logo
#

أحدث الأخبار مع #إيزنهاور

من ملفات الحرب العالمية الثانية 'معركة خط مارث… إنتصار الإرادة والتحدي'
من ملفات الحرب العالمية الثانية 'معركة خط مارث… إنتصار الإرادة والتحدي'

دفاع العرب

time٢٩-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • دفاع العرب

من ملفات الحرب العالمية الثانية 'معركة خط مارث… إنتصار الإرادة والتحدي'

العميد صلاح الدين أبوبكر الزيداني مارث قرية وادعة من قرى الجنوب التونسي كانت في موعد مع التاريخ وأحداث نهاية الحرب العالمية الثانية حيث دارت على الخط الدفاعي الذي حمل إسمها أشرس المعارك بين قوات دول الحلفاء والمحور , جاءت تلك الأحداث عقب الإنتصار البري الحاسم لقوات الحلفاء في معركة العلمين في مصر والتي كان من أهم نتائجها تراجع قوات المحور 'الألمانية والإيطالية' إلى شمال ليبيا ومن ثم إلى تونس في نوفمبر 1942م و إستمرار قوات الجيش الثامن البريطاني في مطاردة قوات المحور بعد معركة العلمين. في الجهة الأخرى كانت القوات الأمريكية وقوات الحلفاء تقوم بإنزال قواتها في تونس ولكن هذه القوات لم تنجح في الاستيلاء على بعض الموانئ المهمة مثل 'بنزرت' القريبة من الجزائر و'تونس' العاصمة في عملية غزو سريعة بدأت بإنزال قوات أمريكية وبريطانية في الجزائر تحت قيادة الجنرال إيزنهاور وكان هدفها التقدم بسرعة لإحتلال موانيء تونس لتوجيه ضربة حاسمة لمؤخرة قوات رومل المنسحبة أمام الجيش الثامن البريطاني وايقاعها بين فكي كماشة للقضاء عليها. في 14 يناير1943م عقد مؤتمر لقادة الحلفاء في الدار البيضاء بالمغرب وتم خلاله وضع جميع قوات الحلفاء في شمال أفريقيا تحت قيادة عامة موحدة بإمرة الجنرال إيزنهاور وبذلك أصبحت عمليات الجيش الثامن وعمليات القوات المتحالفة في تونس مرتبطة ببعضها وعملياتها منسقة بشكل تام تحت قيادة موحدة، وفي منتصف فبراير زار نائب القائد العام لقوات الحلفاء الجنرال الكسندر طرابلـس وأعـطى تعليـماته للجـنرال مونتجمري عن العمليات القتالية التي ستجري لاحقاً وتضمنت تلك التعليمات إعطاء الأسبقية للجيش الثامن لإستكمال نواقصه لغرض تمكينه من التقدم إلى السهل الساحلي التونسي نحو صفاقس وسوسه وذلك لأن الجيش الأول وباقي قوات التحالف لم تكن مستعدة للتحرك والقيام بعمليات هجومية رئيسية في تونس خاصة وأن حالة الطقس الشتوية لم تكن تساعد كثيراً على ذلك. وصف خط مارث الدفاعي : يرجع بناء خـط مارث الدفـاعي المحصن بمنطقة مارث التابعة لولاية قابس بالجنـوب التونسي، إلى ما بين عام 1936م وعام 1940م من قبل الجيوش الفرنسية قبل الحرب العالمية الثانية وذلك لصد أي هجوم محتمل على الأراضي التونسية من طرف القوات الإيطالية إنطلاقاً من الأراضي الليبية ، يمتد هذا الخط الذي سمي بخط ماجينو الصحراوي على طول 45 كلم يربط بين البحر ومرتفعات جبال مطماطة ويعتمد أساسا على وادي زقزاو ويحتوي على 40 نقطة حصينة للمشاة و8 حصون كبيرة للمدفعية و15 مركزا للقيادة و 28 نقطة مساندة بنيت كلّها بالإسمنت المسلح وعززت بمواقع المدفعية المضادة للدبابات ومدارج للطائرات المجهزة أنشأت في عمق كبير خلف مانع قوي من الألغام المضادة للدبابات والأفراد مسيج بالأسلاك الشائكة. تمتد الدفاعات الرئيسية للخط من البحر عند زازات لمسافة 22 ميل حتى تلال مطماطة المرتفعة في الغرب والتي يمكن منها الإشراف تماماً على السهل الساحلي وتعد مانعاً قوياً يصعب إختراقه إذ لايوجد فيها سوى عدد قليل من المدقات الصحراوية عبر ممرات ضيقة يصعب السير عبرها. تحرك الحلفاء من طرابلس : قرر الجنرال البريطاني مونتجمري عقب إحتلال ميناء طرابلس الضغط على قوات المحور غرباً وذلك بهدف الوصول إلى خط مارث وهو الخط الدفاعي الحصين للعدو والذي يعول عليه قادة قوات المحور كثيراً في صد قوات الحلفاء في تقدمهم . توقف الجيش البريطاني الثامن بقيادة الجنرال مونتجمري في قرية مدنين (جنوب تونس) للإعداد للهجوم الصعب على خط مارث والجيش الإيطالي الأول، وهو الذي يضم بقايا فيلق الصحراء الذي قاده المشير الألماني رومل والجيوش الإيطالية بقيادة الجنرال ميسي الذي حاول القيام