logo
#

أحدث الأخبار مع #المركزالعربيللأبحاث

من مذكّرات فاروق الشرع... محضر اللقاء الأخير بين بشار الأسد ورفيق الحريري (2)
من مذكّرات فاروق الشرع... محضر اللقاء الأخير بين بشار الأسد ورفيق الحريري (2)

العربي الجديد

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • العربي الجديد

من مذكّرات فاروق الشرع... محضر اللقاء الأخير بين بشار الأسد ورفيق الحريري (2)

عرض نائب الرئيس وزير الخارجية السوري الأسبق، فاروق الشرع، في الحلقة السابقة من مذكّراته ونشرتها "العربي الجديد" تفاصيل جلسة مجلس الأمن في نيويورك بعد تصويته على القرار 1636 يطلب تعاوناً سورياً كاملاً مع التحقيق الأممي بشأن جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري. ويأتي الشرع على ملابسات إعفائه من وزارة الخارجية، وحادثة انتحار وزير الداخلية السوري الأسبق غازي كنعان. وفي الحلقة التالية ملحق ضمنه الشرع كتابه الذي يصدره المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات نصّ محضر اللقاء الأخير بين الرئيس السوري (المخلوع) بشّار الأسد ورفيق الحريري في أغسطس/ آب في دمشق، ودار بشكل رئيس حول رغبة الأسد في التمديد لإميل لحود رئيساً للجمهورية اللبنانية في معارضة أبداها الحريري. نص محضر اللقاء بين الرئيس السوري بشّار الأسد ورفيق الحريري رئيس مجلس الوزراء اللبناني في 26/8/2004 في دمشق الرئيس: معناه ما نمت هنا؟ الحريري: لا والله. البارحة خبّروني. أنا أخدت إجازة وعلى أساس رايح يوم السبت ورحت يوم الجمعة وزرت الأمير سلطان لأنه عمل عملية. الرئيس: الآن وضعه كويس؟ الحريري: الآن وضعه مليح. الرئيس: كيف كان لقاؤك مع البطرك. الحريري: البطرك ردّد الكلام الذي حكاه. وكان قد عمل مقابلة من قبل وطلعت البارحة في جريدة "النهار". الرئيس: وشو حاكي فيها؟ الحريري: نفس الكلام تقريبًا بمعنى يا أخي نحن على الأقل بدنا نجيب رئيسنا وبدنا نجيب وزيرنا وبدنا كذا وبدنا كذا. وهو منزعج لأن طالع كلام من عند الرئيس (لحود)، أو من حواليه، مش من الرئيس بالذات، بأن البطرك موافق على التمديد له. الرئيس: لكن كأنه أعطى كلامًا جيدًا للحود عندما التقى معه في الديمان. الحريري: لا. الرئيس: لماذا عَزَمَه إذاً. الحريري: لم يعزمه. هو الذي طلب. كان فيه عندهم مناسبة تسمية غابة شجر على اسم البطرك صفير. فهي عندهم تقليد يسمون غابة على اسم كل بطرك. وكانوا بصدد هذه المناسبة وعلم لحود بذلك فقال للبطرك: راح إجي وأحضر. قال له البطرك، هذه قصة بسيطة وكذا. قال لحود: لا، بدّي إجي. وطلع وحضر. الرئيس: في الديمان؟ الحريري: نعم، في الديمان. الرئيس: الغابة في الديمان؟ الحريري: الغابة في الديمان. وهي منطقة مسيحية. وعندما وقع عليهم الاضطهاد من قبل الأتراك هربوا إلى مكان اسمه وادي قنّوبين من الصعب الوصول إليه. الرئيس: وأول شيء كانوا حلبيين، جاؤوا من حلب. الموارنة أصلهم حلبيون. الحريري: نعم ما بعرف إذا كنت تعرف هذه القصة: الله يرحمه والدك مرة كان عندو كميل شمعون فقال له الوالد مازحًا: بمعنى شو بكم بتضلوا تحكوا! مار مارون أصله من عندنا من سورية! فقال له شمعون: أي وأنتم من تلك الأيام عمتدخلوا بشؤوننا! (ضحك مشترك) الرئيس: القضية لم تعد لحود. القضية صارت هنا. القضية قضية سورية والقرار قرار سورية الحريري: نحن مش عمّناقش موضوع أين هو القرار. نحن عمّناقش أن وجود إميل لحود والتمديد له هو ضرر الرئيس: لا، قصدي أيام شمعون وليس أيام مار مارون. فشمعون حكى هذا الكلام في أول الحرب. الحريري: شمعون وقتها لم يكن رئيسًا للجمهورية. الرئيس: نعم، أعرف هذا الكلام كان في 1976 أو 1977. الحريري: نعم. الرئيس: وكانت علاقتهم جيدة معنا وقتها. الحريري: هيك وهيك. الرئيس: هَهْ، معناها كانت بدأت تخرب يعني بعد دخول القوات السورية وليس قبل. الحريري: نعم، بعد دخول القوات السورية. الرئيس: أنا ظننت أنه كان يحكي عن التدخل في الشؤون اللبنانية في الستينيات وما قبل. الحريري: هو قالها كنكتة. عندما قال له الوالد إن مار مارون من عندنا من سورية، قال شمعون: أوف من هديك الأيام عمتدخلوا بشؤوننا. (ضحك مشترك) الرئيس: وليد إلى أين رايح؟ الحريري: وليد، وأنا حكيت مع أبو عبدو، إنه حكى كلامًا وإنه مرتبط هنا وهنا وهنا. وليد، تعرف، منطقته منطقة مختلطة فيها دروز ومسيحية وفيها مجموعة إشكاليات وأنا بودّي أن يسمع مني في هذه المسألة. منطقته منطقة مسيحيين مختلطة. وبهالقانون الانتخابي يعني إن المسيحيين رجعوا وصاروا موجودين. الرئيس: في الجبل بشكل عام أم في قضاء وليد؟ الحريري: في الجبل. في الجبل وإذا بقي الجبل دائرة واحدة كارثة. وإذا تقسّم إلى أقضية، كما الوجود المسيحي فيه بيعود مثل أيام كميل وكمال: كمال بيّو، وكميل يعني شمعون! الدروز قبائل. الرئيس: يعني غير القبيلتين الأرسلانية والجنبلاطية؟ الحريري: أي. في الأخير يعني عقلهم مثل عقل قبائل البدو! والبدوي إذا أدخلته إلى غرفة يمكنك أن تعمل فيه اللي بدّك إياه، ولكن بدّك تلبسه العباية وتحترمه قدّام جماعته فيمشي الحال. أما أن تلبسه الطاقية بينك وبينه وبتبهدله قدام جماعته فيجنّ. وهذه العقلية موجودة عند الدروز. وعملية الاتصال سواء مع لحود أو معكم أو مع كذا صايرة على "very low level": [على مستوى منخفض جدًا] وهذه الناحية عاملة له مشكلة. الرئيس: هو كان جايي لعندي! إميل لحود (يسار) ورفيق الحريري وحسن نصر الله في مهرجان الحرية بيروت (25/5/2001/فرانس برس) الحريري: إي. أعرف. لكن هذا ما دخل في موضوع التمديد للحود، على ما يقول، ووليد معروف عنه أنه بيحكي شي وبيعمل شي، وهو عمبيحكي وعمبيقول، والبارحة مصرّح "للأوريان" وعامل عدة تصريحات، وجوّه كله: هو مش ماشي بعملية تعديل الدستور والتمديد للحود. لأنه يعتبر أنه لم يمش فيه في 1998 بسبب العسكرة وبسبب التدخل. الرئيس: منشان ما يجي لحود؟ الحريري: منشان ما يجي عسكري. والحقيقة الذي مشي بالتمديد لإلياس الهراوي أكثر واحد كان هو. الرئيس: إي، بس هو كان جزءًا من الدعم للحود. الحريري: نعم، هو مشى. طبعًا هو مشي. الرئيس: ولحود قال هذا. لأن لحود كان مطروحًا أيضًا. الحريري: نعم صحيح. والقصة هي أن لحود رجل عسكري وهذه مالها علاقة لا بالتوجه السياسي ولا بغيرو وكل هذا الكلام جماعة لحود هم الذين يحكوه. والرجل (لحود)، بدون أدنى شك، فيما يتعلق بموضوع الإدارة الداخلية للبلد أداؤه دون الوسط. الرئيس: في الحقيقة، كلكم كطبقة سياسية، بنفس المستوى. لكن ليس هذا هو الموضوع. وما راح أحكي بهذه التفاصيل فهذه هي تفاصيل لبنانية. لكن عندما يطلع القرار لا يعود موضوع لحود. وفيك تاخد مثالًا: في سورية عدّلوا الدستور من أجل شخص. الحريري: نعم. الرئيس: وبالنتيجة صار بشار رئيسًا، ولكن صار لأنه عاجب الناس وهو مش عاجبهم بالقوة. ونحن في سورية ما عندنا شخص، وأنت تعرف هذا، مثلًا في 1998 نحن اختلفنا معك في موضوع الدولة ولكن نحن حميناك كشخص. ماهيك. وفي عام 2000 رجعت وما كان عندنا مانع. وبقينا حامينك. وبالنسبة للوضع الداخلي، أسمع من اللبنانيين شكاوى بحق لحود، ولكننا نحن لا نعيش في الوضع الداخلي وحده نحن بالنسبة لنا، أنت شايف وضعنا وشايف الضغط الحاصل علينا. وبلا شك نحن نتعرض لضغط قاس كثيرًا والقرار لم نتخذه من زمان. اتخذناه مؤخرًا فقط. لكن أقول لك إننا على المستوى الاستراتيجي هو يشكل الأولوية رقم واحد من بين همومنا. بلا شك إذا جاء لحود سيُفرض عليه أن يمشي بشكل ثانٍ. ما عاد عندو خيار بأن يمشي على كيفه: لا بالطريق، ولا بالشكل، لكن بمجرد أن اتخذ القرار، وأنت بزمانك حاكي لي، والعلاقة بيني وبينك من 1998 إلى الآن علاقة فعلية. وأنت كل مرة كنت تجي وتحكي كلامًا، وأنا كنت أقول لك إنني لست من النوع الذي يحب أن يسمع كلامًا، أنا أريد أن أرى أفعالًا. واليوم سيكون أول احتكاك بيني وبينك حتى شوف فعلًا أين هو رفيق. لأنه بمجّرد أن طلع القرار من هنا المشكلة ما عادت مشكلة لحود. صارت مشكلة سورية. وهذا القرار بمجرد أن نتخذه بدنا نمشي فيه سواء إذا كان فيه معركة أم لا. وهذا الكلام بلغته لوليد وقلت له إن هذا قرار سوري وبس ناخده راح نمشي فيه. وكل اللبنانيين هوّلوا: الشارع والعصيان وكذا!! قلنا لهم: ما عندنا مانع. وأقرب الناس إليه أبلغونا هذا الشيء. قلنا لهم: الآن فيه عملية فرز. الظرف الذي نحن فيه شيء والمرحلة المقبلة شيء آخر. الآن نحن في ظرف، وأنت كنت في ظروف أصعب من هيك، أنت جئت في 1998 وكانت البلد طالعة من حرب ومرت بظروف مختلفة وسورية حمتك وستبقى تحميك. وهذا الموضوع لازم يبقى معروفًا، لازم تبقى ماشيًا مع سورية وسورية لازم تبقى ماشية معك. وما فيك تضمن أنت سورية إذا نحنا ما ضمنّاك. ونحن خلال الفترة الماضية كانت تجربتنا معك جيدة بكل الاتجاهات. لحود ليس مشكلة. أعرف مشكلتك مع لحود وأعرف معاناتك معه. وإذا حكيت لي عنها الآن لساعات سأقول لك إن هذا كله صحّ ولن أعارضك في شيء لكن أريد منك أن نجد حلًا. فيه أولويات وفيه صورة شاملة. ولا يمكننا أن نأخذ فقط الجزء اللبناني منها. (صمت ثم يتابع الرئيس) الحريري: ما بعرف شو بدّي قول. هذا الرجل ذلّني الرئيس: هلّق