logo
#

أحدث الأخبار مع #أبى

سامح عبد الوهاب الأسوانى يروى حكاية والده الذى أبدع فعاش
سامح عبد الوهاب الأسوانى يروى حكاية والده الذى أبدع فعاش

بوابة ماسبيرو

timeمنذ 5 أيام

  • ترفيه
  • بوابة ماسبيرو

سامح عبد الوهاب الأسوانى يروى حكاية والده الذى أبدع فعاش

هكذا تشكلت شخصية أبى بين الإسكنـدرية وجزيرة المنصورية «أبو غالى والشعراء الشعبيون» أدخلوه عالم السرد من بابه الواسع «سلمى الأسوانية» و«هبت العاصفة» و«اللسان المر» و«أخبار الدراويش».. أعمال تناولت المجتمع الأسوانى بشكل رائع الأسوانى كان حريصا على حضور ندوة نجيب محفوظ بمقهى ريش دموعه كانت قريبة.. وأفتقد حضوره الصادق وحكمته الهادئة طفولة الأسوانى فى جزيرة المنصورية كانت الخزان الذى نزح منه رواياته وقصصه من دواعى فخرنا نحن أبناء مجلة الإذاعة والتليفزيون أن الروائى والقاص الكبير عبد الوهاب الأسوانى واحد من أبناء المجلة.. فالرجل فوق أنه أديب بارع وواحد من كبار أدباء مصر والوطن العربى شهد له كبار الأدباء والنقاد بالتفرد والإبداع المختلف هو إنسان عظيم بمعنى الكلمة.. مشهود له من الجميع ومن كل من عرفه بالنبل والمروءة والإنسانية.. هو ابن الجنوب الذى ترسخت فيه قيمه وتجذرت أصوله فصار مبدعا استثنائيا وإنسانا استثنائيا.. مع زميلنا سامح الأسوانى نائب رئيس تحرير المجلة والابن البار لعبد الوهاب الأسوانى وخلفه الطيب النبيل سعدت بهذا الحوار عن ابن أسوان الكبير عبد الوهاب الأسوانى.. عبد الوهاب الأسوانى.. الأب والإنسان.. كيف كان؟.. ماذا عن علاقته بأبنائه.. وبأهله فى جزيرة المنصورية؟.. من هم أصدقاؤه المقربون؟.. هذا سؤال دائم الإرباك لى، ولم أسلم، فى كل مرة يوجه لى، من الشعور بالحزن، حزن منبعه الفقد الكبير والخواء الذى أشعر به منذ أن قرر أبى الذهاب بعيدا، وهو أمر لم أتصوره، أو ربما كنت أنكره فى وجدانى العميق، على الرغم من إيمانى بأن أقدار الله آتية بلا ريب، كنت أعيش فى قلب النهر فلم أشعر بالظمأ أبدا، ثم توقف النهر فجأة عن التدفق، وظهرت الأرض جافة قاسية ملأى بالأشواك، وحين أتذكر تنهمر عليّ المشاعر المتضاربة ويغمرنى حزن واكتئاب. هذا النهر كان فيضا من المحبة على كل الكائنات، وهذا ليس تشبيها مجازيا؛ إذ حمل أبى فى قلبه قدرًا غير محدود من الحنية، خاصة مع الضعفاء، محبة لا يجهد نفسه فى إظهارها، إذ تنسال دموع من عينيه أمام أى مشهد إنسانى مهما كان خافتا، دموعه قريبة كما يقال، فالعين التى لا تدمع لا ترى. وفى تعامله مع أهله كان حريصًا على أن يشعر كل فرد بأنه مسموع، وبأن له مكانًا لا يُنتزع فى قلبه، يفعل هذا بإيمان حقيقى وإنسانية بالغة، ولم يكن الحديث عن القيم أو المبادئ مجرد تنظير، بل سلوك يومى بسيط: طريقة فى النظر، فى الإصغاء، فى التصرّف، فى شهامته السريعة مع الآخرين، التى لا تنظر إلى حسابات الربح والخسارة، بل إلى الحق والحق فقط، حتى لو كانت النتائج فى غير صالحه، فلا غرو إذن أن يناديه الأهل والأصدقاء والمحبون بالخال والعم والعمدة وشيخ العرب. الآن، وأنا أفتقده، لا أفتقد الصوت فقط أو الصورة، بل تلك المسافة التى كان يملؤها بالحضور الصادق، بالحكمة الهادئة، بالحس الإنسانى النادر، أفتقد أبى.. كريم القلب. أيام الغربة فى حياة الأسوانى.. ماذا عن إبداعاته فى سنوات تغريبته.. وهل كان للغربة تأثير فى إبداعات الأسوانى؟ فُرضت الغربة على أبى، مثلما فرضت على غالبية المصريين منذ السبعينيات، حيث شهدت مصر موجات متتالية من هجرة العمالة إلى الخارج، خاصة إلى دول الخليج، وهى ظاهرة حملت فى طياتها أبعادًا اقتصادية واجتماعية عميقــة، وزادت سياســة «الانفتــاح الاقتصادي» من وطأة التفاوت الطبقى، ما دفع كثيرين من الطبقة الوسطى والعمالية إلى البحث عن فرص أفضل خارج الحدود. اجتماعيا، أدت الهجرة إلى تغيّر النسق القيمى والاجتماعى؛ إذ أدخلت أنماطًا جديدة من الاستهلاك، وأصبح الإنفاق على الكماليات علامة على النجاح، وتحوّل تقييم الأفراد بالتعليم والمكانة المهنية إلى ربطه بالقدرة المادية. هل لكل هذا علاقة بإبداع عبد الوهاب الأسوانى؟ أقول نعم، فإذا كانت الغربة سببا فى عرقلة الوالد عن الكتابة الإبداعية، فقد كانت سببا أيضا فى رؤيته، وبوضوح، لهذه التغيرات الاجتماعية وعلى رأسها اعتلاء ثقافة الاستهلاك، بأمراضها الاجتماعية، سلم القيم، إذ إن البعد عن مصر والعودة إليها بعد وقت جعله ينتبه إلى هذه التبدلات، التى قد لا تستوقف بعض من يعيشون فى مصر بحكم الألفة، وهذا بالضبط ما حصل مع رواية النمل الأبيض. لقد كانت روايات أبى الأولى، سلمى الأسوانية وهبت العاصفة واللسان المر وأخبار الدراويش، تتناول مجتمع صعيد أسوان بتقاليده المتماسكة وقيمه الصارمة، واكتفائه الذاتى، يقول أبى عن قريته المنصورية: «... كل حقل مقسم إلى أجزاء، الجزء الأكبر قمح وبرسيم، والثلث تقريبًا عبارة عن أحواض، حوض طماطم، وذلك باذنجان، وآخر كوسة، ورابع بامية، وخامس ملوخية، وسادس ثوم، وهكذا، هذه الأحواض للاستهلاك الخاص، وما يزيد منها يشتريه صغار التجار ليبيعوه فى المنادر القريبة، بحيث لم يكن البيت يشترى من خارجه إلا السكر والشاى والبن وبعض الأشياء الأخرى مثل الملح والفلفل الأسود..البنات فى البيوت، بعد أن يفرغن من الواجبات المنزلية، وإطعام الدجاج والحمام والبط، يتفرغن لغزل صوف النعاج. فى القرية المجاورة نجع اسمه نجع النصارى، يأتى منه رجل اسمه عم سيفين، مرة كل أسبوع، ليشترى خيوط الصوف التى غزلتها البنات، يحولها فى أنواله إلى نسيج، تُصنع منها عباءات الرجال وجلاليبهم فضلا عن عباءات النساء، أكثر من ستين فى المائة من ملابس أهالى المنطقة، كانت من صنع أيديهم». فى زيارة أبى للإسكندرية وقريته، بعد فترة غياب عنهما هاله ما رآه: «... بعد غيابى عن الإسكندرية وعودتى إليها، وجدت الجو قد تغير تمامًا، الكثير من الفيلات تحولت إلى أبراج شاهقة ولا وجود للحدائق أو للأشجار، أغلب سكان هذه الأبراج من غريبى الأطوار.. يأكلون البطيخ فى الشرفات العالية ويلقون بالقشر الذى تصدر عنه فرقعات فى الشارع تشبه بمب الأطفال!.. فى بلدنا وجدت المناخ قد اختلف أيضًا، أصبحت لا هى بالقرية ولا بالمدينة، تشترى خبزها من أفران البندر، أغلب الدواوين تحولت إلى ما يشبه البوتيكات، غاصة بالمعلبات والملابس الفاخرة، كلها مستوردة.. التليفزيونات تسهر حتى الصباح.. بعض الشباب يتحدثون عن البانجو وأسعار الدولار! على ضوء هذه المعطيات كتبت روايتى النمل الأبيض، وأكثر قصص مجموعتى شال من القطيفة الصفراء». بين بيئتين عبد الوهاب محمد حسن عوض الله.. بداية التشكل بين جزيرة المنصورية والإسكندرية..حدثنا عن هذه الثنائية الغريبة ما بين أقصى الجنوب وأقصى الشمال المصرى فى حياة الأسوانى.. هل كانت المكون الأول والأساسى لشخصيته الإبداعية؟.. ولد أبى فى جزيرة المنصورية بأسوان، مخزون الحكايات والذكريات، وتعلم فى الإسكندرية. تقع المنصورية قبالة معبد كوم أمبو، لكنها أقرب إلى الضفة الغربية، جغرافيا وثقافيا، ويقطنها صعايدة أسوان من أبناء القبائل العربية، ومن ثم تختلف عن المناطق النوبية التى تمتاز بثقافة ولغة خاصة. وكان لجدى تجارة فى الإسكندرية، لذا كان يمكث بها فترة الصيف، وهو موسم عمله وأرباحه، إذ كان يتاجر فى المياه الغازية وألواح الثلج، والأخيرة كانت أمرا حيويا لا يستغنى عنه تجار الأسماك واللحوم والبقالون، وباقى العام يقضيه فى قريته، وفى هذه الرحلة، ذهابا وإيابا، يصطحب عائلته. فى المنصورية كان نجع جدى، النجع الشرقى، يغص بالشعراء الشعبيين، يجتمعون مرة كل أسبوع فى إحدى الساحات الواسعة، يقيمون فيها عرسًا مجانيًا يمتد حتى الفجر، يحييه أهل النجع بالغناء والإنشاد، وكثيرًا ما كان يتبارى شاعران أو أكثر، يرتجلان الشعر فى لحظته، فيما ينقسم الحضور بين مشجعٍ لهذا أو لذاك، فى جوٍ من الحماسة والانبهار. كما تأثر أبى بالسيرة الهلالية التى كان يرويها الفنان الراحل «أبو غالى»، ابن النجع الشرقى، بصوت رخيم وحضورٍ آسِر، وكانت شخصياتها تتجسد أمام عينيه، كأنها تتحرك بين الناس، يتلمسها بعينيه وذاكرته، ربما كان ذلك ما أورثه الشغف بالحكاية، بالقص، بالسرد الطويل. ثمة جانب آخر كان وراء فهم أبى لمجتمعه الجنوبى، قوانينه وعلاقته المتشابكة، تقاليده الصارمة وتعقيده المستتر. يقول أبى عن أبيه فى شهادة عن نشأته وتكوينه كتبها للناقد الكبير يوسف الشارونى: «فى بلدنا، لا يفعل شيئًا غير أن يستقبل الضيوف، ويصلح بين المتخاصمين، فكان العمدة