بهجوم مضاد ، وعندما فشلت في ذلك انسحبت قوات المحور إلى خط مارث لانتظار الهجوم والتصدي له،بالنسبة لقوات الحلفاء فقد بدت الحاجة ملحة لتأمين عقدالمواصلات البرية والمطارات الأمامية المتواجدة في منطقة مدنين وحمايتها من أي هجوم مضاد ، ولكن نظراً للصعوبات الإدارية لم يكن مستطاعاً سوى دفع الفرقة 7 مدرعة غرباً والإحتفاظ بالفرقتين النيوزيلندية والفرقة 51 مشاة بجوار مدينة طرابلس لإعادة التنظيم والتدريب وتم بناءً على تلك الخطة الإستيلاء على مدينة زوارة بعد أن تقدمت الفرقة 7 مدرعة خلف مؤخرة الفرقتين 164 و90 الخفيفة ثم تمكنت قوة لكلير من الأستيلاء على نالوت ، يوم 31 يناير تقدمت القوات نحو تونس وواجهت مقاومة عنيفة من القوات الألمانية ولكن على الرغم من ذلك دخلت الفرقة 7 مدرعة مدينة بنقردان التونسية يوم 16 فبراير بينما كان اللواء 22 مدرع متقدماً نحو تطاوين وفي اليوم التالي شنت الفرقتان 51 والسابعة مدرعة هجوماً مركزاً على مدينة مدنين كان نتيجته سقوطها سريعاً في نفس اليوم. تعزيز خط مارث : أمام ضغط الجيش الثامن البريطاني بقيادة الجنرال مونتجمري قررت قيادة قوات المحور إعادة تسليح وتعزيز خط مارث الدفاعي، وأنجزت هذه العملية في وقت قصير نسبياً بين شهر نوفمبر 1942م وشهرمارس 1943م فتم تعبئة 7,000 رجل بين عسكريين وعمال مدنيين للقيام بأعمال التعزيز وإعادة التجهيز الهندسي فقاموا بحفر 25 كلم من الخنادق المضادة للدبابات وتهيئة مجاري وضفاف وادي زقزاو وروافده كما قاموا بوضع أسلاك شائكة على طول ما يقارب 100كلم وزرع 100,000 لغم مضاد للدبابات و70,000 لغما مضادا للأفراد فأستعاد خط مارث الدفاعي حيويته وقوته وأصبح يمثل مانعاً قوياً خاصة في حالة فيضان وادي زقزاو حيث تساند الطبيعة مع الإنسان لخلق مانع طبيعي وصناعي في الوقت ذاته. سارعت القيادة الألمانية بإرسال قوات برية وبحرية لحماية تونس وتأمين قوات روميل إلى جانب تأمين غطاء جوي لحمايته وفي منتصف شهر نوفمبر أصبح للألمان قوات كبيرة في تونس تقدر بحوالي 15 ألف جندي وقوة جوية كبيرة تعمل من خلال مطارات تونس وصقلية وتمكنت تلك القوات من إيقاف تقدم قوات الحلفاء بعد أن قامت بسلسلة من الهجمات المضادة العنيفة. كان عدد القوات المتحاربة على خط مارث تقارب ربع مليون مقاتل رجل من بينهم عدد 160,000 ألف رجل من قوات الحلفاء وعدد 76,000رجل من قوات المحور وكان جيش الحلفاء معززا بـ 750 دبابة و700 قطعة مدفع ميدان و1000 مدفع مضاد للدبابات و 535 طائرة بالإضافة إلى القطع البحرية الحربية،أما قوات المحور فقد كانت معززة بـ 150 دبابة و450 مدفع ميدان و 500 مدفع مضاد للدبابات و 123 طائرة. ويلاحظ هنا الفرق الكبير في تعداد قوات الحلفاء المعززه بالكثير من الأسلحة وذلك بما يزيد على الضعف وهذا من شأنه التأثير على مجريات الحرب كما لا ننسى حالة قوات المحور ومعنوياتهم الخائرة بإعتبارهم تلقوا ضربة قوية في معركة العلمين الثانية كان نتيجتها المباشرة تقهقرهم نحو الغرب. التمهيد للهجوم على خط مارث : أنتهز مونتجمري فرصة توقف العمليات العسكرية بعد إحتلال طرابلس للإستعداد للهجوم المنتظر وتضمنت تلك الإستعدادات تدريب القوات نظرياً وعملياً على كيفية إختراق الدفاعات واجتياز حقول الألغام وكيفية طلب المعاونة الجوية عملياً إذا أقتضى الأمر ذلك ، كما شرع في تمهيد المطارات الحربية وإنشاء المخازن في المناطق الأمامية وخاصة بنقردان والتي تم إختيارها لتكون قاعدة إدارية للعمليات الهجومية على خط مارث،كان تحديد موعد الهجوم متوقفاً على موعد إتمام عمليات حشد الفيلق 10 في طرابلس إذ أن ميناء المدينة لم يكن قد فتح تماماً ليتم تزويد قوات الفيلق 10 بما تحتاجه مباشرة وكان الفيلق يعتمد بشكل أساسي على حملات الفيلق العاشر التي كانت تعمل بين طرابلس وبنغازي ونتيجة لذلك أتضح بأنه لن يمكن حشدالفيلق 10 قبل منتصف مارس وبالتالي لا يمكن بدءالهجوم على خط مارث قبل يوم 20 مارس،كان أي هجوم موجه ضد خط مارث سيصادف دفاعات قوية جداً قد لا يكون من السهل التغلب عليها بدون تكبد خسائر فادحة ، كما كانت فكرة تطويق الخط الدفاعي