logo
المقابر الجماعية في سوريا: "سنحتاج سنوات لتحديد هوية الضحايا"

المقابر الجماعية في سوريا: "سنحتاج سنوات لتحديد هوية الضحايا"

شفق نيوز٠٩-٠٥-٢٠٢٥

"هذه الرفات من مقبرة جماعية مختلطة"، هكذا يقول الدكتور أنس الحوراني.
يقف رئيس مركز تحديد الهوية السوري، الذي افتُتح حديثاً، بجوار طاولتين مغطاتين برفات بشري من عظام الفخذ. فوق كل طاولة توجد 32 عظمة فخذ بشرية. وقد رُتبت ورُقمت بدقة.
الفرز هو المهمة الأولى لهذه الحلقة الجديدة، في السلسلة الطويلة من الإجراءات الرامية إلى تقديم مرتكبي الجرائم إلى العدالة في سوريا. تعني "المقبرة الجماعية المختلطة" أن الجثث رُميت واحدة فوق الأخرى.
من المرجح أن هذه العظام تعود إلى أشخاص ضمن مئات الآلاف، الذين يُعتقد أنهم قُتلوا على يد نظامي الرئيس السابق بشار الأسد ووالده حافظ، اللذين حكما سوريا لأكثر من خمسة عقود.
إذا كان الأمر كذلك، يقول الدكتور الحوراني، إنهم من بين الضحايا الأحدث عهداً: قد ماتوا منذ ما لا يزيد عن عام.
الدكتور الحوراني طبيب أسنان شرعي: يقول إن الأسنان يمكن أن تخبرك بالكثير عن الجثة، على الأقل عندما يتعلق الأمر بتحديد هوية الشخص.
ولكن مع عظم الفخذ، يمكن لعمال المختبر في الطابق السفلي من هذا المبنى المكتبي في دمشق بدء المهمة: يمكنهم معرفة الطول والجنس والعمر، ونوع العمل الذي كانوا يمارسه أصحاب تلك الرفات، وقد يتمكنون أيضاً من معرفة ما إذا كان الضحية قد تعرض للتعذيب.
المعيار الرئيسي في تحديد الهوية هو بالطبع تحليل الحمض النووي. لكنه يقول إنه لا يوجد سوى مركز واحد لفحص الحمض النووي في سوريا.
"قد دُمرت العديد من هذه المراكز خلال الحرب في البلاد. وبسبب العقوبات، فإن الكثير من المواد الكيميائية الأولية التي نحتاجها لإجراء الاختبارات غير متوفرة حالياً".
كما أُبلغوا بأن "أجزاء من الأجهزة (اللازمة لإجراء ذلك التحليل) قد تُستخدم في الطيران، وبالتالي لأغراض عسكرية". بمعنى آخر، قد تُعتبر "مزدوجة الاستخدام"، وبالتالي يُحظر تصديرها إلى سوريا من قِبل العديد من الدول الغربية.
يُضاف إلى ذلك التكلفة: 250 دولاراً أمريكياً لإجراء اختبار واحد. ويقول الدكتور الحوراني: "في مقبرة جماعية مختلطة، يتعين إجراء حوالي 20 اختباراً لجمع جميع أجزاء جسد واحد". يعتمد المختبر كلياً على تمويل اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وتقول الحكومة الانتقالية في سوريا إن "العدالة الانتقالية" من أولوياتها.
وقال العديد من السوريين الذين فقدوا أقاربهم، ولم يعثروا على جثثهم، لبي بي سي إنهم ما زالوا غير راضين ومحبطين: إنهم يريدون رؤية المزيد من الجهود من قِبل الثوريين الذين أطاحوا أخيراً بحكم بشار الأسد، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعد 14 عاماً من الحرب.
خلال تلك السنوات الطويلة من الحرب، قُتل مئات الآلاف، وشُرد الملايين. ووفقاً لبعض التقديرات، اختفى قسراً أكثر من 130 ألف شخص.
بالوتيرة الحالية، قد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لتحديد هوية ضحية واحدة فقط من مقبرة جماعية مختلطة. يقول الدكتور الحوراني: "هذا عمل يستغرق سنوات طويلة".
جثث "مشوّهة ومعذّبة"
إحدى عشرة مقبرة من تلك "المقابر الجماعية المختلطة" متناثرة حول قمة تل قاحل خارج دمشق.
بي بي سي هي أول وسيلة إعلام دولية ترى هذا الموقع. القبور ظاهرةٌ للعيان الآن.
خلال السنوات التي انقضت منذ حفرها، كان سطحها قد انضحل في الأرض الجافة الصخرية.
يرافقنا حسين علوي المنفي، أو "أبو علي"، كما يُطلق على نفسه.
كان أبو علي سائقاً يعمل مع الجيش السوري. يقول: " كانت حمولتي عبارة عن جثث بشرية".
BBC
تمّ العثور على هذا الرجل – أبو علي - بفضل العمل الاستقصائي الدؤوب لمعاذ مصطفى، المدير التنفيذي السوري الأمريكي لقوة الطوارئ السورية، وهي مجموعة من النشطاء مقرها الولايات المتحدة.
لقد أقنع مصطفى أبو علي بالانضمام إلينا، ليشهد على ما يسميه معاذ "أسوأ جرائم القرن الحادي والعشرين".
نقل أبو علي شاحنات محملة بجثث إلى مواقع متعددة، لأكثر من عشر سنوات. في هذا الموقع كان يأتي، في المتوسط، مرتين أسبوعياً لمدة عامين تقريباً في بداية المظاهرات، ثم الحرب، بين عامي 2011 و2013 .
كان الإجراء دائماً هو نفسه. كان يتوجه إلى منشأة عسكرية أو أمنية. يقول: "كان لديّ مقطورة بطول 16 متراً. لم تكن تمتلئ دائماً بالكامل. لكنني كنتُ أحمل، على ما أظن، ما معدله 150 إلى 200 جثة في كل حمولة".
