logo
موظّفو "الحرة" المفصولون يحتجّون في واشنطن

موظّفو "الحرة" المفصولون يحتجّون في واشنطن

النهار٢٢-٠٤-٢٠٢٥

نظمت مجموعة من الموظفين السابقين في شبكة الشرق الأوسط للبث MBN (قناة "الحرة") اعتصاماً أمام النادي الوطني الصحافة في واشنطن العاصمة، احتجاجاً على المعاملة غير العادلة التي تلقاها موظفو الشبكة عقب عمليات التسريح الجماعي التي جرت في وقت سابق من هذا الشهر.
وسلط الاحتجاج الضوء على الفصل المفاجئ لأكثر من 500 موظف دون مكافأة نهاية الخدمة أو تعويض عن الإجازات المدفوعة غير المستخدمة، في انتهاك للمعايير الأخلاقية والمهنية.
وأرجعت شبكة الشرق الأوسط للبث سبب عمليات التسريح إلى تخفيضات التمويل من وكالتها الأم، الوكالة الأميركية للإعلام العالمي (USAGM). لكنّ الموظفين المفصولين يؤكدون أن طريقة التعامل مع عمليات التسريح تعكس انعدام الشفافية والتعاطف والمسؤولية من جانب إدارة الشبكة.
قال أحد المتظاهرين: "تستغل شركة MBN تخفيضات ميزانية USAGM كغطاء لتبرير معاملتها غير الأخلاقية لموظفيها المخلصين الذين خدموا المنظمة ورسالتها لسنوات. لسنا مجرد أرقام في ميزانية، بل نحن مهنيون نستحق أن نُعامل بكرامة".
بالإضافة إلى مكافأة نهاية الخدمة غير المدفوعة وإجازة مدفوعة الأجر، لم تُبدِ قيادة MBN أي اهتمام بالموظفين العاملين بموجب تأشيرات J-1، وهم الأفراد الذين يواجهون الآن خطر الترحيل الوشيك بسبب عمليات التسريح المفاجئة. وبموجب شروط التأشيرة، يجب على هؤلاء الموظفين السابقين مغادرة الولايات المتحدة في غضون 30 يوماً من انتهاء خدمتهم.
وقال المتظاهرون: "الأمر لا يتعلق بالوظائف فحسب، بل يتعلق بحياة الناس وعائلاتهم ووضعهم القانوني في هذا البلد. إن لامبالاة القيادة غير إنسانية وغير مسؤولة".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المطرودون من "الحرة": صدمة إنسانية تتخطى القرار الإداريّ
المطرودون من "الحرة": صدمة إنسانية تتخطى القرار الإداريّ

