أحدث الأخبار مع #«صوتأميركا»،


الرأي
٢٣-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الرأي
انتكاسة قضائية جديدة لترامب في مسعاه لإغلاق «الإعلام الموجه»
أمر قاض فيديرالي في واشنطن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتراجع عن سعيها لإغلاق وسائل إعلام حكومية موجّهة للجمهور في الخارج، وفي مقدمّها إذاعة «صوت أميركا»، في ثاني انتكاسة قضائية في هذا الملف للرئيس الجمهوري. ومني ترامب بانتكاسة أولى في هذا الملف في نهاية مارس حين علّق قاض فيديرالي آخر قرار الإدارة الجمهورية وقف أنشطة هذه المؤسّسات الإعلامية العامّة. ويومها أصدر ذلك القرار القاضي الفدرالي في نيويورك بول أويتكين. وأمس الثلاثاء، أصدر القاضي الفدرالي في العاصمة الاتحادية رويس لامبيرث، بناء على مراجعة قُدّمت إليه بصورة عاجلة، قرارا أمر بموجبه الحكومة الأميركية بالعودة عن مسعاها لإغلاق هذه المؤسسات. وفي قراره أمر القاضي لامبيرث الحكومة بأن تعيد موظفي «الوكالة الأميركية للإعلام الدولي»، الهيئة المولجة الإشراف على عمل هذه المؤسّسات الإعلامية، إلى وظائفهم وأن تستأنف دفع الإعانات المالية المخصّصة لهذه المؤسسات من قبل الكونغرس والمعلّقة منذ مارس. كما أمر القاضي بإعادة برامج صوت أميركا، وهي مؤسّسة عامة تنتج مواد تلفزيونية وإذاعية ونصية موجّهة للجمهور غير الأميركي. وتأسّست إذاعة صوت أميركا في 1942 كأداة للدعاية المضادّة، وبخاصة في الكتلة السوفياتية سابقاً. وفي قراره، وجد القاضي لامبيرث أنّ الحكومة لم تقدّم أدلّة تثبت أنّ هذه المؤسّسات الإعلامية لم تكن تؤدي المهمّة الموكلة إليها من قبل الكونغرس. كما اعتبر القاضي أنّ إدارة ترامب لا تمتلك أيّ سلطة على الأموال الفدرالية التي يقرّها الكونغرس وأنّ «الوكالة الأميركية للإعلام الدولي» ليست سوى قناة لتحويل هذه الأموال إلى وسائل الإعلام المعنية. والوكالة الأميركية للإعلام الدولي التي وضعها ترامب تحت سلطة كاري ليك المحافظة للغاية أعلنت في مارس أنّ الحكومة فكّكتها بعدما اعتبرتها «عملاقا فاسدا وعبئا على دافعي الضرائب الأميركيين». وبحسب إدارة ترامب فإنّ هذه الوكالة المتّهمة بـ«الإهدار والاحتيال وسوء الاستغلال الفاضح»، شكّلت أيضا «خطرا على الأمن القومي». لكنّ القاضي لامبيرث خلص في قراره إلى أنّه في غياب أيّ دليل على هذه الاتهامات «فمن الصعب أن نتصوّر مثالا على قرار تعسّفي ومتقلّب أكثر وضوحا» من القرار الذي اتّخذته إدارة ترامب. وتشمل هذه المؤسّسات، بالإضافة إلى إذاعة صوت أميركا، كلا من إذاعة آسيا الحرة وشبكات البث في الشرق الأوسط «إم بي إن»، وهي منصة إخبارية لمنطقة الشرق الأوسط. أما إذاعة أوروبا الحرة وراديو الحرية فلم ينظر القاضي بملفيهما إذ إنّ حكما قضائيا منفصلا صدر في مارس وجمّد قرار إدارة ترامب بإغلاقهما. وتعليقا على قرار القاضي الفدرالي في واشنطن، قال كلايتون ويميرز، مدير فرع الولايات المتحدة في منظمة «مراسلون بلا حدود» إنّه «يتعين على الوكالة الأميركية للإعلام الدولي تنفيذ هذا القرار على الفور». وأضاف في بيان «نحن نعلم أنّ هذه المعركة لم تنته بعد».


