logo
#

أحدث الأخبار مع #الحوراني

المقابر الجماعية في سوريا: "سنحتاج سنوات لتحديد هوية الضحايا"
المقابر الجماعية في سوريا: "سنحتاج سنوات لتحديد هوية الضحايا"

الوسط

time٠٩-٠٥-٢٠٢٥

  • صحة
  • الوسط

المقابر الجماعية في سوريا: "سنحتاج سنوات لتحديد هوية الضحايا"

BBC قُتل مئات الآلاف من السوريين خلال 13 عاماً من الحرب الأهلية "هذه الرفات من مقبرة جماعية مختلطة"، هكذا يقول الدكتور أنس الحوراني. يقف رئيس مركز تحديد الهوية السوري، الذي افتُتح حديثاً، بجوار طاولتين مغطاتين برفات بشري من عظام الفخذ. فوق كل طاولة توجد 32 عظمة فخذ بشرية. وقد رُتبت ورُقمت بدقة. الفرز هو المهمة الأولى لهذه الحلقة الجديدة، في السلسلة الطويلة من الإجراءات الرامية إلى تقديم مرتكبي الجرائم إلى العدالة في سوريا. تعني "المقبرة الجماعية المختلطة" أن الجثث رُميت واحدة فوق الأخرى. من المرجح أن هذه العظام تعود إلى أشخاص ضمن مئات الآلاف، الذين يُعتقد أنهم قُتلوا على يد نظامي الرئيس السابق بشار الأسد ووالده حافظ، اللذين حكما سوريا لأكثر من خمسة عقود. إذا كان الأمر كذلك، يقول الدكتور الحوراني، فإنهم من بين الضحايا الأحدث عهداً: لقد ماتوا منذ ما لا يزيد عن عام. الدكتور الحوراني طبيب أسنان شرعي: يقول إن الأسنان يمكن أن تخبرك بالكثير عن الجثة، على الأقل عندما يتعلق الأمر بتحديد هوية الشخص. ولكن مع عظم الفخذ، يمكن لعمال المختبر في الطابق السفلي من هذا المبنى المكتبي في دمشق بدء المهمة: يمكنهم معرفة الطول والجنس والعمر، ونوع العمل الذي كان يمارسه أصحاب تلك الرفات، وقد يتمكنون أيضاً من معرفة ما إذا كان الضحية قد تعرض للتعذيب. المعيار الرئيسي في تحديد الهوية هو بالطبع تحليل الحمض النووي. لكنه يقول إنه لا يوجد سوى مركز واحد لفحص الحمض النووي في سوريا. "قد دُمرت العديد من هذه المراكز خلال الحرب في البلاد. وبسبب العقوبات، فإن الكثير من المواد الكيميائية الأولية التي نحتاجها لإجراء الاختبارات غير متوفرة حالياً". كما أُبلغوا بأن "أجزاء من الأجهزة (اللازمة لإجراء ذلك التحليل) قد تُستخدم في الطيران، وبالتالي لأغراض عسكرية". بمعنى آخر، قد تُعتبر "مزدوجة الاستخدام"، وبالتالي يُحظر تصديرها إلى سوريا من قِبل العديد من الدول الغربية. يُضاف إلى ذلك التكلفة: 250 دولاراً أمريكياً لإجراء اختبار واحد. ويقول الدكتور الحوراني: "في مقبرة جماعية مختلطة، يتعين إجراء حوالي 20 اختباراً لجمع كل أجزاء جسد واحد". يعتمد المختبر كلياً على تمويل اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وتقول الحكومة الانتقالية في سوريا إن "العدالة الانتقالية" من أولوياتها. وقال العديد من السوريين الذين فقدوا أقاربهم، ولم يعثروا على جثثهم، لبي بي سي إنهم ما زالوا غير راضين ومحبطين: إنهم يريدون رؤية المزيد من الجهود من قِبل الثوريين الذين أطاحوا أخيراً بحكم بشار الأسد، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد 14 عاماً من الحرب. خلال تلك السنوات الطويلة من الحرب، قُتل مئات الآلاف، وشُرّد الملايين. ووفقاً لبعض التقديرات، اختفى قسراً أكثر من 130 ألف شخص. بالوتيرة الحالية، قد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لتحديد هوية ضحية واحدة فقط من مقبرة جماعية مختلطة. يقول الدكتور الحوراني: "هذا عمل يستغرق سنوات طويلة". جثث "مشوّهة ومعذّبة" إحدى عشرة مقبرة من تلك "المقابر الجماعية المختلطة" متناثرة حول قمة تل قاحل خارج دمشق. بي بي سي هي أول وسيلة إعلام دولية ترى هذا الموقع. القبور ظاهرةٌ للعيان الآن. خلال السنوات التي انقضت منذ حفرها، كان سطحها قد انضحل في الأرض الجافة الصخرية. يرافقنا حسين علوي المنفي، أو "أبو علي"، كما يُطلق على نفسه. كان أبو علي سائقاً يعمل مع الجيش السوري. يقول: " كانت حمولتي عبارة عن جثث بشرية". BBC يعتقد أبو علي أنه نقل شاحنات محملة بجثث مدنيين في ظل نظام الأسد تمّ العثور على هذا الرجل - أبو علي - بفضل العمل الاستقصائي الدؤوب لمعاذ مصطفى، المدير التنفيذي السوري الأمريكي لقوة الطوارئ السورية، وهي مجموعة من النشطاء مقرها الولايات المتحدة. لقد أقنع مصطفى، أبو علي، بالانضمام إلينا، ليشهد على ما يسميه معاذ "أسوأ جرائم القرن الحادي والعشرين". نقل أبو علي شاحنات محملة بجثث إلى مواقع متعددة، لأكثر من عشر سنوات. في هذا الموقع كان يأتي، في المتوسط، مرتين أسبوعياً لمدة عامين تقريباً في بداية المظاهرات، ثم الحرب، بين عامي 2011 و2013 . كان الإجراء دائماً هو نفسه. كان يتوجه إلى منشأة عسكرية أو أمنية. يقول: "كان لديّ مقطورة بطول 16 متراً. لم