أحدث الأخبار مع #ابنقُدَامَة


مستقبل وطن
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- مستقبل وطن
«الإفتاء» توضح حكم كتابة بعض الآيات القرآنية والأذكار على كفن المتوفى
ورد سؤالٌ لدار الإفتاء المصرية، جاء مضمونه: "ما حكم كتابة بعض الآيات والأذكار على الكفن؟ فقد توفي رجلٌ، وبعد تكفينه اقترح بعضُ الحاضرين أن يُكتب شيءٌ من آيات القرآن الكريم والذكر على الكفن بغرض أن يكون ذلك نافعًا وشفيعًا له في القبر، ومع أننا لم نفعل ذلك، لكننا نسأل: هل هذا جائزٌ شرعًا؟". وجاء رد دار الإفتاء المصرية على النحو التالي: "كتابةُ بعض آيات القرآن الكريم أو غيرها مما يشتمل على صيغ الذكر وأسماء الله تعالى على الكفن حرامٌ شرعًا، ولا يجوز الإقدام عليها؛ لما فيه من تعريض الآيات والذكر للامتهان والتنجيس بمُلاقاة الصديد الخارج من بدن الميت والدم ونحو ذلك". حث الشرع على تكفين الميت في الثياب الحسنة الكَفَن: هو لِباس الميت، والتَّكفِينُ: لَفُّ الميت بالكفن، وقد شُرع لستر الميت، واتفق الفقهاء على أنَّ تكفين الإنسان وستره عند موته فرضُ كفاية، إذا قام به البعض سقط الحرج عن الباقين، وأنَّه حقٌّ واجبٌ على الأحياء؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بذلك، ولأن حُرمة الإنسان ميتًا كحرمته حيًّا، والسُّترة واجبة في الحياة، فكذلك بعد الموت. قال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (2/ 388، ط. مكتبة القاهرة): [ويجب كفن الميت؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر به، ولأنَّ سترته واجبة في الحياة، فكذلك بعد الموت] اهـ. وقال الحافظ العِرَاقِي في "طرح التثريب" (3/ 271، ط. دار الفكر): [تكفين الميت: وقد أجمع المسلمون على وجوبه، وهو فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الحرج عن الباقين] اهـ. وقد حثَّ الشرع الشريف على استحباب تكفين الميت بالثياب الحسنة، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ» أخرجه الإمام مسلم. ومن جُملة ذلك أن يكون الكفن أبيض، سواءٌ كان جديدًا أو مغسولًا، لكن الجديد أفضل؛ لما تقدم من أمرِ الشَّارِعِ بتحسِينِ الكفن. يُنظر: "مراقي الفلاح" للإمام الشُّرُنْبُلَالِي الحنفي (ص: 216، ط. المكتبة العصرية)، و"شرح مختصر خليل" للإمام الخَرَشِي المالكي (2/ 125، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي (2/ 16، ط. دار الكتب العلمية)، و"كشاف القناع" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (2/ 124، ط. دار الكتب العلمية). حكم كتابة القرآن والذكر على الكفن كتابة القرآن والذكر على الكفن مما لا يتفق مع ما أمرنا الله سبحانه وتعالى به من تعظيم شعائره واحترامها وحُسن التعامل معها، حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32]، فالقرآن الكريم والذكر من شعائر الله التي جعل تعظيمها علامة على تقوى العبد، وقد بيَّن سبحانه مكانة القرآن العُظمى، فقال تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الزخرف: 4]. قال الإمام ابن كَثِير في "تفسير القرآن العظيم" (7/ 218، ط. دار طيبة): [بيَّنَ شرَفَهُ في الملأ الأعلى، ليُشَرِّفَه ويُعظِّمَهُ ويطيعَهُ أهل الأرض] اهـ. ومن جملة أوجه تعظيم القرآن الكريم التي أجمعت الأمة عليها: وجوب صيانته رَسْمًا وقِرطَاسًا، واحترام ما حَوَاهُ المصحف الشريف من الَخطِّ والنَّظمِ المُعَبِّر عما فيه من كلام الله جَلَّ وعَلَا، ومِثلُ ذلك كل اسمٍ معظَّمٍ من أسمائه تعالى وأسماء أنبيائه، فكل ذلك مقدَّسٌ يجب تنزيهه عن كل ما لا يليق بمكانته، ويَحرُم الإقدام على ما فيه امتهانٌ له أو ما ينافي تكريمه. قال الإمام النَّوَوِي في "التبيان في آداب حملة القرآن" (ص: 190، ط. دار ابن حزم): [أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه] اهـ. وقال الشيخ ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (5/ 307، ط. دار الكتب العلمية): [ويجب احترام القرآن حيث كُتِبَ، وتحرم كِتابَتُهُ حيث يُهان] اهـ. ولا شك أن كتابة آيات القرآن والأسماء المعظَّمة على الكفن، فيه غاية الامتهان، وذلك لملاقاتها للنجاسة الخارجة من الميت كالصديد والدم ونحو ذلك، ومعلومٌ أنه لا إهانة كالإهانة بالتَّنجِيس؛ لأن النجاسة ناتجة عمَّا هو مُستقذر من الصديد والدماء والأعيان النجسة، التي يأنَفُ الإنسان منها ويحترز عنها، ولأن النجاسة غاية الامتهان، إذ جعلها اللهُ عذابًا للكافرين، قال الله تعالى: ﴿وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ﴾ [إبراهيم: 16-17]، وقال عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾ [الجاثية: 11]. قال الإمام فخر الدين الرَّازِي في "مفاتيح الغيب" (27/ 673، ط. دار إحياء التراث العربي): [المراد من الرِّجز: الرِّجس الذي هو النجاسة، ومعنى النجاسة فيه: قوله: ﴿وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ﴾، وكان المعنى: لهم عذاب من تَجَرُّعِ رِجسٍ أو شُربِ رِجسٍ] اهـ. ولَمَّا كانت الإهانة بتنجيس الأسماء المعظمة يجتمع فيها رفع القداسة عنها، مع مُلاقاة القذارة عَظُمَت وكانت غاية الامتهان. قال الإمام الحافظ تقي الدين بن الصَّلَاح في "فتاويه" (ص: 262، ط. عالم الكتب): [مسألة في الكفن: هل يجوز أن يُكتب عليه سُوَرٌ من القرآن -يس، والكهف- وأيُّ سورةٍ أراد؟ أو لا يَحِلُّ هذا، خوفًا من صديد الميت وسَيَلَان ما فيه على الآيات وأسماء الله تعالى المباركة المحترمة الشريفة..؟ أجاب رضي الله عنه: لا يجوز ذلك] اهـ. وقال شيخ الإسلام ابن حَجَرٍ الهَيْتَمِي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (2/ 6، ط. المكتبة الإسلامية): [وأقرَّ ابنَ الصلاحِ على ذلك الأئمةُ بعده، وهو ظاهر المعنى جدًّا، فإن القرآن وكل اسم معظَّم كاسم الله أو اسم نبي له يجب احترامه وتوقيره وتعظيمه، ولا شك أن كتابته وجعله في كفن الميت فيه غاية الإهانة له إذ لا إهانة كالإهانة بالتنجيس ونحن نعلم بالضرورة أن ما في كفن الميت لا بد وأن يصيبه بعض دمه أو صديده أو غيرهما من الأعيان النجسة التي بجوفه فكان تحريم وضع ما كتب فيه اسم معظم في كفن الميت مما لا ينبغي التوقف فيه] اهـ. أقوال الفقهاء في حكم كتابة آيات القرآن الكريم والأسماء المعظَّمة على الكفن قد نصَّ جمهورُ الفقهاء على عدم جواز كتابة شيء من آيات القرآن الكريم وغيره مما يشتمل على لفظ الجلالة والأسماء المعظَّمة على الكفن؛ لأن ذلك يُعَرِّضه إلى الامتهان قطعًا، من جهة ملاقاته للنجاسة كالصديد الناتج عن تحلُّل بدن الميت -كما قررنا سابقًا- ومن جهة أخرى أنه مُعرَّضٌ لملامسة الأرض مباشرةً بلا حائل، ولا يخفى ما في هذا من عدم احترام للنَّصِّ الشريف. قال الإمام كمال الدين بن الهُمَام الحنفي في "فتح القدير" (1/ 169، ط. دار الفكر): [تُكره كتابةُ القرآنِ وأسماءِ الله تعالى على الدراهم والمحاريب والجدران وما يُفرَش] اهـ. فأفاد أن ما يُكتَب على كفن الميت من نحو بعض آيات القرآن الكريم والذكر وما هو معظَّم في الشرع الشريف ممنوعٌ مِن باب أَوْلَى ولا يجوز؛ لأنه يكون عُرضَةً للنجاسة من صديد الميت ونحوه، كما في "رد المحتار" للإمام ابن عَابِدِين (2/ 246-247، ط. دار الفكر)، مستشهدًا بما نص عليه الإمام الحافظ تقي الدين بن الصَّلَاح في "فتاويه" (ص: 262). ومن المقرر في مذهب السادة الحنفية أنهم إذا أطلقوا الكراهة ولم يقيِّدوها بـ"التنزيهية" فالمراد منها كراهة التحريم، كما في "رد المحتار" للإمام ابن عَابِدِين (1/ 224)، و"البحر الرائق" للإمام زين الدين بن نُجَيْم (1/ 137، ط. دار الكتاب الإسلامي)، ومِن ثَمَّ فيَحرُم عندهم كتابة شيءٍ من القرآن أو الذكر على كفن الميت. وقال الإمام أبو البركات الدَّرْدِير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 425، ط. دار الفكر): [وظاهره أن النقش مكروه ولو قرآنًا، وينبغي الحرمة؛ لأنه يؤدي إلى امتهانه، كذا ذكروا، ومثله نقش القرآن وأسماء الله في الجدران] اهـ. قال الإمام الدُّسُوقِي مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: وينبغي الحرمة.. إلخ) أي: وأما كتابة ورقة ذكرًا ودعاءً وتعليقها في عنق الميت فحرام، ويجب إخراجها إن لم يطل الأمر، وأما المصحف فيجب إخراجه مطلقًا] اهـ. وقال الإمام البُجَيْرِمِي الشافعي في "تحفة الحبيب" (2/ 275، ط. دار الفكر): [يَحرُم كتابة شيء من القرآن على الكفن، صيانة له عن صديد الموتى، ومثله كل اسم معظم] اهـ. وقال الإمام الرُّحَيْبَانِي الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (1/ 874، ط. المكتب الإسلامي): [وقواعدنا معشر الحنابلة تقتضيه، أي: تحريم الكتابة على الكفن لما يترتب عليه من التنجيس المؤدي لامتهان القرآن] اهـ. وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال، فإن ما يُكتب من بعض آيات القرآن الكريم وذكر الله عَزَّ وَجَلَّ يجب أن يُعامل معاملةً فيها من التعظيم والاحترام ما يليق بقُدسيَّته ومكانته في الشرع الشريف، ومن ذلك: ألَّا يوضَع على الأرض أو أيِّ مكان يكون فيه عُرضةً للامتهان أو التنجيس من نحو مُلاقاة الصديد الخارج من بدن الميت أو غير ذلك، ومِن ثَمَّ فإن كتابةَ بعض آيات القرآن الكريم أو غيرها مما يشتمل على صيغ الذكر وأسماء الله تعالى على الكفن حرامٌ شرعًا، ولا يجوز الإقدام عليها.


