أحدث الأخبار مع #الجبهةالإسلاميةللإنقاذ


يا بلادي
٢٩-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- يا بلادي
عندما طمأن الجزائري عباس مدني الحسن الثاني بخصوص موقف الجبهة الإسلامية للإنقاذ من قضية الصحراء
يعتبر عباس مدني الذي توفي في العاصمة القطرية الدوحة، في أبريل من سنة 2019، من أبرز الوجوه السياسية في الجزائر خلال فترة نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي، ففي أكتوبر من سنة 1988 أعلن عن تأسيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى جانب كل من علي بلحاج والهاشمي سحنوني، واكتسح الحزب الإسلامي الحديث التأسيس بداية التسعينيات الانتخابات البلدية التشريعية قبل أن يتدخل الجيش ويلغي النتائج، ويعتقل مدني وعدد من رفاق دربه. وفي سنة 1992 قضت محكمة عسكرية بالسجن 12 سنة نافذة في حق مدني، بعد إدانته بـ"المساس بأمن الدولة" قبل أم يطلق سراحه في العام 1997 لأسباب صحية، وبقي رهن الإقامة الجبرية حتى انقضاء مدة سجنه في سنة 2004، ليغادر إلى قطر. الإسلاميون في الجزائر ونزاع الصحراء ورغم أن العديد من الدول توجست من شعبية الإسلاميين في الجزائر وفي مقدمتها فرنسا، إلا أن المغرب كان ينظر بنوع من التفاؤل للأمر، خصوصا وأن موقف الحزب السياسي الجزائري الحديث والذي تصدر المشهد السياسي آنذاك كان يحمل مواقف قريبة من موقف المغرب بخصوص نزاع الصحراء. وخلال القمة الثانية لاتحاد المغرب العربي التي احتضنتها الجزائر في يوليوز من سنة 1990، استغل الملك الراحل الحسن الثاني فرصة تواجده في الجزائر، واستقبل عباس مدني وأجرى مباحثات معه، كما استقبل قادة عدد من الأحزاب السياسية الجزائرية الأخرى. وناقش الحسن الثاني ومدني قضية الصحراء، واتحاد المغرب العربي، وحصل تقارب كبير بين وجهتي النظر، بل أكدت قيادات الجبهة بعد ذلك حصول تطابق وجهات النظر بين الطرفين إلى الدرجة التي تم اتهمها جزائريا فيما بعد بالعمالة للمغرب، بحسب ما يؤكد موقع "عربي 21". وفي حوار مع قناة الجزيرة القطرية سنة 2005 قال عباس مدني "فيما يتعلق بالنسبة لقضية الصحراء الغربية مبدئيا إننا نعتقد أن الشعبين شعب واحد وأن الوطنين وطن واحد كيف تتصور أننا نقبل بلعبة ما يسمى بالصحراء الغربية الحقيقة". ورد على سؤال حول مغربية الصحراء رد قائلا "إذا أراد الشعب المغربي فهي من حقه هو صاحب السيادة وصاحب الكلمة". وفي حوار مع موقع يابلادي في يونيو من سنة 2016، قال رفيق عباس مدني في تأسيس جبهة الإنقاذ، علي بلحاج "الجبهة لإسلامية للإنقاذ كانت لها رؤية لحل هذه القضية، وكانت تريد أن تضع نهاية لها، لكن هناك حوائل حالت دون ذلك بالطبع". وواصل حديثه قائلا "النظام الجزائري الذي يرفع شعار كونه مع القضايا العادلة هو ليس كذلك، هو في الحقيقة دمر شعبه. وحتى لو أننا أجرينا مقارنة بسيطة، فضحايا الشعب الجزائري على يد النظام الجزائري أكثر من ضحايا المغرب في قضية الصحراء الغربية". وأثناء صعود الجبهة الإسلامية للإنقاذ للواجهة في الجزائر، التزم العاهل المغربي الراحل الصمت ولم يدل بأي تصريح مساند لها، كما أنه لم يعط موقفا من فوزها في الانتخابات، إلا بعد أن تدخل الجيش لإغلاء النتائج في 12 يناير من سنة 1992، حيث قال في تصريح لقناة فرنسية، "من المؤسف للغاية أن السلطات الجزائرية حظرت الجبهة الإسلامية للإنقاذ في يناير 1992"، وتأسف أيضا لعدم تركها في السلطة وانتظار كيفية تعاملها داخليا وخارجيا. وبذلك كان الحسن الثاني الزعيم الوحيد في المنطقة الذي استنكر قرار السلطات الجزائرية حل حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وإيداع زعمائها داخل السجون. وخلال تلك الفترة كانت الدولة المغربية قد دخلت في نقاش متقدم مع عبد الإله بنكيران وجماعته، الذين قرروا ترك منابر الوعظ والإرشاد والاتجاه نحو العمل السياسي.


