٢٨-٠٧-٢٠٢٥
البيتكوين يتجاوز 123 ألف دولار.. ويصبح أغلى أصل رقمي في تاريخ الأسواق
منذ أكثر من 15 عامًا، وُلدت فكرة مختلفة من رحم الأزمة المالية العالمية. حملت هذه الفكرة توقيعًا لشخص، أو ربما مجموعة أشخاص، لا أحد يعرف حتى الآن، اختار/وا اسم "ساتوشي ناكاموتو Satoshi Nakamoto". مثّّلت هذه الفكرة تحديًا صريحًا للنظام المصرفي، لكنها لم تتخط كونها مجرد فكرة، في البداية فقط!
فاليوم، تُعد البيتكوين أحد أكثر الأصول المالية شهرةً على مستوى العالم، خاصةً بعد عودة ترامب للبيت الأبيض وتجاوُز قيمة هذه العملة حاجز الـ 120 ألف دولار! البيتكوين انطلق من رحم الأزمة المالية العالمية
عندما نُشرت الورقة البحثية "بيتكوين: نظام نقد إلكتروني من نظير إلى نظير" (Bitcoin: A Peer-to-Peer Electronic Cash System) في أكتوبر 2008، كان العالم لا يزال يترنّح نتيجة الأزمة المالية العالمية، وكانت الثقة في البنوك والمؤسسات المالية عمومًا شبه مُنعدمة.
من هنا وُجدت فكرة البيتكوين كرد فعل مباشر على هذه الأزمة، والتي تقوم على مبدأٍ بسيط، لكنه محوري، وهو إنشاء عملة افتراضية لا تحتاج إلى وسيط، بحيث لا يتحكم بها بنك مركزي أو تقيدها قوانين الدول.
من أجل تحقيق ذلك، تم الاستعانة بتقنية تُسمى "سلسلة الكُتل Blockchain" (الكُتل عبارة عن مجموعة من المعاملات)، وهي باختصار عبارة عن قاعدة بيانات موزعة على العديد من الخوادم (السيرفرات) تُسمى "العُقد Nodes". وهذه العُقد تخضع لإشراف غير مركزي يضمن الشفافية بعكس الأنظمة المالية التقليدية.
تُصنَع هذه العملة عبر ما يُعرَف بـ "تعدين البيتكوين Bitcoin Mining"، وفيها تُستخدم حواسيب ذات قدرة عالية لحل معادلات مُعقدة تؤدي إلى إضافة كُتل جديدة إلى السلسلة بشكلٍ شفافٍ وآمن. مع كل كتلة جديدة يتم التحقق منها، يتم توليد عدد محدود من عملات البيتكوين، وهذا يُفسر طابعها المضاد للتضخم. من بضعة سنتات إلى أكثر من 120 ألف دولار!
عندما ظهرت عملة البيتكوين، وكأي فكرة جديدة مغمورة، لم تتجاوز قيمتها بضعة سنتات. لكن مع مرور الوقت، بدأ الاهتمام بالبيتكوين يتزايد حتى وصل سعره في 2011 إلى دولارٍ واحد فقط.
قبل ذلك التاريخ ببضعة أشهر، حدثت القصة الأشهر في تاريخ البيتكوين ربما، وذلك عندما اشترى رجلٌ بيتزا بقيمة 10 آلاف بيتكوين، فيما توصف بأول عملية شراء حقيقية باستخدام البيتكوين في العالم. وقتها كانت الـ 10 آلاف بيتكوين تساوى 41 دولارًا أمريكيًّا تقريبًا، وهو ما يضاهي بقيمة اليوم ملايين الدولارات!
في عام 2013، وصلت قيمة البيتكوين الواحد إلى 100 دولار، ثم أكثر من 400 دولار في 2015، وفي نهاية 2017، قفزت قيمة هذه العملة الافتراضية إلى نحو 20 ألف دولار، قبل أن تتراجع بشكل مخيف إلى ما دون الـ 4 آلاف دولار في 2018، مما يُفسر سبب الجدل القائم حولها.
في 2021، سجّلت البيتكوين عودتها القوية عندما وصل سعرها إلى 69 ألف دولار بسبب اعتماد شركات ضخمة -مثل Tesla- عليها كأصلٍ استثماري.
أما النقلة النوعية الحقيقية، فجاءت في أوائل 2024، عندما وافقت الولايات المتحدة رسميًا على إطلاق صناديق تداول مباشرة للبيتكوين في البورصة ممهدة الطريق أمام دخول كُبرى المؤسسات الاستثمارية، مثل "BlackRock" و"Fidelity".
مع هذه الزيادات، يُتوقع أن يكسر البيتكوين حاجز الـ 200 ألف دولار، أو حتى نصف مليون دولار، خلال السنوات المقبلة، وإن كان مُعرّضًا للهبوط المفاجئ كما رأينا سابقًا. أين العالم العربي من البيتكوين؟
في حين تتباين المواقف الرسمية عالميًا تجاه هذه العملة الافتراضية المُشفرة، فإن العالم العربي بدأ مؤخرًا في إعادة النظر إليها بشكلٍ أكثر واقعية، ما أدى إلى ظهور لاعبين جدد، مثل رجل الأعمال المصري "هاني رشوان" الذي يطمح لتبسيط الاستثمار بالعملات الرقمية، ورجل الأعمال الإماراتي "محمد العبار" الذي أطلق بنك "زائد"، وهو أول بنك رقمي كامل بالإمارات لخدمة الأفراد والشركات بمجال الأصول الرقمية، والأكاديمي اللبناني الفلسطيني "سيف الدين عموص" كاتب المرجع الأشهر في الاقتصاد الجديد، بعنوان "معيار البيتكوين: البديل اللامركزي للنظام المصرفي المركزي".
جدير بالذكر أن هناك أكثر من 420 مليون شخص حول العالم يمتلكون أو يستخدمون البيتكوين اليوم، كما أن هناك أكثر من 39 ألف جهاز صراف آلي ATM مخصص لهذه العملة الرقمية بدول مختلفة. لكن يبقى السؤال: هل البيتكوين استثمار ذكي؟ الجواب معقّد للغاية ولا بد من الغوص في التفاصيل حتى تصل أنت للجواب الذي يناسبك.