أحدث الأخبار مع #الموريتانيين


ميادين
منذ 2 أيام
- سياسة
- ميادين
محمد لحبيب ولد معزوز يكتب: "التحديات التي تواجه الأمن القومي الموريتاني"
التحدي والتهديد: فرق كبير بين التحدي والتهديد، كلاهما مبعث قلق وتخوف، كلاهما خطر على الدولة وعلى المجتمع في تماسكه وبقائه. التحدي هو الخطر المؤجل، والتهديد هو الخطر الوشيك. بلدنا تحف به المخاطر من كل جانب كأي بلد مفتوح بمساحة شاسعة وقلة في السكان، فكيف إذا كانت تعووزه الوسائل رغم سباحته على بحر من الثروات ينظر إليها الطامعون بنية مضمرة على التوثب والتعدي. الأخطار من الداخل قد لا تكون أقل ضررا على الدولة من تلك التي نرصدها من الخارج خاصة إذا كانت مدفوعة من قوى خارجية هدفها بطبعها إشعال الفتن وإضرام الثورات. سأتناول هذا العنون إن شاء الله في عدة حلقات وفي كل حلقة موضوع واحد وإن زاد فبواحد. 1- الهوية. 2- الفتنة الإنقلابية. 3- موقع العاصمة. 4- قراءة في المتغيرات الجيوسياسية. 5- المنظومة الإدارية في الميزان. 6- المنظومة التعليمية في الميزان. 7- مشكلة الهجرة بين الإحلال والاستبدال. 8- العزوف المزمن عن العمل بنظام الخدمة الوطنية. 9- الاختلال الديمغرافي ونقص السكان. 10- الفقر والتفاوت الطبقي. 11- الصحراء الغربية بين الحياد السلبي والإيجابي. 12- التصحر. 13- عناصر قوة الدولة. 1ـ الهوية: أول التحديات التي تواجه البلد في صميمه وعقر داره هو قضية انعدام الإنسجام الاجتماعي وعدم وجود نخبة تحوز على ثقة غالبية السكان التي اعتبرها المؤرخ البريطاني الكبير أرلوند اتوندي 1889ـ1975م وصاحب كتاب "موسوعة الحضارة" أنها من أسباب زوال الحضارات. إنها التحدي الأول والأخطر من بين كل التحديات التي تواجه بلدنا والتي تعود في الأساس إلى غياب إرادة سياسية وسياسة إعلامية وتربوية وإدارية فاعلة، شكلت ثغرة دخل منها الغريب والتغريب منذ قيام الدولة الوطنية. وجد الإعلام لتبليغ الناس رسالة إيجابية تنهض بهممهم من وضع إلى وضع أحسن في الوعي بخفايا الأمور، منافعها ومضارها على المجتمع والدولة، وجدت التربية لصقل الشخصية وتخليصها من شوائب الأمور اقتداء بأصلح الناس ووجدت الإدارة لتيسيير الأمور وتقريب الناس من بعضهم وتعميم الثقة في أهل الحل والعقد من خلال العدل والعدالة وبالإرادة السياسية تحسم العقد والمعاضل. الإعلام في بلدنا تعوزه الرؤية الواضحة فيما يجب تناوله من مواضيع تزيد من وعي الناس من خلال وضعهم في الصورة عن تاريخيهم الاجتماعي والديني وما يترصدهم من أخطار ومخاطر. هوية البلد هي المنطلق لكل توجه هادف جامع. هوية البلد يجب أن تكون معلومة لكل من يحمل بطاقة التعريف الوطنية ومجسدة فيه، كما هو الحال في كل بلد يقوم على أسس الشراكة والمواطنة في السنغال المجاورة من لا يتحدث الولفية لغة الأغلبية ويتقنها مشكوك في مواطنته ووطنيته. هويتنا بشقيتها الحضاري والثقافي تعني حضاريا الانتماء للإسلام عقيدة وشرعة ومنهاجا، وثقافيا الانتماء للغة القرآن العظيم تربية وتعليما وإدارة وفكرا. جميع الموريتانيين من حيث الانتماء الحضاري ينسبون للإسلام وجميعهم ينتمون ثقافيا إلى لغة القرآن العظيم بحكم انتمائهم إلى الإسلام، ما لم يكن هناك قصور في الفهم والتفقه والعزوف عن الدعوات العصبية التي نهى الإسلام نهيا قاطعا عنها لقوله صلى الله عليه وسلم "ليس منا من دعا إلى عصبية" ذلك بأنها من دعوى الجاهلية. يقينا، لا أحد يقدم لغة الإستعمار الأجنبي على لغة القرآن العظيم وهو على الإسلام ولا أحد من أهل البلد ينتمي حضاريا لغير الإسلام، فأين المشكل إذن! يبدو أن المشكل في بعض المنتفعين الذين يقتاتون على الخلافات وحتى وإن لم تكن موجودة فهي بالنسبة لهم ضالة ورأس مال واستثمار. أمضت فرنسا الاستعمارية في بلدنا قبل الاستقلال ما أمضت من عقود ولم تستطع