
الذكاء الاصطناعي يساعد العلماء في التنبؤ بتطوُر الفيروسات
غاية غايات مجال التأهب لمواجهة الجوائح هي امتلاك القدرة على التنبؤ بكيفية تطور الفيروسات بمجرد النظر إلى تسلسلها الجيني. وصحيحٌ أنه يفصلنا حتى اليوم شوط طويل عن ذلك، لكن عددًا متزايدًا من الفرق البحثية يعكف حاليًا على استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بتطور «سارس-كوف-2» SARS-CoV-2 وفيروسات الإنفلونزا وغير ذلك من الفيروسات...
غاية غايات مجال التأهب لمواجهة الجوائح هي امتلاك القدرة على التنبؤ بكيفية تطور الفيروسات بمجرد النظر إلى تسلسلها الجيني. وصحيحٌ أنه يفصلنا حتى اليوم شوط طويل عن ذلك، لكن عددًا متزايدًا من الفرق البحثية يعكف حاليًا على استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بتطور «سارس-كوف-2» SARS-CoV-2 وفيروسات الإنفلونزا وغير ذلك من الفيروسات.
إذ تشهد الفيروسات — لا سيِّما تلك التي تتنسخ باستخدام حمضها النووي الريبي مثل «سارس-كوف-2» — تطوُّرًا مستمرًا من خلال مراكمتها لطفراتٍ جديدة. وبعض هذه التغييرات مفيد للفيروس، فهو يسمح للسلالات المتحورة منه بمراوغة الاستجابات المناعية للمضيِّف والانتشار سريعًا. ومن خلال التنبؤ بكيفية تطور الفيروس، يتسنى للباحثين، نظريًّا، تصميم لقاحات وعلاجات مضادة له مسبقًا.
وحتى وقتنا هذا، أمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي أن تتنبأ بنوعية الطفرات الفيروسية المُفردة الأنجح في تعزيز فرص بقاء الفيروس، كما أمكنها توقُع السلالات المتحورة التي ستحقق "انتصارًا" في الأمد القريب. لكن تلك الأدوات لا تزال بعيدة عن القدرة على التنبؤ بمجموعات الطفرات أو السلالات المتحورة التي ستنشأ بعد فترة طويلة مستقبلًا.
في هذا الصدد، يعلق براين هِي، اختصاصي علم الأحياء الحاسوبي من جامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا، والذي كان من بين أوائل الباحثين الذين استخدموا النماذج اللغوية الكبيرة في دراسة الطفرات الفيروسية1: "هذا مجال بحثي مثير ومفيد بحق". لكنه يستدرك قائلًا إن التنبؤ بالتطور الفيروسي لا يزال يشكِّل تحديًا كبيرًا.
أدوات الذكاء الاصطناعي
في السابق، أجرى الباحثون تجارب مختبرية للوقوف على السلالات الفيروسية المتحورة ذات السمات المحسَّنة، لكن هذه التجارب شاقة وتستغرق وقتًا طويلاً. وقد صمَّمت بعض الفرق البحثية، مثل المختبر الذي يقوده يون لونغ كاو، اختصاصي علم المناعة في جامعة بكين بالعاصمة الصينية بكين، تجارب استقصائية لدراسة الكيفية التي تؤثر بها الطفرات المفردة في قدرة الفيروس على الإفلات من الفحوص الكشفية التي تُستخدم فيها مجموعة من الأجسام المضادة2. ويمكن لهذه التجارب أن تقدم تفسيرًا لجانب كبير من التطور الفيروسي، ولكنها تعجز عن تفسيره بكامله.
يقول ديفيد روبرتسون، اختصاصي علم الفيروسات من جامعة جلاسجو بالمملكة المتحدة، إن هذا المجال اكتسب نشاطًا وزخمًا بفضل ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي المتخصصة في التنبؤ بالبِنى البروتينية — مثل أداة AlphaFold، التي أنشأتها شركة «ديب مايند» DeepMind للذكاء الاصطناعي ومقرها لندن، بالإضافة إلى أداة ESM-23 وأداة ESMFold، وكلتاهما من تصميم شركة «ميتا» Meta (المعروفة سابقًا باسم «فيسبوك» Facebook، ومقرها مينلو بارك، كاليفورنيا|).
لكن نماذج الذكاء الاصطناعي تتطلب كميات هائلة من البيانات كي تصبح قادرة على التنبؤ بالتطور الفيروسي. في ذلك الصدد، يقول جامباي إيتو، اختصاصي المعلوماتية الحيوية من جامعة طوكيو، إن تقنيات الوقوف على تسلسل الحمض النووي عالية الإنتاجية المستخدمة في حال فيروس «سارس-كوف-2»، وهو الفيروس المسبِّب لمرض كوفيد-19، جعلت هذا ممكنًا، فأصبح لدى الباحثين الآن بيانات ما يقرب من 17 مليون تسلسل جيني يستطيعون استخدامها لتدريب نماذجهم.
