logo
#

أحدث الأخبار مع #الوكالةالأميركيةللإعلامالعالمي

100 يوم من حرب ترامب على الصحافة
100 يوم من حرب ترامب على الصحافة

العربي الجديد

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • العربي الجديد

100 يوم من حرب ترامب على الصحافة

خلال مائة يوم من ولاية دونالد ترامب الرئاسية الثانية، انكب على تنفيذ تهديداته التي أطلقها خلال حملته الانتخابية ضد المؤسسات الإعلامية حين توعد باستخدام الحكومة الفيدرالية سلاحا ضد الصحافيين الذين يعتبرهم أعداءه، وهاجم بصفتيه الشخصية والرسمية مصداقية واستقلالية واستدامة وسائل الإعلام في الولايات المتحدة وحول العالم. وكرّر أمام حشد من مؤيديه في ميشيغان، بمناسبة مرور مائة يوم على عودته إلى البيت الأبيض أول من أمس الثلاثاء، وصفه لوسائل الإعلام بـ"الكاذبة". في هذه المناسبة، قال مدير مكتب أميركا الشمالية في منظمة مراسلون بلا حدود كلايتون ويمرز: "إن الفوضى اليومية التي تشهدها دورة الأخبار السياسية الأميركية قد تُصعّب علينا تقييم التحولات الجذرية الجارية. لكن عندما ننظر إلى الصورة الكاملة، يتضح لنا نمط الضربات التي تتعرض لها حرية الصحافة". وأكد ويمرز، في بيان للمنظمة، رفضها "هذا الهجوم الهائل على حرية الصحافة باعتباره الوضع الطبيعي الجديد". ووعد بـ"مواصلة فضح هذه الاعتداءات على الصحافة، واستخدام كل ما في وسعنا لمكافحتها". أدناه نستعرض عشرة أرقام، استناداً إلى "مراسلون بلا حدود" ومواقع إخبارية أميركية، تعكس ما واجهه الإعلام الأميركي في الأيام المائة الأولى لترامب في البيت الأبيض: 427 مليونا هو عدد المتابعين أسبوعياً حول العالم لوسائل الإعلام التي تمولها الوكالة الأميركية للإعلام العالمي (USAGM). عبر خفض المخصصات المالية لوسائل الإعلام التي تمولها هذه الوكالة الفيدرالية ومنح مراسليها إجازةً، تركت إدارة ترامب ملايين الأشخاص حول العالم من دون مصادر حيوية للمعلومات الموثوقة. وهذا يُتيح المجال للأنظمة الاستبدادية، مثل روسيا والصين، لنشر دعايتها من دون رادع. ومع ذلك، أصدر القاضي الفيدرالي، رويس لامبيرث، أمراً ابتدائياً لإعادة بث الإذاعة، قائلاً إن الإدارة لا سلطة لديها لخفض التمويل بهذا الشكل الحاد الذي تمت الموافقة عليه من الكونغرس. وفي قراره، أمر القاضي الحكومة بإعادة موظفي الوكالة الأميركية للإعلام الدولي، المولجة الإشراف على عمل هذه المؤسّسات الإعلامية، إلى وظائفهم وأن تستأنف دفع الإعانات المالية المخصّصة لهذه المؤسسات من الكونغرس والمعلّقة منذ مارس/آذار الماضي. كما أمر القاضي نفسه، بعد منتصف ليل الثلاثاء، إدارة ترامب بإعادة 12 مليون دولار خصصها الكونغرس ل إذاعة أوروبا الحرة . 8 آلاف هو عدد الصفحات التي حذفت من أكثر من 12 موقعاً حكومياً فور تولي دونالد ترامب منصبه، ما حرم الصحافيين والمتابعين معلومات هامة في شؤون الصحة والأمن وغيرهما. أكثر من 3500 هو عدد الصحافيين المهددين بخسارة وظائفهم في ظل سعي ترامب للوكالة الأميركية للإعلام العالمي، وهم يعملون في إذاعة صوت أميركا وشبكة الشرق الأوسط للإرسال وإذاعة أوروبا الحرة. ويواجه ما لا يقل عن 84 صحافياً في المؤسسات التابعة للوكالة، من المقيمين في الولايات المتحدة بتأشيرات عمل، خطر الترحيل إلى دول قد يتعرضون فيها للملاحقة القضائية والمضايقة الشديدة. وينحدر ما لا يقل عن 15 صحافياً من إذاعة آسيا الحرة، و8 صحافيين من إذاعة صوت أميركا، من دول قمعية، وهم معرضون لخطر الاعتقال وربما السجن في حال ترحيلهم، وفق ما نبهت إليه "مراسلون بلا حدود". 180 هو عدد الإذاعات العامة المهددة بالإغلاق، إذ أفادت تقارير إخبارية بأن إدارة ترامب تخطط لتطلب من الكونغرس خفض 1.1 مليار دولار من الأموال المخصصة لمؤسسة البث العام، التي تدعم الإذاعة الوطنية العامة (NPR) وخدمة البث العام (PBS). 74 عدد الأيام التي حظرت فيها وكالة أسوشييتد برس من البيت الأبيض لأنها استمرت في استخدام مصطلح "خليج المكسيك" الذي يُفضّل ترامب تسميته "خليج أميركا"، وعلى الرغم من صدور حكم قضائي فيدرالي يلزم الإدارة بإعادة السماح لوكالة الأنباء العريقة بالوصول إلى المعلومات في 9 إبريل/نيسان، استمر البيت الأبيض في تقييدها. 64 عدد التعليقات المسيئة التي أدلى بها ترامب ضد وسائل الإعلام عبر منصة تروث سوشال منذ تنصيبه. فبالإضافة إلى الهجمات الشخصية المنتظمة ضد وسائل الإعلام في المؤتمرات الصحافية والخطابات العامة، يلجأ ترامب إلى منصته كل يوم تقريباً لإهانة أو تهديد أو ترهيب الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام الذين ينتقدونه وإدارته. 13 عدد الأفراد الذين عفا عنهم ترامب بعد إدانتهم أو توجيه اتهامات لهم بالاعتداء على الصحافيين في 6 يناير/كانون الثاني 2021. إعلام وحريات التحديثات الحية صحافيو قناة الحرة مطالبون بمغادرة الولايات المتحدة خلال 30 يوماً 6 عدد التحقيقات التي أطلقتها لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC) بحق مؤسسات إعلامية تشمل "سي بي إس" و"ديزني" الشركة الأم لـ"إيه بي سي"، و"كومكاست" الشركة الأم لـ"إن بي سي"، ومحطتي البث العام "إن بي آر" و"بي بي إس"، وشبكة "كيه سي بي إس" التلفزيونية في كاليفورنيا. 4 عدد الدعاوى القضائية الشخصية من ترامب ضد مؤسسات إعلامية، ففي حين توصل إلى تسوية دعوى قضائية مع شركة ديزني، فإنه يواصل مقاضاة شبكة "سي بي إس"، وصحيفتي "دي موين ريسجتر" و"غانيت"، ومركز بولتيزر، بسبب التغطية التي وصفها بالمتحيزة. 1.6 1.6 دولار أميركي هو متوسط المبلغ السنوي الذي يدفعه كل أميركي للإعلام العام. فقد هدد دونالد ترامب بإلغاء التمويل الفيدرالي للبث العام، مُصوّراً هذه الخطوة على أنها إجراء لخفض التكاليف. مع ذلك، لا تُكلّف وسائل الإعلام العامة كل أميركي سوى نحو 1.6 دولار سنوياً.

