logo
#

أحدث الأخبار مع #أولافشولتز

تحول جذري في النظام العالمي
تحول جذري في النظام العالمي

شبكة النبأ

timeمنذ 5 أيام

  • سياسة
  • شبكة النبأ

تحول جذري في النظام العالمي

عالم اليوم المعقد والمتعدد الأقطاب يجعل هذه المهمة أكثر صعوبة. ومن أجل تنفيذ ذلك، يتوجب على ألمانيا وشركائها في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومجموعة الدول السبع وحلف شمال الأطلسي حماية مجتمعاتنا المفتوحة والدفاع عن قيمنا الديمقراطية وتقوية تحالفاتنا وشراكاتنا. واستكمالاً، يتوجب علينا أيضاً أن نتجنب الرغبة في تقسيم العالم... بقلم: أولاف شولتز- المستشار الألماني يواجه العالم تحولاً جذرياً تاريخياً، أي [باللغة الألمانية] "تزفايتنفنده" Zeitenwende. إذ أنهى العدوان الروسي ضد أوكرانيا حقبة تاريخية. وقد نشأت قوى جديدة أو عادت إلى الظهور، بما في ذلك الصين القوية اقتصادياً والحازمة سياسياً. في هذا العالم الجديد المتعدد الأقطاب، تتنافس بلدان ونماذج حكومية مختلفة على السلطة والنفوذ. بمقدار ما تعلق الأمر بها، تبذل ألمانيا كل ما في وسعها من أجل الدفاع عن نظام دولي مستند إلى مبادئ ميثاق الأمم المتحدة. إذ تعتمد ديمقراطيتها وأمنها وازدهارها على القوة الملزمة للقواعد المشتركة [في النظام الدولي]. ويشكل ذلك السبب الذي يجعل الألمان عازمين على أن يؤدوا دور ضامني الأمن الأوروبي على نحو ما يتوقع حلفاؤنا منا أن نكون. كذلك يعتزم الألمان أن يصبحوا بُناة الجسور وصلات الوصل داخل الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى كونهم مؤيدي الحلول المتعددة الأطراف للمشكلات العالمية. وفي الحقيقة، يمثل ذلك الطريقة الوحيدة كي تتخطى ألمانيا بنجاح الخلافات الجيوسياسية في عصرنا. ويمتد هذا التحول الجذري التاريخي إلى ما هو أبعد من الحرب في أوكرانيا، ويتجاوز أيضاً مسألة الأمن الأوروبي. إن السؤال الأساسي المطروح هنا هو التالي: كيف يمكننا، كأوروبيين وكاتحاد أوروبي، أن نبقى جهات فاعلة مستقلة في عالم يتزايد توجهه نحو تعدد الأقطاب فيه؟ [النظام الدولي المتعدد الأقطاب يعني وجود أكثر من قطب دولي عند رأس ذلك النظام. في المقابل، يوصف النظام العالمي الذي نشأ بعد الحربين العالميتين بأنه متعدد الأطراف، بمعنى انخراط مجموعة كبيرة من الدول فيه. وكذلك يشار إليه بوصفه معتمداً على القوانين والقواعد المشتركة] في الواقع، يمكن لألمانيا وأوروبا المساعدة في الدفاع عن النظام الدولي المستند إلى القواعد والأحكام القانونية، من دون الاستسلام للنظرة المتشائمة بأن العالم محكوم عليه بالانقسام مرة أخرى إلى كتل متنافسة. ويلقي تاريخ بلادي على عاتقها مسؤولية خاصة تتمثل بمحاربة قوى الفاشية والاستبداد والإمبريالية. في الوقت نفسه، تخولنا تجربة انقسامنا إلى نصفين خلال صراع أيديولوجي وجيوسياسي [في زمن الحرب الباردة] أن نقدر بدقة مخاطر اندلاع حرب باردة جديدة. [امتدت الحرب الباردة بين الحرب العالمية الثانية وتفكك الاتحاد السوفياتي، وشغلت معظم النصف الثاني من القرن العشرين]. نهاية حقبة بالنسبة إلى معظم دول العالم، شهدت العقود الثلاثة التي انقضت منذ سقوط "الستار الحديدي" فترة سلام وازدهار نسبيين. [استخدم تعبير الستار الحديدي في الإشارة إلى ما فصل بين الغرب وبين والاتحاد السوفياتي ودول الكتلة الاشتراكية في الحرب الباردة]. وفي تلك الفترة، خلقت التطورات التكنولوجية مستوى غير مسبوق من الاتصال والتعاون. واستطراداً، أدى نمو التجارة الدولية، وسلاسل القيمة والإنتاج المنتشرة عالمياً، والتبادلات غير المسبوقة للموارد البشرية والمعرفة عبر الحدود، إلى انتشال أكثر من مليار شخص من براثن الفقر المدقع. والأهم من ذلك، أن المواطنين الشجعان في جميع أنحاء العالم أطاحوا بالديكتاتوريات وحكم الحزب الواحد، وقد غير توقهم إلى الحرية والكرامة والديمقراطية مجرى التاريخ. بعد حربين عالميتين مدمرتين وقدر كبير من المعاناة، تسببت بلادي في جزء كبير منها، سيطر التوتر والمواجهة لفترة تتخطى أربعة عقود في ظل إبادة نووية محتملة. ولكن مع حلول تسعينيات القرن العشرين، بدا أن نظاماً عالمياً أكثر صموداً قد ترسخ أخيراً. في الحقيقة، يمكن للألمان على وجه الخصوص، أن يقدروا النعم التي لديهم. في نوفمبر (تشرين الثاني) 1989، سقط جدار برلين على يد مواطني ألمانيا الشرقية الشجعان. وبعد 11 شهراً فحسب، توحدت البلاد بفضل السياسيين البعيدي النظر ودعم الشركاء في الغرب والشرق. ففي النهاية "ينمو معاً، ما ينتمي لبعضه بعضاً"، بحسب قول المستشار الألماني السابق ويلي براندت بعد وقت قصير من سقوط الجدار. ولا تنطبق تلك الكلمات على ألمانيا فحسب بل أيضاً على أوروبا ككل. إذ اختار الأعضاء السابقون في "حلف وارسو" أن يصبحوا حلفاء في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأعضاءً في الاتحاد الأوروبي. [في الحرب الباردة، ضم حلف وراسو الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية] ولم تعد عبارة "أوروبا كاملة وحرة"، وفق تعبير جورج بوش الأب، رئيس الولايات المتحدة في ذلك الوقت، لتبدو كأنها أمل لا أساس له. في تلك الحقبة الجديدة، بدا ممكناً أن تصبح روسيا شريكاً للغرب بدلاً من العدو الذي كانه الاتحاد السوفياتي. ونتيجة لذلك، قلصت معظم الدول الأوروبية جيوشها وخفضت ميزانياتها الدفاعية. بالنسبة إلى ألمانيا، كان المنطق بسيطاً، فلماذا نحافظ على قوة دفاع كبيرة قوامها حوالى 500 ألف جندي في حين يبدو أن جميع جيراننا أصدقاء أو شركاء؟ ،، ليس مصير العالم الانقسام مجدداً إلى كتل متنافسة ،، بالتالي، تحول تركيز سياستنا الأمنية والدفاعية بسرعة نحو التهديدات الملحة الأخرى. وزادت حروب البلقان وتبعات هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، بما في ذلك الحربان في أفغانستان والعراق، من أهمية إدارة الأزمات الإقليمية والعالمية. وبقي التضامن داخل "الناتو" على حاله، بيد أن هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 أدت إلى اتخاذ القرار الأول بشأن تفعيل المادة الخامسة، أي بند الدفاع المتبادل في معاهدة حلف "الناتو"، وعلى مدى عقدين من الزمن، حاربت قوات "الناتو" الإرهاب جنباً إلى جنب في أفغانستان. استقت مجتمعات الأعمال في ألمانيا دروسها الخاصة من المسار الجديد للتاريخ. إذ فتح سقوط الستار الحديدي وبروز اقتصاد عالمي بدا أنه الأكثر تكاملاً من أي وقت مضى، فرصاً وأسواقاً جديدة، لا سيما في بلدان الكتلة الشرقية السابقة وكذلك في بلدان أخرى ذات اقتصادات ناشئة، خصوصاً الصين. وبطريقة موازية، أثبتت روسيا، بمواردها الهائلة من الطاقة والمواد الخام الأخرى، أنها مورد موثوق به خلال "الحرب الباردة"، وبدا من المعقول، في الأقل حين البداية، توسيع تلك الشراكة الواعدة في وقت السلم. وعلى رغم ذلك، شهدت القيادة الروسية تفكك الاتحاد السوفياتي السابق وحلف وارسو، فتعلمت دروساً تختلف بشكل حاد عن تلك التي تعلمها القادة في برلين والعواصم الأوروبية الأخرى. عوضاً عن رؤية الإطاحة السلمية بالحكم الشيوعي كفرصة لمزيد من الحرية والديمقراطية، فقد وصفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنها "أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين". وأدى الاضطراب الاقتصادي والسياسي في أجزاء من منطقة ما بعد الاتحاد السوفياتي في تسعينيات القرن الماضي، إلى تفاقم الشعور بالخسارة والألم الذي يربطه كثير من المواطنين الروس حتى يومنا هذا، بنهاية الاتحاد السوفياتي. في تلك البيئة بالتحديد بدأت الطموحات الاستبدادية والإمبريالية في الظهور من جديد. في عام 2007، ألقى بوتين خطاباً عدوانياً في "مؤتمر ميونيخ للأمن"، مستهزئاً بالنظام الدولي المستند إلى القواعد باعتباره مجرد أداة للهيمنة الأميركية. في العام التالي، شنت روسيا حرباً على جورجيا. في عام 2014، احتلت روسيا شبه جزيرة القرم وضمتها، وأرسلت قواتها إلى أجزاء من منطقة دونباس في شرق أوكرانيا، في انتهاك مباشر للقانون الدولي والتزاماتها الخاصة بمعاهدة موسكو. [في سلسلة معاهدات، تعهدت موسكو بخفض التسلح النووي وتطبيع العلاقات مع أوروبا، خصوصاً ألمانيا]. في المقابل، في السنوات التالية عمل الكرملين على تقويض معاهدات الحد من التسلح وتوسيع قدراته العسكرية، وتسميم المعارضين الروس وقتلهم، وقمع المجتمع المدني، وتنفيذ تدخل عسكري وحشي من أجل دعم نظام الأسد في سوريا. خطوة تلو الأخرى، اختارت روسيا الخاضعة لبوتين طريقاً أبعدها من أوروبا ومن نظام تعاوني سلمي. عودة الإمبراطورية خلال السنوات الثماني التي أعقبت الضم غير القانوني لشبه جزيرة القرم واندلاع الصراع في شرق أوكرانيا، ركزت ألمانيا وشركاؤها الأوروبيون والدوليون في "مجموعة الدول السبع الكبرى" على حماية السيادة والاستقلال السياسي في أوكرانيا، ومنع مزيد من التصعيد الروسي واستعادة السلام في أوروبا والحفاظ عليه. وقد اختارت نهجاً متمازجاً جمع بين الضغط السياسي والاقتصادي والإجراءات التقييدية على روسيا من جهة، وبين الحوار معها من جهة ثانية. جنباً إلى جنب مع فرنسا، انخرطت ألمانيا في ما سمي "صيغة النورماندي" التي أدت إلى "اتفاقات مينسك" والإجراءات المرافقة لها، وكذلك دعت روسيا وأوكرانيا إلى الالتزام بوقف إطلاق النار واتخاذ عدد من الخطوات الأخرى. على رغم النكسات وانعدام الثقة بين موسكو وكييف، استمرت ألمانيا وفرنسا في تنفيذ الإجراءات المنصوص عليها في الاتفاقيتين. بيد أن روسيا الرجعية جعلت نجاح الدبلوماسية أمراً مستحيلاً. أدى الهجوم الروسي الوحشي على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022 إلى ظهور واقع جديد تماماً يتمثل بعودة الإمبريالية إلى أوروبا، إذ تستخدم روسيا بعضاً من أبشع الأساليب العسكرية في القرن العشرين وتتسبب في معاناة لا توصف في أوكرانيا. وبالفعل، لقد لقي عشرات الآلاف من الجنود والمدنيين الأوكرانيين حتفهم، وأصيب كثيرون بجروح أو صدمات نفسية. بطريقة موازية، اضطر ملايين المواطنين الأوكرانيين إلى الفرار من منازلهم بحثاً عن ملاذ في بولندا ودول أوروبية أخرى، وتوجه مليون منهم إلى ألمانيا. لقد أدى قصف المدفعية والصواريخ والقنابل الروسية على المنازل والمدارس والمستشفيات الأوكرانية إلى جعلها أنقاضاً. إن ماريوبول، إيربين، خيرسون، إيزيوم، هي من الأماكن التي ستذكر العالم بجرائم روسيا إلى الأبد، وينبغي تقديم الجناة إلى العدالة. من ناحية أخرى، يمتد تأثير الحرب الروسية إلى أبعد من أوكرانيا. وحينما أصدر بوتين الأمر بالهجوم، فإنه حطم بنية السلام الأوروبية والدولية التي استغرق بناؤها عقوداً. تحت قيادة بوتين، تحدت روسيا حتى أبسط مبادئ القانون الدولي على النحو المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، بما فيها التخلي عن استخدام القوة كوسيلة من وسائل السياسة الدولية، والتعهد باحترام استقلال جميع الدول وسيادتها ووحدة أراضيها. بصفتها قوة إمبريالية، تسعى روسيا الآن إلى إعادة رسم الحدود بالقوة وتقسيم العالم، مرة أخرى، إلى كتل ومناطق نفوذ. أوروبا أكثر قوة يجب على العالم ألا يسمح لبوتين بالحصول على ما يريده. وكذلك، ينبغي وقف الإمبريالية الانتقامية التي تنتهجها روسيا. إذاً، يتمثل الدور الحاسم لألمانيا الآن في تعزيز مكانتها كواحدة من مزودي الأمن الرئيسين في أوروبا، من خلال الاستثمار في جيشنا، وتقوية صناعة الدفاع الأوروبية، وزيادة وجودنا العسكري على الجناح الشرقي لحلف "الناتو"، وتدريب القوات المسلحة الأوكرانية وتجهيزها. وسيتطلب دور ألمانيا الجديد ثقافة استراتيجية جديدة، وسيتجسد ذلك في استراتيجية الأمن القومي التي ستتبناها حكومتي بعد بضعة أشهر من الآن. على مدى العقود الثلاثة الماضية، اتخذت القرارات المتعلقة بأمن ألمانيا وتجيهزات القوات المسلحة للبلاد، على خلفية أن أوروبا تنعم بالسلام. أما الآن، فالسؤال التوجيهي المطروح سيكون متمحوراً حول التهديدات الآتية من روسيا، التي يتوجب علينا بشكل مباشر، نحن وحلفاؤنا مواجهتها في أوروبا. وتشمل تلك التهديدات الهجمات المحتملة على أراضي الحلفاء، والحرب الإلكترونية، وحتى الفرصة الضئيلة لهجوم نووي، وقد هدد به بوتين بشكل واضح نوعاً ما. في الواقع، تعد الشراكة عبر الأطلسي أساسية في مواجهة تلك التحديات وستظل كذلك. وفي ذلك السياق، يستحق الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته الثناء على بناء شراكات وتحالفات قوية في جميع أنحاء العالم والاستثمار فيها. إضافة إلى ذلك، يتطلب إرساء شراكة متوازنة ومرنة عبر الأطلسي أن تؤدي ألمانيا وأوروبا دوراً نشطاً. في أعقاب