
من الطوفان إلى سقوط نظام الأسد.. سيناريوهات منطقة الشرق 2025 في ضوء 'تأثير الفراشة' و'أحجار الدومينو'
تستعرض "مآلات' المسارات المحتملة لتداعيات التغيير في سوريا وانهيار نظام الأسد على عدة دول وفاعلين في منطقة الشرق وعلى الرغم من زيادة جوانب عدم اليقين والتعقيدات الناتجة عن تأثر ملفات المنطقة بتفاعل عدة عوامل لا تقتصر على التطورات في سوريا، إلا أن التأثيرات العميقة للتغيير في سوريا – والتي مازالت قيد التشكل بدورها – بات من الممكن تقديم قراءة أولية لها.
سقوط نظام الأسد وتأثير الدومينو
يشير مفهوم 'تأثير الدومينو' (
Domino Effect
) إلى سلسلة من الأحداث التي تنجم عن حدث أولي، إذ يؤدي كل حدث إلى الذي يليه، كما تتساقط قطع الدومينو واحدة تلو الأخرى عند دفع القطعة الأولى. وبالرغم من أن المفهوم له تطبيقات عدة في مجالات السياسة والعلاقات الدولية والاقتصاد والعلوم الاجتماعية والإدارية، إلا أن نشأة المفهوم جاءت من خلفية سياسية إذ استخدمه الرئيس الأمريكي السابق 'أيزنهاور' خلال الحرب الباردة لتبرير تدخل الولايات المتحدة في فيتنام، وأشار إلى تخوفات واشنطن من أن سقوط فيتنام في أيدي الشيوعيين قد يخلق 'تأثير الدومينو' في جنوب شرق آسيا.
إن سقوط نظام الأسد لا يمثل تغييرا جذريا محليا في سوريا فحسب، بل يشكل نقطة تحوّل في توازنات القوى في الشرق الأوسط، بعدما تراجع النفوذ الإقليمي لبعض الجهات الفاعلة الإقليمية، بينما سعت جهات أخرى إلى ملء الفراغ، ووجدت قوى أخرى نفسها في موقف متحفظ خشية انتقال عدوى التغيير إليها.
واستناداً إلى مفهوم 'تأثير الدومينو'، فإن انهيار النظام السوري نفسه هو قطعة دومينو سبق أن حركها طوفان الأقصى وحرب غزة. أي إن تفاعلات الحدثين متداخلة لا محالة، بما يفتح المجال أمام موجة من التغيرات الجيوسياسية الواسعة في المنطقة والتي لا تعني بالضرورة انهيار أنظمة أخرى بشكل مباشر، لكنه يخلق ديناميكيات جديدة قد تدفع بعض الدول إلى إعادة حساباتها الداخلية والخارجية، أو قد تؤدي إلى تصاعد صراعات كانت كامنة، أو تشكيل تحالفات جديدة، أو حتى بروز فاعلين جدد على الساحة.
وهكذا، فإن 'تأثير الدومينو' ليس إلا حالة فرعية من الظاهرة الأوسع لتأثير الفراشة (
The Butterfly Effect
). وهو مفهومٌ نشأ من نظرية الفوضى في الرياضيات والأرصاد الجوية، ويُنسب إلى عالم الأرصاد الجوية إدوارد لورنز في ستينيات القرن الماضي. والذي يشير باختصار إلى فكرة أن التغييرات الطفيفة في الظروف الأولية يمكن أن تؤدي إلى نتائج مختلفة تمامًا في الأنظمة المعقدة، كما أن رفرفة جناحي الفراشة في البرازيل، قد تسبب إعصارًا في تكساس. وعلى الرغم من أن هذا المفهوم نشأ من العلوم الطبيعية، إلا أنه استُخدم على نطاق واسع في العلوم الاجتماعية، بما في ذلك العلاقات الدولية، لفهم العواقب غير المقصودة للأحداث البسيطة أو التي تبدو غير مهمة، ويُسلّط الضوء على حدود فاعلية التفكير الخطي في عالم معقد وفوضوي ومترابط.
ويفيدنا مفهوم تأثير الفراشة عند الأخذ بأن التداعيات ليست كلها سلبية بالضرورة كما أنها تكون غير متوقعة، وغير مرتبطة مباشرة بالحدث الأصلي، وغير خطية، وذلك بخلاف ما يوحي به تأثير الدومينو الذي يميل أكثر لإثارة احتمال أن الحدث يتكرر تباعا ويكرر النمط الأساسي بصورة أقرب ما تكون إلى الخطية.