قناة 'الحرّة' في مهب ريح أوامر تنفيذية على الهواء مباشرة
قناة 'الحرّة' في مهب ريح أوامر تنفيذية على الهواء مباشرة

الشاهين

time٠٢-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الشاهين

قناة 'الحرّة' في مهب ريح أوامر تنفيذية على الهواء مباشرة

الشاهين- خاص- فرجينيا منذ عودته في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي 2025، للمكتب البيضاوي في البيت الأبيض، كرّس الرئيس الأميركي دولاند ترامب ظاهرة بدأت خجولةً مع ولايته السابقة حين يوقّع على الهواء مباشرة، وبما لم يفعله أحد قبله، أوامر تنفيذية داخلية أو خارجية. هذا ما فعله حين وقّع في السادس من كانون الأول/ ديسمبر 2017، على ضمّ القدس الشرقية الواردة في بنود اتفاقيات 'أوسلو' بوصفها عاصمة الدولة الفلسطينية المفترضة، معترفًا من خلال توقيعه هذا (رسميًا) بالقدس (عاصمة) لإسرائيل، وحين وقّع في 25 آذار/ مارس 2019، على ضمّ هضبة الجولان السورية، وحين وقّع في يوم تسلّمه سلطاته الدستورية للمرّة الثانية قبل أشهر قليلة زهاء 100 أمرٍ تنفيذيٍّ دفعة واحدة (آ والله). في سياق متصل من سلسلة الأوامر التنفيذية الاستعراضية الفاقعة، وقّع ترامب في آذار/ مارس الماضي، على أمر تنفيذي يقرّ من خلاله بقرار إدارته إنهاء كل دعم مادي لوسائل الإعلام الممولة من الحكومة، وهو ما برّره وبرّرته إدارته بتبنّي سياسات رامية إلى 'خفض الميزانية الفدرالية بشكلٍ جذريّ'. وفي مقدمة وسائل الإعلام الأميركية المموّلة من الحكومة الفدرالية تأتي قناة 'الحرّة' الإخبارية وأخواتها ومنها إذاعة فدرالية تبث داخل أميركا، وإذاعات تبثّ لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. في التداعيات المباشرة للقرار، أعلنت شبكة الشرق الأوسط للإرسال (MBN) أنها ستضطر إلى إنهاء خدمات عدد كبير من موظفيها خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، وذلك نتيجة لظروف مالية خارجة عن إرادتها تمثّلت في عدم استلام مخصصاتها المالية لشهر نيسان/ أبريل 2025، من الوكالة الأميركية للإعلام العالمي (USAGM)، الجهة التي تقوم بتمويل الشبكة من خلال اعتمادات يخصصها الكونغرس الأميركي. وقائع متسارعة، وقرارات غاشمة تنذر بما هو أسوأ وبفقد زملاء في مهنة المتاعب مصدر رزقهم بجرّة قلم من جهة، وبحرمانهم، من جهة ثانية، حتى، من الحقوق المتداولة والمتعارف عليها في حالة قرار إنهاء خدمة تتبناه الجهة المموّلة/ المشغّلة؛ من مكافأة نهاية خدمة، ورواتب ومستحقات وبدل إجازات، وكل ما من شأنه أن يخفف من جور القرار، ويشكّل مصدّات لِتوحّش الرأسمالية حين تغدو بلا أقنعة. ما يجري تداوله من داخل (أسوار) القناة، وبين الزملاء في الشبكة المدعومة من الفدرالية الأميركية، أن (أزمتهم) لا تقف، فقط، عند قرار الإدارة الأميركية، بل تتعداه نحو ما تعرضوا له من تعسف في تطبيق قرارها من جهة إدارتهم التي، كما يؤكدون، سارعت فور صدور القرار إلى عدم صرف راتب شهر نيسان/ إبرايل، وامتنعت عن إعطاء الزملاء الإعلاميين حقوقهم، وعن، حتى، الاستماع إلى مطالبهم، وإدارة ظهرها (كاملًا) لهم، في حين هم يرون أن قرار توقّف الدعم ينبغي أن لا يشمل، بالطبع، ما صُرف، فعلًا، من دعم سابق، وحتمًا، كان لدى حساب القناة والشبكة ما يغطي رواتب موظفيها وإعلامييها والعاملين فيها حتى لشهرِ إنذارٍ مقبل! فما الذي جرى؟ وتحت أي عنوان يمكن إدراج مسارعة إدارة القناة إلى تطبيق القرار بقسوة لا يحتملها القرار نفسه؟ وهل في الأمر شبهة فساد؟ وهل يمكن إدراج الأمر التنفيذي الخاص بـ'الحرة' في سياق ملاحظات قديمة حول أداء القناة، يلتقي حولها (أي هذه الملاحظات) الحزبان الديمقراطي والجمهوري؟ وهل في وارد إدارة ترامب التراجع عن قرار عدم إرسال المخصصات، وصولًا إلى التراجع عن قرار الإغلاق؟ وإلى أي مدى يعكس قرار إنهاء دعم وسائل الإعلام المموّلة، إدارة ظهر الحكومة لأذرع قوة أميركا الناعمة؟ أسئلةٌ كثيرةٌ محيرةٌ متداخلةٌ ولدت من رحم قرار إغلاق قناة كانت تبني أميركا عليها آمالًا عراضًا، ولعلها أرادتها في لحظةٍ تاريخيةٍ ما، منافِسة لقنواتٍ إخباريةٍ عربيةٍ كبرى من طراز 'الجزيرة' على سبيل المثال. وما أن وُضِعَتْ هذه الأسئلة وغيرها بين يدي زملاء من داخل القناة، وزملاء عملوا في القناة، وزملاء تؤهلهم مواقعهم وتخصصاتهم ووجودهم في بلاد العم سام لتقديم إجابات من خارج القناة عن بعض هذه الأسئلة، حتى سارع كثير منهم لمدّنا بإجابات قد تمنحنا بعض الحقيقة في أضعف الإيمان. بلال خبيز: أعاصير متعددة الوجوه الشاعر والفنان والصحفي اللبناني المقيم في كاليفورنيا الزميل بلال خبيز، قدم حول قصة 'الحرّة' منذ تأسيسها مداخلة هذا نصّها: 'تأسست قناة 'الحرّة' في زمن كانت فيه الولايات المتحدة تجرّب حظها في تغيير العالم وفرض قيمها عليه. وهي قيم كان القيمون على السياسات والأفكار في العالم أجمع يفترضونها الأنسب لكل الدول