تغيير دين فرد واحد من أبناء المرابطين. ما عجزت عنه فرنسا حضاريا حاولت بواسطة مستشرقيها ومخابراتها الحصول عليه ثقافيا. تعرف فرنسا جيدا أن استهداف لغة القرآن العظيم هو استهداف للإسلام دينا وثقافة، لذا، عملت على تغذية روح الاعتزاز لدى الشعوب العربية بلهجاتها على حساب الفصحى كونها عمود العلوم الخادمة للقرآن العظيم. لم تفلح في لبنان ولم تفلح في سوريا ولم تفلح لا في المغرب ولا في الجزائر ولا في تونس. ركزت فرنسا في حربها على لغة القرآن العظيم بعد فشلها الذريع في بلاد العرب على خط الدفاع الأول والأخير "بلاد شنقيط"، فعملت على الاستثمار في تشجيع لغات محلية مزاحمة للغة القرآن العظيم. لم تركز على السنغال مثلا ولا على مالي ولا على غينيا ولا على النيجر حتى لا تزاحم اللغة الفرنسية، ولأن الهدف ليس خدمة هذه اللهجات المحلية بقدر ما أن المستهدف هو دين الإسلام، فمتى استهدفت لغة القرآن فكأنما استهدف الإسلام دينا وثقافة. لم يكن جهاد الشيخ عثمان دان فوديو (1754ـ 1817) في بلاد الهوسا ودلتا النجير بنيجيريا المستميت ضد الإنجليز إلا لأنهم كانوا يستهدفون الإسلام أولا، ولم يكن جهاد الحاج عمر تال (1770ـ 1864م) في فوتا تورو في السنغال وفي غينيا ومالي حيث صال وجال ضد الفرنسيين إلا لأنهم كانوا يستهدفون الإسلام أولا، وهكذا خلدهما التاريخ وكانوا بمثابة النبراس لمن سار على نهجهم ودعا بدعوتهم "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض" الرعد/ الآية 17. فرنسا بأياديها الخفية ومن ورائها مراكز الاشتشراق العالمية والموساد الإسرائيلي هي من تمول وتنظم الحملات على لغة القرآن العظيم وهي من تعرقل الجهود الوطنية لحسم موضوع الهوية، فرغم أن الدستور الوطني يعتبر لغة القرآن العظيم هي اللغة الرسمية إلا أن الفرنسية التي تقع في ذيل الترتيب العالمي بين اللغات اللاتينية تتسيد المشهد التعليمي الوطني على ظهر الهوية ولغة الهوية والنتيجة فشل المنظومة التعليمية الوطنية بدليل التدني الرهيب لمستوى تحصيل التلاميذ والطلاب في بلدنا رغم الذكاء المتقد لدى الأطفال والشباب. والأخطر من ذلك أن لغة الاستعمار لا تزال هي لغة الإدارة الوطنية رغم رحيله بجيوشه لأن هناك من يخدمونه في غيابه، لذا، ظلت الإدارة في واد والشعب في واد. أبناؤنا في المدارس يكرهون هذه اللغة ويمقتونها لا لشيء إلا لأنها تمثل الاستعمار بعينه ولأنها سبب في إخفاقهم المزمن في المواد المهمة التي تدرس بها. إنه الاستعمار بشكله الأبشع، الإستمعمار الثقافي الذي يتعين على أبناء المرابطين التكاتف لإزاحته عن كاهلهم والتخلص من نير العبودية لفرنسا الصليبية. كل اللغات تموت إلا لغة واحدة بإجماع علماء اللسانيات في العالم وفي الغرب قبل الشرق لأنها أصل اللغات ولأنها أم اللغات واللغة الخالدة إنها لغة القرآن العظيم أجمل اللغات، أغنى اللغات، أعذب اللغات، أبرك اللغات، خير اللغات وأفصح اللغات. المتملقون لفرنسا من بين أظهرنا والمتاجرون بأنفسهم وأوطانهم لا يهمهم الانسجام الاجتماعي بين أفراد وجموع الشعب بقدر ما يهمهم ما يدخل جيوبهم من عملات وعمولات تعودوا أن تكون رأس مال أرزاقهم وإن اشتعلت البيوتات والقرى والمدن شجارا وشحناء لأنهم يعرفون أن الانضواء تحت لواء هوية واحدة جامعة هو التجسيد الحي للانسجام الاجتماعي فاختاروا التقاطع والتنافر الاجتماعي رسالة وديدنا. لقد قطع هؤلاء صلتهم بتراث وميراث أجدادهم تزلفا لأعداء الدين. كيف لمن يفضل لغة الأجنبي ولغة الإستعمار مستعبد الشعوب على لغة القرآن العظيم على إسلامه وهي لغته بحكم كونها لغة دينه أن يتوقع أن يعامل معاملة مواطن سوي وقد انسلخ من جلده وانسلخ من دينه. الإعلام في بلدنا يوجد في منطقة رمادية لا يعرف على أي رجل يقف ولا يعرف الوقوف على رجلين بدليل تقصيره في