تكن تمتلئ دائماً بالكامل. لكنني كنتُ أحمل، على ما أظن، ما معدله 150 إلى 200 جثة في كل حمولة". يقول إنه مقتنعٌ بأن حمولته كانت لمدنيين. "كانت جثثهم مشوّهة ومعذّبة". لم يكن بإمكانه تمييز هوياتهم إلا بأرقام مكتوبة على الجثث، أو مُلصقة على الصدر أو الجبهة. هذه الأرقام تُشير إلى مكان وفاتهم. فقال إن هناك الكثير من الجثث جاءت من "الفرع 215" - وهو مركز اعتقال "سيء السمعة" تابع للمخابرات العسكرية في دمشق يُعرف بهذا الاسم، وهو مكان سنعود إليه لاحقاً في هذا التقرير. لم تكن مقطورة أبو علي مزودة برافعة هيدروليكية لقلب حمولته وتفريغها. عندما كان يتراجع إلى الخلف باتجاه الحفرة، كان الجنود يسحبون الجثث إلى الحفرة واحدة تلو الأخرى. ثم تقوم جرافة صغيرة بـ"تسويتها وضغطها وردم القبر". وصل إلى موقعنا ثلاثة رجال ذوي وجوهٍ شاحبة من قرية مجاورة. يؤكدون قصة الزيارات المنتظمة للشاحنات العسكرية إلى هذه البقعة النائية. أما الرجل الذي يقود السيارة: كيف له أن يفعل هذا أسبوعاً تلو الآخر، عاماً تلو الآخر؟ ماذا كان يقول لنفسه كلما صعد إلى مقصورة سيارته؟ يقول أبو علي إنه تعلّم أن يكون "خادماً صامتاً" للدولة. "بينما كان الجنود يلقون بالجثث في الحفر، كنت أبتعد وأنظر إلى النجوم، أو أنظر نحو دمشق". "كسروا ذراعيه وضربوه على ظهره" دمشق - المكان الذي عادت إليه السورية ملك عودة مؤخراً، بعد سنوات قضتها لاجئة في تركيا. ربما تكون سوريا قد تحررت من قبضة عائلة الأسد، لكن لا يزال هناك حكم بالسجن المؤبد بحق ملك. على مدى الثلاثة عشر عاماً الماضية، ظلت حبيسة روتين يومي من الألم والشوق. في عام 2012، بعد عام من تجرؤ بعض السوريين على الاحتجاج ضد الأسد، اختفى ابناها. BBC اختفى ابنا ملك عودة في ظل حكم الأسد كان محمد لا يزال مراهقاً عندما جُنّد في جيش الأسد، مع انتشار المظاهرات وإشعال النظام لحملات قمع تحولت لحرب شاملة. تقول والدته إنه كان يكره ما يراه. بدأ محمد بالفرار من الجيش، حتى أنه شارك في المظاهرات بنفسه. لكن تم تعقّبه. تقول والدته: "كسروا ذراعيه وضربوه على ظهره. قضى ثلاثة أيام فاقداً للوعي في المستشفى". تغيب محمد عن الجيش بدون إذن مرة أخرى. تقول ملك: "أبلغت عن اختفائه، لكنني أنا التي كنت أخفيه". في مايو/ أيار 2012، نفد حظ محمد، البالغ حينها من العمر 19 عاماً. أُلقي القبض عليه مع مجموعة من أصدقائه، وأُطلق عليهم النار. تقول ملك إنه لم يكن هناك أي إخطار رسمي. لكنها لطالما توقعت أنه قد قُتل. بعد ستة أشهر، اقتاد الضباط ماهر، شقيق محمد الأصغر، من المدرسة. كان هذا ثاني اعتقال لماهر. شارك في الاحتجاجات عام 2011، وعمره 14 عاماً. أدى ذلك إلى اعتقاله الأول. عندما أُطلق سراحه بعد شهر، كان يرتدي ملابسه الداخلية، وجسده مغطى، كما تقول والدته، بحروق سجائر وجروح وقمل. "كان مرتعباً". تعتقد ملك أن ماهر اختفى من المدرسة عام 2012، لأن السلطات اكتشفت أنها كانت تخفي شقيقه الأكبر. الآن، ولأول مرة منذ 13 عاماً، تعود ملك إلى تلك المدرسة، متلهفة لمعرفة ما حدث لماهر. أخرج مدير المدرسة الجديد دفترين أحمرين ممزقين. تتبعت ملك صفوف الأسماء بإصبعها، ثم وجدت اسم ابنها. في ديسمبر/ كانون الأول 2012، ورد في السجل بشكل قاطع: طُرد ماهر من المدرسة لتغيبه عن الدروس لمدة أسبوعين. لا يوجد تفسيرٌ لإخفاء الدولة له. مع ذلك، ثمة أمرٌ آخر: عُثر على ملفٍّ يحتوي على سجلات ماهر المدرسية. غلافه مُزيّن بصورةٍ لبشار الأسد، وهو ينظر إلى الأفق البعيد بتأمل. التقطت ملك قلماً من على مكتب مدير المدرسة وخربشت فوق الصورة. لو فعلت هذا التصرف قبل ستة أشهر من الآن، لكاد أن يودي بحياتها. لسنوات، لم يكن لدى ملك أي أثر لماهر تتشبث به، سوى رجلين يقولان إنهما شاهدا ماهر في "الفرع 2015" – وهذا هو مركز الاعتقال العسكري نفسه، الذي خرج منه هذا العدد الكبير من الجثث لينقلها أبو علي في شاحنته. حكى أحد الرجلين لملك أن ابنها أخبره شيئاً عن والديه؛ تقول أمه إن ماهر وحده من كان يعلم ذلك الشيء. إنه هو بالتأكيد. "لقد طلب من هذا الرجل أن يخبرني أنه بخير". تنهدت ملك وانهمرت دموعها، ووضعت منديلاً ممزقاً على عينيها. بالنسبة لملك، كغيرها من السوريين، لم يكن سقوط الأسد مجرد يوم فرح، بل يوم أمل. "كنت أعتقد بنسبة 90 في المئة أن ماهر سيخرج من السجن. كنت أنتظره". لكنها لم تتمكن حتى من العثور على اسم ابنها في قوائم السجناء. وهكذا يستمر نبض الألم يسري في جسدها. "أشعر بالضياع والارتباك"، كما تقول. لقد قُتل شقيقها الأصغر، محمود، بنيران دبابة أطلقت النار على المدنيين عام 2013. لكن "على الأقل عثروا على جثته وشُيّعت في جنازة".

