logo
#

أحدث الأخبار مع #أبوعثمانالجاحظ

أفضل 5 كتب في الأدب العربي
أفضل 5 كتب في الأدب العربي

مجلة سيدتي

time١٧-٠٣-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • مجلة سيدتي

أفضل 5 كتب في الأدب العربي

القراءة العميقة للأدب العربي من خلال الكتب المطبوعة تزيد من نشاط عقولنا على العمل، كما أنها تغير من واقع حياتنا، وتزيد قدرتنا من المشاركة الوجدانية، وهي تُعتبر وسيلة للتطهير والتخلّص من المشاعر السلبيّة المكبوتة التي تؤدّي إلى القلق والضيق والملل، إلي جانب إنها تُثري الخيال، وتعزّز مهارات اللغة المختلفة، وتنمّي التفكير والتحليل والنقد والإبداع، وسيدتي تساعدك لتغذية العقل بلغة غنية في التفاصيل وتقدم لك أفضل خمسة كتب في الأدب العربي. كتاب البيان والتبيين.. أبو عثمان الجاحظ يعد كتاب "البيان والتبيين" من أعظمِ كُتب الأدب العربي ، ومن أعظم مؤلفات الجاحظ، حيث يجمع فيه "الجاحظ" بحرفيةٍ متناهية في علمَ اللغة العربية من الناحية الأدبية. في ثلاثة أجزاء يُقدِّم "الجاحظ" واحدًا من أضخم مُؤلَّفاته، وهو يختلف عنها جميعًا في تناوُله الأدبَ بشكلٍ فلسفي تحليلي، جعل منه موسوعةً شاملة قد تكون هي الأولى في علم اللغة وفلسفة الكلام؛ وفي كتاب البيان والتبيين لا يكتفي بعرض منتخبات أدبية من خطب و رسائل وأحاديث وأشعار، بل يحاول وضع أسس علم البيان وفلسفة اللغة، فيَسرد بلغته البليغة المتميزة بداياتِ علم الكلام، وورودَه في الأديان وعند الأنبياء، ثم بدائعَ البيان عند العرب، ويختار الكثير من المعروفين بحلاوة اللسان والقدرة على التعبير من خلفاء وشعراء وأدباء وخطباء وأئمة؛ ليَحكي تاريخَهم ويشرح إبداعاتهم. كل ذلك جعل من هذا الكتاب واحدًا من أمهات الكتب اللغوية الأدبية العربية، التي يجب ألَّا تخلو منها مكتبةٌ عربية تراثية. كتاب الأدب العربي عبر العصور.. هدى التميمي يهدف الكتاب إلى دراسة بعض الظواهر الأدبية في تاريخ الأدب العربي ، التي نشأت في أطر اجتماعية وثقافية وسياسية معينة، من خلال توزيع الأدب العربي إلى فترات زمنية وتاريخية، حيث تناول العصر الجاهلي، والعصر الإسلامي، والعصر الأموي، والعصر العباسيّ، والعصر الأندلسي، وشيئاً من العصر الحديث، إن قضايا الأدب العربي ومسائله في مختلف العصور على درجة من التنوع والاتساع، وبالتالي فقد وقفت الكاتبة على القضايا الأدبية العامة من خلال تناول بعض المسائل الأدبية البارزة، التي تشكّل محاور رئيسة في أدب هذه العصور، وكان ظهورها نتيجة مؤثرات سياسية واجتماعية وحضارية وجمالية وطبيعية مختلفة، ساهمت في كل عصر على ظهورها بالشكل الذي وُجدت عليه. قد ترغبين في التعرف على: أشهر الشعراء العرب في العصر الحديث كتاب تاريخ الأدب العربي من العصر الجاهلي إلى منتصف القرن العشرين..