أنت بدك تناقشني حول لحود، وأنا أناقشك حول القرار السوري في موضوع أكبر، في موضوع آخر! فهل سورية أم لحود؟! الوضع الفرنسي وأحكي معك بصراحة، ما راح حمّلك إياه. الوضع الفرنسي ما بدّي حمّلك إياه لأن علاقتك بشيراك عميقة. وبلا شك أداء شيراك كان سيئًا. وهو الذي حكى مع الأميركيين بشأن القرار بإخراج سورية من لبنان. وشيراك يسعى إلى تفجير الوضع في لبنان. وسورية لا تخرج بهذه البساطة. وإذا كان واضعًا في باله هذا الموضوع، فَفَهّمه إياه! ما لازم ينحكى في هذا الموضوع! فسورية ضمنت الأمن في لبنان وما زالت تضمنه. ونحن ما بدنا نوصل إلى هذه المرحلة. فلا السفير الفرنسي يضيع وقته، ولا البطرك يضيع وقته. وهذه التصريحات التي طلعت وردّ الفعل على الاستشارات صارت مواجهة مع بشار. وبشار يعرف كيف يردّ. وأنا لحد الآن ما فتّ في مواجهة في لبنان. وعندما أدخل أنا في مواجهة كل سورية تدخل في المواجهة. ما فه عندنا حل وسط. كل السوريين يدخلون وحتى دروز البلد، أعني دروز سورية، يدخلون فيها. فهذا الموضوع أتمنى وأنا لاحظت أن الجو ما رايح هيك، نحن ماشون وفعلًا مانّا آخدين القرار، لكن شفنا أن المطلوب في موضوع هذا الاستحقاق هو معركة مع سورية! ولم تعد القضية قضية لحود أو شيء آخر. ما عاد فيه فرصة ما عاد فيه رجعه إلى الخلف. وستكون الأمور صعبة كثيرًا. أتمنى أن نمشي بالموضوع بشكل واضح. أن يمشي بموضوع التعديل الدستوري. وهذا هو ما حبيت أن أنطلق منه. وبدي أسمع منك أنت. جاك شيراك مستقبلاً رفيق الحريري في باريس (27/3/2000/فرانس برس) الحريري (متنهدًا بعمق): شوف سيدي....... الرئيس: أعرف أنك تضعضعت، بس بدنا نحكي. وأنت رجل سياسي وبدك تتحمل مواقف صعبة. مهيك؟! الحريري: يعني، أنت، أولًا، أنا في 1998 خرجت من الحكم، وأنت، كما قلت، حميتني. لكن حميتني من شخص كلنا جلبناه. مش حميتني من إسرائيل. حميتني من واحد أنا دعمت مجيئه وأنا صوتت له. وأنا مشيت بتعديل الدستور من أجله. ووقتها لو رفضت أنا ما كان جاء. كنا اختلفنا وبعدين ما كان جاء إميل لحود. الرئيس: وقتها كان قرار الرئيس حافظ الأسد. الحريري: على راسي، كان قرار الرئيس حافظ الأسد، معليش. كان قرار الرئيس الأسد لكن تشاور معنا فيه وطلبه. الرئيس: صحيح. الحريري: وقال هذه وعدت الرجل فيها. ولحود كذب علي، كما كلمتك سابقًا ومش إنو والله، هيك وبس. قعدت أنا وإياه ثلاث جلسات. وفي الثلاث جلسات، سيادة الرئيس، استعمل كل أنواع الكذب لكي يقول لي إنني أنا وإياك يد واحدة. وفي نفس الوقت كان يشتغل ليجلب سليم الحص. ما مهمّ. هو حرّ. رئيس جمهورية جديد وبدّو واحد يفيدو. ما فيه مشكلة! وأنا لم أمشي بالتمديد لأنه هو نفسه أقنعني بحاله، أنا مشيت لأنه الرئيس قرر هيك. لكن هو حط براسه يبعد رفيق الحريري ثلاث سنوات. وهذا في رأيي لا يغيّر. أنا عندي قناعة بأنه لا يغيّر، معليش،.... الرئيس: ما تغيّر فيه شي. الحريري: سيادة الرئيس، اليوم، اليوم، البارحة، البارحة. أنا نزلت إلى جلسة رئاسة الوزراء البارحة صباحًا. هو ما قدر، أو يمكن عندو خبر بأنني أنا جايي، تلفن وطلب أن تؤجل الجلسة إلى بعد الظهر لأن هو مشغول قبل الظهر. وبدل أن يقول أنا مشغول فخلوا الرئيس الحريري يترأس الجلسة، قال إنه هو المشغول وسيترأسها بعد الظهر! هذا واحد. ثم بيانه الترشيحي. أنا جاء لعندي أبو عبدو يوم الاثنين ولم يقل لي أبدًا إن فيه قرار. إنما قال لي: سيادة الرئيس بدّو يشوفك وقال لي في واحد الشهر. قلت له: في واحد الشهر عندي عشاء لأنني عازم رئيس البنك الدولي منذ أربعة أشهر ليأتي هو وزوجته ويقعدوا عندي 3-4 أيام وما فيني غيّر الموعد الآن. فقال: طيب، إذًا في 4 أو 5 الشهر. وقال إنو ما فيه قرار وإنما بدنا نفتح الخيارات، وإنّو هدا بيتغيّر وكذا. وكان هذا الكلام يوم الاثنين. يوم الثلاثاء أعلن ترشيحه. وشو عمل ترشيحه؟! نَشَر عرضنا!! كتاب! كتاب! الرئيس: هو الحق عليه هو حمّل حاله المسؤولية. أنا طلبت البيان. الحريري: شفت شو قال! الرئيس: شو قال، قال إننا نتحمل كلنا المسؤولية. الحريري: قال إننا نتحمل كلنا مسؤولية تعثر الوضع الداخلي، ولكن..... الرئيس (مقاطعًا): يعني هلق أنت ونبيه لا تتحملان مسؤولية أبدًا؟! (ضاحكًا) يعني كمان هذا ما مقبول أن تقول له: كله أنت. ماله أغلاط؟ لذا غلاط! الحريري: أولًا، أولًا، نبيه شيء وأنا شيء. الرئيس: أكيد، لكن أنتم الثلاثة... الحريري: نبيه رئيس مجلس نيابي وعنده صلاحيات وعنده فريق شغل. وأنا رئيس مجلس وزراء عندي كاركتير وعندي فريق شغل وأنا تقريبًا مجمّع.... الرئيس(مقاطعًا): أنتم كل واحد منكم في دولة أو كل واحد منكم في وطن؟!! الحريري: لا. الرئيس: كلكم مسؤولون مسؤولية واحدة تجاه البلد. الحريري: صار لنا فترة الذي يدير الدولة هو لحود. الرئيس: ليس كليًا. الحريري: لا، كليًا كليًا. يمكن مانك بالصورة. الرئيس: لا، أنا ما بعرف التفاصيل. الرئيس: طاقتك صغيرة! ونحن كنا حاسبينها أكبر من هيك الحريري: إي أنا طاقتي في هذا الموضوع مش قادر أتحمله... أنا صار لي فترة عايش على الأدوية الحريري: كليًا، كليًا، سيادة الرئيس. كليًا. ويجلب مواضيع من خارج جدول أعمال الجلسة. وما له حق بذلك. والدستور يقول إنه في حالات الضرورة القصوى يمكن لرئيس الجمهورية أن يطرح موضوعًا من خارج جدول الأعمال. مثلًا منذ أسبوع. جلب موضوعًا يتعلق بفؤاد مخزومي أنا رفضت وضعه على جدول الأعمال. الرئيس: عندي فكرة عن الموضوع. الحريري: عال. مقدّم طلب، يريد أن يؤسس حزبًا. وطلع على التلفزيون وسبّ المفتي، سبّ المفتي على التلفزيون!! الرئيس: طيب أنا بدي أسألك سؤالًا. ما هي العلاقة بين مسبّة المفتي وتأسيس حزب؟! ما له علاقة. الحريري: لا، له علاقة. الرئيس: ما هي العلاقة؟ الحريري: فيه علاقة. الرئيس: صح. الناس إذا زعلانين منه منشان المفتي. يعني، بدي أسألك: منطق الدولة يختلف عن منطق الطائفة. الحريري: أنا رئيس الحكومة، شو طلبت؟ الرئيس: التأجيل. الحريري: قلت خلينا نؤجله شوية حتى تهدأ هذه الأمور. أبدًا. أبدًا إلاّ بدّو يجيبه وجابه من خارج الجدول. وما له حق. وما له حق. الرئيس: طيب، أنت تصرفت بمنطق أن الناس زعلت، السنّة زعلوا. هو طلبه منطقي حسب القانون. الحريري: يعني هذا مفتي، مفتي شو بدّك فيه. الرئيس: أعرف، أعرف. لكن أنت عمتحكي بمنطق الشارع، وهو عميحكي بمنطق الدستور أو القانون. إذا كان رئيس الدولة عميحكي بمنطق القانون فحقه. وصار فيه مسبّة بينه وبين المفتي فيحاسب عليها حسب القانون. حاسبوه حسب القانون. لكن أنت وجهة نظرك صح وهو أيضًا وجهة نظره صح. الحريري: لكنه ما بعت الطلب، ما فيه ورقة على الطاولة! الرئيس: على كل حال، أنا أعرف تفاصيل هذا الموضوع. الحريري: أنا فقط عمبعطيك إياه كَمَثل. هذه الجمعة، في جدول أعمال جلسة هذه الجمعة بدو ينبحث. الرئيس: طيب، وبيان المفتي (قباني) والمفتي قبلان شو موضوعه. هل طلعا من تلقاء ذاتهم أم ماذا؟! خلينا نحكي بالواقع! هكذا هو الحال في لبنان. هيك بدهم اللبنانيين! الحريري: صحيح. الرئيس (ضاحكًا): وأنت نفسك عندك إعلام وتسوّق الفكرة التي تعجبك. الحريري: المشكلة جاءت من قبلان والبيان كله انعمل منشان ما يحصل في المتن. الرئيس: وهذا أسوأ. معناه ينتقلون من هذا الموضوع إلى موضوع آخر. الحريري: الذي يكتب البيانات للمفتي القباني هو محمد السمّاك الذي هو قريب لي. لكنه ملحق عند المفتي، قاعد عند المفتي. طلبوا منه فكتب البيان وأراه للاثنين (للمفتيين قباني وقبلان) فوافقا عليه وأذيع البيان. الرئيس: كم مضى على هذا البيان؟ الحريري: 3-4 أشهر. الرئيس: معناها جاء لحود وردّ عليه وفينا نعطيه تبريرًا. قصدي: فيه شي من هون، وفيه شي من هون. الحريري: وأنا لم أعترض على شيء آخر! الرئيس: أنت قلت إنه حملنا المسؤولية في بيانه. بيان يهاجمه بدّو يوقّفه! الحريري: لكنه ما ردّ على المفتي. ولو كان ردّ على المفتي كان كويّس. الرئيس: عندك شك في أنه لو قلت للحود اقعد في بيتك ولا تحضر جلسات مجلس الوزراء بيقعد في بيته أم لا؟ الحريري: (سكت لحظة ولم يجب بشيء على هذا السؤال). فقال الرئيس: ما بتعرفها! هاي خليها، راح تعرفها في المستقبل. الحريري: أنت كنت عمبتقول له... الرئيس(مقاطعًا): لا، أكثر من هيك. أنتم كان المطلوب منكم أن تتفقوا وتوصلوا إلى حل. الحريري (محتدًا ورافعًا صوته): بشو؟! الرئيس (بنفس اللهجة): بكل شيء! بكل شيء! لأن مجلس الوزراء مانو آخد دوره. لا أحد من الوزراء يحكي شيئًا عندكم! يا أخي، اشتغلوا كمجلس وزراء! نحن هكذا نشتغل عندنا في سورية. وهذا عندكم في لبنان أهمّ بكثير. أما إذا كان كل واحد منكم يقوّص على الآخر عن قريب، خلينا نقول هيك! هذا هو الواقع. وبالأخير كان اللبنانيون يشتكون من الوضع كله. واللبنانيون ليسوا معه ضدك. ولا معك ضده أبدًا. المهم، الآن القضية لم تعد لحود. القضية صارت هنا. القضية قضية سورية والقرار قرار سورية. والصورة ليست صورة لبنانية وليست هي العلاقة بينك وبين لحود. الصورة هي بالنسبة لنا ضرورة الإصلاح في لبنان، الوضع الداخلي وموضوع العلاقة مع لبنان على الوضع الخارجي. فهذا هو الموضوع. الحريري: موضوع لبنان الخارجي لا أعتقد أنه فيه أي إشكال سيادة الرئيس. موضوع لبنان الخارجي طول عمره واقف مع سورية. وهذا الأمر ليس مطروحًا أبدًا. رفيق الحريري يدلي بصوته خلال جلسة انتخب فيها إيميل لحود رئيساً بالإجماع (15/10/1998/فرانس برس) الرئيس: لا، فيه هيك شي، فيه مئة طريقة لكي يخربطوا الوضع على سورية من داخل لبنان. فيه طرق كثيرة ولا يجوز أن يبسّط الواحد الأمور بهذا الشكل. في الموضوع الخارجي، أعتقد أنك أنت أدرى به. الآن اتخذ القرار وانتهى الموضوع ونبيه يعرف وهو جايي. الآن بلغني عن طريق رستم. فنحن بدنا نمشي، وبدنا مرحلة جديدة، وبدنا إياك تكون من ضمنها. وأنا لو كان لي وجهة نظر أخرى فيك، أنت تعرف، أنا واضح وصريح، وأنت شفتني. أتعامل مع الرؤساء العرب بطريقتي، أنا بطبعي واضح. الحريري: بعرف. الرئيس: فلذلك، لا. نحن لنا مآخذ على كل اللبنانيين. فهم الطبقة السياسية، كل واحد منهم معبأ بالعيوب من راسه إلى رجليه. وضمن هذه المشاكل وهذا الجو المهم هو أن نمشي للمستقبل بطريقة جدية. وأنا ما عمحملك المسؤولية، ولحود يتحمل اللّي عليه. وهلّق لو نقول له: رح واقعد في البيت، بيقعد في البيت وما عنده مشكلة. ونحن لنا مآخذ على فريقه من المرّ وجرّ، من ميشيل وإلياس والبقية اللّي حوله كل هذا الوضع راح يتغير. نحن في سورية ما فينا نمشي معكم بهذه الطريقة. وإلا سينهار لبنان كلبنان. إذا انهار لبنان ستنهار سورية معه. الحريري: بس هذا الشيء بدو ناس غير هالناس! الرئيس: لا. لا. أول شي أنت بدّك تتحمل مسؤولية معنا. فإذا كنت أنت على جنب معناها أي رئيس حكومة بيجي. أنت رئيس حكومة بإمكانيات خاصة. وفي هذه الحالة، بهذا التصوّر الذي عندك ما بيمشي الحال. الحريري: شو التصوّر يعني؟! الرئيس: بتعرف بعدين، مو هلّق. كل شي بوقته. كل شي بوقته كويس. ولذلك بدنا إياك تمشي بالاتجاه الصحيح. فَخَلَصْ! وأنت عندما تقول إن القرار هنا هل هذا مجرد كلام تحكيه أم أنت مقتنع فيه؟! فأنت كنت تجي دائمًا وتقول لي هذا الكلام. الحريري: أنا أعرف أن القرار هنا وأنا مقتنع فيه، سيادة الرئيس. بس بموضوع رئيس الجمهورية أن استمر معه مش معقول لأنه خلال ست سنوات، اثنتان في المعارضة وأربع في الحكم، لغاية اليوم، لغاية البارحة، عمتطلب مني شغلة هي فوق طاقة البشر! الرئيس: إذًا، لماذا تقول إن القرار هنا؟! الحريري: وأنا بعدي بقول لك إن القرار هنا، لأن لبنان ما ممكن ينحكم إلا بهذه الطريقة. ونحن مش عمّناقش موضوع أين هو القرار. نحن عمّناقش أن وجود إميل لحود والتمديد له هو ضرر، من وجهة نظري أنا، لسورية وضرر للبنان كبير جدًا. وعلى مستوى سقفي عمتطلب مني شغلة فوق طاقتي. الرئيس (بصوت هادئ): لا، مش فوق طاقتك، بالعكس. الحريري: بلى، بلى! الرئيس: معناها عمترفض! هل ترفض؟! الحريري: مش هيك الموضوع. مش هيك الموضوع. معناها عمتحطني في محلّ إما إنّو أنا... الرئيس (مقاطعًا): معناها طاقتك صغيرة! الحريري: إي. الرئيس: ونحن كنا حاسبينها أكبر من هيك. الحريري: لا، إي أنا طاقتي في هذا الموضوع مش قادر أتحمله. الرئيس: كويّس. إذا هذا هو قرارك. زعماء المعارضة اللبنانية عند ضريح رفيق الحريري وسط بيروت (17/2/2005/فرانس برس) الحريري: سيادة الرئيس، أنا، يعني، ما بدّي أقعد أشكي ضعفي، أنا صار لي فترة عايش على الأدوية، وبحياتي ما أخذت أدوية! الرئيس: طيب، هلّق... الحريري (مقاطعًا): أنا صار لي فترة عايش على الأدوية. الرئيس: يا ترى هل بدك إياني أبني قراري على هذه الكلمة؟! الحريري: لا، لا، لا. ما بدي إياك تبني قرارك على الأدوية. أنا ما فيّي، ما فيّي! هذا الموضوع، ذلّني! لا، لا، لا، آخذ الموضوع، يعني، معليش، ما بعرف شو بدّي قول. هذا الرجل ذلّني. الرئيس: هلّق أنت بدك تناقشني حول لحود، وأنا أناقشك حول القرار السوري في موضوع أكبر، في موضوع آخر! فهل سورية أم لحود؟! الحريري: يعني عمبتحطني بمحل إنّو لحود وسورية واحد! الرئيس: لا. رفيق. أنت حطيت حالك بهذا الشكل. أنت الآن قلت إن القرار عندنا. وقلت إن الرئيس بشار هو أهم شيء فيه. وهذا الكلام قلته أمامي، ولسّه ما فيه شهرين، وما فيه بيان ولا فيه شي. الحريري (محتدًا قليلًا): لا، سيادة الرئيس، أنت تعرف شو هو رأيي بلحود. وأنا قلت لك آخر مرة شو عمل فييّ الزلمي. وشو مستمر يعمل فييّ، شو مستمر يعمل فييّ! الرئيس (بهدوء): سورية ولبنان أهم من شخصين أو من ثلاثة أشخاص. فهمت شو هي الفكرة؟ هذا هو اللّي عمناقشه أنا. بترك لك القرار لَإلَكْ. بترك لك القرار لَإلَك. وهذا الموضوع بيدك. بإيدك. أنت تحدد كيف العلاقة بيننا وبينك. وأنا ما راح أفرض عليك شيء أبدًا. الحريري: سيادة الرئيس... الرئيس (مقاطعًا): أنا أعطيتك قراري وأنت حرّ التصرف فيه، أنا أعطيتك إياه، خذه واعمل فيه، وبدّك كبّو! الحريري: لا، ما بكبّو! الرئيس: بدّك تمشي فيه، خَلَص. الحريري: شوف لأقول لك سيادة الرئيس... الرئيس (مقاطعًا): أنت حكيت كلامًا كثيرًا أمامي وأمام رستم. فبدنا نجّرب! الحريري: لاء. لاء. الرئيس: وهذا هو أول محكّ. أول محكّ حقيقي يا رفيق. الحريري: لاء، لاء، سيادة الرئيس. أنا صار لي 22 سنة ما أخليت يومًا بأمر سورية. ما أخليت يومًا. أنا أخليت؟! طيب، أنا ليش تحملت هذه السنوات؟! الرئيس: أنا الآن صار لي أربع سنوات رئيس. الحريري: إي أربع سنوات. في هذه الأربع سنوات، سيادة الرئيس، في السنتين الأوليين أنا عدة مرات كنت بدي إجي وأستاذنك وأقول لك، أنا ما عاد قادر أحمل. واللّي خلاني ما أعمل هيك هو شغلة أساسية هي إنني أعرف أنه في لبنان، في ذلك الوقت قبل أن نعمل مؤتمر باريس-2، إذا أنا تركت معناها راح كل شيء. ولذلك تحملت شوية حتى عملنا مؤتمر باريس-2 وبعد باريس بشوية صارت قصة العراق. وأنا جئت وقلت لكم يا عمّي إذا بدكم تغيروا هذه الحكومة غيروها هلّق وجيبوا الحكومة اللّي أنتم بترتاحوا لها. عملتم حكومة على أساس أنكم ترتاحوا. لكن هذه الحكومة كانت مجّيرة لإميل لحود! مجّيرة لإميل لحود بالسرّاء والضرّاء! وكان من المفروض أن تجي هذه الحكومة من أجل أن تضمن الأمن السوري والسياسة السورية بحيث تكون أنت مرتاحًا مئة بالمئة! الرئيس: بدّك تتحمل مسؤولية معنا. فإذا كنت أنت على جنب معناها أي رئيس حكومة بيجي.. بهذا التصوّر الذي عندك ما بيمشي الحال. الحريري: شو التصوّر يعني؟!... الرئيس: بتعرف بعدين، مو هلّق. كل شي بوقته الرئيس (محتدًا قليلًا): إذا بدنا نحكي بهذا المنطق، بدنا نحكي عن الأداء الطائفي الذي صار وكنت أنت جسده. ما تخلينا نفتح كل الأوراق! خلينا هلق واضحين! أنا أعرف وضع لبنان بالتفاصيل. ما بدنا نلعب على بعضنا لعبة القط والفار! أنت تعرف ونحن نعرف. نعرف كل التفاصيل. علاقتك بالمفتي نعرفها. كل الألعاب التي صارت لاستفزاز لحود، ولتظهر أغلاطه أكثر نعرف كيف لُعِبَتْ. ونعرف كل هذه الأمور اللّي عمبتصير بينك وبينه. الموضوع الطائفي كان خطيرًا. وما بدنا نحكي بهذا المنطق! وحركة (رافعًا صوته أكثر) السفير الفرنسي، أحملك إياها الآن مباشرة وأقول لك. أنت عمبتشوف شيراك بخاطرك. فأين هي هذه العلاقة؟ فأنا بدي شوف الأمور على الواقع. إذا كان بدنا نحكي بالواقع وبمصلحة سورية ولبنان نقول: لا، ما صار شي جيد. ما صار أبدًا. وشو هلْ الاتصالات بيننا وبين شيراك، هالثلاثة أربعة مبعوثين الذين بعثهم إلينا؟! هلّق فيه أداء على الواقع وأنا فيني حمَّلك مسؤوليته إذا بدي أحكي بهالمنطق. ما فيك تقول: والله أتعبني وأهانني. هنا فيه قرار دولة. ونحن لا نتعامل كأشخاص. وسورية وضعها غير وضع ويختلف عن الوضع عندكم. أتمنى أن تفهم هذا الموضوع. الآن أعطيتك القرار. والقرار أنا أخذته وتبلغه السوريون واللبنانيون. وما فيه رجعة. بتحب تأخذه، قلت لك القرار بيدك. يعني ما بدي عالج معك هذا الموضوع. أنا عمبحكي معك كصديق في البداية، لكن عندما سأحكي كرئيس أقول لك إن فيه مئة ألف شغلة بيدي أنا. وما بدي نوصل إلى هذه المرحلة! نحن نحبك ونحترمك، وخلّ الصداقة تبقى بيننا هيك. أتمنى أن تمشي بهذا الموقف. ومصلحة سورية ولبنان فوق كل الاعتبارات. وأتمنى أن يكون هذا الكلام واضحًا. والآن جايي لعندي نبيه وراح بلّغه مباشرة وبدنا نمشي. ونحن ماشون. ومهما تكن النتائج نحن ماشون. فأتمنى من الآن لوقتها أن تكون الأمور فعلًا جيدة وأن تكون ضمن الإطار الهادئ لكي تساعدنا حتى نصل إلى مرحلة جيدة. يعني إذا ما كان الوضع جيدًا هل تتحمّله سورية؟ لا، سورية سيكون لها موقف ثانٍ. فأتمنى أن نمشي بالموضوع. والقرار لك أنت. ما راح آخد منك القرار الآن. القرار بيدك. بتحبّ تفكّر، بتحبّ تراجع حالك، بتحب تبلّغ أحدًا، أنا أترك لك الموضوع. بس هذا هو أول محكّ بيني وبينك وأول مرة أجرّبك فيها. أول مرة أقول لك: هات لنشوف، كل شي حكيته وَرْجينا إياه! وَرْجيني نتائجه! هل يا ترى أنا أم لحود، قراري أنا أم مشاكلك مع لحود؟! وما بدّي اسمع الآن الجواب. وأنا عمقول لك روح الآن وبعدين بلِّغْ العميد رستم أو بلِّغ نبيه، ما فيه مشكلة. الحريري: ماشي الحال. الرئيس: ونسِّق مع العميد رستم. الحريري: مَعْ؟! الرئيس: مع العميد رستم. احكِ معه وبلغه إذا كان في شي. الحريري: ماشي. الرئيس: طيب. أهلًا وسهلًا. الحريري: بخاطرك! الرئيس: مع السلامة.

