logo
#

أحدث الأخبار مع #«ديبمايند»

هروب العقول البريطانية إلى الولايات المتحدة بحثاً عن التمويل
هروب العقول البريطانية إلى الولايات المتحدة بحثاً عن التمويل

البيان

time١٤-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • البيان

هروب العقول البريطانية إلى الولايات المتحدة بحثاً عن التمويل

كيران سميث - كريستينا كريدل انخفض الاستثمار في الشركات الناشئة بالمملكة المتحدة إلى أدنى مستوياته منذ الفترة التي تلت جائحة فيروس كورونا، ما دفع شركات التكنولوجيا الناشئة إلى التفكير في احتمالية نقل مقراتها إلى الولايات المتحدة بحثاً عن رؤوس الأموال. وأظهرت بيانات شركة ديلروم للبحوث أن الشركات الناشئة البريطانية جمعت 16.2 مليار جنيه استرليني فقط في عام 2024، وكان هذا أقل قدر من التمويل منذ عام 2020. على النقيض جمع نظراؤهم في وادي السيليكون أكثر من 65 مليار استرليني خلال الفترة نفسها، بزيادة قدرها 71 % مقارنة بعام 2023. وقال العديد من الرؤساء التنفيذيين للشركات البريطانية الناشئة، إن رغبتهم في اجتذاب المستثمرين الأمريكيين دفعتهم بالفعل إلى تأسيس فروع لهم في الولايات المتحدة على الرغم من وجود مقارهم في لندن. يرى ماتي ستانيزيسكي، الشريك المؤسس لشركة إليفين لابز المختصة في الذكاء الاصطناعي، وبلغ تقييمها 3.3 مليارات دولار في يناير من العام الجاري، أنه: «إدراكاً منا بأن أغلبية تمويل المشاريع تأتي من الولايات المتحدة، فقد أسسنا شركة في ديلاوير بالهيكل المُفضل والمألوف للمستثمرين الأمريكيين». وتجدر الإشارة إلى أن نحو 20 % من 70 شركة تقنية ناشئة بدأت في بريطانيا وتلقت تمويلاً من رأس المال المغامر، ثم نقلت مقرها الرئيسي إلى أمريكا، تأسست بعد عام 2020. يأتي هذا التوجه مع إشارة حكومة السير كير ستارمر إلى قطاع الذكاء الاصطناعي الناشئ باعتباره مساراً محتملاً يؤدي إلى النمو الاقتصادي، حيث يقول مؤسسو الشركات الناشئة والمستثمرون، إن جودة المهندسين والموظفين التقنيين البريطانيين تضاهي نظراءهم الأمريكيين. وحذرت الشركات الناشئة من أن صعوبة الوصول إلى رأس المال تعيق الشركات البريطانية عن المنافسة مع نظيراتها العالمية. وفي الماضي استحوذ مستثمرون دوليون أكبر على شركات تكنولوجية بريطانية رائدة، مثل «ديب مايند» و«آرم». وقال بارني هاسي-ييو، الذي جمعت شركته الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتتخذ من لندن مقراً لها تمويلاً بقيمة 140 مليون دولار منذ تأسيسها عام 2016، وهو يفكر في الانتقال من المملكة المتحدة، وأوضح أن الانجذاب نحو الانتقال إلى الولايات المتحدة «يزداد قوة كل عام»، لافتاً إلى العقلية الأفضل للمستثمرين والقرار الأخير، الذي اتخذته الحكومة البريطانية لزيادة ضرائب الأرباح الرأسمالية. وأفاد هاسي-ييو، الذي يقضي أربعة أشهر سنوياً في سان فرانسيسكو: «إنك تصل إلى حجم معين لا تستطيع تجاوزه، وليس ثمة رأس مال في المملكة المتحدة، والمشكلة تزداد سوءاً»، وتابع: «في حقيقة الأمر ستكون المملكة المتحدة في أزمة إذا لم تعالج هذه المشكلة». من ناحيته اختار ألكس ماكدونالد، الذي أطلق شركته الناشئة الثانية مؤخراً باسم «سيكيويل» ولاية ميامي لتكون مقراً لشركته، وأسس شركة تابعة مقرها في المملكة المتحدة في سياق هيكل، تم تصميمه لتفادي مسألة نقل المقر في وقت لاحق. وقال: «أنا أيضاً مستثمر، والنصيحة التي أسديها إلى المؤسسين في الوقت الراهن هي تأسيس مقارهم في الولايات المتحدة، ثم شركات تابعة في المملكة المتحدة، لأنكم ستحصلون على رأس المال بصورة أفضل، مع الحصول أيضاً على المهارات الموجودة في المملكة المتحدة لكن بتكلفة توظيف أقل كثيراً». أما ماكدونالد، الذي وظف أغلبية فريق العمليات في لندن، فيرى أن المهارات الموجودة في المملكة المتحدة متساوية إن لم تتفوق على الموجودة في الولايات المتحدة، علاوة على أنها محصورة في نطاق جغرافي أصغر. وأضاف أن «المملكة المتحدة مكان رائع لتأسيس الأعمال، لكننا بحاجة إلى رؤية تغييرات، مثل تشجيع صناديق المعاشات التقاعدية على الاستثمار في رأس المال المغامر؛ تشجيعاً لمزيد من النمو للشركات الناشئة». ولطالما كان قطاع المعاشات التقاعدية في المملكة المتحدة متردداً في الاستثمار في الأسواق الخاصة مقارنة بنظرائه في الخارج. وتوصلت دراسة أجراها مركز نيو فايننشال البحثي في العام الماضي إلى استثمار خطط التقاعد البريطانية 5 % في الأسهم الخاصة، وهو أقل من نظيراتها الأمريكية. وفي الشهر الماضي، صرح تورستن بيل، وزير المعاشات التقاعدية، بأنه يدفع صناديق التقاعد إلى زيادة استثماراتها في الأسواق الخاصة، وهو ما يأتي ضمن خطط حكومية أوسع ترمي إلى تحسين الأداء وتوحيد أصول صناديق التقاعد، التي تبلغ قيمتها 1.3 تريليون استرليني. وأشار مؤسسان اثنان تلقيا تعليمهما في المملكة المتحدة وفي أوائل العشرينيات، وهما تايمون غريغ وكايلين شو، إلى تأسيسهما شركاتهما في الولايات المتحدة بسبب السلوك الأفضل من جانب المستثمرين والعملاء. وذكر جريج، الذي أسس مقراً لشركته «سترالا» العاملة في التأمين بواسطة الذكاء الاصطناعي في سان فرانسيسكو بالعام الماضي: «العملاء والمستثمرون الأمريكيون أسرع وأكثر استعداداً لتجربة الأشياء - مستوى الطموح مختلف تماماً». وبالنسبة لشو، الذي انتقلت شركته «هيبوس إكسوسكيليتون» العاملة في التكنولوجيا الصحية إلى سان فرانسيسكو، فأوضح: «العقلية مختلفة، الناس على استعداد لتحمل المخاطر». وسلط البحث الذي أجرته «ديلروم»، الضوء على اتجاه 57 % من رأس المال المغامر في العام الماضي إلى شركات ناشئة في الولايات المتحدة، ما يتخطى مستوى 50 % للمرة الأولى منذ عقد، كما نمت الاستثمارات بنسبة 30 % منذ عام 2023. وعلى النقيض لم تتلقَ الشركات الناشئة في المملكة المتحدة إلا 4.8 % من التمويل العالمي، وتراجع إجمالي الاستثمارات بواقع 11 % خلال الفترة ذاتها. لفت أنتوني ووكر، نائب الرئيس التنفيذي لدى «تك يو كيه»، إلى أن الأمة «تواجه خطر فقدان ألمع شركاتها لصالح الأسواق العالمية»، إن لم تفعل المزيد لسد «فجوة الاستثمار» الآخذة في الاتساع مع الولايات المتحدة. وحذر من أنه «إن لم يتم اتخاذ إجراءات في هذا الصدد فستفكر الكثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة ذات الإمكانات العالية في نقل مقارها إلى الخارج، ما سيكلف المملكة المتحدة وظائف، وإيرادات ضريبية، وكذلك نمواً اقتصادياً». ويعتقد دوم هالاس، الذي أسس تحالف الشركات الناشئة وهي هيئة صناعية، أن المملكة المتحدة وقعت ضحية لـ«نجاحها الجزئي». وأضاف: «لقد بنينا نظاماً بيئياً تقنياً يستحق أن يقوم المستثمرون الأمريكيون والدوليون الآخرون بالبحث فيه عن مؤسسين»، مضيفاً «نحن بحاجة إلى خطة حقيقية، لتحفيزهم على البقاء في البلاد».

