أحدث الأخبار مع #الجيو


بوابة الأهرام
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- بوابة الأهرام
عالم التنافسيات الإمبريالية
عقب تفكيك الاتحاد السوفيتي مطلع العقد الأخير من القرن الماضي، أعدت الولايات المتحدة الأمريكية إبان حكم الرئيس الأمريكي رقم (42) بيل كلينتون (1993 ــ 2000) لكي تحكم العالم كقوة عظمي وحيدة» A Lonely Super Power؛ حسب الاستراتيجي الراحل صموئيل هانتينجتون (1927 ــ 2008). وذلك توطئة لكي تسلك سلوكا إمبراطوريا وفق رؤية المحافظين الجدد الذين تحالفوا مع اليمين الديني الجديد الذين كانوا يوجهون حكم الرئيس الأمريكي الجمهوري رقم (43) جورج بوش الابن (2001 ــ 2008). إلا أن الصعود الصيني والتمدد الروسي وتحرك كثير من القوي الإقليمية في شتي قارات العالم حال دون الاستئثار الأمريكي بالعالم بدرجة أو أخري. ما أنهي الفترة الوسيطة للنظام العالمي التي فصلت بين النظام العالمي: الثنائي القطبية، الذي ساد العالم في الفترة بين 1945 و1989 وبين النظام العالمي قيد التشكل الذي تتزاحم فيه القوي القديمة والجديدة منذ مطلع العقد الثاني من الألفية الراهنة. ومنذ ذلك التاريخ وإلي يومنا هذا هناك بحث حقيقي حول طبيعة هذا النظام من قبل كثير من المؤرخين/الباحثين والاستراتيجيين/السياسيين. واللافت أن هذا البحث لم يمل للأخذ بالوصف الشائع في فكرنا المحلي بأن النظام العالمي الحالي هو نظام متعدد القطبية. إذ أن كثيراً من الدراسات التي واكبت هذا التحول النوعي في طبيعة النظام العالمي رصدت كيف أن العالم، نعم قد بات أمام تعددية، ولكنها تعددية من نوع جديد. إذ لا تتنافس فيها القوي القديمة والجديدة وفق: الأيديولوجية، أو في ظل وحدة سياسية بالمعني الإمبراطوري القديم، حيث تهيمن دولة واحدة علي العالم وتسير باقي الدول في فلكها الإمبراطوري، أو في ظل توازن قوي تضبطه قواعد وأعراف النظام الدولي. وإنما تتصارع القوي القديمة والجديدة اعتمادا علي آليتين هما: الصراع والحرب. أي استخدام القوة لفرض الشرعية علي أمرين: أولا: تحقيق أقصي مقاصد المصلحة القومية العليا لكل قوة متنافسة في النظام العالمي الجديد. ثانيا: تعظيم مغانم تلك القوي من ثروات وموارد ومساحات جغرافية إن لزم الأمر. وبالنتيجة، يعتبر الكثيرون اللحظة التاريخية الراهنة بمثابة: «تأسيس جديد»؛ تأسيس لمرحلة بعد، ما بعد (مرحلة التفرد الأمريكي)، الحرب الباردة. وفي هذا المقام، يصف أحد الباحثين تلك التعددية بأنها تعددية ذات «سلوك إمبريالي»؛ حيث تحكمها «الجغرافيا السياسية أو الجيو ـ بوليتيك» من أجل اقتسام العالم عبر استنفاد الثروات الطبيعية أو احتكار الطاقة. ونحيل إلي كتابنا: «رأسمالية ظالمة»؛ حيث أشرنا فيه إلي أن الجيو ــ بوليتيك»، المنفذ في عالمنا اليوم علي أرض الواقع، يتشكل ــ علي سبيل المثال لا الحصر ــ من الآتي: جيوبوليتيكا احتكار الأراضي الصالحة للزراعة، وجيوبوليتيكا الثروة المعدنية، جيوبوليتيكا المياه، وجيوبوليتيكا المرافئ، وجيوبوليتيكا الثقافة والتعليم والفنون، وجيوبوليتيكا العقود النفطية، وجدير بالذكر في هذا الإطار أن عددا من الاستراتيجيات الجيوبوليتيكية السابقة يتم في بعض المواضع مع سلطة الدولة الشرعية، وفي مواضع أخري مع القوي غير الشرعية حسب المصالح. وقد وصف أحد الباحثين «الجيوبوليتيكيات» السالفة الذكر: بحرب النفوذ الجيوبوليتيكية من أجل الهيمنة علي السوق العالمية في شتي أنحاء الكوكب: شرق آسيا، وجنوب شرق آسيا، وجزر الهادي، وشرق إفريقيا، وشمال إفريقيا، وجنوب إفريقيا، وشرق أوروبا، وجنوب شرق أوروبا، وآسيا الوسطي والقوقاز، وكولومبيا...