منذ 4 أيام
منظمات دينية ومجتمع مدني يحتجون في مؤتمر إشبيلية على تقليص أدوارهم في قرارات التنمية
شارك مئات من ممثلي منظمات المجتمع المدني، من بينها منظمات دينية مثل الاتحاد اللوثري العالمي، في احتجاجات شهدتها مدينة إشبيلية الإسبانية على هامش المؤتمر الأممي الرابع لتمويل التنمية، والذي يُعقد خلال الفترة من 30 يونيو إلى 3 يوليو.
مطالبات بوقف تهميش المجتمع المدني
الاحتجاجات جاءت اعتراضًا على ما وصفه المشاركون بـ"تهميش متزايد" لأصواتهم في مناقشات السياسات المالية العالمية، رغم امتلاكهم خبرات ميدانية واقتراحات عملية تدعم أهداف التنمية المستدامة.
أصوات من الجنوب العالمي: التمثيل يتراجع
وقال أوهورو ديمبرز، مدير مكتب التنمية الاجتماعية بالكنيسة اللوثرية الإنجيلية في جمهورية ناميبيا، وعضو لجنة المناصرة في الاتحاد اللوثري العالمي: "قبل عشر سنوات، خلال مؤتمر أديس أبابا، كان صوتنا مسموعًا ومشاركتنا محل تقدير. أما اليوم، فيتم إقصاؤنا من النقاشات الرئيسية رغم أننا نحمل رؤية من واقع المجتمعات الأكثر تضررًا".
فجوة تمويلية تتجاوز 4 تريليونات دولار
وأشار ديمبرز إلى أن الفجوة التمويلية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وصلت إلى 4 تريليونات دولار، مضيفًا: "المجتمعات التي نمثلها لا يمكنها الانتظار عشر سنوات أخرى، بينما تتفاقم أزمة الديون وتفشل الحكومات في توفير خدمات الصحة والتعليم والسكن الكريم".
مطالبات عاجلة بإصلاح النظام المالي العالمي
وشدد المشاركون في المسيرات، التي سبقت انطلاق المؤتمر، على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة تشمل: إلغاء الديون للدول الفقيرة، تحقيق العدالة المناخية، إصلاح منظومة التجارة الدولية، وإعادة هيكلة المؤسسات المالية العالمية بما يضمن مشاركة أكثر عدالة وتمثيلاً لمختلف الأطراف.
ويُعد مؤتمر إشبيلية استمرارًا للمؤتمر التاريخي الذي عُقد عام 2015 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ضمن جهود الأمم المتحدة لحشد التمويل اللازم لتحقيق خطة التنمية المستدامة 2030. إلا أن التطورات العالمية من نزاعات، وأزمات مناخية، وتراجع في الدعم الإنساني، دفعت الكثيرين لإعادة طرح تساؤلات جوهرية حول جدوى النظام المالي العالمي الحالي، وضرورة "إعادة تصوره بشكل جذري" كما دعا المحتجون.
ناشط ناميبي: "أنظمتنا الصحية تنهار.. و40% من أطفالنا يعانون من سوء التغذية"
كشف أوهورو ديمبرز، مدير وحدة العدالة الاجتماعية في مجلس كنائس ناميبيا، عن الأعباء المتزايدة التي تتحملها بلاده بسبب أزمة الديون، مؤكدًا أن الحكومة أنفقت العام الماضي أكثر من 12 مليار دولار ناميبي لسداد الديون – وهو نفس المبلغ المخصص لميزانية التنمية.
وقال ديمبرز خلال مشاركته في مؤتمر الأمم المتحدة الرابع لتمويل التنمية في إشبيلية: "النتيجة الكارثية لذلك هي تدهور النظام الصحي العام، ونقص حاد في الأدوية داخل العيادات، في حين تتراوح نسب سوء التغذية بين الأطفال في أغلب المناطق بين 30 و40 بالمئة".
وأضاف: "لا نستطيع تقديم دعم للمزارعين، وبلدنا عرضة للكوارث الطبيعية كالجفاف والفيضانات والحرائق. خلال موجات الجفاف الشديدة، شهدنا أطفالاً يموتون جوعًا".
وأوضح أن مكتبه، بالتعاون مع جامعات ومراكز أبحاث، يعمل على جمع البيانات والتوصيات للضغط على الحكومة لاعتماد سياسات أكثر عدالة للفئات الأكثر تهميشًا، مؤكدًا أن "ناميبيا تُصنّف ضمن أعلى ثلاث دول في العالم من حيث التفاوت في الدخل".
وأشار إلى أن جهود المجتمع المدني أسهمت خلال السنوات الخمس الماضية في دفع الحكومة لتبني سياسة إسكان تقدمية، رفعت ميزانية الإسكان من 50 مليون إلى 700 مليون دولار ناميبي، مع إعطاء الأولوية للأسر الأكثر احتياجًا.
وأكد ديمبرز أن "الناس لا يطلبون صدقات، بل يريدون حياة كريمة وفرصة لإنتاج غذائهم"، مشيرًا إلى أن "رغم أن عدد سكان ناميبيا لا يتجاوز 3 ملايين نسمة، وأنها ثاني أقل دولة كثافة سكانية في العالم، فإن 40% من السكان يعيشون في أحياء عشوائية".
وتابع: "طالبنا بتخصيص قطع أراضٍ مجانية لغير القادرين على الشراء، ونجحنا جزئيًا، لكننا نحتاج الآن لضمان تنفيذ هذه السياسات على أرض الواقع". كما لفت إلى أن حملة تقودها الكنائس ومنظمات المجتمع المدني لتطبيق منحة دخل أساسي (basic income grant) قد حققت بعض التقدم.
ومن المحاور الأساسية لعمل ديمبرز أيضًا، التدريب وبناء القدرات داخل المجتمعات المحلية والكنائس لفهم النظامين الاقتصادي والسياسي على المستويين المحلي والوطني. وقال: "نُعلم الناس كيف تعمل الحكومة، وكيف يراقبون أداء نوابهم ويحاسبونهم، ونعمل أيضًا مع المسؤولين لبناء الثقة كي يرونا كحلفاء في النضال من أجل نظام اقتصادي عالمي أكثر عدالة".
وختم ديمبرز حديثه بالتذكير بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة: "عندما صيغ الميثاق بعد الحرب العالمية الثانية، بدأ بكلمات: نحن شعوب الأمم المتحدة. ومنظمات المجتمع المدني تمثل أصوات هؤلاء الشعوب الذين انتُخب القادة لخدمتهم. يجب أن يبقى لنا مقعد على طاولة الحوار داخل الأمم المتحدة، للعمل مع صانعي القرار من أجل حلول جريئة ومبدعة لمواجهة الأزمات العالمية المتفاقمة