والتقدم بين جبلي ميلاب وطباقة بما يعرف بممر طباقة أمراً صعباً فهي تعني التقدم مسافة 150 ميلاً في أرض صحراوية لا ماء فيها وربما لذلك كان رأي العسكريين الفرنسيين إستحالة استغلال تلال مطماطة ، إلا أن رئاسة الجيش الثامن لم تأخذ برأي الفرنسيين بإعتباره كان مبنياً على أساس إستخدام العربات التي كانت متوفرة قبل بدء الحرب وكان قد تم تحديث العربات وأصبح هناك أمل في إمكانية إختراق تلال مطماطة بإستخدام العربات الحديثة التي قاتل بها الجيش الثامن في الصحراء الغربية بين ليبيا ومصر وبناءً على تلك المعلومات كلفت مجموعة الصحراء بعيدة المدى بالقيام بسلسلة عمليات إستطلاعية في المنطقة وقامت المجموعة بعملياتها وأوضحت تقاريرها على إمكانية تطويق خط مارث وعلى هذا الأساس وضع مونتجمري خطة الهجوم على هذا الخط. أحتلت خط مارث 4 فرق إيطالية والفرقة 90 الخفيفة التي كانت في مواقعها من جهة الغرب للطريق الرئيسي المار عبر مارث وأحتلت الفرقة 164 مشاة مواقع دفاعية في التلال إلى الغرب من خط مارث نفسه بينما حشدت الفرقة 15 بانزر في الإحتياطي شمال قرية مارث،كانت خطة الهجوم البريطانية ترتكز بشكل رئيسي على الآتي : خطة الهجوم على خط مارث: بنيت الخطة على أساس توجيه ضربتين قويتين إحداهما ضد الطرف الشرقي لخط مارث والثانية إلى مؤخرته مع الإحتفاظ بقوة مدرعة لإستغلال نجاح أي من الهجومين وشاركت فيها عدة وحدات مقاتلة. 1.قيام الفيلق 30 بالهجوم على القوات الإيطالية في خط مارث. 2.تطويق الفرقة الثانية النيوزيلندية لخط مارث وإختراق ثغرة ميلاب – طباقة والتوجه نحو قابس لتهديد مؤخرة قوات المحور في خط مارث. 3.بقاء الفيلق العاشر في الإحتياطي على إستعداد للتقدم نحو ثغرة قابس. 4.قيام الفيلق الثاني الأمريكي بهجوم تثبيتي في قطاع قفصه لمنع القيادة الألمانية من سحب قواتها في هذا القطاع لتعزيز جبهة مارث. وكانت الخطة التفصيلية للهجوم على خط مارث على النحو التالي : 1 ـ الفيلق 30 يقوم بالهجوم على خط مارث بواسطة الفرقة 50 يعاونها اللواء 23 مدرع وذلك لغرض تثبيت القوات الألمانية والإيطالية في مواقعها وتحويل أنظارها عن القوات التي ستقوم بعملية التطويق بينما تقوم الفرقة 51 بعمل قاعدة للهجوم نحو العدو. 2 ـ الفيلق النيوزيلندي : ويضم الفرقة النيوزيلندية واللواء الثامن مدرع وقوة لكلير والوحدات المساندة لها وكان الواجب الملقى عليها هو تطويق خط مارث متقدمة من فم تطاوين ثم تتجه شمالاً نحو ثغرة ميلاب طباقة ثم قابس وبذلك يمكن تدمير جميع وحدات قوات المحور في جبهة مارث. 3 ـ الفيلق العاشرالمدرع : ويتألف من الفرقة الأولى والفرقة السابعة مدرعة واللواء الرابع مدرع الخفيف ويكون في الإحتياطي لوصل جناحي الجيش الثامن وعلى إستعداد لتعزيز الفيلق النيوزيلندي أثناء تقدمه نحو قابس . 4 ـ تعزز العمليات البرية بهجمات جوية قوية تستغل فيها القوات الجوية المتحالفة والمتمركزة في شمال أفريقيا. الهجوم على خط مارث : كانت بداية المعركة يوم 16 /3/ 1943 عندما قام الجيش الثامن البريطاني بهجوم علـى خـط مـارث وذلـك عـلى محوريـن الأول على المنطقة الساحلية بين بلدة مارث والبحر، أما الثاني فيتمثل في عملية التطويق عبر الظهر التونسي ، اشتدّت ضراوة المعركة يومي 20-21 مارس 1943م عندما حاول الجيش الثامن البريطاني عبور وادي زقزاو المحصن لكنه واجه مقاومة كبيرة من طرف قوات المحور بقيادة الجنرال ميسي جرت عدة تحركات عملياتية في المنطقة بغية إفشال خطة الهجوم البريطانية وذلك بعد أن تنبه روميل لتحركات قوات الحلفاء , ولكن شاء القدر أن تنجح القوات البريطانية في عملية التطويق التي قامت بها عبر ممر الحامة طباقة وتمكّن الجيش الثامن البريطاني من تجاوز خط مارث مما أجبر قوات المحور على إخلاء مواقعها الدفاعية بخط مارث والتراجع باتجاه الشمال وبذلك أنتهت المعركة يوم 28 مارس 1943م حيث بدأ الجيش الالماني في الانهيار وتمّ حصر جيوش المحور (الألمان والايطاليين) بمنطقة الوطن القبلي التونسي حيث نفذت ذخائرها ومؤنها ، توجه بعض منها نحو الساحل بالقرب من بنزرت وعندما استحال على المنهزمين