الهجوم الروسي على أوكرانيا، تمثل أحد القرارات الأولى التي اتخذتها حكومتي بتخصيص صندوق خاص مقداره 100 مليار دولار تقريباً لتجهيز قواتنا المسلحة، "بوندسفير" [الجيش الألماني]، بشكل أفضل. وقد ذهبنا إلى حد تغيير دستورنا من أجل إنشاء ذلك الصندوق. ويمثل هذا القرار أبرز تغيير في السياسة الأمنية الألمانية منذ تأسيس الـ"بوندسفير" في عام 1955. إذاً، سيحصل جنودنا على الدعم السياسي والمواد والقدرات التي يحتاجون إليها للدفاع عن بلادنا وحلفائنا. ويتمثل الهدف المنشود بجيش ألماني يمكننا الاعتماد عليه نحن وحلفاؤنا. من أجل تحقيق ذلك، ستستثمر ألمانيا اثنين في المئة من ناتجنا المحلي الإجمالي في دفاعنا. وتعبر هذه التغييرات عن عقلية جديدة في المجتمع الألماني. اليوم، تتفق غالبية كبيرة من الألمان على أن بلادهم بحاجة إلى جيش قادر ومستعد لردع خصومها والدفاع عن نفسها وعن حلفائها. ويقف الألمان إلى جانب الأوكرانيين في الدفاع عن بلادهم ضد العدوان الروسي. من عام 2014 إلى عام 2020، شكلت ألمانيا أكبر مصدر يزود أوكرانيا بالاستثمارات الخاصة والمساعدات الحكومية مجتمعة. ومنذ بدء الغزو الروسي، عززت ألمانيا دعمها المالي والإنساني لأوكرانيا وساعدت في تنسيق الاستجابة الدولية أثناء توليها رئاسة "مجموعة السبع". في هذا الإطار، فقد دفع الـ"تزفايتنفنده" [التغير الجذري التاريخي] بحكومتي إلى إعادة النظر في مبدأ راسخ منذ عقود من الزمن في السياسة الألمانية في شأن صادرات الأسلحة. فاليوم، للمرة الأولى في تاريخ ألمانيا الحديث، نحن نقدم الأسلحة في حرب مستعرة بين دولتين. في حواراتي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أكدتُ على أمر واحد بوضوح مفاده أن ألمانيا ستواصل جهودها الرامية إلى دعم أوكرانيا ما دامت الحاجة تقتضي ذلك. وحاضراً، يتجسد أشد ما تحتاج إليه أوكرانيا بالمدفعية وأنظمة الدفاع الجوي، وذلك بالضبط ما تقدمه ألمانيا، بالتنسيق الوثيق مع حلفائنا وشركائنا. واستطراداً، يشمل الدعم الألماني لأوكرانيا أيضاً الأسلحة المضادة للدبابات وناقلات الجنود المدرعة والمدافع والصواريخ المضادة للطائرات وأنظمة الرادار المضادة للبطاريات. كذلك، ستوفر بعثة الاتحاد الأوروبي الجديدة تدريبات لما يصل إلى 15 ألف جندي أوكراني، بما في ذلك ما يصل إلى 5000 في ألمانيا، أي ما يوازي لواء كاملاً. وفي الوقت نفسه، سلمت جمهوريات التشيك واليونان وسلوفاكيا وسلوفينيا، أو تعهدت بتسليم، حوالى 100 دبابة قتال رئيسة من الحقبة السوفياتية إلى أوكرانيا. وكذلك ستعمل ألمانيا على تزويد تلك البلدان بالدبابات الألمانية المجددة [بمعنى أنها دبابات من الحقبة السوفياتية عملت ألمانيا على تجديدها]. وبهذه الطريقة، تتلقى أوكرانيا دبابات تعرفها القوات الأوكرانية جيداً ولديها خبرة في استخدامها ويمكن دمجها بسهولة في مخططات الصيانة واللوجيستيات الحالية في أوكرانيا. وفي السياق نفسه، يجب ألا تؤدي تصرفات "الناتو" إلى مواجهة مباشرة مع روسيا، لكن يتوجب على الحلف أن يردع بشكل موثوق أي عدوان روسي إضافي. ولهذه الغاية، زادت ألمانيا بشكل كبير تواجدها على الجناح الشرقي لحلف "الناتو". ففي ليتوانيا، عززت ألمانيا مجموعة قتالية تعمل تحت قيادتها وتتبع حلف شمال الأطلسي، وكذلك أفردت لواء لضمان أمن ذلك البلد. كذلك، تسهم ألمانيا بقوات في المجموعة القتالية لحلف شمال الأطلسي داخل سلوفاكيا. وبطريقة موازية، تقدم القوات الجوية الألمانية مساعدة في مراقبة وتأمين المجال الجوي في إستونيا وبولندا. في غضون ذلك، تشارك البحرية الألمانية في أنشطة الردع والدفاع الخاصة بحلف "الناتو" في بحر البلطيق. ستسهم ألمانيا أيضاً بفرقة مدرعة، إضافة إلى أعتدة جوية وبحرية مهمة (جميعها في حالة تأهب قصوى) في المخطط العسكري الجديد لحلف "الناتو" NATO's New Force Model، الذي وضع من أجل تحسين قدرة الحلف على الاستجابة بسرعة لأي طارئ. وستستمر ألمانيا في التمسك بالتزامها بترتيبات حلف "الناتو" في ما يتعلق بتقاسم الأسلحة النووية، بما في ذلك شراء طائرات مقاتلة من طراز "أف 35" F-35 المزدوجة القدرات. [تمتلك تلك الطائرة قدرات تتعلق بالمهمات القتالية التقليدية، إضافة إلى الحرب الإلكترونية والسيبرانية]. إن رسالتنا إلى موسكو واضحة للغاية، وتتمثل بأننا مصممون على الدفاع عن كل شبر من أراضي "الناتو" ضد أي عدوان محتمل. وسنحترم تعهد "الناتو" الرسمي بأن ينظر إلى الهجوم على أي واحد من الحلفاء بوصفه هجوماً على الحلف بأكمله. كذلك، أوضحنا لروسيا أن خطابها الأخير في شأن الأسلحة النووية متهور وغير مسؤول. حينما زرت بكين في نوفمبر 2022، اتفقت أنا والرئيس الصيني شي جينبينغ على أن التهديد باستخدام الأسلحة النووية أمر غير مقبول واستعمال مثل هذه الأسلحة المروعة سيتجاوز الخط الأحمر الذي رسمته البشرية على نحو صائب. يجب على بوتين أن يتذكر تلك الكلمات جيداً. ،، إن رسالتنا إلى موسكو واضحة للغاية، وتتمثل بأننا مصممون على الدفاع عن كل شبر من أراضي الناتو ،، ومن بين حسابات خاطئة كثيرة أجراها بوتين، يبرز رهانه على أن غزو أوكرانيا سيؤدي إلى توتر العلاقات بين خصومه. في الواقع، حدث العكس تماماً. إذ أصبح الاتحاد الأوروبي والتحالف عبر الأطلسي أقوى من أي وقت مضى. إن أكثر مكان يتجلى فيه هذا الأمر هو العقوبات الاقتصادية غير المسبوقة التي تواجهها روسيا. كان من الواضح منذ بداية الحرب أن هذه العقوبات يجب أن تبقى سارية المفعول لفترة طويلة، إذ إن فعاليتها تزداد مع مرور كل أسبوع. وعلى بوتين أن يفهم أن أي عقوبة منها لن ترفع إذا حاولت روسيا أن تملي شروط اتفاق سلام. في المقابل، أثنى جميع قادة دول مجموعة السبع على استعداد زيلينسكي لتحقيق سلام عادل يحترم وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها ويحمي قدرتها على الدفاع عن نفسها في المستقبل. بالتنسيق مع شركائنا، ألمانيا على أتم استعداد للتوصل إلى ترتيبات من أجل الحفاظ على أمن أوكرانيا كجزء من تسوية سلمية محتملة بعد الحرب. وعلى رغم ذلك، لن نقبل الضم غير القانوني للأراضي الأوكرانية، المقنع بشكل سيئ باستفتاءات زائفة. ولإنهاء هذه الحرب، يتوجب على روسيا سحب قواتها. جيد لقضية المناخ وسيئ لروسيا لقد أدت الحرب التي شنتها روسيا إلى توحيد الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ومجموعة الدول السبع في معارضة هذا العدوان، وكذلك حفزت إجراء تغيير في سياسات الاقتصاد والطاقة بما سيؤذي روسيا على المدى الطويل. وشجعت الحرب أيضاً الانتقال الحيوي إلى الطاقة النظيفة الذي كان جارياً بالفعل. مباشرةً بعد أن توليت منصب المستشار الألماني في ديسمبر (كانون الثاني) 2021، سألت الفريق الذي يقدم لي المشورة عما إذا كانت لدينا خطة في حال قررت روسيا وقف تسليم الغاز إلى أوروبا. فأجابوا بالنفي، على رغم أننا كنا قد أصبحنا نعتمد بشكل خطير على إمدادت الغاز الروسي. لذا، بدأنا على الفور في الاستعداد للسيناريو الأسوأ. في الأيام التي سبقت الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، أوقفت ألمانيا التصديق على خط أنابيب "نورد ستريم 2"، الذي كان من المقرر أن يزيد بشكل كبير من إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا. في فبراير 2022، كانت ثمة خطط مطروحة بالفعل على الطاولة هدفها استيراد الغاز الطبيعي المسال من السوق العالمية خارج أوروبا، وفي الأشهر المقبلة، سيجري تشغيل محطات عائمة للغاز الطبيعي المسال على الساحل الألماني. وسرعان ما أصبح السيناريو الأسوأ حقيقة واقعة. إذ قرر بوتين استعمال الطاقة سلاحاً من طريق قطع الإمدادات عن ألمانيا وبقية أوروبا. واستطراداً، تخلصت ألمانيا الآن تماماً بشكل من استيراد الفحم الروسي، وعلى نحو مماثل، ستنتهي واردات الاتحاد الأوروبي من النفط الروسي قريباً. ثمة درس تعلمناه مفاده أن أمن أوروبا يعتمد على تنويع موردي الطاقة وطرق الإمداد المستخدمة، إضافة إلى الاستثمار في استقلالية الطاقة. في سبتمبر، نجح تخريب خطوط أنابيب "نورد ستريم" في إيصال هذه الرسالة. ومن أجل تعويض أي نقص محتمل في الطاقة داخل ألمانيا وأوروبا ككل، تعيد حكومتي محطات الطاقة التي تعمل بالفحم إلى الشبكة الكهربائية مؤقتاً وتسمح لمحطات الطاقة النووية الألمانية بالعمل لفترة أطول مما خطط له في الأصل. لقد أعطينا توجيهات أيضاً لمرافق تخزين الغاز المملوكة من القطاع الخاص بأن ترفع تدريجياً الحد الأدنى من مستوى الامتلاء [أي زيادة الحد الأدنى الإلزامي لمنشآت تخزين الغاز تحت الأرض]. اليوم، منشآتنا ممتلئة تماماً، في حين أن المستويات في هذا الوقت من العام الماضي كانت منخفضة بشكل غير عادي. إنها ركيزة متينة تنطلق منها ألمانيا وأوروبا لتجاوز الشتاء من دون نقص في الغاز. واستكمالاً، أظهرت لنا حرب روسيا أن الوصول إلى هذه الأهداف الطموحة ضروري أيضاً من أجل الدفاع عن أمننا واستقلالنا، فضلاً عن أمن أوروبا واستقلالها. سيؤدي الابتعاد من مصادر الطاقة الأحفورية إلى زيادة الطلب على الكهرباء والهيدروجين الأخضر، وتستعد ألمانيا لهذه النتيجة المتوقعة من خلال تسريع الانتقال إلى الطاقات المتجددة كطاقتي الرياح والشمس. إن أهدافنا واضحة وهي أنه مع حلول عام 2030، سيأتي ما لا يقل عن 80 في المئة من الكهرباء التي يستخدمها الألمان، من مصادر الطاقة المتجددة. ومع حلول عام 2045، ستحقق ألمانيا صفراً صافياً من انبعاثات غازات الدفيئة، أو "الحياد المناخي". [يعني ذلك أن ما تنفثه ألمانيا في الانبعاثات الملوثة للغلاف الجوي سيكون مساوياً لما تخفضه منها، ويشمل ذلك تخزين الكربون]. أسوأ كابوس يراود بوتين أراد بوتين تقسيم أوروبا إلى مناطق نفوذ وتقسيم العالم إلى كتل من القوى العظمى والدول التابعة. عوضاً عن ذلك، لم تؤد حربه سوى إلى تقدم الاتحاد الأوروبي. في المجلس الأوروبي في يونيو (حزيران) 2022، منح الاتحاد الأوروبي أوكرانيا ومولدوفا صفة "دولتان مرشحتان للعضوية"، وأكد أن مستقبل جورجيا يكمن في أوروبا. كذلك اتفقنا على أن انضمام جميع الدول الست في غرب البلقان إلى الاتحاد الأوروبي يجب أن يصبح في النهاية حقيقة واقعة، وذلك هدف ألتزمه شخصياً. لهذا السبب، أعدت إحياء ما يسمى بـ"عملية برلين" في غرب البلقان، التي ترمي إلى تعميق التعاون في المنطقة، وتقريب بلدانها ومواطنيها من بعضهم بعضاً، وإعدادهم للاندماج في الاتحاد الأوروبي. ومن جهة أخرى، من المهم الاعتراف بأن توسيع الاتحاد الأوروبي ودمج أعضاء جدد سيكون صعباً، فلا شيء أسوأ من إعطاء الملايين من الناس أملاً كاذباً. بيد أن الطريق مفتوح، والهدف واضح ويتجسد باتحاد أوروبي سيتألف من أكثر من 500 مليون مواطن حر، وسيمثل أكبر سوق داخلية في العالم، وسيضع معايير عالمية في شأن التجارة والنمو وتغير المناخ وحماية البيئة، وسيستضيف معاهد بحثية رائدة وشركات مبتكرة، وسيكون بمثابة عائلة من الديمقراطيات المستقرة تتمتع برفاهية اجتماعية وبنية تحتية عامة لا مثيل لها. وبينما يتقدم الاتحاد الأوروبي نحو هذا الهدف، سيستمر خصومه في محاولة إحداث شرخ بين أعضائه. في الحقيقة، لم يقبل بوتين قط بالاتحاد الأوروبي كجهة سياسية فاعلة. في النهاية، يعتَبَرْ الاتحاد الأوروبي المُكوَّنْ من دول ديمقراطية حرة وذات سيادة قائمة على أساس حكم القانون، نقيضاً لحكم بوتين الكليبتوقراطي الاستبدادي والإمبريالي. [كليبتوقراط هو حكم السرقة والسارقين، في إشارة إلى الأوليغارشيا التي تستند إليها قيادة الكرملين]. لذا، سيحاول بوتين وآخرون أن يقلبوا أنظمتنا الديمقراطية المنفتحة ضدنا، من خلال حملات التضليل واستغلال النفوذ. وفي ذلك الإطار، يملك المواطنون الأوروبيون مجموعة متنوعة من وجهات النظر، ويتناقش القادة السياسيون الأوروبيون ويتجادلون أحياناً حول الطريق الصحيح للمضي قدماً، لا سيما أثناء التحديات الجيوسياسية والاقتصادية. لكن هذه الخصائص التي تميز مجتمعاتنا المفتوحة هي سمات وليست أخطاء، وتشكل جوهر صنع القرار الديمقراطي. وعلى رغم ذلك، يتبدى هدفنا اليوم في توحيد الصفوف في المجالات الحاسمة التي من شأنها أن تجعل أوروبا أكثر عرضة للتدخل الأجنبي في حال الانقسام. ومن الأمور الجوهرية في هذه المهمة، التعاون الوثيق بين ألمانيا وفرنسا اللتين تتشاركان الرؤية نفسها المتمثلة في اتحاد أوروبي قوي وذي سيادة. على نطاق أوسع، يجب على الاتحاد الأوروبي التغلب على النزاعات القديمة وإيجاد حلول جديدة. وتقدم الهجرة الأوروبية والسياسة المالية مثالين على ذلك. سيستمر الناس في القدوم إلى أوروبا، وأوروبا بحاجة إلى المهاجرين، لذلك يجب على الاتحاد الأوروبي أن يبتكر استراتيجية للهجرة