الحركات الإسلامية
٢٥-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الحركات الإسلامية
26 مارس: بداية عملية "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين
وفي مثل هذا اليوم السادس والعشرين من مارس 2015 بداية عملية عاصفة الحزم وهي عملية عسكرية سعودية، بمشاركة تحالف دولي مكون من عشر دول ضد جماعة "أنصار الله" (الحوثيون) والقوات الموالية لهم ولعلي عبد الله صالح. بدأت في الساعة الثانية صباحاً بتوقيت السعودية من يوم الخميس 5 جمادى الثانية 1436 هـ - 26 مارس 2015، وذلك عندما قامت القوات الجوية الملكية السعودية بقصف جوي كثيف على المواقع التابعة لمسلحي جماعة الحوثي والقوات التابعة لصالح في اليمن. للمزيد عن جماعة الحوثيين.. 26 مارس: اغتيال الكاتب "جعوت" على يد الجماعة الاسلامية المسلحة بالجزائر في مثل هذا اليوم السادس والعشرين من مارس 1993 اغتالت جماعات الإرهاب المتأسلمة بالجزائر الشاعر والكاتب الجزائري الطاهر جعوت، فى إطار اعلانها الحرب على الاعلاميين والمثقفين دون تمييز. ويحتل الطاهر موقعاً طليعياً بين كُتّاب الرواية العرب، وهو ينتمي إلى جيل الرواد المؤسسين للأدب المغاربي، لا سيما شقّه المكتوب باللغة العربية، وكانت له منذ أواخر الثمانينيات إسهامات بارزة في التأسيس للعمل الثقافي المستقل من خلال جمعيته الشهيرة الجاحظية، وهى أكبر مؤسسة ثقافية حرّة على صعيد المغرب العربي، وتضم دار نشر تعنى بالأدباء الشباب وتُصدر مجلات عدة، وتشرف على جوائز ثقافية بارزة. للمزيد عن الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر (FIS).. وللمزيد عن الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر.. وللمزيد عن تنظيم "حماة الدعوة السلفية" في الجزائر.. وللمزيد عن الإخوان المسلمون في الجزائر .. 26 مارس: مصادمات في اليمن بعد مزاعم بإهانة القرآن وفي مثل هذا اليوم السادس والعشرين من مارس 2007 اندلعت اشتباكات في مشروع لتصدير النفط في اليمن بعد حادث مزعوم بقيام مهندس فرنسي بالإساءة إلى القرآن الكريم. وأشارت الأنباء إلى مقتل شخص من العاملين في المشروع نتيجة لهذه المصادمات. ونسبت الوكالة لمسئول محلي لم يذكر اسمه قوله: "قتل عامل واعتقل آخرون بعد صدامات مع الشرطة التي تدخلت" للسيطرة على الاحتجاج الذي وقع في مشروع تحت الإنشاء لتصدير النفط تتولاه شركة توتال الفرنسية.