وهكذا، فإن تداعيات قرار الطوفان غير المتوقعة وغير الخطية تتشكل نتيجة تفاعل سلوك الأطراف، وصراع مصالحهم، وترابط النسيج الإقليمي، وقد تجلت في نتائج غير مخطط لها وغير مقصودة من قبل مخططي عملية طوفان الأقصى. فمثلا، بينما كانت تستهدف معركة الطوفان توحيد جهود محور المقاومة كداعم رئيسي، فإن نتائجها الراهنة هي إضعاف هذا المحور بصورة استراتيجية من خلال إضعاف حزب الله وسقوط نظام الأسد. لكنّها في المقابل عززت من تأثير الحوثيين إقليميا. كذلك؛ أدى التغيير في سوريا إلى تعزيز نفوذ تركيا إقليميا بل وتعزيز حكم الرئيس أردوغان محليا، وهي نتائج لم تكن ضمن أهداف مخططي عملية طوفان الأقصى، ولا حتى من أهداف الحرب الإسرائيلية على غزة وحزب الله.
تركيا: تعزيز النفوذ الإقليمي ومكاسب للعدالة والتنمية
تعد تركيا هي الرابح الإقليمي الأكبر من التغيرات في سوريا، خاصة وأنها تمثل نصرا واضحا في صراع النفوذ طويل الأمد مع إيران. وفي المنظور الأوسع، ليس من المبالغة اعتبار التغيير في سوريا إضافة لأوراق تركيا في معادلة تنافسها المعقدة مع روسيا. بالإضافة لذلك، فقد تسبب انهيار نظام الأسد في إضعاف وحدات حماية الشعب الكردية والقوات التابعة لها (قسد) التي تسيطر على الأجزاء الشمالية في سوريا كامتداد لحزب العمال الكردستاني (
PKK
).
وفي ظل التفاهمات المتوقعة مع الولايات المتحدة بشأن سوريا، فإن تركيا ستكون قد ضمنت القضاء على تهديد قيام حكم ذاتي كردي في شمال سوريا، وهو أمر يغير مجمل ديناميات ملف التمرد الكردي في جنوب تركيا. ومن ثم فإن مسار المصالحة التركية الكردية محليا، والذي كان قد بدأت إرهاصاته بالفعل في أكتوبر الماضي، يكون قد تلقى دفعة إيجابية كبيرة على وقع التغيير في سوريا.
بخلاف غالبية الأطراف الإقليمية، فإن حركة قطعة الدومينو في تركيا تحمل فرصا وليس تهديدات. فقد وضعت المعادلة السورية الجديدة تركيا في قيادة هيكل أمن إقليمي ناشئ يشمل العراق وسوريا والأردن ولبنان، يستهدف ضبط الحدود والتصدي لخطر استعادة تنظيم داعش نشاطه. كما باتت تركيا هي الضامن الأمني لاستقرار سوريا في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، وهو ما يخلق معادلة غير مسبوقة قد تكون فيها القوات التركية في حالة تماس مع الجيش الإسرائيلي، بما يمنح أنقرة مزيدا من الأوراق في مواجهة تل أبيب.
وبالإضافة للمكاسب الجيوسياسية، فإن واحدة من التداعيات غير المتوقعة قد تكون إطالة حكم الرئيس التركي أردوغان. إذ جنى أردوغان أرباح رهانه طويل الأمد على دعم فصائل المعارضة السورية مما يساهم في تعزيز وضع حزب العدالة والتنمية الحاكم داخلياً، خاصة مع العودة المحتملة لما يزيد عن ثلاثة ملايين لاجئ سوري. وكذلك فإن تموضع أنقرة في موقع الفاعل الرئيسي في إعادة إعمار سوريا سينعكس على أداء الاقتصاد التركي، وقد تجلى ذلك بوضوح عندما شهدت شركات البناء التركية ارتفاع أسهمها بعد سقوط الأسد مباشرة تحسباً لأنها ستكون في طليعة إعادة إعمار سوريا.
وعلى الرغم من الضغوط الاقتصادية التي تمثل التحدي الأبرز محليا للحزب الحاكم، فإن مسار المصالحة مع الأكراد الذي عززته التغيرات في سوريا قد ينتج عنه تغيرا جذريا في التحالفات الحزبية بما يمكن العدالة والتنمية من المضي قدما في مشروع تعديل الدستور أو كتابة دستور جديد، أو على الأقل وضع نهاية لتحالف حزب الشعب الجمهوري مع الأكراد، وهو التحالف الذي بات يمثل تهديدا لمستقبل الحزب الحاكم.