اليوم السابع
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- اليوم السابع
ما حكم كتابة بعض الآيات والأذكار على الكفن؟.. دار الإفتاء تجيب
ورد سؤالٌ لدار الإفتاء المصرية، جاء مضمونه: "ما حكم كتابة بعض الآيات والأذكار على الكفن؟ فقد توفي رجلٌ، وبعد تكفينه اقترح بعضُ الحاضرين أن يُكتب شيءٌ من آيات القرآن الكريم والذكر على الكفن بغرض أن يكون ذلك نافعًا وشفيعًا له في القبر، ومع أننا لم نفعل ذلك، لكننا نسأل: هل هذا جائزٌ شرعًا؟". وجاء رد دار الإفتاء المصرية على النحو التالي: "كتابةُ بعض آيات القرآن الكريم أو غيرها مما يشتمل على صيغ الذكر وأسماء الله تعالى على الكفن حرامٌ شرعًا، ولا يجوز الإقدام عليها؛ لما فيه من تعريض الآيات والذكر للامتهان والتنجيس بمُلاقاة الصديد الخارج من بدن الميت والدم ونحو ذلك". حث الشرع على تكفين الميت في الثياب الحسنة الكَفَن: هو لِباس الميت، و التَّكفِينُ: لَفُّ الميت بالكفن، وقد شُرع لستر الميت، واتفق الفقهاء على أنَّ تكفين الإنسان وستره عند موته فرضُ كفاية، إذا قام به البعض سقط الحرج عن الباقين، وأنَّه حقٌّ واجبٌ على الأحياء؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بذلك، ولأن حُرمة الإنسان ميتًا كحرمته حيًّا، والسُّترة واجبة في الحياة، فكذلك بعد الموت. قال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (2/ 388، ط. مكتبة القاهرة): [ويجب كفن الميت؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر به، ولأنَّ سترته واجبة في الحياة، فكذلك بعد الموت] اهـ. وقال الحافظ العِرَاقِي في "طرح التثريب" (3/ 271، ط. دار الفكر): [تكفين الميت: وقد أجمع المسلمون على وجوبه، وهو فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الحرج عن الباقين] اهـ. وقد حثَّ الشرع الشريف على استحباب تكفين الميت بالثياب الحسنة، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ» أخرجه الإمام مسلم. ومن جُملة ذلك أن يكون الكفن أبيض، سواءٌ كان جديدًا أو مغسولًا، لكن الجديد أفضل؛ لما تقدم من أمرِ الشَّارِعِ بتحسِينِ الكفن. يُنظر: "مراقي الفلاح" للإمام الشُّرُنْبُلَالِي الحنفي (ص: 216، ط. المكتبة العصرية)، و"شرح مختصر خليل" للإمام الخَرَشِي المالكي (2/ 125، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي (2/ 16، ط. دار الكتب العلمية)، و"كشاف القناع" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (2/ 124، ط. دار الكتب العلمية). حكم كتابة القرآن والذكر على الكفن كتابة القرآن والذكر على الكفن مما لا يتفق مع ما أمرنا الله سبحانه وتعالى به من تعظيم شعائره واحترامها وحُسن التعامل معها، حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32]، فالقرآن الكريم والذكر من شعائر الله التي جعل تعظيمها علامة على تقوى العبد، وقد بيَّن سبحانه مكانة القرآن العُظمى، فقال تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الزخرف: 4]. قال الإمام ابن كَثِير في "تفسير القرآن العظيم" (7/ 218، ط. دار طيبة): [بيَّنَ شرَفَهُ في الملأ الأعلى، ليُشَرِّفَه ويُعظِّمَهُ ويطيعَهُ أهل الأرض] اهـ. ومن جملة أوجه تعظيم القرآن الكريم التي أجمعت الأمة عليها: وجوب صيانته رَسْمًا وقِرطَاسًا، واحترام ما حَوَاهُ المصحف الشريف من الَخطِّ والنَّظمِ المُعَبِّر عما فيه من كلام الله جَلَّ وعَلَا، ومِثلُ ذلك كل اسمٍ معظَّمٍ من أسمائه تعالى وأسماء أنبيائه، فكل ذلك مقدَّسٌ يجب تنزيهه عن كل ما لا يليق بمكانته، ويَحرُم الإقدام على ما فيه امتهانٌ له أو ما ينافي تكريمه. قال الإمام النَّوَوِي في "التبيان في آداب حملة القرآن" (ص: 190، ط. دار ابن حزم): [أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه] اهـ. وقال الشيخ ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (5/ 307، ط. دار الكتب العلمية): [ويجب احترام القرآن حيث كُتِبَ، وتحرم كِتابَتُهُ حيث يُهان] اهـ. ولا شك أن كتابة آيات القرآن والأسماء المعظَّمة على الكفن، فيه غاية الامتهان، وذلك لملاقاتها للنجاسة الخارجة من الميت كالصديد والدم ونحو ذلك، ومعلومٌ أنه لا إهانة كالإهانة بالتَّنجِيس؛ لأن النجاسة ناتجة عمَّا هو مُستقذر من الصديد والدماء والأعيان النجسة، التي يأنَفُ الإنسان منها ويحترز عنها، ولأن النجاسة غاية الامتهان، إذ جعلها اللهُ عذابًا للكافرين، قال الله تعالى: ﴿وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ﴾ [إبراهيم: 16-17]، وقال عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾ [الجاثية: 11]. قال الإمام فخر الدين الرَّازِي في "مفاتيح الغيب" (27/ 673، ط. دار إحياء التراث العربي): [المراد من الرِّجز: الرِّجس الذي هو النجاسة، ومعنى النجاسة فيه: قوله: ﴿وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ﴾، وكان المعنى: لهم عذاب من تَجَرُّعِ رِجسٍ أو شُربِ رِجسٍ] اهـ. ولَمَّا كانت الإهانة بتنجيس الأسماء المعظمة يجتمع فيها رفع القداسة عنها، مع مُلاقاة القذارة عَظُمَت وكانت غاية الامتهان. قال الإمام الحافظ تقي الدين بن الصَّلَاح في "فتاويه" (ص: 262، ط. عالم الكتب): [مسألة في الكفن: هل يجوز أن يُكتب عليه سُوَرٌ من القرآن -يس، والكهف- وأيُّ سورةٍ أراد؟ أو لا يَحِلُّ هذا، خوفًا من صديد الميت وسَيَلَان ما فيه على الآيات وأسماء الله تعالى المباركة المحترمة الشريفة..؟ أجاب رضي الله عنه: لا يجوز ذلك] اهـ. وقال شيخ الإسلام ابن حَجَرٍ الهَيْتَمِي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (2/ 6، ط. المكتبة الإسلامية): [وأقرَّ ابنَ الصلاحِ على ذلك الأئمةُ بعده، وهو ظاهر المعنى جدًّا، فإن القرآن وكل اسم معظَّم كاسم الله أو اسم نبي له يجب احترامه وتوقيره وتعظيمه، ولا شك أن كتابته وجعله في كفن الميت فيه غاية الإهانة له إذ لا إهانة كالإهانة بالتنجيس ونحن نعلم بالضرورة أن ما في كفن الميت لا بد وأن يصيبه بعض دمه أو صديده أو غيرهما من الأعيان النجسة التي بجوفه فكان تحريم وضع ما كتب فيه اسم معظم في كفن الميت مما لا ينبغي التوقف فيه] اهـ. أقوال الفقهاء في حكم كتابة آيات القرآن الكريم والأسماء المعظَّمة على الكفن قد نصَّ جمهورُ الفقهاء على عدم جواز كتابة شيء من آيات القرآن الكريم وغيره مما يشتمل على لفظ الجلالة والأسماء المعظَّمة على الكفن؛ لأن ذلك يُعَرِّضه إلى الامتهان قطعًا، من جهة ملاقاته للنجاسة كالصديد الناتج عن تحلُّل بدن الميت -كما قررنا سابقًا- ومن جهة أخرى أنه مُعرَّضٌ لملامسة الأرض مباشرةً بلا حائل، ولا يخفى ما في هذا من عدم احترام للنَّصِّ الشريف. قال الإمام كمال الدين بن الهُمَام الحنفي في "فتح القدير" (1/ 169، ط. دار الفكر): [تُكره كتابةُ القرآنِ وأسماءِ الله تعالى على الدراهم والمحاريب والجدران وما يُفرَش] اهـ. فأفاد أن ما يُكتَب على كفن الميت من نحو بعض آيات القرآن الكريم والذكر وما هو معظَّم في الشرع الشريف ممنوعٌ مِن باب أَوْلَى ولا يجوز؛ لأنه يكون عُرضَةً للنجاسة من صديد الميت ونحوه، كما في "رد المحتار" للإمام ابن عَابِدِين (2/ 246-247، ط. دار الفكر)، مستشهدًا بما نص عليه الإمام الحافظ تقي الدين بن الصَّلَاح في "فتاويه" (ص: 262). ومن المقرر في مذهب السادة الحنفية أنهم إذا أطلقوا الكراهة ولم يقيِّدوها بـ"التنزيهية" فالمراد منها كراهة التحريم، كما في "رد المحتار" للإمام ابن عَابِدِين (1/ 224)، و"البحر الرائق" للإمام زين الدين بن نُجَيْم (1/ 137، ط. دار الكتاب الإسلامي)، ومِن ثَمَّ فيَحرُم عندهم كتابة شيءٍ من القرآن أو الذكر على كفن الميت. وقال الإمام أبو البركات الدَّرْدِير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 425، ط. دار الفكر): [وظاهره أن النقش مكروه ولو قرآنًا، وينبغي الحرمة؛ لأنه يؤدي إلى امتهانه، كذا ذكروا، ومثله نقش القرآن وأسماء الله في الجدران] اهـ. قال الإمام الدُّسُوقِي مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: وينبغي الحرمة.. إلخ) أي: وأما كتابة ورقة ذكرًا ودعاءً وتعليقها في عنق الميت فحرام، ويجب إخراجها إن لم يطل الأمر، وأما المصحف فيجب إخراجه مطلقًا] اهـ. وقال الإمام البُجَيْرِمِي الشافعي في "تحفة الحبيب" (2/ 275، ط. دار الفكر): [يَحرُم كتابة شيء من القرآن على الكفن، صيانة له عن صديد الموتى، ومثله كل اسم معظم] اهـ. وقال الإمام الرُّحَيْبَانِي الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (1/ 874، ط. المكتب الإسلامي): [وقواعدنا معشر الحنابلة تقتضيه، أي: تحريم الكتابة على الكفن لما يترتب عليه من التنجيس المؤدي لامتهان القرآن] اهـ. وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال، فإن ما يُكتب من بعض آيات القرآن الكريم وذكر الله عَزَّ وَجَلَّ يجب أن يُعامل معاملةً فيها من التعظيم والاحترام ما يليق بقُدسيَّته ومكانته في الشرع الشريف، ومن ذلك: ألَّا يوضَع على الأرض أو أيِّ مكان يكون فيه عُرضةً للامتهان أو التنجيس من نحو مُلاقاة الصديد الخارج من بدن الميت أو غير ذلك، ومِن ثَمَّ فإن كتابةَ بعض آيات القرآن الكريم أو غيرها مما يشتمل على صيغ الذكر وأسماء الله تعالى على الكفن حرامٌ شرعًا، ولا يجوز الإقدام عليها.