انخفاض الذكاء البشري
انخفاض الذكاء البشري

الوطن

time٢٧-٠٣-٢٠٢٥

  • صحة
  • الوطن

انخفاض الذكاء البشري

أثارت دراسات أكاديمية جديدة الجدل حول ما اعتبرته ظاهرة «انخفاض الذكاء البشري»، وزادت المخاوف بشأن تراجع قدرات التفكير والمعالجة المعلوماتية. وتراجع الذكاء لا يعني الوصول إلى مرحلة الغباء، ولكنه بكل تأكيد مؤثر جدا على المستوى المعرفي والسلوكي للبشر، وهذا قد يتفاقم ليصل إلى مراحل أكثر تدهورا إذا لم تتم تغذية هذا الجانب بالشكل المناسب وتدارك الأمر. كل هذا أكدته دراسة صادرة عن جامعة ميشيجان، لفتت الانتباه إلى جوانب عدة توضح هذا التراجع في الذكاء. وفقا للدراسات والأبحاث، أثرت جائحة كورونا بشكل ملحوظ على القدرات المعرفية، خاصة بين الشباب والمراهقين، حيث أدى التباعد الاجتماعي وفترات الإغلاق إلى تقليل الأنشطة اليومية التي تعزز التفكير النقدي وحل المشكلات، فضلا عن تراجع مهارات التواصل نتيجة الاعتماد على التعليم عن بُعد. الشباب في الدائرة أشارت الدراسات إلى أن عددا من الشباب والمراهقين يعانون صعوبات في التركيز، مما يُعيق قدرتهم على الدراسة وتحصيل المعلومات، باعتبار أن التركيز عنصر أساسي في عملية التعلم، مما يرفع من خطورة هذه المشكلة نظرا لتأثيرها المباشر على الأداء الأكاديمي. من جانب آخر، أظهرت الدراسة انخفاضًا في مهارات التفكير النقدي، مما قد يجعل هذه الفئة أقل قدرة على تقييم المعلومات بشكل موضوعي. وأشار الباحثون إلى أن هذه العوامل قد تؤثر سلبيا على قدرتهم على مواجهة التحديات المعقدة في حياتهم اليومية. قراءة وحساب أشارت بعض التقارير إلى انخفاض ملحوظ في مهارات الرياضيات والقراءة لدى الشباب، وهو يعد أمرًا مقلقًا نظرًا لأساسية هذه المهارات في التعلم. في حين عزت الدراسات ذلك إلى نقص البيئة التعليمية الداعمة، والتفاعل الاجتماعي ولو بشكل جزئي. قدرات معرفية منخفضة بالإضافة إلى ما سبق، أظهرت الأبحاث نقصًا عامًا في القدرات المعرفية، حيث أدى الانشغال بالتكنولوجيا، الذي زاد خلال الجائحة، إلى تأثير سلبي على طريقة تفكير الشباب، في إشارة إلى أن الاستخدام المستمر للشاشات قد يُسهم في تقليل التفكير العميق والتحليل. تأثير الذكاء الاصطناعي مع تزايد اعتماد الأشخاص على الذكاء الاصطناعي لأداء المهام اليومية، يخشى المهتمون والباحثون في هذا المجال أن يؤدي هذا إلى تقليل الحاجة إلى التفكير النقدي. ولعل أبرز أسباب هذا الاعتماد هو تقديم تحليلات دقيقة تساعد في اتخاذ قرارات مستنيرة، ومع ذلك أثار هذا التوجه المزخم نحو الذكاء الاصطناعي خشية الباحثين من أن الاعتماد المفرط عليه قد يقلل من القدرات البشرية أكثر. كما أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التفاعل الاجتماعي قد يُسهم في تراجع المهارات الاجتماعية والعاطفية. آراء خبراء في سياق حديثه عن الذكاء الاصطناعي، قال الرئيس التنفيذي لشركة «ديب مايند» التابعة لـ«جوجل»، ديميس هاسابيس: «الذكاء الاصطناعي القادر على مُضاهاة قدرات البشر في أي مهمة لا يزال بعيد المنال، لكنه يتوقع حدوث ذلك في السنوات الخمس إلى العشر المقبلة»، بينما يتوقع بعض الخبراء، مثل إيلون ماسك، أن الذكاء الاصطناعي العام قد يصبح متاحًا في وقت قريب. مواجهة التحدي بدورهم، دعا اختصاصيون في علم الاجتماع والتربية إلى تكثيف الجهود، لمواجهة هذا التحدي بالإشارة إلى أن مواجهة تحديات انخفاض الذكاء البشري تتطلب جهودًا متكاملة من الأسر والمدارس والمجتمع، ومن الضروري توفير بيئات تعليمية تفاعلية تعزز من مهارات التفكير النقدي والتركيز لدى الشباب. كما يجب الموازنة بين استخدام التكنولوجيا الحديثة، والاستمرار في تعزيز القدرات الأساسية للبشر، لضمان مستقبل يتسم بالذكاء والإبداع. فرصة للتغيير الاختصاصي في برامج التأهيل النفسي الدكتور نبيل الخنيزي ذكر: «في اعتقادي، فإن التحديات التي يواجهها الذكاء البشري الآن هي من أكثر التحديات تعقيداً للإنسان، حيث يعيش العالم في عصر البيانات غير المنتهية. ومع ظهور الذكاء الاصطناعي وتقنيات التعلم الآلي، سنجد أنفسنا أمام فرص وتحديات معقدة. هذه التقنيات تجعل التحليل والقرارات أسرع وأدق، لكنها تثير أيضا مخاوف حول مستقبل العمل، وكيفية توافق البشر مع هذه التحولات». وتابع: «كذلك يعاني التعليم تحديات أخرى، حيث نحتاج إلى تعليم يركز أكثر على مهارات التفكير النقدي، وحل المشكلات، والتعلم المستمر، بدلا من مجرد حفظ المعلومات التي يمكن للآلات أن تقدمها بسهولة». وأكمل الخنيزي: «الذكاء البشري لم يفقد قوته، فهو الأساس الذي منه انطلق الذكاء الاصطناعي، ويمكن أن تكون الدراسات عن ظاهرة انخفاض الذكاء البشري عامل محفز أكثر لتحسين قدراتنا، واستخدام التكنولوجيا لخدمة الإنسان دون فقدان البُعد الإنساني».

الذكاء الاصطناعي يخبرنا عن منشأ الفيروسات
الذكاء الاصطناعي يخبرنا عن منشأ الفيروسات