صالون إبداع المرأة المصرية يواصل أمسياته غدًا الأربعاء
صالون إبداع المرأة المصرية يواصل أمسياته غدًا الأربعاء

الدستور

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الدستور

صالون إبداع المرأة المصرية يواصل أمسياته غدًا الأربعاء

تتواصل فعاليات صالون إبداع المرأة المصرية، غدًا الأربعاء، بمشاركة 3 مبدعات مصريات جديدات يحللن ضيفات على الصالون، في السابعة مساء غد الأربعاء، بمقر الصالون بمكتبة خالد محيي الدين، بحزب التجمع، 1 شارع كريم الدولة من ميدان طلعت حرب بوسط القاهرة، وتدير اللقاء مؤسسة الصالون، الكاتبة دكتورة ضحي عاصي. 3 مبداعات في صالون إبداع المرأة المصرية وتشارك في أمسية الغد بصالون إبداع المرأة المصرية، كل من، الكاتبة القاصة والروائية والباحثة في الأدب الشعبي الكبيرة، صفاء عبد المنعم. وعملت صفاء عبد المنعم في حقل التربية والتعليم، ولها أكثر من 40 مؤلف بين فن القصة القصيرة والرواية والدراسات الشعبية. وفي مجال السرد الروائى، صدر لها روايات: 'فوق شجرة طاووس' ــ 'التي رأت' ــ 'امرأة الريح' ــ 'ضيعة القطط البيضاء' ــ 'في الليل لما خلي' ــ 'قال لها يا إنانا' وغيرها. وفي مجال دراسات االفلكلور والتراث، صدر لها مؤلفات، 'آه يا ناعمة يا غريبة.. أغاني الأفراح دراسة ميدانية'، 'صورة المرأة في الأدب الشعبي'، 'أغاني وألعاب شعبية للأطفال'، 'داية وماشطة.. عادات وتقاليد'، وغير ذلك. صفاء عبد المنعم هايدي عبد اللطيف ومن ضيفات صالون إبداع المرأة المصرية، الكاتبة هايدي عبد اللطيف، وهي مترجمة وصحفية في المجال الفني سبق أن صدر لها موسوعة المشاهير في جزأين في يناير 2018، عن دار دَّوِن للنشر والتوزيع، وقد قدمت عبره عشرات من السير الذاتية المكثفة وقصص نجاح لعديد من المشاهير في شتي المجالات، كما صدر لها صدر لها كتاب مترجم بعنوان " شبكات الغضب والأمل: الحركات الاجتماعية في عصر الإنترنت"، من تأليف مانويل كاستلز عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في أكتوبر 2017. فضلا علي كتاب "أيام في المكسيك: بصحبة ديجو ريفيرا"، والصادر عن منشورات ذات السلاسل – الكويت وصدر مع منتصف شهر أكتوبر 2023 ملحقًا به ملف صور. هايدي عبد اللطيف مني الشيمي منى الشيمي، هى قاصة وروائية من مواليد محافظة قنا، فازت بالعديد من الجوائز المصرية والعربية عن أعمالها، منها جائزة الهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2003، و«جائزة ساويرس» وجائزة نادى القصة المصري، وجائزة دبي الثقافية عن مجموعة "من خرم إبرة"، وجائزة الشارقة عن مجموعة "وإذا انهمر الضوء". وصدرت لها مجموعة قصصية باسم "رشح الحنين" ورواية "بحجم حبة العنب" التي حازت على «جائزة ساويرس» في عام 2015. مني الشيمي تجدر الإشارة، إلى أن الكاتبة ضحي عاصي، مؤسسة صالون إبداع المرأة المصرية، قد دشنت مسابقة أدبية مخصصة للمبدعات اللاتي لم يسبق لهن النشر؛ بهدف احتضان العمل الأول لواحدة من الأصوات النسائية الواعدة، من خلال الصالون.

ريبيكا شريعة طالقاني.. أدب السجون السوري من منظور البويطيقا
ريبيكا شريعة طالقاني.. أدب السجون السوري من منظور البويطيقا

العربي الجديد

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • العربي الجديد

ريبيكا شريعة طالقاني.. أدب السجون السوري من منظور البويطيقا

ضمن سلسلة ترجمان، صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب بعنوان "أدب السجون السوري: بويطيقا حقوق الإنسان" للأستاذة المساعدة ومديرة دراسات الشرق الأوسط في كلية كوينز بـ"جامعة مدينة نيويورك"، ريبيكا شريعة طالقاني، وترجمة الباحث السوري حازم نهار. ويقع في 312 صفحة، شاملًا تقديم المترجم ومقدمة وخاتمة ومراجع وفهرسًا عامًّا، إضافةً إلى قائمة رسوم وصور توضيحية. يمثّل الكتاب إضاءة لافتة على العلاقة المتشابكة بين الكلمة والحق و الحرية ؛ إذ إنه ينظر إلى الكتابة بوصفها فعلاً مقاوماً وأخلاقيّاً، لا يقلّ شجاعة عن البقاء ذاته في أقبية القمع. في هذا الإطار، يعقد الكتاب مقارنة بين أدب السجون في سورية وتجارب مشابهة في العالم، مثل تجربة نيلسون مانديلا وعبد الرحمن منيف، كاشفاً عن طابعٍ خاص بالسجون السورية يتسم بوحشية متفرّدة، تجعل من كل كلمة تُكتَب من داخلها أو عنها عملاً بطوليّاً أخلاقيّاً ومقاوماً. تعرض أعمالٌ مثل "القوقعة" لمصطفى خليفة، و"من تدمر إلى هارفارد" لبراء السرّاج، نماذجَ حيّة من هذا الإبداع في وجه القمع. وحتى قبل عام 2011، كتب معتقلون أعمالاً كاملة، مثل عماد شيحة الذي ألّف ثلاث روايات خلال أسره، وظلّ بعضها سرًّا حتى وجد طريقه إلى النشر. ربطٌ بين أدب السجون وخطاب حقوق الإنسان بما يشمله من منظومات وقوانين الفكرة المركزية التي تنهض عليها الدراسة هي الربط بين أدب السجون وخطاب حقوق الإنسان، بما يشمله من منظومات وقوانين ورموز. فترى المؤلفة أنّ نصوص هذا الأدب تقدّم مشاهد اعتراف سردية لا تُظهر فداحة المعاناة التي يكابدها المعتقلون فحسب، بل ترتبط في الوقت نفسه بخطاب حقوق الإنسان العالمي، بما يحوّل هذه النصوص إلى أدوات وعي سياسي وأخلاقي. من هنا، تتناول طالقاني مفهوم "بويطيقا الاعتراف"، فتدرسه فنيّاً وأسلوباً، وتربطه بمفهوم الاعتراف السياسي الذي يُعدّ من الركائز الأساسية في خطاب حقوق الإنسان الحديث، خصوصاً في القرن العشرين. ولم يكن اعتمادها مصطلح "البويطيقا" في عنوان الكتاب ترفاً لغويّاً محضاً، بل هو استدعاء واعٍ لمفهوم نقدي ذي جذور فلسفية وجمالية عميقة؛ لأن الكتاب يعالج النصوص الأدبية ووثائق حقوق الإنسان بوصفها مادة فنية ومعرفية، ويستقصي الكيفية التي تُحدث بها هذه النصوص أثرها الجمالي والحقوقي في آن. أما البويطيقا، فهي كلمة يونانية ارتبطت باسم أرسطو، الذي عنون بها كتابه الشهير فن الشعر. وعُرفت بالفرنسية Poétique وبالإنكليزية Poetics، وكلتاهما متحدرة من الكلمة اللاتينية Poetica المشتقة من الكلمة الإغريقية Poietikos، لتحمل في هذه اللغات كلّها معانيَ تتصل بصناعة الشعر ونظريته وفنونه. أما في الثقافة العربية، فقد تنوّعت ترجمتها وتجلّياتها، فوردت بصيغٍ شتّى: نظرية الشعر، وفن الشعر، وصناعة الشعر، وقواعده، وصوغ اللغة الشعرية، والإنشائية، والبنية الشعرية، والشاعرية، والشعريات، وغير ذلك؛ ما يعكس ثراء هذا المصطلح وتشعّب دلالاته في الحقول الأدبية والنقدية. ينقلنا كتاب أدب السجون السوري: بويطيقا حقوق الإنسان لاحقاً إلى مقاربة أدب السجون في السياق العالمي، مؤكّداً أن تجربة الكتابة خلف القضبان ليست حكراً على سورية أو على المنطقة العربية. ويعرض نماذج من تجارب سجناء سياسيين أو أفراد من الأقليات في الولايات المتحدة الأميركية، ومعتقلي غوانتانامو، ومهاجرين مثل الكردي الإيراني بهروز بوجاني، الذي فاز بجائزة أدبية مرموقة عن كتابه لا صديق إلا الجبال. يشمل أجناساً أدبية عديدة كالرواية والقصة القصيرة والشعر والمسرح ويكشف الكتاب عن تداخُل هذا الأدب مع دراسات حقوق الإنسان، حيث باتت السرديات الفردية، كالروايات والمذكّرات، أدوات أخلاقية وحقوقية، وفق ما يتجلّى في أعمال كاي شافير وسيدوني سميث. ويتوقف عند الجدل النقدي في الأدب العربي حول تصنيف أدب السجون أيضاً، بين مَن يراه شهادة مقاومة، ومن يعتبره عملاً أدبياً صرفاً، كما في كتاب نزيه أبو نضال "أدب السجون". تستعرض المؤلفة تطورات هذا الأدب في ستة فصول متكاملة، في ضوء "التحول التجريبي" في الأدب العربي الحديث، وتبرز كيفية تجاوز أدب السجون السوري الوظيفة التوثيقية إلى فضاء أدبي وجداني يتفاعل مع الأسئلة الجمالية والوجودية الكبرى. يتناول الفصل الأول مسألة تصنيف "أدب السجون" بوصفه نوعاً أدبيّاً قائماً بذاته، مشدداً على أهمية النظر إليه من زاوية سياسية، على الرغم ممّا يحيط بهذا التصنيف من إشكالات نظرية. وينطلق الفصل الثاني من حادثة أطفال درعا التي كانت الشرارة الأولى لانطلاق الثورة السورية، ليربط هذه الحادثة بمفهومَي "الاعتراف" و"الهشاشة الأدبية"، مستنداً في مقاربته إلى نظريات تيرانس كيف، وجوديث بتلر، وبريان تورنر. ويعالج الفصل الثالث تمثيلات التعذيب كما تتبدّى في الأدب وتقارير حقوق الإنسان، ويُجري مقارنة دقيقة بين صوت الضحية المغيّب في التقارير الحقوقية، والذات المتكلمة والناطقة بوجعها في النصوص الأدبية، كما في كتابات فرج بيرقدار وحسيبة عبد الرحمن. كتب التحديثات الحية "سيرة مغيَّب" لغارانس لوكان.. حتى لا تموت قصة مازن الحُمادة ويتناول الفصل الرابع تمثيل الزمان والمكان في أدب السجون السوري وتقارير حقوق الإنسان، مشيراً إلى كيفية معالجة هذا الموضوع في أعمال مثل خمس دقائق وحسب ومن تدمر إلى هارفارد. وينطلق من مناقشة ادعاء ياسين الحاج صالح أنّ السجن "نمط من أنماط الحياة" لآلاف السوريين، ليحلل كيفية تمثيل الزمان والمكان، مستنداً إلى الدراسات الحديثة في جغرافيا السجون، مثل أعمال دومينيك مويران ومايكل فيلدر. ويستعرض الفصل أعمالًا أدبية أخرى مثل مذكرات هبة الدباغ "خمس دقائق وحسب"، ومجموعة بيرقدار الشعرية "حمامة مطلقة الجناحين"، ليبيّن أنّ أدب السجون السوري يعيد إنتاج الجغرافيا العاطفية التي يعيشها المعتقلون من خلال تجربتهم الحقيقية. أما الفصل الخامس فيخصص سجن تدمر موقعاً رمزيّاً للقسوة، ويحلل اللجوء إلى السريالية في بعض الأعمال الأدبية، معتبراً أن هذه السريالية هي شكل من أشكال المقاومة لمحاولة محو ذاكرة العنف التي تعرّض لها المعتقلون في هذا السجن. من خلال أعمال مثل رواية "القوقعة"، يرى الفصل أن الكتابات عن سجن تدمر تنتج أشكالاً من المراقبة تكذّب الرواية الرسمية التي تنكر ارتكاب الدولة انتهاكات حقوق الإنسان عقوداً. ويتناول الفصل السادس الكتابات التي تمزج السرد الذاتي بالتخييل ما بعد الحداثي، متأثرةً بالمنفى، ليجعل أدب السجون امتداداً لكتابة المنفى والمقاومة المزدوجة، من خلال التحليل العلمي لمؤلفات ما بعد الحداثة التي تبتعد عن تقنيات السرد التقليدية لكتّاب، مثل باتريسيا واو ومارك كوري وآخرين. يختم الكتاب بتأمّل دور الإنتاج البصري في توثيق الاعتقال والثورة، من خلال أعمال "أبو نضارة" وفيلم "سُلَيمى"، وغير ذلك. تأسّست مجموعة "أبو نضارة" قبيل الثورة، وقدّمت نفسها من خلال ما سمّته "سينما الطوارئ"، وسعت إلى اختراق ضجيج الإعلام بألسنة الضحايا الحقيقيين. وتطرح المجموعة مفهوم "الحق في الصورة" حقّاً إنسانيّاً، وترفض التمثيلات النمطية للضحايا، ساعيةً إلى تقديم سرديات تحافظ على كرامة الإنسان وتمنح المعتقَل حق التعبير عن ذاته، لا أن يُختزل في صورة مذلّة ومهينة. ويتناول الكتاب أعمال محمد ملص أيضاً، مثل "سلّم إلى دمشق" و"باب المقام"، التي تجسّد ثنائية الاعتقال والثورة، وتربط بين قمع الماضي وجراح الحاضر. وكذلك فيلم "المريض السوري"، الذي نتابع فيه قصة طبيب فقد مريضه المعتقل، ليُعتقل هو لاحقًا. أما "المعتقل غير موجود" فيحكي عن أمّ تبحث عن ابنها المفقود. ويعرض فيلم المجموعة الطويل "سجن صيدنايا.. يرويه السوري الذي أراد الثورة"، شهادات حيّة قدّمها معتقلون سابقون. ولا يقتصر هذا الأدب على الرواية والمذكّرات بل يمتدّ ليشمل أجناساً أدبية أخرى، كالقصة القصيرة والشعر والمسرح أيضاً؛ ما يجعل تعدّده الفنّي يُغني مضمونه، ويمنح قضاياه تراكماً تعبيرياً متجدّداً. ريبيكا شريعة طالقاني هي أستاذة مساعدة ومديرة دراسات الشرق الأوسط في كلية كوينز بـ"جامعة مدينة نيويورك"، تركز بحوثها على المقاومة السياسية والإنتاج الثقافي في الشرق الأوسط، لها منشورات في مجلات أكاديمية مهمّة، منها: "المجلة الدولية لدراسات الشرق الأوسط"؛ و"مجلة الأدب العربي". تشارك حاليّاً في تحرير "مجلة CLC Web"، وقد حرّرت مع أليكسا فيرات كتاب "أجيال المعارضة: المثقفون والإنتاج الثقافي والدولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".