الجزيرة
٢٥-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- الجزيرة
تحديات وفرص الحركات الإسلامية في حقبة ما بعد الربيع العربي
لقد كان نشوء القوى التي تحمل الأيديولوجيا الإسلامية في قلب الشرق الأوسط ثمرة تفاعل معقد بين الإرث الاستعماري البائد ووطأة المظالم الاجتماعية والسياسية الراهنة والحركات الفكرية التي أذابت وأعادت تشكيل النسيج الإقليمي الحديث. وقد نشأت الحركات الإسلامية غالبًا كاستجابة لخيبات الأمل التي أثارتها القومية العلمانية واستبداد الأنظمة التي تلت نيل الاستقلال. ولا يمكن هنا أن يُفصل هذا التحول التاريخي عن الهشاشة الكامنة في هيكل الدول الناشئة، ما مهد الطريق لتطوير أطر أيديولوجية بديلة. وكانت الجذور الراسخة في الحركات الاجتماعية والدينية المنطلق الرئيس الذي قدمت من خلاله الجماعات الإسلامية نفسها لا كسلطة روحية فحسب، بل كلاعب سياسي مهيمن، مستفيدة من مشاعر الاستياء الشعبية من الفساد والاستبداد. ومن هنا تحقق صعود الإسلاميين إلى الحكم في العديد من الدول العربية، لكن في سياقات يكتنفها الكثير من التعقيدات والظروف السياسية والاجتماعية المتباينة. في ليبيا مثلًا، وعقب سقوط معمر القذافي في عام 2011، تمكّنت جماعات إسلامية من بسط نفوذها في الفراغ السياسي الذي نشأ، فكان لذلك دور كبير في تمزيق البلاد، وقد شهدت تونس تجربة مختلفة تمامًا؛ فحركة "النهضة" بقيادة راشد الغنوشي، التي تحولت من حركة فكرية إصلاحية إلى حزب سياسي، استطاعت أن تحقق صعودًا سياسيًا عبر الانتخابات بعد ثورة 2011، متبنية خطابًا يعدُّ التعددية والتركيز على ذلك، وبفعل التوترات السياسية وضغط الشارع، اختارت النهضة طواعية التخلي عن السلطة في عام 2014 لصالح حكومة تكنوقراط للإشراف على المرحلة الانتقالية مما أسس نموذجًا بارزًا للتسوية السياسية في المنطقة. أما في مصر، فقد صعدت جماعة الإخوان المسلمين، التي أنشأت نفسها كحركة شعبية تمزج بين تقديم الخدمات الاجتماعية والنشاط الإسلامي، إلى سدة الحكم بعد ثورة 2011، حيث انتخب محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب عبر صناديق الاقتراع. ولكن سرعان ما واجهت الجماعة موجات من الاستقطاب الداخلي والخارجي، لتؤول الأمور إلى الإطاحة بها في عام 2013 بعد احتجاجات شعبية هائلة. وفي اليمن، برز حزب الإصلاح كقوة معارضة رئيسية ضد الرئيس علي عبدالله صالح، ليشارك في الحكومة الانتقالية بعد رحيله عام 2012. غير أن اندلاع الحرب الأهلية وصعود الحوثيين أدى إلى تعقيد المشهد السياسي، ليغدو جزءًا من صراع لا نهاية له. ومثلها، لعبت الأحزاب الإسلامية في الجزائر دورًا هامًا منذ التسعينيات، خاصة بعد فوز "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" في الانتخابات، لكن الجيش حال دون تمكينها من اعتلاء سدة الحكم. ورغم أن الحركات الإسلامية حققت مستويات متفاوتة من النفوذ السياسي، فإن طريقها إلى السلطة كان محفوفًا بمقاومة داخلية، وعوائق عسكرية، وتحديات جيوسياسية إقليمية، مما جعل صعودها أكثر تعقيدًا وأقل استقرارًا في العديد من