شبكة النبأ

time١٧-٠٢-٢٠٢٥

  • صحة
  • شبكة النبأ

الذكاء الاصطناعي يخبرنا عن منشأ الفيروسات

ان الدراسة لا ترسم سوى جزءٍ من الصورة، وما خفي كان أعظم، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعيد كتابة السجلات التطوُّرية للفيروسات الأخرى، بل وحتى بعض الكائنات الخلوية، بالاستعانة بالجيل الجديد من الأدوات، سنعيد كتابة قصة تلك الفيروسات. أما وقد أصبح في مقدورنا أن نرى أبعد مما كنا نرى... الذكاء الاصطناعي يسهم في إعادة رسم شجرة عائلة الفيروسات. فالبنى البروتينية التي أنتجتها الأداة «ألفا فولد» AlphaFold، التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، والنماذج اللغوية للبروتينات، المستوحاة من طريقة عمل روبوتات الدردشة، أزاحت الستار عن بعض الروابط غير المتوقَّعة في عائلة الفيروسات، ومنها فيروسات تصيب الإنسان بالفعل، وأخرى يُحتمل أن تصيبه مستقبلًا. مفهوم العلماء عن تطور الفيروسات يستند، في جانب كبير منه، إلى المقارنات الجينومية. ولكن لمَّا كان هذا التطوُّر يتمُّ بسرعة البرق، خاصةً في حالة الفيروسات المدوَّنةِ جينوماتُها على الحمض النووي الريبي (RNA)، ومع ميل الفيروسات إلى اكتساب مادة جينية من كائنات أخرى، فإن التسلسلات الجينية يمكن أن تعجز عن كشف العلاقات العميقة والبعيدة بين الفيروسات، وهو ما يمكن أن يختلف أيضًا تبعًا لاختلاف الجين قيد الفحص. وعلى النقيض من ذلك، نجد أن البروتينات التي ترمِّزها الجينات الفيروسية لها أشكال وبنى بطيئة التغيُّر، وهو ما يتيح الكشف عن تلك الروابط التطورية الخفيّة. ومع ذلك، فحتى ظهور أدوات على شاكلة «ألفا فولد»، تستطيع التنبُّؤ ببنى عددٍ كبير من البروتينات في ذات الوقت، لم يكن في الإمكان المقارنة بين بنى البروتينات الخاصة بعائلة فيروسية بأكملها، على حد قول جو جروف، الباحث المتخصص في علم الفيروسات الجزيئي بجامعة جلاسجو، في المملكة المتحدة. في دراسةٍ نُشرة على صفحات دورية Nature في شهر سبتمبر الماضي1، أفصح جروف وفريقه عما يمكن أن تقدمه منهجية قائمة على فحص البنى البروتينية في الوصول إلى فهمٍ أفضل لما يُعرف بالفيروسات المصفرة؛ وهي مجموعة من الفيروسات تشمل فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي (سي)، والفيروس المسبب لحمى الضنك، وفيروس «زيكا»، إضافةٍ إلى بعض العوامل الممرضة للحيوانات، وبعض الأنواع التي قد تشكِّل تهديدًا لصحة الإنسان مستقبلًا. كيف يقتحم الفيروس الخلية؟ فهم الباحثين لتطوُّر الفيروسات المصفرة يعتمد أساسًا على تعيين تسلسل إنزيمات بطيئة التطور، تعمل على نسخ المادة الجينية. ومع ذلك، فإنها لا يعرفون إلا لمامًا عن أصول "بروتينات الإدخال"، التي تستعين بها الفيروسات المصفرَّة لمهاجمة الخلايا، وهي المسؤولة كذلك عن تحديد العوائل التي يمكن لهذه الفيروسات إصابتها. يرى جروف أن هذه الفجوة المعرفية هي ما أخَّرت التوصُّل إلى لقاح للالتهاب الكبدي الوبائي (سي)، الذي يودي بمئات الآلاف من البشر كل عام. يقول: "على مستوى التسلسل الجيني، تبدو الأمور من التشعُّب بحيث يتعذَّر الجزم بما إن كانت الفيروسات قريبةً من بعضها تطوريًّا، أم لا. ثم جاءت فكرة التنبُّؤ ببنى البروتينات لتحلَّ المسألة برمّتها، بحيث أصبح في مقدورنا رؤية الأمور بجلاء". استعان الباحثون بنموذج «ألفا فولد 2»، الذي طوَّرته شركة «ديب مايند» DeepMind، وكذا بالأداة المسمَّاة «إي إس إم فولد» ESMFold، وهي أداة متخصصة في التنبُّؤ بالبنى طوَّرتها شركة التقنية العملاقة «ميتا» Meta، لإنتاج