والشعوب والأعراق. لكن الأفكار دائمًا ما تثبت عند التجربة أنها لم تكن تحسب حسابًا لكل شيء. فجأة يصبح معتنقو الأفكار الداعية إلى التسامح والمحبة قتلة ولا يتورعون عن إبادة شعوب بأكملها. على أي حال ليس الوقت مناسبًا لإجراء مثل هذه الحسابات اليوم. لكن القيادة الأميركية التي تأسست قناة الحرّة في ظلها، لم تعد موجودة، وما عادت سياساتها تلك تلقى قبولًا عند صناع الرأي العام الأميركي. والحال، تأسست القناة في لحظة انعطاف كبرى، سرعان ما تراجع عنها أصحابها. ويمكن القول إن القناة منذ تلك اللحظة فقدت وظيفتها. باتت سفينة تتقاذفها أمواج هوجاء، وقصارى ما حاول القيمون عليها بذله من جهد كان يتلخص بنجاتها من الأعاصير بأقل قدر ممكن من الخسائر. هذه القناة كانت تخسر كل عام من رصيدها القليل، مالًا ووظيفة وقدرة على المنافسة والجذب. بين الذين عملوا في هذه القناة هناك المئات من الصحافيين الألمعيين، وبعضهم يدير اليوم قنوات كبرى. لكن وجودهم في الحرّة كان يعزلهم عن محيطيْن: كانوا معزولين عن عالمهم العربي جغرافيا أولًا ورسالة ثانيا. وكانوا معزولين عن المجتمع الأميركي، لأن دورهم كان محصورًا ببث أخبار وبرامج عربية في بلد لا يفهم هذه اللغة. لهذا يبدو أن هؤلاء، وجلّهم من الصحافيين الأكفّاء، ساقتهم أقدارهم إلى العمل في مكان مخفيٍّ لا تراه الأعين. ولهذا أيضًا، بدا سهلًا على الإدارة الأمريكية الجديدة أن تقرر وقف تمويل القناة وترك هؤلاء للعراء حرفيًا. لقد فقدوا معظم صلاتهم السابقة لأنهم عملوا في هذه القناة، ولم ينجحوا في إقامة صلات جديدة لأنهم عملوا في هذه القناة أيضًا. علي الزبيدي: قرارٌ متوقّع الزميل الإعلامي علي الزبيدي الذي قدّم في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي 2024، استقالته من 'الحرّة' كمذيع ومعد برامج، بعد قرار القناة إيقاف برنامج له ومحاولتها فرض وظيفة أخرى عليه لم تناسبه يرى في مداخلته حول الموضوع أن قرار الإغلاق كان متوقعًا، ليس بالنسبة له فقط، ولم بالنسبة لكثير ممن تابعوا مسيرة الحرة خاصة بعد تراجعها المتسارع في السنوات الأخيرة. يقول الزبيدي: 'قرار إدارة ترامب لم يكن مفاجئًا، فقد سبق أن طُرِح قبل فوز ترامب في الانتخابات وقُدِّم كخطةِ عملٍ لإدارته'. وهو يؤكد أن موضوع إغلاق الوكالة الأميركية للإعلام الدولي USAGM وكل المؤسسات التابعة لها، وبما فيهم قناة الحرّة 'طُرِحَ بوضوحٍ، ما يجعلني أكاد أجزم أن إدارة ترامب لن تتراجع عن قرارها تجميد التمويل وبالتالي الإغلاق'. زميلة في القناة آثرت عدم ذكر اسمها، تتفق مع الزبيدي في عدم إمكانية تراجع إدارة ترامب عن قرارها، رائيةً أن تراجع الحكومة عن خططها لتقليص القوة العاملة والإنفاق 'مستبعد'، ومرجّحة أن تواصل الحكومة 'جرّ الموضوع قضائيًا خصوصًا أنها لم تخف نيتها إعادة هيكلة الوكالة الفدرالية للإعلام الدولي'. القرار النهائي ومصير القناة سيحسمه، بحسب الزميلة، الكونغرس في قانون الموازنة الذي يصدر في أيلول/ سبتمبر المقبل 2025. على كل حال لا تستبعد الزميلة تدخّل جماعات ضغط محاولة ثني الكونغرس عن التوجّه نحو إغلاق الحرة وأخواتها، ذاهبةً إلى أن 'العبرة هي لمن ستكون الغلبة في المعركة السياسية'. وتوضح أن هناك شعورًا ملازمًا لكل من يقيم ضمن دوائر القرار في العاصمة واشنطن بوجود إجماع سياسي غير معلن على ضرورة تخفيض النفقات؛ بما يرجح 'كفّة التضحية بالحرّة والقنوات الأخرى كعبء ماليٍّ أقل أهمية وجدوى'. الزبيدي والزميلة يتفقان مرّة ثانية حول مسألة وجود قائمة ملاحظات ليست قليلة بحق 'الحرّة'، ويقول الزبيدي في مداخلته 'وفقًا لرواية فريق ترامب، الرسالة الأميركية كانت غائبة عن 'الحرّة وأخواتها'، وبالتالي سمح ضياع الهوية لأجندات 'غير أميركية' بالظهور'. ويؤكد علي الزبيدي أن مصدرًا في فريق ترامب الانتقالي أخبره مرّة أن القناة من وجهة نظرهم أقرب لخطابات بعض الدول العربية منها إلى الخطاب الأميركي 'فهم لا يريدون أن يزعّلو أحدًا من القادة العرب'! الزبيدي يكشف في سياق متصل أن قرار عدم صرف المخصصات المالية للموظفين المسرّحين، يخص إدارة القناة التي قرّرت 'بكل استهتار عدم الصرف رغم امتلاكها المخصصات والأموال الكافية، فقرار إيقاف التمويل الصادر عن إدارة ترامب يخص التمويل 'المستقبلي' لمنْحة القناة. وعند صدوره كان لدى الحرّة من الأموال ما يغطي إجمالي ساعات الإجازات المدفوعة وجزءًا كبيرًا من مكافئات نهاية الخدمة.. لكن إدارة الحرّة اختارت الاستمرار في تجفيف ما لديها من أموال حتى وصل الحال إلى ما هو عليه'. الزبيدي يختم بنبرة لا تخلو من قهر: 'حقوق الناس ضاعت في مكان يتحدث عن حقوق الإنسان ويقول إنه يدافع عن موظفيه'. أكثر من زميل لمّحوا إلى مسألة تجري خلف الكواليس، ألا وهي أن ثمة جهودًا لتأسيس تجربة إعلامية جديدة تخاطب العالم العربي بلغة 'أكثر عصرية وبرسائل أميركية واضحة وغير مموّهة'.