أحد النماذج المستخدمة نموذج أُطلق عليه EVEscape، وقد طوَّرته ديبورا ماركس من كلية الطب بجامعة هارفارد في بوسطن بولاية ماساتشوستس بالتعاون مع فريقها، بهدف تصميم 83 نسخة محتملة من البروتين الشوكي لفيروس «سارس-كوف-2»، والذي يستخدمه الفيروس لإصابة الخلايا. ويمكن لهذه النسخ البروتينية أن تفلت من هجمات الأجسام المضادة التي ينتجها الأشخاص الذين سبق تطعيمهم أو إصابتهم بسلالات متحورة منتشرة حاليًا من فيروس 4«سارس-كوف-2»، ويمكن استخدامها لاختبار فعالية لقاحات «كوفيد-19» المستقبلية.
ويركز فريق إيتو البحثي على جانب أكبر من قدرة الفيروسات على البقاء يتمثل في قدرة سلالاتها المتحورة على الانتشار سريعًا في المجموعات السكانية، والهيمنة عليها في نهاية المطاف. استخدم الفريق البحثي الأداة ESM-2 لإنشاء نموذج يسمى CoVFit، والذي يمكنه التنبؤ بحجم القدرة على البقاء لكل سلالة متحورة من فيروس «سارس-كوف-2». وهذا النموذج مُدرَّب على بيانات 13643 سلالة متحورة ذات بروتين شوكي تنحدر عن الفيروس «سارس-كوف-2»، كما يستخدم أيضًا بيانات تجريبية من مجموعة كاو البحثية حول كيفية تأثير الطفرات المفردة في قدرة الفيروس على مراوغة الأجسام المضادة. وأنشأ فريق إيتو نموذجًا محدودًا جرى تدريبه باستخدام بيانات السلالات المتحورة حتى أغسطس 2022، ووجد الفريق أن هذا النموذج نجح في التنبؤ بتحسُن القدرة على البقاء بين سلالات متحورة معينة بعد هذا التاريخ؛ بما في ذلك سلالة «XBB»5 وهي سلالة متحورة جديدة فرضت سيطرتها في وقت لاحق من ذلك العام.
وبحلول مارس من عام 2024، كانت السلالة المتحورة السائدة من فيروس «سارس-كوف-2» في أنحاء العالم هي السلالة «JN.1». وباستخدام النموذج CoVFit، وقف فريق إيتو البحثي على ثلاثة تغيرات في حمض أميني بعينه من شأنها أن تدعم قدرة السلالة «JN.1» على البقاء. وقد شوهدت هذه الطفرات منذ ذلك الحين في سلالات متحورة من الفيروس آخذة في الانتشار سريعًا على مستوى العالم.
الحاجة إلى مزيد من البيانات
في سبيل تحسين دقة نماذج الذكاء الاصطناعي، سيحتاج الباحثون إلى تغذية هذه النماذج ببيانات حول التطور الفيروسي لأكثر من خمس سنوات، على حد اعتقاد كاو. ويقول إن الجمع بين بيانات رصد التسلسلات الجينية والبيانات التجريبية يساعد في اجتياز بعض التحديات المرتبطة بنقص البيانات.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل العديد من الفرق البحثية الأخرى على تصميم نماذج ذكاء اصطناعي جديدة باستخدام بيانات مجمعة6. ويقود أحد تلك الفرق شوسوكي كاواكوبو، زميل إيتو من جامعة طوكيو، واختصاصي علم الفيروسات التطوري. ففي عمل بحثي لم يُنشر بعد، يدرس كاواكوبو قدرة فيروس الإنفلونزا على استثارة استجابة مناعية لدى مُضيِّفه، ذلك أن تغير بروتين الهيماجلوتينين (مكافئ البروتين الشوكي) في فيروس الإنفلونزا بالقدر الكافي، ربما يحول دون تعرُف الاستجابات المناعية للجسم على هذا البروتين، وحينئذٍ، سيحتاج صانعو اللقاحات في العالم إلى تعديل لقاحات الإنفلونزا في الموسم المقبل وفقًا لذلك.
قفزات كبيرة
يقول إيتو إن معظم نماذج الذكاء الاصطناعي يتوقف دورها عند فهم الآثار المترتبة على التغييرات الطفيفة في الفيروسات، ولكن من الناحية النظرية ليس هناك حدود لتطور الفيروسات. فعلى سبيل المثال، ظهرت سلالة «أوميكرون» المتحورة على الساحة بأكثر من 50 طفرة، ولم تشبه أي شيء رآه الباحثون من قبل.