يقول إنه مقتنعٌ بأن حمولته كانت لمدنيين. "كانت جثثهم مشوّهة ومعذّبة". لم يكن بإمكانه تمييز هوياتهم إلا بأرقام مكتوبة على الجثث، أو مُلصقة على الصدر أو الجبهة.
هذه الأرقام تُشير إلى مكان وفاتهم. فقال إن هناك الكثير من الجثث جاءت من "الفرع 215" - وهو مركز اعتقال "سيء السمعة" تابع للمخابرات العسكرية في دمشق يُعرف بهذا الاسم، وهو مكان سنعود إليه لاحقاً في هذا التقرير.
لم تكن مقطورة أبو علي مزودة برافعة هيدروليكية لقلب حمولته وتفريغها. عندما كان يتراجع إلى الخلف باتجاه الحفرة، كان الجنود يسحبون الجثث إلى الحفرة واحدة تلو الأخرى. ثم تقوم جرافة صغيرة بـ"تسويتها وضغطها وردم القبر".
وصل إلى موقعنا ثلاثة رجال ذوي وجوهٍ شاحبة من قرية مجاورة. يؤكدون قصة الزيارات المنتظمة للشاحنات العسكرية إلى هذه البقعة النائية.
أما الرجل الذي يقود السيارة: كيف له أن يفعل هذا أسبوعاً تلو الآخر، عاماً تلو الآخر؟ ماذا كان يقول لنفسه كلما صعد إلى مقصورة سيارته؟
يقول أبو علي إنه تعلّم أن يكون "خادماً صامتاً" للدولة. "بينما كان الجنود يلقون بالجثث في الحفر، كنت أبتعد وأنظر إلى النجوم، أو أنظر نحو دمشق".
"كسروا ذراعيه وضربوه على ظهره"
دمشق - المكان الذي عادت إليه السورية ملك عودة مؤخراً، بعد سنوات قضتها لاجئة في تركيا. ربما تكون سوريا قد تحررت من قبضة عائلة الأسد، لكن لا يزال هناك حكم بالسجن المؤبد بحق ملك.
على مدى الثلاثة عشر عاماً الماضية، ظلت حبيسة روتين يومي من الألم والشوق. في عام 2012، بعد عام من تجرؤ بعض السوريين على الاحتجاج ضد الأسد، اختفى ابناها.
BBC
كان محمد لا يزال مراهقاً عندما جُنّد في جيش الأسد، مع انتشار المظاهرات وإشعال النظام لحملات قمع تحولت لحرب شاملة.
تقول والدته إنه كان يكره ما يراه. بدأ محمد بالفرار من الجيش، حتى أنه شارك في المظاهرات بنفسه. لكن تم تعقبه.
تقول والدته: "كسروا ذراعيه وضربوه على ظهره. قضى ثلاثة أيام فاقداً للوعي في المستشفى".
تغيب محمد عن الجيش بدون إذن مرة أخرى. تقول ملك: "أبلغت عن اختفائه، لكنني أنا التي كنت أخفيه".
في مايو/ أيار 2012، نفد حظ محمد، البالغ حينها من العمر 19 عاماً.
أُلقي القبض عليه مع مجموعة من أصدقائه، وأُطلق عليهم النار. تقول ملك إنه لم يكن هناك أي إخطار رسمي. لكنها لطالما توقعت أنه قد قُتل.
بعد ستة أشهر، اقتاد الضباط ماهر، شقيق محمد الأصغر، من المدرسة. كان هذا ثاني اعتقال لماهر. شارك في الاحتجاجات عام 2011، وعمره 14 عاماً. أدى ذلك إلى اعتقاله الأول. عندما أُطلق سراحه بعد شهر، كان يرتدي ملابسه الداخلية، وجسده مغطى، كما تقول والدته، بحروق سجائر وجروح وقمل. "كان مرتعباً".
تعتقد ملك أن ماهر اختفى من المدرسة عام 2012، لأن السلطات اكتشفت أنها كانت تخفي شقيقه الأكبر. الآن، ولأول مرة منذ 13 عاماً، تعود ملك إلى تلك المدرسة، متلهفة لمعرفة ما حدث لماهر.
أخرج مدير المدرسة الجديد دفترين أحمرين ممزقين. تتبعت ملك صفوف الأسماء بإصبعها، ثم وجدت اسم ابنها. في ديسمبر/ كانون الأول 2012، ورد في السجل بشكل قاطع: طُرد ماهر من المدرسة لتغيبه عن الدروس لمدة أسبوعين.
لا يوجد تفسيرٌ لإخفاء الدولة له. مع ذلك، ثمة أمرٌ آخر: عُثر على ملفٍّ يحتوي على سجلات ماهر المدرسية. غلافه مُزيّن بصورةٍ لبشار الأسد، وهو ينظر إلى الأفق البعيد بتأمل. التقطت ملك قلماً من على مكتب مدير المدرسة وخربشت فوق الصورة. لو فعلت هذا التصرف قبل ستة أشهر من الآن، لكاد أن يودي بحياتها.
لسنوات، لم يكن لدى ملك أي أثر لماهر تتشبث به، سوى رجلين يقولان إنهما شاهدا ماهر في "الفرع 2015" – وهذا هو مركز الاعتقال العسكري نفسه، الذي خرج منه هذا العدد الكبير من الجثث لينقلها أبو علي في شاحنته.
أخبر أحد الرجلين ملك أن ابنها أخبره شيئاً عن والديه، تقول والدته إن ماهر وحده من كان يعلم ذلك الشيء. إنه هو بالتأكيد. "لقد طلب من هذا الرجل أن يخبرني أنه بخير". تنهدت ملك وانهمرت دموعها، ووضعت منديلاً ممزقاً على عينيها.
بالنسبة لملك، كغيرها من السوريين، لم يكن سقوط الأسد مجرد يوم فرح، بل يوم أمل.
"كنت أعتقد بنسبة 90 في المئة أن ماهر سيخرج من السجن. كنت أنتظره".
لكنها لم تتمكن حتى من العثور على اسم ابنها في قوائم السجناء. وهكذا يستمر نبض الألم يسري في جسدها. "أشعر بالضياع والارتباك"، كما تقول.
لقد قُتل شقيقها الأصغر، محمود، بنيران دبابة أطلقت النار على المدنيين عام 2013.
لكن "على الأقل عثروا على جثته وشُيّعت في جنازة".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