إلخ. وربما يكون من المفيد هنا التذكير بأن الإمبريالية؛ في أبسط تعريف لها تعني: المرحلة الاحتكارية من الرأسمالية. ويحدث الاحتكار عندما تبدأ قوة ما في ممارسة احتكار رأس المال: الصناعي/الزراعي، والمعرفي/التقني، ومن ثم الرقمي/المالي، وتبدأ في تصديره لدول العالم وفق قواعد احتكارية فإن هذا يمنحها الهيمنة علي العالم.وذلك بهدف تقاسم الجغرافية السياسية في العالم لتلبية احتياجات الداخل لمراكز الثقل القديمة والصاعدة من طاقة، ومحاصيل زراعية، وموارد معدنية لازمة للصناعة وللتكنولوجيا. ومن ثم تعددت أشكال السلوك الإمبريالي فباتت هناك مثلا بعض الدول ذات الوفرة المالية التي تعاني نقص الأرض الصالحة للزراعة تقوم باحتكار شراء الأراضي الزراعية من دول أخري فقيرة. كما باتت دول أخري من التي تتمتع بامتلاك احتياطي من الطاقة من جهة، وفائض من الثروة من جهة أخري تعمل علي تأمين المرافئ، والممرات المائية اللازمة لتدفق بيع الطاقة ومختلف أنواع السلع، وللدفاع.ويجمل، واصفا ما سبق أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو «جون ميرشماير» (78عاما) بأنها: تراجيديا سياسات القوي؛ الكبري القديمة والجديدة. وتجدر الإشارة هنا إلي أنه من أهم تجليات ما نشاهده من تراجيديا سياسات القوي الإمبريالية القديمة والمستجدة العالمية والإقليمية نرصد الآتي: أولا: الإضعاف المتعمد للمؤسسات الدولية التي كانت تكافح ــ في حدود المتاح ــ من أجل ممارسة صلاحياتها في إعمال القوانين والأعراف الدولية. ثانيا: الانفضاض غير الأخلاقي عن الالتزامات الدولية. وثالثا: إعادة تشكيل التحالفات الدولية بما يحقق المصالح الإمبريالية. رابعا: الإفراط في العسكرة لردع أي تهديدات محتملة. وبالنسبة للتجلي الأخير نشير هنا إلي أن تطورا قد لحق بمفهوم الردع كي يكون شاملا وتكامليا فلا ينحصر فقط عند حد الردع النووي بل ليشمل ــ إضافة للنووي عناصر «ردعية» أخري وهو ما يطلق عليه الصينيون: «عقيدة الردع التكاملية»، أو الأمريكيون «الردع المتكامل» integrated deterrence؛ حيث يتم العمل علي التكامل بين الردع التقليدي والنووي والتوجيهي وفي مجال التحكم الأوتوماتيكي والسيبراني والفضائي والمعلوماتي...وذلك علي مسارح المنافسة والنزاع المحتمل...في كامل طيف النزاعات، أي من الحرب العالية الحدة إلي المنطقة الرمادية» (للمزيد يمكن مراجعة وثائق الأمن القومي الصينية والأمريكية ــ 2020 وما بعدها). وبعد، إن ما يجري في عالم اليوم يشير بقوة إلي أننا أمام مفتتح مرحلة تاريخية جديدة تتطلب مراجعات جدية وعميقة تؤمن بأن هناك سياقا مغايرا عما عرفه الفكر السياسي المعني بتطور النظام العالمي. ما يعني العمل الدءوب علي فهم (إن جاز) ثلاثية: «المختلف والمستجد والمحتمل» في هذا السياق المغاير الذي يتسم بالتنافسية الإمبريالية. وهو عمل يحتاج إلي تضافر كل حقول المعرفة معا لحل شفرة/شفرات السياق الجديد.