قناة "الحرّة" في مهب ريح أوامر تنفيذية على الهواء مباشرة
قناة "الحرّة" في مهب ريح أوامر تنفيذية على الهواء مباشرة

عمون

time٠١-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • عمون

قناة "الحرّة" في مهب ريح أوامر تنفيذية على الهواء مباشرة

عمون - منذ عودته في 20 كانون الثاني الماضي 2025، للمكتب البيضاوي في البيت الأبيض، كرّس الرئيس الأميركي دولاند ترامب ظاهرة بدأت خجولةً مع ولايته السابقة حين يوقّع على الهواء مباشرة، وبما لم يفعله أحد قبله، أوامر تنفيذية داخلية أو خارجية. هذا ما فعله حين وقّع في السادس من كانون الأول/ ديسمبر 2017، على ضمّ القدس الشرقية الواردة في بنود اتفاقيات "أوسلو" بوصفها عاصمة الدولة الفلسطينية المفترضة، معترفًا من خلال توقيعه هذا (رسميًا) بالقدس (عاصمة) لإسرائيل، وحين وقّع في 25 آذار/ مارس 2019، على ضمّ هضبة الجولان السورية، وحين وقّع في يوم تسلّمه سلطاته الدستورية للمرّة الثانية قبل أشهر قليلة زهاء 100 أمرٍ تنفيذيٍّ دفعة واحدة (آ والله). في سياق متصل من سلسلة الأوامر التنفيذية الاستعراضية الفاقعة، وقّع ترامب في آذار/ مارس الماضي، على أمر تنفيذي يقرّ من خلاله بقرار إدارته إنهاء كل دعم مادي لوسائل الإعلام الممولة من الحكومة، وهو ما برّره وبرّرته إدارته بتبنّي سياسات رامية إلى "خفض الميزانية الفدرالية بشكلٍ جذريّ". وفي مقدمة وسائل الإعلام الأميركية المموّلة من الحكومة الفدرالية تأتي قناة "الحرّة" الإخبارية وأخواتها ومنها إذاعة فدرالية تبث داخل أميركا، وإذاعات تبثّ لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. في التداعيات المباشرة للقرار، أعلنت شبكة الشرق الأوسط للإرسال (MBN) أنها ستضطر إلى إنهاء خدمات عدد كبير من موظفيها خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، وذلك نتيجة لظروف مالية خارجة عن إرادتها تمثّلت في عدم استلام مخصصاتها المالية لشهر نيسان/ أبريل 2025، من الوكالة الأميركية للإعلام العالمي (USAGM)، الجهة التي تقوم بتمويل الشبكة من خلال اعتمادات يخصصها الكونغرس الأميركي. وقائع متسارعة، وقرارات غاشمة تنذر بما هو أسوأ وبفقد زملاء في مهنة المتاعب مصدر رزقهم بجرّة قلم من جهة، وبحرمانهم، من جهة ثانية، حتى، من الحقوق المتداولة والمتعارف عليها في حالة قرار إنهاء خدمة تتبناه الجهة المموّلة/ المشغّلة؛ من مكافأة نهاية خدمة، ورواتب ومستحقات وبدل إجازات، وكل ما من شأنه أن يخفف من جور القرار، ويشكّل مصدّات لِتوحّش الرأسمالية حين تغدو بلا أقنعة. ما يجري تداوله من داخل (أسوار) القناة، وبين الزملاء في الشبكة المدعومة من الفدرالية الأميركية، أن (أزمتهم) لا تقف، فقط، عند قرار الإدارة الأميركية، بل تتعداه نحو ما تعرضوا له من تعسف في تطبيق قرارها من جهة إدارتهم التي، كما يؤكدون، سارعت فور صدور القرار إلى عدم صرف راتب شهر نيسان/ إبرايل، وامتنعت عن إعطاء الزملاء الإعلاميين حقوقهم، وعن، حتى، الاستماع إلى مطالبهم، وإدارة ظهرها (كاملًا) لهم، في حين هم يرون أن قرار توقّف الدعم ينبغي أن لا يشمل، بالطبع، ما صُرف، فعلًا، من دعم سابق، وحتمًا، كان لدى حساب القناة والشبكة ما يغطي رواتب موظفيها وإعلامييها والعاملين فيها حتى لشهرِ إنذارٍ مقبل! فما الذي جرى؟ وتحت أي عنوان يمكن إدراج مسارعة إدارة القناة إلى تطبيق القرار بقسوة لا يحتملها القرار نفسه؟ وهل في الأمر شبهة فساد؟ وهل يمكن إدراج الأمر التنفيذي الخاص بـ"الحرة" في سياق ملاحظات قديمة حول أداء القناة، يلتقي حولها (أي هذه الملاحظات) الحزبان الديمقراطي والجمهوري؟ وهل في وارد إدارة ترامب التراجع عن قرار عدم إرسال المخصصات، وصولًا إلى التراجع عن قرار الإغلاق؟ وإلى أي مدى يعكس قرار إنهاء دعم وسائل الإعلام المموّلة، إدارة ظهر الحكومة لأذرع قوة أميركا الناعمة؟ أسئلةٌ كثيرةٌ محيرةٌ متداخلةٌ ولدت من رحم قرار إغلاق قناة كانت تبني أميركا عليها آمالًا عراضًا، ولعلها أرادتها في لحظةٍ تاريخيةٍ ما، منافِسة لقنواتٍ إخباريةٍ عربيةٍ كبرى من طراز "الجزيرة" على سبيل المثال. وما أن وُضِعَتْ هذه الأسئلة وغيرها بين يدي زملاء من داخل القناة، وزملاء عملوا في القناة، وزملاء تؤهلهم مواقعهم وتخصصاتهم ووجودهم في بلاد العم سام لتقديم إجابات من خارج القناة عن بعض هذه الأسئلة، حتى سارع كثير منهم لمدّنا بإجابات قد تمنحنا بعض الحقيقة في أضعف الإيمان. بلال خبيز: أعاصير متعددة الوجوه الشاعر والفنان والصحفي اللبناني المقيم في كاليفورنيا الزميل بلال خبيز، قدم حول قصة "الحرّة" منذ تأسيسها مداخلة هذا نصّها: "تأسست قناة "الحرّة" في زمن كانت فيه الولايات المتحدة تجرّب حظها في تغيير العالم وفرض قيمها عليه. وهي قيم كان القيمون على السياسات والأفكار في العالم أجمع يفترضونها الأنسب لكل الدول والشعوب والأعراق. لكن