معلومات أميركية حول تجهيز إسرائيل ضربة لمنشآت نووية إيرانية... باكستان: مقتل 4 أطفال وإصابة 38 آخرين على أثر اصطدام سيارة مفخخة بحافلة.. روبيو يدعو «الشيوخ» لإلغاء «قانون قيصر»
معلومات أميركية حول تجهيز إسرائيل ضربة لمنشآت نووية إيرانية... باكستان: مقتل 4 أطفال وإصابة 38 آخرين على أثر اصطدام سيارة مفخخة بحافلة.. روبيو يدعو «الشيوخ» لإلغاء «قانون قيصر»

الحركات الإسلامية

timeمنذ يوم واحد

  • الحركات الإسلامية

معلومات أميركية حول تجهيز إسرائيل ضربة لمنشآت نووية إيرانية... باكستان: مقتل 4 أطفال وإصابة 38 آخرين على أثر اصطدام سيارة مفخخة بحافلة.. روبيو يدعو «الشيوخ» لإلغاء «قانون قيصر»

تقدم بوابة الحركات الإسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العالمية، بخصوص جماعات الإسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات، بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات) اليوم 21 مايو 2025. سي.إن.إن.. معلومات أميركية حول تجهيز إسرائيل ضربة لمنشآت نووية إيرانية أفادت شبكة «سي.إن.إن» الإخبارية الأميركية اليوم الثلاثاء، نقلا عن مسؤولين أميركيين مُطلعين، بأن معلومات استخبارات جديدة حصلت عليها الولايات المتحدة تشير إلى أن إسرائيل تُجهز لضرب منشآت نووية إيرانية. وقال مسؤولون أميركيون إن تنفيذ مثل هذه الضربة سيكون خروجا صارخا عن نهج ترمب، وقد يؤدي إلى إشعال صراع أوسع نطاقا في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما تحاول الولايات المتحدة تفاديه منذ أن أشعلت حرب غزة التوترات الإقليمية. ونوه المسؤولون إلى أنه لا يوجد دليل قاطع على أن القيادة الإسرائيلية اتخذت قرارا نهائيا بتنفيذ الهجوم، وأشاروا إلى وجود خلافات داخل الإدارة الأميركية بشأن مدى احتمال أن تقدم إسرائيل على هذه الخطوة. ويعتمد قرار إسرائيل المحتمل إلى حد كبير على تقييمها لمحادثات الولايات المتحدة مع إيران بشأن برنامجها النووي. وقال مصدر آخر مطلع على المعلومات الاستخباراتية الأميركية «تزايد احتمال توجيه إسرائيل ضربة لمنشأة نووية إيرانية بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة. وإذا تم التوصل إلى اتفاق بين ترمب وإيران لا يتضمن التخلص الكامل من اليورانيوم الإيراني، فإن احتمال تنفيذ الضربة سيصبح أكبر». رويترز..باكستان: مقتل 4 أطفال وإصابة 38 آخرين على أثر اصطدام سيارة مفخخة بحافلة قال مسؤولون باكستانيون إن سيارة مفخخة يقودها انتحاري اصطدمت بحافلة مدرسية في جنوب غربي باكستان المضطرب، مما أسفر عن مقتل 4 أطفال، وإصابة 38 آخرين. ذكر ياسر إقبال، وهو نائب مفوض محلي، أن الهجوم وقع في منطقة خوزدار بإقليم بلوشستان، في حين كانت الحافلة تنقل أطفالاً إلى مدرسة بالمدينة. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم على الفور، على الرغم من أن الشكوك من المرجح أن تتجه نحو انفصاليين بلوش عرقيين، الذين كثيراً ما يستهدفون قوات الأمن والمدنيين في المنطقة. وأدان وزير الداخلية الباكستاني محسن نقفي، بشدة، الهجوم وأعرب عن حزنه العميق لمقتل الأطفال. ووصف مرتكبي هذه الجريمة بأنهم «وحوش» لا يستحقون أي تسامح، قائلاً إن العدو ارتكب «عملاً بربرياً محضاً باستهداف أطفال أبرياء». وقال مسؤولون إنهم يخشون من احتمال ارتفاع حصيلة القتلى أكثر، نظراً لوجود عدد من الأطفال في حالة حرجة. جاء الهجوم الأخير بعد أيام من مقتل أربعة أشخاص في انفجار سيارة بالقرب من سوق بمدينة كيلا عبد الله بإقليم بلوشستان الذي يتاخم أفغانستان. سيناتور: كل مهاجر في غوانتانامو يكلف أميركا 100 ألف دولار يومياً قال السيناتور الأميركي غاري بيترز في جلسة للجنة بالكونجرس أمس (الثلاثاء) إن استخدام الرئيس دونالد ترمب لقاعدة خليج غوانتانامو البحرية لإيواء مهاجرين يكلف 100 ألف دولار يومياً للمحتجز الواحد. واستجوب بيترز، وهو أكبر عضو ديمقراطي في لجنة الأمن الداخلي والشؤون الحكومية في مجلس الشيوخ، وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم حول التكلفة المرتفعة، التي تزيد بكثير عن 165 دولاراً في اليوم الواحد في مراكز احتجاز المهاجرين داخل الولايات المتحدة. كما تساءل بيترز عن سبب إرسال المحتجزين إلى القاعدة البحرية الأميركية في كوبا ثم إعادتهم إلى الولايات المتحدة على نفقة دافعي الضرائب، وقال السيناتور الديمقراطي: «نحن ننفق 100 ألف دولار يومياً لإبقاء شخص ما في غوانتانامو... نبقيهم هناك لفترة، ثم نعيدهم جواً إلى الولايات المتحدة، أو يمكننا إبقاؤهم هنا مقابل 165 دولاراً في اليوم. أعتقد أن هذا أمر شائن نوعاً ما»، وفق ما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء. وقد طلب البيت الأبيض زيادة كبيرة في تمويل إنفاذ قوانين الهجرة في الوقت الذي يحاول فيه تحقيق هدف ترمب المتمثل في عمليات الترحيل الجماعي. وقد طلبت الإدارة من الكونجرس هذا الشهر مبلغ 44 مليار دولار إضافية لوزارة الأمن الداخلي في السنة المالية 2026، والتي تبدأ في أول أكتوبر (تشرين الأول). وقالت نويم، التي مثلت أمام اللجنة للدفاع عن طلب الميزانية، إنها لا تعرف التكلفة اليومية لإيواء المهاجرين في معتقل غوانتانامو. وقالت المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي تريشيا ماكلولين في بيان: «الرئيس ترمب ملتزم بالحفاظ على سلامة الأميركيين». بينما قال مسؤول أميركي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لوكالة «رويترز» للأنباء إن هناك ما يقرب من 70 مهاجراً محتجزين حالياً هناك. ورفع الاتحاد الأميركي للحريات المدنية دعوى قضائية في مارس (آذار) لمنع نقل 10 مهاجرين إلى القاعدة. وفي الدعوى، زعم الاتحاد الأميركي للحريات المدنية أن المهاجرين في غوانتانامو احتجزوا في غرف بلا نوافذ لمدة 23 ساعة على الأقل يومياً، وتعرضوا للتفتيش الجائر مع التعرية، ولم يتمكنوا من الاتصال بأفراد أسرهم. وكالات..