والمشايخ يحولون إليه أى بلاغ يصلهم، فيقوم هو بدور قاضى العرب ـ كما يطلقون عليه ـ وطبعًا التكاليف تكون على حسابه؛ ذبيحة، أو غداء أو عشاء مكلف. فكانت لديه مقدرة عجيبة على مصالحة الأطراف المتخاصمة؛ حيث يحفظ تقاليد المنطقة عن ظهر قلب، ويعرف أنساب العائلات ـ فى بلدنا والقرى المجاورة بما فيها كثير من قرى محافظة قنا ـ كأى مؤرخ متخصص، ويحفظ الكثير من الأشعار الشعبية التى تدعم ما يقول. سواء فى الأنساب أو فى القضية المطروحة فى حين لا يعرف غير كتابة اسمه، لكنه فى الحساب كأنه كمبيوتر مجالس الصلح هذه.. وتعقد مثلها عند جدى لأمى، وهو من نجع آخر وقبيلة أخرى ـ أفادتنى كثيرًا فى معرفة أسرار المجتمع وتقاليده ومشكلاته وطريقة تفكيره، تشربتها بلا وعى فى البداية، ثم بدأت فى تأملها فيما بعد» انتهت شهادة أبى. والتأمل الواعى يعنى الفهم العميق لمجتمعه الجنـــوبى، عبــر الخبرات المتوارثة، وفك شفرات المكان من طقوس معقدة وتحالفات خفية، وصراعات مقنّعة، والوصول لجذور المشكلات التى تتشابك مع الميراث والعرف، ومعرفة العقل الجمعى شديد الحذر والفطنة، باختصار معرفة أهله وناسه. هذه المعرفة والفهم العميق فتحتها أبواب الإسكندرية، فقد كان أبى يسافر مع جدى منذ صغره إلى الإسكندرية، وهناك وجد نفسه وحيدا أو لنقل غريبا، فثمة فجوة حضارية وثقافية بين المجتمعين، مجتمع القرية الجنوبية التى تفتح له كل أبوابها، فيدخل البيوت بلا وجل، ومجتمع كوزموبوليتانى استعلائى بقيمه الاستعمارية فى الإسكندرية، ويقول أبى عن ذلك: «كنا نقيم فى منطقة سيدى جابر، فى الغرب منها الإبراهيمية وكامب شيزار والأزاريطة وحتى محطة الرمل، وفى الشرق كليوباترا الحمامات وسيدى جابر وستانلى وحتى محطة فيكتوريا، جميع السكان أجانب، يونانيون وإيطاليون ومالطيون وأرمن ويوغسلاف وقليل من المصريين، فضلا عن أغنياء اليهود الذين يحملون جنسيات إنجليزية أو فرنسية، الغالبية العظمى من المحلات التجارية فى المنطقة يملكها الأجانب، محلات البقالة والحلوى يونانيون، المطاعم للإيطاليين، محلات الساعات والأحذية للأرمن، مطاعم الفول لليوغسلافيين، الجزارون يهود، المقاهى للقبارصة، وهكذا،.. ثمة ساحة كبيرة بين ثلاث عمارات، أرضيتها من البلاط الملون، يتجمع فيها أطفال الأجانب يلعبون الكرة، ذهبت لكى ألعب معهم فحملوا الكرة وعادوا إلى بيوتهم وتركونى فى الساحة وحدى، انعزلت تمامًا». من هنا بدأ رحلته مع القراءة التى كانت منجاته من العزلة التى فرضت عليه فى وطن استولى عليه الغرباء، وتشكلت أولى تجليات المعرفة والوعى. بدأ الأمر مع الشيخ إبراهيم، وهو أزهرى لم يكمل تعليمه كان قريبا لجدى ويدير حسابات تجارته، كان يقرأ مجلات الهلال الشهرية و«الاثنين والدنيا» و«الرسالة»، ويقرأ الصحف، وبعض الكتب الدينية والتاريخية فضلا عن دواوين الشعر القديم، ثم ازداد الشغف بالكتاب فقرأ فى جميع المجالات تقريبا، حتى صارت ثقافته موسوعية. أغلب إبداعات عبد الوهاب الأسوانى تتناول الجنوب.. رغم أنه عاش منذ طفولته بعيدا عنه.. هل كان الحنين للجذور هو السبب أم أن الأسوانى لم ينقطع عن جذوره واستمر متواصلا مع أهله وقريته وناسه؟ ثمة مقولة شهيرة ترى أن الطفولة مخزن الروائى، ولعلها تنطبق تمامًا على أبى، الذى لم تكن طفولته مجرد مرحلة زمنية، بل كانت خزانًا حيًا يتدفق بالحكايات والصور والأصوات، والمعانى، لقد عرف أبى البيئة الصعيدية، وتحديدًا الأسوانية، يعرفها أكثر من أى بيئة أخرى، لا من موقع المشاهدة فحسب، بل من موضع الاندماج التام مع الناس والأرض واللغة والعادات. ومثلما أشرت، لم يكن يستطيع، فى طفولته، دخول بيوت "الخواجات" فى الإسكندرية، بينما فى قرية المنصورية، كان الأمر مختلفًا: يدخل كل البيوت، يعرف كل كبيرة وصغيرة عن ناسها، يشاركهم أفراحهم وأحزانهم، يسمع الحكايات الطيبة وآلام الناس، ويستقر كل ذلك فى وجدانه. وإذا كانت معظم شخصيات أعماله تنتمى إلى أسوان المكان، فإن المعنى العام لما كتبه يخص مصر كلها، كأنما جعل من القرية الصغيرة مرآة للوطن الكبير، ومن الحكاية المحلية تعبيرًا عن المصير الجمعى. وهو لم ينقطع يومًا عن التواصل مع أهله، كان يزورهم كلما سنحت له الفرصة، يجلس معهم فى ديوان جدى الكبير، يستقبل المرحبين به، يستعيد ذكرياته، ويحيى ذكريات أقرانه التى طواها الزمن والنسيان، فيعجبون من هذه القدرة المذهلة على استدعاء التفاصيل الصغيرة المدهشة، التى ينفخ فيها من روحه الروائية فيحيلها إلى لوحة من الفسيفساء متكاملة ومتأنقة. سلمى الأسوانية سلمى الأسوانية كانت محل تقدير لجنة التحكيم فى المسابقة التى أجريت فى بدايات سبعينيات القرن العشرين.. ما قصة هذه المسابقة ولماذا حققت هذه الرواية كل هذا النجاح؟ فى الإسكندرية اختلط أبى بعالم الأدباء والنقاد والمثقفين، وبدأت تستهويه الكتابة الإبداعية، وكان «أدب اللا معقول» قد بدأ يتسيد المشهد السكندرى فى الستينيات، وهى تقنية سردية رأى أبى أنها لن تعينه على التعبير عن موضوعاته، عن أهله وناسه، عن مجتمع جنوبى لا يعرفه أبناء المدن البعيدة، هو بالفعل حاول الكتابة وفق هذا التكنيك أو الشكل، لكنه لم يسترح معه، وبعد صراع تصالح مع نفسه، وقرر أن يكتب القصة والرواية الواقعية، مع الاستفادة من الإنجازات التكنيكية الحديثة بشرط ألا تعطل التوصيل. وقد قرأ فى الصحف عن ثلاث مسابقات، منها مسابقتان للقصة القصيرة فى نادى القصة بالقاهرة ونادى القصة بالإسكندرية، ومسابقة للرواية، اشترك فيها المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب مع نادى القصة، وجعلها مفتوحة لكل أدباء العالم العربى، واشترك فيها جميعًا وحصل على الجائزة الأولى فى المسابقات الثلاث. لقد فوجئ بفوز «سلمى الأسوانية»؛ إذ كان أقصى ما كان يأمله هو قراءة تقارير محكمى المسابقة عن الرواية، ليرى «عيوبه وأخطاءه» فيتجنبها مستقبلا، وقد كانت المنافسة صعبة، فتلك هى المرة الأولى التى يشترك بها روائيون من كل المنطقة العربية فى هذه المسابقة. وحين تسلم أبى الجائزة من يوسف السباعى، رئيس نادى القصة، قال له: «ما فائدة أن تفوز روايتى دون أن أعرف إن كانت ستنشر أم لا؟» والتفت السباعى إلى الدكتورة سهير القلماوى، التى كانت حاضرة فى الحفل، وقال ضاحكاً: «لا يفتى ومالك في المدينة» وكانت الدكتورة سهير مسئولة عن «هيئة الكتاب»، فقالت لأبى: «سنكافئك على تفوقك ونصدرها لك فى طبعة خاصة»، وصدرت «سلمى الأسوانية» فى طبعة جيدة خلال شهور. ولاقت الرواية احتفاء كبيرا من النقاد، لأسلوب الكتابة الجذابة والرشيقة، والقدرة على رسم الشخصيات، كما أنها صورت مجتمعا مصريا لا يعرفه أدباء كثيرون، هو قرية المنصورية، بأهلها وطقوسها، لقد أضاءت الرواية جزءًا من الهوية المصرية البعيدة فى الجنوب. لكن أهم عناصر هذا النجاح، فى تصورى، صدقه الفنى النابع من عيش حقيقى بين الناس الذين كتب عنهم، ومن ارتباط وجدانى بالأرض، هذا الصدق الذى استبعد التقنيات الغريبة، التى تشبه اللا معقول. مجتمع القبائل العربية فى أسوان كيف عبر عنه عبد الوهاب الأسوانى فى قصصه ورواياته؟ وما هو الفارق بين قبائل العرب ومجتمع النوبة من الناحية الثقافية؟ هذا المجتمع هو الذى أدهش كثيرا من كبار الأدباء، وغالبية سكان أسوان من القبائل العربية، الجعافرة والعبابدة والأنصار وعرب العليقات، وغيرها من القبائل، وتقاليدهم تختلف عن تقاليد النوبة، وهذا التوضيح مهم جدا لأن أكثر النقاد يعتقدون أن الوالد يصور مجتمعا نوبيا. ووصول القبائل العربية إلى أسوان كان جزءًا من حركة تاريخية أكبر من الهجرة العربية إلى مصر وبلاد النوبة والسودان، وهى عملية تمت على مراحل، عبر قرون. ومجتمع جزيرة المنصورية من هذا النسيج العربى، الذى تأثر بالصعيد مثلما تأثر أيضا بالنوبة، لكنه يخالط الصعيد، أكثر مما يخالط النوبة، ويزوج بناته للصعايدة، ومن النادر أن يحدث هذا مع النوبة. وكثير من أسماء الأدوات والمفردات الزراعية فى أسوان لا تزال تحمل جذورًا فرعونية، رغم انتشار اللغة العربية، وهذا ما يدل على تراكم حضارى طويل. رواية كرم العنب من الروايات المهمة فى الأدب المصرى من حيث الرؤية والبناء..فى اعتقادك لماذا احتلت هذه الرواية هذه المكانة فى مشروع عبدالوهاب الأسوانى الروائى؟ أهمية رواية كرم العنب تتجلى فى قدرتها على التقاط التحولات التى حدثت بعد 50 عاما من هزيمة الثورة العرابية، وتُبنى الرواية على هذا الحدث التاريخى الفاصل، إذ شكل سقوط الثورة واحتلال بريطانيا لمصر نقطة ارتكاز أساسية فى تشكيل البنية السردية. ويسلط السرد الضوء على مرحلة ما بعد الاحتلال، وكيف انتقم هذا الاحتلال، وأذرعه، من عمد وأعيان الصعيد الذين ساندوا أحمد عرابى وأمدوا جيشه بالمال والمؤونة، وأحل محلهم من يدينون بالولاء للمستعمر والخديو. وتتعدد الأصوات فى الرواية؛ إذ يسرد أحداثها 9 شخصيات من وجهة نظرها، لكن من دون تكرار لهذه الأحداث، وقد استخدم الروائى تكنيكا لم يطرق من قبل، وفق ما قال عدد من النقاد والأدباء. محطة مختلفة رواية إمبراطورية حمدان آخر ما نشر للكاتب الكبير الراحل عبدالوهاب الأسوانى.. كيف ترى خصوصيتها وهل المجتمع الذى تعرضه له علاقة بالسيرة الذاتية للكاتب عبدالوهاب الأسوانى؟ يمكن القول إن «إمبراطورية حمدان» محطة مختلفة فى مشواره الروائى، إذ إن معظم أرضها يقع فى الإسكندرية، وليس فى صعيد أسوان، مثلما اعتدنا فى أعماله الروائية والقصصية، وإذا كانت الشخصية المحورية من أسوان فإن الأحداث تدور فى المدينة الساحلية، التى كانت سببا فى أن يتفتح وعى أبى بالأدب. وتدور الأحداث فى الفترة من 1914 إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية التى انتهت 1945، مثلما لاحظ الناقد الكبير جمال الطيب، فى قراءته النقدية للرواية والتى جاءت بعنوان «الوحدة أو الطوفان»، وهى العبارة التى تقع فى نهاية الرواية، والتى كانت بمثابة تحذير من أن استمرارنا فى هذا التناحر لا يعنى سوى استمرار السيطرة الاستعمارية على مقدراتنا، أيا كان شكل هذه السيطرة، عسكرية أم اقتصادية، وعن هذه الجزئية يقول الشاعر محمد هشام فى قراءة أخرى للرواية: «الوحدة أو الطوفان.. ربما انتهى كاتبنا الكبير عبد الوهاب الأسوانى، من حيث أراد أن يبدأ، فى عمله الروائى الأخير إمبراطورية حمدان، مُسدلا الستار بهذه الجملة على القصة الملحمية التى نسجتها الرواية، أو بالأحرى فاتحا ستائر أخرى، لنرى من خلفها أى الخيارين اللذين طرحهما الكاتب قد سلكنا، وأى مصيرٍ حتمى انتهينا إليه!» ويقول جمال الطيب إن أخبار الحالة السياسية التى كانت عليها مصر والمنطقة العربية جاءت على لسان موظفين ثلاثة فى شقة كانوا يجتمعون فيها مع كبار التجار، يتحدثون عن الجلاء الخادع الذى وعدت به إنجلترا فى حال انتصارها على ألمانيا فى الحرب الكونية الأولى، ونكوصها عن وعدها بعد انتصارها وعدم استطاعة الشعب القيام بثورة، خاصة بعد وفاة مصطفى كامل، بل ويتم اعتقال سعد زغلول ونفيه إلى مالطة لمطالبته بالجلاء، ثم الإفراج عنه بعد المظاهرات الاحتجاجية التى عمّت البلاد، كما تناول الموظفون ما حدث فى بلاد الشام من هجوم فرنسا على الملك فيصل بن الشريف حسين ملك الحجاز واستيلائها على سوريا وطرده منها، لتقوم بريطانيا باسترضائه وإجلاسه على عرش العراق، وكأن العراق عزبتها! وفى لفتة وكأنها ترصد واقعنا العربى على الرغم من مرور تلك السنوات الطويلة، وكأننا لا نتعلم أو نأخذ العظة من التاريخ! يقول المؤلف/ الراوى على لسان الموظف الأول: «واضح أن هناك اتفاقات سريّة بين بريطانيا وفرنسا. قال الثالث: وستظل هذه الاتفاقات السريّة بين الدول الكبرى سارية لعشرات السنين القادمة لتتحكم فينا ما لم نستيقظ نحن- معشر العرب- وننسّق سياستنا فيما بيننا». وبعد الحرب العالمية يتم تقسيم المنطقة عبر «سايكس بيكو» بعد خروج بريطانيا وحليفتها فرنسا منتصرين فى حربهما مع ألمانيا، لتضع يدها على مصر والسودان والعراق وفلسطين وشرق الأردن، وتترك لفرنسا سوريا ولبنان ومراكش والجزائر وتونس، وكأن المنطقة تحوّلت إلى «تورتة» يقومون بتقسيمها فيما بينهما والتهامها. رسائل الأسوانى كيف كانت العلاقة بين عبدالوهاب الأسوانى ونجيب محفوظ ورجاء النقاش وكيف تناولوا أعماله وكيف قرأوها؟ كان أبى شغوفا بأعمال الأديب الكبير نجيب محفوظ، وحين أقام فى القاهرة كلن حريصا على حضور ندوة نجيب محفوظ بمقهى ريش كل يوم جمعة، ثم انتقل معه إلى كازينو قصر النيل، وحين يتحدث الحاضرون عن قصة ما لكاتب ما نشرت فى مجلة أدبية، كان كثيرا ما يطلب محفوظ من أبى أن يقرأها عليه وعلى الحاضرين. لكن بعد حصول محفوظ على جائزة نوبل، امتنع أبى عن الذهاب إلى ندوته بسبب الزحام الشديد. أما عن الناقد الكبير رجاء النقاش، فالعلاقة بدأت بينهما بالرسائل، واللقاء الأول كان فى الإسكندرية. ذاع صيت أبى فى عالم الأدب بعد الجوائز التى حصل عليها بالتزامن وأهمها جائزة «سلمى الأسوانية»، وكان فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، فى هذه الفترة مديرا لقصر ثقافة الأنفوشى، وكان إذا استضاف ضيفا كبيرا من القاهرة لإلقاء محاضرة، يدعو أربعة أو خمسة من أدباء الإسكندرية، الذين بدأت الساحة الأدبية فى القاهرة تعرفهم، ليكونوا معه فى استقباله، وكان أبى مدعوا دائما فى هذه اللقاءات. وذات يوم دعى رجاء النقاش، فقال لأبى: «طوال قراءتى لروايتك سلمى الأسوانية وأنا أضحك.. هل تحب العمل معى فى الصحافة؟»، ووافق أبى على الفور، وكان رجاء رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير مجلة الإذاعة واالتليفزيون. وفى فترة لاحقة قضى أبى ثلاث سنوات فى قطر مع رجاء النقاش، حيث أسسا مع عدد من الزملاء، جريدة الراية القطرية، وكان أبى مسؤولا عن الملحق الثقافى الأسبوعى الذى تصدره فضلا عن صفحتين يوميتين فى الجريدة. على أن الرسائل كانت هى المفتاح الحقيقى للصداقة، وعنها يقول «النقاش» فى واحد من 3 مقالات نشرها عنى أبى بالتتابع فى مجلة المصور: «كانت رسائل الأسوانى طويلة، ومكتوبة بخط هو غاية فى الأناقة والجمال، وكانت على طولها خالية من أى أخطاء فى اللغة العربية، وهذه الأخطاء كانت تزعجنى كثيرا بعد أن لاحظت شيوعها على أقلام الأدباء الشباب، مما جعلنى أشعر أن اللغة العربية تنهار تحت أقلام وأقدام الجيل الجديد.. على أن سلامة اللغة وجمال الخط وأناقته لم تكن هى وحدها المظاهر التى لفتت نظرى إلى عبد الوهاب الأسوانى فى رسائله، فتلك كلها علامات الصحة الجسدية، ولابد من البحث عن صحة النفس والروح، بعد الاطمئنان على أن الجسد سليم وغير عليل، والحقيقة أننى وجدت فى رسائل الأسوانى درجة عالية، بل وفائقة من الصحة النفسية والروحية. كان أسلوب الأسوانى فى رسائله الطويلة المتقنة أسلوبا جميلا مريحا شديد العذوبة، فالجملة قصيرة وبسيطة وليس فيها أى تعقيد، وفى هذه الرسائل كان هناك بريق هو بريق الموهبة الحقيقية التى تعب صاحبها فى تنميتها وتغذيتها بصورة دائمة، وأحسست أن صاحب هذه الموهبة الجميلة ليس من المصابين بداء الغرور القاتل.. والذين يصابون بهذا الداء من أصحاب المواهب يتركون ما وهبهم الله للمصادفة، ويعاملونه بإهمال شديد، ويظنون أن الموهبة وحدها تكفى فى معركة الحياة. كل جمال وكل موهبة هى فى حاجة إلى جهد وعناية ورعاية وخطة شاقة للمحافظة على ما قدمته الطبيعة للإنسان من إمكانات. وهذا هو ما لاحظته بوضوح فى رسائل عبد الوهاب الأسوانى الكثيرة والغزيرة، فقد كان وراء كل رسالة قراءة ومتابعة دقيقة لحركة الثقافة. وكان الأسوانى فى هذه الرسائل يعلق على ما يقرأ، وكان يفهم ما يقرأه بدقة وعمق ووضوح، ووصل فى آخر الأمر إلى تلك «النعمة» العالية وهى «نعمة» القدرة على اختيار ما يقرأ، فلم يكن يقرأ «أى كلام» بل كان يهتدى إلى ما يفيده وينفعه ويضيف إليه. وقد لاحظت فى رسائل الأسوانى أنه مندفع اندفاعا غير معهود فى شباب جيله إلى قراءة التراث العربى، مع الاهتمام العجيب بتاريخ الأمة العربية، ومحاولة فهم الأزمات التى تعرضت لها هذه الأمة، ودراسة الشخصيات الكبرى التى ظهرت فى هذا التاريخ. وكان هذا النبع الذى اهتدى إليه الأسوانى وظهر فى التعليقات المختلفة التى تمتلئ بها رسائله يرضينى ويسعدنى، فعبد الوهاب الأسوانى من جيل كان - ولايزال - على خصومة مع التراث العربى، لا يرى فى هذا التراث العظيم نفعا ولا فائدة.. ولعل هذا الموقف من التراث العربى كان مصدره عند الأجيال الجديدة هو الهزائم المتواصلة التى تعرضت لها الشخصية العربية فى العصر الحديث، وبخاصة فى معارك العرب مع الحضارة الأوربية. فقد هزمتنا أوربا عقليا وبحثيا وفنيا واقتصاديا قبل أن تهزمنا فى معارك الحرب والسياسة. ولكن الأصلاء أصحاب الوعى الفطرى من أمثال عبد الوهاب الأسوانى أدركوا أن الانتصار لا يأتى بالتقليد، ولكن بالبحث عن عناصر القوة الخفية الكامنة فينا وإعادتها إلى النشاط والحياة، وبذلك يمكننا أن نواجه غيرنا دون أن نخاف من الهزيمة بالضربة القاضية، وهى الضربة التى تلقى بنا أرضا فلا نستطيع بعدها القيام والوقوف على الأقدام.