المدن

time٢٧-٠٤-٢٠٢٥

  • المدن

المطرودون من "الحرة": صدمة إنسانية تتخطى القرار الإداريّ

"كنت أنتظر تقديراً لا طرداً". بهذه الكلمات، تعبر الزميلة سحر أرناؤوط عن صدمتها وحسرتها جراء تلقيها قراراً بفضلها من قناة "الحرة"، بعد 21 عاماً من العمل في القناة. تقول: "لم يكن القرار إدارياً فحسب، بل صدمة إنسانية"، إذ "لم نتلقّ أي تعويضات، وكأننا لم نكن شيئًا". وتلقى عشرات الموظفين في القناة إشعاراً بفصلهم والاستغناء عن خدماتهم قبل اسبوعين، ضمن خطة إعادة الهيكلة التي أطلقتها "الوكالة الأميركية للإعلام العالمي" (U.S.A.G.M.)، ولم يبقَ في قناة "الحرة" وموقعها الالكتروني الآن، إلا القليل، بينهم 30 موظفاً في سبرينغفيلد، في واحدة من أكبر النكسات الإعلامية المعاصرة. والواقع أن قرارات الطرد، تحمل في جوانبها حسرات، إذ يحمل كل من الموظفين حكاية مستقلة له مع "الحرة"، تحيط بها جوانب إنسانية، وشعر خلالها الموظفون بالانتماء. سحر أرناؤوط ولسحر أرناؤوط، التي بدأت رحلتها الإعلامية مع "الحرّة" منذ انطلاقتها الأولى، تروي لـ"المدن" بمرارة قصتها مع القناة. تقول: "كانت بدايتي الفعلية في 14 كانون الثاني / يناير 2004، حين قدمت أول تقرير لي على الهواء، ضمن أول نشرة وأول برومو لقناة 'الحرّة'، ومن تلك اللحظة بدأت رحلتي الطويلة معها". وتشير إلى أن الانتقال من الإعلام المحلي إلى العمل في قناة أميركية بمعايير عالية لم يكن سهلاً، لكنه شكّل تحدياً مهنياً هاماً. تضيف: "رغم خبرتي السابقة كمراسلة لسلطنة عمان، فإن العمل في 'الحرّة' كان مختلفاً تماماً، خصوصاً مع الورش المكثفة التي خضعنا لها في واشنطن، تحت إشراف جامعات مرموقة وإعلاميين عالميين من قنوات مثل 'الجزيرة إنغليش' و'بي بي سي'". هذا الاحتكاك، كما تقول، غيّرها مهنياً بالكامل، ورفع من أدائها. وحين وصلت الى بيروت، اكتشفت أن من حرب تموز إلى "الإسناد" شاركت سحر في تغطية التطورات الساخنة، من حرب تموز 2006 إلى حرب الإسناد. تقول: "أهم محطة كانت تغطيتي في سوريا عامي 2011-2012، وخصوصاً في حمص. عشنا لحظات خطرة داخل مناطق مشتعلة وخرجنا بأعجوبة". كما تذكر تغطياتها لمعركة فجر الجرود، أحداث نهر البارد، سبعة أيار، وانتفاضة 2019، وتضيف: "كل هذه المحطات شكّلت مساري المهني، وعلّمتني أن الإنسان والمعلومة الدقيقة هما الأولوية". ومع التوترات الإقليمية الأخيرة، "عُدت إلى الميدان في تغطية الحرب على حزب الله"، معتبرة أن "المعركة لم تكن فقط عسكرية، بل إعلامية أيضاً، وكان عليّ أن أتعامل معها بميزان دقيق". نهاية الرحلة لكن نهاية الرحلة، لم تكن كما توقعت أرناؤوط، إذ تفاجأت بقرار إنهاء خدماتها بعد 21 عاماً برسالة إلكترونية. وتختم حديثها بكلمات مؤثرة: "هذه ليست مجرد وظيفة، كانت حياتي. وما زلت حتى اليوم أتحقق من بريدي، وكأنني ما زلت ضمن الفريق. يصعب عليّ الحديث عن 'الحرّة' بصيغة الماضي". وفاء جباعي وقصة أرناؤوط، تتشاركها مع عشرات الموظفين الآخرين، بينهم وفاء جباعي، مراسلة "الحرّة" في البنتاغون. تقول لـ"المدن": "عملت في قناة الحرة في مرحلتين، المرحلة الاولى امتدّت منذ العام 2004 و حتى 2008 و المرحلة الثانية من 2019 إلى الحادي عشر من نيسان / أبريل الحالي حين تم صرفي بشكل تعسفي مع نحو خمسمائة من زملائي من دون دفع مستحقاتنا القانونية المتمثلة بتعويض نهاية الخدمة والاجازات السنوية". تشير جباعي إلى أن "الصرف كان بحجة عدم وجود التمويل، وامتنعت الادارة عن الالتزام بدفع مستحقاتنا حتى في حال حصولها في المستقبل على التمويل الذي كان الكونغرس اقره وأوقفته مستشارة الرئيس ترامب كاري لايك والتي كلفها بمتابعة عمل الوكالة الاميركية للإعلام الدولي USAGM". — wafaa jibai (@WafaaJibai) وتنتقد جباعي قرار القناة بالاستمرار في البث، قائلة: "الرئيس التنفيذي للقناة جيف غيدمان اتخذ القرار بالاستمرار في البث، وكان بالإمكان ان يوقف البث كما فعلت راديو أوروبا الحرة وصوت اميركا، وبالتالي