المقابر الجماعية في سوريا: "سنحتاج سنوات لتحديد هوية الضحايا"
المقابر الجماعية في سوريا: "سنحتاج سنوات لتحديد هوية الضحايا"

شفق نيوز

time٠٩-٠٥-٢٠٢٥

  • شفق نيوز

المقابر الجماعية في سوريا: "سنحتاج سنوات لتحديد هوية الضحايا"

"هذه الرفات من مقبرة جماعية مختلطة"، هكذا يقول الدكتور أنس الحوراني. يقف رئيس مركز تحديد الهوية السوري، الذي افتُتح حديثاً، بجوار طاولتين مغطاتين برفات بشري من عظام الفخذ. فوق كل طاولة توجد 32 عظمة فخذ بشرية. وقد رُتبت ورُقمت بدقة. الفرز هو المهمة الأولى لهذه الحلقة الجديدة، في السلسلة الطويلة من الإجراءات الرامية إلى تقديم مرتكبي الجرائم إلى العدالة في سوريا. تعني "المقبرة الجماعية المختلطة" أن الجثث رُميت واحدة فوق الأخرى. من المرجح أن هذه العظام تعود إلى أشخاص ضمن مئات الآلاف، الذين يُعتقد أنهم قُتلوا على يد نظامي الرئيس السابق بشار الأسد ووالده حافظ، اللذين حكما سوريا لأكثر من خمسة عقود. إذا كان الأمر كذلك، يقول الدكتور الحوراني، إنهم من بين الضحايا الأحدث عهداً: قد ماتوا منذ ما لا يزيد عن عام. الدكتور الحوراني طبيب أسنان شرعي: يقول إن الأسنان يمكن أن تخبرك بالكثير عن الجثة، على الأقل عندما يتعلق الأمر بتحديد هوية الشخص. ولكن مع عظم الفخذ، يمكن لعمال المختبر في الطابق السفلي من هذا المبنى المكتبي في دمشق بدء المهمة: يمكنهم معرفة الطول والجنس والعمر، ونوع العمل الذي كانوا يمارسه أصحاب تلك الرفات، وقد يتمكنون أيضاً من معرفة ما إذا كان الضحية قد تعرض للتعذيب. المعيار الرئيسي في تحديد الهوية هو بالطبع تحليل الحمض النووي. لكنه يقول إنه لا يوجد سوى مركز واحد لفحص الحمض النووي في سوريا. "قد دُمرت العديد من هذه المراكز خلال الحرب في البلاد. وبسبب العقوبات، فإن الكثير من المواد الكيميائية الأولية التي نحتاجها لإجراء الاختبارات غير متوفرة حالياً". كما أُبلغوا بأن "أجزاء من الأجهزة (اللازمة لإجراء ذلك التحليل) قد تُستخدم في الطيران، وبالتالي لأغراض عسكرية". بمعنى آخر، قد تُعتبر "مزدوجة الاستخدام"، وبالتالي يُحظر تصديرها إلى سوريا من قِبل العديد من الدول الغربية. يُضاف إلى ذلك التكلفة: 250 دولاراً أمريكياً لإجراء اختبار واحد. ويقول الدكتور الحوراني: "في مقبرة جماعية مختلطة، يتعين إجراء حوالي 20 اختباراً لجمع جميع أجزاء جسد واحد". يعتمد المختبر كلياً على تمويل اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وتقول الحكومة الانتقالية في سوريا إن "العدالة الانتقالية" من أولوياتها. وقال العديد من السوريين الذين فقدوا أقاربهم، ولم يعثروا على جثثهم، لبي بي سي إنهم ما زالوا غير راضين ومحبطين: إنهم يريدون رؤية المزيد من الجهود من قِبل الثوريين الذين أطاحوا أخيراً بحكم بشار الأسد، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعد 14 عاماً من الحرب. خلال تلك السنوات الطويلة من الحرب، قُتل مئات الآلاف، وشُرد الملايين. ووفقاً لبعض التقديرات، اختفى قسراً أكثر من 130 ألف شخص. بالوتيرة الحالية، قد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لتحديد هوية ضحية واحدة فقط من مقبرة جماعية مختلطة. يقول الدكتور الحوراني: "هذا عمل يستغرق سنوات طويلة". جثث "مشوّهة ومعذّبة" إحدى عشرة مقبرة من تلك "المقابر الجماعية المختلطة" متناثرة حول قمة تل قاحل خارج دمشق. بي بي سي هي أول وسيلة إعلام دولية ترى هذا الموقع. القبور ظاهرةٌ للعيان الآن. خلال السنوات التي انقضت منذ حفرها، كان سطحها قد انضحل في الأرض الجافة الصخرية. يرافقنا حسين علوي المنفي، أو "أبو علي"، كما يُطلق على نفسه. كان أبو علي سائقاً يعمل مع الجيش السوري. يقول: " كانت حمولتي عبارة عن جثث بشرية". BBC تمّ العثور على هذا الرجل – أبو علي - بفضل العمل الاستقصائي الدؤوب لمعاذ مصطفى، المدير التنفيذي السوري الأمريكي لقوة الطوارئ السورية، وهي مجموعة من النشطاء مقرها الولايات المتحدة. لقد أقنع مصطفى أبو علي بالانضمام إلينا، ليشهد على ما يسميه معاذ "أسوأ جرائم القرن الحادي والعشرين". نقل أبو علي شاحنات محملة بجثث إلى مواقع متعددة، لأكثر من عشر سنوات. في هذا الموقع كان يأتي، في المتوسط، مرتين أسبوعياً لمدة عامين تقريباً في بداية المظاهرات، ثم الحرب، بين عامي 2011 و2013 . كان الإجراء دائماً هو نفسه. كان يتوجه إلى منشأة عسكرية أو أمنية. يقول: "كان لديّ مقطورة بطول 16 متراً. لم تكن تمتلئ دائماً بالكامل. لكنني كنتُ أحمل، على ما أظن، ما معدله 150 إلى 200 جثة في كل حمولة". يقول إنه مقتنعٌ بأن حمولته كانت لمدنيين. "كانت جثثهم مشوّهة ومعذّبة". لم يكن بإمكانه تمييز هوياتهم إلا بأرقام مكتوبة على الجثث، أو مُلصقة على الصدر أو الجبهة. هذه الأرقام تُشير إلى مكان وفاتهم. فقال إن هناك الكثير من الجثث جاءت من "الفرع 215" - وهو مركز اعتقال "سيء السمعة" تابع للمخابرات العسكرية في دمشق يُعرف بهذا الاسم، وهو مكان سنعود إليه لاحقاً في هذا التقرير. لم تكن مقطورة أبو علي مزودة برافعة هيدروليكية لقلب حمولته وتفريغها. عندما كان يتراجع إلى الخلف باتجاه الحفرة، كان الجنود يسحبون الجثث إلى الحفرة واحدة تلو الأخرى. ثم تقوم جرافة صغيرة بـ"تسويتها وضغطها وردم القبر". وصل إلى موقعنا ثلاثة رجال ذوي وجوهٍ شاحبة من قرية مجاورة. يؤكدون قصة الزيارات المنتظمة للشاحنات العسكرية إلى هذه البقعة النائية. أما الرجل الذي يقود السيارة: كيف له أن يفعل هذا أسبوعاً تلو الآخر، عاماً تلو الآخر؟ ماذا كان يقول لنفسه كلما صعد إلى مقصورة سيارته؟ يقول أبو علي إنه تعلّم أن يكون "خادماً صامتاً" للدولة. "بينما كان الجنود يلقون بالجثث في الحفر، كنت أبتعد وأنظر إلى النجوم، أو أنظر نحو دمشق". "كسروا ذراعيه وضربوه على ظهره" دمشق - المكان الذي عادت إليه السورية ملك عودة مؤخراً، بعد سنوات قضتها لاجئة في تركيا. ربما تكون سوريا قد تحررت من قبضة عائلة الأسد، لكن لا يزال هناك حكم بالسجن المؤبد بحق ملك. على مدى الثلاثة عشر عاماً الماضية، ظلت حبيسة روتين يومي من الألم والشوق. في عام 2012، بعد عام من تجرؤ بعض السوريين على الاحتجاج ضد الأسد، اختفى ابناها. BBC كان محمد لا يزال مراهقاً عندما جُنّد في جيش الأسد، مع انتشار المظاهرات وإشعال النظام لحملات قمع تحولت لحرب شاملة. تقول والدته إنه كان يكره ما يراه. بدأ محمد بالفرار من الجيش، حتى أنه شارك في المظاهرات بنفسه. لكن تم تعقبه. تقول والدته: "كسروا ذراعيه وضربوه على ظهره. قضى ثلاثة أيام فاقداً للوعي في المستشفى". تغيب محمد عن الجيش بدون إذن مرة أخرى. تقول ملك: "أبلغت عن اختفائه، لكنني أنا التي كنت أخفيه". في مايو/ أيار 2012، نفد حظ محمد، البالغ حينها من العمر 19 عاماً. أُلقي القبض عليه مع مجموعة من أصدقائه، وأُطلق عليهم النار. تقول ملك إنه لم يكن هناك أي إخطار رسمي. لكنها لطالما توقعت أنه قد قُتل. بعد ستة أشهر، اقتاد الضباط ماهر، شقيق محمد الأصغر، من المدرسة. كان هذا ثاني اعتقال لماهر. شارك في الاحتجاجات عام 2011، وعمره 14 عاماً. أدى ذلك إلى اعتقاله الأول. عندما أُطلق سراحه بعد شهر، كان يرتدي ملابسه الداخلية، وجسده مغطى، كما تقول والدته، بحروق سجائر وجروح وقمل. "كان مرتعباً". تعتقد ملك أن ماهر اختفى من المدرسة عام 2012، لأن السلطات اكتشفت أنها كانت تخفي شقيقه الأكبر. الآن، ولأول مرة منذ 13 عاماً، تعود ملك إلى تلك المدرسة، متلهفة لمعرفة ما حدث لماهر. أخرج مدير المدرسة الجديد دفترين أحمرين ممزقين. تتبعت ملك صفوف الأسماء بإصبعها، ثم وجدت اسم ابنها. في ديسمبر/ كانون الأول 2012، ورد في السجل بشكل قاطع: طُرد ماهر من المدرسة لتغيبه عن الدروس لمدة أسبوعين. لا يوجد تفسيرٌ لإخفاء الدولة له. مع ذلك، ثمة أمرٌ آخر: عُثر على ملفٍّ يحتوي على سجلات ماهر المدرسية. غلافه مُزيّن بصورةٍ لبشار الأسد، وهو ينظر إلى الأفق البعيد بتأمل. التقطت ملك قلماً من على مكتب مدير المدرسة وخربشت فوق الصورة. لو فعلت هذا التصرف قبل ستة أشهر من الآن، لكاد أن يودي بحياتها. لسنوات، لم يكن لدى ملك أي أثر لماهر تتشبث به، سوى رجلين يقولان إنهما شاهدا ماهر في "الفرع 2015" – وهذا هو مركز الاعتقال العسكري نفسه، الذي خرج منه هذا العدد الكبير من الجثث لينقلها أبو علي في شاحنته. أخبر أحد الرجلين ملك أن ابنها أخبره شيئاً عن والديه، تقول والدته إن ماهر وحده من كان يعلم ذلك الشيء. إنه هو بالتأكيد. "لقد طلب من هذا الرجل أن يخبرني أنه بخير". تنهدت ملك وانهمرت دموعها، ووضعت منديلاً ممزقاً على عينيها. بالنسبة لملك، كغيرها من السوريين، لم يكن سقوط الأسد مجرد يوم فرح، بل يوم أمل. "كنت أعتقد بنسبة 90 في المئة أن ماهر سيخرج من السجن. كنت أنتظره". لكنها لم تتمكن حتى من العثور على اسم ابنها في قوائم السجناء. وهكذا يستمر نبض الألم يسري في جسدها. "أشعر بالضياع والارتباك"، كما تقول. لقد قُتل شقيقها الأصغر، محمود، بنيران دبابة أطلقت النار على المدنيين عام 2013. لكن "على الأقل عثروا على جثته وشُيّعت في جنازة".