إيران: انحسار النفوذ الإقليمي والحاجة لعقيدة ردع جديدة
مثّل انهيار نظام الأسد إلى جانب الهزيمة التي تعرض لها حزب الله، تقويضاً لنفوذ إيران وقوتها في المنطقة، وخسارة لمكتسبات إيرانية تراكمت على مدار العقدين الماضيين. حيث عزز الموقع الجيواستراتيجي لسوريا النفوذ العسكري الإيراني، خاصة وأنه قد وفّر جسراً برياً استراتيجياً بين إيران وحزب الله، الأمر الذي مكّن الأخير من امتلاك ترسانة ضخمة من الصواريخ وجعله بمثابة خط الدفاع الأول لإيران ضمن استراتيجية 'الردع الأمامي'.
كما كشفت العمليات العسكرية بين إيران و'إسرائيل' خلال حرب غزة عن التفوق العسكري للكيان، وتجلى ذلك بوضوح بعد أن أدت الضربات التي وجهها الاحتلال إلى إيران في أكتوبر/تشرين أول الماضي إلى تقويض الدفاعات الجوية الإيرانية وقدرات إنتاج الصواريخ بشكل كبير.
لا ينتج عن خسارة سوريا قطع خطوط إمداد حزب الله وبالتالي تعطيل أداة الردع الإيرانية الأساسية في مواجهة 'إسرائيل' فقط، لكن أيضا نتج عن انهيار نظام الأسد تدمير الاحتلال ما تبقى من قدرات الدفاع الجوي السوري، ما يعني أن الأجواء السورية باتت مفتوحة تماما للطيران الإسرائيلي.
وعلى الرغم من أن الدفاعات السورية لم تكن تمثل سابقا أي عائق للطائرات العسكرية الإسرائيلية المتطورة، فإنها كانت تمثل تهديدا لطائرات التزود بالوقود اللازمة لإمداد الطائرات العسكرية إذا تحركت لشن هجمات في الأجواء الإيرانية. ما يعني أن الطيران الحربي الإسرائيلي تغلب على عقبة رئيسية كانت تحد من قدرته على شن هجوم واسع دون الاعتماد على دعم أمريكي.
على الرغم من أن خيار إدارة ترامب الأول هو إجبار إيران على التفاوض عبر فرض عقوبات صارمة، أكثر تشددا من عقوبات فترة رئاسته السابقة، ما زالت احتمالات التوصل لاتفاق أمريكي إيراني محدودة جدا؛ نظرا لأن ترامب لا يتفاوض على البرنامج النووي فحسب، وإنما يضع أيضا على الطاولة برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وعلاقة طهران بوكلائها في المنطقة.
أي إن ترامب يريد من الجمهورية الإسلامية الاستسلام وليس التراجع التكتيكي، أي أن تتخلى طوعا عن كل استراتيجيتها الدفاعية الأساسية: الوكلاء كخط دفاع أمامي، والصواريخ البعيدة المدى، وأخيرا الردع النووي. وهو أمر ليس من المرجح قبول طهران به بغض النظر عن الضغوط الاقتصادية القاسية. وتمثل استقالة جواد ظريف مساعد الرئيس الإيراني رسالة واضحة على تراجع فرص التفاهم مع الولايات المتحدة.
لذلك؛ فإن الخيار العسكري ليس مستبعدا. وقد يُغري ضعف إيران الحالي الرئيس الأمريكي بتوجيه ضربات ضد المنشآت النووية الإيرانية، خاصة وأن الضغوط الإسرائيلية واضحة في هذا الصدد. ومع ذلك فإن إقدام ترامب على هذه الخطوة يمكن أن يعرض منطقة الشرق الأوسط بأكملها لمخاطر كبيرة، ويطلق المزيد من تأثير الدومينو في المنطقة. وبالنظر إلى الوضعية الجديدة لإيران بعد أن فقدت خطوطها الأمامية وتراجع نفوذها في المنطقة؛ فإن أي تهديد من 'إسرائيل' وأمريكا للمصالح الحيوية لطهران، سيجعل الأخيرة في وضع 'الزاوية' ويدفعها إلى الاعتماد على قدراتها العسكرية التقليدية والرد بشكل مباشر.