العلياني ممثل الشباب: معيار التوثيق ظالم وجائر
العلياني ممثل الشباب: معيار التوثيق ظالم وجائر

الرياضية

time٢٠-٠٤-٢٠٢٥

  • رياضة
  • الرياضية

العلياني ممثل الشباب: معيار التوثيق ظالم وجائر

أوضح لـ«الرياضية» فارس العلياني، ممثل نادي الشباب في مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية، أن التاريخ لا يمكن أن يكون بالتصويت، وأشار إلى أن ناديه يعد الرابع في الترتيب من ناحية تحقيق لقب الدوري السعودي شاء من شاء وأبى من أبى. وقال لـ«الرياضية» العلياني: «الشباب الرابع دوريًّا.. شاء من شاء وأبى من أبى ويعد أقل من الاتحاد والنصر بنسختي دوري وضعف الأهلي، نعرف تاريخنا الرياضي حتى لو اعتمد التوثيق في الأمم المتحدة وليس فيفا من قبل اتحاد القدم، وعبد الإله النجيمي عضو فريق عمل مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية»، مبينًا أن الشبابيين غضبوا بسبب معيار جائر وظالم. وأضاف العلياني: «أحسن الله عزاءنا في تاريخنا الرياضي.. والتاريخ إذا كان بأيدي متعصبين فهذه نتائجه»، وانتقد آلية العمل في فريق التوثيق، مشيرًا إلى أن حضور الخبراء شرفي ويكتفون بالمصادقة، وأكد أن الشباب لن يتنازل عن حقه حتى لو اضطروا للذهاب إلى «كاس».

الاقتصاديون يحذرون من توابع معركة الرسـوم الجمركية على الأسواق الناشئة
الاقتصاديون يحذرون من توابع معركة الرسـوم الجمركية على الأسواق الناشئة