فاروق الشرع: هكذا أفشل بشّار الأسد الغارق في حبّ الذات الحوار الوطني (6)
فاروق الشرع: هكذا أفشل بشّار الأسد الغارق في حبّ الذات الحوار الوطني (6)

العربي الجديد

time٠٥-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • العربي الجديد

فاروق الشرع: هكذا أفشل بشّار الأسد الغارق في حبّ الذات الحوار الوطني (6)

يصدر كتاب "مذكرات فاروق الشرع... الجزء الثاني 2000 - 2015" عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. ويغطي فترةً من رئاسة بشار الأسد (2005 - 2015) استمر فيها الشرع في منصبه وزيراً للخارجية، ثم في منصب نائب رئيس الجمهورية، قبل أن يضطر إلى الاعتكاف بمنزله في 2013، وإصدار الأسد تعليمات بعدم التواصل معه. وبينما اعتُبر الجزء الأول شهادة تاريخية مهمّة على مسار من الأحداث التي شهدتها سورية في تفاعلاتها الإقليمية والدولية، خصوصاً ما يتعلّق بالمفاوضات السورية - الإسرائيلية، في عهد حافظ الأسد، يقدّم الشرع في هذا الكتاب شهادته على أحداث لا تقل أهمية في عهد بشار، منها اغتيال رفيق الحريري واتهامات مسؤولين سوريين بالتورّط في اغتياله، ما أسهم في دفع الخروج السوري من لبنان، وأحداث عصفت بسورية مع اندلاع الثورة السورية (2011). وتنشر "العربي الجديد" فصولاً من الكتاب. وهنا حلقة سادسة تتناول قرار الرئيس تشكيل هيئة الحوار الوطني برئاسة فاروق الشرع، وفي الوقت نفسه الحملة المنظمة السرّية التي قادها بشار الأسد وأجهزته المختلفة لإفشال الحوار. .................................................................................................................. شكّل الرئيس بشّار الأسد بموجب القرار الجمهوري رقم 20 في 31 مايو/ أيار 2011 هيئة الحوار الوطني، وكلّفني رئاستها. وضمّت الباحث الاقتصادي الدكتور منير الحمش نائباً لرئيس اللجنة، وعضوي القيادة القُطرية ياسر حورية، وهيثم سطايحي، والدبلوماسي المجرّب والعريق عبد الله الخاني (انسحب من الهيئة لاحقاً)، والأديب وليد إخلاصي، وصفوان قدسي نائب رئيس الجبهة الوطنية التقدمية، وحنين نمر عضو القيادة المركزية للجبهة والأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحد، وأستاذ القانون الدكتور إبراهيم درّاجي. كانت مهمّة الهيئة وضع أسس وآليات حوار وطني وصولاً إلى مؤتمر وطني شامل لحل الأزمة. لقد اعتبر الرئيس تشكيل هيئة الحوار فرصة تاريخية، نقلتها عنه الصحف السورية الرسمية، وهذه الفرصة من شأنها حثّ الشعب على مناقشة مستقبل سورية كما صرّح الرئيس نفسُه. عقد الرئيس بعدها مباشرة اجتماعاً في قصر الشعب مع أعضاء الهيئة، أكّد خلاله "صياغة الأسس العامة للحوار المزمع البدء به، بما يحقق توفير مناخ ملائم لكل الاتجاهات الوطنية للتعبير عن أفكارها وتقديم آرائها ومقترحاتها بشأن مستقبل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في سورية، وتحقيق تحولات واسعة تسهم في توسيع المشاركة في ما يتعلق بقانوني الأحزاب والانتخابات وقانون الإعلام". هكذا أورد الإعلام الحكومي نصّ خبر اللقاء، نقلاً عن المكتب الصحافي لرئاسة الجمهورية، الذي قال أيضاً: "لقد أصبح الحوار ممكناً وقادراً على توفير نتائج أفضل بعد صدور العديد من القرارات والمراسيم التي تسهم في تعزيز المشاركة من مختلف المكونات السياسية والاقتصادية والاجتماعية". انزعج الرئيس من نشر أخبار اجتماعات هيئة الحوار في وسائل الإعلام، ولم يخطر ببالي أنه كان يرى فيها مساساً بدوره اجتمعت اللجنة السياسية برئاستي في 11 يونيو/ حزيران 2011، حيث كان الرئيس ينوي التوجّه إلى الشعب بعد أسبوع للحديث عن المسائل التي تمر بها سورية، وعن أهمية الحوار الوطني الشهر المقبل. تمنّت اللجنة السياسية ضرورة تضمين كلمته المتلفزة المواضيع التالية التي حظيت بإجماع اللجنة، علماً بأنني أعلمته على الهاتف أيضاً بأنني أرسلت إليه صورة عن المحضر مع ملخص لتضمين خطابه ما يلي: • مراجعة الدستور مع إجراء تعديلات على بعض مواده. • مناقشة قانون جديد للأحزاب.• مناقشة قانون للإعلام. • مناقشة المادة الثامنة من الدستور. ألقى الرئيس بالفعل خطابه في مدرج جامعة دمشق في 20 يونيو/ حزيران 2011، وذكر فيه مطالب اللجنة السياسية المشار إليها، غير أنه أوردها في نهاية خطابه ولم يعطها الأولوية التي تستحقّ في هذا الظرف الحسّاس. تحدّث عملياً عن إمكانية تعديل الدستور وحتى إمكانية صياغة دستور جديد للبلاد. لكن بعض وسائل إعلام المعارضة ركّزت حينها على عبارة الجراثيم الغامضة التي لصقها بشكل غير مباشر بالمعارضين، فتركها للمعارضة لتتهكّم وتشرحها بما يتناسب مع أهدافها. بعد اللقاء مع الرئيس، عقدت هيئة الحوار الوطني برئاستي عدة اجتماعات مكثفة ودورية لوضع خطط عمل من أجل تحقيق الغاية المتوخّاة من إنشائها. لكن الرئيس عبّر لي مباشرة ولأعضاء آخرين في اللجنة عن انزعاجه من نشر أخبار اجتماعات الهيئة في وسائل الإعلام، فأوقفت ذلك، لأن موضوع الدعاية ليس من أولويات اهتماماتي، ولم يخطُر ببالي أن الرئيس كان يرى فيها مساساً بدوره في ظرفٍ يجب أن نشرك الشعب بالخطوات التي قطعها الحوار الوطني في سورية. أصبح دور أعضاء الهيئة مكرّساً فقط من أجل التحضير للقاء تشاوري يمهد لحوار وطني شامل في مؤتمر جامع برئاسة الرئيس، وسوف يُعقد قريباً في قصر المؤتمرات بدمشق. مهما يكن من أمر، فإن الفترة المتاحة أمامنا، وهي أقل من شهر، كانت ضيقة لعقد لقاء تشاوري يمهد للقاء الحوار الوطني، لا سيما بوجود لقاءات لبعض الشخصيات السورية المعارضة في الداخل، مثل اللقاء في فندق سميراميس في 27 يونيو 2011، أي قبل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني في مجمع صحارى بأسبوعين، وإعلان بعض المبادرات الأخرى. كانت المعارضة السورية في الخارج أشدّ انتقاداً لهيئة الحوار الوطني من معارضة الداخل، حيث اعتبرتها صنيعة النظام، بل طالبت بعض قادتها برفض أي حوار، أو ربما أنها تصرّفت حينها كأن الحزب الحاكم انتهى أو في طريقه إلى النهاية القريبة. اجتماع لمعارضين سوريين في "مؤتمر التغيير في سوريا" في أنطاليا في تركيا (2/6/2011 فراتس رس) اتّخذنا في هيئة الحوار الوطني من القيادة السياسية مرجعية، انطلاقاً من القناعة بأن حزب البعث يمثل شريحة مهمّة تجاوز عدد المسجلين في صفوفه آنذاك مليوني عضو داخل سورية. لهذا، اقترحت الهيئة على القيادة أن يمثل الحزب بثلث في الحوار الوطني، أما الثلثان الآخران فسيكون ثلث للمستقلين وثلث للمعارضة بالتساوي. وافقت القيادة بالإجماع على هذا الاقتراح، ولقي، في الوقت ذاته، الترحيب من أعضاء الهيئة؛ لأن تشكيلتها، من حيث ميول أعضائها السياسية التي وافق عليها الرئيس عند إصدار قرار الهيئة، تكاد تعكس صورةً مشابهةً لهذه الصيغة. كانت الخطوة الثانية عقد لقاءات مع الشخصيات المعارضة المعروفة في الداخل السوري، مثل حسن عبد العظيم، وعارف دليلة، والطيب تيزيني، ورجاء الناصر، ومحمد حبش، وقدري جميل، وميشيل كيلو، وحسين العودات، ولؤي حسين، وحبيب عيسى، وغيرهم. هذه الشخصيات المعارضة المهمة كانت قد عبرت عن مواقفها بوضوح في منتصف مارس/ آذار 2011 بوسائل شتى، وقبل ذلك عبر وسائل الإعلام. كان الهاجس المشترك لهؤلاء المعارضين، كما تبيّن لي خلال لقاءاتي معهم، يتمحور حول مصداقية النظام ومدى وفائه بتعهداته. حاولت من جانبي شرح الأمر بقولي: "إننا في النظام وأنتم في المعارضة سنندم جميعاً في المستقبل إذا لم نشارك لإنجاح الحوار الوطني". تلخّصت الخطوة الثالثة بتوجيه هيئة الحوار الوطني عدة دعوات إلى من هم في الخارج والداخل. بلغ عدد المدعوين إلى اللقاء التشاوري رجالاً ونساءً أكثر من مئتي شخصية، وهم الذين سيعقدون أولى لقاءاتهم في العاشر من يوليو/ تموز بدمشق، إلا أن عدم تلبيتهم الدعوة لا يحتاج إلى توضيح؛ فالأسباب ما زالت موجودة حينها: استمرار إطلاق النار على المتظاهرين، والاعتقال عند الوصول إلى سورية، أو مراجعة أحد فروع الأمن من دون سبب وجيه. كنتُ أعرف مسبقاً أن معظم معارضة الخارج لن تغامر بالحضور، حتى لو كانت جنحتهم مخالفة سير، إلا بتدخّل شخصي من رئيس الجمهورية. في اجتماع دوري للقيادة القُطرية برئاسة الأمين القطري المساعد للحزب محمد سعيد بخيتان، طرحت مجدداً ما استجد من أمور ذات صلة بالمراحل التي قطعها التحضير لمؤتمر الحوار أو اللقاء، وضرورة أن تسمي القيادة من سيشارك فيه؛ لأن الفترة المتبقية على انعقاده غدت محدودة، ثم إنني شخصياً أردت التأكّد مرة أخرى من موافقة أو تحفظ كل عضو في القيادة، إزاء انعقاده، وأيضاً من تمثيل الحزب بثلث الحضور؛ لأن الشكوك بدأت تساورني جراء تمتمات من داخل الحلقة الأمنية، كان أكثرها دلالة من اللواء محمد ناصيف خير بيك، وهو من أبرز الشخصيات الأمنية سنوات والمقرّب من آل الأسد، وكان قد عُيّن قبيل تقاعده معاوناً لي نائب رئيس، حيث عبر في حديث مع مدير مكتبي عن الامتعاض من فكرة اللقاء المذكور وما قد ينتج منه من توصياتٍ غير مرغوبة. لكنني شعرت بالاطمئنان لأن الإجماع متوفر، حيث ذهب بعض أعضاء القيادة القطرية إلى حد القول إن الثلث من المستقلين سيكون أقرب إلى أفكار "البعث" منه إلى أفكار المعارضة. كنت أعرف مسبقاً أن المعارضة في الخارج لن تشارك في المؤتمر لأن أسماءهم لا تزال في قوائم الممنوعين من دخول سورية وعد بخيتان أنه سيوافينا بأسماء الحزبيين المقترحة خلال يومين. وفعلاً، تم تزويد هيئة الحوار بهذه الأسماء. أما المعارضة، خصوصاً معارضة الخارج، فقد اعتذر بعضها للهيئة هاتفياً أو خطّياً، بمن فيهم برهان غليون وسمير العيطة ورامي عبد الرحمن، في حين بقي آخرون متردّدين حتى اليوم الأخير من افتتاح أعمال اللقاء التشاوري، مثل هيثم مناع الذي كان أخوه معتقلاً وسبباً مباشراً في عدم حضوره. ولم يكن التأجيل متاحاً لإقناع المتردّدين من المعارضة، لأنه سيعطي إشارة سلبية إلى احتمال فشل الحوار الوطني. بلغ عدد المدعوين 213، حضر من بينهم 187، واعتذر عن عدم الحضور 26 مدعواً. وكان واضحاً أن بعض من اعتذر في الداخل قد أعرب عن رأيه صراحةً بأنه لا يمكن أن يشارك في المؤتمر ووالده معتقل، أو في ظل استمرار العمليات الأمنية. والرئيس هو فعلاً مفتاح المدعوين من الخارج، ومن بينهم الممنوعون وأسماؤهم في المطار وعلى الحدود؛ لأن الصلاحيات لا تنقصه. كنتُ أعرفُ مسبقاً أن المعارضة في الخارج لن تغامر بالحضور للمشاركة في هذا المؤتمر؛ لأن أسماءهم كانت لا تزال على قوائم الممنوعين من دخول سورية. وعلى الرغم من معرفة أعلى السلطات التنفيذية، وفي مقدّمتهم رئيس الجمهورية، بأسماء جميع المدعوين، لكن لم يجر، مع الأسف، أي مسعى لطمأنتهم. أذكر أنني بوصفي وزيراً للخارجية منذ سنوات، وبتوجيه من الرئيس نفسه، أرسلتُ تعميماً إلى جميع سفاراتنا في الخارج لحل موضوع وثائق الممنوعين من العودة وإصدار جوازات سفر لهم. اتّصلت بالرئيس مستوضحاً أسباب عدم تنفيذ الجهات المعنية للتعميم، فتحجّج أنه جرى إخباره للتو من رئيس الهيئة المركزية للرقابة بأن هناك أضابير بأسماء أكثر من ثلاثمئة ألف لا يمكن تسويتها بالسرعة المطلوبة.