أحمد حسن الزيات هذا الكتاب يعدّ مرجعًا أساسيًا في دراسة الأدب العربي، ويقوم المؤلف بتحليل النصوص الأدبية وتحليل الأساليب والأشكال الأدبية التي ظهرت في كل عصر، مما يساعد القارئ على فهم التغيرات التي طرأت على الأدب العرب، ويدرس الكاتب المصري أحمد حسن الزيّات (1885 – 1968) تاريخ الأدب العربي في عصوره الخمسة، لا سيّما العصرالعباسي، باعتباره "أرقى العصور في الإسلام، ونور الحضارة، ونهضة وحي العلم، وبريق شباب اللغة"، ولقد طُبع الكتاب طبعات كثيرة، ومعلوم أنّ أحمد حسن الزيّات كان من بُناة صرح الأدب العربي في القرن العشرين، وأحد رواد النقد النهضوي الحديث والمعاصر، ويغطي الكتاب فترة زمنية واسعة تبدأ من العصر الجاهلي وتنتهي بمنتصف القرن العشرين، مما يجعله بمثابة رحلة شاملة في تاريخ الأدب العربي وتطوره عبر العصور، ويحتوي كتاب "تاريخ الأدب العربي" (560 صفحة) على خمسة أبواب هي: "العصر الجاهلي"، "عصر صدر الإسلام والدولة الأموية"، "العصر العباسي، خطره وأثره ومميزاته"، "بعد سقوط بغداد"، "العصر الحديث" قد ترغبين في التعرف على: مفهوم الأدب و أنواعه كتاب تاريخ الأدب العربي العصرالجاهلي.. شوقي ضيف هو أحد أهم وأشهر كتب الأديب واللغوي المصري الشهير الدكتور شوقي ضيف، وقد لاقى هذا الكتاب شهرة واسعة وانتشارًا كبيرًا في الأوساط المهتمة ب الأدب العربي من وقت صدوره وحتى الآن، وقد اهتم الدكتور شوقي ضيف بالتاريخ للبلاغة والنحو والأدب العربي في مراحله كافة، وقدم أعمالًا مختلفة في الشعر والنثر والتراجم والنقد والأدب، كما حقق عددًا كبيرًا من كتب التراث إضافة إلى أبحاثه المختلفة، وقدم ضيف للمكتبة العربية تراثًا هائلًا من الأعمال الأدبية التي عني في أكثرها بدراسة الأدب العربي، وقد أفرد من حياته أكثر من ثلاثين عامًا لعمل واحد وهو موسوعة الأدب العربي، التي قدم فيها دراسة مفصلة للأدب العربي وتاريخه على مر العصور من بدايته وحتى العصر الحديث، ويتحدث كتاب تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي عن العصر الجاهلي بشكل عام، فيذكر طبيعته الجغرافية والسكانية واللغة العربية واللهجات التي كانت موجودة في هذا الوقت، ثم يتحدث عن الشعر الجاهلي وخصائصه وأعظم شعرائه، كما يذكر بعضًا من أشعارهم مع تعليق عليها لمساعدة القارئ على تذوقه. كتاب تاريخ آداب العرب.. مصطفى صادق الرافعي يعدُّ هذا الكتاب أحد أكبر المراجع في مجال تاريخ الأدب عند العرب، وهو واحد من أشهر كتب الأديب والشاعر والفيلسوف القرآني الشهير مصطفى صادق الرافعي، ولقد جعل المؤلف الكتاب في ثلاثة أجزاء، اشتمل كل جزء على بضعة أبواب، وهي مجتمعة اثنا عشرة بابًا، كما أنه قد أحدث ضجة كبيرة وجذب الانتباه إليه نتيجة تميزه وتفرده في الأسلوب، فمن النادر أن تجد من الأدباء أحد يُطوع اللغة في يديه كالعجين كما يفعل الرافعي، فترى اللغة في يديه سهلة، وترى إنتاجه الأدبي غاية في التميز، وكتابات الرافعي تُشعر القارئ بعزة اللغة العربية ورقيها وعظمة القلم وما يُمكن أن يُبدعه الكاتب بالقلم وفقط، وقد كان كتاب تاريخ آداب العرب أول الكتب التي كتبها الرافعي بعدما قرر أن ينصرف عن الشعر ويتجه إلى الكتابة النثرية لأنه وجد فيها مبتغاه ومُراده، وقد أخرج الرافعي هذا الكتاب وكان لا يزال في الثلاثين من عمره، ولكن الكتاب أصبح مرجعًا مميزًا في ساحته وأثنى عليه الكثير، ويحاول في هذا الكتاب أن يُشير إلى تاريخ آداب العرب وتراثه، فالرافعي يرى أن تاريخ آداب أي أمة يجب أن يكون منفصلًا عن حوادثها الأدبية، لأنها مفاصل عصورها المعنوية. ونحو المزيد تابعي الرابط التالي لتتعرفي