المقابر الجماعية في سوريا: 'سنحتاج سنوات لتحديد هوية الضحايا' #عاجل
المقابر الجماعية في سوريا: 'سنحتاج سنوات لتحديد هوية الضحايا' #عاجل

سيدر نيوز

time٠٩-٠٥-٢٠٢٥

  • سيدر نيوز

المقابر الجماعية في سوريا: 'سنحتاج سنوات لتحديد هوية الضحايا' #عاجل

BBC 'هذه الرفات من مقبرة جماعية مختلطة'، هكذا يقول الدكتور أنس الحوراني. يقف رئيس مركز تحديد الهوية السوري، الذي افتُتح حديثاً، بجوار طاولتين مغطاتين برفات بشري من عظام الفخذ. فوق كل طاولة توجد 32 عظمة فخذ بشرية. وقد رُتبت ورُقمت بدقة. الفرز هو المهمة الأولى لهذه الحلقة الجديدة، في السلسلة الطويلة من الإجراءات الرامية إلى تقديم مرتكبي الجرائم إلى العدالة في سوريا. تعني 'المقبرة الجماعية المختلطة' أن الجثث رُميت واحدة فوق الأخرى. 'أكبر مقبرة جماعية في سوريا' من المرجح أن هذه العظام تعود إلى أشخاص ضمن مئات الآلاف، الذين يُعتقد أنهم قُتلوا على يد نظامي الرئيس السابق بشار الأسد ووالده حافظ، اللذين حكما سوريا لأكثر من خمسة عقود. إذا كان الأمر كذلك، يقول الدكتور الحوراني، إنهم من بين الضحايا الأحدث عهداً: قد ماتوا منذ ما لا يزيد عن عام. الدكتور الحوراني طبيب أسنان شرعي: يقول إن الأسنان يمكن أن تخبرك بالكثير عن الجثة، على الأقل عندما يتعلق الأمر بتحديد هوية الشخص. ولكن مع عظم الفخذ، يمكن لعمال المختبر في الطابق السفلي من هذا المبنى المكتبي في دمشق بدء المهمة: يمكنهم معرفة الطول والجنس والعمر، ونوع العمل الذي كانوا يمارسه أصحاب تلك الرفات، وقد يتمكنون أيضاً من معرفة ما إذا كان الضحية قد تعرض للتعذيب. المعيار الرئيسي في تحديد الهوية هو بالطبع تحليل الحمض النووي. لكنه يقول إنه لا يوجد سوى مركز واحد لفحص الحمض النووي في سوريا. 'قد دُمرت العديد من هذه المراكز خلال الحرب في البلاد. وبسبب العقوبات، فإن الكثير من المواد الكيميائية الأولية التي نحتاجها لإجراء الاختبارات غير متوفرة حالياً'. كما أُبلغوا بأن 'أجزاء من الأجهزة (اللازمة لإجراء ذلك التحليل) قد تُستخدم في الطيران، وبالتالي لأغراض عسكرية'. بمعنى آخر، قد تُعتبر 'مزدوجة الاستخدام'، وبالتالي يُحظر تصديرها إلى سوريا من قِبل العديد من الدول الغربية. يُضاف إلى ذلك التكلفة: 250 دولاراً أمريكياً لإجراء اختبار واحد. ويقول الدكتور الحوراني: 'في مقبرة جماعية مختلطة، يتعين إجراء حوالي 20 اختباراً لجمع جميع أجزاء جسد واحد'. يعتمد المختبر كلياً على تمويل اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وتقول الحكومة الانتقالية في سوريا إن 'العدالة الانتقالية' من أولوياتها. وقال العديد من السوريين الذين فقدوا أقاربهم، ولم يعثروا على جثثهم، لبي بي سي إنهم ما زالوا غير راضين ومحبطين: إنهم يريدون رؤية المزيد من الجهود من قِبل الثوريين الذين أطاحوا أخيراً بحكم بشار الأسد، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعد 14 عاماً من الحرب. خلال تلك السنوات الطويلة من الحرب، قُتل مئات الآلاف، وشُرد الملايين. ووفقاً لبعض التقديرات، اختفى قسراً أكثر من 130 ألف شخص. بالوتيرة الحالية، قد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لتحديد هوية ضحية واحدة فقط من مقبرة جماعية مختلطة. يقول الدكتور الحوراني: 'هذا عمل يستغرق سنوات طويلة'. جثث 'مشوّهة ومعذّبة' إحدى عشرة مقبرة من تلك 'المقابر الجماعية المختلطة' متناثرة حول قمة تل قاحل خارج دمشق. بي بي سي هي أول وسيلة إعلام دولية ترى هذا الموقع. القبور ظاهرةٌ للعيان الآن. خلال السنوات التي انقضت منذ حفرها، كان سطحها قد انضحل في الأرض الجافة الصخرية. يرافقنا حسين علوي المنفي، أو 'أبو علي'، كما يُطلق على نفسه. كان أبو علي سائقاً يعمل مع الجيش السوري. يقول: ' كانت حمولتي عبارة عن جثث بشرية'. BBC تمّ العثور على هذا الرجل – أبو علي – بفضل العمل الاستقصائي الدؤوب لمعاذ مصطفى، المدير التنفيذي السوري الأمريكي لقوة الطوارئ السورية، وهي مجموعة من النشطاء مقرها الولايات المتحدة. لقد أقنع مصطفى أبو علي بالانضمام إلينا، ليشهد على ما يسميه معاذ 'أسوأ جرائم القرن الحادي والعشرين'. نقل أبو علي شاحنات محملة بجثث إلى مواقع متعددة، لأكثر من عشر سنوات. في هذا الموقع كان يأتي، في المتوسط، مرتين أسبوعياً لمدة عامين تقريباً في بداية المظاهرات، ثم الحرب، بين عامي 2011 و2013 . كان الإجراء دائماً هو نفسه. كان يتوجه إلى منشأة عسكرية أو أمنية. يقول: 'كان لديّ مقطورة بطول 16 متراً. لم تكن تمتلئ دائماً بالكامل. لكنني كنتُ أحمل، على ما أظن، ما معدله 150 إلى 200 جثة في كل حمولة'. يقول إنه مقتنعٌ بأن حمولته كانت لمدنيين. 