بوابة ماسبيرو

time٢٠-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • بوابة ماسبيرو

الاقتصاديون يحذرون من توابع معركة الرسـوم الجمركية على الأسواق الناشئة

خبيرة أسواق المال: الصين قادرة على اللعب مع أمريكا بميزاتها التنافسية فى الإنتاج خبير اقتصادي: دول البريكس ستتعرض لـ 100 % رسوم إذا تعاملت بعملاتها حرب اقتصادية خلقها الرئيس الأمريكى بفرضه رسوما جمركية على صادرات الدول لأمريكا، فى محاولة لاعادة بناء وتقوية الاقتصاد الامريكي، بتشجيع الصناعة الوطنية وتشجيع الامريكان على منتجات بلادهم، معتبرا أن على الدول الإذعان لقراراته دون مقارمة، فمن شاء يمكن مفاوضته ومن أبى كما فعل المارد الصينى فسنرفع نسبته، لكن الصين لم تصمت وأمام كل زيادة امريكية فرضت مثيلتها على الواردات الامريكية للصين، ما أدى لخلل فى سلاسل التوريد والبورصات العالمية. فى قراءتها للمشهد كشفت خبيرة أسواق المال نهاد على محمد، أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب جاء بخطة هدفها خفض الضرائب على الشعب الأمريكى واحياء الصناعة وإعادة بناء وهيكلة الاقتصاد، فمعدلات التضخم وصلت لـ2.7 و2.8 % وهى أعلى من المستهدف الذى يبلغ 2، بل وتبدو أعلى فى الواقع، وقد جاء ليصلح الوضع الأقتصادى الذى يعانى منذ فترة بسبب أزمة كورونا حينما أقدمت الولايات المتحدة على ضخ عملتها وطباعة الدولار لفترة طويلة دون أن يوازيها زيادة فى الانتاج، ما أدى لمؤشرات تضخم عالية، مع تزايد معدلات الدين الخارجى والذى وصلت نسبته لـ125% بالنسبة للناتج المحلى ويزيد كل عام عن سابقه، كل ذلك مع الاعتماد على الصناعات الأجنبية خاصة الصينية دون الإنتاج داخل الولايات المتحدة لعدم وجود منافسة، فالصين لديها عمالة رخيصة وبيئة عمل سهلة ومواد خام أرخص ومعادن أرخص وقدرات انتاجية أعلى، لذا فهو الآن يسعى لنقل وتشجيع التصنيع داخل امريكا، وسبق وقامت الولايات المتحدة بنفس الامر عام 1930 بسبب مشاكلها الاقتصادية ما أدى لتوقف التجارة العالمية بنسبة 66%، وكأن ترامب يقول إنه حان الوقت ليدفع العالم ضريبة حل المشاكل الاقتصادية الأمريكية، لذا فأسلوبه يشبه نوعًا من العنجهية والعنف، وإما أن يؤتى ثماره بشكل جيد جدا أو العكس تماما، وهو اتخذ هذا المنحى مع الصين لأنها اتخذت اجراءات أعنف فى مواجهة القرار الامريكي، وكان نتيجة ذلك رفع الولايات المتحدة الرسوم الجمركية عليها لـ125% فى حين تراجعت عن نسبتها فى بعض دول العالم لـ10%، أولا لأنها لم تقاوم القرار الامريكي، ثانيا لأنه مع اعلانه للرسوم حدثت ضغوط بيعية على أدوات الدين الأمريكى وهذه مخاطرة كبيرة، لأن الولايات المتحدة تعتمد على بيع أذون الخزانة كونها ملاذًا آمنًا للمستثمرين والصناديق المختلفة، فلما تحسسوا مشكلة مقبلة على الاقتصاد وضغط الرئيس الأمريكى وخلقه لمشكلة اقتصادية كبيرة للعالم، كان رد الفعل هو ضغوط بيعية على أذون الخزاة العامة، فارتفعت عوائدها لعشر سنوات ما يعنى أن أسعارها ستنخفض الفترة الحالية لتوجه الناس للبيع مع عدم الرغبة فى الشراء، ما اضطره للتراجع. وتابعت، أما الصين فكان متوقعًا وجود محادثات بين الرئيسين الأمريكى والصيني، لكنها لم تحدث وكان الأخير متجاهلًا ويصر على الرد بالمثل، وهو ما يصعد الأمور بينهما، وحتى مرحلة من يستسلم أولًا، وهنا فالصين لا يُستهان بها، فميزاتها التنافسية أعلى من حيث القدرة على الإنتاج، والعمالة الرخيصة، وخصائص الأفراد فهم شعب منتج عكس الشعب الأمريكى المائل للكسل بطبعه وليس الإنتاج، والصين لديها 17 معدنًا نفيسًا يمكن أن تنافس بهم وتستغلهم للى ذراع الولايات المتحدة وتوقف تصديرها فتتوقف الصناعات القائمة عليها، أيضا تضم على أراضيها شركات أمريكية يمكنها الضغط عليها بوسيلة أو بأخرى، ولديها القدرة على تخفيض سعر عملتها على عكس الدولار الذى تعمل أمريكا أصلًا على رفع سعره طوال الوقت، هذه وغيرها قدرات يمكن أن تصمد بها الصين أمام الولايات المتحدة ويكون لكل فعل من الأخيرة رد فعل مناسب من الصين، على الجانب الآخر أثارت مصر السعى لتنشيط العلاقات مع الولايات المتحدة، ويمكنها أن تستغل الأمر كفرصة لصادرات أكبر لها، وبالتالى حركة تصنيع محلى أكبر، ويمكن أن تستعين بالصين بحيث يكون هناك استفادة مشتركة، ليس هذا فقط بل عليها أن تعمل لجذب استثمارات صينية وانشاء مصانع لها فى مصر، وخلق وتفعيل بيئة جاذبة للاستثمار والإنتاج، واستغلال الميزة التنافسية لنا باتفاقية الكويز فى تصدير النسيج، وزيادة حصتنا من صادرات المعادن للولايات المتحدة خاصة الالومنيوم، لأنه لو كانت هذه ايجابيات يمكن العمل عليها لتقليل صدمات القرار.. فإن القرار أيضا تأثيره السلبى كبير على الأسواق الناشئة ومنها مصر. وأشارت خبيرة أسواق المال إلى أنه بسبب التضخم العالمى سترتفع اسعار كل السلع والخدمات، فيزداد التضخم مرة أخرى، ما سيؤدى لهروب الأموال الساخنة كما حدث فى 2023، ما يعرض العملة المصرية للاهتزاز وارتفاع أسعار الصرف، رغم أن هذا العام لم يكن متوقعا ذلك كنتيجة للاجراءات والصفقات التى انتهجتها الدولة وعلى رأسها رأس الحكمة والشركات التى تم بيعها والشركات التى سيتم طرحها فى البورصة وغيرها من التخارجات التى كانت الدولة بصددها، وكان من شأنها توفير حصيلة دولارية تخلق نوعا من التوازن، لكن انسحاب الاموال الساخنة بنفس سيناريو 2023 يؤثر على الجنيه أمام الدولار، ما قد يضطر الحكومة لتعويضه لطرح أصول اخرى، والعمل على جذب استثمارات اجنبية وخارجية لتعويض النقص فى المخزون الدولاري، لكن استمرار الحرب بين القطبين سيؤثر على اسواق الطاقة، لأنه حينما تخفض الصين المستورد الأول للطاقة والبترول فى العالم من انتاجها سينعكس ذلك بالانخفاض أيضا فى الطلب على الطاقة، فتنخفض أسعارها، فتتأثر الدول المنتجة لها، وسيكون التأثير سلبيا جدا على مصر أيضا لأن هذه الدول لها استثمارات فى مصر فلو انخفضت اسعار البترول، فهى أيضا ستخفض من استثماراتها بمصر والعالم، هذا بالنسبة لأسواق الطاقة، فلو انتقلنا لسوق الذهب، فسيكون التأثير إيجابى فهو مستمر فى الصعود من 2024، ويسير حاليا فى حركة تصحيح، مع بلوغه 3170 دولارًا للأوقية، ولأننا نتحدث بالدولار فالدولار رغم عدم التوازن الذى يشهده حاليا أمام كل العملات، وانخفاض مؤشره "اندكس" بشكل واضح جدا، إلا أن الدولار لن ينهار وبالطبع سيتأثر لكن لن ينهار. الخبير الاقتصادى دكتور عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات، نوه إلى أن الرسوم الجمركية الأمريكية "تعريفة يوم التحرير" سيكون تأثيرها محدود على الاقتصاد المصري، فقد ركزت على السلع الصينية، وغيرها ممن فرضت عليهم رسوما عالية، وهو ما يجعلها تؤثر على سلاسل الامداد واسواق الطاقة العالمية، وتقدر مؤسسة "جى بى مورغان" احتمال حدوث ركود فى الولايات المتحدة الأمريكية والعالم بنسبة 60% - ارتفاعا من 40%- جراء هذه الرسوم، فهى تهدد النظام العالمى بالتباطؤ أو الركود، والازمة تطال بشكل اكبر اقتصاديات جنوب شرق اسيا، وتجعلها تقف على حافة اضطرابات