الحالات. الإسلاميون بين صناديق الاقتراع وميادين القتال تميز صعود الأحزاب الإسلامية إلى السلطة في تونس ومصر بعد ثورات الربيع العربي بعلاقة معقدة مع الهياكل العسكرية والإدارية القائمة. فقد تمكنت حركة النهضة في تونس وجماعة الإخوان المسلمين في مصر من تحقيق النجاح السياسي عبر الانتخابات الديمقراطية، التي تلت انهيار الأنظمة القائمة. بيدَ أن مؤسسات الدولة بقيت قائمة في كلتا الحالتين، ففي مصر ظل الجيش هو القوة الحاسمة في المشهد السياسي، أما في تونس فقد تمكنت مؤسسات الدولة الأمنية بالبقاء دون تغيير جذري. وفي سوريا كان المشهد مختلفًا تمامًا، إذ لم يكن بروز الإسلاميين على الساحة السياسية قد تم عبر مسار انتخابي معين وإنما جاء في سياق صراع طويل الأمد. فقد كان للإخوان المسلمين دور بارز في انتفاضة 1979-1982 ضد نظام الأسد، ولكنهم بقوا مهمشين في خضم الانتفاضة السورية منذ 2011 مع بروز فصائل إسلامية مسلحة أخرى، حيث ظهرت جماعات مثل "أحرار الشام" و"جيش الإسلام" كقوى معارضة لها حضور قوي في مراحل النزاع الأولى، إلا أن انقساماتها الداخلية والهزائم العسكرية أدت إلى تراجعها، وفي عام 2017، برز "الجيش الوطني السوري" كتحالف يضم فصائل معارضة، ومنها وحدات من "الجيش السوري الحر"، بدعمٍ تركي كبير. ولكن رغم ذلك، كانت "هيئة تحرير الشام"، التي تطورت من "جبهة النصرة" – الفرع السوري لتنظيم القاعدة – والتي انفصلت عن القاعدة فيما بعد هي القوة الإسلامية الأقوى في شمال سوريا التي استغلت انقسامات المعارضة لتثبيت سيطرتها. ومن خلال معاركها مع النظام والفصائل الأخرى، نجحت الهيئة في توسيع نفوذها في إدلب، وابتكرت هيكلًا إداريًا موازيًا أزاح سلطة الدولة والفصائل المتناحرة في المناطق التي تسيطر عليها. ولعل خصوصية النموذج السوري تكمن في تراجع سيادة الدولة في المناطق المتنازع عليها، ما سهل ظهور الفصائل الإسلامية التي أسست هياكل حكم بديلة. وعلى النقيض من ذلك، تمكنت تونس ومصر من الحفاظ على التماسك المؤسسي للدولة، بما في ذلك التفوق العسكري، حتى بعد صعود الحكومات الإسلامية المنتخبة. ويفسر هذا التباين الهيكلي قدرة هيئة تحرير الشام على ممارسة المزيد من التحكم الذاتي المستقل، في حين أن جماعات مثل النهضة والإخوان المسلمين كانت مقيدة في نهاية المطاف بالنفوذ المستمر للمؤسسات العسكرية والبيروقراطية القائمة سلفًا. علاوة على ذلك، أسفرت الحرب السورية المستمرة عن فراغ في السلطة سمح لجماعات مثل "هيئة تحرير الشام" بالاستفادة من الفرص العسكرية لتأمين الأراضي والحكم بها، الأمر الذي أدى أخيرًا إلى انهيار نظام الأسد في حملة عسكرية استمرت 11 يومًا في ديسمبر/ كانون الأول 2024، بينما تمثل ليبيا في سياق آخر حالة أكثر تعقيدًا، حيث إن سقوط معمر القذافي في عام 2011 أفضى إلى فراغ مؤقت في السلطة، لكن تفكك مؤسسات الدولة لم يكن كاملًا كما هو الحال في سوريا. وقد أتاح هذا التفكك لجماعات مثل "الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية" فرض تأثير محدود، ولكن من دون أن تحقق السيطرة الإقليمية