تبليغ الرسالة الحضارية المتعينة عليه. لا يجتمع الإيمان في قلب امرء مسلم وبغض لغة القرآن العظيم. نقضيان لا يجتمعان وضدان لا يلتقيان. التفريق بين أهل الملة الواحدة تعصبا للسراب والمجهول وتحت ذريعة العصبية خروج على الجماعة والإجماع ومروق من الدين. لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها .... ولكن أحلام الرجال تضيق لم نر الإعلام الوطني أو الحر بمختلف أبواقه وقنواته ينظم ندوة يشارك فيها الشيوخ والعلماء والدعاة والوجهاء لتناول هذا الموضوع على أهميته ورغم تعينه اليوم واليوم قبل الغد نصحا للأمة وذودا عن الدين واتقاء للفتنة. للأسف، الإعلام يقدم الفن والفنانين والسمر واللهو على أوجب واجباته والنتيجة قلما تجد اليوم من يشاهد التلفزة الوطنية على راحته. في كل بلاد العرب والمسلمين تجد التعليم مقرونا بالتربية إلا في بلدنا مما يعكس تدني أهمية التربية في المناهج وما تطاول الطلاب على المعلمين وانتفاء الحشمة بين البنات إلا دليل على ذلك. في مساجد انواكشوط الكبرى تنظم مواسم رمضانية نهارية تحت عنوان محاضرات فقهية وتوجيهات طبية وتغيب التربية من العنوان، في حين أن التوجيهات التربوية أولى بالتقديم. سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم مدرسة في التربية والقدوة الحسنة والخلق العظيم. لا شيء يعدل الهوية في أهميتها ولا شيء أخطر على البلد من المس بهويته دون حراك ولا شيء أدعى إلى الوهن من التهاون في حسم مسألة الهوية، لا شيء يعدل ذلك في السوء والإيذاء والمضرة، ذلك بأن أمة بلا هوية أمة بلا حاضر ولا مستقبل وبلا أمل في النهوض والتطور والارتقاء والإبداع والابتكار. أمة بلا هوية أمة مسلوبة الإرادة، مسلوبة الحرية، أمة نكرة، مطموسة الذات، مشطورة القلب والوجدان. حينما يصبح التحدي قابلا للتحول إلى تهديد بين عيشة وضحاها، للمجتمع في تماسكه وانسجامه وللدولة في بقائها فهذا نذير من النذر يحطات منه ويحترز. (يريدون أن يطفؤوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) الآية 32/ التوبة 2 ـ الفتنة الإنقلابية: حينما يكون التنازع على الحكم بين أقلية وأغلبية إلى درجة الصراع والصدام الدموي بعيدا عن الطرق المعهودة لتداول السلطة سلميا يمكن وصف هذه الحالة بالفتنة الانقلابية. في العام 1994 حدثت إبادة جماعية في رواندا وصفت بأنها الأبشع في التاريخ المعاصر في القارة الإفريقية، بسبب التنازع على السلطة بين أقلية تمثل 14% من عدد السكان هي التوتسي المهاجرين أصلا من الحبشة وأغلبية تمثل 85% من عدد السكان هي الهوتو وهم السكان الأصليين، وكان للاستعمار البلجيكي 1916 دور في بذر وإنبات هذه الفتنة ثم اليد الخفية الفرنسية في إذكاء وإشعال الصدام كما يقول المحققون. الهوتو مزارعون معتقداتهم إفريقية وثنية وإن كانت من بينهم أقليتان مسلمة ومسيحية مارسوا فلاحة الأرض كابرا عن كابر. التوتسي يمارسون الرعي وتربية المواشي خاصة الأبقار مسيحيون كاثوليك وبفضل ثرائهم وقربهم من المستعمر بحكم الديانة المشتركة كانت لهم اليد العليا في الوظائف والمنح الدراسية. فرق الإستعمار البلجيكي بين القبيلتين في الحظوة انطلاقا من سياسة فرق تسد، فاعتبر التوتسي عرقا متفوقا على الهوتو فولد ذلك شعورا من الاستياء والضغينة لدى الهوتو حيال من كانت لهم بلجيكا راعية وحامية. وفي العام 1959 كان السخط قد بلغ مبلغه فحدثت فتنة راح ضحيتها من التوتسي 20 ألف قتيل ألقي الكثير منهم في النيل وقاتلوهم يصيحون عودوا إلى أثيوبيا من حيث جئتم. فر الكثير من التوتسي إلى البلدان المجاورة بروندي ويوغندا خاصة. بعد ذلك بسنين تشكلت الجبهة الرواندية بقيادة بول كاغامي وكان هدفهم الإطاحة بالرئيس هابياريما وضم الساخطين من حكمه من الهوتو إلى صفوفهم فاستغل الرئيس هذا الوضع المتوتر الذي