواجونج للعلوم والتكنولوجيا في ووهان، وهي إحدى أبرز المؤسسات الأكاديمية في الصين. وقبل ذلك، طور شياو تطبيقات تعمل ضمن منصة WeChat، ثم استحوذت عليها شركات كبرى فيما بعد، ثم أطلق ( وهو مساعد ذكاء اصطناعي متاح كإضافة للمتصفحات وتطبيق للهواتف الذكية. ويشير موقع (مانوس) الرسمي إلى أن الاسم مشتق من الكلمة اللاتينية (Manus)، التي تعني اليد، وذلك للدلالة على قدرة الوكيل على تنفيذ المهام نيابة عن المستخدمين، أو كما يمكن القول تقديم المساعدة لهم. ما النماذج التي يعتمد عليها الوكيل؟ وفقًا لمنشورات (ييتشاو بيك جي) عبر منصة X، يعتمد الوكيل على نموذج (Claude 3.5 Sonnet) من Anthropic، وهو نموذج ذكاء اصطناعي عمره تسعة أشهر، بالإضافة إلى نسخ معدلة من نماذج (Qwen) من شركة (علي بابا) الصينية. We use Claude and different Qwen-finetunes. Back when we started building Manus, we only got Claude 3.5 Sonnet v1 (not long-CoT, aka reasoning tokens), so we need a lot of auxiliary models. Now Claude 3.7 looks really promising, we are testing internally, will post updates! — Yichao 'Peak' Ji (@peakji) March 10, 2025 ويعمل الفريق حاليًا على اختبار ترقية (مانوس) إلى أحدث وأقوى نماذج أنثروبيك وهو (Claude 3.7)، الذي يُتوقع أن يُحسن بنحو ملحوظ قدرات الاستدلال والتنفيذ لديه. ويعمل الوكيل حاليًا بشكل غير متزامن، مما يسمح للمستخدمين تكليفه بالمهام وتركه يعمل بشكل مستقل. لماذا يُقارن مانوس بشركة DeepSeek؟ لقد أجرى الكثيرون مقارنات بين مانوس وشركة (DeepSeek) الصينية الناشئة، التي كشفت في شهر يناير الماضي عن نموذج ذكاء اصطناعي يتمتع بقدرات تنافس تلك التي لدى الشركات الأمريكية، وبتكلفة أقل بكثير. وأثار هذا الإطلاق قلق المستثمرين، مما تسبب بخسارة شركة إنفيديا لما يصل إلى 600 مليار دولار من قيمتها السوقية مؤقتًا، كما أظهر قدرة الصين على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي رائدة، في ظل وجود القيود الأمريكية على تصدير الرقاقات المتقدمة، لذلك وصف الخبراء لحظة إطلاق نماذج (DeepSeek) بأنها (لحظة سبوتنيك) الصينية. ويظهر الآن (مانوس) في دائرة الضوء مدعيًا الاستقلالية الكاملة، مما يعزز فكرة أن الصين تقترب من الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي. وقال دين بول، باحث في سياسات الذكاء الاصطناعي، في منشور عبر منصة X: 'من غير الدقيق وصف مانوس بلحظة DeepSeek، لأنه يتجاوز ذلك'. وأوضح بول: 'كانت DeepSeek تهدف إلى تكرار القدرات التي حققتها الشركات الأمريكية بالفعل. أما (مانوس) فهو يوسع حدود الذكاء الاصطناعي. فالحاسوب الأكثر تطورًا الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي حاليًا يأتي من شركة صينية ناشئة، بكل بساطة'. It is wrong to call manus a 'deepseek moment.' Deepseek was about replication of capabilities already publicly achieved by American firms. Manus is actually advancing the frontier. The most sophisticated computer using ai now comes from a Chinese startup, full stop. — Dean W. Ball (@deanwball) March 9, 2025 ما مدى تفوق (مانوس) على منافسيه في الولايات المتحدة؟ يعود جزء كبير من شعبية مانوس إلى أدائه المتميز في الاختبارات المعيارية، فقد تفوق على وكيل (Deep Research) المدعوم بنموذج o3 من شركة OpenAI، بالإضافة إلى التقنيات الرائدة السابقة، كما هو موضح في الرسوم البيانية المنشورة في موقع (مانوس) الرسمي. وبالإضافة إلى الأداء المعياري المتميز، أثبت (مانوس) قدراته الفائقة في سيناريوهات واقعية في منصات العمل الحر مثل: Upwork و Fiverr، إذ تمكن من إنجاز مهام معقدة بكفاءة عالية، كما أظهر قدراته في تحديات التعلم الآلي عبر منصة Kaggle، إذ نجح في تنفيذ مهام معقدة تتطلب قدرات تحليلية واستنتاجية متقدمة. ومع ذلك؛ تتباين آراء الباحثين والمؤسسين في مجال الذكاء الاصطناعي حول قدرات (مانوس) وتأثيره المحتمل في الصناعة، إذ تتراوح الآراء بين الإعجاب الشديد والتشكيك في قدراته الحقيقية. بينما يرى العديد الخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي والمتبنين الأوائل أنه يمثل نقلة نوعية في هذا المجال، يشكك آخرون في قدرته على تحقيق الوعود التي يقدمها. فقد وصف فيكتور موستار، رئيس قسم المنتجات في (Hugging Face)، (مانوس) بأنه أكثر أدوات الذكاء الاصطناعي إثارة للإعجاب التي استخدمتها حتى الآن، مؤكدًا أن قدراته تعيد تعريف حدود الممكن. بل ذهب موستار إلى أبعد من ذلك، واقترح في منشور عبر منصة X أن 'مانوس' قد يلغي الحاجة إلى البرمجة التقليدية، قائلًا: 'قد يقضي هذا على مفهوم البرمجة.. بل سيصبح الأمر أشبه بتناغم الأفكار، أو أي مسمى آخر تفضله'. this could kill vibe coding… It's more like ideas vibing or name it however you want :) — Victor M (@victormustar) March 8, 2025 وفي الوقت نفسه؛ لم يقتنع الجميع بقدرات (مانوس) فقد أشار كايل ويغرز من (TechCrunch) وألكسندر دوريا، المؤسس المشارك لشركة Pleias، إلى أنهم واجهوا أخطاء واقعية، وفشلًا في التنفيذ، ودخولًا في حلقات تكرار لا نهائية أثناء اختباراتهم. وأبدى (بيير كارل لانغليه)؛ المؤسس المشارك لشركة Pleias، ردود فعل متباينة بعد تجربته، إذ أشاد بواجهة المستخدم التي تتيح للمستخدمين تتبع خطوات (مانوس) والتحقق منها، لكنه انتقد ما وصفه بتكتيكات (التسويق المتعطش)، أي صنع ضجة مصطنعة عن طريق تقييد الوصول إلى مجموعة مختارة من المؤثرين. واختتم لانغليه حديثه بالدعوة إلى معايير أعلى من الانفتاح والشفافية في سوق الذكاء الاصطناعي، على جميع المستويات: النماذج، والبيانات، وممارسات الأعمال. مانوس ومخاوف الخصوصية: يثير وكيل الذكاء الاصطناعي (مانوس) مخاوف جدية تتعلق بخصوصية البيانات، على غرار المخاوف التي أثيرت حول شركة DeepSeek. وقد عبرت لويزا جاروفسكي، باحثة الذكاء الاصطناعي، عن قلقها العميق بشأن موقع تخزين بيانات (مانوس)، واحتمالية وصول السلطات الصينية إليها. ويتفاقم هذا القلق بسبب الغموض الذي يكتنف ملكية (مانوس)، مما يزيد من الشكوك حول الجهة المسؤولة عن حماية بيانات المستخدمين. وقد تساءلت جاروفسكي في منشور عبر منصة Substack: 'أين تقع الخوادم؟ وهل تُنقل بيانات المستخدمين إلى الصين؟' وتعكس هذه التساؤلات قلقًا متزايدًا بين المستخدمين حول كيفية التعامل مع بياناتهم الشخصية، خاصة في ظل التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي. ويشارك ميل موريس، الرئيس التنفيذي لشركة ( جاروفسكي قلقها بشأن خصوصية البيانات، مشيرًا إلى ارتباط (مانوس) بالصين. ويرى موريس أن هذه العوامل ستزيد من حدة الجدل المستمر حول أمن الذكاء الاصطناعي وحوكمته، خاصة في ظل تزايد الاعتماد على هذه التقنيات في مختلف جوانب الحياة. الخلاصة: بغض النظر عن صحة الادعاءات حول وكيل الذكاء الاصطناعي (مانوس)، فإن إطلاقه يظهر التقدم السريع الذي تحرزه الصين في مجال الذكاء الاصطناعي، ومع استمرار الصين في الاستثمار في هذا المجال، فمن المتوقع أن تزداد المنافسة بينها وبين الولايات المتحدة في السنوات القادمة.