المستدامة أو القدرة على الحكم التي حققتها "هيئة تحرير الشام" في إدلب. كما أن الوجود المستمر لمليشيات متنافسة والعامل القبلي في ليبيا أعاق أي جماعة إسلامية عن الوصول إلى السلطة المركزية التي كانت قد تحققت في سوريا تحت حكم "هيئة تحرير الشام". اختبار البقاء في المشهد السوري لا شك أن تجربة الحكم الجديدة التي تتصدرها "هيئة تحرير الشام" تواجه تحديات جسيمة في سوريا، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. داخليًا، يتمثل العائق الرئيسي في الحفاظ على الوحدة داخل مجتمع سوري مفكك بعمق على أسس عرقية وطائفية وأيديولوجية، نتيجة سنوات من الحرب الداخلية. فقد تعرض النسيج الاجتماعي في سوريا لشرخ حاد، مع وجود نزاعات ليس فقط بين الفصائل الإسلامية والعلمانية، بل أيضًا بين الجماعات العرقية، ولا سيما الكرد في الشمال الشرقي. لذلك، لا بد من العمل على معالجة التهميش التاريخي للكرد والأقليات الأخرى، حيث إن استمرار استبعادهم سيؤدي إلى تفاقم تفكك الدولة. كما أن بناء سوريا مستقرة ومستدامة يتطلب تطوير هوية وطنية تتجاوز الطائفية والسيطرة الأيديولوجية. ولهذا، سيكون من الضروري السعي إلى تعزيز حوار وطني شامل يرتكز على المصالحة ومشاركة السلطة، ويجب أن يبدأ هذا الحوار بمجرد فرض الأمن بشكل أساسي في المناطق الرئيسة، مما يسمح بالمشاركة الآمنة للفاعلين السياسيين. ومن الضروري أن يمثل هذا الحوار طيفًا واسعًا من النخب، بمن في ذلك القادة الكرد والشخصيات القبلية، والنشطاء العلمانيون. ولينجح هذا الحوار، يجب أن يركز على آليات العدالة الانتقالية والتسويات المتبادلة بعيدًا عن الممارسات الاستبعادية التي ساهمت في تعميق الشروخ في النسيج الاجتماعي السوري طوال العقود الماضية. أما على الصعيد الدولي، فإن التحديات التي تواجهها الحكومة السورية الجديدة بسبب مرجعيتها لا تقل عن تلك التي على الصعيد الداخلي. فقد أفضت الروابط التاريخية للجماعة مع الشبكات المتطرفة، على الرغم من محاولاتها إعادة تموضعها ضمن أطر وطنية أكثر واقعية، إلى حدوث فقدان كبير للثقة بينها وبين القوى الغربية والعالم العربي. ولهذا فإن إعادة سوريا إلى مكانتها ضمن المجتمع الدولي، يتطلب من السلطة أولًا الالتزام علنًا بالحكم غير الطائفي، ومبادرات مكافحة الإرهاب والامتثال للمعايير الدولية لحقوق الإنسان وسيادة الدولة. كما أن الانخراط مع الجهات الفاعلة الإقليمية، وخاصة الدول الرئيسة مثل المملكة العربية السعودية، ومصر، وقطر، سيوفر حتمًا وسيلة لتطبيع العلاقات مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية. وهذا سيتطلب تقديم رؤية لمستقبل سوريا تتماشى مع الاستقرار الإقليمي ولا تجعل منها منصة للتطرف العابر للحدود. بالإضافة إلى ذلك، فإن رفع العقوبات الأميركية مؤقتًا بموجب الترخيص رقم 24 يمكن أن يشكل خطوة حاسمة نحو الانخراط الدبلوماسي، شريطة أن يتم تبني إصلاحات ملموسة واهتمامًا بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان وسيادة الدولة. إن بناء علاقات دائمة وبناءة بين سوريا والعالم العربي والغرب