تكون عملية وتتوافق مع قيمه. ويعني ذلك العمل على الحد من الهجرة غير النظامية مع تعزيز الطرق القانونية للوصول إلى أوروبا، في الوقت نفسه، لا سيما بالنسبة إلى العمال المؤهلين الذين تحتاج إليهم أسواق العمل لدينا. في ما يتعلق بالسياسة المالية، أنشأ الاتحاد صندوقاً للتعافي والمرونة سيساعد أيضاً في مواجهة التحديات الحالية التي يفرضها ارتفاع أسعار الطاقة. كذلك، ينبغي على الاتحاد أيضاً أن يتخلص من تكتيكات العرقلة الأنانية في عمليات صنع القرار، وذلك من خلال إلغاء قدرة الدول الفردية على استخدام حق النقض ضد بعض الإجراءات. ومع توسع الاتحاد الأوروبي وتحوله إلى لاعب جيوسياسي، سيكون اتخاذ القرار السريع هو مفتاح النجاح. لهذا السبب، اقترحت ألمانيا أن يجري تدريجاً تعميم اتخاذ القرارات بالتصويت بالغالبية على المجالات التي تخضع حالياً لقاعدة الإجماع، على غرار الضرائب والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. واستكمالاً، ينبغي أن تستمر أوروبا أيضاً في تحمل مسؤولية أكبر في موضوع أمنها الخاص، إذ تحتاج إلى نهج منسق ومتكامل من أجل بناء قدراتها الدفاعية. ومثلاً، تستخدم جيوش الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عدداً كبيراً جداً من أنظمة الأسلحة المختلفة، ما يؤدي إلى أوجه قصور عملية واقتصادية. وبهدف معالجة هذه المشكلات، يجب على الاتحاد الأوروبي تغيير إجراءاته البيروقراطية الداخلية، الأمر الذي يتطلب قرارات سياسية شجاعة. وسيتعين على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا، تغيير سياساتها وأنظمتها الوطنية في شأن تصدير الأنظمة العسكرية المصنعة بشكل مشترك. ثمة مجال يحتاج أوروبا إلى إحراز تقدم فيه بشكل عاجل يتمثل بالدفاع في المجالين الجوي والفضائي. لهذا السبب ستعمل ألمانيا على تعزيز دفاعها الجوي خلال السنوات المقبلة، كجزء من إطار عمل حلف "الناتو"، من خلال اكتساب قدرات إضافية. وقد فتحت باب هذه المبادرة لجيراننا الأوروبيين، وكانت النتيجة "مبادرة الدرع الجوي الأوروبي" European Sky Shield Initiative، التي انضمت إليها 14 دولة أوروبية أخرى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. في الواقع، سيكون الدفاع الجوي المشترك في أوروبا أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة بالمقارنة مع الدفاع المنفرد لكل دولة على حدة. ويقدم ذلك مثلاً بارزاً عما يعنيه تعزيز الركيزة الأوروبية داخل "الناتو". يعد حلف "الناتو" الضامن النهائي للأمن الأوروبي الأطلسي، ولن تزداد قوته إلا بانضمام دولتين ديمقراطيتين مزدهرتين إلى أعضائه، فنلندا والسويد. وكذلك يضحي "الناتو" أشد قوّة حينما يتخذ أعضاؤه الأوروبيون بشكل مستقل خطوات نحو توافق أكبر بين هياكلهم الدفاعية، ضمن إطار الاتحاد الأوروبي. التحدي الصيني وأبعد منه ربما تكون الحرب العدوانية الروسية هي التي أطلقت شرارة "تزفايتنفنده"، بيد أن التحولات التكتونية [أي أنها جذرية وضخمة] تمتد جذورها إلى أعمق من ذلك بكثير. لم ينته التاريخ مع "الحرب الباردة"، وفق ما توقع بعض الناس. وعلى رغم ذلك، فالتاريخ لا يعيد نفسه. يفترض كثيرون أننا على شفا حقبة ثنائية القطبية في النظام الدولي، ويرون اقتراب فجر حرب باردة جديدة، حرب ستضع الولايات المتحدة في مواجهة الصين. أنا لا أوافق على هذا الرأي. عوضاً عن ذلك، أعتقد أن ما نشهده يجسد نهاية مرحلة استثنائية من العولمة، ويعني ذلك أنه تحول تاريخي تسارع بسبب الصدمات الخارجية على غرار جائحة كورونا والحرب الروسية في أوكرانيا، لكنه لا يعد نتيجة لذلك بشكل كامل. فخلال تلك المرحلة الاستثنائية، شهدت أميركا الشمالية وأوروبا 30 عاماً من النمو المستقر، ومعدلات التوظيف المرتفعة، والتضخم المنخفض، وأصبحت الولايات المتحدة القوة الحاسمة في العالم، وهو دور ستحتفظ به في القرن الحادي والعشرين. وفي المقابل، خلال مرحلة العولمة التي أعقبت "الحرب الباردة"، أصبحت الصين أيضاً لاعباً عالمياً، على غرار ما كانته في فترات سابقة طويلة من تاريخ العالم. بيد أن صعود الصين لا يستدعي عزل بكين أو كبح التعاون معها. وفي الوقت نفسه، لا تبرر القوة المتنامية للصين مطالباتها بالهيمنة في آسيا وخارجها. في الواقع، لا يوجد بلد يمثل "الفناء الخلفي" لأي دولة أخرى، وينطبق ذلك على أوروبا بقدر ما ينطبق على آسيا وكل المناطق الأخرى. خلال زيارتي الأخيرة لبكين، أعربت عن دعمي الحازم للنظام الدولي المستند إلى القوانين والقواعد، على النحو المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، إضافة إلى التجارة المفتوحة والعادلة. بالتنسيق مع شركائها الأوروبيين، ستواصل ألمانيا المطالبة بتكافؤ الفرص للشركات الأوروبية والصينية. في المقابل، لا تبذل الصين جهوداً كثيرة في هذا الصدد، بل إنها اتخذت منعطفاً ملحوظاً نحو العزلة والابتعاد من الانفتاح. في بكين، أثرت أيضاً مخاوف بشأن تزايد انعدام الأمن في بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان، وعارضت نهج الصين تجاه حقوق الإنسان والحريات الفردية. لا يمكن مطلقاً اعتبار احترام الحقوق والحريات الأساسية "مسألة داخلية" تعنى بها الدول بشكل فردي لأن كل دولة عضو في الأمم المتحدة تتعهد بالالتزام بهذه الحقوق. وفي الوقت نفسه، بينما تتكيف الصين ودول أميركا الشمالية وأوروبا مع الحقائق المتغيرة في المرحلة الجديدة من العولمة، فإن عدداً كبيراً من البلدان في أفريقيا وآسيا ومنطقة البحر الكاريبي وأميركا اللاتينية، التي استطاعت تحقيق نمو استثنائي في الماضي من خلال إنتاج السلع والمواد الخام بتكاليف منخفضة، تحولت الآن تدريجاً إلى دول أكثر ازدهاراً لديها طلبها الخاص على الموارد والسلع والخدمات. ولهذه المناطق كل الحق في اغتنام الفرص التي تتيحها العولمة والمطالبة بدور أقوى في الشؤون العالمية بما يتماشى مع أهميتها الاقتصادية والديموغرافية المتزايدة. ولا يشكل ذلك أي تهديد للمواطنين في أوروبا أو أميركا الشمالية. على النقيض من ذلك، ينبغي أن نشجع مشاركة تلك المناطق بشكل أكبر في النظام الدولي واندماجها فيه. إذ يشكل ذلك أفضل طريقة للمحافظة على استمرارية النظام الدولي المتعدد الأطراف في عالم متعدد الأقطاب. لهذا السبب تستثمر ألمانيا والاتحاد الأوروبي في شراكات جديدة