يصرف مستحقات الموظفين مع المضي قدماً بالمسار القانوني ورفع دعوى قضائية". وتشير الى أنه "إضافة إلى المستحقات المالية، هناك عشرات الموظفين الذين باتوا مضطرين إلى مغادرة الأراضي الاميركية في غضون ثلاثين يوماً من موعد الصرف لاسباب تتعلق بوضعهم القانوني (ما يسمى ب J 1)". حكاية إقفال الحرة منذ اللحظة التي انتُخب فيها دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، بدأت ملامح أزمة جديدة تتشكل داخل أروقة الإعلام الدولي الأميركي. ضمن سلسلة تعيينات مثيرة للجدل، اختار ترامب الصحافية السابقة والوجه البارز في حملته، كاري ليك، لتتولى رئاسة الوكالة الأميركية للإعلام العالمي (U.S.A.G.M.)، وهي الهيئة التي تُشرف على مؤسسات الإعلام الخارجي للولايات المتحدة. وحسب مصادر "المدن"، بدأت ليك فوراً بإطلاق خطة لإعادة هيكلة الوكالة، تمثلت في دمج جميع المؤسسات الإعلامية تحت مظلة واحدة، في عملية أطلقت عليها اسم "streamlining". وشمل الدمج "راديو أوروبا الحرة" (Radio Free Europe)، و"راديو آسيا الحرة" (Radio Free Asia)، و"صوت أميركا" (Voice of America)، و"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN)، التي تشمل قناة "الحرّة"، وراديو وتلفزيون كوبا"، وOTF. وقف التمويل وأصبحت كاري ليك مسؤولة مباشرة عن هذه المؤسسات الست، وأعلنت صراحة نيتها وقف تمويلها، ما أثار مخاوف داخلية من انهيار هذه المنظومة الإعلامية بأكملها. ومع اقتراب الخامس عشر من آذار/ مارس، الموعد الحاسم لتصويت الكونغرس الأميركي على الميزانية قبل الدخول في إغلاق حكومي، أصر النواب على تمرير قرار بتمديد التمويل حتى نهاية السنة المالية (أيلول / سبتمبر 2025)، ما يعنى تأمين استمرارية التمويل لكافة الوكالات التابعة لـU.S.A.G.M، بما في ذلك "صوت أميركا" و"الحرّة". وحسب القانون الأميركي، لا يمكن لأي جهة تنفيذية، بما فيها الرئيس، أن تعارض تنفيذ ميزانية تم التصويت عليها من قِبل الكونغرس. لكن، وعلى الرغم من هذا القرار، رفضت كاري ليك تحويل الأموال، وهو ما أحدث أزمة خانقة داخل المؤسسات الإعلامية، ودفع شبكة "الحرّة" إلى اتخاذ خطوة قاسية، أهمها وضع الموظفين في إجازة غير مدفوعة الأجر، بانتظار البت في دعوى قانونية. ولاحقاً، عاد الموظفون إلى أعمالهم مؤقتاً بعد رفع الدعوى، لكن الأزمة لم تُحل. بل على العكس، انتهت بفصل جماعي لنحو 450 موظفاً، ما فتح الباب أمام تساؤلات ملحّة عن خلفيات هذا القرار المفاجئ. قرار الفصل.. نية مبيتة أم ضرورة قاهرة؟ مصادر "المدن" من داخل الشبكة، كشفت أن هناك انقساماً في التفسيرات: فريق يرى أن المدير العام كان يمتلك نية مسبقة لتقليص عدد الموظفين بشكل دائم ضمن خطة داخلية. بينما يذهب آخرون إلى أن القرار كان إكراهياً نتيجة غياب التمويل. وبالنسبة للموظفين، فقد انقسموا إلى ثلاث فئات: من يحملون الجنسية الأميركية، وهم في وضع قانوني مستقر. من يحملون البطاقة الخضراء (Green Card)، وهم ينتظرون الحصول على الجنسية، ولا يواجهون خطراً مباشراً. أما الفئة الثالثة، فهم من يعملون بتأشيرات مؤقتة، وهؤلاء في وضع قانوني هش ومعقّد. هذه الفئة الثالثة كانت تسعى للحصول على الإقامة الدائمة من خلال تقديم طلبات تحويل الحالة، ولكن بسبب تأخيرات كبيرة في معالجة الطلبات، علقت ملفاتهم. ويعود سبب هذه التأخيرات، حسب المتضررين، إلى السياسات البيروقراطية المعقدة التي اعتمدتها إدارة جو بايدن، والتي فاقمت من مشاكل النظام الإداري للهجرة. وهنا يتكرر سؤال ملحّ: "كيف يمكن الخروج من البلد في ظل هذه التعقيدات التي خلقتها الإدارة الحالية؟" فقد أصبح من شبه المستحيل على البعض اتخاذ قرارات مستقبلية، سواء بالبقاء أو المغادرة، بسبب غياب أي وضوح في الإجراءات، أو حلول عملية في الأفق. اليوم، لم يتبقَ في المكتب الرئيسي لشبكة "الحرّة" في سبرينغفيلد سوى 30 موظفاً فقط، بينما البقية، إما غادروا أو عالقون في الانتظار بلا حماية قانونية ولا مصدر دخل.