ما يربو على 33 ألف بنية بروتينية تخص بروتينات مأخوذة من 458 نوعًا من الفيروسات المصفرة. مما يُذكر عن النموذج «إي إس إم فولد» أنه قائم على نموذج لغوي مدرَّب على عشرات الملايين من التسلسلات البروتينية. وهي، خلافًا لـ«ألفا فولد»، لا تحتاج أكثر من تسلسل واحد، بدلًا من الاعتماد على تسلسلات عدَّة لبروتينات متشابهة، ما يجعلها مناسبة بوجهٍ خاص لفحص الفيروسات الغامضة. بفضل البنى البروتينية التي تنبَّأت بها الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، تمكَّن فريق الباحثين من التعرف على بروتينات إدخال الفيروسات باستخدام تسلسلات تختلف كل الاختلاف عن التسلسلات المعروفة للفيروسات المُصفرة. ووجدوا روابط غير متوقعة: منها أن مجموعة الفيروسات الفرعية التي تشمل فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي (سي) تهاجم الخلايا عن طريق نظامٍ شبيهٍ بالنظام المكتشَف في الفيروسات الطاعونية (pestiviruses)، وهي مجموعة من الفيروسات تضم الفيروس المسبِّب لحمى الخنازير التقليدية، التي تصيب الخنازير بحمى نزفية، كما تضمُّ غير هذا الفيروس من الكائنات المُمْرضة للحيوانات. أظهرت عمليات المقارنة المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن نظام الإدخال هذا يختلف عن النظام المعروف في العديد من الفيروسات المُصفرة. يقول جروف: "في حالة فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي (سي) وأقربائه، لا نعلم على وجه التحقيقي مَصدر نظام الإدخال هذا. لعلّه من صنيعة تلك الفيروسات في الزمان القديم". بنية البروتين السكري لفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي (سي) كما تنبَّأت بها أداةٌ تعمل بالذكاء الاصطناعي. بنية البروتين السكري لفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي (سي) كما تنبَّأت بها أداةٌ تعمل بالذكاء الاصطناعي. Credit: Spyros Lytras and Joe Grove قرصنة جينية وكذلك كشفت البنى البروتينية التي أمكن التنبُّؤ بها بواسطة الذكاء الاصطناعي أن بروتينات الإدخال الخاصية بفيروسَي «زيكا» و«الضنك»، وهي من البروتينات التي دُرست دراسة مستفيضة، جاءت من نفس المصدر الذي جاءت منه الفيروسات المصفرة ضخمة الجينوم، والتي يصفها جروف بأنها فيروسات "غريبة ورائعة"، ومنها الفيروس «هاسيكي تيك» Haseki tick، الذي يُكن أن يصيب البشر بالحمى. ومن المفاجآت الكبرى أيضًا، ما كشفت عنه الدراسة من أن بعض الفيروسات المصفرة تمتلك إنزيمًا يبدو أنها قد استولت عليه من البكتيريا. وقد علَّقت ميري بترون، الباحثة بجامعة سيدني في أستراليا، بقولها إن هذا الاكتشاف "كان ليكون غير مسبوق"، لولا أن فريقها قد سَبقَ إليه في وقتٍ سابق من عام 2024 باكتشاف حالة سرقةٍ مشابهة في نوعٍ من الفيروسات المصفرة يبلغ من الغرابة والروعة مداهما2. وأضافت: "لعل القرصنة الجينية لعبت دورًا في تشكيل المسار التطوُّري لعائلة الفيروسات المصفرة أكبر مما كان يُعتقد في السابق". يرى ديفيد مُوي، الباحث المتخصص في البيولوجيا الحاسوبية بجامعة لوزان السويسرية، أن الدراسة لا ترسم سوى جزءٍ من الصورة، وما خفي كان أعظم، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعيد كتابة السجلات التطوُّرية للفيروسات الأخرى، بل وحتى بعض الكائنات الخلوية. يقول: "بالاستعانة بالجيل الجديد من الأدوات، سنعيد كتابة قصة تلك الفيروسات. أما وقد أصبح في مقدورنا أن نرى أبعد مما كنا نرى فيما مضى، فما من شيء من هذه الأشياء إلا وسوف يطرأ عليه تحديثٌ ما".