يصعب التنبؤ بهذه القفزات التطورية المفاجئة. من هنا، يحاول روبرتسون وفريقه البحثي إيجاد طرق لاستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي من أجل فهم هذه المسارات التطورية الشاسعة على نحو أفضل ورصد حدودها. وقد تبيَّن لهم أنهم إذا أعطوا النموذج ESM-2 تسلسلًا مفردًا لبروتين شوكي، يصبح بمقدوره تحديد المناطق الجينية التي يمكن أن تحدث فيها تغييرات، وكيف يمكن أن تؤثر هذه التغييرات في مناطق أخرى من البروتين7. ويقول روبرتسون متعجبًا من قدرة نماذج الذكاء الاصطناعي تلك: "الأمر أشبه بالسحر الأسود". ويضيف أن الهدف هو امتلاك القدرة على تحديد المدى الممكن لتطور الفيروس في وقت مبكر جدًا بعد اكتشافه لدى البشر.
هذه ترجمة للمقال الإنجليزي المنشور بمجلة Nature بتاريخ 8 يناير عام 2025.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 16 ساعات
- النهار
ما سر الجهاز الذي ظهر أمام ترامب في الاجتماعات المغلقة؟
لم يكن الجهاز الصغير الذي وُضع أمام الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال لقاءاته الأخيرة مع عدد من القادة الخليجيين مجرد أداة عابرة. تكرار ظهوره في كل اجتماع أثار فضول المراقبين، خاصة في ظل الطابع الحساس لتلك اللقاءات. ورغم أن شكله قد يكون مألوفاً للعاملين في مجالات الاتصالات والتقنية، إلا أن وجوده اللافت على طاولة الاجتماعات فتح الباب للتساؤل: ما هو هذا الجهاز؟ وما سر اعتماده في مثل هذه المواقع المحاطة بالسرية؟ الجهاز الذي رُصد أكثر من مرة هو أحد هواتف المؤتمرات من إنتاج شركة "سيسكو"، وتحديداً طراز Cisco Unified IP Conference Phone 8831، وهو من الهواتف المتخصصة في الاتصالات المعتمدة على بروتوكول الإنترنت الموحد، والذي توقفت "سيسكو" عن إنتاجه مؤخراً لصالح طرز أحدث. ورغم ذلك، لا يزال هذا الطراز يحتفظ بمكانته في أوساط الاستخدامات الحساسة والمغلقة. لكن لماذا تعتمد جهات رفيعة مثل الإدارة الأميركية على جهاز كهذا؟ ولماذا يتمسك البعض باستخدام طراز قديم نسبياً في عصر يفيض بخيارات الاتصال الذكية والتطبيقات الحديثة؟ من هي "سيسكو"؟ وكيف بدأت؟ تعود جذور "سيسكو" إلى جامعة ستانفورد، حينما قام الزوجان ساندي ليرنر وليونارد بوساك، وهما من علماء الحاسوب، بابتكار وسيلة تتيح لهما التواصل الإلكتروني الآمن بين مباني الجامعة المختلفة. هذا الابتكار قاد إلى تأسيس شركة "سيسكو" عام 1984، التي أطلقت أول منتجاتها في العام التالي: جهاز "راوتر" قادر على ربط شبكات متعددة في الوقت ذاته. بحلول عام 1990، كانت "سيسكو" قد تحولت إلى لاعب محوري في عالم الشبكات، مدعومة باستحواذات ذكية على شركات ناشئة، ونجحت في تطوير حلول متقدمة لبروتوكول الإنترنت، مما عزز حضورها في قطاع الاتصالات وأمن المعلومات على مستوى عالمي. ما يميز هواتف بروتوكول الإنترنت الموحد بعكس الهواتف التقليدية المعتمدة على الشبكات الأرضية أو خطوط المحمول، تعتمد هذه الأجهزة على شبكة الإنترنت مباشرة لنقل الصوت أو الصورة، ما يجعلها أقرب في بنيتها إلى الحواسيب منها إلى الهواتف. وبفضل هذه البنية، تتمتع هذه الهواتف بقدرة على الاتصال الآمن، مدعومة بطبقات حماية إضافية تضمن سرية المعلومات خلال المكالمات. طراز "سيسكو 8831" تحديداً يوفر إمكانية توصيله بأجهزة خارجية مثل ميكروفونات إضافية ومكبرات صوت، وجميعها تخضع لنفس نظام الحماية المتكامل، مما يجعل الجهاز ملائماً للاجتماعات التي تتطلب خصوصية وأماناً على أعلى مستوى. لماذا تحظى هذه الأجهزة بثقة الجهات الحساسة؟ في ظل تصاعد المخاوف من التجسس الإلكتروني وتسرب المعلومات، تمثل هذه الهواتف حلاً مهنياً متقدماً يضاهي – بل يتجاوز – التطبيقات الشائعة مثل "زووم" أو "مايكروسوفت تيمز". فهي تتيح إجراء المكالمات بدقة صوتية عالية، وربط المشاركين في الشبكة الداخلية أو الخارجية، بالإضافة إلى إمكانية استخدامها في الترجمة الفورية إذا غاب المترجم الفعلي. كما تقدم "سيسكو" لعملائها إمكانية تخصيص الشبكات بما يتناسب مع احتياجات كل مؤسسة، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، ما يجعلها خياراً مفضلاً لدى الشركات الكبرى والمؤسسات الحكومية. في النهاية، قد لا يكون هذا الجهاز جديداً على أهل التقنية، لكنه يختصر الكثير مما لا يُقال في عالم السياسة: أدوات هادئة، لكنها لا تقل أهمية عن الكلمات التي تُقال داخل الغرف المغلقة.