الأفكار دائمًا ما تثبت عند التجربة أنها لم تكن تحسب حسابًا لكل شيء. فجأة يصبح معتنقو الأفكار الداعية إلى التسامح والمحبة قتلة ولا يتورعون عن إبادة شعوب بأكملها. على أي حال ليس الوقت مناسبًا لإجراء مثل هذه الحسابات اليوم. لكن القيادة الأميركية التي تأسست قناة الحرّة في ظلها، لم تعد موجودة، وما عادت سياساتها تلك تلقى قبولًا عند صناع الرأي العام الأميركي. والحال، تأسست القناة في لحظة انعطاف كبرى، سرعان ما تراجع عنها أصحابها. ويمكن القول إن القناة منذ تلك اللحظة فقدت وظيفتها. باتت سفينة تتقاذفها أمواج هوجاء، وقصارى ما حاول القيمون عليها بذله من جهد كان يتلخص بنجاتها من الأعاصير بأقل قدر ممكن من الخسائر. هذه القناة كانت تخسر كل عام من رصيدها القليل، مالًا ووظيفة وقدرة على المنافسة والجذب. بين الذين عملوا في هذه القناة هناك المئات من الصحافيين الألمعيين، وبعضهم يدير اليوم قنوات كبرى. لكن وجودهم في الحرّة كان يعزلهم عن محيطيْن: كانوا معزولين عن عالمهم العربي جغرافيا أولًا ورسالة ثانيا. وكانوا معزولين عن المجتمع الأميركي، لأن دورهم كان محصورًا ببث أخبار وبرامج عربية في بلد لا يفهم هذه اللغة. لهذا يبدو أن هؤلاء، وجلّهم من الصحافيين الأكفّاء، ساقتهم أقدارهم إلى العمل في مكان مخفيٍّ لا تراه الأعين. ولهذا أيضًا، بدا سهلًا على الإدارة الأمريكية الجديدة أن تقرر وقف تمويل القناة وترك هؤلاء للعراء حرفيًا. لقد فقدوا معظم صلاتهم السابقة لأنهم عملوا في هذه القناة، ولم ينجحوا في إقامة صلات جديدة لأنهم عملوا في هذه القناة أيضًا. علي الزبيدي: قرارٌ متوقّع الزميل الإعلامي علي الزبيدي الذي قدّم في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي 2024، استقالته من "الحرّة" كمذيع ومعد برامج، بعد قرار القناة إيقاف برنامج له ومحاولتها فرض وظيفة أخرى عليه لم تناسبه يرى في مداخلته حول الموضوع أن قرار الإغلاق كان متوقعًا، ليس بالنسبة له فقط، ولم بالنسبة لكثير ممن تابعوا مسيرة الحرة خاصة بعد تراجعها المتسارع في السنوات الأخيرة. يقول الزبيدي: "قرار إدارة ترامب لم يكن مفاجئًا، فقد سبق أن طُرِح قبل فوز ترامب في الانتخابات وقُدِّم كخطةِ عملٍ لإدارته". وهو يؤكد أن موضوع إغلاق الوكالة الأميركية للإعلام الدولي USAGM وكل المؤسسات التابعة لها، وبما فيهم قناة الحرّة "طُرِحَ بوضوحٍ، ما يجعلني أكاد أجزم أن إدارة ترامب لن تتراجع عن قرارها تجميد التمويل وبالتالي الإغلاق". زميلة في القناة آثرت عدم ذكر اسمها، تتفق مع الزبيدي في عدم إمكانية تراجع إدارة ترامب عن قرارها، رائيةً أن تراجع الحكومة عن خططها لتقليص القوة العاملة والإنفاق "مستبعد"، ومرجّحة أن تواصل الحكومة "جرّ الموضوع قضائيًا خصوصًا أنها لم تخف نيتها إعادة هيكلة الوكالة الفدرالية للإعلام الدولي". القرار النهائي ومصير القناة سيحسمه، بحسب الزميلة، الكونغرس في قانون الموازنة الذي يصدر في أيلول/ سبتمبر المقبل 2025. على كل حال لا تستبعد الزميلة تدخّل جماعات ضغط محاولة ثني الكونغرس عن التوجّه نحو إغلاق الحرة وأخواتها، ذاهبةً إلى أن "العبرة هي لمن ستكون الغلبة في المعركة السياسية". وتوضح أن هناك شعورًا ملازمًا لكل من يقيم ضمن دوائر القرار في العاصمة واشنطن بوجود إجماع سياسي غير معلن على ضرورة تخفيض النفقات؛ بما يرجح "كفّة التضحية بالحرّة والقنوات الأخرى كعبء ماليٍّ أقل أهمية وجدوى". الزبيدي والزميلة يتفقان مرّة ثانية حول مسألة وجود قائمة ملاحظات ليست قليلة بحق "الحرّة"، ويقول الزبيدي في مداخلته "وفقًا لرواية فريق ترامب، الرسالة الأميركية كانت غائبة عن "الحرّة وأخواتها"، وبالتالي سمح ضياع الهوية لأجندات "غير أميركية" بالظهور". ويؤكد علي الزبيدي أن مصدرًا في فريق ترامب الانتقالي أخبره مرّة أن القناة من وجهة نظرهم أقرب لخطابات بعض الدول العربية منها إلى الخطاب الأميركي "فهم لا يريدون أن يزعّلو أحدًا من القادة العرب"! الزبيدي يكشف في سياق متصل أن قرار عدم صرف المخصصات المالية للموظفين المسرّحين، يخص إدارة القناة التي قرّرت "بكل استهتار عدم الصرف رغم امتلاكها المخصصات والأموال الكافية، فقرار إيقاف التمويل الصادر عن إدارة ترامب يخص التمويل "المستقبلي" لمنْحة القناة. وعند صدوره كان لدى الحرّة من الأموال ما يغطي إجمالي ساعات الإجازات المدفوعة وجزءًا كبيرًا من مكافئات نهاية الخدمة.. لكن إدارة الحرّة اختارت الاستمرار في تجفيف ما لديها من أموال حتى وصل الحال إلى ما هو عليه". الزبيدي يختم بنبرة لا تخلو من قهر: "حقوق الناس ضاعت في مكان يتحدث عن حقوق الإنسان ويقول إنه يدافع عن موظفيه". أكثر من زميل لمّحوا إلى مسألة تجري خلف الكواليس، ألا وهي أن ثمة جهودًا لتأسيس تجربة إعلامية جديدة تخاطب العالم العربي بلغة "أكثر عصرية وبرسائل أميركية واضحة وغير مموّهة".