الذكاء الاصطناعي يساعد العلماء في التنبؤ بتطوُر الفيروسات
الذكاء الاصطناعي يساعد العلماء في التنبؤ بتطوُر الفيروسات

شبكة النبأ

time١٥-٠٢-٢٠٢٥

  • صحة
  • شبكة النبأ

الذكاء الاصطناعي يساعد العلماء في التنبؤ بتطوُر الفيروسات

غاية غايات مجال التأهب لمواجهة الجوائح هي امتلاك القدرة على التنبؤ بكيفية تطور الفيروسات بمجرد النظر إلى تسلسلها الجيني. وصحيحٌ أنه يفصلنا حتى اليوم شوط طويل عن ذلك، لكن عددًا متزايدًا من الفرق البحثية يعكف حاليًا على استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بتطور «سارس-كوف-2» SARS-CoV-2 وفيروسات الإنفلونزا وغير ذلك من الفيروسات... غاية غايات مجال التأهب لمواجهة الجوائح هي امتلاك القدرة على التنبؤ بكيفية تطور الفيروسات بمجرد النظر إلى تسلسلها الجيني. وصحيحٌ أنه يفصلنا حتى اليوم شوط طويل عن ذلك، لكن عددًا متزايدًا من الفرق البحثية يعكف حاليًا على استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بتطور «سارس-كوف-2» SARS-CoV-2 وفيروسات الإنفلونزا وغير ذلك من الفيروسات. إذ تشهد الفيروسات — لا سيِّما تلك التي تتنسخ باستخدام حمضها النووي الريبي مثل «سارس-كوف-2» — تطوُّرًا مستمرًا من خلال مراكمتها لطفراتٍ جديدة. وبعض هذه التغييرات مفيد للفيروس، فهو يسمح للسلالات المتحورة منه بمراوغة الاستجابات المناعية للمضيِّف والانتشار سريعًا. ومن خلال التنبؤ بكيفية تطور الفيروس، يتسنى للباحثين، نظريًّا، تصميم لقاحات وعلاجات مضادة له مسبقًا. وحتى وقتنا هذا، أمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي أن تتنبأ بنوعية الطفرات الفيروسية المُفردة الأنجح في تعزيز فرص بقاء الفيروس، كما أمكنها توقُع السلالات المتحورة التي ستحقق "انتصارًا" في الأمد القريب. لكن تلك الأدوات لا تزال بعيدة عن القدرة على التنبؤ بمجموعات الطفرات أو السلالات المتحورة التي ستنشأ بعد فترة طويلة مستقبلًا. في هذا الصدد، يعلق براين هِي، اختصاصي علم الأحياء الحاسوبي من جامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا، والذي كان من بين أوائل الباحثين الذين استخدموا النماذج اللغوية الكبيرة في دراسة الطفرات الفيروسية1: "هذا مجال بحثي مثير ومفيد بحق". لكنه يستدرك قائلًا إن التنبؤ بالتطور الفيروسي لا يزال يشكِّل تحديًا كبيرًا. أدوات الذكاء الاصطناعي في السابق، أجرى الباحثون تجارب مختبرية للوقوف على السلالات الفيروسية المتحورة ذات السمات المحسَّنة، لكن هذه التجارب شاقة وتستغرق وقتًا طويلاً. وقد صمَّمت بعض الفرق البحثية، مثل المختبر الذي يقوده يون لونغ كاو، اختصاصي علم المناعة في جامعة بكين بالعاصمة الصينية بكين، تجارب استقصائية لدراسة الكيفية التي تؤثر بها الطفرات المفردة في قدرة الفيروس على الإفلات من الفحوص الكشفية التي تُستخدم فيها مجموعة من الأجسام المضادة2. ويمكن لهذه التجارب أن تقدم تفسيرًا لجانب كبير من التطور الفيروسي، ولكنها تعجز عن تفسيره بكامله. يقول ديفيد روبرتسون، اختصاصي علم الفيروسات من جامعة جلاسجو بالمملكة المتحدة، إن هذا المجال اكتسب نشاطًا وزخمًا بفضل ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي المتخصصة في التنبؤ بالبِنى البروتينية — مثل أداة AlphaFold، التي أنشأتها شركة «ديب مايند» DeepMind للذكاء الاصطناعي ومقرها لندن، بالإضافة إلى أداة ESM-23 وأداة ESMFold، وكلتاهما من تصميم شركة «ميتا» Meta (المعروفة سابقًا باسم «فيسبوك» Facebook، ومقرها مينلو بارك، كاليفورنيا|). لكن نماذج الذكاء الاصطناعي تتطلب كميات هائلة من البيانات كي تصبح قادرة على التنبؤ بالتطور الفيروسي. في ذلك الصدد، يقول جامباي إيتو، اختصاصي المعلوماتية الحيوية من جامعة طوكيو، إن تقنيات الوقوف على تسلسل الحمض النووي عالية الإنتاجية المستخدمة في حال فيروس «سارس-كوف-2»، وهو الفيروس المسبِّب لمرض كوفيد-19، جعلت هذا ممكنًا، فأصبح لدى الباحثين الآن بيانات ما يقرب من 17 مليون تسلسل جيني يستطيعون استخدامها لتدريب نماذجهم. أحد النماذج المستخدمة نموذج أُطلق عليه EVEscape، وقد طوَّرته ديبورا