وفي هذه الحالة سيكون من المرجح أن تستخدم إيران استراتيجية 'التصعيد من أجل التهدئة' عبر مهاجمة المنشآت النفطية وتعطيل الشحن البحري في الخليج العربي ومضيق هرمز، وذلك بهدف حشد جهود خفض التصعيد من جانب الدول الخليجية المصدرة للنفط والغاز وكذلك الصين والهند واليابان باعتبارهما من كبار مستوردي الطاقة من الدول الخليجية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


٠٢-٠٥-٢٠٢٥
من الطوفان إلى سقوط نظام الأسد.. سيناريوهات منطقة الشرق 2025 في ضوء 'تأثير الفراشة' و'أحجار الدومينو'
تستعرض "مآلات' المسارات المحتملة لتداعيات التغيير في سوريا وانهيار نظام الأسد على عدة دول وفاعلين في منطقة الشرق وعلى الرغم من زيادة جوانب عدم اليقين والتعقيدات الناتجة عن تأثر ملفات المنطقة بتفاعل عدة عوامل لا تقتصر على التطورات في سوريا، إلا أن التأثيرات العميقة للتغيير في سوريا – والتي مازالت قيد التشكل بدورها – بات من الممكن تقديم قراءة أولية لها. سقوط نظام الأسد وتأثير الدومينو يشير مفهوم 'تأثير الدومينو' ( Domino Effect ) إلى سلسلة من الأحداث التي تنجم عن حدث أولي، إذ يؤدي كل حدث إلى الذي يليه، كما تتساقط قطع الدومينو واحدة تلو الأخرى عند دفع القطعة الأولى. وبالرغم من أن المفهوم له تطبيقات عدة في مجالات السياسة والعلاقات الدولية والاقتصاد والعلوم الاجتماعية والإدارية، إلا أن نشأة المفهوم جاءت من خلفية سياسية إذ استخدمه الرئيس الأمريكي السابق 'أيزنهاور' خلال الحرب الباردة لتبرير تدخل الولايات المتحدة في فيتنام، وأشار إلى تخوفات واشنطن من أن سقوط فيتنام في أيدي الشيوعيين قد يخلق 'تأثير الدومينو' في جنوب شرق آسيا. إن سقوط نظام الأسد لا يمثل تغييرا جذريا محليا في سوريا فحسب، بل يشكل نقطة تحوّل في توازنات القوى في الشرق الأوسط، بعدما تراجع النفوذ الإقليمي لبعض الجهات الفاعلة الإقليمية، بينما سعت جهات أخرى إلى ملء الفراغ، ووجدت قوى أخرى نفسها في موقف متحفظ خشية انتقال عدوى التغيير إليها. واستناداً إلى مفهوم 'تأثير الدومينو'، فإن انهيار النظام السوري نفسه هو قطعة دومينو سبق أن حركها طوفان الأقصى وحرب غزة. أي إن تفاعلات الحدثين متداخلة لا محالة، بما يفتح المجال أمام موجة من التغيرات الجيوسياسية الواسعة في المنطقة والتي لا تعني بالضرورة انهيار أنظمة أخرى بشكل مباشر، لكنه يخلق ديناميكيات جديدة قد تدفع بعض الدول إلى إعادة حساباتها الداخلية والخارجية، أو قد تؤدي إلى تصاعد صراعات كانت كامنة، أو تشكيل تحالفات جديدة، أو حتى بروز فاعلين جدد على الساحة. وهكذا، فإن 'تأثير الدومينو' ليس إلا حالة فرعية من الظاهرة الأوسع لتأثير الفراشة ( The Butterfly Effect ). وهو مفهومٌ نشأ من نظرية الفوضى في الرياضيات والأرصاد الجوية، ويُنسب إلى عالم الأرصاد الجوية إدوارد لورنز في ستينيات القرن الماضي. والذي يشير باختصار إلى فكرة أن التغييرات الطفيفة في الظروف الأولية يمكن أن تؤدي إلى نتائج مختلفة تمامًا في الأنظمة المعقدة، كما أن رفرفة جناحي الفراشة في البرازيل، قد تسبب إعصارًا في تكساس. وعلى الرغم من أن هذا المفهوم نشأ من العلوم الطبيعية، إلا أنه استُخدم على نطاق واسع في العلوم الاجتماعية، بما في ذلك العلاقات الدولية، لفهم العواقب غير المقصودة للأحداث البسيطة أو التي تبدو غير مهمة، ويُسلّط الضوء على حدود فاعلية التفكير الخطي في عالم معقد وفوضوي ومترابط. ويفيدنا مفهوم تأثير الفراشة عند الأخذ بأن التداعيات ليست كلها سلبية بالضرورة كما أنها تكون غير متوقعة، وغير مرتبطة مباشرة