وتوسع شراكاتها الموجودة بالفعل مع كثير من البلدان في أفريقيا وآسيا ومنطقة البحر الكاريبي وأميركا اللاتينية، إذ إن هناك خاصية أساسية مشتركة بيننا وبين تلك البلدان تتمثل في أنها أيضاً دول ديمقراطية. ويؤدي هذا القاسم المشترك دوراً حاسماً، لأننا لا نهدف إلى وضع الديمقراطيات في مواجهة الدول الاستبدادية، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في انقسام عالمي جديد، ولأن مشاركة القيم والأنظمة الديمقراطية ستساعدنا في تحديد الأولويات المشتركة وتحقيق الأهداف الموحدة في الواقع الجديد المتعدد الأقطاب في القرن الحادي والعشرين. ربما أصبحنا جميعاً رأسماليين (مع إمكان استثناء كوريا الشمالية وحفنة صغيرة من البلدان الأخرى)، وفق مقولة الاقتصادي برانكو ميلانوفيتش قبل بضع سنوات. في المقابل، يتمثل الأمر الذي من شأنه أن يحدث فارقاً كبيراً في ما إذا كانت الرأسمالية منظمة بطريقة ليبرالية ديمقراطية أو على أسس سلطوية. [برانكو ميلانوفيتش هو اقتصادي أميركي من أصول صربية، اشتهر باشتغاله على توزيع الدخل واللامساواة]. لنأخذ مثلاً الاستجابة العالمية لوباء كورونا. في وقت مبكر من الجائحة، جادل البعض بأن الدول الاستبدادية ستثبت أنها أكثر مهارة في إدارة الأزمات، إذ بإمكانها التخطيط بشكل أفضل على المدى الطويل واتخاذ قرارات صعبة بسرعة أكبر، بيد أن ما حققته البلدان الاستبدادية خلال الوباء لا يدعم هذا الرأي. وفي الوقت نفسه، جرى تطوير جميع لقاحات كورونا والعلاجات الصيدلانية الأكثر فاعلية في الديمقراطيات الحرة. علاوة على ذلك، خلافاً للدول الاستبدادية، تتمتع الديمقراطيات بالقدرة على التصحيح الذاتي إذ إن المواطنين يعبرون عن آرائهم بحرية ويختارون قادتهم السياسيين. وأحياناً، قد يكون مرهقاً أمر كل ذلك النقاش والتشكيك المستمرين في مجتمعاتنا والبرلمانات ووسائل الإعلام الحرة. وفي المقابل، إن ذلك هو ما يجعل أنظمتنا أكثر صموداً على المدى الطويل. ،، ان صعود الصين لا يستدعي عزل بكين أو كبح التعاون معها ،، وتجدر الإشارة إلى أن الحرية والمساواة وسيادة القانون وكرامة كل إنسان هي قيم لا تقتصر على الغرب بمعناه المألوف، بل يتشاركها المواطنون والحكومات في جميع أنحاء العالم، ويؤكد ميثاق الأمم المتحدة مجدداً في مقدمته على أنها من حقوق الإنسان الأساسية. [وردت تلك القيم في الميثاق المؤسس لـعصبة الأمم التي أسست بعد الحرب العالمية الأولى، وأعيد تأكيدها في ميثاق منظمة الأمم المتحدة]. في المقابل، تتحدى الأنظمة الاستبدادية والسلطوية غالباً أو أنها تنكر تلك الحقوق والمبادئ. إذاً، بغية الدفاع عنها، يجب على دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا، أن تتعاون بشكل أوثق مع الديمقراطيات خارج ما يعرف تقليدياً بالغرب. في الماضي، زعمنا أننا نعامل بلدان آسيا وأفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي وأميركا اللاتينية، كدول نظيرة مساوية لنا. لكن في كثير من الأحيان، لم تكن أقوالنا مدعومة بالأفعال. ويتوجب تغيير ذلك الأمر. خلال رئاسة ألمانيا لـ"مجموعة السبع"، نسقت المجموعة جدول أعمالها بشكل وثيق مع إندونيسيا التي تتولى رئاسة "مجموعة العشرين". كذلك، أشركنا في مداولاتنا السنغال التي تتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي، والأرجنتين التي تتولى رئاسة تجمع دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي؛ وجنوب أفريقيا التي هي شريكتنا في "مجموعة العشرين"، والهند التي ستتولى رئاسة "مجموعة العشرين" العام المقبل. [تتألف مجموعة العشرين من 19 دولة مع الاتحاد الأوروبي]. في نهاية المطاف، في عالم متعدد الأقطاب، يجب أن يمتد الحوار والتعاون إلى ما وراء منطقة الارتياح الديمقراطي. وبشكل صائب، أقرت استراتيجية الأمن القومي الجديدة التي تعتمدها الولايات المتحدة، بالحاجة إلى التعامل مع "البلدان التي لا تتبنى المؤسسات الديمقراطية لكنها على رغم ذلك تعتمد على نظام دولي قائم على القواعد وتدعمه". سوف تحتاج الديمقراطيات في العالم إلى العمل مع تلك الدول من أجل الدفاع عن نظام عالمي يربط السلطة بالقواعد القانونية، ويواجه الأعمال الرجعية كالحرب العدوانية الروسية. وسيتطلب هذا الجهد براغماتية ودرجة من التواضع. وبالاسترجاع، لطالما ملأت النكسات والأخطاء مسار الرحلة نحو الحرية الديمقراطية التي نتمتع بها اليوم. وعلى رغم ذلك، فقد جرى إرساء بعض الحقوق والمبادئ وقبولها منذ قرون. ويتمثل أحد تلك الحقوق الأساسية في الالتزام بإصدار أمر قانوني كي يمثل شخص ما أمام القضاء، ما يحمي من الاعتقال التعسفي، مع العلم أن أول من أقره لم يكن حكومة ديمقراطية، بل النظام الملكي المطلق لتشارلز الثاني ملك إنجلترا. ويتمثل الأمر الذي لا يقل أهمية عن ذلك في المبدأ الأساسي بأنه لا يمكن لدولة أن تأخذ بالقوة ما ينتمي لجارتها. إذاً، يجب فرض احترام هذه الحقوق والمبادئ الأساسية على جميع الدول، بغض النظر عن أنظمتها السياسية الداخلية. وكذلك، فإن فترات السلام والازدهار النسبيين في تاريخ البشرية، مثل تلك التي عاشها العالم بمعظمه في أوائل حقبة ما بعد "الحرب الباردة"، يجب ألا تكون فترات استراحة نادرة أو مجرد انحرافات عن معايير تاريخية تتولى فيها القوة الغاشمة إملاء القواعد والأحكام. وعلى رغم أننا لا نستطيع إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء، إلا أنه لا يزال بإمكاننا أن نعكس مسار العدوان والإمبريالية. بيد أن عالم اليوم المعقد والمتعدد الأقطاب يجعل هذه المهمة أكثر صعوبة. ومن أجل تنفيذ ذلك، يتوجب على ألمانيا وشركائها في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومجموعة الدول السبع وحلف شمال الأطلسي حماية مجتمعاتنا المفتوحة والدفاع عن قيمنا الديمقراطية وتقوية تحالفاتنا وشراكاتنا. واستكمالاً، يتوجب علينا أيضاً أن نتجنب الرغبة في تقسيم العالم مرة أخرى إلى تكتلات. وهذا يعني بذل كل جهد من أجل بناء شراكات جديدة بشكل عملي ومن دون غموض أيديولوجي. في عالم اليوم المترابط بشكل كبير، يتطلب تحقيق هدف تعزيز السلام والازدهار وحرية الإنسان، وجود عقلية مختلفة وأدوات مختلفة. وفي نهاية المطاف، إن ما يتمحور حوله الـ"تزفايتنفنده" [التحول الجذري] يتمثل في تطوير هذه العقلية وتلك الأدوات.