تخللته هجمات مميتة على الجيش داخل رواندا لتعبئة الشعب وخاصة الهوتو من خلال خطاب مشحون بمغازي وإيحاءات هي للحرب أقرب، والحرب أولها كلام والنار أولها دخان. اتهم التوتسي في الأثناء داخل البلاد صراحة بأنهم متعاونون مع الجبهة الوطنية المتمردة التوتسية. في العام 1993 وبعد أشهر من المفاوضات وقع اتفاق سلام بين الرئيس والجبهة الوطنية وكان هشا حيث تواصلت أعمال العنف على الحدود وضد قوات الجيش، وما إن أسقطت طائرة الرئيس يوم 6 أبريل 1994 فوق مطار كيغالي حيث لقي الرئيس حتفه حتى كان السيل قد بلغ الزبى وكان السيف قد سبق العذل. في 7 أبريل 1994 بدأت الإبادة الجماعية في رواندا وحتى منتصف شهر يوليو من نفس العام، حيث شن الهوتو الغاضبون أعمال عنف وحشية في حق التوتسي بدأت من العاصمة وانتشرت في كافة أرجاء البلاد لمدة 100 يوم متواصلة راح ضحيتها ثمانمائة ألف روادني من كلا الجانبين وإن كان أكثر الضحايا من التوتسي والبعض يرفع الرقم إلى أكثر من مليون. لقد كان لإسقاط الطائرة الرئاسية بصاروخ أرض جو فوق مطار كيغالي ومقتل الرئيس الهوتي الشرارة التي أشعلت الفتنة الدموية حيث اتهم التوتسي بإسقاطها واتجهت الأصابع إلى زعيم التوتسي بول كاغامي الرئيس الحالي ومعاونوه. خلال الإبادة الجماعية قتل الجيران جيرانهم كما قتل بعض الأزواج زواجتهم من التوتسي بحجة أنهم سوف يقتلون إن لم يفعلوا. التحقيقات في أسباب ما حدث أثبتت أن اليد الخفية الفرنسية كانت ضالعة في تحريض البعض على البعض بل وأكثر من ذلك. الخلاصة: قد تتشابه أحداث التاريخ وإن اختلفت الأماكن والأزمان وتظل الدروس المستفادة منها عبرة لمن يعتبر ودرسا لمن يعي ويتعظ، غير أن التاريخ علمنا أن الإفساد في الأرض شيمة المفسدين ودعاة الحرب والحرابة بعدوا أم قربوا. السؤال المطروح، هل الحل على الطريقة الرواندية الذي انتهى بتسلم أقلية انقلابية للحكم في البلاد هو الحل الأمثل،أم هي النار تحت الرماد. السؤال الأخير، هل السيناريو الرواندي قابل للتكرار في بلدان أفريقية أخرى؟ لسان حال المستعمر يقول لو عاد بنا الزمن لما غادرنا القارة أصلا، أما زمننا هذا فهو زمن تدوير المخلفات والخلافات لمن لا يعلم. وصل الله وسلم على سيدنا محمد الذي وأد الفتن وأرسى القيم ورفع الهمم وأتم الله على يديه الآيات والسنن وجاهد في الله حق جهادة حتى أتاه اليقين. انواكشوط بتاريخ 18 ذو القعدة 1446 هـ الموافق 16 مايو 2025م *ـ عقيد متقاعد من مواليد مدينة أطار الموريتانية المؤهلات العلمية: باكلوريا وطنية ليسانس حضارة وإعلام ـ المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية بكالوريوس علوم عسكرية ـ جامعة مؤتة الأردنية ماجستير علوم عسكرية وإدارية ـ جامعة مؤتة الأردنية ماجستير علوم إستراتيجية ـ أكاديمية ناصر العسكرية العليا ـ مصر 2


ميادين
٠٢-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- ميادين
العيد الدولي للشغيلة بأي حال عدت ياعيد/ بقلم: اباي ولد اداعة
لاشك أن للأعياد في ذاكرة البشر و الشعوب فرحا و مسرات و بهاءا . لا سيما ذاكرة الأعياد التي شكلت منعطفا و تأريخا إنسانيا ، فتلك لها مكانة خاصة و كبيرة جدا من حيث الرمزية و الدلالة و الحدث . هكذا كان شأن فاتح مايو عيد العمال العالمي . الذي حول مسار الحركة العمالية من أقوال إلي أفعال حقيقية و ملموسة . حيث تعود أصول المناسبة إلي تحركات عمالية بالولايات المتحدة الأمريكية أواخر القرن التاسع عشر . كان أبرزها إحتجاجات شيكاغو عام 1886 م التي شهدت مواجهات قوية و عنيفة بين العمال المضربين و الشرطة . كان شعارهم فيها 8 ساعات للعمل و 8 ساعات للراحة و 8 ساعات للنوم . بعد ما كانوا مجبرين علي العمل 16 ساعة متواصلة يوميا في ظروف لا تخضع لمعايير السلامة أو الأمان . فكان لهم ما أرادوا