فى السوق وثقة المصنعين والمستثمرين، ذلك لاعتمادها بشكل رئيسى على التصدير للولايات المتحدة وأيضا دورها فى سلاسل التوريد العالمية، خاصة أن امريكا استوردت فى 2024 من دول الآسيان فقط ما قيمته 352.3 مليار دولار، ما يطرح تساؤلًا حول مصير هذه الصادرات وأى أسواق اخرى ستستوعبها، ليتحقق ذات العائد لدولها، الرسوم كذلك ستهدد الأسواق داخل هذه الدول، فببساطة حينما يكون التصدير بهذا الرقم، فمع رفع الجمارك سترتفع الأسعار، فيقل الطلب فى الداخل الأمريكي، ما سيرد على المصنعين والمستثمرين بدول رابطة "اسيان" فتقلل الإنتاج، وتقل الأجور ونسب العمالة ومن ثم حجم الانفاق، فتتعرض لموجات تضخمية ستدفع بنوك هذه الدول المركزية لسياسات مختلفة، ما يؤثر على قوة هذه الاقتصادات، وتركيعها، فقد فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية تتراوح بين 17% على الفلبين و49 % على كمبوديا، مرورًا بفيتنام 46% وتايلاند 36%، ما يهدد صناعات الإلكترونيات والملابس الجاهزة وقطع غيار السيارات بها، فهى تهدد نموذج النمو الاقتصادى لهذه الدول، أما على صعيد الجيوسياسي، فإن الرسوم الأمريكية ستفرض واقعًا مختلفًا مع دول هذه المنطقة وتحول أنظارهم للصين ودول الاتحاد الأوروبى والهند بديلا عن علاقات تجارية كانت مع الولايات المتحدة، وقد وصف أحد المراقبين ذلك بأنه تحول فج وقسري، خاصة مع تعالى أصوات داخل اسيان _ 9 من أصل 11 دولة تم فرض رسوم عليها- لإعادة تقييم الاتفاقات الثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية. وتابع، تخفيض الرسوم ممكن عبر المفاوضات مع الدول التى أذعنت للقرار، لكن تلك التى واجهت فبالعكس واجهت وردت بالمثل وهى الصين، ومع ذلك فالتأثير على مصر محدود لأنها من الدول التى فرضت عليها الحد الادنى من الرسوم 10%، وحينما يكون 75% من حجم الاستيراد من الصين لا الولايات المتحدة فإن النسبة لن تكون ذات تأثير قوي، أيضا التأثير على أسواق النفط لن يكون كبيرًا لأن هناك فارق بين التصدى للدولة الامريكية والوقود يصدر لها بالتالى لن يخضع للتعريفة الجديدة، وبين ما يتم تصديره للسوق التجارى الامريكى أى القطاع الخاص، وذلك ما سيخضع للجمارك وفقا لنسبة الدولة المصدرة. وردًا على سؤال حول.. هل تحمى البريكس أعضاءه من تداعيات القرار، أشار الخبير الاقتصادى دكتور رشاد عبده رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية لتصريح الرئيس الامريكى بعد توليه بأسبوع بأن من سيقوم باستيراد أى سلعة من خارج بلده بغير الدولار الأمريكى خاصة كما البريكس، فإنه سيفرض رسوم جمارك عليها بنسبة 100%، كان هذا حتى قبل قراره بالرسوم الجمركية، بالتالى إذا أقدمت مصر كأحدى دول البريكس على ذلك ستخضع صادراتها للولايات المتحدة لجمارك بنسبة 100%، لماذا هذا، ببساطة لأن أمريكا قوية ليس باقتصادها ولكن بعملتها، فمثلًا المعادن والخامات هناك عرف عالمى أن تباع بالدولار، فالبترول لتستورده اليابان لتقيم عليه صناعاتها هى تشتريه من دوله بالدولار وتحتاج لتريليونات منه فتحصل على الدولار من أمريكا، التى تطبعه فلا يكلفها إلا ثمن طباعته، وهكذا مع العالم كله، بالتالى إذا ما تم التصدير والاستيراد بعملات أخرى غير الدولار هذا وبال عليه وعلى الاقتصاد الأمريكي، ولا أخفى سرًا حين أقول إن الحرب الروسية الأوكرانية جزء من ذلك، الولايات المتحدة تريد عالما يسير وفق هواها ويشترى بعملتها، الصين وروسيا وغيرهما وجدا أنه آن الأون لعالم متعدد الأقطاب، والبريكس هدفها تعامل بين دوله بعملات البلاد المحلية، بل ووجود عملة موحدة للبريكس فى التبادل، فكانت الصفقة اوكرانيا تخلق توترات للروس مقابل دعمها بالسلاح، ما يربك روسيا ويغرق اقتصادها، ويثور الشعب فيأتى نظام روسى موالى لأمريكا، فى ذات الوقت تثير أمريكا توترات فى الصين فى تايوان، وعبر اليابان وكوريا الجنوبية باعتبارهما أصحاب حق فى بحر اليابان، أى أن الحرب قامت من أجل العملة، فأمريكا دون دولار ليست بهذه القوة، نضيف لذلك مصر كالصين والهند وروسيا تضع الذهب بالمركزى الأمريكي، ويشترون بالفائض أذون خزانة أمريكية، والصين وحدها تمتلك 3 تريليون دولار أذون خزانة، وهذه مديونات على أمريكا وهى بالمناسبة أعلى مقترض فى العالم، فنتخيل إذا ما استطاعت دول البريكس التعامل بعملاتها وليس بالدولار فكيف سيصبح وضعه، لذا فالبريكس مرعب بالنسبة لأمريكا. وتابع، الرسوم الجمركية أيضا أعلنها ترامب منذ البداية حينما قال أنا لم انتخب رئيسا للولايات المتحدة الامريكية وإنما رئيسا للعالم، هو يرى أن له يد على العالم وعلى الآخر الموافقة، لكن حين فرضها فى البداية أمهل 90 يومًا لـ75 دولة عدا من تجرأ، فالصين كان مفروضًا عليها 34% فأعلنت الصين نفس النسبة على الواردات الأمريكية، فرفعها ترامب لـ76% وردت الصين بالمثل، حتى وصلت لـ125% فرفعتها الصين أيضا، لكن هنا قامت مظاهرات بأمريكا لأن الصين مصنع العالم وصاداراتها للولايات المتحدة ضخمة، وحينما ترفع الجمارك بهذا الشكل سترتفع الأسعار جدا فى الداخل الأمريكي، وبدلا من ازدهار الاقتصاد سيكون هناك ركود، وليس 274 مليار دولار تدخل كدفعة أولى من الرسوم الجمركية تخفض الأسعار وتحمى الصناعة.. باعتبارها الهدف الذى بناءً عليه رفع ترامب الرسوم الجمركية، لكن بدلا أن يسير فى اتجاه الهدف فهذه الارتفاعات تسببت فى خلل فى العالم كله، وانخفضت بورصاته، لأن الشركات الكبيرة تعتمد على التصدير بالأساس فلما تفرض الصين كل هذه الرسوم سيزداد التضخم داخل البلد، وستضطر البنوك المركزية لرفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، لذا فى اليوم التالى أعلن تعليق تطبيق القرار لـ90 يومًا خلالها يمكن التفاوض للوصول لحل وسط لا لإلغائها، وخرج مجموعة من الوزراء يعلنون أنه حتى الصين بالتأكيد سيكون لها فرصة لأن الرئيس الامريكى سيقدر كل ذلك، وصادرات أمريكا للصين 173 مليار دولار وهو رقم مؤثر إذا ما أصرت الصين على مواجهة امريكا بذات النسبة. وأوضح دكتور رشاد عبده أنه بالنسبة لمصر، الرسوم الجمركية 10%، وهذه ميزة لنا فى مجال الملابس الجاهزة والمنسوجات والسجاد ضمن اتفاقية الكويز فى 2014، الاتفاقية التى سمحت فيها الولايات المتحدة بنفاذ هذه الثلاث دون جمارك للسوق الأمريكي، وحينما نعلم أن مصر تصدر لامريكا بـ2.2 مليار دولار منهم 1.2 مليار أى 54% من اجمالى الصادرات لأمريكا ملابس جاهزة، إذن فعليًا ستكون الرسوم الجمركية على مصر 5%، فإذا استطعنا رفع قيمة الصادرات فيهم، خاصة الآن، لأن المستثمر الأمريكى حينما يجد أن الصناعات الثلاث سعرها أرخص بحكم الصفر جمارك عليها بالمقارنة بمثيلاتها من دول أخرى، فسيكون الطلب عليها أعلى، بما يمكن به التغلب على 10% جمارك، أيضًا على الحكومة العمل على جذب استثمارات عالمية حتى لو صينية، مع فتح أسواق جديدة فى أوروبا وغيرها، فالشاطر من يحول الأزمة لميزة، لذا علينا جذب الاستثمارات ببيئة سريعة ناجحة ومفيدة للطرفين، برقابة للمنظومة وتأهيل للعامل لتكون مصر وجهة حقيقية تنافسية للاستثمار.