الاتحاد
٢٢-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الاتحاد
نهاية عصر «السلام الأميركي»
نهاية عصر «السلام الأميركي» في محاولتنا فهم ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية، وقع الكثير منا في خطأ افتراض أنه لم يكن يقصد حقاً ما قاله. بالطبع، لن يضم ترامب كندا أو جرينلاند - أليس كذلك؟ من المؤكد أنه لن يلقي باللوم على أوكرانيا على تعرضها للغزو ويقف إلى جانب روسيا في الأمم المتحدة - أليس كذلك؟ ومع أنه قد يُلوّح بالرسوم الجمركية كأداة خطابية، لكنه لن يعلن حرباً اقتصادية على العالم - أليس كذلك؟ وبشكل عام، فور خروجه من طور الحملات الانتخابية، لن يتخلى فعلاً عن دور أميركا بعد الحرب العالمية الثانية كقائد وعامل لاستقرار النظام الدولي. لن يُحوِّل الولايات المتحدة من فاعل خيّر إلى فاعل مُهمل، ناهيك عن أن يكون خبيثاً. أو هل سيفعل؟ نعم، سيفعل. ونعم، بصفته رئيساً، فهو الآن يفعل كل هذه الأمور وأكثر. بعد أقل من 100 يوم على بداية ولايته الثانية، لم يعد بمقدور أنصار ترامب من حركة «اجعلوا أميركا عظيمة مجدداً» أن يضللوا منتقديه ويقنعوهم بأنهم يبالغون في أخذ ترامب حرفياً. المسار يتجه نحو الانعزالية، والإمبريالية، والتقلب، والفوضى. لنبدأ بالبنية التحتية المملة ولكن الأساسية للدبلوماسية الأميركية، المتمثلة في وزارة الخارجية وفروعها المتنوعة. ووفقاً لمذكرة داخلية، تخطط إدارة ترامب لتقليص ميزانية الوزارة إلى النصف في العام المالي المقبل. وهذا يعني أن الولايات المتحدة ستغلق أو تقلص العديد من بعثاتها الخارجية. وتصف مذكرة أخرى خططاً للتخلص من 10 سفارات و17 قنصلية وتقليل عدد الموظفين في بعثات أخرى. ويُقال إن ستاً من السفارات المزمع إغلاقها تقع في أفريقيا، تماماً في الوقت الذي تضاعف فيه الصين وروسيا جهودهما لجذب تلك الدول، ودول الجنوب العالمي عمومًا، من المعسكر الغربي في الجغرافيا السياسية إلى معسكرها الخاص. كما أن «صوت» أميركا في هذه المناطق قد خفت على موجات الأثير، بعد أن قام ترامب بتقويض إذاعة «صوت أميركا»، وإذاعة «أوروبا الحرة»، وإذاعة «الحرية»، وإذاعة «آسيا الحرة». ومنذ أن دمّر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، لم تعد طرود المساعدات الأميركية تصل إلى ضحايا الزلازل في ميانمار أو في أي مكان آخر تقريباً. ومن النتائج الأخرى لتلك التخفيضات في الميزانية تقليص الأموال المخصصة للمساعدات الإنسانية، والمشاريع الصحية العالمية، والمنظمات الدولية. فلن يُخصص تقريباً أي تمويل للأمم المتحدة، وحلف الناتو، ونحو 20 مؤسسة أخرى. كما سيتم إلغاء التمويل المخصص لبعثات حفظ السلام الدولية بشكل كامل. ومثلما أصبح حفظ السلام خارج الحسابات، فإن مكافحة الأوبئة كذلك. وأعلن ترامب بالفعل انسحاب أميركا من منظمة الصحة العالمية. وهذا ترك بقية الأعضاء الـ 193 ليكملوا بمفردهم مفاوضات معاهدة طال انتظارها، تهدف للوقاية من تفشي الأوبئة المستقبلية والسيطرة عليها ومشاركة الأدوية واللقاحات بشكل أكثر فعالية وعدالة مما حدث أثناء كوفيد. من المفترض أن الولايات المتحدة لن تكون طرفاً في ذلك. وبالنسبة للتغير المناخي؟ لا تسأل. وتكمن المشكلة الآن في تفكيك أدوات «القوة الناعمة» الأميركية. فمنذ 76 عاماً، لم يكن هناك تجسيد «أقوى» للقوة الأميركية من منظمة حلف شمال الأطلسي التي تقودها الولايات المتحدة. لقد حالت مصداقيتها، المدعومة بالقوات والدبابات والأسلحة النووية الأميركية في أوروبا، دون اندلاع حرب عالمية ثالثة بردع السوفييت، وحتى الآن، الروس. ولكن ترامب حولها إلى نوع من الابتزاز الحمائي، مشيراً إلى أنه لن يدافع عن الحلفاء الذين لا ينفقون 2% من ناتجهم المحلي الإجمالي - أو 5%، أو أي رقم آخر يختاره لاحقاً - على جيوشهم. ويفكر ترامب الآن بالتخلي عن امتياز أميركا في تعيين قائد قوات الحلفاء في أوروبا، وهو المنصب الذي يشغله حالياً الجنرال «كريستوفر كافولي»، عند انتهاء ولايته هذا الصيف. القائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا هو القائد العسكري الذي سيوجه جيوش جميع الحلفاء في حالة نشوب حرب ضد معتدٍ، والذي سينقل إلى الرئيس الأميركي طلبات نشر الأسلحة النووية الأميركية المتمركزة في أوروبا. كان دوايت أيزنهاور أول من تولى هذا المنصب، ومنذ عهد أيزنهاور، ومنذ ذلك الحين، لم يكن من المتخيل أن يتولى شخص غير أميركي هذا المنصب. إن تعيين أوروبي أو كندي في هذا المنصب سيثير أسئلة قانونية حول سلطته في إصدار أوامر للقوات الأميركية. كما أن التخلي عن المنصب سيكون بمثابة تباعد رمزي عن الحلف. سيرى الأوروبيون الخطوة كمؤشر آخر على انسحاب أميركا من الناتو. أما الكرملين فسيفسرها على أنها زيادة في الغموض ونقص في المصداقية، وبالتالي في الردع. كانت أميركا القوة التأسيسية في إنشاء وبناء الأمم المتحدة، وحلف الناتو، ومنظمة التجارة العالمية (التي لا تزال موجودة اسماً فقط على ما يبدو) وغيرها من المؤسسات التي كان الهدف منها الحفاظ على السلام، وزيادة الازدهار، والحفاظ على قدر من النظام. فعلت الولايات المتحدة ذلك لأنها رأت فوائد ذلك للعالم - ورأت نفسها جزءاً من ذلك العالم. أما ترامب، فلا يرى أيّا من ذلك. وهكذا، ينهار النظام العالمي، أولاً تدريجياً، ثم فجأة. لقد انتهى السلام الأميركي (باكس أميركانا) - العالم الذي كانت فيه الدول، كبيرة وصغيرة، تستطيع أن تأمل على الأقل بالازدهار تحت نظرة رحيمة من قوة عظمى وهيمنة خيّرة - كل ذلك قد أصبح شيئاً من الماضي. لقد وجّه ترامب في أول 100 يوم من ولايته الثانية دفة الدولة الأميركية نحو مسار جديد في التعامل مع الشؤون الدولية، فإذا غزا كندا أو جرينلاند أو أي مكان - أو تخلى عن أوكرانيا - فقد يتحول الأمر لنقول: وداعاً للقرن الأميركي. *كاتب متخصص في الدبلوماسية الأميركية، والأمن القومي، والجغرافيا السياسية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»


المغرب اليوم
٠٦-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- المغرب اليوم
أعيرونا صمتكم
بين المؤسسات التي أعلن دونالد ترمب إغلاقها تحت عنوان اللاجدوى، أو اللافائدة، إذاعة «صوت أميركا»، الأقدم في المؤسسات الإعلامية الحكومية، و«قناة الحرة»، الأكثر حداثة بينها. تم الإغلاق تقريباً دون صدى. العام الماضي أعلنت الـ«بي بي سي» إغلاق إذاعاتها الخارجية وسط أسف شديد من الأوساط السياسية والصحافية حول العالم، بعد نحو القرن من ذبذبة موجاتها المتوسطة والقصيرة عبر الأثير. صمدت الإذاعات في زوالها البطيء أكثر مما توقع الناس. والسبب الواضح هو المهارة المهنية التي جعلت من الـ«بي بي سي» تتفوق على جميع الإذاعات المشابهة. لكن أفول العصر الإذاعي كان حتمياً ذات يوم، خصوصاً الرسمي منه. بالإضافة إلى الأسباب الخارجية، كان هناك سبب من قلب الصناعة نفسها، وذلك عندما ظهرت محطات «FH» و (آي إف إم)، وأصبحت تغطي أعالي البحار، وأعالي الجبال، وكل بقعة من بقع الأرض في صوت خارق الصفاء، لا تشويش فيه ولا تعثر. رافقت الصناعة الإذاعية حروب العالم. بوصفها أداة من أدواتها الأساسية، وكانت تملأ المشاعر وتبث الأكاذيب وتموّه الحقائق. ولعل أشهر من فعل ذلك كان (غوبز)، رجل الإعلام عند هتلر، كما كان أحد رجاله في الإذاعة العربية (العراقي يونس البحري)، الذي كان يرسل التحية إلى العرب كل يوم معلناً من برلين: «هنا برلين حي العرب». بعد سنوات قليلة من إنهاء الحرب بدأ عصر إذاعي هائل التأثير عندما أسس أحمد سعيد «صوت العرب»، وجعل منها أهم أداة دعائية في