٢٠-٠٧-٢٠٢٥
أخبار العالم : ليس في أمريكا..أين يقع أقدم منتزه وطني في العالم؟
الأحد 20 يوليو 2025 04:30 مساءً
نافذة على العالم - دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يتعلّم العديد من أطفال المدارس الأمريكيين أن "يلوستون" كان أول منتزه وطني في العالم. لكن في الجانب الآخر من العالم، في منغوليا جنوب العاصمة أولان باتور، هناك جبل يطالب بهذا اللقب.
وكما هو الحال في منغوليا، لهذا الجبل صلة بجنكيز خان، مؤسس الإمبراطورية المغولية في القرن الثالث عشر، والذي لا يزال اسمه وصورته منتشرين في منغوليا حتى اليوم.
وكان توغرول، المعروف أيضًا باسم وانغ خان، وهو صديق مقرّب وحليف لوالد خان، يحمي ويجِلّ جبل "بوجد خان".
جبل بوجد خان يقع في الضواحي الجنوبية لمدينة أولان باتور، وربما يكون أقدم منتزه وطني في العالم.
Credit: Guenter Fischer/imageBROKER/Shutterstock
وفقًا للعمل التاريخي "الحياة السرية للمغول"، وهو أقدم كتاب موجود في منغوليا، فقد منع توغرول أي شخص من الصيد وقطع الأشجار، من بين أنشطة أخرى، منذ وقت مبكر من القرن الثالث عشر.
واليوم، يُعد دخول جبل"بوجد خان"، الذي تم الاعتراف به كمحمية محيط حيوي من قِبل اليونسكو في عام 1996، وسيلة للهروب من زحام العاصمة وتلوثها.
ويشق نهر "Terelj" طريقه عبر غابات كثيفة من أشجار الصنوبر والبتولا والحور. وتدور الفراشات البيضاء في جماعات.
وبفضل المكانة المرموقة طويلة الأمد الذي حظي بها هذا المنتزه، فقد ازدهرت العديد من النباتات والحيوانات المحلية، حيث حُميت من الصيد والزراعة. ومن بينها الأيل المسكي النادر، المعروف بأسنانه الشبيهة بالأنياب، والأرنب القطبي.
وينبغي للزوار الانتباه أيضًا إلى النسور، والنسور الجارحة، والمرموط، والخنازير البرية.
منتزه "بوجد خان" الوطني
كانت منطقة المنتزه الوطني محمية من قبل الحكومة منذ القرن الثالث عشر.
Credit: Lilit Marcus/CNN
يقول سارول-إردينه مياغمار، وهو من سكان أولان باتور الأصليين والخبير في شؤون منغوليا يعمل في مكتبة الكونغرس بواشنطن العاصمة: "جبل بوجد خان مقدّس ورمزي لجميع المنغوليين".
كلمة "بوجد" تعني "القدّيس" في اللغة المنغولية، و"أول" تعني "جبل"، أما "خان" فهي لقب احتفالي يُمنح للحكّام. يمكن ترجمة اسم جبل "بوجد خان" إلى "جبل القدّيس الخاص بالحاكم".
وماذا عن الادعاء بأن جبل "بوجد خان" أقدم من منتزه يلوستون؟
بالقرب من المدخل الشمالي للمنتزه يقع نصب زيسان التذكاري، وهو مكرّس لجنود منغوليا والاتحاد السوفيتي الذين لقوا حتفهم في الحرب العالمية الثانية.
Credit: Lilit Marcus/CNN
وفي عام 1778، كتب النبلاء المنغوليون إلى إمبراطور سلالة تشينغ (المانشو)، التي كانت تحكم المنطقة آنذاك، طالبين أن يُعلن جبل بوجد خان أول منطقة محمية رسمية. وقد وافق الإمبراطور على ذلك.
أما منتزه "يلوستون"، الذي يمتد عبر أجزاء من ولايات وايومنغ وأيداهو ومونتانا، فقد أنشئ عام 1872. وبالمقارنة، حصلت أستراليا على أول منتزه وطني لها في عام 1879، وكندا في عام 1885، وفرنسا في عام 1963، ومصر في عام 1983.