موظّفو "الحرة" المفصولون يحتجّون في واشنطن
موظّفو "الحرة" المفصولون يحتجّون في واشنطن

النهار

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • النهار

موظّفو "الحرة" المفصولون يحتجّون في واشنطن

نظمت مجموعة من الموظفين السابقين في شبكة الشرق الأوسط للبث MBN (قناة "الحرة") اعتصاماً أمام النادي الوطني الصحافة في واشنطن العاصمة، احتجاجاً على المعاملة غير العادلة التي تلقاها موظفو الشبكة عقب عمليات التسريح الجماعي التي جرت في وقت سابق من هذا الشهر. وسلط الاحتجاج الضوء على الفصل المفاجئ لأكثر من 500 موظف دون مكافأة نهاية الخدمة أو تعويض عن الإجازات المدفوعة غير المستخدمة، في انتهاك للمعايير الأخلاقية والمهنية. وأرجعت شبكة الشرق الأوسط للبث سبب عمليات التسريح إلى تخفيضات التمويل من وكالتها الأم، الوكالة الأميركية للإعلام العالمي (USAGM). لكنّ الموظفين المفصولين يؤكدون أن طريقة التعامل مع عمليات التسريح تعكس انعدام الشفافية والتعاطف والمسؤولية من جانب إدارة الشبكة. قال أحد المتظاهرين: "تستغل شركة MBN تخفيضات ميزانية USAGM كغطاء لتبرير معاملتها غير الأخلاقية لموظفيها المخلصين الذين خدموا المنظمة ورسالتها لسنوات. لسنا مجرد أرقام في ميزانية، بل نحن مهنيون نستحق أن نُعامل بكرامة". بالإضافة إلى مكافأة نهاية الخدمة غير المدفوعة وإجازة مدفوعة الأجر، لم تُبدِ قيادة MBN أي اهتمام بالموظفين العاملين بموجب تأشيرات J-1، وهم الأفراد الذين يواجهون الآن خطر الترحيل الوشيك بسبب عمليات التسريح المفاجئة. وبموجب شروط التأشيرة، يجب على هؤلاء الموظفين السابقين مغادرة الولايات المتحدة في غضون 30 يوماً من انتهاء خدمتهم. وقال المتظاهرون: "الأمر لا يتعلق بالوظائف فحسب، بل يتعلق بحياة الناس وعائلاتهم ووضعهم القانوني في هذا البلد. إن لامبالاة القيادة غير إنسانية وغير مسؤولة".