بعد ما قدموا تضحيات كبيرة و كبيرة جدا في الأنفس و الأرواح . عرفت فيما بعد بقضية هايماركت Haymarket . و أصبحت لاحقا رمزا عالميا لنضال الطبقة العاملة . تم الإعتراف بشكل رسمي بعيد العمال عام 1889 م أثناء إقامة أول مؤتمر إشتراكي دولي بمدينة باريس لإحياء ذكري قضية هايماركت . و منذ ذلك الحين بات الأول من مايو مناسبة للإحتفال بالعمال و مطالبة الحكومات و أرباب العمل بتحسين ظروف العمل و الأجور و الضمانات الإجتماعية . خاصة في الدول التي لا تتوفر فيها بنية قانونية واضحة بشأن حماية حقوق العمال . من هنا يأتي أهمية العيد الدولي للشغيلة إستذكارا و تقديرا لتلك التضحيات الجليلة و الجهود و المواقف النبيلة و تجديدا للمطالبة بكل حق غائب أو ضائع لأي شريحة أو طبقة من طبقات العمال في أنحاء العالم. فما كانت الأحداث الدامية التي شهدتها و عرفتها مدينة ازويرات المنجمية في 29 مايو 1968م رغم الفارق الكبير في التوقيت و الزمن مع ما حصل في آمريكا إلا إمتداد لهذا الحراك العمالي الدولي يصب في نفس الإتجاه و مدعاة للإنتفاضة و المطالبة بالحقوق و الوقوف أنذاك في وجه المستعمر الظالم . حيث انتفض العمال الموريتانيون حينها و دخلوا في إضراب شامل رافضين غطرسة و ظلم إدارة الشركة الفرنسية ميفرما لإستخراج الحديد من الشمال و التي نهبت ثروات و خيرات البلاد طيلة الحقبة الإستعمارية وبعيد الإستقلال ، مطالبين بحقوقهم مما أدي إلي قمعهم بالرصاص الحي و بشكل وحشي ، تسبب في سقوط عدد كبير من القتلي و الجرحي . شكل ذلك الحدث إنتفاضة غضب داخل الوطن و مناسبة لمناصرة و تأييد العمال الموريتانيين . مما أحدث غليانا نقابيا شبابيا لدي العمال ضد الإستعمار الجديد و محاولات تجهيل العمال بحقوقهم مقابل تأمين المكاسب لأرباب العمل الجشعين . أحداث مؤلمة ساهمت بشكل أو بآخر و بفضل تضحيات و نضالات هؤلاء العمال في التعجيل بتأميم شركة ميفرما 1974م . لتحل مكانها الشركة الوطنية للصناعة و المناجم ( اسنيم ) . من جهة أخري كانت قصائد و كلمات الشاعر الكبير و المخضرم احمدو ولد عبد القادر فيما بات يعرف بشعر النضال مؤثرة و حاضرة داخل المشهد و منسجمة مع سياق النضال رافضة لكل أشكال الظلم و محاربة للفساد . فأنتشر بذلك شعره وسط العمال و خارج الديار مما أعطي لمجزرة عمال ميفرما و للقضية برمتها بعدا إنسانيا علي المستوي الإقليمي و الدولي و خاصة داخل محيطنا المغاربي . حيث قال : ضحايا الشقايا ضحايا الفساد يعم الفساد عموم البلاد . إلي أن يقول : فماذا نقول و ماذا نريد نريد حياة بلا ظالمين إلي أن يتدرج في القول : تعبنا سئمنا صرعنا الرمال نبشنا المعادن عبر الجبال و كل الجهود و كل الثمار تعود مكاسبا للمترفين . ثم يواصل فيقول : نهوضا لنطعن حكم الفساد و نقضي علي الظلم و العابثين . فهل يحسبون بأنا نسينا رفاق البطاح رفاق الجراح حقوقا تضاع دماء تسال جموع تثور علي المجرمين . في حين شكل تخليد عيد العمال فاتح مايو طيلة الأربعة عقود من قيام الدولة المركزية ، مناسبة سنوية هامة للإحتفال و التذكير بالعرائض المطلبية من خلال تسليط الضوء علي حقوق العمال و تاريخ نضالاتهم ، كما يعد فرصة ثمينة لخروج مختلف طبقات العمال من كل القطاعات للتظاهر بأعداد كبيرة في مسيرات ضخمة مشيا علي الأقدام او بالسيارات أو الآليات و المركبات تجوب الشوارع طولا و عرضا . حاملين و رافعين اللافتات التي تحمل الشعارات الممجدة لهذا اليوم و المطالبة بزيادة الأجور و تحسين ظروف العمال و تطوير بيئة العمل و الحد من غلاء الأسعار ، يأتي ذلك علي وقع خطابات نضال مؤثرة تطالب بالعدالة الإجتماعية بتأطير و توجيه من النقابات و الإتحادات النقابية . حيث تتعالي الأصوات و تجف الحناجر من ترديد شعارات نضال تطلب برفع الأجور و تحسين ظروف العمال . قبل إستعراض