المطرودون من "الحرة": صدمة إنسانية تتخطى القرار الإداريّ
المطرودون من "الحرة": صدمة إنسانية تتخطى القرار الإداريّ

المدن

time٢٧-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • المدن

المطرودون من "الحرة": صدمة إنسانية تتخطى القرار الإداريّ

"كنت أنتظر تقديراً لا طرداً". بهذه الكلمات، تعبر الزميلة سحر أرناؤوط عن صدمتها وحسرتها جراء تلقيها قراراً بفضلها من قناة "الحرة"، بعد 21 عاماً من العمل في القناة. تقول: "لم يكن القرار إدارياً فحسب، بل صدمة إنسانية"، إذ "لم نتلقّ أي تعويضات، وكأننا لم نكن شيئًا". وتلقى عشرات الموظفين في القناة إشعاراً بفصلهم والاستغناء عن خدماتهم قبل اسبوعين، ضمن خطة إعادة الهيكلة التي أطلقتها "الوكالة الأميركية للإعلام العالمي" (U.S.A.G.M.)، ولم يبقَ في قناة "الحرة" وموقعها الالكتروني الآن، إلا القليل، بينهم 30 موظفاً في سبرينغفيلد، في واحدة من أكبر النكسات الإعلامية المعاصرة. والواقع أن قرارات الطرد، تحمل في جوانبها حسرات، إذ يحمل كل من الموظفين حكاية مستقلة له مع "الحرة"، تحيط بها جوانب إنسانية، وشعر خلالها الموظفون بالانتماء. سحر أرناؤوط ولسحر أرناؤوط، التي بدأت رحلتها الإعلامية مع "الحرّة" منذ انطلاقتها الأولى، تروي لـ"المدن" بمرارة قصتها مع القناة. تقول: "كانت بدايتي الفعلية في 14 كانون الثاني / يناير 2004، حين قدمت أول تقرير لي على الهواء، ضمن أول نشرة وأول برومو لقناة 'الحرّة'، ومن تلك اللحظة بدأت رحلتي الطويلة معها". وتشير إلى أن الانتقال من الإعلام المحلي إلى العمل في قناة أميركية بمعايير عالية لم يكن سهلاً، لكنه شكّل تحدياً مهنياً هاماً. تضيف: "رغم خبرتي السابقة كمراسلة لسلطنة عمان، فإن العمل في 'الحرّة' كان مختلفاً تماماً، خصوصاً مع الورش المكثفة التي خضعنا لها في واشنطن، تحت إشراف جامعات مرموقة وإعلاميين عالميين من قنوات مثل 'الجزيرة إنغليش' و'بي بي سي'". هذا الاحتكاك، كما تقول، غيّرها مهنياً بالكامل، ورفع من أدائها. وحين وصلت الى بيروت، اكتشفت أن من حرب تموز إلى "الإسناد" شاركت سحر في تغطية التطورات الساخنة، من حرب تموز 2006 إلى حرب الإسناد. تقول: "أهم محطة كانت تغطيتي في سوريا عامي 2011-2012، وخصوصاً في حمص. عشنا لحظات خطرة داخل مناطق مشتعلة وخرجنا بأعجوبة". كما تذكر تغطياتها لمعركة فجر الجرود، أحداث نهر البارد، سبعة أيار، وانتفاضة 2019، وتضيف: "كل هذه المحطات شكّلت مساري المهني، وعلّمتني أن الإنسان والمعلومة الدقيقة هما الأولوية". ومع التوترات الإقليمية الأخيرة، "عُدت إلى الميدان في تغطية الحرب على حزب الله"، معتبرة أن "المعركة لم تكن فقط عسكرية، بل إعلامية أيضاً، وكان عليّ أن أتعامل معها بميزان دقيق". نهاية الرحلة لكن نهاية الرحلة، لم تكن كما توقعت أرناؤوط، إذ تفاجأت بقرار إنهاء خدماتها بعد 21 عاماً برسالة إلكترونية. وتختم حديثها بكلمات مؤثرة: "هذه ليست مجرد وظيفة، كانت حياتي. وما زلت حتى اليوم أتحقق من بريدي، وكأنني ما زلت ضمن الفريق. يصعب عليّ الحديث عن 'الحرّة' بصيغة الماضي". وفاء جباعي وقصة أرناؤوط، تتشاركها مع عشرات الموظفين الآخرين، بينهم وفاء جباعي، مراسلة "الحرّة" في البنتاغون. تقول لـ"المدن": "عملت في قناة الحرة في مرحلتين، المرحلة الاولى امتدّت منذ العام 2004 و حتى 2008 و المرحلة الثانية من 2019 إلى الحادي عشر من نيسان / أبريل الحالي حين تم صرفي بشكل تعسفي مع نحو خمسمائة من زملائي من دون دفع مستحقاتنا القانونية المتمثلة بتعويض نهاية الخدمة والاجازات السنوية". تشير جباعي إلى أن "الصرف كان بحجة عدم وجود التمويل، وامتنعت الادارة عن الالتزام بدفع مستحقاتنا حتى في حال حصولها في المستقبل على التمويل الذي كان الكونغرس اقره وأوقفته مستشارة الرئيس ترامب كاري لايك والتي كلفها بمتابعة عمل الوكالة الاميركية للإعلام الدولي USAGM". — wafaa jibai (@WafaaJibai) وتنتقد جباعي قرار القناة بالاستمرار في البث، قائلة: "الرئيس التنفيذي للقناة جيف غيدمان اتخذ القرار بالاستمرار في