بالحدث الأصلي، وغير خطية، وذلك بخلاف ما يوحي به تأثير الدومينو الذي يميل أكثر لإثارة احتمال أن الحدث يتكرر تباعا ويكرر النمط الأساسي بصورة أقرب ما تكون إلى الخطية. وهكذا، فإن تداعيات قرار الطوفان غير المتوقعة وغير الخطية تتشكل نتيجة تفاعل سلوك الأطراف، وصراع مصالحهم، وترابط النسيج الإقليمي، وقد تجلت في نتائج غير مخطط لها وغير مقصودة من قبل مخططي عملية طوفان الأقصى. فمثلا، بينما كانت تستهدف معركة الطوفان توحيد جهود محور المقاومة كداعم رئيسي، فإن نتائجها الراهنة هي إضعاف هذا المحور بصورة استراتيجية من خلال إضعاف حزب الله وسقوط نظام الأسد. لكنّها في المقابل عززت من تأثير الحوثيين إقليميا. كذلك؛ أدى التغيير في سوريا إلى تعزيز نفوذ تركيا إقليميا بل وتعزيز حكم الرئيس أردوغان محليا، وهي نتائج لم تكن ضمن أهداف مخططي عملية طوفان الأقصى، ولا حتى من أهداف الحرب الإسرائيلية على غزة وحزب الله. تركيا: تعزيز النفوذ الإقليمي ومكاسب للعدالة والتنمية تعد تركيا هي الرابح الإقليمي الأكبر من التغيرات في سوريا، خاصة وأنها تمثل نصرا واضحا في صراع النفوذ طويل الأمد مع إيران. وفي المنظور الأوسع، ليس من المبالغة اعتبار التغيير في سوريا إضافة لأوراق تركيا في معادلة تنافسها المعقدة مع روسيا. بالإضافة لذلك، فقد تسبب انهيار نظام الأسد في إضعاف وحدات حماية الشعب الكردية والقوات التابعة لها (قسد) التي تسيطر على الأجزاء الشمالية في سوريا كامتداد لحزب العمال الكردستاني ( PKK ). وفي ظل التفاهمات المتوقعة مع الولايات المتحدة بشأن سوريا، فإن تركيا ستكون قد ضمنت القضاء على تهديد قيام حكم ذاتي كردي في شمال سوريا، وهو أمر يغير مجمل ديناميات ملف التمرد الكردي في جنوب تركيا. ومن ثم فإن مسار المصالحة التركية الكردية محليا، والذي كان قد بدأت إرهاصاته بالفعل في أكتوبر الماضي، يكون قد تلقى دفعة إيجابية كبيرة على وقع التغيير في سوريا. بخلاف غالبية الأطراف الإقليمية، فإن حركة قطعة الدومينو في تركيا تحمل فرصا وليس تهديدات. فقد وضعت المعادلة السورية الجديدة تركيا في قيادة هيكل أمن إقليمي ناشئ يشمل العراق وسوريا والأردن ولبنان، يستهدف ضبط الحدود والتصدي لخطر استعادة تنظيم داعش نشاطه. كما باتت تركيا هي الضامن الأمني لاستقرار سوريا في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، وهو ما يخلق معادلة غير مسبوقة قد تكون فيها القوات التركية في حالة تماس مع الجيش الإسرائيلي، بما يمنح أنقرة مزيدا من الأوراق في مواجهة تل أبيب. وبالإضافة للمكاسب الجيوسياسية، فإن واحدة من التداعيات غير المتوقعة قد تكون إطالة حكم الرئيس التركي أردوغان. إذ جنى أردوغان أرباح رهانه طويل الأمد على دعم فصائل المعارضة السورية مما يساهم في تعزيز وضع حزب العدالة والتنمية الحاكم داخلياً، خاصة مع العودة المحتملة لما يزيد عن ثلاثة ملايين لاجئ سوري. وكذلك فإن تموضع أنقرة في موقع الفاعل الرئيسي في إعادة إعمار سوريا سينعكس على أداء الاقتصاد التركي، وقد تجلى ذلك بوضوح عندما شهدت شركات البناء التركية ارتفاع أسهمها بعد سقوط الأسد مباشرة تحسباً لأنها ستكون في طليعة إعادة إعمار سوريا. وعلى الرغم من الضغوط الاقتصادية التي تمثل التحدي الأبرز محليا للحزب الحاكم، فإن مسار المصالحة مع الأكراد الذي عززته التغيرات في سوريا قد ينتج عنه تغيرا جذريا في التحالفات الحزبية بما يمكن العدالة والتنمية من المضي قدما في مشروع تعديل الدستور أو كتابة دستور جديد، أو على الأقل وضع نهاية لتحالف حزب الشعب الجمهوري مع الأكراد، وهو