يتطلب نهجًا شاملًا قائمًا على التعاون بين كل الأطراف. ومع حل "هيئة تحرير الشام" نفسها وتنصيب السيد أحمد الشرع رئيسًا للجمهورية العربية السورية، بات لزامًا إجراء تحول جذري في الحوكمة يقوم على مبادئ العدالة والمساءلة والالتزام الثابت بالاستقرار الإقليمي. ومن هنا فإن الإعلان عن حل "هيئة تحرير الشام" مع حل مليشيات أخرى لإنشاء هيكل عسكري وطني موحد يمثل خطوة كبيرة نحو تعزيز سلطة الدولة، وتعزيز الوحدة الوطنية، لا يقل أهمية عن ذلك تدابير بناء الثقة، بما في ذلك تسهيل جهود إعادة الإعمار على نطاق واسع وضمان العودة الآمنة والكريمة للاجئين، وهما أمران حاسمان لاستعادة الثقة والشرعية. علاوة على ذلك، فإن الإرادة الجادة في الانخراط بالحوار الدبلوماسي مع القوى الغربية ستكون حاسمة في تحديد كيفية إعادة سوريا إلى المجتمع الدولي في الوقت ذاته، إذ إن تنفيذ إصلاحات واضحة وقابلة للقياس وعملية ديمقراطية تدريجية أمر بالغ الأهمية لضمان الاستقرار السياسي طويل الأمد والمرونة المؤسساتية. وستلعب الدبلوماسية الاقتصادية أيضًا دورًا مهمًا في تعافي سوريا، حيث إن الاستثمارات الأجنبية خاصة من خلال التعاون الإستراتيجي مع دول الخليج ستشكل حجر الزاوية لإعادة البناء بعد النزاع. وسيكون تعزيز الشراكات المستدامة مع العالم العربي، وخاصة دول الخليج، أمرًا أساسيًا في تسهيل الإنعاش الاقتصادي لسوريا واندماجها الإقليمي الأوسع. وفي الختام، يكشف صعود الحركات الإسلامية في تونس، ومصر، وليبيا، وسوريا، بعد الربيع العربي عن سردية معقدة من الفرص والتحديات. ففي تونس ومصر نجحت جماعات مثل "النهضة" وجماعة الإخوان المسلمين في الانتقال من المعارضة إلى الحكم، مستفيدة من قاعدتها الشعبية للوصول إلى السلطة عبر العملية الانتخابية. ومع ذلك، كانت فترة حكمهم مليئة بالتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خاصة في تحقيق التوازن بين الطموحات الأيديولوجية والمتطلبات العملية للحكم. وفي ليبيا، تمكنت "الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية" من اكتساب النفوذ في فترة ما بعد القذافي، لكنها واجهت صعوبة في تحقيق السيطرة المستدامة؛ بسبب المشهد السياسي والمليشياوي المنقسم. في المقابل، كان مسار سوريا مختلفًا، حيث استمرت "هيئة تحرير الشام" والفصائل المنضوية تحت لوائها في النضال المسلح لإزاحة نظام الأسد، الذي انهار مع مؤسساته بالكامل، الأمر الذي جعل لزامًا العمل على إعادة بناء الدولة وتشكيل جيش وطني جديد. وتسلط هذه الحالات الضوء على المسارات المتباينة التي سلكها الإسلاميون للوصول إلى السلطة في الشرق الأوسط، بدءًا من الاندماج السياسي داخل الهياكل العسكرية القائمة في تونس ومصر، إلى المعارضة المسلحة الثورية في ليبيا وسوريا. وتبرز هذه الحالات مجتمعة آليات التفاعل المعقدة بين الأيديولوجية الإسلامية والحكم والواقع السياسي في حقبة ما بعد الربيع العربي بالمنطقة، حيث لا تزال الشرعية المستمدة من الدعم الشعبي وتعقيدات الحفاظ على الوحدة الوطنية عوامل محورية لبقاء هذه الحركات ومستقبلها.