الوداع المّر في قناة "الحرّة": حكايات إنسانية
الوداع المّر في قناة "الحرّة": حكايات إنسانية

النهار

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • النهار

الوداع المّر في قناة "الحرّة": حكايات إنسانية

من داخل الجدران الزجاجية التي كانت تعكس نور الكاميرات وأصوات النشرات، خرج عدد من الصحافيين محمّلين بثقل التجربة والخذلان. لم يكن الأمر مجرّد إغلاق لمكتب أو فسخ عقود، بل كان زلزالاً شخصياً ومهنياً وأخلاقياً، طاول حياة العشرات ممّن وهبوا سنواتهم، وأحلامهم، لقناة "الحرة"، معتقدين أنهم وجدوا فيها مساحة للحرية، وبيتاً يتسع لهم. عمر حرقوص، الذي كان يشغل منصب رئيس تحرير في مكتب دبي، لا ينسى اللحظة التي شعر فيها بأنه ينتمي بصدقٍ حقيقي. "في لحظة ما، اعتقدتُ أنني أعمل في مكان يمنحني ك الحرية كاملة كي أكتب، كي أتحدث عن العالم بلا قيود، عن الضعفاء والمقهورين بلا خضوع لأجندة سياسية"، يقول بصوت لا يزال يحمل بعضاً من الحنين. كان عمر يكتب عن القضايا المسكوت عنها: الإيزيديين، العلويين، السنّة، اللاجئين، المثليين، ضحايا العنف، والنساء المعنّفات. شعر بأن الصحافة أصبحت امتداداً لروحه، بل وسيلة للبقاء. لكنه اليوم، لا يملك شيئاً. "لحظة طُردت منها، لم أعد أملك أوراقاً رسمية، ولا تأميناً، ولا حماية قانونية. كنت أعيش استقراراً نسبياً، دخلاً شهرياً، سقفاً فوق رأسي، خططاً صغيرة للمستقبل. واليوم، كل شيء تبخّر". أكثر ما يؤلمه ليس الراتب، بل "خسارة الحلم، خسارة مساحة الحرية". يستدرك: "هل تعرفون كيف تشعرون حين تُرمَون من الطابق العاشر وأنتم نائمون؟ هذا تماماً ما جرى". الحال ليس فردياً، بل هو مشترك بين عشرات من زملائه، كما تروي إحدى الموظفات في مكتب واشنطن، ممن جاؤوا إلى الولايات المتحدة بوعود بالإقامة الدائمة، ولم يحصلوا عليها. "أنا واحدة من هؤلاء. جئت بتأشيرة J1، وقيل لنا إن المؤسسة ستُباشر تغيير وضعنا القانوني بعد أشهر. مرّ أكثر من عامين ونصف، ولم يحدث شيء". فجأة، ودون سابق إنذار، وُضعوا أمام خيار الرحيل خلال ثلاثين يوماً، أو البقاء بطريقة غير قانونية. "هذا يعني ببساطة: الترحيل. نحن نتحدث عن أكثر من 30 شخصاً يعيشون هذا الكابوس"، تقول. "ما حدث معنا ليس مجرد أزمة مهنية، بل أزمة حياة". من بيروت، تحكي سارة الخنسا، الصحافية التي أمضت ثلاث سنوات تقريباً في مكتب الحرة، تجربتها التي تركت أثراً عميقاً في قلبها. "كانت تجربة غيّرتني، صقلتني، منحتني الشعور بأنني أنتمي إلى مكانٍ يحترمني"، تقول. كان مكتب بيروت عائلة صغيرة، يعمل فيها الجميع كفريق. "لا مكان للتسلّط، لا مكان للفوقية. من يعمل في قسم الإنتاج يمدّ يد العون في المونتاج، ومن يكتب النصوص لا يتردد في حمل الكاميرا". لكن حين بدأ الحديث عن الاستغناءات، تغيّر