تحيا مصر
٢٦-٠٤-٢٠٢٥
- منوعات
- تحيا مصر
ما حكم كتابة بعض الآيات والأذكار على الكفن .. د. نظير عياد يجيب
حكم كتابة بعض الآيات والأذكار على الكفن من الأمور التي يسعى الكثيرون لمعرفتها، خوفا من الوقوع في المحظور ومخالفة الشرع، خاصة أن هناك من يصر على كتابة بعض الآيات على كفن الميت ظنا منه أنها تجلب له الرحمة. وورد إلى دار الإفتاء سؤال يقول صاحبة: ما حكم كتابة بعض الآيات والأذكار على الكفن؟ فقد توفي رجلٌ، وبعد تكفينه اقترح بعضُ الحاضرين أن يُكتب شيءٌ من آيات القرآن الكريم والذكر على الكفن بغرض أن يكون ذلك نافعًا وشفيعًا له في القبر، ومع أننا لم نفعل ذلك، لكننا نسأل: هل هذا جائزٌ شرعًا؟ وأجاب على السائل د.نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية على الموقع الرسمي لدار الإفتاء قائلا: كتابةُ بعض آيات القرآن الكريم أو غيرها مما يشتمل على صيغ الذكر وأسماء الله تعالى على الكفن حرامٌ شرعًا، ولا يجوز الإقدام عليها؛ لما فيه من تعريض الآيات والذكر للامتهان والتنجيس بمُلاقاة الصديد الخارج من بدن الميت والدم ونحو ذلك. حث الشرع على تكفين الميت في الثياب الحسنة الكَفَن: هو لِباس الميت، والتَّكفِينُ: لَفُّ الميت بالكفن، وقد شُرع لستر الميت، واتفق الفقهاء على أنَّ تكفين الإنسان وستره عند موته فرضُ كفاية، إذا قام به البعض سقط الحرج عن الباقين، وأنَّه حقٌّ واجبٌ على الأحياء؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بذلك، ولأن حُرمة الإنسان ميتًا كحرمته حيًّا، والسُّترة واجبة في الحياة، فكذلك بعد الموت. قال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (2/ 388، ط. مكتبة القاهرة): [ويجب كفن الميت؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر به، ولأنَّ سترته واجبة في الحياة، فكذلك بعد الموت] اهـ. وقال الحافظ العِرَاقِي في "طرح التثريب" (3/ 271، ط. دار الفكر): [تكفين الميت: وقد أجمع المسلمون على وجوبه، وهو فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الحرج عن الباقين] اهـ. وقد حثَّ الشرع الشريف على استحباب تكفين الميت بالثياب الحسنة، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ» أخرجه الإمام مسلم. ومن جُملة ذلك أن يكون الكفن أبيض، سواءٌ كان جديدًا أو مغسولًا، لكن الجديد أفضل؛ لما تقدم من أمرِ الشَّارِعِ بتحسِينِ الكفن. يُنظر: "مراقي الفلاح" للإمام الشُّرُنْبُلَالِي الحنفي (ص: 216، ط. المكتبة العصرية)، و"شرح مختصر خليل" للإمام الخَرَشِي المالكي (2/ 125، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي (2/ 16، ط. دار الكتب العلمية)، و"كشاف القناع" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (2/ 124، ط. دار الكتب العلمية). حكم كتابة القرآن والذكر على الكفن كتابة القرآن والذكر على الكفن مما لا يتفق مع ما أمرنا الله سبحانه وتعالى به من تعظيم شعائره واحترامها وحُسن التعامل معها، حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32]، فالقرآن الكريم والذكر من شعائر الله التي جعل تعظيمها علامة على تقوى العبد، وقد بيَّن سبحانه مكانة القرآن العُظمى، فقال تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الزخرف: 4]. قال الإمام ابن كَثِير في "تفسير القرآن العظيم" (7/ 218، ط. دار طيبة): [بيَّنَ شرَفَهُ في الملأ الأعلى، ليُشَرِّفَه ويُعظِّمَهُ ويطيعَهُ أهل الأرض] اهـ. ومن جملة أوجه تعظيم القرآن الكريم التي أجمعت الأمة عليها: وجوب صيانته رَسْمًا وقِرطَاسًا، واحترام ما حَوَاهُ المصحف الشريف من الَخطِّ والنَّظمِ المُعَبِّر عما فيه من كلام الله جَلَّ وعَلَا، ومِثلُ ذلك كل اسمٍ معظَّمٍ من أسمائه تعالى وأسماء أنبيائه، فكل ذلك مقدَّسٌ يجب تنزيهه عن كل ما لا يليق بمكانته، ويَحرُم الإقدام على ما فيه امتهانٌ له أو ما ينافي تكريمه. قال الإمام النَّوَوِي في "التبيان في آداب حملة القرآن" (ص: 190، ط. دار ابن حزم): [أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه] اهـ. وقال الشيخ ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (5/ 307، ط. دار الكتب العلمية): [ويجب احترام القرآن حيث كُتِبَ، وتحرم كِتابَتُهُ حيث يُهان] اهـ. ولا شك أن كتابة آيات القرآن والأسماء المعظَّمة على الكفن، فيه غاية الامتهان، وذلك لملاقاتها للنجاسة الخارجة من الميت كالصديد والدم ونحو ذلك، ومعلومٌ أنه لا إهانة كالإهانة بالتَّنجِيس؛ لأن النجاسة ناتجة عمَّا هو مُستقذر من الصديد والدماء والأعيان النجسة، التي يأنَفُ الإنسان منها ويحترز عنها، ولأن النجاسة غاية الامتهان، إذ جعلها اللهُ عذابًا للكافرين، قال الله تعالى: ﴿وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ﴾ [إبراهيم: 16-17]، وقال عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾ [الجاثية: 11]. قال الإمام فخر الدين الرَّازِي في "مفاتيح الغيب" (27/ 673، ط. دار إحياء التراث العربي): [المراد من الرِّجز: الرِّجس الذي هو النجاسة، ومعنى النجاسة فيه: قوله: ﴿وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ﴾، وكان المعنى: لهم عذاب من تَجَرُّعِ رِجسٍ أو شُربِ رِجسٍ] اهـ. ولَمَّا كانت الإهانة بتنجيس الأسماء المعظمة يجتمع فيها رفع القداسة عنها، مع مُلاقاة القذارة عَظُمَت وكانت غاية الامتهان. قال الإمام الحافظ تقي الدين بن الصَّلَاح في "فتاويه" (ص: 262، ط. عالم الكتب): [مسألة في الكفن: هل يجوز أن يُكتب عليه سُوَرٌ من القرآن -يس، والكهف- وأيُّ سورةٍ أراد؟ أو لا يَحِلُّ هذا، خوفًا من صديد الميت وسَيَلَان ما فيه على الآيات وأسماء الله تعالى المباركة المحترمة الشريفة..؟ أجاب رضي الله عنه: لا يجوز ذلك] اهـ. وقال شيخ الإسلام ابن حَجَرٍ الهَيْتَمِي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (2/ 6، ط. المكتبة الإسلامية): [وأقرَّ ابنَ الصلاحِ على ذلك الأئمةُ بعده، وهو ظاهر المعنى جدًّا، فإن القرآن وكل اسم معظَّم كاسم الله أو اسم نبي له يجب احترامه وتوقيره وتعظيمه، ولا شك أن كتابته وجعله في كفن الميت فيه غاية الإهانة له إذ لا إهانة كالإهانة بالتنجيس ونحن نعلم بالضرورة أن ما في كفن الميت لا بد وأن يصيبه بعض دمه أو صديده أو غيرهما من الأعيان النجسة التي بجوفه فكان تحريم وضع ما كتب فيه اسم معظم في كفن الميت مما لا ينبغي التوقف فيه] اهـ. أقوال الفقهاء في حكم كتابة آيات القرآن الكريم والأسماء المعظَّمة على الكفن قد نصَّ جمهورُ الفقهاء على عدم جواز كتابة شيء من آيات القرآن الكريم وغيره مما يشتمل على لفظ الجلالة والأسماء المعظَّمة على الكفن؛ لأن ذلك يُعَرِّضه إلى الامتهان قطعًا، من جهة ملاقاته للنجاسة كالصديد الناتج عن تحلُّل بدن الميت -كما قررنا سابقًا- ومن جهة أخرى أنه مُعرَّضٌ لملامسة الأرض مباشرةً بلا حائل، ولا يخفى ما في هذا من عدم احترام للنَّصِّ الشريف. قال الإمام كمال الدين بن الهُمَام الحنفي في "فتح القدير" (1/ 169، ط. دار الفكر): [تُكره كتابةُ القرآنِ وأسماءِ الله تعالى على الدراهم والمحاريب والجدران وما يُفرَش] اهـ. فأفاد أن ما يُكتَب على كفن الميت من نحو بعض آيات القرآن الكريم والذكر وما هو معظَّم في الشرع الشريف ممنوعٌ مِن باب أَوْلَى ولا يجوز؛ لأنه يكون عُرضَةً للنجاسة من صديد الميت ونحوه، كما في "رد المحتار" للإمام ابن عَابِدِين (2/ 246-247، ط. دار الفكر)، مستشهدًا بما نص عليه الإمام الحافظ تقي الدين بن الصَّلَاح في "فتاويه" (ص: 262) ومن المقرر في مذهب السادة الحنفية أنهم إذا أطلقوا الكراهة ولم يقيِّدوها بـ"التنزيهية" فالمراد منها كراهة التحريم، كما في "رد المحتار" للإمام ابن عَابِدِين (1/ 224)، و"البحر الرائق" للإمام زين الدين بن نُجَيْم (1/ 137، ط. دار الكتاب الإسلامي)، ومِن ثَمَّ فيَحرُم عندهم كتابة شيءٍ من القرآن أو الذكر على كفن الميت. وقال الإمام أبو البركات الدَّرْدِير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 425، ط. دار الفكر): [وظاهره أن النقش مكروه ولو قرآنًا، وينبغي الحرمة؛ لأنه يؤدي إلى امتهانه، كذا ذكروا، ومثله نقش القرآن وأسماء الله في الجدران] اهـ. قال الإمام الدُّسُوقِي مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: وينبغي الحرمة.. إلخ) أي: وأما كتابة ورقة ذكرًا ودعاءً وتعليقها في عنق الميت فحرام، ويجب إخراجها إن لم يطل الأمر، وأما المصحف فيجب إخراجه مطلقًا] اهـ. وقال الإمام البُجَيْرِمِي الشافعي في "تحفة الحبيب" (2/ 275، ط. دار الفكر): [يَحرُم كتابة شيء من القرآن على الكفن، صيانة له عن صديد الموتى، ومثله كل اسم معظم] اهـ. وقال الإمام الرُّحَيْبَانِي الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (1/ 874، ط. المكتب الإسلامي): [وقواعدنا معشر الحنابلة تقتضيه، أي: تحريم الكتابة على الكفن لما يترتب عليه من التنجيس المؤدي لامتهان القرآن] اهـ. الخلاصة بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن ما يُكتب من بعض آيات القرآن الكريم وذكر الله عَزَّ وَجَلَّ يجب أن يُعامل معاملةً فيها من التعظيم والاحترام ما يليق بقُدسيَّته ومكانته في الشرع الشريف، ومن ذلك: ألَّا يوضَع على الأرض أو أيِّ مكان يكون فيه عُرضةً للامتهان أو التنجيس من نحو مُلاقاة الصديد الخارج من بدن الميت أو غير ذلك، ومِن ثَمَّ فإن كتابةَ بعض آيات القرآن الكريم أو غيرها مما يشتمل على صيغ الذكر وأسماء الله تعالى على الكفن حرامٌ شرعًا، ولا يجوز الإقدام عليها.