شبكة النبأ
منذ 19 ساعات
- شبكة النبأ
الجنوب العالمي ينضم إلى سباق ابتكار أدوات الذكاء الاصطناعي
في خضم سباق عالي المخاطر للتسلُح بأدوات الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والصين، أخذت شرارة ثورة مماثلة تتبلور في بقاع أخرى. فمن كيب تاون إلى بنغالور، ومن القاهرة إلى الرياض، عكف باحثون ومهندسون ومؤسسات عامة على تصميم أنظمة ذكاء اصطناعي منتجة محليًا، لا تتحدث فحسب لغات تلك المناطق، بل تتبنى رؤاها الإقليمية وأبعادها الثقافية... بقلم: سيبسيسو بييلا، وعمرو راجح، وشاكور راثر شرع باحثون على امتداد إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط في تصميم نماذج ذكاء اصطناعي تراعي اللغات المحلية والاختلافات الثقافية، على الطريق إلى تحقيق الاستقلال الرقمي. في خضم سباق عالي المخاطر للتسلُح بأدوات الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والصين، أخذت شرارة ثورة مماثلة تتبلور في بقاع أخرى. فمن كيب تاون إلى بنغالور، ومن القاهرة إلى الرياض، عكف باحثون ومهندسون ومؤسسات عامة على تصميم أنظمة ذكاء اصطناعي منتجة محليًا، لا تتحدث فحسب لغات تلك المناطق، بل تتبنى رؤاها الإقليمية وأبعادها الثقافية. ركزت السردية السائدة في مجال أنظمة الذكاء الاصطناعي منذ أوائل هذا العقد على عدد من الشركات الأمريكية المنتجة لهذه الأنظمة مثل شركة «أوبن إيه آي» Open AI ونظامها «جي بي تي» GPT، وشركة «جوجل» ونظامها «جيميناي» Gemini، وشركة «ميتا» Meta ونظامها «لاما» LLaMa، وشركة «أنثروبيك» Anthropic ونظامها «كلود» Claude. لكن في الوقت الذي تنافست فيه هذه الشركات لبناء أنظمة ذكاء اصطناعي أكبر وأقوى أداء، في أوائل عام 2025، سلكت هذه السردية منعطفًا جديدًا، مع إطلاق الشركة الصينية «ديب سيك» Deep Seek لنماذج لغوية كبيرة تنافس نظيرتها الأمريكية بقدر أقل من المتطلبات الحوسبية. واليوم، من كافة ربوع الجنوب العالمي، يتزايد عدد الباحثين الذين انبروا للتصدي لفكرة احتكار هاتين القوتين العظمتين للريادة التقنية في هذا الحقل. فأخذ علماء ومؤسسات من دول مثل الهند وجنوب إفريقيا والإمارات والسعودية في تبني منظور جديد يغير قواعد اللعبة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي. لم ينصب اهتمام هذه الأطراف الجديدة على توسعة انتشار هذه النماذج، وإنما على تصميمها لتلبي احتياجات المستخدم المحلي بلغته، مع الأخذ في الاعتبار واقعه الاجتماعي والاقتصادي. في هذا الإطار، يقول بينجامين روزمان، وهو أستاذ في جامعة فيتفاترسراند في مدينة جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، وأحد كبار مطوري نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي «إنكوبال إم» InkubalM، المُدرب على خمس لغات إفريقية: "حرصًا على استفادة الكوكب بأسره من نماذج الذكاء الاصطناعي، أتمنى أن تتسع دائرة النقاش لتشمل أصواتًا متنوعة ومتزايدة". ذكاء اصطناعي لا يولد في وادي السليكون! تؤدي نماذج القوالب اللغوية الكبيرة مهامها بالتدرُب على فهم فيض شاسع من النصوص على الإنترنت. ومع أن الإصدارات الأحدث من نظام «جي بي تي»، أو «جيميناي»، أو «لاما» تتميز بإجادتها للغات متعددة، فالقدر الهائل الذي تنطوي عليه مجموعات البيانات التي تتدرب عليها هذه الأنظمة من السياقات الغربية أو المواد الصادرة باللغة الإنجليزية يضفي انحيازًا على مخرجاتها. ويعني هذا لمتحدثي الهندية والعربية والسواحيلية والخوسية وعدد لا حصر له من اللغات، أن أنظمة الذكاء الاصطناعي لن تقع فحسب في أخطاء في القواعد النحوية وفي بناء الجمل، بل قد تخطئ فهم مغزى النص تمامًا. في ذلك الصدد، تقول جانكي ناوالي، وهي عالمة لغة في مختبر «إيه آي