الصحراء
١٨-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الصحراء
نحو مبادرة عربية للأمن الإقليمي
يجد الشرق الأوسط نفسه عند مفترق طرق، ويواجه سؤالاً جوهرياً: كيف يمكن للمنطقة أن تضع حداً لحرب الاستنزاف المطولة هذه، وتؤسس إطاراً أمنياً شاملاً يخفف التوترات، ويمنع الصراعات المستقبلية، ويرسي أسس السلام الدائم؟ وبينما يضع البعض ثقته في قوى عالمية، مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي، للتدخل وتحقيق الاستقرار في المنطقة، يظل الواقع أبعد ما يكون عن ذلك. ففي حين أن الموقع الجيو ـ استراتيجي للشرق الأوسط، وموارده من الطاقة، وثرواته تجعله لا غنى عنه في السياسة العالمية، يبدو أن الولايات المتحدة والصين مهتمتان في المقام الأول بحماية مصالحهما المباشرة بينما يبدو أن روسيا والاتحاد الأوروبي يركزان على إنقاذ ما تبقى من مصالحهما. بشكل جماعي، تفتقر هذه القوى إلى رؤية متماسكة أو إطار سياسي قادر على التخفيف من التحديات الهيكلية التي تُديم دورات الصراع في الشرق الأوسط. يشير هذا إلى حقيقة لا يمكن إنكارها، ألا وهي أن مسؤولية إنهاء الحروب الراهنة وشق طريق نحو الاستقرار تقع الآن بالكامل على عاتق القوى الإقليمية الفاعلة في المنطقة. وإذا كانت هذه القوى عازمة على رفض الوضع الراهن الفوضوي، فعليها اتخاذ خطوات استباقية لإعادة تشكيل مستقبل الشرق الأوسط. وقد يدفع التفاعل المعقد في أعقاب حرب غزة بين المكاسب والخسائر والفرص والمخاطر، قد يدفع القوى الإقليمية إلى استكشاف إمكانات ترتيبات الأمن الجماعي ويمكن أن تكون مثل هذه الترتيبات بمثابة أساس لتخفيف التوترات وتخفيف النزاعات وفتح آفاق السلام المستدام. إن استعداد هذه القوى الإقليمية لتبني التعاون سيحدد ما إذا كان الشرق الأوسط قادرا على تجاوز دورات العنف والخروج ككيان أكثر استقرارا وتعاونا في مشهد عالمي متزايد الديناميكية والتقلب. على الرغم من بروز إسرائيل كفائز استراتيجي في الصراع الراهن في الشرق الأوسط الحالي، إلا أن محاولتها ممارسة الهيمنة الإقليمية مآلها إلى الفشل وبكلفة باهظة. ولكي تتحرر إسرائيل من وهم الهيمنة، يجب عليها التخلي عن سياساتها المُتجذرة في الإكراه والهيمنة الأحادية الجانب وحرمان الفلسطينيين من حق تقرير المصير. وبدلامن ذلك، يجب عليها السعي إلى توافق إقليمي يهدف إلى تسويات سلمية، وترتيبات أمنية جماعية، وترسيم نهائي للحدود على نحو يحظى بالاحترام المتبادل. وبدون مثل هذه المراجعة الاستراتيجية الضرورية، تخاطر إسرائيل بالبقاء متورطة في صراع لا ينتهي يقوض السلام الإقليمي ومصالحها طويلة الأجل. أما إيران، فقد انتهت محاولتها للهيمنة الإقليمية في أعقاب حرب غزة بخسائر فادحة وتراجعات في النفوذ طالت فلسطين ولبنان وسوريا والعراق. لقد انهار خطاب «محور المقاومة» الذي قادته إيران طوال العقود الماضية، وذلك تحت وطأة ضغوط الصراع والدمار المتواصلة والتفوق العسكري الإسرائيلي الساحق مما جعل الجمهورية الإسلامية أكثر عرضة للخطر وللعزلة في الشرق الأوسط. ولكي تتجاوز إيران تلك الأخطار، فإن عليها إعادة النظر في سياساتها وإدخال تغيير جذري في نهجها والبحث عن بناء توافقات إقليمية. في المقابل، بذلت مصر جهودًا كبيرة للتخفيف من حدة عدم الاستقرار الإقليمي، وعززت التعاون مع شركاء رئيسيين مثل السعودية والإمارات وتركيا وقطر مع الحفاظ على نهج دبلوماسي حذر تجاه إيران وإظهار ضبط النفس الاستراتيجي الكبير إزاء إسرائيل. وعلى الرغم من