سور مشاركون في الاجتماع التشاوري للحوار الوطني، السوري، في دمشق (10/7/2011 فرانس برس) اللقاء التشاوري للحوار الوطني سهرتُ حتى ساعة متأخّرة من الليل لمراجعة الكلمة التي سألقيها في صباح الجلسة الافتتاحية. لم أشعُر بحجم المسؤولية مثلما شعرتُ بها حينها، إزاء كل حرف وعبارة وتداعياتها ومعناها القريب والبعيد، كأنني ما كتبت خطاباتي سابقاً أكثر من عقدين في الأمم المتحدة وفي محافل دولية عديدة. لكن للكلام هنا عن سورية الداخل بالذات وقع آخر، لأنني منذ الأيام الأولى لأحداث ما أطلق عليه "الربيع العربي"، وخلافاً لتوقعات كثيرين، كنتُ أشعر بأن نهاية الأحداث ليست قريبة، وأن الطريق الذي سوف نسلكه بإرادتنا مليء بالحفر والمزالق، ولا أريد ألبتة أن يشعر الآخرون، خصوماً أم أصدقاء، بأنني متشائم إلى هذا الحد. كنتُ أصف الوضع في سورية، عندما يسألني أحد الضيوف، بالمعقّد والمركّب. وكررت هذا الوصف في كلماتي في مناقشة البيان الأخير للمؤتمر وأمام الجميع. بدأت الجلسة الافتتاحية صباح 10 يوليو/ تموز 2011 بكلمة مقتضبة ألقاها الدكتور منير الحمش، عبّر فيها عن أهداف المؤتمر وأهميته الاجتماعية والاقتصادية في إخراج البلاد من أزمتها، ثم أعطاني الكلمة لافتتاح المؤتمر. أكّدتُ في كلمتي أن هدف هذا الحوار، في نهاية المطاف، هو الوصول إلى الدولة التعدّدية الديمقراطية، وأنه لا ينطلق في أجواء مريحة، لأن خطط الآخرين استندت إلى كمٍّ من الأخطاء الذاتية التي كنّا نرميها تحت السجادة دونما تفكير عميق في قادم الأيام، وشرحت أن هناك مطالب محقة تتعلق بحياة الناس المعيشية وأمانهم وكرامتهم لا يجوز أن نهملها، وأن هذا الحوار ليس منّة من أحد على أحد. أوضحتُ أن معاقبة مواطنين سوريين يحملون رأياً مختلفاً بمنعهم من السفر أو من العودة إلى الوطن سيقودهم حتماً إلى طلب الحماية من دولٍ أخرى. وقلتُ، من جانب آخر، مخاطباً من يرفضون الحوار من المعارضة، إن الحروب الكبرى والصغرى والأزمات الوطنية لم تنته إلا بالحوار. وعبّرتُ عن أمل جميع المواطنين بأن يفي الرئيس بشّار الأسد بما وعد به الشعب السوري، مذكّراً بخطابه على مدرّج جامعة دمشق في 20 حزيران/ يونيو 2011. ورفضتُ في كلمتي أي تدخّل خارجي، وطالبت أن تكف بعض الدول عن صبّ النفط على النار. ثم فُتح المجال لمداخلات المشاركين في اللقاء، ومناقشة ما ورد في جدول الأعمال من بنود ومشاريع قوانين، كان في مقدمتها مشروع قانون الأحزاب والانتخابات وقانون الإعلام، وتوصية بتشكيل لجنة قانونية – سياسية لمراجعة الدستور. كان ذلك كله قد ورد في كلمة الرئيس على مدرج جامعة دمشق. طالب مشاركون كثيرون بتشكيل لجنة لإصلاح القضاء، فأدرج هذا الموضوع مع المواضيع الأخرى. كل من طلب الكلام تحدّث، وبعضهم طلب المداخلة أكثر من مرّة. كما أتيحت الفرصة لإدارة جلسات اللقاء التشاوري لعدد من المشاركين رجالاً ونساءً، شبّاناً وشابات. لا أشكّ في أن الرئيس هو من أمر بقطع البث التلفزيوني بعد الجلسة الافتتاحية لأنه وحده يملك صلاحية الأمر بقطع البث انقطاع البثّ التلفزيوني انعقد اللقاء على مدى ثلاثة أيام في إحدى صالات منتجع صحارى. وتصدّرت الصالة يافطة كتب عليها "مؤتمر الحوار الوطني: اللقاء التشاوري 10-12 تموز". وفي أعلاها "الحوار الوطني: ضمان لمستقبل سورية". بدأت الجلسة الأولى في العاشرة صباحاً. وفي مساء اليوم الذي سبق افتتاح اللقاء، أي في 9 يوليو، اتصلت بالرئيس لإبلاغه بالترتيبات المتخذة، وقلت له إن مجرياته ستبثّ على الهواء مباشرة. فاستغرب فكرة النقل التلفزيوني! وتساءل إن كان ذلك ضرورياً. كان جوابي: توجد مصلحة وطنية، خاصة في هذه الظروف كي يطلع الرأي العام السوري على وجود حوار بين السوريين بموافقة الدولة نفسها. لم يكن الرئيس مرتاحاً لفكرة النقل التلفزيوني المباشر، لكن بعد مناقشة طويلة معه وافق مشترطاً أن يكون البث لجلسة الافتتاح فقط. أعرف أن الرئيس ينام مبكّراً، فآثرت ألا أطيل الكلام عليه حتى لا تتأثر ساعة نومه البيولوجية. أبلغني عديدون ممن تابعوا اللقاء التشاوري للحوار الوطني بالانزعاج الشديد، لأن انقطاع البث التلفزيوني بعد جلسة الافتتاح لم يكن مفهوماً؛ إذ لا يتصوّر الناس أن الرئيس هو الذي أمر بقطع الإرسال التلفزيوني. ليس لدي شك في أنه هو الذي أمر بذلك، لأنه وحده يملك صلاحية الأمر بقطع البثّ عن هذا النوع من اللقاءات، حيث كان يشرف بشكل مباشر على تفاصيل قطاع الإعلام بعد رفضه أن يتولى تلك المسؤولية أي طرف آخر في السلطة. جرت العادة على التأكيد أن كل الأفعال السلبية لا يمكن أن تصدُر عن السيد الرئيس، بل يمكن أن تصدُر عن وزير الإعلام، أو عن المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، أو عن المسؤولين في المكتب الصحافي للقصر، أو عن ادّعاء خطأ تقني مزعوم، لكن الرئيس لا يصدر أمراً كهذا فهو معصوم عن الخطأ! الطيب تيزيني يتحدّث إلى الصحافة بعد حضوره الاجتماع التشاوري للحوار الوطني في دمشق (10/7/2011 فرانس برس) المادّة الثامنة في الدستور بعد انعقاد اليوم الأول من اللقاء التشاوري، هاتفني الرئيس بشّار الأسد مساءً مستفسراً إن كنّا سنناقش في اليوم التالي المادة الثامنة من الدستور التي تنصّ على أن "حزب البعث العربي الاشتراكي هو القائد في الدولة والمجتمع" أجبته بأن كثيرين في اللقاء لا شك في أنهم سيطرحون المادة الثامنة، ولكن كل ما سيصدر عن اللقاء توصيات لا يمكن اعتمادها إلا بمراسيم تشريعية تحظى بتوقيع السيد الرئيس، وأن المادة الثامنة وردت نصّاً في الدستور، ومن ثمّ، فإن إلغاءها يتطلب النظر في إلغاء بعض مواد الدستور أو تعديلها. في السابعة من صباح اليوم الثاني للقاء، اتصل الرئيس بي ثانية حول الموضوع نفسه وطلب مني بإصرار ألا أقبل طرح المادة الثامنة. قلت له لا أستطيع؛ لأن اللقاء له صفة مؤتمر، وهو سيّد نفسه مثل كل المؤتمرات، وفي أي حال، ليس لدى المؤتمر سلطة تشريعية تسمح له باتخاذ قرارات، وذكّرته بكلمته قبل ثلاثة أسابيع فقط، وإشارته فيها إلى إمكانية مناقشة تعديل الدستور أو صياغة دستور جديد. قبيل بدء الاجتماع بقليل، وبعد هاتف الرئيس، طلب صفوان قدسي رؤيتي على انفراد ليبلغني بأنه يطلعني بسرّية مطلقة أن محمد دعبول (أبو سليم)، مدير مكتب الرئيس، طلب منه ألا يوافق على مناقشة المادة الثامنة مطلقاً عند طرحها خلال المناقشات، بأمر من الرئيس. وكان قد أبلغني قبل ذلك بقليل الدكتور هيثم سطايحي انزعاج الرئيس من طرح المادة الثامنة، وألحّ عليّ أن أتصل بالرئيس ثانية قبل بدء الجلسة. اتصلتُ بالرئيس، وقلتُ له إن جميع ما تتخذه هيئة الحوار من قراراتٍ لا تعتبر نافذة إلا بمصادقة منه وتوقيعه عليها. عقدتُ اجتماعاً لأعضاء الهيئة أخبرتهم مضمون الاتصال بالسيّد الرئيس، وأكّدت أن لا أحد منا يريد إفشال المؤتمر لأن كل الإصلاحات لا معنى لها بوجود المادة الثامنة في الدستور، وأنه لا علاقة لذلك بمطالب المعارضة، لأنها كانت بالفعل مطالب حزبية منذ انعقاد المؤتمر القُطري العاشر للحزب في عام 2005، الذي أكّد أهمية إصدار قانون جديد للأحزاب يضمن المشاركة الوطنية في الحياة السياسية، وإلغاء قانون الطوارئ، وإصدار قانونٍ جديد للإعلام، ولكن لم ينفذ أي مطلبٍ أو توصيةٍ منها خلال السنوات الست المنصرمة. وأضفتُ أن عدم مناقشة المادة الثامنة يعني استمرار احتكارنا الحياة السياسية في سورية، ويتناقض هذا الاحتكار مع تشكيل هيئة الحوار نفسها. كانت هذه هي آرائي قبل انعقاد المؤتمر وإبّان التحضير له، وبعد نهاية أعماله، فلقد كرّرتُ هذه المعاني خلال اجتماعات القيادة القُطرية والقومية والجبهة الوطنية التقدمية. ولن أستطرد هنا إلا لضرورة بيان ذلك. ففي اجتماع نادر عقد في مطلع الأحداث مع جميع رؤساء الأجهزة الأمنية بحضور أعضاء القيادة القُطرية، لفتُّ الانتباه إلى المخاطر التي تنتظرنا في مواجهة الأزمة. تحدّثت في هذا الاجتماع عما جرى في شرق أوروبا من تغيرات مذهلة قبل عقدين، لا سيما في رومانيا، حيث أعدم الرئيس الروماني وزوجته بصورة بشعة، كما تطرّقتُ إلى عمليات التهريب والفساد المستشري ومنها تهريب الأسلحة، خاصة على الحدود الشمالية والشرقية من البلاد في ظل فساد الأجهزة الأمنية والشرطية، وأكّدت أن خطرها اليوم أشدّ من أي وقت مضى. اتصل الرئيس بي وطلب مني بإصرار ألا أقبل طرح المادة الثامنة من الدستور للحوار في المؤتمر أظهر اللواء جميل حسن مدير المخابرات الجوية - التي ذاع بطشها على كل لسان - توتّراً ونرفزةً في أثناء كلمتي، وقدّرت أن نرفزته بسبب ما فهمه من أنني أعرّض بالمؤسسة الأمنية. حين انتهى الاجتماع، اختلى بمحمد سعيد بخيتان. وبعد عدة شهور من هذه الحادثة، تأكّدت من انزعاجه عندما كلفت مدير مكتبي بالاتصال به في محاولة لإطلاق سراح بعض من أقاربي الشبان من المتظاهرين الذين جرى اعتقالهم في درعا من فرع المخابرات الجوية، فكان ردّه لمدير مكتبي: "قل لأبي مضر إننا مؤسسة غير فاسدة على عكس ما ادّعى سابقاً، لذلك فنحن لا نقبل الواسطة"، وأبقاهم في السجن. أتيحت الفرصة في المؤتمر لجميع من طلب الكلام، شبّاناً وشابات، نقابات عمال وفلاحين وطلبة، فنانين ومهندسين وأطباء ومحامين، ومن مختلف أطياف المجتمع السوري، وإن كانت المناقشات لم تخلُ، في بعض الأحيان، من المشاحنات والخلافات ووجهات النظر الحادّة والمتعارضة. لكن الحوار كان شاملاً باستيعابه لمختلف الأفكار، لا مكان فيه للملل، ولم يسجل أي تبرّم رغم انقضاء ثلاثة أيام طويلة من العمل، بل جاء معبراً عن "جوع للحوار"، بحسب ما ورد على لسان أحد المشاركين فيه. كان من بين هذه المداخلات المهمّة في اللقاء التشاوري تلك التي قيلت من دون نقل مباشر على الهواء: من حنين نمر ومحمد حبش وعمر أوسي وقدري جميل وإلياس نجمة وحنان قصّاب حسن وإلياس زحلاوي وعباس النوري ونجوى قصّاب حسن وبثينة شعبان وعبد الرحمن العطار وغسان طيارة ودريد لحام وحسن م. يوسف وعزّوز شعبان وغيرهم، خاصة من شبان وشابات كان لمشاركتهم الأثر الكبير في إغناء المؤتمر من الجيل الذي يشكل النواة في المجتمعات العربية. دريد لحام مشاركاً في الاجتماع التشاوري للحوار الوطني في دمشق (10/7/2011 فرانس برس) بعد انتهاء الحوار في اللجان الفرعية، والانتقال إلى تشكيل لجنةٍ لصياغة البيان الختامي، صارحتُ المؤتمر بأن "هناك من لا يريد التغيير أبداً"، وأن "هناك من يريد أن يقلب كل شيء رأساً على عقب"، ووصفتُها بوجهات نظر من الجانبين، ثم أعدتُ وصفها بأنها وجهات نظر متعارضة وحادّة، وبعضها يتطلع إلى سقفٍ عالٍ. ودعوتُ إلى الخروج من الاستقطاب برؤيةٍ تفتح الطريق أمام انعقاد مؤتمر وطني شامل مفوض باتخاذ القرارات. وأن هيئة الحوار لن تنتهي هنا، بل ستواصل اتصالاتها واجتماعاتها مع الشخصيات الوطنية والمعارضة وبناء توافقات تسمح بإنجاح المؤتمر الشامل. شُكلت لجنة لصياغة بيان ختامي حول أعمال المؤتمر ممن يرغب في ذلك من أعضاء اللقاء التشاوري، على ألا يتجاوز عدد المشاركين فيها العشرين. كان التنافس شديداً على المشاركة في اللجنة التي استغرقت أعمالها ساعات طويلة. وساهمت هيئة الحوار الوطني في المساعدة البنّاءة على حسم بعض الجدل الحادّ بين أعضاء لجنة الصياغة. بادرتُ لحسم الجدل حول المادّة الثامنة بكتابة صيغة حولها لم يعترض عليها أحد. كلفت هيئة الحوار الدكتور إبراهيم درّاجي بإلقاء البيان الختامي للمؤتمر، حيث حظي كل بندٍ فيه بتغطية إعلامية واسعة وتعليقات سياسية يصعب حصرها هنا. ولا بد من التنويه بالجهود التي بذلتها لجنة