منذ 3 أيام
المنظمة الخليجية للبحث والتطوير (GORD): هندسة الغد تبدأ من قطر
264
أود التطرق إلى إنجاز أراه متميزًا ومهمًا جدًا لدولة قطر ولمستقبل الوطن والعالم، وهو مشروع قد لا يحظى حتى الآن بالقدر الكافي من الانتباه الإعلامي والاهتمام المجتمعي، رغم ما يمثله من قيمة استراتيجية عالية ومردود بيئي وعلمي ملموس. أتحدث عن المنظمة الخليجية للبحث والتطوير (جورد)، التي أصبحت اليوم من النماذج الوطنية الملهمة في مجال الاستدامة البيئية، والبحث العلمي، وتطوير المعايير البيئية في الشرق الأوسط.
هذا المشروع الوطني الرائد، المملوك بالكامل للدولة ممثلة في الديار القطرية وجهاز قطر للاستثمار، يُجسّد رؤية قطر 2030 بأوضح صورها، ويترجم التوجه الجاد نحو اقتصاد منخفض الكربون، ومجتمع واعٍ بيئيًا، ومؤسسات قائمة على المعرفة. وقد تمكنت جورد، خلال سنوات قليلة، من بناء منظومة متكاملة تشمل نظام 'جي ساس' لتقييم المباني الخضراء، الذي اعتمدته الدولة رسميًا، وكان مرجعية لتصميم وإنشاء منشآت كأس العالم 2022، وفق أعلى معايير الاستدامة المعترف بها من الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا).
وراء هذا البناء المؤسسي المتين، قيادة علمية ومهنية تبذل جهدًا متواصلًا لتطوير هذه المنظومة، وعلى رأسها شخصية محترفة وهو الأخ صاحب الخلق الرفيع الدكتور # يوسف_ محمد _ الحر، الذي كان له دور محوري في وضع الأسس العلمية والتنظيمية لهذا المشروع، وتعزيزه بشبكة مؤسسات داعمة مثل المجلس العالمي للبصمة الكربونية (GCC) والمجلس العالمي للاعتماد (GAB)، وكلاهما معترف به دوليًا. المنظمة لم تكتفِ بالتطبيق المحلي، بل امتد تأثيرها إلى دول الخليج من خلال تطبيق معايير 'جي ساس' في مشاريع كبرى، مما يجعل قطر ليس فقط دولة تطبق المعايير البيئية، بل دولة تصنعها وتصدرها. كما أن أنشطة جورد في التدريب، والبحث، والاختبارات الفنية، والاستشارات، تضعها في موقع الريادة إقليميًا.
ولعل ما يدعو للتأمل هو أن هذا الإنجاز، رغم أهميته، لا يزال بحاجة إلى مزيد من الالتفات الإعلامي والمجتمعي، لأنه يمثّل أحد أعمدة الأمن البيئي المستقبلي للدولة، ويستحق أن يُطرح في النقاش العام كقضية وطنية محورية، تمامًا كما نتحدث عن الطاقة، والتعليم، والصحة.
إن مشروع 'جورد' ليس مجرد مؤسسة، بل رؤية متكاملة تُسهم في حماية البيئة، وتمكين الكفاءات، وصناعة حلول قطرية لتحديات عالمية. إنه استثمار ذكي في المستقبل، ويستحق أن يظل حاضرًا في الوعي الوطني، لا على الهامش.
مساحة إعلانية