ماركس من كلية الطب بجامعة هارفارد في بوسطن بولاية ماساتشوستس بالتعاون مع فريقها، بهدف تصميم 83 نسخة محتملة من البروتين الشوكي لفيروس «سارس-كوف-2»، والذي يستخدمه الفيروس لإصابة الخلايا. ويمكن لهذه النسخ البروتينية أن تفلت من هجمات الأجسام المضادة التي ينتجها الأشخاص الذين سبق تطعيمهم أو إصابتهم بسلالات متحورة منتشرة حاليًا من فيروس 4«سارس-كوف-2»، ويمكن استخدامها لاختبار فعالية لقاحات «كوفيد-19» المستقبلية. ويركز فريق إيتو البحثي على جانب أكبر من قدرة الفيروسات على البقاء يتمثل في قدرة سلالاتها المتحورة على الانتشار سريعًا في المجموعات السكانية، والهيمنة عليها في نهاية المطاف. استخدم الفريق البحثي الأداة ESM-2 لإنشاء نموذج يسمى CoVFit، والذي يمكنه التنبؤ بحجم القدرة على البقاء لكل سلالة متحورة من فيروس «سارس-كوف-2». وهذا النموذج مُدرَّب على بيانات 13643 سلالة متحورة ذات بروتين شوكي تنحدر عن الفيروس «سارس-كوف-2»، كما يستخدم أيضًا بيانات تجريبية من مجموعة كاو البحثية حول كيفية تأثير الطفرات المفردة في قدرة الفيروس على مراوغة الأجسام المضادة. وأنشأ فريق إيتو نموذجًا محدودًا جرى تدريبه باستخدام بيانات السلالات المتحورة حتى أغسطس 2022، ووجد الفريق أن هذا النموذج نجح في التنبؤ بتحسُن القدرة على البقاء بين سلالات متحورة معينة بعد هذا التاريخ؛ بما في ذلك سلالة «XBB»5 وهي سلالة متحورة جديدة فرضت سيطرتها في وقت لاحق من ذلك العام. وبحلول مارس من عام 2024، كانت السلالة المتحورة السائدة من فيروس «سارس-كوف-2» في أنحاء العالم هي السلالة «JN.1». وباستخدام النموذج CoVFit، وقف فريق إيتو البحثي على ثلاثة تغيرات في حمض أميني بعينه من شأنها أن تدعم قدرة السلالة «JN.1» على البقاء. وقد شوهدت هذه الطفرات منذ ذلك الحين في سلالات متحورة من الفيروس آخذة في الانتشار سريعًا على مستوى العالم. الحاجة إلى مزيد من البيانات في سبيل تحسين دقة نماذج الذكاء الاصطناعي، سيحتاج الباحثون إلى تغذية هذه النماذج ببيانات حول التطور الفيروسي لأكثر من خمس سنوات، على حد اعتقاد كاو. ويقول إن الجمع بين بيانات رصد التسلسلات الجينية والبيانات التجريبية يساعد في اجتياز بعض التحديات المرتبطة بنقص البيانات. بالإضافة إلى ذلك، تعمل العديد من الفرق البحثية الأخرى على تصميم نماذج ذكاء اصطناعي جديدة باستخدام بيانات مجمعة6. ويقود أحد تلك الفرق شوسوكي كاواكوبو، زميل إيتو من جامعة طوكيو، واختصاصي علم الفيروسات التطوري. ففي عمل بحثي لم يُنشر بعد، يدرس كاواكوبو قدرة فيروس الإنفلونزا على استثارة استجابة مناعية لدى مُضيِّفه، ذلك أن تغير بروتين الهيماجلوتينين (مكافئ البروتين الشوكي) في فيروس الإنفلونزا بالقدر الكافي، ربما يحول دون تعرُف الاستجابات المناعية للجسم على هذا البروتين، وحينئذٍ، سيحتاج صانعو اللقاحات في العالم إلى تعديل لقاحات الإنفلونزا في الموسم المقبل وفقًا لذلك. قفزات كبيرة يقول إيتو إن معظم نماذج الذكاء الاصطناعي يتوقف دورها عند فهم الآثار المترتبة على التغييرات الطفيفة في الفيروسات، ولكن من الناحية النظرية ليس هناك حدود لتطور الفيروسات. فعلى سبيل المثال، ظهرت سلالة «أوميكرون» المتحورة على الساحة بأكثر من 50 طفرة، ولم تشبه أي شيء رآه الباحثون من قبل. يصعب التنبؤ بهذه القفزات التطورية المفاجئة. من هنا، يحاول روبرتسون وفريقه البحثي إيجاد طرق لاستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي من أجل فهم هذه المسارات التطورية الشاسعة على نحو أفضل ورصد حدودها. وقد تبيَّن لهم أنهم إذا أعطوا النموذج ESM-2 تسلسلًا مفردًا لبروتين شوكي، يصبح بمقدوره تحديد المناطق الجينية التي يمكن أن تحدث فيها تغييرات، وكيف يمكن أن تؤثر هذه التغييرات في مناطق أخرى من البروتين7. ويقول روبرتسون متعجبًا من قدرة نماذج الذكاء الاصطناعي تلك: "الأمر أشبه بالسحر الأسود". ويضيف أن الهدف هو امتلاك القدرة على تحديد المدى الممكن لتطور الفيروس في وقت مبكر جدًا بعد اكتشافه لدى البشر. هذه ترجمة للمقال الإنجليزي المنشور بمجلة Nature بتاريخ 8 يناير عام 2025.