د.محمد خميس: أتمنى إنتاج عمل درامي عن الحضارة المصرية القديمة
د.محمد خميس: أتمنى إنتاج عمل درامي عن الحضارة المصرية القديمة

بوابة ماسبيرو

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • بوابة ماسبيرو

د.محمد خميس: أتمنى إنتاج عمل درامي عن الحضارة المصرية القديمة

قال الدكتور محمد خميس الباحث الأثرى طبيب الأسنان صاحب مبادرة "مصر جميلة" إنه تأثر بشكل كبير بالحضارة المصرية القديمة وقد منحته الكثير من المعلومات وأطلقت لخياله العنان وأضاف قائلًا :" البداية كانت عشقى للغة العربية لأن أبى كان يعمل موجها للغة العربية وقد أحببت الشعر منذ الطفولة وكانت مكتبة والدى تجمع ما بين كتب التاريخ العربى وكتب الحضارة المصرية القديمة التى انبهرت بها ، ولذلك بعد دراستى للطب اتجهت لدراسة الإرشاد السياحى وكان حبى للسرد والحكايات والتمثيل جعلنى أقوم بتسجيل فيديوهات أحكى فيها عن الآثار المصرية وأسرار الفراعنة ونشرتها على وسائل التواصل الاجتماعى وكانت ردود الأفعال مشجعة جدا على الاستمرار". وأضاف خميس خلال لقائه لبرنامج ( شباب أون لاين) أنه يتمنى أن يرى أعمالا فنية ودرامية تتناول الحضارة المصرية القديمة وكذلك توضح بطولاتهم وتفاصيل حياتهم ، قائلا : " لم يتم إنتاج مسلسل من قبل تناول هذه الحضارة سوى مسلسل يوسف الصديق والذى قدمته إيران ". وأوضح أن الحضارة المصرية لديها قصص بطولات عظيمة مثل تاريخ تحتمس الثالث و قصة حياة حتشبسوت وقصة درامية تستحق التوثيق وغيرها من القصص المميزة ، مشيرا إلى أن هذه النوعية من الدراما تحتاج إلى إنتاج ضخم حيث يمكن أن يعادل المسلسل منه إنتاج ثلاث مسلسلات اجتماعية ، ولكن المبدع الحقيقى هو من يوجه الجمهور ويقدم له الثقافة . وذكر الباحث الأثرى أنه يقوم من خلال مبادرة "مصر جميلة" بتعريف المشاهدين بالحضارة المصرية عن طريق زيارة الأماكن السياحية والآثار ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعى ، وهذه الفيديوهات تعمل على ترويج السياحة ويمكن دمج هذه الزيارات مع أنشطة رياضية مثل فعاليات المارثون الرياضى الذى أقيم مؤخرا فى الأقصر وحقق نجاحا كبيرا . برنامج "شباب أون لاين" يذاع أسبوعيا على شاشة الفضائية المصرية