دونالد ترامب ليس إلهًا
دونالد ترامب ليس إلهًا

مصرس

time٠٥-٠٢-٢٠٢٥

  • سياسة
  • مصرس

دونالد ترامب ليس إلهًا

قديمًا قال أبوعثمان الجاحظ: «المعانى الرخيصة يُعبر عنها بألفاظ رخيصة»، رافضًا بهذا القول تجميل قُبح المعانى برداء من الألفاظ الجميلة الخادعة، وداعيًا لأن تكون الألفاظ من طبيعة وجنس معانيها؛ لتُحدث صدمة فى وعى المتلقى، وتجعله قادرًا على تمييز ورؤية الرخص والقبح بوضوح، ونقده ومواجهته ورفضه. وفى سياق هذا الرأى المُتعلق بضرورة ارتباط الألفاظ بالمعانى يُمكن أن نطرح سؤالًا: هل يُمكن أن يوجد الله وأمريكا معًا؟ وهل يتعارض الإيمان بالله وقضائه وقدره وبأن الأقدار فى يده لا نهاية لها كذاته وقدرته، مع العجز والتسليم أمام القدر الأمريكى فى المنطقة، المؤسس على قدرتها العسكرية والأمنية والاقتصادية الكبرى، وانفرادها بحكم العالم والمنطقة العربية، وتحديد مصائر دولها وشعوبها؟قد يبدو هذا السؤال وقحًا وجارحًا للشعور الدينى، إلا أنه سؤال حقيقى وكاشف، وضرورى لا يُمكن استبعاده فى لحظتنا الراهنة، خاصة بعد نجاح الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب فى العودة لحكم أمريكا من جديد، وبعد ظهور ملامح مخططاته المستقبلية لمنطقتنا العربية، وبعد أن صار يُخاطب المنطقة وحكامها وكأنه إله لا راد لقدره وقضائه ومشيئته فى توسيع وتأمين حدود إسرائيل إلى الأبد خلال سنوات حكمه، على حساب شعوب ودول المنطقة.الجدير بالذكر أن السؤال حول إمكانية اجتماع الإيمان بالله والقدر الأمريكى فى ذات الوقت، هو سؤال قديم يعود زمن طرحه إلى نهاية ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضى، بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، وهيمنة القطب الواحد، وانفراد أمريكا بحكم العالم بلا شريك أو منازع، وبعد سقوط بغداد وحل الجيش العراقى، وبداية رسم ملامح الفوضى الخلاقة فى المنطقة العربية، وقد طرحه الكاتب والروائى التونسى محمد الجابلى فى روايته «مرافئ الجليد» التى يعود زمن كتابتها إلى عام 1998.بطل هذه الرواية هو جون براون، عالم الأنثروبولوجيا الأمريكى، الذى يعشق الشرق ويتعاطف مع ثقافته وأهله، والذى تنقل من خلال عمله بين بيروت أثناء الحرب الأهلية وبغداد والقاهرة، ليكتشف بعد ذلك أنه كان مستغلًا على غير وعى أو قصد من قبل وكالة أمريكية مشبوهة تتآمر على ذلك الشرق، وتستغل أبحاث جون براون العلمية وتجاربه وعلاقاته الشخصية لخدمة أمريكا وأهدافها العسكرية والأمنية والسياسية والثقافية فى المنطقة العربية.وقد طرحت هذا السؤال بطلة الرواية «راقية»، الرافضة للهيمنة الأمريكية فى المنطقة، والتى أصابها اليأس من إمكانية الوقوف فى وجهها، ولهذا تقول فى أحد حواراتها مع جون براون: «لا يُمكن أن يوجد الله وأمريكا معًا... كان الله يمثل القَدَر، ويبدو أن القَدَر لا يصمد أمام القدرة!». ليرد عليها جون براون بعد تفكير قائلًا: «لا يُمكن أن تتعايش قوتان فى كون واحد».وقد ذكَّرنى هذا الحوار بأستاذى فى قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة المنيا، الراحل الدكتور وهبة طلعت أبوالعلا، الذى عاد من دراسته فى المملكة المتحدة وهو مفتون تمامًا بالحضارة الغربية فى نموذجها الأمريكى على وجه التخصيص، ليضع مع مطلع تسعينيات القرن الماضى كتابًا بعنوان «الوجود المقلوب.. رؤية فلسفية معاصرة»، احتفى فى بعض صفحاته بأطروحة نهاية التاريخ وسيادة النموذج الأيديولوجى الغربى الأمريكى القائم على النظام الليبرالى الديمقراطى والرأسمالية الحديثة، التى نادى بها المفكر الأمريكى فرانسيس فوكوياما، وتفاءل الدكتور وهبة طلعت فى كتابه بمستقبل العالم تحت السيادة الأمريكية المنفردة بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، مستشهدًا لإثبات رأيه بالآية القرآنية التى تقول: «لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ العَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ».بالطبع كان هذا قياسًا فاسدًا أو كما يُسميه المناطقة «قياس على غير قياس»؛ فلا مجال للمقارنة بين تفرد الله بالوحدانية والعبودية والعلو والحكم فى الكون، وسعيه لإحقاق الحق وإبطال الباطل، وبين تفرد أمريكا بحكم العالم وسعيها فى منطقتنا العربية، خاصة إلى إبطال الحق وإحقاق الباطل وخدمة مصالحها ومصالح وأمن إسرائيل فقط على حساب كل دول وشعوب المنطقة.وفصل المقال، إن الرئيس الأمريكى ترامب ليس إلهًا يحكم فيُطاع كما تصور له أوهامه. وإن مخططاته فى المنطقة العربية ليست قدرًا لا مهرب منه، بل يجب رفضها والتكتل بشكل عربى جماعى حاسم فى مواجهتها؛ حتى لا يُصبح حاضر ومستقبل المنطقة ودولها وشعوبها لعبة شيطانية تُدار بواسطة مجموعة من الأبالسة الذين يظنون أنفسهم آلهة. وحتى نُثبت للعالم ولأنفسنا أن إيماننا بالله وأوطاننا وكرامتنا العربية وحقوق شعوبنا، يتعارض مع التسليم للقدر الأمريكى الترامبى الذى أصبح يُهدد استقرار المنطقة أولًا، ومصالح أمريكا فيها ثانيًا.