الذكاء الاصطناعي: الابتكار الخارق يتطلب ضوابط آمنة
الذكاء الاصطناعي: الابتكار الخارق يتطلب ضوابط آمنة

الشرق الأوسط

time١٢-٠٢-٢٠٢٥

  • علوم
  • الشرق الأوسط

الذكاء الاصطناعي: الابتكار الخارق يتطلب ضوابط آمنة

يتطور مشهد الذكاء الاصطناعي بسرعة، حيث يشير مشروع «ستارغيت Stargate» الأمريكي الذي تبلغ تكلفته 500 مليار دولار إلى استثمار هائل في البنية التحتية، بينما تظهر «ديب سيك» الصينية منافساً هائلاً، كما كتب فيصل حقّ(*). وتثير نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة من «ديب سيك»، التي تنافس القدرات الغربية بتكاليف أقل، مخاوف كبيرة بشأن التهديدات المحتملة للأمن السيبراني واستخراج البيانات وجمع المعلومات الاستخباراتية على نطاق عالمي. ويسلط هذا التطور الضوء على الحاجة الملحة إلى تنظيم قوي للذكاء الاصطناعي وتدابير أمنية في الولايات المتحدة. ومع تكثيف سباق الذكاء الاصطناعي، تتسع الفجوة بين التقدم التكنولوجي والحوكمة. تواجه الولايات المتحدة التحدي الحاسم المتمثل ليس فقط في تسريع قدرات الذكاء الاصطناعي من خلال مشاريع مثل «ستارغيت»، ولكن أيضاً في تطوير أطر تنظيمية شاملة لحماية أصولها الرقمية ومصالح الأمن القومي. ومع قدرة «ديب سيك» على التغلب على ضوابط التصدير وإجراء عمليات سيبرانية متطورة، يجب على الولايات المتحدة أن تتحرك بسرعة لضمان بقاء ابتكاراتها في مجال الذكاء الاصطناعي آمنة وقادرة على المنافسة في هذا المشهد التكنولوجي المتغير بسرعة. لقد شهدنا بالفعل الموجة الأولى من المخاطر التي تعمل بالذكاء الاصطناعي. اذ ساعدت عمليات التزييف العميق وحسابات الروبوتات والتلاعب الخوارزمي على وسائل التواصل الاجتماعي في تقويض التماسك الاجتماعي مع المساهمة في إنشاء غرف سياسية لها صدى. لكن هذه المخاطر هي لعبة أطفال مقارنةً بالمخاطر التي ستظهر في السنوات الخمس إلى العشر القادمة. خلال الوباء، رأينا السرعة غير المسبوقة التي يمكن بها تطوير لقاحات جديدة بمساعدة الذكاء الاصطناعي. وكما أشار مصطفى سليمان، مؤسس «ديب مايند» والرئيس التنفيذي لشركة «مايكروسوفت إيه آي»، (Microsoft AI)، الآن، فلن يمر وقت طويل قبل أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من تصميم أسلحة بيولوجية جديدة بنفس السرعة. ولن تقتصر هذه القدرات على الجهات الفاعلة في الدولة. إن تكنولوجيا الطائرات من دون طيار الحديثة جعلت من السهل الوصول إلى القدرات التي كانت ذات يوم حكراً على الجيش وحده. كما أن أي فرد لديه حتى معرفة أولية بالبرمجة سوف يكون قادراً قريباً على تسليح الذكاء الاصطناعي من غرفة نومه في المنزل. وعندما تنهار الثقة في قدرة الحكومة على التعامل مع مثل هذه الأحداث غير المتوقعة، فإن النتيجة هي الخوف والارتباك والفكر التآمري. لقد شكَّلت سبع سنوات قضيتها في مساعدة وزارتَي الدفاع والأمن الداخلي في الابتكار والتحول (التنظيمي والرقمي) تفكيري حول المخاطر الجيوسياسية الحقيقية التي يجلبها الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية معها. ولكن هذه المخاطر لا تأتي من خارج بلادنا فقط. فقد شهد العقد الماضي تسامحاً متزايداً بين كثير من المواطنين الأميركيين لفكرة العنف السياسي، وهي الظاهرة التي برزت بشكل واضح في أعقاب إطلاق النار على الرئيس التنفيذي لشركة «يونايتد هيلث كير» براين تومسون. ومع استبدال الأتمتة بأعداد متزايدة من الوظائف، فمن المحتمل تماماً أن تؤدي موجة من البطالة الجماعية إلى اضطرابات شديدة، مما يُضاعف من خطر استخدام الذكاء الاصطناعي سلاحاً للهجوم على المجتمع ككل. ستكون هذه المخاطر على عتبات أبوابنا قريباً. ولكن الأكثر إثارة للقلق هو المجهول. إذ يتطور الذكاء الاصطناعي بسرعة البرق، وحتى أولئك المسؤولون عن هذا التطور ليس لديهم أي فكرة بالضبط عن المكان الذي سننتهي إليه. وقد صرح جيفري هينتون الحائز جائزة نوبل، الذي يسمَّى الأب الروحي للذكاء الاصطناعي، بأن هناك فرصة كبيرة لأن يمحو الذكاء الاصطناعي البشرية في غضون 30 عاماً فقط. ويفترض خبراء آخرون أن الأفق الزمني أضيق بكثير. «يجب أن يكون التنظيم المنظم قائماً على المخاطر»، إذ لا يمكننا أن نتحمل التعامل مع تنظيم الذكاء الاصطناعي بنفس الطريقة العشوائية التي جرى تطبيقها على تكنولوجيا الطائرات من دون طيار. نحن بحاجة إلى نهج قابل للتكيف وبعيد المدى وموجه نحو المستقبل للتنظيم والذي تم تصميمه لحمايتنا من أي شيء قد ينشأ بينما ندفع حدود الذكاء الآلي. خلال مقابلة أُجريت أخيراً مع السيناتور ريتشارد بلومنثال، ناقشت مسألة كيف يمكننا تنظيم تكنولوجيا لا نفهمها بالكامل بعد بشكل فعال؟ وبلومنثال هو المؤلف المشارك مع السيناتور جوش هاولي لقانون الإطار الحزبي لقانون الذكاء الاصطناعي الأمريكي، والمعروف أيضاً باسم «إطار بلومنثال-هاولي». يقترح بلومنثال نهجاً خفيفاً نسبياً، مما يشير إلى أن الطريقة التي تنظم بها حكومة الولايات المتحدة صناعة الأدوية يمكن أن تكون بمثابة نموذج لنهجنا تجاه الذكاء الاصطناعي. ويزعم أن هذا النهج يوفر ترخيصاً صارماً وإشرافاً على التقنيات الناشئة الخطيرة المحتملة دون فرض قيود غير مبرَّرة على قدرة الشركات الأمريكية على البقاء في طليعة العالم في هذا المجال. و يقول بلومنثال: «نحن لا نريد خنق الابتكار. ولهذا السبب يجب أن يكون التنظيم المنظم قائماً على المخاطر. إذا لم يشكل خطراً، فلن نحتاج إلى هيئة تنظيمية». يقدم هذا النهج نقطة انطلاق قيمة للمناقشة، لكنني أعتقد أننا بحاجة إلى الذهاب إلى أبعد من ذلك. في حين أن النموذج الدوائي قد يكون كافياً لتنظيم تطوير الذكاء الاصطناعي للشركات، فإننا نحتاج أيضاً إلى إطار من شأنه أن يحد من المخاطر التي يفرضها الأفراد. يتطلب تصنيع وتوزيع الأدوية بنية تحتية كبيرة، لكنَّ الرموز الكومبيوترية هي «وحش مختلف» تماماً، إذ يمكن تكرارها إلى ما لا نهاية ونقلها إلى أي مكان على الكوكب في جزء من الثانية. إن احتمالية إنشاء الذكاء الاصطناعي «الإشكالي» (المسبب للمشكلات) و«تسربه إلى العالم» أعلى بكثير مما هي الحال بالنسبة للأدوية الجديدة والخطيرة. ونظراً إلى إمكانية الذكاء الاصطناعي توليد نتائج على مستوى الانقراض (البشري)، فليس من المبالغة القول إن الأطر التنظيمية المحيطة بالأسلحة النووية والطاقة النووية أكثر ملاءمة لهذه التكنولوجيا من تلك التي تنطبق على صناعة الأدوية. ومهما اخترنا من موازنة المخاطر والمكافآت في أبحاث الذكاء الاصطناعي، فنحن بحاجة إلى التحرك قريباً. إذ إن الافتقار إلى إطار شامل ومتماسك لإدارة التهديدات من التقنيات الجديدة يمكن أن يترك الوكالات الحكومية مشلولة. ومع المخاطر التي تشمل أي شيء يصل إلى انقراض البشرية، لا يمكننا أن نتحمل هذا النوع من الجمود والارتباك. نحن بحاجة إلى إطار تنظيمي شامل يوازن بين الابتكار والسلامة، وهو الإطار الذي يعترف بالإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي ومخاطره الوجودية. وهذا يعني: • تعزيز الابتكار المسؤول، وتشجيع تطوير ونشر تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية بطريقة آمنة وأخلاقية. • وضع لوائح قوية. تتطلب الثقة العامة في أنظمة الذكاء الاصطناعي أطراً تنظيمية واضحة وقابلة للتنفيذ وأنظمة شفافة للمساءلة. • تعزيز الأمن القومي. يجب على صناع السياسات الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحديث القدرات العسكرية، ونشر حلول الذكاء الاصطناعي التي تتنبأ بالتهديدات السيبرانية وتكتشفها وتواجهها مع ضمان الاستخدام الأخلاقي للأنظمة المستقلة. • الاستثمار في تنمية القوى العاملة. يجب علينا إنشاء برامج تدريبية شاملة تعمل على رفع مهارات العمال للصناعات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي مع تعزيز التعليم في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لبناء الخبرة الأساسية في الذكاء الاصطناعي بين الطلاب والمهنيين. • الريادة في معايير الذكاء الاصطناعي العالمية. يجب على الولايات المتحدة أن تقود الجهود الرامية إلى وضع معايير عالمية لاستخدام الذكاء الاصطناعي من خلال الشراكة مع الحلفاء لتحديد المعايير الأخلاقية وحماية الملكية الفكرية. • معالجة المخاوف العامة. يتطلب تأمين الثقة العامة في الذكاء الاصطناعي زيادة الشفافية حول أهداف وتطبيقات مبادرات الذكاء الاصطناعي مع تطوير استراتيجيات للتخفيف من تشريد العاملين في الوظائف وضمان الفوائد الاقتصادية العادلة. * مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store