'كانت جثثهم مشوّهة ومعذّبة'. لم يكن بإمكانه تمييز هوياتهم إلا بأرقام مكتوبة على الجثث، أو مُلصقة على الصدر أو الجبهة. هذه الأرقام تُشير إلى مكان وفاتهم. فقال إن هناك الكثير من الجثث جاءت من 'الفرع 215' – وهو مركز اعتقال 'سيء السمعة' تابع للمخابرات العسكرية في دمشق يُعرف بهذا الاسم، وهو مكان سنعود إليه لاحقاً في هذا التقرير. لم تكن مقطورة أبو علي مزودة برافعة هيدروليكية لقلب حمولته وتفريغها. عندما كان يتراجع إلى الخلف باتجاه الحفرة، كان الجنود يسحبون الجثث إلى الحفرة واحدة تلو الأخرى. ثم تقوم جرافة صغيرة بـ'تسويتها وضغطها وردم القبر'. وصل إلى موقعنا ثلاثة رجال ذوي وجوهٍ شاحبة من قرية مجاورة. يؤكدون قصة الزيارات المنتظمة للشاحنات العسكرية إلى هذه البقعة النائية. أما الرجل الذي يقود السيارة: كيف له أن يفعل هذا أسبوعاً تلو الآخر، عاماً تلو الآخر؟ ماذا كان يقول لنفسه كلما صعد إلى مقصورة سيارته؟ يقول أبو علي إنه تعلّم أن يكون 'خادماً صامتاً' للدولة. 'بينما كان الجنود يلقون بالجثث في الحفر، كنت أبتعد وأنظر إلى النجوم، أو أنظر نحو دمشق'. 'كسروا ذراعيه وضربوه على ظهره' دمشق – المكان الذي عادت إليه السورية ملك عودة مؤخراً، بعد سنوات قضتها لاجئة في تركيا. ربما تكون سوريا قد تحررت من قبضة عائلة الأسد، لكن لا يزال هناك حكم بالسجن المؤبد بحق ملك. على مدى الثلاثة عشر عاماً الماضية، ظلت حبيسة روتين يومي من الألم والشوق. في عام 2012، بعد عام من تجرؤ بعض السوريين على الاحتجاج ضد الأسد، اختفى ابناها. BBC كان محمد لا يزال مراهقاً عندما جُنّد في جيش الأسد، مع انتشار المظاهرات وإشعال النظام لحملات قمع تحولت لحرب شاملة. تقول والدته إنه كان يكره ما يراه. بدأ محمد بالفرار من الجيش، حتى أنه شارك في المظاهرات بنفسه. لكن تم تعقبه. تقول والدته: 'كسروا ذراعيه وضربوه على ظهره. قضى ثلاثة أيام فاقداً للوعي في المستشفى'. تغيب محمد عن الجيش بدون إذن مرة أخرى. تقول ملك: 'أبلغت عن اختفائه، لكنني أنا التي كنت أخفيه'. في مايو/ أيار 2012، نفد حظ محمد، البالغ حينها من العمر 19 عاماً. أُلقي القبض عليه مع مجموعة من أصدقائه، وأُطلق عليهم النار. تقول ملك إنه لم يكن هناك أي إخطار رسمي. لكنها لطالما توقعت أنه قد قُتل. بعد ستة أشهر، اقتاد الضباط ماهر، شقيق محمد الأصغر، من المدرسة. كان هذا ثاني اعتقال لماهر. شارك في الاحتجاجات عام 2011، وعمره 14 عاماً. أدى ذلك إلى اعتقاله الأول. عندما أُطلق سراحه بعد شهر، كان يرتدي ملابسه الداخلية، وجسده مغطى، كما تقول والدته، بحروق سجائر وجروح وقمل. 'كان مرتعباً'. تعتقد ملك أن ماهر اختفى من المدرسة عام 2012، لأن السلطات اكتشفت أنها كانت تخفي شقيقه الأكبر. الآن، ولأول مرة منذ 13 عاماً، تعود ملك إلى تلك المدرسة، متلهفة لمعرفة ما حدث لماهر. أخرج مدير المدرسة الجديد دفترين أحمرين ممزقين. تتبعت ملك صفوف الأسماء بإصبعها، ثم وجدت اسم ابنها. في ديسمبر/ كانون الأول 2012، ورد في السجل بشكل قاطع: طُرد ماهر من المدرسة لتغيبه عن الدروس لمدة أسبوعين. لا يوجد تفسيرٌ لإخفاء الدولة له. مع ذلك، ثمة أمرٌ آخر: عُثر على ملفٍّ يحتوي على سجلات ماهر المدرسية. غلافه مُزيّن بصورةٍ لبشار الأسد، وهو ينظر إلى الأفق البعيد بتأمل. التقطت ملك قلماً من على مكتب مدير المدرسة وخربشت فوق الصورة. لو فعلت هذا التصرف قبل ستة أشهر من الآن، لكاد أن يودي بحياتها. لسنوات، لم يكن لدى ملك أي أثر لماهر تتشبث به، سوى رجلين يقولان إنهما شاهدا ماهر في 'الفرع 2015' – وهذا هو مركز الاعتقال العسكري نفسه، الذي خرج منه هذا العدد الكبير من الجثث لينقلها أبو علي في شاحنته. أخبر أحد الرجلين ملك أن ابنها أخبره شيئاً عن والديه، تقول والدته إن ماهر وحده من كان يعلم ذلك الشيء. إنه هو بالتأكيد. 'لقد طلب من هذا الرجل أن يخبرني أنه بخير'. تنهدت ملك وانهمرت دموعها، ووضعت منديلاً ممزقاً على عينيها. بالنسبة لملك، كغيرها من السوريين، لم يكن سقوط الأسد مجرد يوم فرح، بل يوم أمل. 'كنت أعتقد بنسبة 90 في المئة أن ماهر سيخرج من السجن. كنت أنتظره'. لكنها لم تتمكن حتى من العثور على اسم ابنها في قوائم السجناء. وهكذا يستمر نبض الألم يسري في جسدها. 'أشعر بالضياع والارتباك'، كما تقول. لقد قُتل شقيقها الأصغر، محمود، بنيران دبابة أطلقت النار على المدنيين عام 2013. لكن 'على الأقل عثروا على جثته وشُيّعت في جنازة'.