هل الشعر والفن قابلان للتوريث؟
هل الشعر والفن قابلان للتوريث؟

الشرق الأوسط

time٠٤-٠٢-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الشرق الأوسط

هل الشعر والفن قابلان للتوريث؟

لم تأنس أمة من الأمم بالشعر وتطرب له وتقدِّمه على ما سواه من الفنون كما هو حال العرب الأقدمين الذين احتفوا بولادات الشعراء وحوَّلوها إلى أعراس للبهجة والانتشاء باللغة والشعور بالظفر. وقد أكد أبو عثمان الجاحظ في كتابيه «البيان والتبيين» و«الحيوان» أن العرب يتميزون عن سائر الأمم بكونهم مفطورين على الشعر، وبأنه «مقصور عليهم بالبديهة والسليقة». ولعل أكثر ما يؤكد التصاق العرب بهذا الفن منذ القدم، هو اهتمام غالبيتهم العظمى، ليس فقط بقراءة الشعر وسماعه وحفظه، بل بنظمه وتأليفه، وصولاً إلى حمل لقبه الأسمى بأي طريقة أو ثمن. وإذا كان هاجس الانتساب إلى أندية الشعر المأهولة بكل صنوف «الشياطين»، ما انفك يتحكم بكل عربي منذ الجاهلية حتى يومنا هذا، فإن هذا الهاجس يرتفع منسوبه إلى الحدود القصوى لدى أبناء الشعراء، وبخاصة الكبار منهم، حيث يرى هؤلاء أنهم الطرف الأولى بالجلوس على كرسي الكتابة الشاغر ومتابعة المسيرة السلالية المباركة. على أن ما تقدم لا يعني بأي حال إنكاراً مطلقاً لمبدأ الوراثة الشعرية، والفنية على نحو عام، خصوصاً أن الباحثين والمتخصصين في علوم الجينات، يؤكدون أن ما يرثه الأبناء عن الآباء والأمهات والأسلاف، لا يقتصر على ملامح الوجوه وبنية الأجساد وطبيعة الأمراض، بل تتسع دائرته لتشمل الطبائع والميول الفطرية والمواهب العلمية والأدبية. لكنَّ غالبية الأبناء يغضُّون النظر عن كون الحقيقة نسبيةً وحمَّالةَ أوجه، فيعمدون إلى إسباغ لقب «الشاعر» على أنفسهم، بمجرد إهالة التراب على ضريح الأب الراحل، ليس لأنهم كانوا عاجزين عن فعل ذلك في ظل حضوره الطاغي فحسب، بل خوفاً من أن يسبقهم إلى إعلان التنصيب أخٌ أو أخت «مُضاربان»، أو منافسٌ آخر متنطح للوراثة. ومع ذلك فإن من الظلم بمكان الإنكار على الأبناء الموهوبين، حقهم الطبيعي في تحقيق ذواتهم وإنجاز مشروعهم الإبداعي الخاص، لمجرد أنهم وُلدوا لآباء شعراء أو أمهات شاعرات، رغم أن وقائع التاريخ تؤكد ندرة الحالات التي كانت فيها المواهب موزَّعة بالتساوي بين الآباء والأبناء. فحيث تمتع الآباء بموهبة متَّقدة النيران بدا أبناؤهم كأنهم يتغذّون من فتات الجمر السُّلاليّ قبل تحوله إلى رماد. وقد يكون العكس في المقابل هو الصحيح، بحيث لم يكتفِ بعض الأبناء بتلقف جينات آبائهم، بل إنهم أمعنوا في تجاوزهم إلى الحد الذي جعل من قامة