حكايات من بعض مطارات زرتها فى حياتى
حكايات من بعض مطارات زرتها فى حياتى

العرب اليوم

time١١-٠٢-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • العرب اليوم

حكايات من بعض مطارات زرتها فى حياتى

لم يخطر على بالى قبل أن أفكر فى الكتابة عن مطارات زرتها أو انطلقت منها أو نزلت فيها أو مررت عليها أننى سوف أكون أمام حكايات لى مع، أو في عدد هائل من المطارات. أولها على الإطلاق حكايات عن شغفى المبكر جدًا بالطائرات الحقيقى منها فى طريقها إلى، أو من، مطاراتها والورقى التى تدربت جيدًا على «قيادتها» وأنا طفل فى صحبة أهلى ثم مع أصحابى المراهقين فى رحلاتنا المدرسية إلى القناطر الخيرية وحدائق قصر النيل. لاحظ أبى هذا الشغف ككل شغف آخر لاحظه على تصرفاتى واهتماماتى ثم تتبعه خلال مراحل نضجى من الطفولة ومرورًا بالمراهقة وانتهاء بافتراقنا فى مطار هليوبوليس لأستقل وأنا فى الحادية وعشرين من العمر طائرة تقلنى إلى بيروت ومنها طائرة أخرى إلى مطار بومباى فى الهند ومن بومباى فى اليوم التالى طائرة ثالثة أو رابعة إلى مطار «بالام» نسبة إلى ضاحية من ضواحى العاصمة نيو دلهى. • • • ترضية لشغفى البالغ، وكنت ما أزال فى العاشرة من عمرى أو بعدها بقليل، اتفق أبى مع صديق له على ترتيب رحلة لى بطائرة تدريب تجوب سماوات القاهرة ونهرها الخالد وأهراماتها العملاقة. أعرف أن الرحلة، وأذكرها بكل التقدير لأب لا يبخل ولم يبخل كلما تعلق الأمر بشغف أعرب عنه هذا الابن الذى جاء بعد طول انتظار، أعرف أن الرحلة قامت من مطار إمبابة فى شمال غرب العاصمة وكان فى بدايته مطار تدريب تابع للقوات الأمريكية والحلفاء عموما. مرت عشر سنوات أو أقل لأنتقل بعدها من مقعد فى طائرة تدريب إلى مقعد فاخر بالدرجة الأولى فى طائرة تابعة لشركة مصر للطيران متوجهة من مطار هليوبوليس، فاروق الأول سابقا، فى منطقة الهايكستب شرق مدينة القاهرة إلى مطار بيروت، لأقضى فيها ليلة أو ليلتين فى انتظار طائرة أكبر جدا تابعة لشركة طيران الهند، إير إنديا، تتوقف فى بيروت فى طريقها من لندن وروما إلى مطار بومباى الواقع فى غرب الهند. • • • كان مطار بومباى أول تجربة لى مع مطار ضخم، كان فى الوقت نفسه أول تجربة لى مع مطار تقل فيه مظاهر التوديع الإنسانية حتى تكاد تنعدم فى مطارات أكبر نزلت فيها أو ركبت منها. كان المودعون فى مطار هليوبوليس ظاهرة تستحق التوقف عندها. هؤلاء وقد تجمعوا فى شرفة المطار لم يكونوا بالضرورة مودعين بل أكثرهم متنزهون يقضون يوم إجازتهم مع أولادهم فى المطار للفرجة وقضاء يوم جميل والتهليل مرحبين بأشخاص نزلوا من طائرات وصلت للتو أو مودعين أشخاص بينهم أقارب متوجهين نحو طائرات لتقلهم إلى مطارات أخرى، وكلهم على آية حال يمشون على الأقدام بين الطائرات وبعضهم يحملون حقائبهم. لم تكن الحافلات فى ذلك الحين وسيلة نقل داخل المطارات إلا فى حالات قليلة فى العالم الغربى. • • • مرات كثيرة توقفت فى مطار بومباى. قضيت فى أول مرة زرت فيها بومباى ليلة واحدة وكان هذا فى نهاية الخمسينيات من القرن الماضى. هذه المدينة التى كانت وأظنها ما تزال القلعة التى تنتج أكبر عدد من أفلام السينما فى العالم، أكبر من عدد ما تنتجه هوليوود فى الولايات المتحدة ومن عدد ما تنتجه مدينة السينما الإيطالية «تشينى شيتا». توجهت فى فجر اليوم التالى إلى المطار لأستقل طائرة من شركة هندية تعمل على الخطوط الداخلية. وصلت نيو دلهى منهكًا، بسبب قلة النوم نتيجة صوت مروحة السقف فى غرفة النوم فى الفندق التابع لشركة الطيران وأصوات أخرى صادرة عن حشرات طائرة قضت الليل تكافح سطوة المروحة. كنت منهكًا لسبب آخر. كانت الطائرة معبأة بأكثر من طاقتها بركاب وزكائب وحقائب وسلال من كل نوع. لم ينفع مع جيش المضيفين تلويحى طوال الرحلة بتذكرة سفر بلون مختلف إشارة إلى أن مقعدى بالدرجة الأولى لا بد وأن يكون بانتظار من يملأه. • • • لم تكن الرحلة قصيرة بمعيار الوقت الذى استلزمته لنصل إلى مطار نيودلهى المسمى فى ذلك الحين بمطار بالام نسبة إلى ضاحية فى العاصمة. كان مطارًا بسيطًا للغاية قبل أن يسمى باسم أنديرا غاندى، رئيسة وزراء الهند وابنة أول رئيس لوزرائها وصاحب الدعوة مع جمال عبدالناصر وجوزيف تيتو لتشكيل مجموعة الحياد الإيجابى، مررت بالمطار مرتين بعد هذه المرة الأولى، وفى كل مرة كان المطار أكبر حجمًا وأكثر تنوعًا وأشد ازدحامًا بالركاب. سمعت مؤخرًا أنه صار يخدم على أكثر من ألف رحلة يوميًا، أى أنه صار المطار الأهم والأكثر حركة من أى مطار آخر بالهند، ومنها مطار بومباى الذى يفخر بأنه يخدم سنويًا على حوالى ثلث مليون رحلة جوية فى العام ويقع فى أغنى ولايات الهند باعتبار ماهاراشترا الولاية الصناعية الأهم بالإضافة إلى استضافتها صناعة السينما الهندية والسكن الدائم لأغنى أغنياء الهند. • • • حدث كل هذا قبل أن أقدم على أكثر من رحلة أخذتنى، دبلوماسيًا ثم صحفيًا، إلى مطارات أخرى عديدة فى جنوب وغرب وشرق القارة الآسيوية قبل أن تصدر أوامر تكليفى وعائلتى بالسفر إلى شيلى على الطرف الآخر من العالم، والسفر مرة أخرى بعد عقدين إلى دول بعينها من دول القارة مع فريق بحثى منوط به دراسة تجربة العدالة الانتقالية فى أمريكا اللاتينية. • • • تعرفت فى رحلاتى عبر آسيا على مطارات من حجم مطار هونج كونج. تعرفت أيضًا على مطار دبى الفريد فى نوعه والخرافى فى تسهيلاته وفى مواقع وترف استراحاته. تابعت أيضًا أفول وصعود مطارات عديدة، أزمع أن أفرد لها، أو لبعضها على الأقل، انطباعات كرفيق سفر ورحالة ومستمتع ومجرب خدمات ما قبل الرحلات وما بينها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store