سوريا.. جدل بعد تشكيل هيئة إدارية لاتحاد الكتاب العرب بقرار سياسي
سوريا.. جدل بعد تشكيل هيئة إدارية لاتحاد الكتاب العرب بقرار سياسي

روسيا اليوم

time٢٤-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • روسيا اليوم

سوريا.. جدل بعد تشكيل هيئة إدارية لاتحاد الكتاب العرب بقرار سياسي

وجه مثقفون وكتّاب أعضاء في اتحاد الكتاب العرب في سوريا انتقادات بعد تدخل وزارة الخارجية السورية على خلفية تعيين الأمانة العامة للشؤون السياسية، هيئةً إداريةً جديدةً للاتحاد. واعتبر المنتقدون أن في هذا القرار مخالفة للنظام الداخلي للاتحاد، وتدخل من وزارة الخارجية في اتحادٍ لا يتبع لها ولا يقع من ضمن اختصاصها، كما وجهت انتقاداتٌ أخرى للآلية التي جرى فيها تعيين الهيئة الجديدة للاتحاد. وكان قد صدر مؤخراً عن "الأمانة العامة للشؤون السياسية" في دمشق قرار بتشكيل مجلس لتسيير أعمال "اتحاد الكتّاب العرب" في سوريا، مُنيطاً بهذا المجلس مهام عمل الاتحاد وفروعه في المحافظات السورية، على أن يتولّى رئاسته الكاتب محمد طه العثمان، ويشغل عضويته ثمانية كُتّاب، هُم: محمد منصور، وفدوى العبّود، وجمال الشوفي، ومحمد سعيد العتيق، ومروة حلاوة، ومحمد صارم، ومحمود عسّاف، وحسن عبد الكريم. خروج عن القوانين رصدت RT ردود فعل كثيرة رصدتها حول القرار فقد أكد الدكتور محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتّاب العرب بأنه أنه لابد من التأكيد أولاً أن اتحاد الكتاب العرب مؤسسة ثقافية تم تأسيسها بجهود عدد من كبار الأدباء والمثقفين والمبدعين السوريين وأنه كان ثمة مسافة في العلاقة بين هذه المؤسسة والسلطة، وهذا لايعني أنه لم يكن هناك مايفرض على هذه المؤسسة في بعض الأحيان، إلا أنها لم تكن منتعلة من قبل السلطات كما هو حال بعض المؤسسات الأخرى كما أنها المنظمة الوحيدة التي جرت فيها الانتخابات في آخر دورة دون استئناس حزبي. وأضاف الحوراني: "هذه المقدمة لابد منها للتأكيد على حرص المكتب التنفيذي بدورته الأخيرة المنتخبة على تعزيز استقلالية الإتحاد في الإتجاهات كافة، وهو ما تم الإشتغال عليه وتأكيده بعد 8 ديسمبر 2024، وكذلك التأكيد على احتضان الإتحاد لجميع المبدعين والأدباء داخل سوريا وخارجها والدعوة إلى العمل المشترك، من خلال الدعوة التي أطلقها اتحاد الكتاب بعد لقاء تم مع ممثلين عن بعض المؤسسات والروابط الثقافية والأدبية في الخارج، والتي تم التأكيد فيها على تشكيل لجان مشتركة لقبول كتّاب جدد ممن يحق لهم الإنتساب إلى الإتحاد وفق شروط يتم التوافق عليها، تمهيداً لعقد مؤتمر استثنائي يشارك فيه الجميع ترشيحاَ وانتخاباً بغض النظر عن سنوات العضوية. وأردف الحوراني: "إلا أن المفاجىء كان عدم الالتزام بهذا والإصرار على استصدار قرار من الإدارة السياسية بإعادة تشكيل الهيئة المشرفة على الاتحاد تحت مسمى مجلس تسيير أعمال الإتحاد، ومع الأسف كانت غالبية الأسماء من غير أعضاء الإتحاد، بغض النظر عن إبداع بعضهم وثقافته، وهو مايشكل خللاً كبيراً في العمل المؤسساتي". وتابع: "عندما أراد المجلس المعين استلام الإتحاد رفض المكتب التنفيذي المنتخب هذا الأمر قبل وضع خارطة طريق توافقية تتضمن وضع نقاط محددة وواضحة للمرحلة المقبلة وتتضمن الحفاظ على حقوق وممتلكات الزملاء الأعضاء فيه، كما تتضمن التأكيد على فترة زمنية محددة لإجراء الانتخابات وهي سنة واحدة من تاريخ صدور القرار، بعد قبول أعضاء جدد في الإتحاد، وتم اختصار الورقة هذه بالبيان الذي نشر على صفحات منصات التواصل الاجتماعي مع استلام المجلس المكلف". ولفت الحوراني إلى أن ما حدث شكّل حالة من اليأس والإحباط لدى شريحة من الكتاب والمثقفين لأنه تغيير خارج الأنظمة والقوانين التي ينبغي أن تحكم عمل هكذا مؤسسة ينبغي على الجميع الاسهام في تعزيز استقلاليتها، وفي المقابل كان هناك فريق سعيد بما حدث لأسباب مختلفة لا مجال لذكرها الآن، أما فيما يتعلق برفض القاهرة أو قبولها لهذا الأمر فهذا سؤال يوجه للمعنيين بالأمر، إلا أن العادة والعرف والقانون في الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب تؤكد على الإنتخاب في هيئات الاتحادات العربية بعيداً عن التعيين. "استيلاء" في غير أوانه من جهته، نوّه الكاتب رياض طبرة عضو اتحاد الكتاب العرب بأن ما جرى في اتحاد الكتاب العرب جزء من قرار السلطة الجديدة لإقصاء قيادات جميع النقابات والإتحادات والمنظمات الشعبية انطلاقاً من مشروعية ثورية 8 ديسمبر 2024، بغض النظر عن وضع كل منظمة أو اتحاد، وقد تم حلّ منظمات شعبية عريقة كانت قائمة قبل 8 مارس 1963 كـ"اتحاد الطلبة السوريين"، لكنها لم تشمل اتحاد الكتاب العرب بالحل إلا بعد أشهر ربما كانت تبحث عن مخرج أو سيناريو لا يثير الكتاّب بعدما أثارت الصحفيين من قبل. وأضاف طبرة: "لم تكن الصيغة موفقة ولا تمت إلى المشروعية في شيىء وهذا باعتراف غالبية الزملاء الذين