الصياغة بصبر وبصيرة ساعات مضنية وطويلة سادها شعور عالٍ بالمسؤولية الوطنية. وفي هذا السياق، لا بد من الإشادة بالمداخلة الشجاعة للمفكر المعارض الطيب تيزيني الذي دعا فيها إلى تفكيك الدولة الأمنية في إطار رؤية وطنية، وبالمداخلات القيّمة الأخرى التي حُرم المواطنون من متابعتها عبر الشاشات لانقطاع نقلها المباشر على الهواء، إلا أنها موثقة باعتبارها جزءاً من تاريخ سورية في الأشهر الأولى من الأحداث التي شغلت العالم في عام 2011. منى واصف وبسام كوسا في الاجتماع التشاوري في دمشق (10/7/2011 فرانس برس) البيان الختامي جاء في البيان الختامي "بعد الترحّم على شهداء الوطن" تحديد القواسم المشتركة للمؤتمرين، وبلغ عددها 18 قاسماً مشتركاً، بدأت بأن "الحوار هو الطريق الوحيد الذي يوصل البلاد إلى إنهاء الأزمة"، وأكدت "ضرورة الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي"، و"الموقوفين في الأحداث الأخيرة ما لم تثبُت إدانتهم أمام السلطات القضائية"، والتوصية بـ "إنشاء مجلس أعلى لحقوق الإنسان"، والتوجّه نحو "إقامة دولة الحق والقانون والعدالة والمواطنة والتعدّدية الوطنية"، و"أن المعارضة الوطنية جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني السوري" و"رفض التدخل الخارجي"، وتأكيد "تحرير الجولان"، و"على الثوابت الوطنية والقومية المتصلة بالصراع العربي الصهيوني، وتحرير الأراضي العربية المحتلة، وضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني". وأقرّ المؤتمرون "تشكيل لجان تعد قانون الأحزاب وقانون الانتخابات، وقانون الإعلام"، و"إنشاء لجنة قانونية سياسية لمراجعة الدستور بمواده كافة"، "بما في ذلك المادة الثامنة". قال لي المعارض ميشيل كيلو الذي كان في دمشق عندما اعتذر عن المشاركة في اللقاء التشاوري: "لو كنتُ أتوقّع صدور مثل هذا البيان الختامي لكنتُ شاركتُ في المؤتمر، أنا لا أطلب أكثر من ذلك لبلدي". تأكدت من انزعاج جميل حسن مني حين كلفت مدير مكتبي بالاتصال به في محاولة لإطلاق سراح بعض أقاربي الشبان الذين اعتقلتهم المخابرات الجوية بدرعا، فكان رده له: "قل لأبي مضر إننا مؤسسة غير فاسدة على عكس ما ادعى سابقاً، لذلك فنحن لا نقبل الواسطة"، وأبقاهم في السجن الحوار مع هيئة التنسيق كان البيان الختامي للقاء التشاوري قد أكّد أن انعقاده هو تمهيد "لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني مشدداً على إبقاء الاتصالات مع الأطراف والشخصيات الاجتماعية والقوى السياسية السورية في داخل الوطن وخارجه كافةً". وبالفعل، أجرت هيئة الحوار الوطني اتصالاتٍ بدأتها مع هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديمقراطي، التي أعلن تشكيلها في 25 يونيو 2011، وجرى الاجتماع الأول بالفعل في 30 يوليو 2011 مع الأستاذ حسن عبد العظيم الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي المعارض، والناطق الرسمي للتجمّع الوطني الديمقراطي، ورئيس هيئة التنسيق الوطنية، وحضر مندوبون عن أحزاب في التجمّع الوطني الديمقراطي، وفي الحركة الوطنية الديمقراطية، وتجمّع اليسار الماركسي، وعدد من الشخصيات والقوى الوطنية والديمقراطية. وأكد الاجتماع ما جاء في البيان، مثيراً السؤال "عن أسباب عدم تبني توصيات اللقاء التشاوري حتى الآن من السلطة السياسية". وجرى التفاهم على بحث المقترحات حول التنسيق بين الهيئتين، الحوار الوطني وهيئة التنسيق، في اجتماعات كل منهما، والعودة إلى الاجتماع. لكن الهجوم على اللقاء التشاوري قد أخذ يشتد، مما أحبط ذلك. مشاركون في الاجتماع التشاوري للحوار الوطني في دمشق (10/7/2011 فرانس برس) الهجوم الرئاسي على اللقاء التشاوري جرت محاولات عديدة للتشويش على المؤتمر ومحاولة إفشاله في أثناء انعقاده وبعده، منها على سبيل المثال: زيارة السفير الأميركي الجديد روبرت فورد غداة افتتاح المؤتمر إلى مدينة حماة، التي تصادف أن خرجت عن بكرة أبيها في مظاهرة سلمية، وليس للترحيب بالسفير الذي لا يعرف معظم أهل حماة شكله؛ لأن تقديم أوراق اعتماده لم يمر عليه سوى أسابيع قليلة. أمر الرئيس بإدخال عدد من الدبابات إلى مدينة حماة تحسّباً من النتائج. قلتُ للرئيس إن ما جرى في حماة من مظاهرات سلمية كان في الإمكان اعتباره بمنزلة قدوة يمكن تطبيقها في مدن سورية أخرى. فقال منزعجاً لقد استقبلوا السفير الأميركي بالزهور! قلت له، هل سكّان حماة الذين خرجوا بمئات الألوف يحملون جميعهم الزهور؟ علق غاضباً: ومن قال إنهم كانوا بمئات الآلاف، إذ لم يتجاوز عددهم ثمانين ألفاً! كانت زيارة السفير إلى حماة حركة انتهازية منه، مع أن زيارته لا تحتاج إلى موافقة رسمية من وزارة الخارجية السورية، تطبيقاً لمبدأ المعاملة بالمثل للسفير السوري عماد مصطفى الذي اعتاد أن يتنقل بحرية داخل الولايات المتحدة. وصارت زيارته القصة الأهم عند أصحاب السلطة، وليس المظاهرة الأكبر في تاريخ هذه المدينة التي أحدثت ضجّة كبيرة لم تشهد المدينة مثيلاً لها. جاء التشويش الثاني عندما وصلت باصات نزل منها عشراتُ الشبّيحة المعروفون بولائهم للسلطة في الصباح الباكر من 11 يوليو 2011 إلى محيط السفارتين الأميركية والفرنسية بدمشق، خلال انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، ربما لإعطاء الانطباع أن للقاء الحوار ارتباطات غربية. استفسرتُ من اللواء هشام الاختيار هاتفياً عن سبب مرابطة هؤلاء الشبّان في محيط السفارتين الأميركية والفرنسية، فنفى علمه بمن أرسلهم، وأعلمني أن أحد الشبان قتل أمام السفارة الفرنسية وهو يحاول اقتحام سورها. لكن ما حدث بعدها محاولة نسف توصيات مؤتمر الحوار بتوقيف نحو 1600 شخص في حي الميدان، ما كان له أثر سلبي داخل سورية وخارجها؛ إذ نقلت الصور التي جرى بثّها من أمام السفارتين، فضلاً عن الاعتداء على بعض المواطنين في الشارع كأن شيئاً لم يتغيّر، بل ستكون هناك عـودة إلى الوراء وخيمة العواقب. دعا الرئيس إلى نقل الحوار إلى المحافظات السورية بترتيبات رسمية، ,كانت التوجيهات لهم حينها بالتمسك بثوابت السلطة؛ ألا تقل مدة الرئاسة عن سبع سنوات وألا يجري تداول للسلطة في أي دستور جديد، وضرورة تجنب الانتقادات الجارحة التي تنال من مقام الرئاسة جاء التشويش الثالث من داخل البيت الرسمي. فقبل ساعة من قراءة نص البيان الختامي، اقتربت الدكتورة بثينة شعبان من مقعدي، وتقدّمت بمقترح جديد بعد أن تم التصويت النهائي على نص البيان الختامي. تضمّن المقترح إدخال فقرةٍ جديدةٍ على نص البيان تتعلق بدور المرأة في المجتمع، قلت لها إن هذه المعاني متضمّنة في البيان الختامي الذي يخاطب الجميع رجالاً ونساء، وفي كل الأحوال كان عليها أن تتقدّم به سابقاً للجنة الصياغة. لكنها أصرّت، فرفضتُ مقترحها الذي سيفتح باب النقاش مرّة أخرى. الأمر الذي يعني إهدار كل ما بذلته لجنة الصياغة من جهد ساعات طويلة مع احتمال تمديد اللقاء التشاوري يوماً رابعاً، وهي تعرف ذلك. اكتشفتُ نيتها الحقيقية المبيتة من وراء اقتراحها، وكنتُ أتصوّر سابقاً أنها في مقدّمة من يريد إنجاح مؤتمر الحوار الوطني. وانسحبت وغادرَت القاعة معلنةً لي استقالتها، فقلتُ لها إن الاستقالة يجب أن تقدّم للرئيس بشّار الأسد الذي عيّنها. المستشارة الإعلامية للرئيس بشار الأسد بثينة شعبان (يسار) وإبراهيم درّاجي في الاجتماع التشاوري لهيئة الحوار الوطني في دمشق (10/7/2011 فرانس برس) حصل التشويش الرابع والأخطر بهدف إلغاء نتائج اللقاء التشاوري، حيث صدرت توجيهات من رئيس الجمهورية بغاية السرّية (لم تصل إلى علمي إلا بعد مدّة) بطلب التنديد على نطاق رسمي بالبيان الختامي بذريعة أنه تجاهل مكاسب الشعب السوري. أخبرني عبد السلام حجاب مدير مكتبي الصحافي أن رئيس اتحاد الفلاحين هلال الهلال انتقد نتائج اللقاء التشاوري، وأن رئيس الاتحاد الوطني لطلبة سورية عمار ساعاتي الذي أمضى قرابة عقدين رئيساً للاتحاد، أصدر تصريحاً كما أجرى مقابلة صحافية أيضاً هاجم فيها اللقاء التشاوري، علماً أنه شارك في المؤتمر وأجرى مداخلات متكرّرة في النقاش العام، ولم يسجل تحفظه على البيان الختامي. قلت لعبد السلام حجاب متهكماً، لا شك أن حرية التعبير بدأت تشقّ طريقها في سورية، لأن نص البيان الختامي للمؤتمر بالذات كان هدفه تحقيق مكاسب إضافية للشعب السوري وليس إلغاء أي مكسبٍ منها. ولكن عندما تأكدت لاحقاً ممن كان وراء الهجوم على البيان الختامي، في إطار حملة منظّمة في غاية السرية لإلغاء نتائج المؤتمر، أصبتُ بخيبة أمل كبيرة؛ لأنني لم أتخيّل حينها أن مستوى المراوغة حول ما يجري في بلدنا قد هبط إلى هذه الدرجة لدى أعلى قيادة في البلاد. حلّلتُ لاحقاً بأن الاثنين تحرّكا بموجب تعليمات خفيّة لإعطاء الانطباع بأن هذا الرفض لنتائج المؤتمر يأتي من القاعدة الشعبية للسلطة، فلاحين وطلبة، وليس بالضرورة من الرأس. وجرى تعميم وصف المؤتمر بـ "المؤتمر التآمري". وقد كوفئ الرجلان لاحقاً بتعيينهما عضويين في القيادة القُطرية التي جاءت بعد عزل القيادة التي كانت قائمة في عام 2013. لم يجرِ حديث بيني وبين الرئيس أو القيادة عن مخرجات الحوار الوطني، فكما يقول المثل السوري "المكتوب يظهر من عنوانه"؛ أي إن ما جرى من محاولات لإجهاضه كافية للدلالة على نيات المستقبل لقد أُفشِل رسمياً وبصورة متعمّدة أول حوار سوري - سوري عندما كان عدد المتظاهرين المعارضين لا يتجاوز بضع مئات، وعندما لم يكن هناك سوى بضعة آلاف ممن اضطرّوا إلى اللجوء إلى تركيا، حيث أعادهم في اليوم التالي عبد الرحمن العطار الذي شارك في المؤتمر بصفته مدير الهلال الأحمر السوري، فأوقفت الأجهزة الأمنية عدداً منهم في طريق العودة للتحقيق معهم بحسب ما قال العطار. تبيّن بعد محاولة إفشال اللقاء التشاوري أن طريق اللقاءات الشخصية التي أجراها الرئيس الأسد بناءً على طلبه مع شخصيات وطنية مختارة، راوح عددها ما بين 30 و 50 من كل محافظة سورية في القصر الجمهوري بترتيب من السلطات الأمنية والحزبية، لم تسفر عن تحوّل مهم في مسار المطالب الشعبية، ليس بسبب وجود عيب في الشخصيات المنتقاة، بل ربما لمست هذه النخب لطف الرئيس معها، فبادلته اللطفَ بأفضل ما لديها، لكنّ كثيراً منها لم يتحوّل إلى داعية له، كما كان يأمل في مواجهة ما اعتبره الرئيس في أحاديثه المتكرّرة معارضة إرهابية، هدفها إحداث فتنة في سورية، فاعتبر ذلك تأييداً لنهجه. كان الرئيس الغارق في حبّ الذات، لا يستطيع سماع سوى كلمات المديح التي لا بد من أن تقال له في هذه المناسبات من مواطنيه، من دون أن يقرأ ما بين السطور في ما قاله القادمون من مختلف المحافظات للاطّلاع على جوانب تخفى عليه وعلى الكثيرين منا حول الأحداث السورية وتداعياتها. بعد ذلك، دعا الرئيس إلى نقل الحوار إلى المحافظات السورية بترتيباتٍ رسمية، شارك فيها المحافظون وأمناء فروع الحزب. كانت التوجيهات لهم حينها بالتمسّك بثوابت السلطة، وهي ألا تقل مدة الرئاسة عن سبع سنوات وألا يجري تداول للسلطة في أي دستور جديد، وضرورة تجنّب الانتقادات الجارحة التي يمكن أن تنال من مقام الرئاسة. لم يجرِ حديث بيني وبين الرئيس أو القيادة عن مخرجات الحوار الوطني، فكما يقول المثل السوري "المكتوب يظهر من عنوانه"؛ أي إن ما جرى من محاولات لإجهاضه كافية للدلالة على نيّات المستقبل.