فور بْهارات» AI4Bharat التابع للمعهد الهندي للتكنولوجيا في مدراس (تشيناي): "في حال اللغات الهندية، لا تبلي نماذج القوالب اللغوية الكبيرة المُدربة على بيانات باللغة الإنجليزية بلاءً حسنًا. فبعض الفروق الثقافية الدقيقة، والاختلافات بين اللهجات، والنصوص العامية تضفي صعوبة على ترجمة هذه اللغات وفهمها". من هنا، يعمل فريق ناوالي على تصميم مجموعات بيانات والإشراف على تدرُب أنظمة الذكاء الاصطناعي عليها، ووضع معايير لتقييم أداء هذه الأنظمة في ما يسميه المتخصصون بـ"اللغات محدودة الموارد"، أي التي لا تتوفر لها مجموعات بيانات رقمية محكمة من أجل استخدامها في عمليات تعلُم الآلة. غير أن المشكلة ليست قاصرة على قواعد النحو أو المفردات اللغوية. فحسبما يفيد فوكوسي ماريفاتي، وهو أستاذ علوم حاسوب في جامعة بريتوريا في جنوب إفريقيا: "كثيرًا ما يكمن المعنى بين السطور. على سبيل المثال، في اللغة الخوسية، تحمل الكلمات معاني محددة، لكن مدلولها الضمني هو ما يهم حقًا". يشارك ماريفاتي في قيادة اتحاد باسم «ماساكاني إن إل بي» Masakhane NLP، وهو اتحاد إفريقي يضم باحثين في مجال الذكاء الاصطناعي، نجح مؤخرًا في تطوير مجموعة معايير محكمة باسم «أفروبنش» AFROBENCH لتقييم إجادة النماذج اللغوية الكبيرة لـ64 لغة إفريقية في 15 مهمة. وأسفرت نتائج أبحاث الفريق، التي نُشرت في مسودة بحثية مارس الماضي، عن قصور جسيم في أداء هذه الأنظمة في جميع اللغات الإفريقية تقريبًا، مقارنة بالإنجليزية، لا سيما في حال النماذج مفتوحة المصدر. ونجد المخاوف ذاتها إزاء كفاءة هذه الأنظمة في البلدان الناطقة بلغة الضاد. فيقول مكي حبيبي، أستاذ علم الروبوتات في الجامعة الأمريكية في القاهرة: "إذا هيمنت الإنجليزية على عملية تدريب الذكاء الاصطناعي، ستخضع أجوبته لفلترة تعتمد عدسة المنظور الغربي لا العربي". وقد خلصت مسودة بحثية نشرتها شركة الذكاء الاصطناعي التونسية «كلاسترلاب» Clusterlab في عام 2024 إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي متعددة اللغات تفشل في التعبير عن ما يرتبط بلغة الضاد من تراكيب لغوية ثرية وأطر ثقافية، لا سيما في السياقات التي تزخر باللهجات. الحكومات: طرف جديد في المعادلة يخوض العديد من دول الجنوب العالمي هذا الرهان لاعتبارات جيوسياسية، وليس لغوية فقط. فالاعتماد على البِنى التحتية الغربية أو الصينية في مجال الذكاء الاصطناعي من شأنه إضعاف السيادة المعلوماتية والتقنية وتقويض السيطرة على السرديات الوطنية. لذا، أخذت بعض حكومات دول الجنوب العالمي في تكريس جانب من طاقاتها لإنتاج نماذج ذكاء اصطناعي خاصة بها. على سبيل المثال، صممت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) نموذج «علّام» ALLaM، الموجّه بالدرجة الأولى للعالم العربي، وهو يرتكز على نموذج «لاما-2» لشركة «ميتا». وقد أثري بما يزيد على 540 مليار وحدة بيانات نصية عربية يشار إليها باسم التوكن. كذلك دعًّمت الإمارات العربية المتحدة عدة مبادرات مماثلة، منها مبادرة «جيس» Jais، وهو نموذج ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر يتحدث العربية والإنجليزية، صممته جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي بالتعاون مع شركة تصنيع الرقاقات الحوسبية «سيريبراس سيستمز» Cerebras Systems، وشركة «إنسبشن» Inception الكائنة في مدينة أبوظبي. ويركز مشروع آخر برعاية الإمارات العربية المتحدة باسم «نور» Noor على التطبيقات التعليمية والإسلامية. أما في قطر، فقد طور باحثون من جامعة حمد بن خليفة، ومعهد قطر لبحوث الحوسبة منصة «فنار»Fanar والنموذجين المرتبطين بها «فنار ستار» Fanar Star، و«فنار برايم» Fanar Prime. ومقاربة