روبيو يدعو «الشيوخ» لإلغاء «قانون قيصر» لم يكتف وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، بالدعوة أمام الكونغرس إلى إلغاء «قانون قيصر» الذي يفرض عقوبات صارمة على سوريا، بل حذر في جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، أمس (الثلاثاء)، من أن سوريا في ضوء التحديات التي تواجهها، قد تكون على بعد أسابيع من حرب أهلية شاملة ذات أبعاد مدمرة، تؤدي فعلياً إلى تقسيم البلاد. وقال روبيو إن سبب رفع ترمب للعقوبات عن سوريا هو فتح المجال أمام دول المنطقة لمساعدة الحكومة الانتقالية هناك. في الأثناء، أعلن الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات الاقتصادية التي كان يفرضها على سوريا. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في التكتل كايا كالاس على «إكس»: «نريد مساعدة الشعب السوري على إعادة بناء سوريا جديدة مسالمة وتضم جميع الأطياف». ووصف وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الخطوة الأوروبية بأنها «إنجاز تاريخي جديد». وكالات..«الأوروبي» يقر الحزمة الـ17 من العقوبات على روسيا تبنَّى الاتحاد الأوروبي، أمس (الثلاثاء)، عقوبات جديدة ضد روسيا لعدم موافقة موسكو على هدنة في أوكرانيا. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، كايا كالاس، إن «الحزمة السابعة عشرة من العقوبات تستهدف نحو 200 من سفن أسطول الظل». ولوحت بمزيد من العقوبات، قائلة: «كلما أطالت روسيا أمد الحرب، ازداد ردُّنا صرامةً». بدورها، أعلنت بريطانيا هي الأخرى، أمس، فرض عقوبات واسعة النطاق على قطاعات الجيش والطاقة والمالية في روسيا. وتأتي هذه العقوبات بعد شن موسكو هجمات بالمسيّرات في مطلع الأسبوع على مدن أوكرانية. إلى ذلك، بدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب آمال الأوكرانيين والأوروبيين بتغيير موقفه من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، قائلاً إنه كان ينبغي أن يظلَّ هذا النزاع «قضية أوروبا وحدها»، مكرراً التلويح بوقف وساطته في حال فشل الطرفين في التوصُّل إلى اتفاق. الصين: القيود الأميركية الجديدة على الشرائح «ترهيب»... ونتعهد بـ«الرد بحزم» تعهّدت بكين، الأربعاء، بـ«الردّ بحزم» على «الترهيب»، الذي تحاول واشنطن ممارسته ضدّها عبر فرض السلطات الأميركية قيوداً جديدة على الواردات الصينية من الرقائق الإلكترونية المتقدّمة. قال متحدث باسم وزارة التجارة الصينية، في بيان، إنّ «الإجراءات الأميركية نموذجية لنزعة أحادية، فهي تجمع بين الترهيب والحمائية، وتُقوّض بشكل خطر استقرار سلاسل الصناعة والتوريد العالمية لأشباه الموصّلات»، متوعداً باتخاذ «إجراءات حازمة» ردّاً على ذلك. وفي الأسبوع الماضي، تراجعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن قيود جديدة فرضتها على تصدير أشباه الموصّلات المستخدمة في تطوير الذكاء الاصطناعي، وكانت ستطول خصوصاً صادرات هذه المواد المتطوّرة إلى الصين. لكنّ وزارة التجارة الأميركية استبدلت بهذه القيود الجديدة توصيات «تحذّر» فيها، من بين أمور أخرى، «الجمهور من العواقب المحتملة المترتبة على السماح باستخدام الرقائق الأميركية» لتطوير «نماذج صينية للذكاء الاصطناعي». وأوضحت الوزارة أنّ سياستها تهدف إلى مشاركة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأميركية «مع الدول الأجنبية الموثوق بها في سائر أنحاء العالم، مع منع وقوعها في أيدي خصومنا». غير أنّ هذه المبادئ التوجيهية ليست مُلزِمة، على عكس القيود التي أرادت الإدارة السابقة، بقيادة جو بايدن، فرضها. لكن بكين أدانت بشدّة هذه الخطوة، متّهمة واشنطن «بإساءة استخدام ضوابط التصدير لاحتواء الصين وقمعها». وحذّرت وزارة التجارة الصينية «أيّ منظمة أو فرد ينفّذ أو يساعد في تنفيذ هذه التدابير الأميركية قد يكون ينتهك» القوانين الصينية. روبيو يتوقع أن تعرض روسيا «خلال أيام» شروطها لوقف النار مع أوكرانيا أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الثلاثاء أنّه يتوقع أن تعرض روسيا «خلال أيام» شروطها لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا، معتبرا أنّ هذه الخطوة ستسمح لواشنطن بتقييم مدى جدّية موسكو في سعيها للسلام. وقال روبيو خلال جلسة استماع أمام لجنة في مجلس الشيوخ إنّه «في وقت ما، قريبا جدا، ربّما خلال بضعة أيام، ربّما هذا الأسبوع، سيقدّم الجانب الروسي الشروط التي يريدها أن تتحقّق» للتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وأضاف أنّ توقّعه هذا مردّه إلى المكالمة الهاتفية التي أجراها يوم الإثنين الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك أيضا إلى المحادثة التي أجراها هو شخصيا خلال عطلة نهاية الأسبوع مع نظيره الروسي سيرغي لافروف. وأوضح الوزير الأميركي أنّ الروس سيعرضون «شروطا عامة فحسب تمكّننا من التقدّم نحو وقف لإطلاق النار، وهذا الوقف لإطلاق النار من شأنه أن يسمح لنا بعد ذلك بالدخول في مفاوضات مفصّلة لإنهاء النزاع». وأضاف «نأمل أن يحدث هذا الأمر. نعتقد أنّ ورقة الشروط التي سيطرحها الروس ستخبرنا بالكثير عن نواياهم الحقيقية». وتابع «إذا كانت ورقة شروط واقعية ويمكن البناء عليها، فسيكون هذا شيء، أما إذا تضمّنت مطالب نعلم أنها غير واقعية، فأعتقد أنّه سيكون مؤشّرا» على حقيقة النوايا السلمية لروسيا. وكان ترمب قال في أعقاب مكالمته مع بوتين إنّ روسيا وأوكرانيا مستعدتان لبدء مفاوضات «فورية» للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بينهما. لكنّ نظيره الروسي كان أكثر حذرا إذ قال إنّ موسكو ستقترح «مذكرة» بشأن اتفاق سلام مستقبلي محتمل.