التحالف الذي بات يمثل تهديدا لمستقبل الحزب الحاكم. إيران: انحسار النفوذ الإقليمي والحاجة لعقيدة ردع جديدة مثّل انهيار نظام الأسد إلى جانب الهزيمة التي تعرض لها حزب الله، تقويضاً لنفوذ إيران وقوتها في المنطقة، وخسارة لمكتسبات إيرانية تراكمت على مدار العقدين الماضيين. حيث عزز الموقع الجيواستراتيجي لسوريا النفوذ العسكري الإيراني، خاصة وأنه قد وفّر جسراً برياً استراتيجياً بين إيران وحزب الله، الأمر الذي مكّن الأخير من امتلاك ترسانة ضخمة من الصواريخ وجعله بمثابة خط الدفاع الأول لإيران ضمن استراتيجية 'الردع الأمامي'. كما كشفت العمليات العسكرية بين إيران و'إسرائيل' خلال حرب غزة عن التفوق العسكري للكيان، وتجلى ذلك بوضوح بعد أن أدت الضربات التي وجهها الاحتلال إلى إيران في أكتوبر/تشرين أول الماضي إلى تقويض الدفاعات الجوية الإيرانية وقدرات إنتاج الصواريخ بشكل كبير. لا ينتج عن خسارة سوريا قطع خطوط إمداد حزب الله وبالتالي تعطيل أداة الردع الإيرانية الأساسية في مواجهة 'إسرائيل' فقط، لكن أيضا نتج عن انهيار نظام الأسد تدمير الاحتلال ما تبقى من قدرات الدفاع الجوي السوري، ما يعني أن الأجواء السورية باتت مفتوحة تماما للطيران الإسرائيلي. وعلى الرغم من أن الدفاعات السورية لم تكن تمثل سابقا أي عائق للطائرات العسكرية الإسرائيلية المتطورة، فإنها كانت تمثل تهديدا لطائرات التزود بالوقود اللازمة لإمداد الطائرات العسكرية إذا تحركت لشن هجمات في الأجواء الإيرانية. ما يعني أن الطيران الحربي الإسرائيلي تغلب على عقبة رئيسية كانت تحد من قدرته على شن هجوم واسع دون الاعتماد على دعم أمريكي. على الرغم من أن خيار إدارة ترامب الأول هو إجبار إيران على التفاوض عبر فرض عقوبات صارمة، أكثر تشددا من عقوبات فترة رئاسته السابقة، ما زالت احتمالات التوصل لاتفاق أمريكي إيراني محدودة جدا؛ نظرا لأن ترامب لا يتفاوض على البرنامج النووي فحسب، وإنما يضع أيضا على الطاولة برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وعلاقة طهران بوكلائها في المنطقة. أي إن ترامب يريد من الجمهورية الإسلامية الاستسلام وليس التراجع التكتيكي، أي أن تتخلى طوعا عن كل استراتيجيتها الدفاعية الأساسية: الوكلاء كخط دفاع أمامي، والصواريخ البعيدة المدى، وأخيرا الردع النووي. وهو أمر ليس من المرجح قبول طهران به بغض النظر عن الضغوط الاقتصادية القاسية. وتمثل استقالة جواد ظريف مساعد الرئيس الإيراني رسالة واضحة على تراجع فرص التفاهم مع الولايات المتحدة. لذلك؛ فإن الخيار العسكري ليس مستبعدا. وقد يُغري ضعف إيران الحالي الرئيس الأمريكي بتوجيه ضربات ضد المنشآت النووية الإيرانية، خاصة وأن الضغوط الإسرائيلية واضحة في هذا الصدد. ومع ذلك فإن إقدام ترامب على هذه الخطوة يمكن أن يعرض منطقة الشرق الأوسط بأكملها لمخاطر كبيرة، ويطلق المزيد من تأثير الدومينو في المنطقة. وبالنظر إلى الوضعية الجديدة لإيران بعد أن فقدت خطوطها الأمامية وتراجع نفوذها في المنطقة؛ فإن أي تهديد من 'إسرائيل' وأمريكا للمصالح الحيوية لطهران، سيجعل الأخيرة في وضع 'الزاوية' ويدفعها إلى الاعتماد على قدراتها العسكرية التقليدية والرد بشكل مباشر. وفي هذه الحالة سيكون من المرجح أن تستخدم إيران استراتيجية 'التصعيد من أجل التهدئة' عبر مهاجمة المنشآت النفطية وتعطيل الشحن البحري في الخليج العربي ومضيق هرمز، وذلك بهدف حشد جهود خفض التصعيد من جانب الدول الخليجية المصدرة للنفط والغاز وكذلك الصين والهند واليابان باعتبارهما من كبار مستوردي الطاقة من الدول الخليجية.