الإبحار إلى ايطاليا استسلمت قوات المحور في تونس في 12 مايو والتي تشكل ما مجموعه عدد 28,000 جندي إيطالي وعدد 10,000 جندي ألماني مع الجنرال فون أرنيم بعد ثلاث سنوات من القتال وإلفي كيلومتر من موقع العلمين لتنتهي بذلك الحرب في منطقة شمال إفريقيا. نتائج معركة خط مارث : 1 ـ جاءت معركة خط مارث في مارس 1943م حاسمة لمصير الحرب وسميت بالتاريخية لأنها كانت مفصلاً هامة في سير أحداث الحرب العالمية الثانية في شمال المتوسط بإعتبارها آخر أكبر المواجهات بين قوات الحلفاء والمحور قبل معركة وادي العكاريت وهو ما كشفه تلك التحصينات الدفاعية الضخمة بمختلف أنواعها وما جرى بعدها من أحداث تسارعت لتنهي حرباً كونية أرهقت العالم وسميت بالثانية. 2 ـ تعتبر من أحسن الأمثلة الواقعية التي طبقت فيها قاعدة الإحتفاظ بالمباداة والتي أحد مفاهيمها القدرة على تحويل ثقل الهجوم الرئيسي بسرعة وفعالية إلى النقطة الأضعف في جبهة العدو ، وهذا المفهوم لا يتحقق إلا بوجود قوة إحتياطية بيد قائد المعركة ليستطيع دفعها وتحريكها تجاه النقطة الأضعف للعدو في اللحظة الحاسمة. 3 ـ كانت مجريات المعركة وتحرك الوحدات خلالها مثالاً حياً على أهمية خفة الحركة والمرونة العالية في الوصول إلى نقاط العدو وتحصيناته والإلتفاف حولها وضربه لتحقيق النجاح. 4 ـ تعتبر مسألة تقدير الوقت وفقاً للمسافات التي تقطعها الوحدات في بيئة مشابهة لبيئة المعركة عاملا هاماً لفشل أو نجاح أية عمليات حربية مشابهة وفي هذه المعركة تم تقدير الوقت وحسابه بدقة مما أعطى نتائج جيدة خلال المعركة. 5 ـ تم في هذه المعركة وللمرة الأولى في تاريخ الحرب في شمال أفريقيا بين قوات المحور والحلفاء إستخدام المقاتلات الجوية لواجب المعاونة المباشرة للقوات الأرضية أثناء الهجوم . DIGITAL CAMERA المتحف العسكري لخط مارث الدفاعي : لا زالت تلك المواقع العسكرية بمارث تعد إرثا إنسانيا مهماً، يخلد أحداث تاريخية مهمة مرت بها المنطقة وكان لها دور بارز في مجمل الأحداث التي ساهمت بالفعل في نهاية الحرب العالمية الثانية وغيرت وجه العالم. وإحيـاءً لذكـرى معركة خط مارث الدفاعي شيد في منطقة مارث القريبة من ولاية قابس بالجنوب التونسي متحفاً عسكري يعد نموذجاً متميزاً للإبداع يقع على الطريق الوطنية رقم 1 والتي تصل ليبيا بالشقيقة تونس ويستقبل الزوار بشكل يومي ويقدم لهم نبذة مختصرة عن الأعمال التي سبقت المعركة وما حدث خلال معركة مارث وما بعدها . أثناء زيارتي إلى الشقيقة تونس وعند مروري بمنطقة مارث قمت بزيارة المتحف العسكري لخط مارث الدفاعي وأطلعت على محتوياته والمتمثلة في خرائط ضوئية مجسمة توضح كافة العمليات والتحركات التي جرت في المنطقة حتى سقوط الخط الدفاعي ومخططات لكافة العمليات التي دارت بين مختلف تشكيلات قوات المحور والحلفاء المشتركة في المعركة بدءاً من عمليات التحشد وحتى سقوط الخط ويحوي المتحف أيضاً صوراً فوتوغرافية للمعركة . تتوفر بالمتحف صور قادة قوات المحور والحلفاء المشاركين في المعركة ونماذج من الأزياء العسكرية والأسلحة الخفيفة التي كان يستخدمها جنود وضباط تلك القوات إلى جانب نماذج مصغرة من أنواع الأسلحة التي أستخدمت في المعركة ، إلى جانب عرض ضوئي متحرك على خرائط عسكرية مجسمة يبين مراحل الهجوم وتقدم القوات خلال المعركة وكذلك نماذج حقيقية لأسلحة المدفعية المشاركة في المعركة معروضة خارج قاعات المتحف بجانب عدد من النقاط الحصينة القريبة. على الرغم من صغر مساحة الصالة المخصصة للعرض إلا أنه ومن خلال الشرح والإيضاح الذي يقدمه أحد القائمين على المتحف لأحداث المعركة وظروفها ومراحلها والذي ينقلك إلى الأجواء الحقيقية لتلك المعركة القوية ويشعرك وكأنك داخل غرفة عمليات عسكرية مجهزة بخرائط تفصيلية عن موقف قوات المحور والحلفاء بما يثير فيك الإحساس بأهمية التوثيق ودراسة المعارك التي جرت في منطقة شمال أفريقيا لإستخلاص العبر والدروس والمحافظة على مثل هذه المعالم التاريخية الهامة التي تعزز الشعور الوطني وقيمة الوطن ومعنى الحرية والإستقلال والدفاع عنها وبذل الغالي والرخيص في سبيلها .

رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية
رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية

العرب اليوم

time١٠-٠٢-٢٠٢٥

  • سياسة
  • العرب اليوم

رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية

توافد على البيت الأبيض بواشنطن العديد من الرؤساء بدءًا من الرئيس جورج واشنطن وصولاً إلى الرئيس السابع والأربعين دونالد ترامب، وقد ارتبط كل رئيس بصفات معينة وشخصية مستقلة، ولعلى أستعين هنا بعامل المعاصرة فأكتب عن الرؤساء الذين عاصرتهم عن بُعد وامتلكت الوعى لمتابعة مسيرتهم، بدءًا من الرئيس دوايت إيزنهاور الذى كان قائدًا لقوات الأطلنطى فى الحرب العالمية الثانية ووصل إلى منصب الرئاسة الأمريكية وهو يحمل رتبة الجنرال بتاريخ عسكرى طويل، وإذا كان لابد من الحديث عن الرؤساء فإننى أبدأ بذلك العسكرى الأمريكى الشجاع الذى نذكر له فى العقل العربى دعمه المستتر لخلاص المنطقة من الوجود البريطانى الفرنسى أو ما نعبر عنه بمبدأ إيزنهاور أو نظرية الفراغ فى الشرق الأوسط حتى جاءت النقلة النوعية بين الأجيال واحتدم التنافس بين ريتشارد نيكسون نائب الرئيس وجون كيندى ابن العائلة الأمريكية المعروفة والذى وصل إلى المنصب الرفيع فى سنٍ مبكرة نسبيًا بعد أن فاز على منافسه نيكسون. اتسمت فترة الرئيس كيندى بالروح الجديدة التى نفخها الرئيس الشاب فى الإدارة الأمريكية وإذا كان سلفه إيزنهاور هو الذى أمر إسرائيل بالانسحاب من سيناء بعد مؤامرة العدوان الثلاثى عام 1956 فإن جون كيندى هو الذى تبادل الرسائل مع عبدالناصر والتى جاء فيها العبارة الشهيرة عن وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا فى 2 نوفمبر 1917 حين قال الرئيس المصرى فى رسالته لنظيره الأمريكى (إن ذلك كان وعدًا ممن لا يملك لمن لا يستحق). لقد لقى جون كيندى مصرعه فى تكساس فى حادث غامض حتى الآن وتساءل الكل هل قتله اليمين المتطرف الذى يرفض التغيير ولا يقبل الفكر الجديد؟ أم هو اللوبى اليهودى الذى كان يضيق بجون كيندى بعد تبادله رسائل خشنة مع بن جوريون، أم هى عناصر من دولة كوبا رأى بعضها المخاطر المحتملة من حكم ذلك الرئيس المختلف عن سابقيه، خصوصًا بعد احتدام الحرب الباردة والمرور بأزمة خليج الخنازير عام 1962 حيث لقى كيندى مصرعه فى العام التالى لذلك مباشرة، وجاء خلفه فى المنصب نائبه ليندون جونسون الذى كان يكن كراهية شديدة للعرب ويعوم مع التيار الداعم لدولة إسرائيل. أتذكر الآن قصة طريفة وهى عندما كنت أعمل مع الرئيس الراحل مبارك سكرتيرًا سياسيًا له جاء القاهرة زائرًا نائب الرئيس الأمريكى ريجان، وكان هو جورج بوش سفير أمريكا السابق فى الصين ومندوبها فى الأمم المتحدة ورئيس جهاز الاستخبارات قبل أن يصبح نائبًا للرئيس ريجان، وأتذكر حفل العشاء الذى أقامه الرئيس المصرى على شرف نائب الرئيس الأمريكى وجاءت جلستى فى إحدى الموائد الرئيسية إلى جانب ضيف أمريكى حاولت أن أتعرف على وظيفته فقال لى إنه عضو الجهاز القضائى وأنه محلف أمريكى فقلت له وما علاقتك بطبيعة هذه الزيارة فقال لى إنه قد أصبح تقليدًا لديهم فى الولايات المتحدة الأمريكية إيفاد قاضٍ محلف مع نائب رئيس الجمهورية فى تنقلاته منذ اغتيال كيندى حتى إذا حدث مكروه للرئيس مثلما جرى مع جون كينيدى فإن نائبه يؤدى القسم على أى أرض أمريكية يوجد عليها حتى لو كانت سفارة لبلاده فى الخارج أو على ظهر سفينة ترفع العلم الأمريكى أو على متن طائرة، وعجبت كثيرًا من هذا الاحتياط الزائد الذى يجعل الأمريكيين يعتبرون موكب الرئيس الأمريكى قطعة مصغرة من الولايات المتحدة الأمريكية سياسيًا وأمنيًا وثقافيًا. لقد عاصر ليندون جونسون حرب 1967 وكان