موقع كتابات
١٧-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- موقع كتابات
'التشظي في الأحزاب الثورية: لماذا تفشل الحركات الثورية في الحفاظ على وحدتها؟'
تتعرض الأحزاب الثورية، بطبيعتها، لمخاطر التشظي والانقسامات الداخلية، سواء بسبب صراعات القيادة، أو الخلافات الأيديولوجية، أو التدخلات الخارجية. وقد شهد التاريخ العديد من الأمثلة لأحزاب ثورية بدأت بقوة ثم تعرضت لانقسامات حادة أدت إلى إضعافها أو زوالها. في هذا المقال، نستعرض الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى تشظي الأحزاب الثورية، مدعمة بأمثلة تاريخية. غالبًا ما تنشأ الأحزاب الثورية نتيجة رفضها للأوضاع القائمة وسعيها لإحداث تغيير جذري، ولكن هذا لا يعني أن جميع أعضائها يتبنون نفس الرؤية أو يتفقون على وسائل تحقيق الأهداف. مع مرور الوقت، تظهر تباينات في الأفكار بين التيارات الأكثر تطرفًا والتيارات المعتدلة، مما يؤدي إلى حدوث انقسامات داخلية. ومن الأمثلة التاريخية مثلا ما اصاب الثورة الروسية والحزب البلشفي: انقسم الحزب الاشتراكي الديمقراطي العمالي الروسي عام 1903 إلى جناحين رئيسيين: البلاشفةبقيادة فلاديمير لينين، والمناشفة بقيادة يوليوس مارتوف.** نشأ الخلاف بسبب تباين الرؤى حول طبيعة الحزب، حيث أراد لينين حزبًا مركزيًا ومنضبطًا، بينما دافع المناشفة عن بنية أكثر انفتاحًا. أدى هذا الانقسام لاحقًا إلى تفوق البلاشفة والسيطرة على الثورة البلشفية عام 1917، في حين تلاشى دور المناشفةتدريجيًا. وكذلك الثورة الصينية والحزب الشيوعي الصيني: في ثلاثينيات القرن العشرين، شهد الحزب الشيوعي الصيني انقسامًا داخليًا بين الماويين (أتباع ماو تسي تونغ) الذين ركزوا على الثورة الزراعية، والمجموعات التي دعمت النموذج السوفييتي الأكثر تركيزًا على الطبقة العاملة في المدن. في النهاية، انتصر خط ماو، لكن الحزب كان على وشك التشظي عدة مرات قبل أن يحقق انتصاره النهائي عام 1949. تؤدي الخلافات الشخصية والطموحات السياسية إلى نزاعات داخل الأحزاب الثورية، خصوصًا عندما لا يكون هناك آلية واضحة لانتقال القيادة. مع غياب التوافق، تبرز انشقاقات داخلية قد تؤدي إلى تشكيل أحزاب جديدة. مثل ما حصل مع حركة فتح والانشقاقات الفلسطينية: خلال السبعينيات والثمانينيات، شهدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) عدة انشقاقات نتيجة خلافات بين قيادتها. من أبرز هذه الانشقاقات، انشقاق 'فتح الانتفاضة' عام 1983 بسبب خلافات حول الموقف من القيادة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات. أدى هذا التشظي إلى إضعاف الفصائل الثورية الفلسطينية وإلى صراعات داخلية أثرت على القضية الفلسطينية. وما اصاب الحزب الشيوعي السوفييتي بعد وفاة لينين: بعد وفاة فلاديمير لينين عام 1924، احتدم الصراع على القيادة بين جوزيف ستالين وليون تروتسكي. انتهى الصراع بانتصار ستالين ونفي تروتسكي، لكن الانقسامات الداخلية استمرت، خصوصًا خلال 'التطهير العظيم' الذي شهد