الدور المحوري لمصر كوسيط في الجهود المبذولة لتثبيت وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس وإعادة إعمار غزة والتخطيط لسيناريوهات ما بعد الحرب فيما خص إدارة شؤون القطاع وتركيز الاهتمام الإقليمي والعالمي على القضية الفلسطينية، إلا أن تعنت إسرائيل المستمر يستدعي تكاتفا إقليميا مع الجهود المصرية. وتتوافق رؤى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر بشكل وثيق مع تركيز مصر على الاستقرار والأمن الجماعي، وتعكس أيضا أولويات وطنية متميزة لهذه الدول الخليجية تشكلها أهدافها الجيوسياسية والاستراتيجية الفريدة. ويظل تركيز المملكة العربية السعودية منصبا على المضي قدما في أجندة التحديث الخاصة برؤية 2030، مع حماية مواردها من التوترات الإقليمية العالقة في الخليج وفي المشرق ومع إدارة حوار استراتيجي مع الولايات المتحدة بشأن ضمانات أمنية وبرنامج نووي سلمي وجهود التطبيع الإقليمية التي تربطها الرياض بإقامة الدولة الفلسطينية. لذلك تفضل السعودية، شأنها شأن مصر، التوافق حول ترتيبات أمنية جماعية وصياغة إطار أوسع للتعاون الإقليمي لمواجهة كافة هذه التحديات المترابطة وتحقيق سلام دائم. أما الإمارات، فالمؤكد أنها تشعر بقلق متزايد إزاء مخاطر انهيار النظام السوري والتنافس بين تركيا وإيران وإسرائيل على الهيمنة الإقليمية. وللتخفيف من هذه المخاطر، تستكشف الإمارات العربية المتحدة سبل التعاون مع المملكة العربية السعودية للحفاظ على الاستقرار في الخليج ومعها ومع مصر لاستعادة الأمن في المشرق من فلسطين إلى سوريا. ولا تبتعد قطر عن مسارات التعاون من أجل إنهاء الحروب وبناء الأمن في الشرق الأوسط، وهو ما يظهر واضحا في اشتراكها مع مصر في جهود الوساطة بين إسرائيل وحماس لتثبيت وقف إطلاق النار وفي أدوار إيجابية في ساحات صراع أخرى كاليمن ولبنان وسوريا والسودان. تشترك القوى العربية الفاعلة في الشرق الأوسط، إذا، في مصلحة جوهرية هي إرساء إطار أمني جماعي يستعيد الأمن والاستقرار. دون مثل هذا الإطار، ستستمر دورة الحرب والصراع مستمرة وستواصل تعريض مصالح الكل للخطر. على الرغم من المصالح المشتركة، تُعيق عقباتٌ كبيرة جهود إرساء الأمن الجماعي في الشرق الأوسط أبرزها هو اعتماد بعض الجهات الإقليمية الأخرى، خاصة إسرائيل وإيران، على الأدوات العسكرية وتدخلها المتكرر في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وتُقوّض مثل هذه الممارسات الثقة وتُفاقم الانقسامات ويُصعّب من ثم بناء رؤية مشتركة للسلام. في هذا السياق، تُبرز الدول العربية بجهودها الدبلوماسية الراهنة وبابتعادها الشامل عن استخدام الأداة العسكرية ورغبتها في استبدال الحرب والصراع بإطار عمل للأمن الجماعي قائم على الحوار والتهدئة والتسويات السلمية. وبناءً على ذلك، يتعين أن تأخذ الدول العربية زمام المبادرة في إطلاق نقاش دبلوماسي وسياسي حول إقامة تجمع للأمن الإقليمي على غرار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) وذلك وفقا للالتزام بالمبادئ التالية: 1) عدم التدخل بمعنى احترام سيادة الدول والالتزام بعدم التدخل في شؤونها الداخلية، 2) حل النزاعات سلميا باعتماد الحوار والتفاوض وبناء التوافق لحل التوترات والصراعات، 3) إنهاء العسكرة بمعنى الالتزام بوقف التدخلات العسكرية المباشرة وبالوكالة ووقف دعم الميليشيات المسلحة والامتناع عن استخدام القوة العسكرية كأداة للوصول إلى أهداف سياسية، 4) دعم حق تقرير المصير أي بذل الجهود