تقسيم وتحليل النصوص في نموذج «فنار»، الذي دُرب على تريليونات من وحدات التوكن، صُممت خصيصًا لتعكس ثراء تراكيب الكلمات والجمل العربية بالمعاني. أيضًا برزت الهند كمركز رئيس لعمليات توطين أنظمة الذكاء الاصطناعي. إذ دشنت حكومة البلد عام 2024 مبادرة بشراكة بين القطاعين العام والخاص بقيمة 235 كرور (26 مليون يورو)، باسم «بْهارات جِن» BharatGen، تهدف إلى تصميم نماذج أساس (نوع من نماذج الذكاء الاصطناعي) تراعي التنوع الثقافي واللغوي الشاسع الذي تزخر به الهند. ويقود المشروع المعهد الهندي للتكنولوجيا في مومباي، بمشاركة من منظمات تابعة له في المدن الهندية حيدر أباد، وماندي وكنبور، وإندور ومدراس (تشيناي). ومن رحم المبادرة، خرج إلى النور أول منتج لها، وهو نموذج «إي-فيكراي» e-vikrAI القادر على استحداث توصيفات للمنتجات ومقترحات بأسعارها بناء على صورها بالعديد من لغات الهند. وانضمت إلى الركب عدة شركات ناشئة، مثل شركة «كروتريم» Krutrim التابعة لمجموعة «أولا» Ola، وشركة «كوروفر» CoRover، مبتكرة نموذج الذكاء الاصطناعي «بْهارات جي بي تي» BharatGPT. بينما أزاح المختبر الهندي التابع لشركة جوجل الستار عن نموذج «موريل» MuRIL، وهو نموذج لغوي كبير مُدرب حصريًا على اللغات الهندية. وقد تلقت مبادرة الحكومة الهندية أكثر من 180 مقترحًا من باحثين محليين وشركات ناشئة تطرح خططًا لتصميم بنية تحتية على مستوى البلاد لأنظمة الذكاء الاصطناعي والنماذج اللغوية الكبيرة. ووقع الاختيار على شركة «إيه آي سارفام» AI Sarvam الكائنة في بنغالور لبناء أول نموذج لغوي كبير هندي يحقق للبلد "سيادتها"، ويُزمع أن يتمتع بالطلاقة في عدة لغات هندية. أما في إفريقيا، فقد انطلق جانب كبير من هذا الزخم من قاعدة شعبية. على سبيل المثال، خلق اتحاد «ماساكاني إن إل بي» وحركة «ديب ليرنينج إندابا» Deep Learning Indaba – وهي حركة أكاديمية إفريقية – ثقافة بحثية لا مركزية عبر القارة. ومن هنا، انبثقت شركة « ليلابا إيه آي» Lelapa AI الكائنة في مدينة جوهانسبرج، والتي أطلقت نموذج الذكاء الاصطناعي «إنكوبال إم» في سبتمبر من عام 2024. وينتمي هذا النموذج إلى فئة "النماذج اللغوية الصغيرة" (SLM)، ويركز على خمس لغات إفريقية واسعة الانتشار، هي: السواحيلية، ولغة شعوب الهوسا، وشعوب اليوروبا ولغة الزولو واللغة الخوسية. وعنه يقول روزمان: "يقدم هذا النموذج باستخدام 0.4 مليار معامِل فقط أداءً مضاه لنماذج أكبر". وجدير بالذكر أن كفاءة النموذج وحجمه الصغير صُمما ليناسبا البنية التحتية الإفريقية على ما يعتريها من قصور، إلى جانب خدمة تطبيقات واقعية". مثال آخر على نماذج الذكاء الاصطناعي الإفريقية، هو نموذج «أوليزالاما» UlizaLlama، الذي طورته مؤسسة «جاكاراندا هيلث» Jacaranda Health الكينية من 7 مليارات معامِل لدعم النساء الحوامل وحديثات العهد بالأمومة بنظام ذكاء اصطناعي يتحدث اللغات الإفريقية الخمس سالفة الذكر. والمشهد البحثي الهندي يضج بحيوية مماثلة. فنجد أن مختبر «إيه آي فور بْهارات» التابع للمعهد الهندي للتكنولوجيا في مدراس قد أصدر مؤخرًا نموذج «إنديك ترانس 2» IndicTrans 2، الذي يدعم الترجمة من وإلى 22 لغة من لغات الهند الرسمية. كذلك أصدرت الشركة الناشئة «سارفام إيه آي» أول منتجاتها من النماذج اللغوية الكبيرة العام الماضي وهو يدعم 10 من لغات الهند الرئيسة. وفي الوقت الحالي، تطور شركة «كيسان إيه آي» KissanAI، التي شارك في تأسيسها براتيك ديساي أدوات ذكاء اصطناعي توليدي لإرشاد الزُراع بلغتهم الأم. معضلة البيانات غير أن تصميم نماذج لغوية كبيرة للغات التي لا تحظى بتمثيل كاف تواجهه عقبات جسام. وعلى رأس هذه التحديات، تأتي ندرة البيانات