تصنيف "البديل من أجل ألمانيا" منظمةً متطرفةً.. الأسباب ومعضلة أحزاب
تصنيف "البديل من أجل ألمانيا" منظمةً متطرفةً.. الأسباب ومعضلة أحزاب

العربي الجديد

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • العربي الجديد

تصنيف "البديل من أجل ألمانيا" منظمةً متطرفةً.. الأسباب ومعضلة أحزاب

صنّفت الهيئة الاتحادية لحماية الدستور في ألمانيا (جهاز الاستخبارات الداخلية)، أمس الجمعة، "حزب البديل من أجل ألمانيا" بصفته "منظمةً يمينيةً متطرّفة مؤكّدة" وذلك قُبيل احتفالات ألمانيا بالذكرى الثمانين لنهاية النازية والحرب العالمية الثانية، وهو تصنيف يكشف مع ذلك معضلة الأحزاب السياسية التقليدية في التعاطي مع ارتفاع شعبية الحزب اليميني المتطرف. فمن ناحية ثمّة دعوات لحظره، ما قد يظهره "ضحيةً" في أعيُن ناخبيه ومؤيديه، ومن ناحية أخرى، فإذا ما نجا من الحظر، فمن شأن ذلك أن يزيد من شعبيته، ما قد يقوده إلى الفوز في استحقاقات انتخابية قادمة، وربما التقدم بثبات نحو تولّي الحكم. تجربة انتخابات فبراير/شباط الماضي البرلمانية ماثلة أمام الطبقة السياسية التقليدية في ألمانيا، في مضاعفة البديل من أجل ألمانيا حصّته إلى 20.8% من الأصوات في البرلمان ( البوندستاغ )، واحتلاله المرتبة الثانية بعد الاتحاد الديمقراطي المسيحي (حزب المستشار المقبل فريدريش ميرز)، متفوقاً على حزب المستشار المنتهية ولايته من يسار الوسط (الاجتماعي الديمقراطي) أولاف شولتز. دواعي تصنيف البديل من أجل ألمانيا جاء تصنيف الاستخبارات الداخلية الألمانية لحزب البديل أمس الجمعة معلّلاً بتقرير شامل أعدّه الجهاز من نحو ألف صفحة، وتضمن تحقيقاً في تصريحات أعضاء الحزب وشعاراته وبرامجه، وخلُص الجهاز الأمني إلى "وجود أدلّة دامغة على أنّ حزب البديل يُهدّد النظام الديمقراطي في ألمانيا"، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية "دي بي إيه"، وشدد الجهاز أن "الفهم السائد في الحزب للأشخاص على أساس العرق والأصل يتعارض مع النظام الأساسي الديمقراطي الحر"، وأن تصريحات قياداته "تنتهك المبدأ الدستوري لحرمة الكرامة الإنسانية". أخبار التحديثات الحية الاستخبارات الألمانية تصنف حزب البديل "منظمة يمينية متطرفة مؤكدة" ومنذ تأسيس الحزب في 2013، حالةً احتجاجيةً على طريقة تعاطي حكومة المستشارة السابقة أنغيلا ميركل مع أزمة منطقة اليورو، وتقديم مبالغ كبيرة لإنقاذ بعض الدول، كاليونان، تلقى دفعة شعبية نتيجة مواقفه المتشدّدة من الهجرة واللجوء في 2015، مع تزايد احتجاجه على منظومة الاتحاد الأوروبي والطبقة الحاكمة في برلين. برغم خوضه منذ 2013 الانتخابات وتحقيق تقدم على مستوى بعض الولايات، وتحوّله اليوم إلى الحزب الثاني فيدرالياً في البرلمان، بقيت مسألة "جدار الحماية"، بتوافق الأحزاب السياسية على قطع الطريق على نفوذ الأجنحة المتطرّفة في السياسة الألمانية، تمنعه من ترجمة "إنجازاته الانتخابية" على أرض الواقع. وقدمت دائماً تصريحات بعض قيادات البديل من أجل ألمانيا مادةً خصبة للتشكيك بتطرّفه، فعلى سبيل المثال صرح في عام 2018 زعيم الحزب آنذاك ألكسندر غولاند بأن النازية "نقطة صغيرة في تاريخ ألمانيا المزدهر الممتدّ لأكثر من ألف عام"، وحثّ الألمان على الافتخار بتاريخهم، رافضاً النصب التذكاري عن حقبة النازية. وبرغم الضجّة التي أثارها تصريحه لا يزال غولاند في منصب الرئيس الفخري للحزب، ولم يكن زعيم الحزب في ولاية تورينغيا، بيورن هوكه، أقل جدلاً في تصريحاته، معتبراً أن الوقت حان لتخلّص الألمان من ثقافة إحياء ذكرى جرائم النازيين، ولضرورة إزالة نصب الهولوكست من برلين. وفي العام الماضي صرّح المرشح الرئيسي للحزب إلى البرلمان الأوروبي، ماكسيميليان كراه، بأنه يرفض أن يُطلق لقب مجرم على كل من ارتدى زي القوات الخاصة النازية "إس إس"، كراه وبرغم تصريحاته الجدلية سُمح له بالترشح أولاً إلى البرلمان الأوروبي ثم إلى البوندستاغ. وحتى الوجه النسائي القيادي في "البديل"، أليس فايدال، اعتبرت أن "الفتيات المحجّبات والرجال المسلحين بالسكاكين الذين يعتمدون على الرعاية الاجتماعية وغيرهم من الأشخاص عديمي الفائدة لا يمكنهم ضمان ازدهار ألمانيا ونموها ورفاهيتها". تصريحاتها وتصريحاتُ آخرين حول ملايين مواطني وقاطني ألمانيا من أصول مهاجرة تتماشى غالباً مع ما يعتمد عليه حزبها في خطابه خلال حملاته الانتخابية، وكما يردِّد هؤلاء فالرسالة واضحة، ومفادها أن ألمانيا استقبلت عدداً كبيراً من المهاجرين، والكثير منهم لا يتأقلمون أو يشكّلون تهديداً. تقارير دولية التحديثات الحية ماذا تنتظر أوروبا من الألماني المحافظ فريدريش ميرز؟ مع استمرار التصريحات المتطرفة اشتبهت أجهزة الاستخبارات في عام 2021 في أنّ البديل من أجل ألمانيا حزب متطرّف، ما مكّن الجهاز الأمني من اختراق الحزب ومراقبته. وعلى تلك الخلفية قامت مخابرات ألمانيا بتصنيف الحزب كله منظمةً متطرّفةً "تعمل على نحوٍ موثّق على انتهاك الدستور"، إذ رأى الجهاز الأمني أن "البديل" لا يعتبر الألمان من أصول مهاجرة ومن دول ذات أغلبية مسلمة أعضاء متساوين في الشعب الألماني، من بين أمور أخرى، وفقاً لمجلة دير شبيغل . فايدال: تشهير واستهداف سياسي رفضت وزيرة الداخلية الألمانية المنتهية ولايتها نانسي فيزر ، أمس الجمعة، تصريحات قيادات في "البديل"، مثل أليس فايدال وتينو شروبالا حول أن ما قام به جهاز الاستخبارات هو "تشويه سمعة وتجريم علنيَين"، وأكدت فايزر أن التصنيف جاء على خلفية أنه حزب "يمثل مفهوماً عرقياً يُميّز ضدّ فئات سكانية بأكملها، ويُعامل المواطنين من أصول مهاجرة كألمان من الدرجة الثانية". وبحسب وكالة الأنباء الألمانية، فإن التصنيف انطلق من أدلة دامغة عن "تهديد البديل للنظام الديمقراطي، إذ إنّ الفهم السائد فيه للأشخاص يقوم على أساس العرق والأصل، ما يتعارض مع النظام الديمقراطي الحرّ، وينتهك المبدأ الدستوري لحرمة كرامة الإنسانية". وتؤمن قيادات البديل من أجل ألمانيا بأنّ تصنيف كل الحزب منظمةً متطرّفةً "يمثّل ضربةً قاسية للديمقراطية"، وبأنه يستبق أي إمكانية لترجمة الفوز الانتخابي الأخير إلى نفوذ وتأثير في حكومة المستشار المسيحي الديمقراطي القادم فريدريش ميرز. معضلة مزدوجة توسُّع شعبية حزب البديل من أجل ألمانيا أصبحَ يثير قلقاً سياسياً وأمنياً، ففي البرلمان الجديد يمثل الحزب 156 نائباً، لكنّها مقاعد لا يبدو، بعد التصنيف الاستخباري، ستتيح لا لميرز ولا لغيره الانفتاح عليه. ودعت نائبة رئيس البرلمان (عن المسيحي الديمقراطي)، أندريا ليندهولز، بقية الأحزاب إلى إعادة النظر بشأن أي تقارب مع "البديل"، أو منحه مناصب في اللجان البرلمانية المختلفة، كما نقلت عنها دير شبيغل. ولا يبدو أن حصوله على نسبة 20.8% من الأصوات ستسهّل دعوات البعض لتشكيل أغلبية برلمانية لأجل الطلب من المحكمة الدستورية حلّه وحظره، بسبب انعكاسات ذلك على الكتلة الصلبة للناخبين المؤيدين له. وتنبَّه المستشار المنتهية ولايته شولتز إلى الأمر برغم ترحيبه بالتصنيف، داعياً الطبقة السياسية إلى "توخي الحذر" بشأن حظر الحزب، وكذلك فعل نائب المستشار القادم، لارس كلينغبيل، مؤكداً أنه لن يطالب بحظره على الفور. أخبار التحديثات الحية ألمانيا: الاشتراكي الديمقراطي يصوت على اتفاق الدخول بالائتلاف الحاكم في كل الأحوال، يبقى الخروج من المعضلة ممكناً نظرياً، إذا ما اختار البديل من أجل ألمانيا بنفسه تنظيف بيته من العناصر الأكثر تطرّفاً، وإعادة هندسة شعاراته وخطبه الشعبوية وتطرفه القومي، وربما يستلهم تطبيع أوضاعه بين الأحزاب من رئيسة الحكومة الإيطالية، جورجيا ميلوني ، الآتية من صفوف "إخوة إيطاليا" شبه الفاشي، ذلك باعتماد بعض الواقعية والبراغماتية السياسية للنجاة وسط رياح معارضة يمكن أن تشتد أكثر في قادم الأيام. ومن الواضح أن معضلة التعاطي مع البديل باتت مزدوجة؛ فحظره يجعل منه "ضحية مؤامرة" (مع جمهور يستسيغ نظريتها). وعدم حظره يحمل مخاطرة، مع تصاعد شعبيّته، إذا ما حقق الحزب قفزة تضعه في مقدمة الأحزاب في الانتخابات القادمة، ما يعني أنّ الساحة السياسية ستكون أمام فرض البديل لنفسه حزباً يقود الحكومة، وربما بمستشارة تسمى أليس فايدال.

تقرير لـ"National Interest" يكشف كيف يمكن لتركيا أن تساعد في الدفاع عن أوروبا
تقرير لـ"National Interest" يكشف كيف يمكن لتركيا أن تساعد في الدفاع عن أوروبا