حينها. غير أن كل النجاح الذي حققته الإذاعة المصرية، عاد فانقلب عليها وتم تحميلها جزءاً كبيراً من مسؤولية النكسة. وكانت تنافسها من بعيد الـ«B.B.C» العربية بأسلوبها المائل إلى الموضوعية، والخالي من الشتائم والتحريض المباشر. وأنشأت فرنسا بدورها إذاعة «مونتكارلو» التي حققت بدورها نجاحاً صحافياً على مدى العالم العربي من دون أن تحتل المكانة التي حققتها الـ«BBC». في فترة ما، كان أداء «صوت أميركا» بالعربية يجتذب قسماً غير بسيط من السامعين. لكن العقبة الكبرى أمامها كانت سياسة الولايات المتحدة، بالإضافة إلى عقبات أساسية أخرى منها عدم اعتماد الموجة المتوسطة، والبقاء أسيرة الموجة القصيرة السيئة البث. كانت الإذاعة في ازدهارها - على ما يملأ حياة الناس من ترفيه، أو ثقافة، أو سياسة، وفي الطرب وفي الخطاب وفي المسرحيات - تنقل إلى السامعين ما تنقله دور السينما إلى المشاهدين. لم يكن التلفزيون قد طغى على جميع الوسائل. ولا كانت شبكات الإنترنت قد حولت حياة الناس، وأصبحت تؤمّن لصاحبها شراء الكتب والبطاطس والعطور.


العرب اليوم
٠٦-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- العرب اليوم
أعيرونا صمتكم
بين المؤسسات التي أعلن دونالد ترمب إغلاقها تحت عنوان اللاجدوى، أو اللافائدة، إذاعة «صوت أميركا»، الأقدم في المؤسسات الإعلامية الحكومية، و«قناة الحرة»، الأكثر حداثة بينها. تم الإغلاق تقريباً دون صدى. العام الماضي أعلنت الـ«بي بي سي» إغلاق إذاعاتها الخارجية وسط أسف شديد من الأوساط السياسية والصحافية حول العالم، بعد نحو القرن من ذبذبة موجاتها المتوسطة والقصيرة عبر الأثير. صمدت الإذاعات في زوالها البطيء أكثر مما توقع الناس. والسبب الواضح هو المهارة المهنية التي جعلت من الـ«بي بي سي» تتفوق على جميع الإذاعات المشابهة. لكن أفول العصر الإذاعي كان حتمياً ذات يوم، خصوصاً الرسمي منه. بالإضافة إلى الأسباب الخارجية، كان هناك سبب من قلب الصناعة نفسها، وذلك عندما ظهرت محطات «FH» و (آي إف إم)، وأصبحت تغطي أعالي البحار، وأعالي الجبال، وكل بقعة من بقع الأرض في صوت خارق الصفاء، لا تشويش فيه ولا تعثر. رافقت الصناعة الإذاعية حروب العالم. بوصفها أداة من أدواتها الأساسية، وكانت تملأ المشاعر وتبث الأكاذيب وتموّه الحقائق. ولعل أشهر من فعل ذلك كان (غوبز)، رجل الإعلام عند هتلر، كما كان أحد رجاله في الإذاعة العربية (العراقي يونس البحري)، الذي كان يرسل التحية إلى العرب كل يوم معلناً من برلين: «هنا برلين حي العرب». بعد سنوات قليلة من إنهاء الحرب بدأ عصر إذاعي هائل التأثير عندما أسس أحمد سعيد «صوت العرب»، وجعل منها أهم أداة دعائية في حينها. غير أن كل النجاح الذي حققته الإذاعة المصرية، عاد فانقلب عليها وتم تحميلها جزءاً كبيراً من مسؤولية النكسة. وكانت تنافسها من بعيد الـ«B.B.C» العربية بأسلوبها المائل إلى الموضوعية، والخالي من الشتائم والتحريض المباشر. وأنشأت فرنسا بدورها إذاعة «مونتكارلو» التي حققت بدورها نجاحاً صحافياً على مدى العالم العربي من دون أن تحتل المكانة التي حققتها الـ«BBC». في فترة ما، كان أداء «صوت أميركا» بالعربية يجتذب قسماً غير بسيط من السامعين. لكن العقبة الكبرى أمامها كانت سياسة الولايات المتحدة، بالإضافة إلى عقبات أساسية أخرى منها عدم اعتماد الموجة المتوسطة، والبقاء أسيرة الموجة القصيرة السيئة البث. كانت الإذاعة في ازدهارها - على ما يملأ حياة الناس من ترفيه، أو ثقافة، أو سياسة، وفي الطرب وفي الخطاب وفي المسرحيات - تنقل إلى السامعين ما تنقله دور السينما إلى المشاهدين. لم يكن التلفزيون قد طغى على جميع الوسائل. ولا كانت شبكات الإنترنت قد حولت حياة الناس، وأصبحت تؤمّن لصاحبها شراء الكتب والبطاطس والعطور.