ديربورن.. معرض للكتاب والثقافة العربية في أميركا
ديربورن.. معرض للكتاب والثقافة العربية في أميركا

العربي الجديد

time٠٥-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • العربي الجديد

ديربورن.. معرض للكتاب والثقافة العربية في أميركا

ضمن فعاليات شهر التراث العربي الأميركي، افتُتحت الخميس الماضي فعاليات " معرض أميركا الدولي الأول للثقافة والفنون و الكتاب العربي" في "مركز فورد للفنون والعروض" بمدينة ديربورن بولاية ميشيغان، في احتفالية ثقافية تتواصل حتى مساء اليوم الأحد. ويهدف المعرض، وفقاً للمنظّمين، إلى تسليط الضوء على الإرث الثقافي الغني للجاليات العربية في الولايات المتحدة، وتعزيز التفاهم والحوار بين الثقافات، من خلال برنامج متنوع يضمّ الفنون، والأدب، والموسيقى، والمجتمع. شهد الافتتاح حضور ناشطين وفاعلين ثقافيّين من المجتمع المحلي والجاليات العربية، كما ضمّ المعرض جناحاً أدبياً يعرض كتباً باللغتين العربية والإنكليزية، إلى جانب جلسات حوارية مع مؤلّفين وتوقيع كتبهم، في مساحة تتيح التفاعل المباشر مع النتاج الأدبي العربي المعاصر في المهجر. مجموعة من إصدارات "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" (من صفحة المعرض على فيسبوك) كما شهدت الفعالية عروضاً فنية تنوعت بين الموسيقى، والرقص، والشعر، وعبّرت عن غنى التراث العربي وتنوّعه الجغرافي والثقافي. واحتضن المعرض أيضاً بازاراً ضمّ منتجات يدوية وأزياء تقليدية وحِرفاً فنية، بالإضافة إلى تنظيم ورش عمل للأطفال والكبار في مجالات الخط العربي، والتطريز، وفنّ الطهي، وسرد القصص. ومن أبرز الندوات التي تضمّنها المعرض: "تعليم اللغة العربية في أميركا: التحديات والفرص" بمشاركة الباحثين وسام المليجي وعون جابر وفريال البريهي، و"التراث العربي المهاجر: كيفية تشكيل الهوية الثقافية"، قدّمها كلٌّ من هالة شرارة وإخلاص فرنسيس وسمير حداد، و"الإعلام العربي الأميركي وآفاق المستقبل"، ساهم فيها عدنان بيضون وأسامة سبلاني وعبد الناصر مجلّي. آداب التحديثات الحية النشر في سورية: عودة إلى الوراء أم إجراءات إدارية؟ بالإضافة إلى "مواجهة الإسلاموفوبيا: بناء الجسور من خلال الحوار والتفاهم"، ساهم فيها الباحثون مورغان شبلي ومقتدر خان ومحمد حسن خليل، و"المنظّمات المدنية العربية في المهجر: الواقع، الاستجابة، التحديات" لأحمد حكمي وعبد الله العودة، وأُمسية شعرية وموسيقية شارك فيها كلٌّ من عادل العدناني وزينب عساف والمصيف الركابي وروى زيناتي والمصيف الركابي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store