ليبانون 24

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • ليبانون 24

تقرير لـ"National Interest" يكشف كيف يمكن لتركيا أن تساعد في الدفاع عن أوروبا

ذكر موقع "The National Interest" الأميركي أنه "في ضوء تغيير أولويات الأمن الأميركية ، تدرس الدول الأوروبية طرقًا لتعزيز قدراتها الدفاعية. ومع ذلك، وعلى المدى القصير، قد لا يكون ذلك ممكنا. أولاً، سيتطلب هذا موارد مالية كبيرة. ثانياً، قد يعيق المستوى الحالي من السعة الصناعية في أوروبا إنتاج المعدات العسكرية على النطاق اللازم. في ظل هذه التحديات، يتزايد الاهتمام بدور تركيا المحتمل في الأمن الأوروبي ، لا سيما عقب الاجتماع الأخير بين زعيمي أوكرانيا وتركيا في شباط. وقد أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن اهتمامه بنشر قوات تركية في أوكرانيا لتعزيز الصدقية الدفاعية لاتفاقية السلام المحتملة مع روسيا". وبحسب الموقع، "إن انخراط تركيا في الأمن الأوروبي ليس بالأمر الجديد. فتركيا عضوٌ قديم في حلف الناتو، وقد توسّع تعاونها الدفاعي مع أوروبا في السنوات الأخيرة. على سبيل المثال، وقّعت المملكة المتحدة في عام 2023 اتفاقية تعاون عسكري أوثق مع تركيا. إضافةً إلى ذلك، تُجري فرنسا محادثاتٍ لبيع صواريخ ميتيور من الجيل الجديد لأنقرة، رغم مخاوف اليونان. علاوةً على ذلك، بالإضافة إلى قمة لندن الأخيرة، من المتوقع أن تشارك تركيا في قمة الاتحاد الأوروبي المقبلة التي دعا إليها المستشار الألماني أولاف شولتز. بصفتها ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي، بقوام يقارب 402 ألف جندي، فإن تركيا لديها الكثير لتقدمه في المجال الأمني". وتابع الموقع، "أولًا، يمكن ردع أي عدوان روسي محتمل على أوكرانيا. فبصفتها عضوًا في حلف شمال الأطلسي، فإن نشر تركيا لقواتها قرب حدود أوكرانيا قد يكون رادعًا، لأن أي هجوم عليها قد يُنذر بردود فعل أوسع من جانب الناتو. ثانيًا، تمتلك تركيا صناعة دفاعية متطورة ومتنامية يمكنها أن تُسهم في إعادة بناء ليس فقط الجيش الأوكراني، بل أيضًا القوات المسلحة لدول أوروبية أخرى نامية. ففي عام 2024 وحده، تجاوزت صادرات تركيا الدفاعية والجوية 7 مليارات دولار، مع توجيه جزء كبير من المبيعات إلى أوروبا الشرقية ومنطقة البلقان. ونظرًا لخطورة التهديد الحالي، فإن تعزيز التعاون مع تركيا من شأنه أن يُسهم في تسريع الجاهزية العسكرية الأوروبية، وهو جهد قد يستغرق سنوات". وأضاف الموقع، "مع ذلك، فإن تعميق التعاون الأمني مع تركيا محفوف بالتحديات، وتُعدّ مشاكل أنقرة الداخلية أحد هذه المخاوف. ومن المخاوف الرئيسية الأخرى علاقات أنقرة الوثيقة مع موسكو، وهي علاقة تنطوي على فرص استراتيجية ومخاطر في آن واحد. ومن الناحية الإيجابية، يمكن أن تُشكّل القنوات الدبلوماسية التركية مع روسيا جسرًا لإدارة الأزمات بين الناتو وموسكو. وتجلى ذلك خلال الحرب في أوكرانيا، عندما اعتمدت إدارة جو بايدن مرارًا على جهود الوساطة التركية. في الوقت عينه، يثير قرب تركيا من روسيا تساؤلات حول موثوقيتها. فإذا ازداد اعتماد أوروبا على تركيا، فماذا سيحدث إذا عرضت موسكو على أنقرة صفقةً أفضل؟ علاوةً على ذلك، فإن قدرة تركيا على موازنة العلاقات بين الغرب وروسيا تمنحها نفوذًا، وهو ما لطالما استغلته لخدمة مصالحها الخاصة". وبحسب الموقع، "مع تذبذب النظام العالمي، من المتوقع أن يتفاقم انعدام الثقة بين تركيا وأوروبا. وتُكنّ تركيا أيضًا شكوكًا تجاه أوروبا، فلطالما أعربت أنقرة عن إحباطها من فشل الاتحاد الأوروبي في الوفاء بوعوده بشأن عضوية تركيا. ومن مصادر انعدام الثقة الأخرى تصور تركيا للغرب كداعم لحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب، اللذان تعتبرهما أخطر تهديد لأمنها القومي. علاوة على ذلك، تواجه صناعة الدفاع التركية تحديات هيكلية. فطبيعتها الاحتكارية وندرة رأس المال البشري الماهر قد تُؤدي إلى نقاط ضعف طويلة الأمد، ويجب على أي شراكة أمنية جيدة الهيكلة أن تأخذ هذه العوامل في الاعتبار، مع الموازنة بين المزايا والمخاطر المحتملة، وضمان بقاء المصالح المشتركة متوافقة. وفي الواقع، يمكن لأوروبا التعامل مع هذه المسألة بطريقتين: شراكة قصيرة الأجل قائمة على المعاملات، أو دمج تركيا في بنيتها الأمنية على المدى الطويل". وتابع الموقع، "النهج الأول ينطوي على تبادل عملي، حيث تقدم أوروبا دعمًا للتنمية الاقتصادية، وفي المقابل، تقدم تركيا دعمًا أمنيًا حتى تستغني أوروبا عن المساعدة الخارجية. هذا الترتيب ممكن وبسيط نسبيًا، إذ لا يتطلب سوى التزام طويل الأمد من كلا الجانبين. ومع ذلك، بالنظر إلى التحديات الأمنية الحالية التي تواجهها أوروبا والمسار غير المؤكد للعلاقات عبر الأطلسي، تُعدّ الشراكة الطويلة الأمد الخيار الأمثل. إن دمج تركيا في الإطار الأمني الأوروبي من شأنه أن يوفر استقرارًا استراتيجيًا أكبر ومرونة أكبر في مواجهة أي تقلبات مستقبلية. ولا يمكن تحقيق الاستقرار على المدى الطويل إلا إذا رأى الطرفان مكاسب متبادلة". وختم الموقع، "إذا تم التوصل إلى إطار عمل ذي منفعة متبادلة، يُمكن للطرفين تعزيز شراكة طويلة الأمد أكثر استقرارًا وقابلية للتنبؤ. فرغم علاقاتها الوثيقة مع روسيا، ترى تركيا في موسكو منافسًا جيوسياسيًا، ولن تُفضّل رؤية أوروبا ضعيفة في مواجهة التوسع الروسي المُحتمل".

6 مايو.. ميرتس يقود ألمانيا وينهي حقبة شولتز
6 مايو.. ميرتس يقود ألمانيا وينهي حقبة شولتز

العين الإخبارية

time١٤-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • العين الإخبارية

6 مايو.. ميرتس يقود ألمانيا وينهي حقبة شولتز

تم تحديثه الإثنين 2025/4/14 07:19 م بتوقيت أبوظبي حدد البرلمان الألماني "البوندستاغ" 6 مايو/أيار المقبل موعدا لانتخابات فريدريش ميرتس مستشارا جديدا للبلاد، لينهي بذلك بشكل نهائي ولاية أولاف شولتز. ويتعين أن يحصل المحافظ ميرتس (69 عاما) على أصوات أغلبية أعضاء البوندستاغ البالغ عددهم 630 عضوا. ومن المقرر أن يقود زعيم المحافظين الذي فاز في الانتخابات التشريعية الأخيرة، ائتلافا حكوميا مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي بزعامة المستشار المنتهية ولايته شولتز. وتجري عملية انتخاب المستشار الألماني وفق مراسم منظمة للغاية، فبعد انتخابه يستقبله الرئيس ليقدم له ولوزرائه "قرار التعيين" الذي يمثل البداية الرسمية لفترة ولايته الممتدة لأربع سنوات. ويعود بعد ذلك إلى البرلمان لأداء اليمين الدستورية، قبل أن يتوجه إلى المستشارية لتسلم السلطة. منذ الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في 23 فبراير/شباط الماضي، يستعد المحافظون في معسكر الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي لتولي الحكم في أكبر اقتصاد في أوروبا وسط تحولات جيوسياسية. ويتعين على ألمانيا الاستغناء عن الوصاية العسكرية لحليفها الأمريكي الذي أصبح متقلبا ومواجهة صدمة الحرب التجارية التي شنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. في الأسبوع الماضي، عرض فريدريش ميرتس اتفاق تشكيل الائتلاف مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي، والذي جاء بعد أسابيع من المفاوضات. ويحدد هذا المشروع برنامج الحكومة المقبلة ويتضمن عدة محاور من ضمنها تشديد سياسة الهجرة وزيادة حادة في الإنفاق العسكري. aXA6IDQ1LjgyLjE5OS4zNCA= جزيرة ام اند امز PL

800 التزام دولي من قمة الإعاقة الثالثة في برلين
800 التزام دولي من قمة الإعاقة الثالثة في برلين

النهار

time١٤-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • النهار

800 التزام دولي من قمة الإعاقة الثالثة في برلين

عقدت القمة العالمية الثالثة للإعاقة على مدار يومين في 3 و 4 نيسان في برلين/ المانيا بتنظيم مشترك بين الدولة الألمانية والأردن. وتوصلت إلى إعلان ختامي تكلم عن رؤية المنعقدين لـ"عالم دامج للجميع" يتمتع فيه جميع أشخاص ذوو الإعاقة بحقوقهم المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية عبر التعاون الدولي وإلزام كل دولة الوفاء بالتزاماتها التي وقعت عليها في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عام 2006. أجندة القمة ضمت أكثر من 20 جلسة بعناوين مختلفة أبرزها "تعزيز الثقافات الديموقراطية الدامجة من خلال قيادة الأشخاص ذوي الإعاقة"، "بناء مدن مستقبلية دامجة"، "معالجة الوصم والتمييز والعنف ضد النساء ذوات الإعاقة". شارك في هذه القمة 800 دولة وحضر افتتاحها ملك الأردن عبدالله الثاني والمستشار الألماني أولاف شولتز ونائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد ورئيس التحالف الدولي للإعاقة (اللبناني) نواف كبارة. في حديث الى"النهار" أشار كبارة إلى أن "القمة هي فكرة أطلقت من قبل التحالف الدولي للإعاقة الذي أترأسه والذي يضم 14 منظمة دولية، والهدف منها الحصول على التزامات بتنفيذ مجموعة أمور تهدف الى دمج ذوي الإعاقات أكثر وأكثر في مجتمعاتهم في كل المجالات على مدى 3 سنوات وذلك لضمان تنفيذ الاتفاقية حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة". وبحسب كبارة "حصلنا في هذه القمة على 800 التزام من الدول وأهميتها أنها حصلت في توقيت يعاني فيها العالم من تراجع بالاهتمام في قضايا حقوق الإنسان خصوصا في الولايات المتحدة الأميركية". يذكر أن هذه القمة هي الثالثة، فعام 2018 عقدت في لندن وعام 2021 عقدت عن بعد بسبب جائحة كورونا وقد تقرر أن تعقد القمة الرابعة عام 2028 في قطر، لتكون أول قمة تعقد في بلد عربي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store