لإنهاء الاحتلال وتفكيك المستوطنات ورفع الحصار لتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير المصير ضمن أطر فعلية تفضي إلى الدولة المستقلة، 5) تجديد تماسك الدول الوطنية بإطلاق مبادرات لإعادة الاستقرار للدول المجزأة والمنهارة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وإنهاء وجود الميليشيات المسلحة ومن خلال إعطاء الأولوية للأمن الجماعي. أتمنى أن تعمل الدول العربية على إطلاق مثل هذه المبادرة ودعوة القوى الإقليمية الأخرى إلى الالتزام بمبادئها. كاتب من مصر نقلا عن القدس العربي


IM Lebanon
٠٦-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- IM Lebanon
لبنان يحبس أنفاسه… هل تُسرّع أورتاغوس ولادة الحكومة؟
كتب وسام أبو حرفوش وليندا عازار في 'الراي': فيما كان العالَمُ «يهتزّ» على وقع الخطة – الزلزال بعنوان «ريفييرا الشرق الأوسط» للرئيس الأميركي دونالد ترامب وتَعَهُّده بسيطرة الولايات المتحدة على غزة بعد «نَقْلِ» سكانها إلى دول أخرى، فإنّ هذه «الصدمة» التي تَجاوَزَ فيها «الرجلُ الذي لا يُتوَقَّع» جميع السقوف في ما خصّ طروحاتِه «الخارقةِ لكل التوقّعات» تَرَكَتْ أثَراً مُضاعَفاً في لبنان الذي يُقيم في «عين النار» منذ بدء «طوفان الأقصى» وبات مكشوفاً على مَساراتِ الحلول التي تُصاغ بميزانِ «الشرق الجديد» واقتراحاتٍ يُخشى أن تترك تشظياتٍ في أكثر من اتجاه سواء داخل الخرائط أو… عليها. وفي الوقت الذي كان العالمُ يتقصّى عما إذا كانت «الفكرةُ المجنونة» لترامب هي برنامج عمل للتنفيذ، وتالياً ما تداعياتُ ذلك على «جدوى» المرحلة الثانية من وقف النار في غزة، كما على موازين القوى في ضوء وضْع الرئيس الأميركي بلاده في الواجهة بإزاء أي مواجهةٍ لمرتكزاتِ «اليوم التالي» كما يراها للقطاع، على قاعدة أنها لن تكون مع إسرائيل بل مع الولايات المتحدة، ارتفع منسوبُ الترقب لِما ستبلغه نائبة المبعوث الخاص للسلام في الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس للمسؤولين اللبنانيين اليوم، وسط اعتبارِ إعلاءَ واشنطن الطابع «العقاري» للحلول في القطاع المسحوق على البُعد السياسي العميق الموصول بجوهر القضية الفلسطينية وحل الدولتين يشكّل إشارةً سلبيةً حيال ما قد ينتظر «بلاد الأرز» في حالتين: إذا أساءتْ تقديرَ الموقف في مقاربتها مندرجات اتفاق 27 تشرين الثاني مع اسرائيل الذي تنتهي مرحلته الانتقالية الممدّدة في 18 الجاري، في ظل اقتناعٍ بأن «الهدية الذهبية» التي شكّلها طرح ترامب في ما خص غزة ستجعل بنيامين نتنياهو طليق اليدين أكثر في ما خص جبهة لبنان والتمسك بأن هذا الاتفاق والقرار 1701 يشتملان على إنهاء وجود سلاح «حزب الله» جنوب الليطاني وشماله، واستطراداً بأن يُبْقي جيشه في 5 نقاط إستراتيجية داخل الأراضي اللبنانية بعد انقضاء الهدنة – 2 ما لم يخبئ مفاجآت سيئة إضافية لبيروت. إذا استمرت المماطلة في ملف تشكيل الحكومة الجديدة التي يُعتبر استيلادها «الأمس وليس غداً» من شروط تحصين وضعية لبنان في ما خص التطورات في الإقليم والتي صارت سرعتُها على قياس «إعصار ترامب» العائد إلى البيت الأبيض بفريق عملٍ من الأكثر تشدداً ودعماً لإسرائيل، كما بإزاء الحاجة إلى إكمال خطواتِ التغيير التي بدأتْ مع انتخاب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية وتكليف نواف سلام تأليف الحكومة، في خطوتين عكستا حجم التحولات في «بلاد الأرز» وتحديداً لجهة انحسار قبضة «حزب الله» عليها ربطاً بمجريات حرب لبنان الثالثة والتحولات الجيو – سياسية التي تبلورتْ خصوصاً بسقوط نظام بشار الأسد في سورية. وفي حين ستبحث اورتاغوس في أول زيارة لها لبيروت (خَلَفاً لـ آموس هوكشتاين) ملفي الحكومة الجديدة واتفاق وقف النار و«اليوم التالي» لـ 18 فبراير، في ظل تقارير نقلت عنها أنها تحدثت أخيراً إلى الرئيس سلام ومسؤولين آخرين في لبنان ولم تقُل لهم مَن عليهم أن يختاروا للحكومة، وذلك ربطاً بما سرى عن أن واشنطن أبلغت رفضاً لإشراك «حزب الله» أو لأسماء مطروحة من الثنائي الشيعي للتوزير، كان لافتاً، أمس، كلام الرئيس عون عن أن «البند المتعلق بإطلاق الأسرى اللبنانيين المحتجزين في إسرائيل، يدخل ضمن الاتفاق الذي تنتهي المهلة المحددة له في 18 الجاري»، مشدداً على أن «الاتفاق ينص أيضاً على احترام القرار 1701، ولبنان ملتزم بتطبيق هذا القرار الدولي، وعلى إسرائيل أيضاً احترامه». وعشية وصول اورتاغوس ازداد «حبس الأنفاس» حيال إمكان استيلاد الحكومة خلال ساعاتٍ على وهج معلومات تقاطعت عند أن الاتصالات أفضت إلى اختراقاتٍ في أكثر من عقدة، أبرزها التفاهم على منْح «القوات اللبنانية» حقيبة سيادية هي الخارجية (تردّد أن مَن سيتولاها – وطُرح اسم السفير يوسف رجي – يشكل تقاطعاً بين القوات والرئيسين عون وسلام) كونها صاحبة الكتلة الأكبر في البرلمان والأكثر تمثيلاً للمسيحيين، إلى جانب حقائب هي الطاقة والاتصالات ورابعة كان لايزال النقاش حولها، في الوقت الذي استمرّت مساعي إيجاد مخرج للوزير الشيعي الخامس الذي يريد رئيس الجمهورية والرئيس المكلف ألّا يكون من حصة ثنائي حزب الله والرئيس نبيه بري وإن يُترك لهما «رأي» في الاسم وذلك حرصاً على «سحب ذريعة» التعطيل الميثاقي بحال اختارا الاستقالة من الحكومة وتالياً إفقادها «الوزن الميثاقي». وفيما انشدّت الأنظار إلى الزيارة التي قام بها سلام للقصر الجمهوري مساء أمس، قبل أن يتكشف لقاء عون والرئيس المكلف عن أن إخراج الحكومة إلى النور ما زال يحتاج إلى بعض الوقت، كان لافتاً أن «القوات اللبنانية» أصرّت على ربْط مشاركتها بالحكومة – إلى جانب مَطالبها الوزارية التي تعبّر تلبيتُها عن كسْر حظرٍ فُرض عليها طويلاً لجهة تولي حقيبة سيادية كما عن بُعد سياسي يرفد التشكيلة بتوازنٍ يطلّ على «لبنان الجديد» – بضماناتٍ أعلنت أنها طلبتها من الرئيس المكلف في ما خص «تنفيذ القرارات الدولية على كامل التراب الوطني وليس في الجنوب فقط وتوضيح التدابير للتأكد من عدم التعطيل أو التوقيع أو التأخير والالتزام من الحكومة بالتدقيق الجنائي في كافة الوزارات من دون استثاء «، مؤكدة «ننتظر الضمانات المطلوبة ليبنى على الشيء مقتضاه والتي يجب أن تعطى لكل اللبنانيين كي لا نفوت الفرصة المتاحة». وإذ برزت مواقف أطلقها سلام في كلمة مكتوبة بعد لقاء عون حيث «انّني أعمل على تأليف حكومة تكون على درجة عالية من الانسجام بين أعضائها وملتزمة مبدأ التضامن الوزاري، حكومة إصلاح ولن أسمح بأن تحمل في داخلها إمكان تعطيل عملها بأيّ شكل»، كان رئيس الجمهورية أكد أمام زواره أمس «أنني مستعجل على تشكيل الحكومة في أسرع وقت، لأن أمام لبنان فرصاً كثيرة في هذه المرحلة في ظل الاستعداد الذي يُبْديه العديد من الدول لمساعدته وكل ذلك في انتظار التشكيل»، موضحاً انه على «تشاور وتوافق مع الرئيس المكلف للتوصل الى صيغة حكومية تراعي المبادئ والمعايير التي وضعناها»، آملاً في «ان تكون الأمور قد اقتربت من خواتيمها بعد حلحلة غالبية العقد».