كل شيء. "أحسست بضغط كبير بعد خسارة زملائي في المرحلة الأولى، إذ كنا نعمل كعائلة واحدة. شعرتُ كأن بيتنا يتفكّك". كانت المديرة ميرال مساعد "مثل الأم الثانية لنا"، وحين غادرت، شعر الفريق بأن "البيت انهار فجأة". يوم وصل بريد الإغلاق الرسمي، لم يكن مفاجئاً، لكن لم يكن سهلاً. "قررت أن أمنح نفسي يوماً واحداً للحزن، ثم بدأت أرسم خطة بديلة. قلت لنفسي: لن أستسلم". اليوم، تعمل سارة مستقلةً في عدة مشاريع. "أُقاوم، وأستمر". وما تزال، مع زملائها، تحاول بناء "الحرة" الخاصة بهم، خارج مبناها. من داخل المؤسسة نفسها، كانت تجري تطمينات ووعود، لكن ما حدث بعد ذلك أثبت هشاشتها. تقول موظفة أخرى فضّلت عدم ذكر اسمها: "كنا نأخذ وعوداً من ديدرا كلين، نائبة المدير التنفيذي، في اجتماعات يومية، وكانت تكرر علينا الكلام نفسه، لتخديرنا نفسياً". الواقع كان أقسى من أيّ توقع. "لم نحصل على تعويضات نهاية الخدمة، ولا حتى إجازاتنا السنوية المدفوعة. بعضنا لم يتلقَّ حتى إنذار صرف". إحدى أكثر القصص إيلاماً هي لرجل من مكتب بيروت، وهو أب لثلاثة أطفال، تبلّغ قرار صرفه في اليوم الذي سبق أحد الشعانين، مساء السبت. "لم يُتح له حتى الوقت ليحصل على كتاب الصرف قبل يوم الاثنين"، تقول زميلته. "هؤلاء الزملاء لا يملكون أي مصدر دخل آخر غير راتبهم في الحرة". تحكي موظفة عملت لأكثر من عامين في قسم الإنتاج الرقمي عن تجربة وصفتها بأنها "مليئة بالإحباط وعدم الشفافية". تقول: "منذ لحظة وصولي، اكتشفت أنني سأتحمّل نفقات لم يُذكر شيء عنها... الضرائب، السكن، حتى ضريبة على المساعدة السكنية التي قدموها لي أول أسبوع". لم يكن لديها هاتف، أو بطاقة مصرفية، أو وسيلة اتصال. "تحمّلت كل شيء وحدي، دون أي دعم". على المستوى المهني، شعرت بأن النظام الإداري يفتقر إلى أي معايير. "الترقية تعتمد على العلاقات والانتماءات، لا على الكفاءة. حتى مراجعات الأداء كانت شكلية، بلا وضوح أو فاعلية". ثم جاء قرار الفصل. "تلقّيت بريداً إلكترونياً عاماً. أُغلِقت حساباتي فوراً. لم أُمنَح فرصة لوداع الفريق. لم أحصل على تعويض، ولا على راتب آخر شهر، ولا حتى على إجازاتي". الأشد إيلاماً بالنسبة إليها كان أن من اتخذ هذه القرارات "أشخاص عرب، من بيئتنا، يعرفون تماماً معنى أن تكون مهاجراً على تأشيرة مؤقتة، لكنهم فضّلوا حماية مصالحهم". في لحظة الأزمة، رُقِّي بعض الموظفين ممّن تجمعهم علاقات خاصة مع الإدارة، فيما كان زملاؤهم يفقدون بيوتهم. ربما كانت قناة "الحرة" تحمل في اسمها ما خالفته في قراراتها الأخيرة. حرية فقدها من آمنوا بها، وعدالة غابت عمّن صمدوا في وجه الأزمات. اليوم، هم فقط يطالبون بما بقي من كرامة، ومن حق في الحياة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store