المطالب و تسليمها إلي الجهات المعنية عن طريق ممثلي المركزيات النقابية كما جرت العادة . فكان التجاوب معها يتم في السابق بشكل جاد و موضوعي، أما اليوم فتختفي بإختفاء ملامح هذا اليوم . دون رد رسمي علي العرائض المطلبية أو إستجابة لدعوات الحوار التي تطلقها النقابات أحيانا كشريك إجتماعي . لكن في نهاية الثمانينات و بداية تسعينات القرن العشرين، شهدت الدولة الموريتانية توجها ديمقراطيا ليبيراليا علي غرار الدول النامية . أسس لعهد كان معتلا ديمقراطيا و وطنيا. بضغوط فرضتها سياسات النظام الدولي الرأسمالي ، فكانت لها التأثيرات و التداعيات المباشرة علي التغييرات التي حصلت لاحقا في مختلف مناحي الحياة السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية . مما ساهم في طغيان المادة و ظهور قيم بديلة عززت من نفوذ القبيلة التي هي نقيض الدولة ، بالإضافة إلي ظهور عولمة غزت البيوت و أستباحت الأعراض و الخصوصيات ، فتراجعت معها القيم المجتمعية و الثوابت الدينية و الوطنية . ( ظهر الفساد في البر و البحري بما كسبت أيدي الناس ..) صدق الله العظيم . فحينما تضيع القيم و تقتل المبادئ يطغي كل شر ، يسود الكذب و يعم النفاق و تكثر الخيانات و ينتشر بالتالي الفساد . لا شك أن مظاهر التراجع و الضعف في أداء الحركة النقابية هو نتيجة حتمية لتدني مستوي روح النضال لدي المسؤولين و تراجع شعبية النقابات مما أدي إلي تراجع ملحوظ في تأثيرها و قدرتها علي ممارسة الضغط السياسي و الإجتماعي مقارنة بما كان عليه الحال قبل التسعينات . حيث كانت النقابات تشكل قوة ضاربة و وازنة و حاسمة في مواجهة سياسات الحكومة . قبل أن تميل ميلا و تستكين للهدنة . رغم حجم فساد وظلم و غطرسة الإدارة الموريتانية ، مما جعل البعض يتهمها بالتخاذل و التراجع عن دورها الأساسي. لدرجة أن كل شئ أصبح يقاس بمقاس التربح . ففي الوقت الذي تراجعت فيه قيم النضال و تغيرت معه مستويات التعبئة و التحضير لعيد العمال ، فإن ثمة نقابات داخل المشهد مازالت تحافظ إلي حد ما علي مواقفها و مبادئها الثابتة و تؤدي دورها في الحراك الإجتماعي دون المستوي المعهود لها في السابق ، ربما من باب ( الطبه ) فدخول الشركات الوسيطة علي خط العمل و تشغيل عمال لفترات طويلة برواتب منقوصة و بأقل الأجور دون عقود تحمي حقوقهم أو الإستفادة من التغطية الصحية يعد جريمة لا تغتفر بحق الإنسان. أقل ما يمكن أن يقال عنها بأنها عبودية معاصرة مقيتة . كالعمال المؤقتين أو الغير دائمين داخل كبريات الشركات الوطنية و القطاعات الوزارية. فجميع التجارب السابقة تؤكد أن كل الزيادات التي تحصل من حين لآخر و التي تستهدف الرواتب و المعاشات و رفع الحد الأدنى للأجور تأتي ضمن حزمة الحماية الإجتماعية التي تتبناها الحكومة بتوجيه من فخامة رئيس الجمهورية، لكن سرعان ما تصاحبها زيادة موازية و كبيرة لأسعار المواد و السلع ، نتيجة جشع التجار و سيطرة أصحاب النفوذ من رجال المال و الأعمال علي الأسواق و علي مفاصل الدولة ، فيلتهم الغلاء فرحة الزيادة . لا شك أن الإدارة الموريتانية تعاني من إختلالات تراكمية عميقة لم يتم التغلب عليها بعد ، مثل سوء التسيير و التدبير و التجاهل و التقليل من شأن العنصر البشري . نتيجة تبعات التوظيف و التعيين الخاطئ و غير مستحق . في ظل غياب تبني سياسات تشغيل ناجعة و إرساء عدالة إجتماعية . مما كان له الأثر السلبي الكبير علي ضعف أداء الإدارة و تردي الأوضاع و تعطيل الخدمة و انتشار البطالة ، و بالتالي إتساع الفساد في كل الإتجاهات . لدرجة أن المواطن فقد الثقة في الإدارة . مما دفع بآلاف الشباب الموريتانيين إلي ركوب المخاطر و الهجر نحو الولايات المتحدة الآمريكية بحثا عن غد أفضل. صحيح أن ممارسات من قبيل المحسوبية و الزبونية و التحيز و المحاباة