تم اختيارهم لمجلس كلّف بتسيير أعمال الإتحاد - بعد ما نصّ عليه من حل مجلس الإتحاد ولم يتطرق إلى المكتب التنفيذي - بتوقيع الإدارة السياسية هو ليس بقرار من أي جهة حكومية أو حزبية ذلك لأن اتحاد الكتاب العرب مؤسسة ثقافية نقابية مستقلة لم يقدر النظام السابق على الرغم من تغولّه في الاستيلاء على هذا الإتحاد، وظلّ لأعضائه هامش كبير من التحرك واستقلالية القرار بفعل إرادة نهضت في مؤتمرات الإتحاد السنوية والرغبة الجامحة في نقد الواقع وبعامل مساعد وعلى نحو كبير وجود شخصية مثقفة على رأس المكتب المختص وهو مفكر ووزير وسفير له مؤلفاته وله تجربته ولم تكن لديه ما كان لدى غيره من شهوة التسلّط التي أساءت كثيرا ونفرت الكثيرين. وتابع الكاتب: "هذا القرار الذي لا يستند لأي أسباب موجبة غير الرغبة لدى السلطة الجديدة في التغيير ولو لمجرد التغيير، وقد ساهم ذلك في حالة من الإحباط بين الزملاء وعدم جدوى الإستمرار.. وشهد الاتحاد استقالة عدد من هيئات الفروع وعدد آخر كان على طريق الإستقالة لولا حرصنا في المكتب التنفيذي على عدم الظهور بمظهر انشقاقي، والزملاء الجدد أو الأصح من جاء إلى تسيير الإتحاد معظمهم من خارج الإتحاد بإستثناء اثنين من بين أعضاء اتحادنا ولم يسبق لأحدهم أن تقدم بطلب انتساب خلال عملنا طوال أربع سنوات. واستكمل طبرة بأن ردود الفعل بين الزملاء تباينت ولم تكن واحدة وظهرت أصوات أرادت لنفسها أن تكون مختلفة عن الإجماع الذي أعلن موقفه بوضوح، وكان لهذا الأمر مسوغاته ومعظمها ذاتية تتصل ربما بظلم أو تهميش، وربما ظهرت بعض المواقف التي لا تليق بالكاتب من نفعية آنية أو طموح سلطوي ذلك لأن المؤتمر الإنتخابي على الأبواب. أزمة ثقة وفي رد آخر على البيان أكد الدكتور فاروق اسليم عضو اتحاد الكتاب العرب بأنّ سوريا تمرّ بمرحلة وطنيّة حرجة جدّاً، تواجه فيها تحدّيات داخلية وإقليمية ودوليّة، ومن المؤكّد أيضاً أن التحرّر من النظام البائد هو لمصلحة السوريين عامّةً. وأضاف: "من هذين الأمرين يمكن أن نقرأ ما حدث من قيام هيئة سياسيّة سورية بتسمية لجنة لتسيير أعمال اتحاد الكتاب العرب بدلاً من المكتب التنفيذي المنتخب". وأردف بأنه ثمّة تجاوز واضح لقوانين اتحاد الكتاب العرب الخاصّة بانتخاب قيادته أو سحب الثقة منها. لكنّ هذا التجاوز جاء في سياق توجهات عامّة (ثورية) لإعادة ترتيب أوراق مؤسسات الدولة واتحاداتها ونقاباتها، مع ملاحظة أنّ ذلك جاء حسب ظنّي نتيجة أزمة ثقة بين ما كان وما هو كائنٌ الآن، ويبدو أنّ هذا التغيير بالشرعية الثورية يتطلّع إلى ما يجب أن يكون عليه الوطن السوري، ومؤسساته المدنية، ومنها اتحاد الكتاب العرب. وأوجز اسليم بأنه من المفيد أن يُشار إلى حدوث حوارات جدّية، جرت خلال الشهور الماضية في دمشق وفي إدلب، بين قيادة الاتحاد والجهات السياسية المعنية بالتغيير، وهي جهات تجتهد، وتستمع، وتناقش، ولها وجهة نظر مؤسسة، كما أشرت قبل على أزمة ثقة، تضاءلت حدودها بفعل حوار ثقافي جدّي ومسؤول، نتج عنه بيان مشترك للمكتب التنفيذي وللجنة تسيير أعمال الاتحاد ولجهات ثقافية أخرى من الكتاب الموصوفين بالمعارضة قبل سقوط النظام، والمهم في هذا البيان التأكيد على وجود توافق لمعالجة أمور المفصولين سياسياً من الاتحاد (المكتب المنحل لم يفصل أحداً سياسياً)، ولتنسيب من يرغب من الكتّاب السوريين ممن تنطبق عليه شروط التنسيب، وبأثر رجعي، علماً أن هذا التوّجه كان من قرارات المكتب التنفيذي المنحّل، إضافة إلى التوافق في البيان المشترك على تقييد لجنة تسيير الأعمال نفسها بإجراء انتخابات اتحادية قبل مضيّ سنة من تشكيلها. وأشار إلى أنه من الطبيعي جدّاً وجود أصوات متعارضة، بعضها متمسّك بقوانين الإتحاد، وبعضها الآخر مؤيّد للشرعية الثورية، لكن ذلك لا ينفي أبداّ وجود موقف وطني مشترك بين الكتاب السوريون كلهم، وبناء على ذلك أرى أنّ التفاعل الإيجابي بين الكتّاب السوريين على اختلاف توجهاتهم السياسية والفكرية مهم جدّا في هذه المرحلة الحرجة التي تمرّ بها سوريا. وأكد بأننا نحن - الكتّاب السوريّين - بحاجة شديدة إلى أن نتعارف، فأربعة عشر عاماً من الحرب على سوريا ومن الحرب في سوريا صنعت خنادق بين كتّابها، ينبغي ردمها بالمحبّة والتسامح والعمل المشترك. وثمّة سنة من العمل الشاقّ تنتظر لجنة تسيير أعمال اتحاد الكتاب العرب، لتقوم بما يجب للنهوض به، وعلى عيون المعارضين لتشكيّلها أن تظلّ متابعة وناقدة بمحبة وتفاؤل، لنكون معاً جديرين بالانتماء إلى وطن المحبة والحضارة والعيش المشترك. المصدر: RT قال الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع في مراسم إعلان الحكومة السورية الجديدة، إن بلاده تشهد ميلاد مرحلة جديدة في المسيرة الوطنية. أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين السورية أنها استحدثت قسما جديدا ضمن هيكلية الوزارة تحت مسمى "الأمانة العامة للشؤون السياسية".