اللازمة لتدريب هذه النماذج. وهو ما يؤكده تاباس كومار ميشرا، الأستاذ من المعهد الوطني للتكنولوجيا في مدينة روركيلا شرق الهند، قائلًا: "حتى مجموعات البيانات الهندية تُعد ضئيلة مقارنة بنظيرتها الصادرة باللغة الإنجليزية. من هنا، يُستبعد أن يحقق تدريب هذه النماذج من الصفر كفاءة الأداء ذاتها التي تتمتع بها النماذج المُدربة على بيانات بالإنجليزية". ويؤيده في الرأي روزمان، الذي يضيف: "لا يصلح التدريب على مجموعات البيانات الضخمة كنموذج عمل يُحتذى به في حال اللغات الإفريقية. فببساطة لا يتوفر هذا القدر من البيانات التدريبية". وعليه، يبذل مع فريقه جهودًا رائده في مقاربات بديلة، منها اتباع إطار العمل المعروف باسم «إسيثو» Esethu، وهو بروتوكول يقضي بجمع مجموعات بيانات على نحو أخلاقي من خطاب الناطقين باللغات التي لا تحظى بتمثيل كاف، ثم توزيع العائد للنهوض بتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي المخصصة لدعم هذه اللغات. وقد استخدمت المرحلة التجريبية من المشروع نصوصًا مكتوبة لخطاب متحدثين بالخوسية، تُكمِّله بيانات وصفية، بهدف تصميم تطبيقات صوتية. وفي العالم العربي، انطلقت جهود مماثلة. فمثلًا، تُعد مجموعة بيانات شركة «كلاستر لاب» المؤلفة من 101 مليار كلمة عربية الأكبر على الإطلاق من نوعها، وهي مستقاة بدقة ومنقحة من شبكة الويب لدعم تدريب نماذج موجهة بالدرجة الأولى للعالم العربي. ضريبة الانتشار المحدود لكن برغم كل هذا الابتكار، تبقى هناك عقبات كؤود على الناحية العملية. فيقول ديساي، مؤسس شركة «كيسان إيه آي»: "العائد على هذه الاستثمارات منخفض". ورغم عِظم حجم سوق النماذج اللغوية الإقليمية، من يتمتعون بالقدرة الشرائية في هذه السوق يعتمدون إلى اليوم على الإنجليزية". وفي الوقت الذي تستقطب فيه شركات التقنيات الغربية بعضًا من ألمع العقول على مستوى العالم، ومنهم العديد من الهنود والأفارقة، كثيرًا ما يصطدم الباحثون في بلدان الجنوب العالمي بتحديات ممثلة في ضعف التمويل وعدم موثوقية البِنى التحتية الحوسبية في هذه البلدان، وغياب الأطر القانونية الواضحة الحاكمة لاستخدام البيانات وخصوصية المستخدمين". وهو ما يشدد عليه حبيب قائلًا: "تبقى مشكلة غياب التمويل المستدام، وقلة المتخصصين، وعدم التكامُل بالدرجة الكافية مع المنظومات التعليمية والحكومية. وكل هذا لا بُد له أن يتغير". رؤية جديدة للذكاء الاصطناعي إلا أنه برغم العقبات، فلا شك أن رؤية جديدة ومختلفة لأنظمة الذكاء الاصطناعي آخذة في التبلور في الجنوب العالمي. وهي تنحاز إلى الفائدة العملية قبل اعتبارات الوجاهة، وإلى تمكين وإعطاء صوت للمجتمعات المحلية قبل الارتماء في أحضان شركات تفتقر إلى الشفافية. ختامًا، تقول ناوالي: "ثمة اهتمام أكبر بحل مشكلات فعلية من واقع الأشخاص". بعبارة أخرى، عوضًا عن السعي وراء اقتناص أرفع الدرجات على مؤشر معايير ما، يستهدف باحثو الجنوب العالمي ابتكار أدوات تمت بصلة للواقع؛ للمزارعين والطلاب وأصحاب الشركات الصغيرة. ولا غنى عن الشفافية هنا. في ذلك الصدد، يقول ماريفاتي: "تزعم بعض الشركات أن نماذجها مفتوحة المصدر، لكنها لا تفصح إلا عن معامِلات هذه النماذج، وليس البيانات في حد ذاتها. أما في حال نموذج «إنكوبال إم»، فنحن نفصح عن المعاملات والبيانات. إذ نسعى إلى تمكين الآخرين من البناء على ما حققناه، وتحسينه". وفي سباق عالمي، لا يعتد في كثير من الأحيان إلا بسرعة معالجة البيانات ووحدات التوكِن، قد تبدو هذه الجهود متواضعة. لكن بالنسبة لمليارات الأشخاص ممن يتحدثون لغات لا تحظى بموارد كافية في بيانات نماذج الذكاء الاصطناعي الغربية، ترسم هذه الجهود مستقبلًا نملك فيه صوتًا في خطابنا مع هذه الأدوات.