26 سبتمبر نيت
٢٤-٠٣-٢٠٢٥
- 26 سبتمبر نيت
حاملة الطائرات فينسون ..تدوير للفشل و انتحار أمريكي جديد
زين العابدين عثمان | في قراءة مسار معركة البحر الأحمر وما صلت الى من نتائج ميدانية فقد أصبح من الممكن للجميع ملاحظة حجم الفشل و الإحباط الذي يضرب أساطيل امريكا وقواتها البحرية أمام العمليات المتصاعدة التي تنفذها قواتنا المسلحة , حيث أظهرت مختلف السفن والمدمرات وبالمقدمة مجموعة حاملة الطائرات U.S.S TROMAN فشل كارثي في المعركة وتحول وضعها من حالة الهجوم الى وضع دفاع متآكل . حيث تحولت مهام الكثير من المقاتلات F-18 التي على متنها الى مهام الدفاع عن الحاملة ومحاولة اعتراض هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة . بالتالي وضعية حاملة الطائرات ترومان في هذه المعركة جعلها غير قادرة على الصمود او البقاء أكثر في المعركة خصوصا مع حالة الاستنزاف ونفاد مخزونها من الذخيرة والإمكانات اللوجستية وكذلك تصاعد العمليات الهجومية التي تتعرض لها حيث تعرضت خلال اسبوع الى اربع هجمات أرغمتها على الانسحاب و التموضع في أقصى مياه البحر الأحمر بمسافة تصل 1300كم . خبراء العدو الامريكي وخصوصا قادة البحرية يعيشون حالة التخبط والقلق فلم تأخذ حساباتهم أن تتمكن عمليات اليمن من الإطاحة بدرة تاج القوة البحرية الامريكية المتمثلة بحاملة الطائرات وأن تتحول الأخير الى قطعة مشلولة وفرسية سهلة الاستهداف . 《تقدير موقف》 من الواضح أن امريكا لم تعد كما كانت عليه سابقا فوضعها العسكري والاستراتيجي يتآكل وينتقل من السيئ الى الاسوأ وفي هذه المرحلة تسعى ادارة ترامب الى إنقاذ ماتبقى من سمعة قواتها البحرية من خلال إستدعاء حاملة الطائرات يو إس إس فينسون التي ترابط في بحر الصين والتي تعتبر محاولة طارئة لفرملة حالة السقوط والفشل والاذلال الذي تعاني منه البحرية الامريكية علما بأن هذا الاستدعاء ليس الاول من نوعه فقد ارسلت امريكا في عهد ادارة بايدن اربع حاملة طائرات "أيزنهاور وروزفلت وابرهام لينكولن والسفينة ترومان"وقد خرجت جميعها بفشل استراتيجي غير مسبوق. بالتالي حاملة الطائرات الجديدة "فينسون " هي الخامسة التي يتم ارسالها و هي في الواقع لاتشكل اي فارق عن نظائرها السابقة لا على المستوى العملياتي ولا على مستوى جوانب القدرات والتجهيزات فكل ما يأتي من ترويج وتضخيم على وسائل الاعلام ليس الا من صنع الة حرب النفسية والدعائية التي تديرها أمريكا لغرض لفت الانظار أما واقعا فالامر أشبه باحضار سلاح مكان سلاح اخر نظير له وبنفس المواصفات . الخصائص لكلا السفينتين متشابهه في مستوى القدرات والتجهيزات التقنية ولايوجد أي فوارق بينهما سوى في الجانب الفني .وللتوضيح حاملة الطائرات "ترومان "ونظيرتها "فينسون"كلاهما من طراز NIMITS وهو طراز تقليدي قديم دخل الخدمة في ثمانينات القرن الماضي . أنظمة التسليح والقدرات متطابقة سواءا أنظمة الملاحة البحرية والجوية والانظمة الدفاعية وحصيلة عدد المقاتلات التي يمكن حملها وعدد الطاقم . لذلك لافرق بين كلا الحاملتين وهي بالمعنى العسكري ليست اكثر من مخاطرة امريكية جديدة وتدوير للفشل. قواتنا المسلحة بعون الله تعالى عندما هاجمت حاملة الطائرات ترومان وطردتها استخدمت انظمة من الصواريخ الباليستية والمسيرات وصواريخ الكروز وكانت نتائج الهجمات دقيقة وخطيرة الى درجة عطلت مهامها القتالية وكادت ان تصاب باضرار تدميرية . لذا هذا النمط من المواجهة والجحيم العملياتي يمكن أن تتعرض له الحاملة الجديدة "فينسون" التي لن يكون بمقدورها تحقيق اي انجاز او تحول في المعركة غير الاخفاق والهزيمة . عرب جورنال