الرأي
٠٥-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- الرأي
لبنان يحبس أنفاسه على وهج فكرة ترامب «المجنونة»
فيما كان العالَمُ «يهتزّ» على وقع الخطة - الزلزال بعنوان «ريفييرا الشرق الأوسط» للرئيس الأميركي دونالد ترامب وتَعَهُّده بسيطرة الولايات المتحدة على غزة بعد «نَقْلِ» سكانها إلى دول أخرى، فإنّ هذه «الصدمة» التي تَجاوَزَ فيها «الرجلُ الذي لا يُتوَقَّع» جميع السقوف في ما خصّ طروحاتِه «الخارقةِ لكل التوقّعات» تَرَكَتْ أثَراً مُضاعَفاً في لبنان الذي يُقيم في «عين النار» منذ بدء «طوفان الأقصى» وبات مكشوفاً على مَساراتِ الحلول التي تُصاغ بميزانِ «الشرق الجديد» واقتراحاتٍ يُخشى أن تترك تشظياتٍ في أكثر من اتجاه سواء داخل الخرائط أو... عليها. وفي الوقت الذي كان العالمُ يتقصّى عما إذا كانت «الفكرةُ المجنونة» لترامب هي برنامج عمل للتنفيذ، وتالياً ما تداعياتُ ذلك على «جدوى» المرحلة الثانية من وقف النار في غزة، كما على موازين القوى في ضوء وضْع الرئيس الأميركي بلاده في الواجهة بإزاء أي مواجهةٍ لمرتكزاتِ «اليوم التالي» كما يراها للقطاع، على قاعدة أنها لن تكون مع إسرائيل بل مع الولايات المتحدة، ارتفع منسوبُ الترقب لِما ستبلغه نائبة المبعوث الخاص للسلام في الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس للمسؤولين اللبنانيين اليوم، وسط اعتبارِ إعلاءَ واشنطن الطابع «العقاري» للحلول في القطاع المسحوق على البُعد السياسي العميق الموصول بجوهر القضية الفلسطينية وحل الدولتين يشكّل إشارةً سلبيةً حيال ما قد ينتظر «بلاد الأرز» في حالتين: • إذا أساءتْ تقديرَ الموقف في مقاربتها مندرجات اتفاق 27 نوفمبر مع اسرائيل الذي تنتهي مرحلته الانتقالية الممدّدة في 18 الجاري، في ظل اقتناعٍ بأن «الهدية الذهبية» التي شكّلها طرح ترامب في ما خص غزة ستجعل بنيامين نتنياهو طليق اليدين أكثر في ما خص جبهة لبنان والتمسك بأن هذا الاتفاق والقرار 1701 يشتملان على إنهاء وجود سلاح «حزب الله» جنوب الليطاني وشماله، واستطراداً بأن يُبْقي جيشه في 5 نقاط إستراتيجية داخل الأراضي اللبنانية بعد انقضاء الهدنة - 2 ما لم يخبئ مفاجآت سيئة إضافية لبيروت. • إذا استمرت المماطلة في ملف تشكيل الحكومة الجديدة التي يُعتبر استيلادها «الأمس وليس غداً» من شروط تحصين وضعية لبنان في ما خص التطورات في الإقليم والتي صارت سرعتُها على قياس «إعصار ترامب» العائد إلى البيت الأبيض بفريق عملٍ من الأكثر تشدداً ودعماً لإسرائيل، كما بإزاء الحاجة إلى إكمال خطواتِ التغيير التي بدأتْ مع انتخاب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية وتكليف نواف سلام تأليف الحكومة، في خطوتين عكستا حجم التحولات في «بلاد الأرز» وتحديداً لجهة انحسار قبضة «حزب الله» عليها ربطاً بمجريات حرب لبنان الثالثة والتحولات الجيو - سياسية التي تبلورتْ خصوصاً بسقوط نظام بشار الأسد في سورية. وفي حين ستبحث اورتاغوس في أول زيارة لها لبيروت (خَلَفاً لـ آموس هوكشتاين) ملفي الحكومة الجديدة واتفاق وقف النار و«اليوم التالي» لـ 18 فبراير، في ظل تقارير نقلت عنها أنها تحدثت أخيراً إلى الرئيس