24 القاهرة
٠٤-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- 24 القاهرة
ما حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع؟.. الإفتاء توضح
تلقت دار الإفتاء المصرية ، على سؤال ورد إليها من أحد المتابعين نصه: ما حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع؟ فهناك رجلٌ يعمل في تجارة الأجهزة الكهربائية، واعتاد بعضُ الناس معاملتَه بدَفْع عربونٍ غير مُستَرَد عند شراء السلعةِ على ذمَّة إتمام البيع وسداد باقي الثمن، مع استلامِ مُستندٍ تِجَاريٍّ (فاتورةٍ) بذلك، فهل يجوز له التصرف فيما يقبضه منهم كعربونٍ على بعض السلع قبل إتمام البيع وتسليم تلك السِّلَع؟ حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع؟.. الإفتاء توضح وقالت الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني: العُربون المدفوع للبائع مِن قِبَل المشتري من حين إبرام عقد البيع بينهما تنتقل مِلكيته إلى البائع بمجرد استحقاقِه إياه وقبضِه من المشتري بأصل العقد المشتمل على شرط العُربون، سواءٌ أكان جزءًا مِن ثمن السلعةِ إذا تم البيع، أم مقابِلًا لعُدُول المشتري عن الشراء، ويجوز للبائِع التصرف في ذلك العُربون بكافة أنواع التصرف كسائر أملاكه. وتابعت: جَرَت سُنَّةُ الله في الناس أن البيع والتجارةَ مِن أعظم أبواب الرِّزق والاكتساب، وهي مشروعةٌ إذا ما رُوعِيَت أركانها وشروطها الشرعيَّة، ولم تتعارض مع المقاصد المرعيَّة، قال الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29]. وواصلت: و"العُرْبُون": لفظٌ معرَّبٌ، وقيل: إنَّه مشتَقٌّ مِن التعريب الذي هو البيان؛ لأنه بيانٌ للبيع، والواردُ عن العرب فيه ضَمُّ أوَّلِهِ، إلا أنَّ فَتْحَها مشهورٌ على ألسِنَة الناس، وهي لغةٌ عامِّيَّةٌ صَرَّح بعضُهم بمنعِهَا لغةً، كما في "تاج العروس" للعلامة المُرْتَضَى الزَّبِيدِي (3/ 350-351، ط. دار الهداية). وأكملت: والمراد به في البيع: ما يُقدَّم دَفعُهُ مِن الأموال، على أنه إن أخذ المشتري السلعةَ احتُسِبَ مِن الثَّمَن، وإن لم يأخذها فهو للبائع، كما في "المغني" للإمام موفَّقِ الدِّين ابن قُدَامَة (4/ 175، ط. مكتبة القاهرة). وأردفت: فالعُربون هو ما يكون مقترنًا بالعقد وليس متقدِّمًا عليه، أمَّا ما يدفعه أحد الناس لغيره قبل أن يتعاقدا على بيعٍ أو شراءٍ فلا يخرج عن حدود الأمانةِ المقرَّرِ صيانتُها وحِفظُها شرعًا لحقِّ صاحبها، ولا يجوز التصرف فيها حينئذٍ بحالٍ من الأحوال؛ إذ "(الأمانة) هي كلُّ حقٍّ لَزِمَكَ أَدَاؤُهُ (إلى مَن ائتمنك) عليها"، كما قال الإمام زين الدين المُنَاوِي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 52، ط. مكتبة الإمام الشافعي). ما حكم الجمع بين صيام الستة البيض وقضاء أيام رمضان؟.. دار الإفتاء تجيب


اليوم السابع
٢٧-٠٣-٢٠٢٥
- صحة
- اليوم السابع
ما حكم صوم من نهاه الطبيب عن الصيام؟ دار الإفتاء توضح
ورد سؤالٌ لدار الإفتاء المصرية، جاء مضمونه: "ما حكم صوم من نهاه الطبيب عن الصوم؟ فرجلٌ مريض بالقلب أُجرِيَت له عملية قسطرة، وقد نهاه الطبيب عن الصيام في رمضان، فما حكمه؟ وهل يجوز له أن يصوم مخالفًا أمرَ الطبيب؟ وهل عليه وزر إذا صام؟". وجاء رد دار الإفتاء على النحو التالي: "المريض الذي نهاه الطبيبُ الثقةُ المختصُّ عن الصوم في رمضان خوفًا عليه من الهلاك أو مضاعفات المرض يجب عليه الفطر، وإن صام فعليه المؤاخذةُ وإثمُ المخالفةِ والإلقاءِ بالنفس إلى التهلكة شرعًا، وعليه قضاء الصوم بعد تمام الشفاء من المرض واستقرار حالته الصحية، فإن كان مرضه مستمرًّا فيلزمه لفطره الفديةُ إطعام مسكينٍ عن كلِّ يوم، فإن لم يجد فلا شيء عليه". التيسير ورفع الحرج عن الصائم المريض أو المسافر مِن المقرر شرعًا أن الشريعة الإسلامية جاءت بالتيسير ورفع الحرج عن المكلفين، ونهت عن كل ما من شأنه أن يوقع المسلم في المشقة أو يعرضه للخطر أو الضرر؛ وذلك بعموم قول الله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقوله سبحانه: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 6]، وقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78]. وقد أناطت الشريعة الإسلامية التكليف بالاستطاعة، فقال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ومِن أَجْل ذلك عَقَّب اللهُ تعالى فَرْضَ الصوم بالتيسير على مَن يَشُقُّ عليه مشقةً غير معتادة لنحو مرض أو سفر، فقال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 184]. والمعنى: إناطة رُخصة الإفطار في رمضان بالمرض والقضاء عند زواله؛ لأن "تعليق الحكم بالمشتق يؤذن بالعِلِّيَّة"، كما في "حاشية العَطَّار على شرح المَحَلِّي لجمع الجوامع" (2/ 186، ط. دار الكتب العلمية)، وقد "أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة"، كما في "المغني" للإمام ابن قُدَامَة (3/ 155، ط. مكتبة القاهرة)، ونص جماهير الفقهاء على خصوص جواز الفطر للمسلم إذا