البث، وكان بالإمكان ان يوقف البث كما فعلت راديو أوروبا الحرة وصوت اميركا، وبالتالي يصرف مستحقات الموظفين مع المضي قدماً بالمسار القانوني ورفع دعوى قضائية". وتشير الى أنه "إضافة إلى المستحقات المالية، هناك عشرات الموظفين الذين باتوا مضطرين إلى مغادرة الأراضي الاميركية في غضون ثلاثين يوماً من موعد الصرف لاسباب تتعلق بوضعهم القانوني (ما يسمى ب J 1)". حكاية إقفال الحرة منذ اللحظة التي انتُخب فيها دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، بدأت ملامح أزمة جديدة تتشكل داخل أروقة الإعلام الدولي الأميركي. ضمن سلسلة تعيينات مثيرة للجدل، اختار ترامب الصحافية السابقة والوجه البارز في حملته، كاري ليك، لتتولى رئاسة الوكالة الأميركية للإعلام العالمي (U.S.A.G.M.)، وهي الهيئة التي تُشرف على مؤسسات الإعلام الخارجي للولايات المتحدة. وحسب مصادر "المدن"، بدأت ليك فوراً بإطلاق خطة لإعادة هيكلة الوكالة، تمثلت في دمج جميع المؤسسات الإعلامية تحت مظلة واحدة، في عملية أطلقت عليها اسم "streamlining". وشمل الدمج "راديو أوروبا الحرة" (Radio Free Europe)، و"راديو آسيا الحرة" (Radio Free Asia)، و"صوت أميركا" (Voice of America)، و"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN)، التي تشمل قناة "الحرّة"، وراديو وتلفزيون كوبا"، وOTF. وقف التمويل وأصبحت كاري ليك مسؤولة مباشرة عن هذه المؤسسات الست، وأعلنت صراحة نيتها وقف تمويلها، ما أثار مخاوف داخلية من انهيار هذه المنظومة الإعلامية بأكملها. ومع اقتراب الخامس عشر من آذار/ مارس، الموعد الحاسم لتصويت الكونغرس الأميركي على الميزانية قبل الدخول في إغلاق حكومي، أصر النواب على تمرير قرار بتمديد التمويل حتى نهاية السنة المالية (أيلول / سبتمبر 2025)، ما يعنى تأمين استمرارية التمويل لكافة الوكالات التابعة لـU.S.A.G.M، بما في ذلك "صوت أميركا" و"الحرّة". وحسب القانون الأميركي، لا يمكن لأي جهة تنفيذية، بما فيها الرئيس، أن تعارض تنفيذ ميزانية تم التصويت عليها من قِبل الكونغرس. لكن، وعلى الرغم من هذا القرار، رفضت كاري ليك تحويل الأموال، وهو ما أحدث أزمة خانقة داخل المؤسسات الإعلامية، ودفع شبكة "الحرّة" إلى اتخاذ خطوة قاسية، أهمها وضع الموظفين في إجازة غير مدفوعة الأجر، بانتظار البت في دعوى قانونية. ولاحقاً، عاد الموظفون إلى أعمالهم مؤقتاً بعد رفع الدعوى، لكن الأزمة لم تُحل. بل على العكس، انتهت بفصل جماعي لنحو 450 موظفاً، ما فتح الباب أمام تساؤلات ملحّة عن خلفيات هذا القرار المفاجئ. قرار الفصل.. نية مبيتة أم ضرورة قاهرة؟ مصادر "المدن" من داخل الشبكة، كشفت أن هناك انقساماً في التفسيرات: فريق يرى أن المدير العام كان يمتلك نية مسبقة لتقليص عدد الموظفين بشكل دائم ضمن خطة داخلية. بينما يذهب آخرون إلى أن القرار كان إكراهياً نتيجة غياب التمويل. وبالنسبة للموظفين، فقد انقسموا إلى ثلاث فئات: من يحملون الجنسية الأميركية، وهم في وضع قانوني مستقر. من يحملون البطاقة الخضراء (Green Card)، وهم ينتظرون الحصول على الجنسية، ولا يواجهون خطراً مباشراً. أما الفئة الثالثة، فهم من يعملون بتأشيرات مؤقتة، وهؤلاء في وضع قانوني هش ومعقّد. هذه الفئة الثالثة كانت تسعى للحصول على الإقامة الدائمة من خلال تقديم طلبات تحويل الحالة، ولكن بسبب تأخيرات كبيرة في معالجة الطلبات، علقت ملفاتهم. ويعود سبب هذه التأخيرات، حسب المتضررين، إلى السياسات البيروقراطية المعقدة التي اعتمدتها إدارة جو بايدن، والتي فاقمت من مشاكل النظام الإداري للهجرة. وهنا يتكرر سؤال ملحّ: "كيف يمكن الخروج من البلد في ظل هذه التعقيدات التي خلقتها الإدارة الحالية؟" فقد أصبح من شبه المستحيل على البعض اتخاذ قرارات مستقبلية، سواء بالبقاء أو المغادرة، بسبب غياب أي وضوح في الإجراءات، أو حلول عملية في الأفق. اليوم، لم يتبقَ في المكتب الرئيسي لشبكة "الحرّة" في سبرينغفيلد سوى 30 موظفاً فقط، بينما البقية، إما غادروا أو عالقون في الانتظار بلا حماية قانونية ولا مصدر دخل.