وفي منطقة الكاريبي، هناك منافس آخر، إذ تعد محمية غابة ريدج الرئيسية في توباغو، التي أُنشئت في عام 1776، من أقدم المناطق المحمية في العالم.
لكن العديد من المنغوليين يتجاهلون تاريخ 1778 ويعتبرون بداية "الوضع المحمي" لـ"بوجد خان" قد بدأ في القرن الثالث عشر، ما يضع هذا المنتزه في الصدارة متقدماً على منافسيه بعدة قرون.
وعلى عكس متنزه يلوستون والمتنزهات الشهيرة الأخرى، لا يزال متنزه "بوجد خان أول" غير معروف نسبيًا في بقية أنحاء العالم. ويرتبط ذلك بشكل كبير بموقع منغوليا، إذ أن هذه الدولة الباردة غير الساحلية، المحصورة بين الصين وروسيا، لم تشهد عددًا كبيرًا من الزوار الدوليين. كما أن الكثير من المعلومات حول المتنزه وتاريخه متوفرة فقط باللغة المنغولية.
ومع ذلك، فإن هذا الوضع آخذ في التغير. إذ تستثمر منغوليا بشكل كبير في قطاع السياحة، وتأمل أن يسهم هذا القطاع بنسبة 10% في اقتصادها بحلول عام 2030.
وقد زار منغوليا حوالي 808 ألف سائح أجنبي في عام 2024، وهو أعلى رقم في تاريخها.
بالنسبة للمغوليين مثل مياغمار، فإن أهمية الجبل لا تتعلق فقط بما إذا كان بالفعل أقدم حديقة وطنية في العالم أم لا.
ويقول: "حتى قبل البوذية، كان هناك الشامانية. والمعتقد القديم جداً هو أن لكل جبل ونهر مالك خاص به. إنه يشبه الشبح تقريباً. ومالك جبل بوجد خان هو رجل عجوز أبيض. وإذا أغضبنا هذا المالك، فإن أشياء سيئة كثيرة قد تحدث".
ولا يزال الإرث الروحي للمنتزه قائماً حتى اليوم. إذ تنتشر في جبل "بوجد خان" ما يُعرف بـ"أوفو"، وهي تلال مقدسة مصنوعة من الصخور وقطع الخشب وبقايا قماش ملون.
ويُعتبر من إساءة الأدب، بل ومن سوء الحظ أحياناً، أن يترك الزوار القمامة، أو أن يستخدموا الحمام خارج الأماكن المخصصة، أو أن يعبثوا بـ"أوفو".
رحلات المشي
تنتشر في الجبل مجموعات كثيفة من أشجار الحور الرجراج، والصنوبر، والبتولا، والأشجار الأخرى.
Credit: Lilit Marcus/CNN
يحرص العديد من المسافرين الذين يقيمون في وسط المدينة بدمج زيارة الحديقة الوطنية مع التوقف عند تلة "زيسان"، والتي تضم نصباً يحمل الاسم نفسه.
هذا النصب التذكاري المبني على طراز العمارة الوحشية يتميز بجدرانه الداخلية المزينة بلوحات ملونة، وهو مكرّس للجنود السوفييت والمغوليين الذين قُتلوا خلال الحرب العالمية الثانية.
داخل النصب التذكاري، تصور فسيفساء البلاط المنغوليين والسوفييت يعيشون معًا في وئام.
Credit: Lilit Marcus/CNN
ويقع هذا النصب في قمة تلة، ما يجعله موقعا مناسباً للحصول على رؤية بانورامية للمدينة وتحديد الاتجاهات. إلا أن ذلك يعتمد بدرجة كبيرة على حالة الطقس في ذلك اليوم، فغالباً ما تكون السماء في "يو بي"، كما يسميها السكان المحليون، مليئة بالضباب والدخان.
ومن نصب "زيسان"، يمكن الوصول بسهولة سيراً على الأقدام إلى المدخل الشمالي لـ"بوجد خان أول". وهناك مسارات متنوعة تتراوح بين السهلة والصعبة، وجميعها محددة بوضوح.