تصفية العديد من قادة الحزب. تعمد الأنظمة السياسية القائمة والقوى الخارجية إلى تفكيك الأحزاب الثورية عبر اختراقها أمنيًا، أو تقديم الدعم لمعارضيها، أو حتى استهداف قادتها بشكل مباشر. كما حالة التفكيك التي اصابة الحزب الشيوعي الإندونيسي (PKI): كان الحزب الشيوعي الإندونيسي أحد أكبر الأحزاب الثورية في العالم حتى عام 1965، عندما تعرض لحملة قمع واسعة قادها النظام العسكري بقيادة سوهارتو. أُعدم مئات الآلاف من أعضائه وتم تفكيكه بالكامل بسبب الضغوط الداخلية والخارجية. وكذلك الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر: بعد أن فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالانتخابات في الجزائر عام 1991، تدخل الجيش وألغى نتائج الانتخابات، مما أدى إلى اندلاع الحرب الأهلية الجزائرية (العشرية السوداء). انقسمت الجبهة لاحقًا إلى عدة تيارات، منها من اختار العمل السلمي، ومنها من انخرط في الكفاح المسلح مثل الجماعة الإسلامية المسلحة (GIA)، مما أدى إلى إضعاف الحركة الثورية. غالبًا ما تنشأ صراعات داخل الأحزاب الثورية حول كيفية التعامل مع السلطة، خصوصًا بعد تحقيق بعض المكاسب السياسية. البعض يرى ضرورة الانخراط في العملية السياسية، بينما يفضل آخرون الاستمرار في النهج الثوري. ما حصل لحركة الإخوان المسلمين في مصر: بعد ثورة 2011، واجهت جماعة الإخوان المسلمين صراعًا داخليًا بين من رأى ضرورة الدخول في العملية السياسية عبر الانتخابات، ومن حذر من مخاطر ذلك. تفاقمت الخلافات بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي عام 2013، مما أدى إلى انشقاقات داخل الجماعة وظهور تيارات أكثر راديكالية. وهذا ما حصل مع الثورة الإيرانية 1979: بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران، ظهرت خلافات بين الإسلاميين بقيادة الخميني، وبين التيارات اليسارية والعلمانية التي شاركت في الثورة. أدى هذا الصراع إلى قمع الأحزاب اليسارية مثل منظمة مجاهدي خلق، ما أدى إلى إقصاء جميع التيارات غير الإسلامية من السلطة. بعد تحقيق النجاح الأولي، تعاني العديد من الأحزاب الثورية من صعوبة في الاتفاق على المسار المستقبلي، مما يؤدي إلى انقسامات داخلية بين من يريدون الإصلاح التدريجي، ومن يتمسكون بالأفكار الراديكالية. على سبيل المثال الثورة الفرنسية (1789-1799): بدأ الثوار الفرنسيون كجبهة موحدة ضد النظام الملكي، لكن سرعان ما انقسموا إلى عدة تيارات، مثل الجيروندين المعتدلين، واليَعاقِبالراديكاليين بقيادة روبسبير. انتهى الأمر بإعدام روبسبير نفسه وظهور ديكتاتورية نابليون بونابرت. ونفس الامر حصل مع الثورة الليبية 2011: بعد سقوط نظام القذافي، لم تتفق الفصائل الثورية المختلفة على نموذج حكم موحد، مما أدى إلى حرب أهلية بين الجماعات المسلحة والسياسية، وتحول البلاد إلى ساحة صراع بين قوى إقليمية ودولية. على الرغم من أن التشظي يبدو أمرًا متكررًا في الأحزاب الثورية، إلا أن هناك استراتيجيات يمكن أن تقلل من مخاطره، مثل: