أحدث الأخبار مع #الدول


صحيفة الخليج
منذ 3 أيام
- سياسة
- صحيفة الخليج
المنظمات الدولية والسلام الصعب
تحيل المنظمات الدولية إلى إطار دائم محدث بموجب اتفاق بين مجموعة من الدول، يتمتع بإرادة مالية وإدارية وسياسية مستقلة عن أعضائه، كما تتمتع بالشخصية القانونية الدولية التي تترتب عليها حقوق والتزامات، وترمي المنظمات إلى تحقيق هدف أو عدة أهداف تعكس التعاون والتنسيق الدوليين، وتظل مهامها مؤطرة بمقتضيات القانون الدولي وبنود مواثيقها. وتكتسب هذه الهيئات صفتها الدولية انطلاقاً من العضوية التي تكون متاحة لعدد من الدول التي تتوافر فيها شروط الانضمام، إضافة إلى طبيعة نشاطاتها العابرة للحدود والممتدة إلى مناطق مختلفة من العالم. وجدير بالذكر أن العضوية بهذه المؤسسات تكون أصلية بالنسبة للأطراف المؤسّسة، كما قد تكون بالانضمام لها في ما بعد، كما تكون كاملة، تتيح للدولة الانضمام لكل أنشطتها وممارسة حقوقها الكاملة، وقد تكون ناقصة تقتصر فيها الدولة العضو على الاشتراك في بعض نشاط المنظمة فحسب. تمثل المنظمات الدولية إطاراً للتعاون ولتعبئة الإمكانيات وتنسيق الجهود وخدمة المصالح المشتركة، وتعزيز التنمية والأمن والسلم، وقد ازدادت أهميتها بشكل كبير في الوقت الراهن، مع تنامي المخاطر والتهديدات العابرتين للحدود. وهي تتنوع بين أصناف متعددة، كالمنظمات العالمية والإقليمية، والمتخصصة والعامة، والحكومية وغير الحكومية.. لقد شكل ظهور هذه الهيئات تحولاً كبيراً في مسار العلاقات الدولية منذ بدايات القرن الماضي، بسبب التزايد المطرد في عدد الدول وميلها إلى نسج علاقات تعاونية مع محيطيها الإقليمي والدولي، وكذا الرغبة في جعل هذه المنظمات إطاراً للتنسيق وتبادل وجهات النظر إزاء مختلف القضايا الدولية، بما يعزز الثقة ويوفر المناخ الكفيل بنبذ الحروب التي كلفت الإنسانية ويلات ودماراً كبيراً. وفي أعقاب نهاية الحرب العالمية الأولى، ظهرت عصبة الأمم كأول منظمة عالمية في عام 1919، وكإطار لتنمية التعاون بين الأمم وضمان السلم، حيث قامت على مجموعة من المبادئ التي يمكن تلخيصها في الالتزام بقواعد العدالة والشّرف، والتقيد بقواعد القانون الدولي، والتعهد باحترام المعاهدات والمواثيق الدولية. وعلى الرغم من تجربتها المفيدة من الناحية التاريخية، وباعتبارها أيضاً انطلاقة فعلية لتطوير التنظيم الدولي، إلا أنها انهارت تحت ضغط مجموعة من العوامل، التي يمكن إجمالها في عدم انضمام عدة دول إليها، كالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، وكذا نظام التصويت الذي يعتمد على قاعدة الإجماع، علاوة عن مهامّها التي ظلت ضيّقة ومحدودة في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين، إضافة إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية في عام 1937 التي ساهمت من جانبها في التعجيل بهذا الانهيار لكون العصبة لم تستطع وقفها. وعشية نهاية الحرب العالمية الثانية التي استُخدم فيها السلاح النووي لأول مرة في عام 1945، وأمام المخلفات الكارثية التي نجمت عنها، من دمار وقتل وتلوث ومعاناة إنسانية، برزت هيئة الأمم المتحدة، كإطار دولي حرص مؤسّسوه على الاستفادة من أخطاء العصبة، والتركيز على مجموعة من الأهداف المتصلة بحفظ السلم والأمن الدوليين، وتنسيق العلاقات بين الدول، وحماية حقوق الإنسان. وقد قامت الهيئة على مجموعة من المبادئ الأساسية من قبيل المساواة في السيادة بين الدول، وتنفيذ الالتزامات الدولية بحسن نية، وفض المنازعات بوسائل سلمية، وعدم التهديد باستخدام القوة أو استخدامها فعلاً في العلاقات الدولية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. كما نهجت الهيئة مسلكين في سبيل تحقيق أهدافها، الأول، ذو طابع وقائي من خلال جعل أجهزتها ووكالاتها إطاراً للتشاور بين الدول حول مختلف القضايا العالمية، والحرص على احترام مبادئها. والآخر علاجي، عبر التدخل في إطار جهود ودية أو زجرية لتسوية المنازعات وتدبير الأزمات التي تحدث بين الدول. ورغم الإشكالات التي واجهت المنظمة والناجمة في مجملها عن ظروف الحرب الباردة التي ألقت بظلالها القاتمة على أدائها، وتنامي استخدام حق الفيتو داخل مجلس الأمن، ونهجه لسياسة الكيل بمكيالين خلال مرحلة ما بعد الحرب الباردة، إلا أن إحداث الهيئة شكّل في حد ذاته دفعة قوية للتنظيم الدولي، وساهم في بروز عدد كبير من المنظمات الدولية والإقليمية التي تعنى بعدد من القضايا العالمية، كما لا تخفى أهمية جهودها على مستوى تفعيل السبل الوقائية لحفظ السلم والأمن الدوليين. وتظل الهيئة في الوقت الراهن بحاجة ملحة إلى إصلاح حقيقي، يسمح بدمقرطتها وإعادة التوازن لأجهزتها، بما يتيح لها المساهمة الفعلية والناجعة في تعزيز السلام العالمي ومواكبة المتغيرات الدولية المتسارعة، وكذا التهديدات المتزايدة التي تواجه دول العالم قاطبة. كما لا تخفى أيضاً أهمية المنظمات الإقليمية كإطار لتعميق العلاقات بين الدول المتجاورة أو إطار لاستثمار الروابط الاقتصادية والثقافية في تحقيق أهداف تنموية أو متصلة بتعزيز السلم والأمن الإقليميين، بما يخفف العبء على الأمم المتحدة في هذا الصدد، ويعزّز اللامركزية في نطاق التنظيم الدولي الراهن. غير أن أهميتها وحضورها على المستوى الواقعي يختلف بين تكتلات واعدة، حققت مكتسبات جمّة لأعضائها كما هو الشأن بالنسبة للاتحاد الأوربي، ومؤسسات أخرى ما زالت تعيش على إيقاع الخلافات والمشاكل التي تحول دون تحقيق أهدافها ورهاناتها، كما هو الشأن بالنسبة لجامعة الدول العربية واتحاد المغرب العربي.


الشرق الأوسط
منذ 4 أيام
- صحة
- الشرق الأوسط
إرهاق الأخبار
شكل بياني تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي في الأسبوعين الأخيرين، هو رسم يقارن متوسط الأوقات التي يقضيها الشخص قبل ثلاثين عاماً واليوم. المفارقة أن الإنسان لم يعد يقضي وقتاً مع الأسرة، أو مع الأصدقاء، أو في المقهى، يتناقص الزمن لصالح وسائل التواصل الاجتماعي، وتقول لنا بعض الدراسات إن دقائق فقط تمضي بين استيقاظ الإنسان وبين تناوله لتليفونه النقال. قضاء الوقت الأطول مع الوسائل الرقمية أصبح ظاهرة العصر، وخاصة مع التليفون النقال، فلا تجد أحداً اليوم في عيادة الطبيب، أو في المواصلات العامة، أو في المقهى، أو حتى في المنزل، إلا وهو قابض على جهازه النقال، يتابع أو يتصل أو يقرأ ما يتم بثه على وسائل التواصل، حتى الاجتماعات العائلية لم تعد اجتماعية كما كانت في السابق، بل أصبحت فضاء متصلاً افتراضياً، ومنعزلاً في الواقع. في عصر باتت المعلومات تتدفق بلا توقف وبكثرة من كل اتجاه، أصبح الإنسان المعاصر محاطاً بكم ضخم ومتغير ومتضارب من الأخبار على منصات التواصل الاجتماعي، وقد برزت ظاهرة جديدة تُعرف باسم «الإنهاك الإخباري» (News Fatigue)، ويمكن أن يحدد هذا المصطلح بشكل عام بأنه شعور الشخص بالإرهاق العقلي والنفسي، نتيجة التعرض المفرط للأخبار، خاصة عندما يكون المحتوى سلبياً أو صادماً أو مكرراً، وقد يتجلى هذا الإرهاق في شكل قلق وتوتر، أو عزوف تام عن متابعة الأخبار، أو حتى الميل إلى العزلة. المشكلة هنا لا تتوقف عند الأفراد، بل تتعداهم للدول؛ فسرعة الأخبار وكثافتها وتضليلها تجعل متخذ القرار مضطراً للتعليق الدائم، أو الشرح، أو التصحيح، أو التكذيب... مما يسبب تأكُّل التركيز على السياسات الجوهرية للدولة، والانشغال بالأخبار الكاذبة. التكرار المفرط للأحداث السلبية التي تحيط بنا، مثل الحروب، كما هي أطول حرب في غزة، والمناظر الوحشية القادمة من هناك، وأيضاً حرب السودان وتشتت الملايين، وتهديد حرب الجارتين الهند وباكستان، أو الحرب الممتدة في أوكرانيا، أو أخبار تصاعد الحرب التجارية بين العملاقين الكبيرين الصين والولايات المتحدة... تولد كل تلك الأخبار شعوراً بالعجز والقلق. ومع انتشار تطبيقات التواصل الاجتماعي بأشكالها المختلفة، وقدرة الفرد الواحد على أن تكون له منصة يقول فيها ما يريد حتى لو كان تافهاً، ذاك يتطلب جهداً ذهنياً مستمراً للمتابعة المرهقة. كثيراً ما يلجأ أصحاب المنصات إلى الإثارة والتشويق الزائد عن طريق السرديات المثيرة، من أجل زيادة التفاعل مع هذه المنصة أو تلك، وبالتالي تقدم أخباراً متناقضة تتضارب فيها الروايات، وأصبحت تلك المهنة عمل من لا عمل له! لقد أصبحنا أمام ما يسمى الإدمان الرقمي، وهو إدمان ينتشر بين جميع طبقات المجتمع، وخاصة الشباب؛ يخفض الاهتمام بالأحداث الرئيسية، ويعظّم التافه من الأمور. في هذا الفضاء يزداد الميل إلى عدم الثقة في ما يُنشر على هذه المنصات بين أولئك الأشخاص القادرين على نقد ما يُكتب، وهم قلة. أما الأغلبية فيشعرون بالقلق والتوتر؛ لأنهم يتعرضون إلى تلك الأخبار السلبية بشكل دائم يجبرهم على تصديقها، وكثير منها شعوذة. أصبحت الحوارات عن بُعد هي السائدة، ويسود بين المجموعات الواتسبية تفاعل سلبي يصل في بعض الأوقات إلى الخصومة الشديدة بين المتحاورين، واستخدام كلمات قد تكون نابية في حق الآخر؛ لأن كتابة الرأي والإنسان بعيد عن الآخرين تختلف عن نطقه هذا الرأي في مجموعة إنسانية عادية. في المجتمعات التي يجري فيها مشاركات انتخابية دورية تتراجع تلك المشاركات، بسبب تراجع النقاش العام، أو العزوف عن المشاركة المباشرة؛ لما يصل إلى المواطن من أخبار على وسائل التواصل. أما في المجتمعات التي ترتفع فيها حدة الخلافات، فتأتي وسائل التواصل الاجتماعي لتزيد من نار تلك الخلافات من خلال فخ المعلومات المضللة التي تصمم من أجل تزييف الوعي الجماعي، وبعضها مدفوع الثمن، بل أصبحت «مهنة» تدر دخلاً للبعض! كيف يمكن التعامل مع «إرهاق الأخبار»؟ توصي صديقة في طب العيون فتقول: على الشخص العادي أن ينظر في تليفونه النقال لمدة 1/2 ساعة، ثم يريح عينيه لـ1/2 ساعة أخرى، والأفضل أن يختار كتاباً يستهويه للقراءة المباشرة، بدلاً من شخوص العين في ذلك الجهاز. والتأكد من المصادر الموثوقة التي تقدم الأفكار أو الأخبار المدققة للحصول على المستجدات، بدلاً من المصادر التي تعتمد على الإثارة والتشويق خوفاً من فقد السيطرة الإعلامية، وترسيخ بيئة ردات الفعل، مما يزيد من الاستقطاب المجتمعي والسياسي. يقدم بعض المختصين طريقة أخرى، وهي ما يسمى «الصيام الإخباري»، ويعني التوقف لفترة محددة عن متابعة الأخبار، أو ما يكتب الزملاء والأصدقاء في وسائل التواصل الاجتماعي، والاندماج مع المجموعات الاجتماعية بالأحاديث العامة في المنتديات أو التجمعات من أجل الحفاظ على التوازن النفسي؛ لأن الإدمان الإخباري يمكن ببساطة أن يسبب عجزاً في الجسم، أو عجزاً في النفس، وهو الاكتئاب المتوسط أو الحاد. زمن الإرهاق الإخباري معنا، وعلينا التفكير في التخلص منه. آخر الكلام: إرهاق الأخبار مرض العصر الجديد، وهو انسياق لاستجابة مرضية للأجهزة الرقمية الحديثة، بالإدمان عليها تفقد الراحة الذهنية، وهي كغيرها من الوسائل، الإفراط فيها مرض قد نحتاج إلى متخصصين لعلاجه.


سائح
منذ 4 أيام
- سائح
هل يمكن أن يؤدي تجاهل وضع الطيران إلى كارثة جوية؟
في كل مرة تستعد فيها الطائرة للإقلاع، يذكّرك طاقم الطائرة بضرورة تحويل هاتفك إلى "وضع الطيران". هذه التعليمات تُعتبر روتينية إلى حد كبير، وقد يتساءل البعض: هل هذا الإجراء ضروري حقًا؟ وماذا قد يحدث لو تجاهلت هذا الطلب؟ مع تطور التكنولوجيا وتوسع شبكات الاتصالات، بدأ الجدل يزداد حول أهمية هذا الإجراء، خاصة مع بعض الدول التي بدأت تخفف القيود تدريجيًا. لكن، هل من الآمن حقًا إبقاء الهاتف في وضع التشغيل العادي أثناء الطيران؟ وضع الطيران هو خاصية تُفعّل على الأجهزة الذكية لفصل الاتصال بشبكات الهاتف المحمول، والواي فاي، والبلوتوث مؤقتًا، مما يمنع إرسال أو استقبال أي إشارات لاسلكية. الهدف الأساسي من تفعيل هذا الوضع هو منع التداخل المحتمل بين إشارات الهاتف المحمول وأنظمة الملاحة أو الاتصالات الخاصة بالطائرة، خاصة خلال الإقلاع والهبوط، وهي أكثر مراحل الرحلة حساسية. ورغم أن الأدلة على تسبب الهواتف في أعطال مباشرة للطائرات قليلة أو نادرة، إلا أن شركات الطيران تتبع مبدأ الوقاية، خصوصًا أن إشارات مئات الأجهزة في وقت واحد قد تخلق "ضجيجًا إلكترونيًا" يشوّش على أجهزة الطيارين أو مركز التحكم. الواقع أن احتمال تسبب هاتف واحد في إسقاط طائرة هو أمر شبه مستبعد، لكن المشكلة تكمن في التراكم. إذا أبقى عدد كبير من الركاب هواتفهم في وضع التشغيل العادي، فقد تؤدي الإشارات الجماعية إلى حدوث تشويش بسيط أو تداخلات غير متوقعة، ما قد يعيق قدرة الطاقم على التواصل السلس مع أبراج المراقبة أو استخدام أنظمة التوجيه بشكل دقيق. وبالإضافة إلى الجانب الفني، هناك جانب تشريعي وأمني. بعض الدول تعتبر تجاهل التعليمات الخاصة بوضع الطيران مخالفة يُعاقب عليها قانونًا، خاصة إذا تسببت في إرباك أو تأخير في الرحلة. في السنوات الأخيرة، بدأت بعض شركات الطيران الأوروبية والآسيوية في توفير شبكة 5G على متن الطائرات، مما قد يُغيّر مستقبل وضع الطيران. ومع ذلك، يبقى الاستخدام مضبوطًا ومراقبًا ضمن أنظمة خاصة تضمن عدم التداخل مع معدات الملاحة. لذا، ورغم أن التكنولوجيا تمضي نحو السماح باستخدام الشبكات المحمولة في الأجواء، إلا أن الالتزام الحالي بتعليمات الطاقم وتفعيل وضع الطيران لا يزال ضروريًا في معظم الرحلات حول العالم. ويذكر إنه تأخذ إدارة الطيران الفيدرالية كافة إرشاداتها من لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC)، والتي قد حظرت عام 1991 جميع استخدامات الهواتف المحمولة أثناء الطيران، وذلك لثبوت أن إشاراتها قد تتداخل مع "أجهزة الطائرة الحيوية". ولكن رغم ذلك قد أعادت لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC) النظر في الموضوع، مشيرةً إلى أن التطورات التكنولوجية قد أتاحت للركاب استخدام هواتفهم، طالما كانوا في وضع الطيران. وكذلك هناك دراسة قد أجراها الاتحاد الدولي للنقل الجوي، والتي وجدت أنه في الفترة من 2003 إلى 2009 ، لم تكن هناك سوى 29 حالة يشتبه فيها بأن الهواتف المحمولة تُسبب تداخلًا مع الأجهزة الإلكترونية.


البيان
منذ 7 أيام
- سياسة
- البيان
سيف بن زايد يكرّم شرطياً من رأس الخيمة تقديراً لشجاعته
كما تم تناول الشراكة القائمة بين الجانبين في مجالات العمل الأمني والشرطي، ومناقشة أوجه تطوير قنوات العمل المشترك، وتوسيع مجالات التبادل المعرفي والتقني. كما تم التأكيد على أهمية التنسيق الدولي، وتكامل الجهود بين الدول لمواجهة التحديات الأمنية المستجدة، وضرورة تبني حلول مبتكرة، وشراكات فعالة، تسهم في حماية المجتمعات، وتعزيز أمنها واستقرارها في ظل المتغيرات المتسارعة. كما أكد الجانبان خلال اللقاء أهمية تكامل العمل الدولي، لمواجهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، وترسيخ الأمن والاستقرار، بما يخدم المجتمعات ويعزز أمنها المستدام.


العربية
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- أعمال
- العربية
التجارة الإلكترونية.. منافع اقتصادية وتحديات تشريعية
تمثِّل التجارة الإلكترونية تعاملاً بين البائعين والمشترين، وتتضمن تبادل السلع والخدمات، والتسوق عبر الأنترنت، والتعاملات المصرفية، وتبادل البيانات إلكترونياً، وتستند على التعاقد بين الأطراف المختلفة في أي وقت ومن أي مكان داخل الدولة، أو عبر الحدود بين الدول. هذه العمليات غالباً ما تعقد إما بين شركات تجارية وبين مستهلكين، أو بين شركات وشركات، وذلك بهدف تحقيق منافع مشتركة. لقد أمست التجارة الرقمية جزءاً مهماً من عمليات التبادل التجاري الدولية، وهو أمر يجب أن يؤخذ في الاعتبار، حيث إنها تشمل آليات تبادل المعلومات عبر الحدود. لذا فالتحدي أمام نظم التجارة الإلكترونية لا يقتصر فقط على قياس حجم التبادل التجاري وقيمته عبر الحدود، بل يشمل أيضاً حرية انتقال، وتدفق البيانات بين الدول، وآليات ولوائح مراقبتها بما يخدم حمايتها، وبما يحقق هدف التوسع في قطاعات التجزئة في نطاق الاقتصاد الرقمي المحلي والدولي. تحمل التجارة الإلكترونية معها مزايا ومظاهر فنية لا تتوفر في التجارة التقليدية، بل تشكّل تحديات تشريعية لها، حيث تتضمن مستوى متقدماً من الرقمنة في وسائل الدفع، كما يترتب عنها صعوبة قياس عمليات وحجم التجارة فعلياً. بالتالي، هناك متطلبات مثل شفافية آليات قياس وفرض الرسوم الجمركية، كما تطبقها الدول في الظروف المعتادة، مما قد ينتج عنها ازدواج ضريبي بين الدول يقلل من منافعها الاقتصادية. لقد لعبت التجارة الإلكترونية دوراً ملموساً في تحول الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد أزمة كوفيد-19 التي نتج عنها حاجة ماسة وعاجلة للتبادل. وفقاً لتقرير الأونكتاد لعام 2021، ازدادت مبيعات التجزئة عبر الإنترنت بنسبة 22.4% في عام 2020، لتصل إلى 2.5 تريليون دولار، مقارنة بزيادة قدرها 15.1% بين عامي 2018 و2019. كما وصل حجم مبيعات التجارة الإلكترونية العالمية في عام 2024 إلى أكثر من 6 تريليون دولار، مما يمثِّل زيادة بنسبة 8.4%، وبلغ عدد المتسوقين عبر الإنترنت حول العالم حوالي 2.71 مليار شخص في عام 2024. من المؤكد أن التوسع في التجارة الإلكترونية لا يتطلب فقط الاستعداد، وتوفر البنية الأساسية، ولكن يتطلب أيضاً توفر نوعية ملائمة من التشريعات المنظمة لها، والتي تدعم نجاحها، وتحقيق ميزاتها الاقتصادية، على المستوى الوطني والدولي. ونظراً لتزايد الاهتمام بالتجارة الإلكترونية لكونها حاضر ومستقبل التجارة العالمية، فلابد من تسليط الضوء على أهم الميزات الاقتصادية، وما يترافق معها من تحديات تشريعية. المنافع الاقتصادية التجارة الإلكترونية تتيح للشركات الخاصة فرص التوسع إقليمياً، وحتى في مناطق بعيدة من العالم، وممارسة عملياتها التجارية بين الدول، وليس فقط داخل دولة واحدة، وبل في قطاعات تجزئة مختلفة. يمكن إيجاز أبرز المنافع الاقتصادية المترتبة عن توسع التجارة الإلكترونية فيما يلي: خفض التكاليف عن طريق البيع المباشر وذلك من خلال تقليص عدد نقاط البيع والفروع التي يتطلبها التعامل التجاري بشكل عام، ونشاطات التجزئة بشكل خاص، وتوفير خيارات الخدمة الذاتية للعملاء، والذي يمكنهم باستخدام الإنترنت من الشراء في أي وقت وفي أي مكان. يترتب عن ذلك الانتشار بسرعة، وبتكلفة منخفضة مما يجعل السلطات الرقابية غالباً متأخرة في متابعة السلوكيات التسويقية للشركات. تأسيس قاعدة بيانات للعملاء تتم الاستفادة منها في النشاط أو في نشاطات أخرى تقوم به الشركة (أو حتى بيعها لشركات أخرى)، وهذه البيانات تخلق مجالاً لدعم التوسع في قطاعات أخرى، مما يجعلها قادرة على الاستفادة منها في زيادة سيطرتها السوقية. من شأن التجارة الإلكترونية اختراق مزيد من الأسواق عبر الإنترنت وتشجيع دخول المزيد من صغار تجار التجزئة الذين يقدمون خيارات خدمة ذاتية إلكترونياً، وبيع للعملاء من دون أن يكونوا تحت مظلة شركات معينة لا يمكن أن تستهدفها السلطات الضريبية والرقابية بسهولة خصوصاً في الدول النامية. التجارة الإلكترونية والتسويق الحديث يمكنا الشركات من زيادة التميز في منتجاتها عن منافسيها مما يجعلها مالكة لعلامات تجارية تتبناها، وهذا يجعل من الصعب تحديد أين تبدأ المنافسة، وأين تنتهي في سوق يتصف بسمات المنافسة الاحتكارية. تتميز التجارة الإلكترونية في كونها بوتقة لدمج التقدم التقني في عمليات الإنتاج والتوزيع والاستهلاك مما يعني توظيفاً مباشراً للتقنية والمعرفة في دعم النمو الاقتصادي، والتأثير المباشر على حجم ومكونات التدفقات التجارية. لذا، تلعب التجارة الإلكترونية دوراً مهماً حيث أصبحت التجارة الرقمية جزءاً أساسياً من التبادل بين الدول لم تكن ممكنة في السابق، وهذا له عوائد اقتصادية للدول. أتاحت الرقمنة فرصاً تجارية جديدة إذ يُمكن إنجاز المعاملات التجارية بسرعة، وإبرام الاتفاقيات وتنفيذها إلكترونيًا بالكامل. كما أحدثت التغييرات التكنولوجية ثورة في التجارة الحديثة، لا سيما فيما يتعلق بشكل العقود المُبرمة والمُنفذة إلكترونياً، وقابليتها للتنفيذ، وضمان صحة التوقيعات والسجلات الرقمية. بالرغم من أن التجارة الإلكترونية هي من نشاطات القطاع الخاص، ولكن يمكن للدول النامية الاستفادة من الشراكة بين القطاع العام وبين الخاص بهدف تحفيز التجارة الإلكترونية، وتطوير البنية التحتية الرقمية، ودعم القطاع الخاص ذي الإمكانات والخبرات المحدودة. التحديات التشريعية لا يمكن لأي تجارة أن تزدهر من دون توفر نظام تشريعي فعّال، وكما عرفها نظام التجارة الإلكترونية السعودية الصادر في عام 2019، أنها 'منصة إلكترونية تتيح لموفر الخدمة عرض منتج، أو بيعه، أو تقديم خدمة، أو الإعلان عنها، أو تبادل البيانات الخاصة بها'، ومنها نرى أن التجارة الإلكترونية يترافق معها معاملات لابد من تنظيمها قانونياً. لكي يتعامل النظام التشريعي والرقابي بشكل كفؤ مع التجارة الإلكترونية من دون الإضرار بها فمن الضروري توفر معرفة فنية وقانونية كافية، وإدراك تداخلاتها خصوصاً أنها تتضمن قضايا تتعلق بالأمور التجارية، والعقود، وحقوق المستهلك، وحقوق الفكرية، وأن تتضمن جميع المعاملات القانونية المترافقة مع الاستيراد والتصدير، والتعامل مع مقدمي خدمات التوصيل. بمعنى آخر، إن التجارة الإلكترونية تتزامن مع تزايد نشاطها تحديات ومعاملات قانونية تبدأ من عملية عرض المنتج إلكترونياً لتصل إلى التعامل مع سلسلة الإمدادات مما يتيح المجال للنزعات الاحتكارية، والمنازعات التجارية بين التجار، أو بين التجار والمستهلكين حاضرة، وبحاجة إلى نظام قانوني مرن يتعامل معها. فالنظام المنظّم لها ليس فقط نظام التجارة الإلكترونية المذكور أعلاه، وإنما يمتد ليصل إلى نظام الشركات، نظام الملكية الفكرية، نظام حماية البيانات، قوانين ذات العلاقة بالإعلام، والإعلانات، وغيرها من الأنظمة ذات العلاقة. وعلى سبيل المثال، الحصول على بيانات العملاء عبر الإنترنت يمثّل نقطة حرجة تتعلق بالخصوصية وأيضاً تعطي الشركات فرصة سانحة للهيمنة على السوق، مما يعني ضرورة وجود متطلبات تشريعية، ورقابية متوازنة لضمان تحقق المنافع الاقتصادية المنشودة، هذا إذا كنا نتحدث على النطاق الوطني، ولكن ميزة التجارة الإلكترونية أنها أيضاً عابرة للحدود، ولذلك فالتحدي أمامها كبير. تأسيساً على ما سبق يتضح ضرورة وجود تنظيم دولي موحد للتجارة الإلكترونية، منبثق من القرارات الدولية الصادرة من منظمة الأمم المتحدة، أو منظمة التجارة العالمية، أو الاتحاد الأوروبي، ومن الأطر القانونية المحلية للدول التي تستهدف تنظيم هذا النوع الجديد من التجارة. من ناحية أخرى، تجدر الإشارة إلى أن مثل هذه الاتفاقية الدولية قد تمثّل عائقاً أمام التجارة الإلكترونية خصوصاً أن استخدام الإنترنت هو عنصر أساسي فيها، والتشريعات التي تحكم الفضاء الإلكتروني مازالت تواجه العديد من التحديات. لذلك، يلاحظ أن منظمة التجارة العالمية لم تسن قواعد تشريعية خاصة بالتجارة الإلكترونية، بل صنفتها ضمن الأنشطة التجارية التي تستوعبها، وتطبق عليها الاتفاقيات المبرمة ذات الشأن الخاصة بالخدمات. من ناحية أخرى وضعت الأمم المتحدة قانون أونستيرال (UNICTRAL) والذي رغم أنه لا يزال محصوراً بتبادل المعلومات بما في ذلك التجارة الإلكترونية إلا أنه يعتبر خطوة مهمة نحو التعاون الدولي. هذه الخطوة تدعم إقامة تشريع دولي يعمل على تنظيم التجارة الإلكترونية وتوحيد القواعد القانونية الخاصة بها، بالإضافة إلى إيجاد توازن بين التجارة التقليدية والإلكترونية. تجدر الإشارة إلى أن النظام الدولي يتشكّل من مجموعة من العلاقات المعقدة في نطاق التجارة الإلكترونية، مما يتطلب درجة مناسبة من التكامل بين التنظيم ذاتي (self-regulation) الذي تفرضه الجهات الخاصة على نفسها، والتنظيمات العامة التي تفرضها الهيئات الإشرافية وفق الأطر المعيارية التي يمكن أن تنظم الأسواق. لذا هناك اعتبارات يجب مراعاتها عند الدخول إلى عالم البيع عبر الإنترنت، التي تشمل الامتثال للمعايير التنظيمية، وقوانين حماية المستهلك ولوائح الإعلان، وتقليل المخاطر القانونية والمالية المرتبطة بعدم الامتثال الضريبي. ختاماً.. تُعد التجارة الإلكترونية مجالاً سريع التطور، مما يتطلب تحدَّيث التشريعات واللوائح باستمرار بما في ذلك الخطوات التنظيمية لحماية المستهلكين، وهذا يعني الاستناد على العديد من المجالات القانونية، مثل العقود والحق في ضمان الخصوصية، وقضايا الازدواجية الضريبية. فمن التحديات للحكومات آلية فرض الضرائب على التجارة الإلكترونية، وكيفية فرضها على المبيعات عابرة للحدود عبر الإنترنت. ومع تطور الخدمات المالية والتقنية فإنه حتى مع تحديث التنظيمات أياً كانت، الا أنه يبقى هناك ضرورة لوجود حوافز تدعم بيئة التنظيم الذاتي لدى الشركات الخاصة مما يخفف من التداخلات التشريعية السيادية للدول، ويشجع تبني أفضل الممارسات. *نقلا عن صحيفة " مال" السعودية.