بيان صادر عن عشيرة الحوراني
بيان صادر عن عشيرة الحوراني

الوكيل

time١٦-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الوكيل

بيان صادر عن عشيرة الحوراني

09:29 ص ⏹ ⏵ تم الوكيل الإخباري- بسم الله الرحمن الرحيم تابعت عشيرة الحوراني، كما تابع أبناء الوطن كافة، البيان الصادر عن دائرة المخابرات العامة والذي أعلن عن كشف خلية إرهابية كانت تُخطط للمساس بأمن الأردن واستقراره. اضافة اعلان وإذ نُثمّن عالياً الجهود الكبيرة والمخلصة التي تقوم بها دائرة المخابرات العامة والأجهزة الأمنية كافة، فإننا نؤكد وقوفنا الكامل خلف قيادتنا الهاشمية وأجهزتنا الأمنية الباسلة، التي تسهر على أمن المواطن وتحمي الوطن من كل خطر. إن عشيرة الحوراني ، وهي جزء أصيل من نسيج هذا الوطن، تُدين بكل حزم هذه المحاولات الجبانة التي تستهدف زعزعة الأمن، وتؤكد أن كل من تسوّل له نفسه المساس بأمن الأردن هو عدو لنا جميعاً. وندعو الله عزّ وجل أن يحفظ الأردن، بقيادته الهاشمية الحكيمة، وجيشه وأجهزته الأمنية، وشعبه الوفي. عشيرة الحوراني صادر بتاريخ: 15/4/2025 #المملكة_الأردنية_الهاشمية

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store