المورِّث الإبداعية، شديدة القِصر إزاء قامة الوريث. واللافت أن النقد العربي القديم لم يُغفل ظاهرة انتقال الشعر بالوراثة من الأب إلى الابن أو الحفيد، لا بل إن ابن سلام الجمحي يتحدث عن بعض الأبناء الذين كانوا ينظمون أشعاراً وينسبونها إلى آبائهم بعد رحيلهم، كما فعل ابن متمم بن نويرة. كما اشتكى الأصمعي من الأمر نفسه حين اعترف بأنه وجد صعوبة بالغة في جمع أشعار الأغلب العجلي، لأن أبناءه ظلوا «يزيدون في شعره حتى أفسدوه». كما تحدث ابن رشيق عن الأسر التي توارثت الشعر أباً عن جد على امتداد أجيال ستة. والواقع أن الحالة الأكثر رسوخاً في ذاكرة العرب الجمعية هي حالة زهير بن أبي سلمى وابنه كعب، ليس فقط من زاوية الموهبة الشعرية التي ورثها الثاني عن الأول، بل لأن كلاً من الأب والابن استطاع أن يخلد اسمه وشعره عبر الزمن، ودون أن يكون كعب نسخةً مطابقةً من أبيه. صحيح أن بعض النقاد الأقدمين وضعوا زهير في الطبقة الأولى من شعراء الجاهلية، وأشاد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وسلم) وبعض الصحابة بمعلّقته الميمية، لما تتضمنه من نبرة حكمية ونزوع أخلاقي، فيما ذهب آخرون إلى تصنيف الابن على أنه واحد من شعراء الطبقة الثانية. لكن الفارق بين الشاعرين لم يكن واسعاً بأي حال. ومع أن كعباً لم يكن نسخة مطابقة من أبيه، بل نحا باتجاه قصيدة أكثر ليونة، وأقل احتفاءً بالمهارة البلاغية والصنيع اللفظي، إلا أن تشبيهه بأبيه من البعض، كان بالنسبة إليه أمراً باعثاً على الاعتزاز. وقد قال في ذلك: أقول شبيهات بما قال عالماً بهنَّ ومن يشبهْ أباه فما ظَلَمْ ورغم أن كعباً لم يكن الوريث الوحيد لموهبة أبيه، بل شاركه في ذلك أخوه بُجير وابنه عقبة وحفيده العوّام، فإن نصيبه من الموهبة كان أكبر بكثير من نصيب الآخرين، الذين لم تغادر قصائدهم خانة النظم الباهت والخيال الشحيح. وما يجدر التوقف عنده أيضاً هو أن زهير الذي اكتشف باكراً موهبة ابنه، حاول أن يُثنيَه عن نظْم الشعر، لا غيرةٍ منه أو الخوف من تجاوزه إياه، بل مخافة أن «يتسفَّل ويأتي بالضعيف الذي يشوّه مجد الأسرة». إلا أنه إزاء إصرار ابنه على النظم لم يجد بُداً من تثقيفه وتهذيب لسانه وتزويد شاعريته بما يلزمها من أسباب الرعاية والنصح والاهتمام، كما كان يخرج به إلى الصحراء فيُسمعه بيتاً أو شطراً من بيت ويطلب إليه أن يكمله، إلى أن نضج واشتد عوده. وهو ما يقودنا إلى الاستنتاج أن الموهبة الموروثة لا تكفي وحدها للبلوغ بصاحبها إلى شاطئ التفرد الإبداعي، بل يجب أن تظل مضفورة بالإرادة والمشقة والكدح المعرفي. لكنَّ نموذج الشاعر الكبير الذي يلد شاعراً يبزّه في الموهبة والتفرد، كما هو حال زهير وكعب، ظل نادر الحدوث، ولم يكن قابلاً للتعميم، بحيث يكفي أن نلقي نظرة متأنية على تاريخ الشعر العربي كي نتأكد من هذه الفرضية. فالقليلون من المهتمين بالأدب يعرفون أن الابن الأكبر لأبو تمام، كانت لديه مَلَكَة نظم القريض، ولكنه لم يكن يجرؤ في ظل الحضور الطاغي لأبيه على إفشاء الأمر على نحو واسع. حتى إذا رحل الأب انبرى تمّام للحلول مكانه، ممتدحاً والي خراسان عبد الله بن طاهر، الذي اعتاد أبوه مدحه، بقصيدة جاء فيها: حيّاك رب الناس حيّاكا إذ بجمال الوجه روّاكا بغداد من نورك قد أشرقتْ وأورقَ العود بجدْواكا ورغم أن ابن طاهر لاحظ ما في شعر تمام من ركاكة، فقد وصله ببعض المال قائلاً له وقد آنس في سلوكه شيئاً من الطرافة: «لئن فاتَكَ شعر أبيك فلم يفُتْك ظُرفه». وقد تكون تجربتا الشاعرين اللبنانيين ناصيف اليازجي وابنه إبراهيم في العصور المتأخرة، هي الأقرب إلى تجربة سلفيهما زهير وكعب، حيث لم يكتفِ الابن بوراثة الأب على المستوى الشعري، بل عمل جاهداً على رفد موهبته الفطرية بكل أسباب الثقافة والتحصيل المعرفي وإتقان كثير من اللغات، وهو الذي تمكنت قصيدته الشهيرة «تنبَّهوا واستفيقوا أيها العربُ»، من أن تحرك الوجدان العربي بأسره في مطلع عصر النهضة. على أن مسألة الوراثة الإبداعية أخذت مع رائدة الحداثة نازك الملائكة منحًى مختلفاً عمَّا سبقها. فنازك التي ورثت موهبة الشعر عن أبيها وأمها، لم تقبل الإقامة في كنف النَّظْم الباهت للطرفين، بل ذهبت بعيداً في المغامرة، لا لتنقلب على الأبوّة الشعرية البيولوجية فحسب، بل على أبوّة العمود الخليلي ذي الطابع الذكوري برمته. وحين عبّرت في قصيدة «الكوليرا»، التي تتكرر فيها مفردة الموت بشكل ملحوظ، عن إصرارها على المضيّ في مغامرة التجديد، لم يُثْنِها عن مغامرتها تلك تعليق أبيها، صادق الملائكة، على القصيدة بقوله ساخراً: لكل جديد بهجةٌ غير أنني رأيت جديد (الموت) غير جديدِ وإذا كان لي أن أخلُص إلى القول بأن العبقرية الشعرية والفنية هي، عدا استثناءات قليلة، عاقرٌ لا تنجب، أو غيرُ قادرة على استيلاد عبقرية مماثلة، فليس ذلك افتئاتاً على الحقيقة، بل هو استنتاج تؤيّده عشرات الأدلة والشواهد. ولعل أفضل تأكيد لصحته، هو ما جاء على لسان عبد الله الخوري في رثاء والده الأخطل الصغير، حين خاطب أباه الراحل في حفل تكريمه بالقول: لم يخلّف شاعرٌ في الأرض شاعرْ عاقراتٌ في رُبى البحر المنائرْ

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store