موظّفو "الحرة" المفصولون يحتجّون في واشنطن
موظّفو "الحرة" المفصولون يحتجّون في واشنطن

النهار

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • النهار

موظّفو "الحرة" المفصولون يحتجّون في واشنطن

نظمت مجموعة من الموظفين السابقين في شبكة الشرق الأوسط للبث MBN (قناة "الحرة") اعتصاماً أمام النادي الوطني الصحافة في واشنطن العاصمة، احتجاجاً على المعاملة غير العادلة التي تلقاها موظفو الشبكة عقب عمليات التسريح الجماعي التي جرت في وقت سابق من هذا الشهر. وسلط الاحتجاج الضوء على الفصل المفاجئ لأكثر من 500 موظف دون مكافأة نهاية الخدمة أو تعويض عن الإجازات المدفوعة غير المستخدمة، في انتهاك للمعايير الأخلاقية والمهنية. وأرجعت شبكة الشرق الأوسط للبث سبب عمليات التسريح إلى تخفيضات التمويل من وكالتها الأم، الوكالة الأميركية للإعلام العالمي (USAGM). لكنّ الموظفين المفصولين يؤكدون أن طريقة التعامل مع عمليات التسريح تعكس انعدام الشفافية والتعاطف والمسؤولية من جانب إدارة الشبكة. قال أحد المتظاهرين: "تستغل شركة MBN تخفيضات ميزانية USAGM كغطاء لتبرير معاملتها غير الأخلاقية لموظفيها المخلصين الذين خدموا المنظمة ورسالتها لسنوات. لسنا مجرد أرقام في ميزانية، بل نحن مهنيون نستحق أن نُعامل بكرامة". بالإضافة إلى مكافأة نهاية الخدمة غير المدفوعة وإجازة مدفوعة الأجر، لم تُبدِ قيادة MBN أي اهتمام بالموظفين العاملين بموجب تأشيرات J-1، وهم الأفراد الذين يواجهون الآن خطر الترحيل الوشيك بسبب عمليات التسريح المفاجئة. وبموجب شروط التأشيرة، يجب على هؤلاء الموظفين السابقين مغادرة الولايات المتحدة في غضون 30 يوماً من انتهاء خدمتهم. وقال المتظاهرون: "الأمر لا يتعلق بالوظائف فحسب، بل يتعلق بحياة الناس وعائلاتهم ووضعهم القانوني في هذا البلد. إن لامبالاة القيادة غير إنسانية وغير مسؤولة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store