كوستاريكا.. اعتقال "قطة" بتهمة تهريب المخدرات (فيديو)
كوستاريكا.. اعتقال "قطة" بتهمة تهريب المخدرات (فيديو)

شفق نيوز

timeمنذ 2 أيام

  • شفق نيوز

كوستاريكا.. اعتقال "قطة" بتهمة تهريب المخدرات (فيديو)

شفق نيوز/ أعلنت وزارة العدل في كوستاريكا (دولة في أمريكا الوسطى)، القبض على قطة أثناء محاولتها تهريب المخدرات إلى داخل سجن. وذكرت الوزارة في منشور على "فيسبوك"، أن "الحراس في سجن بوكوسي ألقوا القبض على قطة تسلقت سياج السجن وهي تحمل نحو 236 غراماً من الماريجوانا ونحو 68 غراماً من الهيروين وأوراقا تستخدم في تغليف المخدرات مربوطة على ظهرها". وبحسب مقطع فيديو نشرته وزارة العدل، تمكن حراس السجن من القبض على القطة أثناء تسلقها سياجاً من الأسلاك الشائكة. وأفادت الوزارة في بيان بأن "ضابطاً متمركزاً في أحد الحصون رصد الحيوان في المنطقة الخضراء وأثار الإنذار على الفور". وأضافت أنه "بفضل الإجراءات السريعة التي اتخذها الضباط، تم القبض على القطة وإزالة الطرود، مما منعها من الوصول إلى وجهتها النهائية". وفي المجمل، عثر المسؤولون على حزمتين من الماريجوانا والهيروين، بالإضافة إلى أوراق تستخدم في تغليف المخدرات، بحسب بيان الوزارة. ويقول المسؤولون إنهم يقومون بمراجعة لقطات المراقبة الأمنية لمحاولة تتبع تحركات القطة قبل أن يكتشفها حراس السجن في محاولة لمعرفة من حاول تهريب المخدرات إلى داخل السجن ولمن كانت مرسلة. ووفقاً لشبكة "بي بي سي" سلم مسؤولو السجن القطة إلى الهيئة الوطنية لصحة الحيوان لإجراء تقييم بعد نزع المخدرات من ظهرها.

"فيها كل عناصر السعادة، وكل عوامل الانفجار"... ماذا نعرف عن مدينة جرمانا السورية؟
"فيها كل عناصر السعادة، وكل عوامل الانفجار"... ماذا نعرف عن مدينة جرمانا السورية؟

شفق نيوز

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • شفق نيوز

"فيها كل عناصر السعادة، وكل عوامل الانفجار"... ماذا نعرف عن مدينة جرمانا السورية؟

لم تكن ليلة الثلاثاء 29 أبريل/نيسان الماضي كغيرها في جرمانا، المدينة السورية المكتظة بالسُكّان جنوب شرقي دمشق. ففي أقل من ساعة، تحوّلت شائعة على تطبيق "واتساب" إلى كابوس جماعي. إذ أدى تسجيل صوتي منسوب لرجل درزي، يتضمّن إساءة للنبي محمد، إلى إشعال فتيل اشتباكات مسلّحة. ورغم أن الرجل المعني نفى صحة التسجيل المنسوب إليه، فإن المعلومات المضللة اختلطت بالخلفيات الطائفية والأسلحة النارية، ليقضي سكان جرمانا ليلة دامية، في مدينة طالما اعتُبرت نموذجاً للتعايش السوري. واليوم، يخيّم على زوايا جرمانا "هدوء هش يُخفي تحت سطحه بقايا جرح لم يُعقَّم، بل تمّت لملمته فقط"، على حد وصف الكاتب الصحفي يعرب العيسى، المقيم في المدينة منذ 27 عاماً. ويقول العيسى: "الوضع هادئ الآن، لكن أي استفزاز بسيط قد يعيد إشعال الفتيل. فالتوتّر في سوريا عام، لكنه أكثر حدّة في مناطق مثل جرمانا، وصحنايا، والسويداء". جرمانا، مدينة سورية تقع على بُعد 5 كيلومترات جنوب شرق دمشق، ومن أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان. رغم أنها تُدرج رسمياً ضمن محافظة ريف دمشق، إلا أن مدينة جرمانا لا تختلف كثيراً عن العاصمة، لا في عمرانها ولا في تداخلها السكاني. "هي أقرب إلى امتداد متصل لدمشق"، كما يصفها نيروز ساتيك، الباحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية بجامعة ساسكس البريطانية في مقابلة مع بي بي سي عربي. لم تعد جرمانا قرية زراعية كما كانت تاريخياً، عندما كانت تشكل جزءاً من قرى غوطة دمشق، قبل أن تتمدد وتتحول إلى مدينة مكتظة ومتشعبة. هذا التحول كان نتيجة طبيعية لموقعها الجغرافي المحاذي للعاصمة، وللهجرات الداخلية المتتابعة منذ عشرات السنين. يقول يعرب لبي بي سي إن المدينة هي حاضرة قديمة تعود جذورها إلى حقبة ما بعد ميلاد المسيح حين كانت تضم ديراً مسيحياً للقديس جرمانوس، منح المدينة اسمها. سكنها الدروز في القرن الحادي عشر بعد هجرتهم من مصر عقب ضعف الدولة الفاطمية. فعندما تعرضوا للتضييق، استقروا في مناطق متفرقة من بلاد الشام، منها جبل الشوف في لبنان، وجبل السماق شمالاً (قرب إدلب)، وقريتان قرب دمشق هما جرمانا وصحنايا. يؤكد يعرب أن جرمانا كانت تاريخياً مدينة منفتحة على التنوع، سكنها المسيحيون والدروز بداية، لكنها جذبت لاحقاً سكان من معتقدات مختلفة، ما أذكى التسامح الطائفي والديني. "كانت منطقة مرغوبة، بجوار الغوطة، فيها نهر وطبيعة وهواء عليل، فتوسعت وتحوّلت إلى المدينة الأكثر تنوعاً وحرية في سوريا". جرمانا: مدينة اللاجئين لكنّ محطات التحوّل الكبرى بدأت مع موجات الهجرة المعاصرة. ففي عام 2003، استقبلت جرمانا أول موجة من اللاجئين العراقيين، خصوصاً المسيحيين، ما خلق ضغطاً عمرانياً واقتصادياً، فأُنشئت أحياء جديدة وسرعان ما صارت المدينة تضج بالحياة. ثم بدأت الثورة السورية عام 2011 التي تحولت صراعاً مسلحاً، وجلبت معها نازحين من مدن دير الزور ودرعا وإدلب وحلب والغوطة. عشرات الأحياء بُنيت بسرعة، ما أضاف طبقات سكّانية جديدة، وخلق احتكاكات مستمرة بين فئات ومناطق وعشائر مختلفة. وبحسب يعرب، فإن عدد سكان جرمانا اليوم يُقدّر بنحو مليون نسمة. ولا يشكل الدروز – رغم رمزية وجودهم – أكثر من 25 في المئة من السكان، بينما أبناء المدينة الأصليين لا يتجاوزون 6 أو 7 في المئة، بحسب تقديرات. لم نستطع في بي بي سي الاطلاع على السجلات الرسمية التي تُظهر التغيرات الديموغرافية على مدار السنوات الأخيرة. ومع ذلك، تبقى الإدارة اليومية للمدينة بيد "الهيئة الروحية للدروز"، إلى جانب هيئة مدنية يعمل الجميع على احترامها والتعامل معها كمرجعية. فبحسب الناشط السياسي مروان حمزة، وهو ابن المنطقة: "الدروز لهم الكلمة الفصل" في إدارة المدينة؛ فغالبية المراكز الإدارية الرسمية، بما في ذلك رئاسة البلدية، يديرها أفراد من الطائفة الدرزية، بينما تلعب المشيخة الدينية الدور الأبرز في رسم السياسات المحلية، سواء داخل الطائفة أو في علاقتها مع باقي مكونات المدينة، كما يوضّح. بعد عام 2011، ومع نزوح عدد كبير من سكان السويداء إلى جرمانا، تعزز هذا الدور أكثر. يوضح حمزة أن "أي بيان يصدر عن المشيخة أو دار الطائفة يُنفذ فوراً من جميع السكان، وليس من الدروز فقط"، في إشارة إلى احترام السلطة الدينية العليا وقدرتها على ضبط الشارع. ويتابع: "خلال الأحداث الأخيرة، كانت بيانات المشايخ في جرمانا بمثابة صمّام أمان، إذ ساهمت بشكل كبير في تهدئة التوتر ومنع تصاعد الصدامات". لكن هذا التنوع كان سيفاً ذا حدين. فكما شكّل مصدر غنى، كان أيضاً نواةً قابلة للاشتعال. "ما حصل في الأيام الماضية كان مجرد نتيجة لتراكم احتكاكات قديمة"، يروي يعرب، مشيراً إلى حادثة انتشار تسجيل صوتي مزور لشخص يسب النبي محمد، قيل إنه رجل درزي من السويداء. فقامت جماعات متطرفة بالاعتداء على أهل جرمانا، في مشهد يدل على مدى استعداد النفوس للاشتعال بفعل الشحن الطائفي المسبق، بحسب وصفه. وفي السويداء، خرجت بيانات دينية من مشيخة العقل – الجهة الدينية العليا للطائفة الدرزية – تندد بالتسجيل وتؤكد عدم صحته، داعية إلى التهدئة و"عدم الانجرار خلف الفتنة". وأصدر الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز المرجعيات الدينية لدروز سوريا، بياناً يُدين الإساءة ويشدد على احترام الرموز الدينية لجميع الطوائف، مع التأكيد على أن الصوت ليس لأحد من مشايخ السويداء. وأصدرت وزارة الأوقاف لاحقاً موقفاً مقتضباً يدعو للوحدة الوطنية و"رفض الفتنة". موقف جرمانا من الثورة السورية؟ منذ الأيام الأولى للحرب السورية، اختارت جرمانا موقعاً حذراً: "حياداً إيجابياً" بحسب يعرب. فالدروز في سوريا لم يقفوا بشكل صريح مع النظام، لكنهم لم يواجهوه أيضاً. في جرمانا، فرض الموقع الجغرافي حساسيات إضافية، فهي البوابة التي تفصل العاصمة عن الغوطة الثائرة - الريف الدمشقي ذو الغالبية السنية. في سنوات الثورة، لعبت المدينة دور الوسيط غير المُعلن: طلبت من القرى المجاورة عدم الاعتداء عليها مقابل عدم السماح بدخول قوات النظام من جهتها، وفقاً لمروان. أما مؤسسات الدولة داخل جرمانا، فقد بقيت قائمة حتى في لحظات انهيار السلطة في مناطق سورية أخرى. "البلدية، المحكمة، السجل المدني... لم تُمس"، يقول يعرب، بعكس كثير من مدن سوريا التي شهدت عمليات سلب ونهب واسعة. بعد التسوية التي جرت في الغوطة في 2018، عاد قسم من المهجرين إلى بلداتهم، فانخفض عدد السكان قليلاً. وفي المقابل، خضعت المدينة لترتيبات أمنية مع النظام. جرى التفاوض حول سلاح الفصائل المحلية، فرفض سكان المدينة تسليمه بالكامل. بدلاً من ذلك، سُلّمت الأسلحة الثقيلة فقط، فيما دُمجت عناصر الحماية المحلية ضمن قوات الأمن العام، وارتدوا زيّه الرسمي، ليتحول أبناء جرمانا إلى "أمن عام" بشكل رسمي، في صيغة ترضية لجميع الأطراف، وفقاً ليعرب. رغم هذه "التهدئة الشكلية"، تبقى جرمانا مدينة على حافة الانفجار. "فيها كل عناصر السعادة، وكل عوامل الانفجار"، يصف يعرب. فهي "مرآة سوريا المصغرة: جميلة، متنوعة، ومتوترة. وتنتظر شرارة". أما تفاعل جرمانا مع انتفاضة السويداء لعام 2023، فلم يكن مفاجئاً، بحسب نيروز ساتيك. "رغم أن المظاهرات لم تكن حاشدة بفعل القبضة الأمنية الصارمة في ريف دمشق، إلا أن الإيقاع السياسي فيها كان متقارباً مع حراك السويداء، بما يعكس ارتباطاً وجدانياً وثقافياً مستمراً مع الجنوب السوري". تعرضت جرمانا خلال الحرب لعشرات التفجيرات وعمليات الاغتيال، أبرزها الهجوم على موقف للسيارات عام 