السياسية ما فتئت تخلق تضاربا في المصالح و تكافؤ الفرص داخل المجتمع و تقوض الديمقراطية و تقلص مجال دولة القانون و المؤسسات. لكن الواقع الإداري لدينا يكشف أن الحسم في التعيين أو الترسيم أو رفع الأجور أو دفع العلوات يتم عادة و في أغلب الأحيان وفق الرغبة الذاتية للهرمية الإدارية ممثلة في شخص المسؤول الأول الذي له الصلاحية الكاملة. المطلقة لترسيم أو تعيين الشخص الذي يراه مناسبا للمنصب الشاغر أو المناصب التي يراد خلقها دون مراعاة مصلحة القطاع . و هذه الرغبة عادة ما تحددها إعتبارات بدل معايير ترتبط بتقييمات ذاتية تستند إلي ولاءات شخصية أو فئوية . بينما يجمع كل المراقبين للشأن الوطني أن الوضع الراهن للعمال غير دائمين في مختلف قطاعات الدولة و داخل كبريات الشركات و المؤسسات العمومية الخدمية و غيرها . ماهو إلا مظهر من مظاهر الفشل الإداري و سوء التدبير و نتيجة حتمية لتداعيات سياسات التشغيل الخاطئة المتبعة في الإكتتاب و الترسيم و التوظيف . بالإضافة إلي مآلات سوء التسيير . فكيف لنا كعمال أن نطالب بالترسيم أو رفع الأجور و تحسين الظروف ، و معظم إداراتنا تدار بالمزاج ؟!!! حفظ الله موريتانيا تحية إحترام و امتنان لكل يد عاملة مخلصة للوطن .


ميادين
٠٦-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- ميادين
ما يجمعنا أكثر وأكبر مما يفرقنا/ بقلم: اباي ولد اداعة
بالطبع ما يجمعنا هو دين واحد و نعم الدين الإسلام. و وطن واحد هو موريتانيا الحاضنة التي تزخر بكل الخيرات و الثروات و تتسع للجميع ، فمصدر قوتنا و ثرائنا هو تنوعنا العرقي و الثقافي . لا شك أن المجتمع الموريتاني بمختلف مكوناته الشرائحية و بحكم بعده العربي والإفريقي يتقاطع تاريخيا و صيروريا في جملة من العادات و التقاليد و الظواهر و الممارسات الإجتماعية و الثقافية . لا يمكن لأي كان نكرانها أو تجاهلها، و إن كانت تتفاوت في أبعادها الإجتماعية و حجم أشكالها و أنماطها في بعض الحالات بإختلاف و تنوع الموروث الثقافي لدي مكونة إجتماعية بعينها دون غيرها . فظاهرة العبودية علي سبيل المثال المقيتة و المدانة و المجرمة وطنيا و دوليا . والتي سادت و عمت مناطق و شعوب العالم دون إستثناء تم تجاوز مآسيها و مخلفاتها داخل بعض البلدان علي مراحل و بشكل نهائي عبر مصالحات و تفاهمات وطنية أيضا . ظهرت داخل مجتمعنا برمته كممارسة دنيئة و ظالمة في حق الإنسان أو بني آدم علي الأصح الذي كرمه و فضله الله تبارك وتعالي علي كثير من خلقه كما جاء في الآية الكريمة من سورة الإسراء ( و لقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا ) صدق الله العظيم . نجد بقايا رواسبها و مخلفاتها لدي مكونات بعض الزنوج الموريتانيين بأشكال و صور و أساليب بشعة و خطيرة مقارنة بما كان يحصل لدي البيظان وصلت لدرجة تجهيز مقابر خاصة للأسياد و عوائلهم و أخري للعبيد . الشئ الذي ظل في حالة وضع صامت لا ينبغي التحدث أو الكلام بشأنه دون أيما إثارة من دعاة مناهضة العبودية أو منظمات حقوق الإنسان التي تنشط بشكل مستمر في المجال الحقوقي و علي نحو واسع داخل الوطن ، في محاولة لطمس الحقيقة و توجيه اللوم و العتاب بدرجة أقل لمكونة الزنوج دون مكونة البيظان . و هو ما يؤكد عدم سلامة و شفافية و نزاهة و صدق عمل الجمعيات الحقوقية الناشطة في هذا المجال ، فمن شأن هذا أن يهيئ الأذهان و يمهد السبل لتسويغ و ترويج الشائعات و الأكاذيب المضللة و الإفتراءات المفتعلة بقصد الإضرار بسمعة مجتمع البيظان . في الوقت الذي يتم فيه رفع الشبهات عن مكونات الزنوج .. و إن كان ذلك لا يبرر إطلاقا ما موريس في السابق داخل أوساط البيظان من عبودية و ظلم و سطو و غبن و تهميش و تعذيب و إغتصاب..