السوسنة
٠٦-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- السوسنة
أعيرونا صمتكم
بين المؤسسات التي أعلن دونالد ترمب إغلاقها تحت عنوان اللاجدوى، أو اللافائدة، إذاعة «صوت أميركا»، الأقدم في المؤسسات الإعلامية الحكومية، و«قناة الحرة»، الأكثر حداثة بينها. تم الإغلاق تقريباً دون صدى. العام الماضي أعلنت الـ«بي بي سي» إغلاق إذاعاتها الخارجية وسط أسف شديد من الأوساط السياسية والصحافية حول العالم، بعد نحو القرن من ذبذبة موجاتها المتوسطة والقصيرة عبر الأثير.صمدت الإذاعات في زوالها البطيء أكثر مما توقع الناس. والسبب الواضح هو المهارة المهنية التي جعلت من الـ«بي بي سي» تتفوق على جميع الإذاعات المشابهة. لكن أفول العصر الإذاعي كان حتمياً ذات يوم، خصوصاً الرسمي منه. بالإضافة إلى الأسباب الخارجية، كان هناك سبب من قلب الصناعة نفسها، وذلك عندما ظهرت محطات «FH» و (آي إف إم)، وأصبحت تغطي أعالي البحار، وأعالي الجبال، وكل بقعة من بقع الأرض في صوت خارق الصفاء، لا تشويش فيه ولا تعثر.رافقت الصناعة الإذاعية حروب العالم. بوصفها أداة من أدواتها الأساسية، وكانت تملأ المشاعر وتبث الأكاذيب وتموّه الحقائق. ولعل أشهر من فعل ذلك كان (غوبز)، رجل الإعلام عند هتلر، كما كان أحد رجاله في الإذاعة العربية (العراقي يونس البحري)، الذي كان يرسل التحية إلى العرب كل يوم معلناً من برلين: «هنا برلين حي العرب».بعد سنوات قليلة من إنهاء الحرب بدأ عصر إذاعي هائل التأثير عندما أسس أحمد سعيد «صوت العرب»، وجعل منها أهم أداة دعائية في حينها. غير أن كل النجاح الذي حققته الإذاعة المصرية، عاد فانقلب عليها وتم تحميلها جزءاً كبيراً من مسؤولية النكسة. وكانت تنافسها من بعيد الـ«B.B.C» العربية بأسلوبها المائل إلى الموضوعية، والخالي من الشتائم والتحريض المباشر. وأنشأت فرنسا بدورها إذاعة «مونتكارلو» التي حققت بدورها نجاحاً صحافياً على مدى العالم العربي من دون أن تحتل المكانة التي حققتها الـ«BBC».في فترة ما، كان أداء «صوت أميركا» بالعربية يجتذب قسماً غير بسيط من السامعين. لكن العقبة الكبرى أمامها كانت سياسة الولايات المتحدة، بالإضافة إلى عقبات أساسية أخرى منها عدم اعتماد الموجة المتوسطة، والبقاء أسيرة الموجة القصيرة السيئة البث. كانت الإذاعة في ازدهارها - على ما يملأ حياة الناس من ترفيه، أو ثقافة، أو سياسة، وفي الطرب وفي الخطاب وفي المسرحيات - تنقل إلى السامعين ما تنقله دور السينما إلى المشاهدين. لم يكن التلفزيون قد طغى على جميع الوسائل. ولا كانت شبكات الإنترنت قد حولت حياة الناس، وأصبحت تؤمّن لصاحبها شراء الكتب والبطاطس والعطور.