سلام ومسؤولين آخرين في لبنان ولم تقُل لهم مَن عليهم أن يختاروا للحكومة، وذلك ربطاً بما سرى عن أن واشنطن أبلغت رفضاً لإشراك «حزب الله» أو لأسماء مطروحة من الثنائي الشيعي للتوزير، كان لافتاً، أمس، كلام الرئيس عون عن أن «البند المتعلق بإطلاق الأسرى اللبنانيين المحتجزين في إسرائيل، يدخل ضمن الاتفاق الذي تنتهي المهلة المحددة له في 18 الجاري»، مشدداً على أن «الاتفاق ينص أيضاً على احترام القرار 1701، ولبنان ملتزم بتطبيق هذا القرار الدولي، وعلى إسرائيل أيضاً احترامه». «حبس أنفاس» وعشية وصول اورتاغوس ازداد «حبس الأنفاس» حيال إمكان استيلاد الحكومة خلال ساعاتٍ على وهج معلومات تقاطعت عند أن الاتصالات أفضت إلى اختراقاتٍ في أكثر من عقدة، أبرزها التفاهم على منْح «القوات اللبنانية» حقيبة سيادية هي الخارجية (تردّد أن مَن سيتولاها - وطُرح اسم السفير يوسف رجي - يشكل تقاطعاً بين القوات والرئيسين عون وسلام) كونها صاحبة الكتلة الأكبر في البرلمان والأكثر تمثيلاً للمسيحيين، إلى جانب حقائب هي الطاقة والاتصالات ورابعة كان لايزال النقاش حولها، في الوقت الذي استمرّت مساعي إيجاد مخرج للوزير الشيعي الخامس الذي يريد رئيس الجمهورية والرئيس المكلف ألّا يكون من حصة ثنائي حزب الله والرئيس نبيه بري وإن يُترك لهما «رأي» في الاسم وذلك حرصاً على «سحب ذريعة» التعطيل الميثاقي بحال اختارا الاستقالة من الحكومة وتالياً إفقادها «الوزن الميثاقي». «لبنان الجديد» وفيما انشدّت الأنظار إلى الزيارة التي قام بها سلام للقصر الجمهوري مساء أمس، قبل أن يتكشف لقاء عون والرئيس المكلف عن أن إخراج الحكومة إلى النور ما زال يحتاج إلى بعض الوقت، كان لافتاً أن «القوات اللبنانية» أصرّت على ربْط مشاركتها بالحكومة - إلى جانب مَطالبها الوزارية التي تعبّر تلبيتُها عن كسْر حظرٍ فُرض عليها طويلاً لجهة تولي حقيبة سيادية كما عن بُعد سياسي يرفد التشكيلة بتوازنٍ يطلّ على «لبنان الجديد» - بضماناتٍ أعلنت أنها طلبتها من الرئيس المكلف في ما خص «تنفيذ القرارات الدولية على كامل التراب الوطني وليس في الجنوب فقط وتوضيح التدابير للتأكد من عدم التعطيل أو التوقيع أو التأخير والالتزام من الحكومة بالتدقيق الجنائي في كافة الوزارات من دون استثاء «، مؤكدة «ننتظر الضمانات المطلوبة ليبنى على الشيء مقتضاه والتي يجب أن تعطى لكل اللبنانيين كي لا نفوت الفرصة المتاحة». حكومة إصلاح وإذ برزت مواقف أطلقها سلام في كلمة مكتوبة بعد لقاء عون حيث «انّني أعمل على تأليف حكومة تكون على درجة عالية من الانسجام بين أعضائها وملتزمة مبدأ التضامن الوزاري، حكومة إصلاح ولن أسمح بأن تحمل في داخلها إمكان تعطيل عملها بأيّ شكل»، كان رئيس الجمهورية أكد أمام زواره أمس «أنني مستعجل على تشكيل الحكومة في أسرع وقت، لأن أمام لبنان فرصاً كثيرة في هذه المرحلة في ظل الاستعداد الذي يُبْديه العديد من الدول لمساعدته وكل ذلك في انتظار التشكيل»، موضحاً انه على «تشاور وتوافق مع الرئيس المكلف للتوصل الى صيغة حكومية تراعي المبادئ والمعايير التي وضعناها»، آملاً في «ان تكون الأمور قد اقتربت من خواتيمها بعد حلحلة غالبية العقد».