الخ و بشكل فظيع و فاضح ضد شريحة لحراطين . مما كان له الأثر الكبير في تجهيل و تفقير و تجويع أبناء هذه الشريحة ، و خاصة في ظل غياب المساواة قبيل قيام الدولة المركزية و تقاعس نخبنا الوطنية و حب التربح لديهم علي كاهل المواطن البسيط و علي حساب القضايا الوطنية العادلة . مما جعلنا اليوم نعيش هذا الواقع و الوضع الإنساني المر ، و نتناقض مع أنفسنا في كل الأحوال و الأوقات و المناسبات نتيجة إزدواحية المعايير في التعامل مع القضايا الإنسانية و الحقوقية، و التباين في الطرح و المقاربات و التعمد إلي الخلط بين العمل السياسي و الحقوقي . و كأننا نسينا أو تناسينا عن قصد أوغير قصد مقاصد الآية الكريمة من سورة الرعد ( إن الله لايغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم ) صدق الله العظيم . بالتأكيد لسنا مسؤولين عن ممارسات العبودية في الماضي ، بقدر ما نحن مسؤولون و مدعوون كل من موقعه للتخلص من رواسبها بشكل نهائي و مناهضتها و عدم التستر علي مرتكبيها و الوقوف إلي جانب ضحاياها و رفع الظلم عنهم و تمكينهم من تبوؤ مكانتهم المستحقة و اللائقة داخل المجتمع دون مزايدة . ولا يتأتي ذلك إلا عن طريق التمييز الإيجابي الهادف و المنصف من الدولة . في الوقت الذي ظهرت فيه أنماط و أشكال جديدة و معاصرة من العبودية أكثر خطورة من سابقاتها أستهدفت طبقات العمال الكادحة و أمتصت جهودهم و قوتهم الفكرية و البدنية و أضرت بعوائلهم و أرغمتهم علي العيش في البؤس نتيجة غطرسة و ظلم الإدارة و غياب العدالة الإجتماعية و جشع رجال المال و الأعمال و إكراهات الحياة حصل ذلك نهارا جهارا و بمسميات مختلفة عمال غير دائمين أو مؤقتين يتقاضون أقل الرواتب مقابل أعمال شاقة دون الحصول علي أبسط الحقوق في الترسيم أو التأمين الصحي أوالإستفادة من العلوات....الخ ما نحتاجه أكثر من أي وقت مضي هو سماع بعضنا البعض و إغتنام فرصة الحوار الوطني المرتقب الذي سبق و أن تعهد به فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني. ضمن برنامجه الإنتخابي . و الجلوس معا علي طاولة حوار وطني شامل وجامع جاد مبني علي المصارحة و المكاشفة و معالجة كل الإختلالات و الإشكالات و مواجهة القضايا الوطنية العالقة بالحلول لا بالتجاهل و النكران ، و تقديم التنازلات المؤلمة من أجل مصلحة الوطن و ذلك بتغليب منطق المواطنة الصالحة و المخلصة علي تراهات المصالح الضيقة . و ردم الهوة التي أنشأت بين مختلف مكونات المجتمع . كما نحتاج أيضا إلي تقريب التباعد و بث رسائل التقارب و التصدي بكل قوة و حزم لما نلاحظه من حين لآخر من داخل البرلمان وفي الشارع و عبر منصات و وسائل التواصل الإجتماعي من إنتشار غير مسبوق لخطاب الكراهية و التحريض العنصري و إثارة النعرات العرقية بشكل لا يخدم أمن و إستقرار البلد ، و لا التعايش الأهلي السلمي . و ضرورة تدارك الوضع قبل فوات الأوان . و العمل سويا بغية فرض هيبة الدولة بالعدل و القانون علي نحو يعزز قيم الولاء و الإنتماء للوطن ويقوي اللحمة الوطنية و يكرس دولة المواطنة و المساواة و يحقق العدالة الإجتماعية و يجسد التقسيم العادل للثروات بشكل تعم فيه الرفاهية و تذوب فيه كل الفوارق الإجتماعية. في الوقت الذي يجمع فيه كل المحللين و المراقبين للشأن الوطني علي ضرورة تهيئة الأرض المناسبة و الظروف الملائمة للتعايش المشترك بين مختلف مكونات المجتمع. إن لم يكن من أجلنا فمن أجل الأجيال القادمة . تأسيسا لما سبق فإن ما يجمعنا هو ثوابت و قيم وطنية و دينية و أصول ثابتة تندرج ضمن روابط و قواسم كبيرة مشتركة وجامعة . في حين يبقي ما يفرقنا هو حالات فرعية و خلافات آنية عابرة و قضايا تم تضخيمها و توظيفها بشكل سيئ و خاطئ أساء للوطن و خدم آجندات خارجية تتربص بوحدة و إستقرار البلد و النيل من ثوابته الوطنية . لكن هيهات!!! حفظ الله موريتانيا اباي ولد اداعة .