26 سبتمبر نيت
١٥-٠٢-٢٠٢٥
- 26 سبتمبر نيت
المقاومة الفلسطينية تسلم 3 أسرى صهاينة
سلمت المقاومة الفلسطينية، اليوم السبت، 3 أسرى صهاينة إلى الصليب الأحمر في خان يونس لنقلهم إلى جانب العدو الإسرائيلي ضمن الدفعة السادسة من صفقة التبادل حسب اتفاق وقف إطلاق النار. وتم إيصال الأسرى الثلاثة لتسليمهم للصليب الأحمر الدولي بمركبة من التي تم اغتنامها من جيش العدو يوم بدء معركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر 2023. ونصبت المقاومة منصة ضخمة، زينت بصور قادتها الشهداء، على رأسهم محمد الضيف ومروان عيسى، وعبارات بالعربية والانجليزية والعبرية، فيما انتشر مقاومون من كتائب القسام وسرايا القدس في المكان، الذي يحيط به الركام من كل جانب، إثر حرب الإبادة الصهيونية. واصطف عشرات المقاتلين من القسام والسرايا في محيط المنصة، إلى جانب اعتلاء مقاتلين عدة مركبات بيضاء. وظهر من بين المقاتلين، عدد من عناصر كتائب القسام يرتدون زي جيش العدو العسكري، ويحملون أسلحة اغتنمت خلال معارك طوفان الأقصى. وخُطت العديد من العبارات في الصور المنصوبة على المنصة، عبرت فيها المقاومة عن ثباتها ومسعاها نحو التحرير. ومن تلك العبارات "نحن الجنود يا قدس فاشهدي"، على صورة لمقاتلين يحملون أعلام دول عربية ويسيرون نحو القدس وكتبت جملة "لا هجرة إلا القدس" على صورة ثانية، يجلس فيها شخص على كرسي، تيمّنًا بالصورة المشهور للشهيد يحيى السنوار، وأمامه فتحة في جدار خرج منها طفل يحمل علم فلسطين ويسير نحو قبة الصخرة. وأسفل المنصة، علقت صور جوية تبدو أنها من آثار عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، يعلو كلا منها مثلث أحمر، وجملة "عبرنا مثل خيط الشمس" باللغات الثلاث. واصطف عشرات المقاتلين من القسام والسرايا في محيط المنصة، إلى جانب اعتلاء مقاتلين عدة مركبات بيضاء. وسبق أن سلمت المقاومة اثنين من الأسرى الإسرائيليين في ذات المكان، وهو يبعد مئات الأمتار عن منزل السنوار المدمر. وخلال ذلك، نشرت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي مقطعًا مصورًا أظهر لحظة تلقي الأسير الإسرائيلي لديها ساشا الكسندر تروبنوف، قرار الإفراج عنه، حيث رد بابتسامة وعبارة "الحمد لله". وستفرج المقاومة اليوم عن الأسرى الإسرائيليين الثلاثة، ساشا الكسندر تروبنوف، ساغي ديكل حن، يائير هورن، وهم الذين أعلنت كتائب القسام أسماءهم أمس الجمعة. ومقابل ذلك، سيتحرر من سجون العدو 369 أسيرا فلسطينيا، من بينهم 36أسيراً من ذوي الأحكام المؤبدة، و333 من أسرى قطاع غزة الذين اعتقلهم الاحتلال بعد الـ7 من أكتوبر، وتعرضوا في سجونه لعمليات تعذيب وتجويع وإذلال.