قاسيًا على العرب كعادته، ثم خلفه فى البيت الأبيض الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون صاحب الخبرة الطويلة فى السياسة الخارجية والتمرس الدبلوماسى وهو الذى عاصر حرب التحرير فى أكتوبر 1973 وكان معتمدًا إلى حد كبير على مستشاره للأمن القومى والذى أصبح وزير خارجيته داهية الدبلوماسية هنرى كيسنجر، ولكن نيكسون لم يكمل فترته الثانية إذ أطاحت به قصة ووتر جيت ليأتى خلفًا له نائبه جيرالد فورد الذى كان رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية دون أن يفوز فى أى انتخابات بل كان بعض الأمريكين يتندرون عليه قائلين إنه محدود الذكاء إلى حد أنه لا يستطيع أن يمشى وهو يمضغ قطعة (علكة)، فلابد أن يتفرغ لأحد الأمرين!. وقد تلاه رئيس يتميز بنزعة أخلاقية عالية وحس إنسانى دينى هو الرئيس جيمى كارتر القادم من بيئة ريفية بولاية أتلانتا والذى أمضى فى الرئاسة فترة واحدة حيث كانت أزمة الرهائن الأمريكان فى طهران وفشله فى حل المشكلة سببًا فى خسارته للانتخابات وتولى رونالد ريجان الممثل الأمريكى المغمور سدة الرئاسة، مع نائبه ذى الخبرة الدبلوماسية الطويلة جورج بوش الأب، ولابد أن نتذكر هنا أن جيمى كارتر كان هو عراب اتفاقية كامب ديفيد والراعى الأمريكى للمفاوضات المصرية الإسرائيلية هناك، كما نتذكر هنا أن الرئيس السادات -رحمه الله- كان قريبًا من كل الرؤساء الأمريكيين المعاصرين له حتى حضر جنازته فى القاهرة الأحياء منهم فى ذلك الوقت وكانوا أربعة على طائرة واحدة خلافًا لما تقضى به كل تقاليد الأمان فى الطيران بالنسبة للرؤساء الأمريكيين السابقين أو حتى الشخصيات الهامة وكبار المسئولين من الولايات المتحدة الأمريكية. وقد خلفه فى الانتخابات نائبه جورج بوش الأب الذى عاصر حرب العراق مع الكويت حتى تحريرها واتخذ مواقف برزت فيها خبرته وقدرته على أن يكون رجل دولة رفيع المستوى ومع ذلك لم يفز بفترة رئاسة تالية لأن معيار الاختيار لدى المواطن الأمريكى ليس هو السياسة الخارجية بقدر ما هى نتائج السياسات الداخلية والوضع الاقتصادى عمومًا، وقد تلاه رئيس شاب هو بيل كلينتون الذى يحمل فى اسمه لقب زوج أمه وكان له جاذبية خاصة متحدثًا ومفاوضًا، وقد تولى بعده الرئاسة جورج بوش الابن بعد جدل انتخابى كبير عند إعلان النتيجة فيما يتصل بأصوات فلوريدا حتى حسم القضاء الأمريكى الأمر لصالح بوش الابن وخسارة منافسه آل جور نائب الرئيس السابق، وقد اقترنت فترة جورج بوش الابن بمواجهات عنيفة وصدامات كثيرة على امتداد خريطة الشرق الأوسط وغرب آسيا، فهو الرئيس الذى عاصر حادث 11 سبتمبر 2001 وبرزت فى عهده بعض الممارسات الإرهابية وما نجم عنها من حروب وصراعات إقليمية، ثم بزغ نجم شاب أمريكى من أصول إفريقية وهو متحدث بارع وخطيب مفوّه جاء جده المهاجر من كينيا إلى الولايات المتحدة عام 1964 ليكون باراك ابن حسين أوباما هو الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية فى ظل حفاوة دولية كبيرة وحسن استقبال من العالمين العربى والإسلامى. ولقد شهدت شخصيًا خطاب أوباما الذى وجهه إلى العالم الإسلامى وشعوبه قاطبة من فوق منصة القاعة الكبرى لجامعة القاهرة وتفاءلنا يومها خيرًا إلا أنه وقد كان صاحب شخصية متميزة وخطاب سياسى مؤثر لم يترك لذلك التفاؤل الذى كان لدى المسلمين والعرب فى أنحاء العالم أن يبقى طويلاً، بل برزت فى عهده نظرية الفوضى الخلاقة التى تبنتها من قبل وزيرة خارجية بوش الابن كوندليزا رايس ومؤداها أن السبيل الأفضل لحكم العالم الإسلامى هو العودة إلى النموذج التركى الذى يسمح بسيطرة ما يسمونه الإسلام السياسى المعتدل بديلاً عن الأنظمة القمعية بين ديكتاتوريات المنطقة.

رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية
رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية

مصرس

time١٠-٠٢-٢٠٢٥

  • سياسة
  • مصرس

رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية

توافد على البيت الأبيض بواشنطن العديد من الرؤساء بدءًا من الرئيس جورج واشنطن وصولاً إلى الرئيس السابع والأربعين دونالد ترامب، وقد ارتبط كل رئيس بصفات معينة وشخصية مستقلة، ولعلى أستعين هنا بعامل المعاصرة فأكتب عن الرؤساء الذين عاصرتهم عن بُعد وامتلكت الوعى لمتابعة مسيرتهم، بدءًا من الرئيس دوايت إيزنهاور الذى كان قائدًا لقوات الأطلنطى فى الحرب العالمية الثانية ووصل إلى منصب الرئاسة الأمريكية وهو يحمل رتبة الجنرال بتاريخ عسكرى طويل، وإذا كان لابد من الحديث عن الرؤساء فإننى أبدأ بذلك العسكرى الأمريكى الشجاع الذى نذكر له فى العقل العربى دعمه المستتر لخلاص المنطقة من الوجود البريطانى الفرنسى أو ما نعبر عنه بمبدأ إيزنهاور أو نظرية الفراغ فى الشرق الأوسط حتى جاءت النقلة النوعية بين الأجيال واحتدم التنافس بين ريتشارد نيكسون نائب الرئيس وجون كيندى ابن العائلة الأمريكية المعروفة والذى وصل إلى المنصب الرفيع فى سنٍ مبكرة نسبيًا بعد أن فاز على منافسه نيكسون. اتسمت فترة الرئيس كيندى بالروح الجديدة التى نفخها الرئيس الشاب فى الإدارة الأمريكية وإذا كان سلفه إيزنهاور هو الذى أمر إسرائيل بالانسحاب من سيناء بعد مؤامرة العدوان الثلاثى عام 1956 فإن جون كيندى هو الذى تبادل الرسائل مع عبدالناصر والتى جاء فيها العبارة الشهيرة عن وعد بلفور وزير خارجية بريطانيا فى 2 نوفمبر 1917 حين قال الرئيس المصرى فى رسالته لنظيره الأمريكى (إن ذلك كان وعدًا ممن لا يملك لمن لا يستحق).لقد لقى جون كيندى مصرعه فى تكساس فى حادث غامض حتى الآن وتساءل الكل هل قتله اليمين المتطرف الذى يرفض التغيير ولا يقبل الفكر الجديد؟ أم هو اللوبى اليهودى الذى كان يضيق بجون كيندى بعد تبادله رسائل خشنة مع بن جوريون، أم هى عناصر من دولة كوبا رأى بعضها المخاطر المحتملة من حكم ذلك الرئيس المختلف عن سابقيه، خصوصًا بعد احتدام الحرب الباردة والمرور بأزمة خليج الخنازير عام 1962 حيث لقى كيندى مصرعه فى العام التالى لذلك مباشرة، وجاء خلفه فى المنصب نائبه ليندون جونسون الذى كان يكن كراهية شديدة للعرب ويعوم مع التيار الداعم لدولة إسرائيل.أتذكر الآن قصة طريفة وهى عندما كنت أعمل مع الرئيس الراحل مبارك سكرتيرًا سياسيًا له جاء القاهرة زائرًا نائب الرئيس الأمريكى ريجان، وكان هو جورج بوش سفير أمريكا السابق فى الصين ومندوبها فى الأمم المتحدة ورئيس جهاز الاستخبارات قبل أن يصبح نائبًا للرئيس ريجان، وأتذكر حفل العشاء الذى أقامه الرئيس المصرى على شرف نائب الرئيس الأمريكى وجاءت جلستى فى إحدى الموائد الرئيسية إلى جانب ضيف أمريكى حاولت أن أتعرف على وظيفته فقال لى إنه عضو الجهاز القضائى وأنه محلف أمريكى فقلت له وما علاقتك بطبيعة هذه الزيارة فقال لى إنه قد أصبح تقليدًا لديهم فى الولايات المتحدة الأمريكية إيفاد قاضٍ محلف مع نائب رئيس الجمهورية فى تنقلاته منذ اغتيال كيندى حتى إذا حدث مكروه للرئيس مثلما جرى مع جون كينيدى فإن نائبه يؤدى القسم على أى أرض أمريكية يوجد عليها حتى لو كانت سفارة لبلاده فى الخارج أو على ظهر سفينة ترفع العلم الأمريكى أو على متن طائرة، وعجبت كثيرًا من هذا الاحتياط الزائد الذى يجعل الأمريكيين يعتبرون موكب الرئيس الأمريكى قطعة مصغرة من الولايات المتحدة الأمريكية سياسيًا وأمنيًا وثقافيًا.