لَحِقَهُ مشقةٌ من مرض أو سفر، كما في "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي (2/ 94، ط. دار الكتب العلمية)، و"القوانين الفقهية" للإمام ابن جُزَي الغِرْنَاطِي المالكي (ص: 220، ط. دار ابن حزم)، و"المجموع" للإمام النَّوَوِي الشافعي (6/ 258، دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (3/ 155). حكم صوم من نهاه الطبيب عن الصوم وما يجب عليه إن أفطر إذا زاد على الصائم مع المشقة خوف الضرر أو الخطر أو الهلاك وكان ذلك بإخبار الطبيب الثقة المختص، فقد نص جمهور الفقهاء على وجوب الفطر للمريض في هذه الحالة، ولدخول ذلك في عموم ما أطبقت عليه الأدلة الشرعية من وجوب حفظ النفس، ومجانبتها المهالك والمفاسد، والواردة في قوله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، وقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]. إضافة إلى ما تقرر من القواعد الشرعية والأحكام المرعية من أن "الضرر يزال"، كما في "الأشباه والنظائر" للإمام تاج الدين السُّبْكِي (1/ 41، ط. دار الكتب العلمية). قال العلامة علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 94): [والمبيح المطلق، بل الموجب: هو الذي يخاف منه الهلاك؛ لأن فيه إلقاء النفس إلى التهلكة، لا لإقامة حق الله تعالى، وهو الوجوب، والوجوب لا يبقى في هذه الحالة، وإنه حرام، فكان الإفطار مباحًا، بل واجبًا] اهـ. وقال الإمام ابن جُزَي الغِرْنَاطِي المالكي في "القوانين الفقهية" (ص: 219-221، ط. دار ابن حزم): [وأما المريض فله أحوال: الأولى: ألَّا يقدر على الصوم، أو يخاف الهلاك من المرض، أو الضعف إن صام، فالفطر عليه واجب] اهـ. وقال الإمام أبو عبد الله الخَرَشِي المالكي في "شرح مختصر خليل" (2/ 261، ط. دار الفكر): [فإن خاف على نفسه الهلاك، أو أن يلحقه مشقة عظيمة، فإنه يجب عليه الإفطار؛ لأنَّ حفظ النفوس واجب ما أمكن، وإليه أشار بقوله: (ص) ووَجَب إن خاف هلاكًا، أو شديدَ أذًى (ش) أي: مشقة عظيمة.. فمجرد الخوف كافٍ في وجوب الفطر، ولا يشترط وجود المخوف منه، وهو الهلاك، أو شديد الأذى] اهـ. وقال الإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 169، ط. دار الكتب العلمية): [ويجب الفطر إذا خشي الهلاك، كما صرح به الغَزَالِي وغيره، وجزم به الأَذْرَعِي] اهـ. وقال الإمام علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 285، ط. دار إحياء التراث العربي): [المريض إذا خاف زيادةَ مرضه، أو طولَه، أو كان صحيحًا ثمَّ مَرِضَ في يومه، أو خاف مرضًا لأجْلِ العطشِ أو غيرِهِ، فإنه يستحب له الفطر، ويُكرَه صومُه وإتمامُه إجماعًا] اهـ. وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 476، ط. عالم الكتب): [(و) سُنَّ فِطر، وكُرِه صَوم (لخوفِ مرضٍ بعطشٍ أو غيرِه).. ولأنه في معنى المريضِ؛ لِتَضَرُّرِهِ بِالصَّوْمِ] اهـ. ومن ثَمَّ فإذا كان حال المريض كذلك ثم تعافى وقدر على الصوم وكان ذلك بإخبار الطبيب الثقة له وجب عليه قضاء ما فاته باتفاق الفقهاء، كما في "مراتب الإجماع" للإمام ابن حَزْم (ص: 40، ط. دار الكتب العلمية)، و"بداية المجتهد" للإمام أبي الوليد بن رُشْد (2/ 60، ط. دار الحديث)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة (3/ 146). والأصل في ذلك قول الله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 184]. أما إذا لم يستطع قضاء الصوم لكون المرض مستمرًّا مزمنًا لا يرجى شفاؤه بقول أهل التخصص من الأطباء، وكان لا يقوى معه على الصوم بحال، أو يلحقه به ضرر أو أذى، أو أمره الطبيب بدوام الفطر، فإن عليه الفدية، وهي إطعام مسكين عن كلِّ يوم يفطره من رمضان، فإن لم يستطع إخراج الفدية لإعسار أو فقر فإنها تسقط في حقه حينئذٍ ولا يلزمه إخراجها؛ لأن الفدية إنما وجبت على القادر المتيسر، لا العاجز المتعسر، وعليه أن يستغفر الله تعالى. ينظر: "التنبيه" للإمام ابن أبي العِزِّ الحنفي (2/ 932، ط. مكتبة الرشد)، و"الدر المختار" للإمام علاء الدين الحَصْكَفِي الحنفي (2/ 427، ط. دار الفكر، مع "حاشية الإمام ابن عَابِدِين")، و"حاشية الإمام الطَّحْطَاوِي على مراقي الفلاح" (ص: 688، ط. دار الكتب العلمية)، و"المهذب" للإمام أبي إسحاق الشِّيرَازِي الشافعي (1/ 326، ط. دار الكتب العلمية)، و"الوسيط في المذهب" لحجة الإسلام الغَزَالِي الشافعي (2/ 552، ط. دار السلام)، و"فتح الملك العزيز" للإمام ابن بَهَاء البغدادي الحنبلي (3/ 364، ط. دار خضر). وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالمريض الذي نهاه الطبيبُ الثقةُ المختصُّ عن الصوم في رمضان خوفًا عليه من الهلاك أو مضاعفات المرض يجب عليه الفطر، وإن صام فعليه المؤاخذةُ وإثمُ المخالفةِ والإلقاءِ بالنفس إلى التهلكة شرعًا، وعليه قضاء الصوم بعد تمام الشفاء من المرض واستقرار حالته الصحية، فإن كان مرضه مستمرًّا فيلزمه لفطره الفديةُ إطعام مسكينٍ عن كلِّ يوم، فإن لم يجد فلا شيء عليه.