ليبانون 24
منذ 2 أيام
- ليبانون 24
فيروس "H5N1"... العالم أمام وباء جديد "قاتل" هكذا يُمكن إيقافه
ذكر موقع "News Medical" الطبي أن "المشهد الصحي العالمي ذكّر بشدة بمخاطر الأوبئة المرتبطة بالفيروسات الحيوانية المنشأ ذات الأنواع المضيفة المتعددة. وفي مقال نُشر مؤخرًا في مجلة PEARLS، استكشف المؤلفون كيفية تطور فيروسات الإنفلونزا "أ" (Influenza A virus) الناشئة، وخاصةً النمط الفرعي الخطير من هيماغلوتينين 5 نيورامينيداز 1 (H5N1)، وتهربها من العلاجات والاستراتيجيات المتطورة الجديدة التي قد تساعد في السيطرة على تفشي الأمراض في المستقبل". وبحسب الموقع، "تتطور فيروسات الإنفلونزا باستمرار، وتشكل تهديدًا وبائيًا فريدًا نظرًا لقدرتها على الانتقال من حيوانات مختلفة إلى البشر. وعلى عكس سلالات الإنفلونزا الموسمية، فإن بعض الأنواع الفرعية، مثل H5N1، تنشأ لدى الطيور، وقد تسببت في تفشيات مميتة بين الثدييات الأخرى. وتُفصّل التقارير الحديثة انتقال H5N1 بين مجموعة واسعة من الحيوانات، بما في ذلك الماشية، مع وجود أدلة على انتقاله من الماشية إلى البشر. ويبلغ معدل الوفيات الإجمالي لحالات الإصابة بفيروس H5N1 حوالي 52%. علاوة على ذلك، على الرغم من توفر اللقاحات والأدوية المضادة للفيروسات، إلا أنها غالبًا ما تكون غير كافية بسبب سرعة طفرة الفيروس وإعادة تكاثره، مما يسمح له بالتهرب من الدفاعات المناعية والعلاجات. أضف إلى ذلك، يُعقّد التنوع الجيني العالي تصميم اللقاحات، مما يحدّ من استخدام اللقاحات الحالية لاستهداف سلالات محددة". وتابع الموقع، "أجرى المؤلفون مراجعة شاملة لتقييم الاستراتيجيات الحالية والناشئة للوقاية من عدوى فيروس الإنفلونزا أ وعلاجها، وخاصةً تلك التي يسببها النمط الفرعي H5N1. ودرس المؤلفون تنوع ونطاق مضيف فيروس الأنفلونزا أ، مع التركيز على جينوم الحمض النووي الريبوزي (RNA) المجزأ للفيروس والذي يسهل الطفرة وإعادة الترتيب الجيني ويسمح لفيروسات الأنفلونزا أ بالتكيف بسرعة وإصابة أنواع جديدة، بما في ذلك البشر". وأضاف الموقع، "وجاء في المقال أن سلالات الإنفلونزا أ الناشئة، وخاصةً سلالة H5N1 2.3.4.4b، تتطور بسرعة، مما يُشكل تحديات خطيرة لاستراتيجيات الوقاية والعلاج الحالية. ومع ذلك، تُبشّر العديد من التطورات الواعدة في مجال اللقاحات والأدوية المضادة للفيروسات وتقنيات المراقبة بتحسين السيطرة على تفشي المرض في المستقبل. ومن أبرز الأفكار الواعدة التي طرحها المقال استهداف الأجسام المُشْتَمَلَةُ، وهي مُكَثَّفات جزيئية حيوية يستخدمها الفيروس للتكاثر. وقد ثَبُتَ أن تغيير الخصائص الفيزيائية لهذه الأجزاء يُثبِّط تكاثر الفيروس". وختم الموقع، " بشكل عام ، أبرز المقال الحاجة المُلحة لإعادة النظر في استراتيجية لمكافحة فيروسات الإنفلونزا أ. في حين تُقدم اللقاحات الجديدة والأدوية المضادة للفيروسات والأدوات التكنولوجية مساراتٍ واعدة للمضي قدمًا، إلا أن التطور السريع لفيروسات مثل H5N1 لا يزال يتفوق على العديد من الأساليب القائمة. وأشارت النتائج إلى أن الحلول المبتكرة، بدءًا من اكتشاف الأدوية بمساعدة الذكاء الاصطناعي ووصولًا إلى الطب النانوي، ضرورية لتحسين التأهب والحد من التهديد العالمي الذي تُشكله تفشيات الإنفلونزا المستقبلية".