لقد عاصر ليندون جونسون حرب 1967 وكان قاسيًا على العرب كعادته، ثم خلفه فى البيت الأبيض الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون صاحب الخبرة الطويلة فى السياسة الخارجية والتمرس الدبلوماسى وهو الذى عاصر حرب التحرير فى أكتوبر 1973 وكان معتمدًا إلى حد كبير على مستشاره للأمن القومى والذى أصبح وزير خارجيته داهية الدبلوماسية هنرى كيسنجر، ولكن نيكسون لم يكمل فترته الثانية إذ أطاحت به قصة ووتر جيت ليأتى خلفًا له نائبه جيرالد فورد الذى كان رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية دون أن يفوز فى أى انتخابات بل كان بعض الأمريكين يتندرون عليه قائلين إنه محدود الذكاء إلى حد أنه لا يستطيع أن يمشى وهو يمضغ قطعة (علكة)، فلابد أن يتفرغ لأحد الأمرين!.وقد تلاه رئيس يتميز بنزعة أخلاقية عالية وحس إنسانى دينى هو الرئيس جيمى كارتر القادم من بيئة ريفية بولاية أتلانتا والذى أمضى فى الرئاسة فترة واحدة حيث كانت أزمة الرهائن الأمريكان فى طهران وفشله فى حل المشكلة سببًا فى خسارته للانتخابات وتولى رونالد ريجان الممثل الأمريكى المغمور سدة الرئاسة، مع نائبه ذى الخبرة الدبلوماسية الطويلة جورج بوش الأب، ولابد أن نتذكر هنا أن جيمى كارتر كان هو عراب اتفاقية كامب ديفيد والراعى الأمريكى للمفاوضات المصرية الإسرائيلية هناك، كما نتذكر هنا أن الرئيس السادات -رحمه الله- كان قريبًا من كل الرؤساء الأمريكيين المعاصرين له حتى حضر جنازته فى القاهرة الأحياء منهم فى ذلك الوقت وكانوا أربعة على طائرة واحدة خلافًا لما تقضى به كل تقاليد الأمان فى الطيران بالنسبة للرؤساء الأمريكيين السابقين أو حتى الشخصيات الهامة وكبار المسئولين من الولايات المتحدة الأمريكية.وقد خلفه فى الانتخابات نائبه جورج بوش الأب الذى عاصر حرب العراق مع الكويت حتى تحريرها واتخذ مواقف برزت فيها خبرته وقدرته على أن يكون رجل دولة رفيع المستوى ومع ذلك لم يفز بفترة رئاسة تالية لأن معيار الاختيار لدى المواطن الأمريكى ليس هو السياسة الخارجية بقدر ما هى نتائج السياسات الداخلية والوضع الاقتصادى عمومًا، وقد تلاه رئيس شاب هو بيل كلينتون الذى يحمل فى اسمه لقب زوج أمه وكان له جاذبية خاصة متحدثًا ومفاوضًا، وقد تولى بعده الرئاسة جورج بوش الابن بعد جدل انتخابى كبير عند إعلان النتيجة فيما يتصل بأصوات فلوريدا حتى حسم القضاء الأمريكى الأمر لصالح بوش الابن وخسارة منافسه آل جور نائب الرئيس السابق، وقد اقترنت فترة جورج بوش الابن بمواجهات عنيفة وصدامات كثيرة على امتداد خريطة الشرق الأوسط وغرب آسيا، فهو الرئيس الذى عاصر حادث 11 سبتمبر 2001 وبرزت فى عهده بعض الممارسات الإرهابية وما نجم عنها من حروب وصراعات إقليمية، ثم بزغ نجم شاب أمريكى من أصول إفريقية وهو متحدث بارع وخطيب مفوّه جاء جده المهاجر من كينيا إلى الولايات المتحدة عام 1964 ليكون باراك ابن حسين أوباما هو الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية فى ظل حفاوة دولية كبيرة وحسن استقبال من العالمين العربى والإسلامى.ولقد شهدت شخصيًا خطاب أوباما الذى وجهه إلى العالم الإسلامى وشعوبه قاطبة من فوق منصة القاعة الكبرى لجامعة القاهرة وتفاءلنا يومها خيرًا إلا أنه وقد كان صاحب شخصية متميزة وخطاب سياسى مؤثر لم يترك لذلك التفاؤل الذى كان لدى المسلمين والعرب فى أنحاء العالم أن يبقى طويلاً، بل برزت فى عهده نظرية الفوضى الخلاقة التى تبنتها من قبل وزيرة خارجية بوش الابن كوندليزا رايس ومؤداها أن السبيل الأفضل لحكم العالم الإسلامى هو العودة إلى النموذج التركى الذى يسمح بسيطرة ما يسمونه الإسلام السياسى المعتدل بديلاً عن الأنظمة القمعية بين ديكتاتوريات المنطقة.أعتقد أن ما يجرى حاليًا فى سوريا وغيرها من البقاع العربية والإسلامية ينحو هو الآخر ببطء نحو ذلك العالم الجديد الذى يبشر به رئيس أمريكى عنيف فى قراراته غريب فى مواقفه متشدد تجاه خصومه وحلفائه أيضًا، إنه دونالد ترامب الرئيس المتفرد بصفات مختلفة وأساليب متعددة ورؤى متناقضة!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store