2012 أودى بحياة العشرات، وتفجيرات أخرى عامي 2013 و2015. مرحلة ما بعد الأسد مع سقوط النظام السوري في ديسمبر/ كانون الأول 2024، احتفل سكان جرمانا كغيرهم في أنحاء سوريا. وفي مساء الجمعة 28 فبراير/شباط 2025، اندلع اشتباك مسلح عند أحد الحواجز المحلية في المدينة، أسفر عن مقتل موظف في وزارة الدفاع السورية، يُدعى أحمد الخطيب، وإصابة عنصر أمني آخر بجروح بالغة. التحقيقات الأولية أشارت إلى أن منفذي الهجوم ينتمون إلى مجموعة مسلحة محلية، يُعتقد أنها تحتفظ بصلات تنظيمية مع أجهزة النظام السابق. وبعد ساعات من الحادثة، رفضت الميليشيا تسليم المتهمين للسلطات، رغم المحاولات المتكررة للتهدئة من أطراف مدنية ودينية. بحلول مساء الأحد 2 مارس/آذار، تحوّل التوتر إلى حالة من الانفلات، مع قيام مجموعات مسلحة بنصب حواجز عشوائية وفرض سيطرة على بعض مداخل المدينة. واستُخدمت هذه الحواجز في عمليات تفتيش واحتجاز وإطلاق نار في بعض المناطق السكنية، مما أثار ذعر الأهالي. عقب ذلك بيوم واحد، أعلنت وزارة الداخلية في الحكومة السورية الجديدة عن بدء عملية أمنية رسمية في جرمانا، هدفها إنهاء "الفوضى الأمنية" وملاحقة الجناة، إضافة إلى تفكيك النقاط المسلحة غير النظامية التي انتشرت. العملية الأمنية شملت انتشاراً لعناصر الشرطة العسكرية، وإغلاق بعض الطرق المؤدية إلى الأحياء الشرقية، فيما سُجّلت اعتقالات محدودة بحق أفراد يُشتبه بضلوعهم في الهجوم أو في أعمال تخريب لاحقة. يأتي التصعيد الأخير في جرمانا في لحظة دقيقة تمر بها سوريا، حيث لا تزال الحكومة الجديدة - التي تشكّلت بعد انهيار النظام السابق في ديسمبر/ كانون الأول - تحاول إعادة ترتيب مؤسّساتها، وسط مشهد أمني لم يستقر بعد. فبينما تعلن السلطات أن الجماعات المسلحة قد أُدمجت بالكامل ضمن هيكل الدولة الجديدة، لا تزال تقارير محلية تتحدث عن مجموعات تتحرك بشكل منفصل، يُقال إنها لم تخضع بعد للقيادة المركزية، ما يجعل مدناً مثل جرمانا أكثر عرضة للاشتباكات الداخلية. لكن هذه الرواية لا تحظى بإجماع. فبحسب عدد من سكان المدينة ونشطاء سياسيين تحدثوا لـبي بي سي، فإن تحميل المسؤولية لما يُوصف بـ"الفصائل غير المنضبطة" لم يعد مقنعاً، خاصة أن قائد الحكومة أحمد الشرع كان قد رعى بنفسه سلسلة من المصالحات، أفضت إلى إدماج معظم المقاتلين في أجهزة الدولة، بما فيها قوات الأمن العام والشرطة المحلية. BBC اقتصاد هش اليوم، يعيش سكان جرمانا في ظل أوضاع اقتصادية صعبة. المدينة، مثل غيرها من ضواحي دمشق، تعاني من ارتفاع هائل في الإيجارات والأسعار، وانقطاع مستمر للكهرباء والماء. الكهرباء في جرمانا، كما في باقي مناطق سوريا، تُقطع معظم ساعات اليوم، تُقسم إلى أربع دورات، وتتوفر لمدة ساعة ونصف كل ست ساعات، ما يعني نحو خمس إلى ست ساعات تتوفر فيها الكهرباء يومياً. لكن بعض الأحياء تعتمد على مولّدات خاصة وخطوط بديلة تُباع خدماتها بأسعار مرتفعة. أما الإيجارات، فتتفاوت بشكل كبير حسب المنطقة ومستوى البناء. في الأحياء المكتظة، يمكن العثور على شقق صغيرة مكتظة وغير مؤهلة للإقامة مقابل 50 دولاراً شهرياً. في المقابل، قد تصل الإيجارات في المناطق الجيدة إلى 500 دولار، مع متوسط عام يتراوح بين 200 و300 دولار للشقق المتوسطة. أما المحلات التجارية، فتصل إيجاراتها إلى أرقام خيالية، حيث يؤجر بعضها بأكثر من 2000 دولار شهرياً. علماً أن تسعة من كل عشرة أشخاص في سوريا يعيشون في فقر وإن واحداً من كل أربعة عاطل عن العمل، وفقاً للأمم المتحدة. الكثير من العائلات تقطن في أحياء مكتظة، بعضها بلا بنى تحتية، خصوصاً العائلات النازحة. ومع ذلك، لا تزال المدينة تنبض بالحياة. مقاهٍ، أسواق، مدارس خاصة، ومراكز تدريب. في ظل هذا التنوّع، يُحافظ الناس على نوع من التعايش الصامت. يلتقي الدروز والمسيحيون والسنة في الأسواق والمدارس، ويفصلهم فقط صراع سياسي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store