أحدث الأخبار مع #بنكمركزي


اليمن الآن
٢٤-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- اليمن الآن
الدولار فوق 2500 ريال.. إنهيار حاد للعملة المحلية وسط صمت حكومي مطبق
يعيش المواطنون في عدن وباقي المحافظات ظروفاً صعبة للغاية مع انهيار الريال اليمني وتخطيه مستوى 2500 ريال للدولار الواحد، وسط صمت حكومي مطبق وغياب أي مؤشرات على التدخل الحكومي الجاد لإنقاذ الوضع والحد من تداعيات الكارثة. وتتصاعد الدعوات إلى الخروج في مظاهرات شعبية واسعة في عدن والمحافظات احتجاجاً على الانهيار، وسط ارتفاع جنوني في أسعار الغذاء والوقود والأدوية وغيرها من السلع الأساسية، إلى جانب تدهور أو انعدام الخدمات الأساسية. ونشر ناشطون دعوات للمواطنين والتجار وأصحاب المحلات التجارية في محافظات الحكومة إلى إعلان عصيان مدني والدخول في إضراب شامل والمشاركة في ما وُصف بـ'انتفاضة شعبية'. ويحذر اقتصاديون من الوقوع في حافة انهيار شامل بسبب استمرار تدهور قيمة العملة المحلية وغياب الحكومة كلياً عن المشهد. من عدن يرى الخبير الاقتصادي 'ماجد الداعري' أن كارثة انهيار العملة أكبر من قدرات البنك المركزي والحكومة المفلسة، وأنه لا يمكن إيقاف الانهيار إلا بتغيير حكومة كفاءات وطنية نزيهة ومجربة. ويشير إلى ضرورة إعادة تصدير النفط ومحاربة الفساد وتفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة وانهاء المحاصصة السياسية الكارثية، حد تعبيره، وإعادة مراجعة كل السياسات الاقتصادية للدولة وتبنّي سياسة تقشف. كما يؤكد الداعري على أهمية تعيين مجلس إدارة بنك مركزي من كوادر وطنية نزيهة وفاعلة من كوادر القطاع المصرفي والمتعاملين بالسوق، لإعادة رسم سياسة نقدية إنقاذية للعملة بدعم كامل وتعاون من كل الجهات الحكومية المعنية. الحكومة تفاوض على قرض يُضاف إلى ديون اليمن يحدث الانهيار بينما يتواجد وفد من بنك عدن المركزي ووزارة المالية في العاصمة الأمريكية واشنطن خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ويفاوض المركزي صندوق النقد على الحصول على قرض لتعزيز إمكانياته وسط الأزمة الاقتصادية التي خلالها يُتهم البنك بالفشل الذريع في الإدارة النقدية والمصرفية، فضلاً عن عدم استقلاليته. وتأمل الحكومة في الوصول إلى نتائج خلال الفترة المقبلة للبدء بمفاوضات رسمية حول حجم القرض. وحسب معلومات بقش، فإن الدين الخارجي لليمن يُقدر في الوقت الراهن بنحو 5.5 إلى 5.7 مليارات دولار. وكانت نقابة الصرافين في عدن قالت أمس إن هناك خللاً في قطاع الرقابة على البنوك لدى البنك المركزي، أدى إلى استمرار تدهور الريال اليمني بشكل حاد، ويعود هذا الخلل إلى عدم كفاية الرقابة على البنوك، أو عدم تطبيق السياسات النقدية بشكل فعال، وطالبت البنك المركزي ببيع المزاد العلني بسعر 2200 ريال للدولار الواحد. إذ أثبتت مزادات بيع الدولار فشلها في كبح الانهيار، وتشهد منذ فترة غير قصيرة ضعفاً في الإقبال عليها بسبب عدم جدواها في حلحلة الوضع الاقتصادي والمصرفي المتفاقم. ورغم فشل المزادات، إلا أن نقابة الصرافين اعتقدت أن بيع المزاد العلني بسعر 2200 ريال للدولار سيكون له تأثير إيجابي على سعر الصرف، حيث يمكن أن يساعد في تقليل الضغط على سعر الصرف وتقليل التقلبات في السوق.


أرقام
١٦-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- أرقام
دروس التاريخ .. حتى تزدهر أمريكا يجب أن تخسر في التجارة الدولية
في لحظة فارقة من تاريخ النظام المالي، جمعت أمريكا أغلب ذهب العالم في خزائنها، لا بالغزو، بل بوعد.. وعدٌ مغلف بالدولار الذي اعتقد الجميع أنه أصبح "المعدن النفيس الجديد" فتدافعت البلدان لبناء احتياطياتها من العملة الخضراء، حتى جاء اليوم الذي قررت فيه أمريكا أن تحنث بالوعد. في عام 1971، وقف الرئيس "ريتشارد نيكسون" أمام العالم وأعلن: "لن نُبدّل الدولار بالذهب بعد الآن"، ليكتب نهاية نظام "بريتون وودز"، وتتحقق نبوءة الاقتصادي "روبرت تريفين" الذي رأى أن "من يحكم عملة العالم، لا يستطيع أن يحميها". واليوم، بينما يسعى الرئيس "دونالد ترامب" لسحق العجز التجاري، هل يعيد التاريخ نفسه؟ وهل تتكرر الخدعة لكن بأدواتٍ جديدة؟ انهيار النظام.. ونبوءة تريفين - كان اتفاق عام 1944 ينص على ربط الدولار بالذهب بسعر ثابت (35 دولارًا للأوقية)، وربط باقي عملات الدول المشاركة بالدولار، وأن تحتفظ الدول بأرصدة دولارية لدى أمريكا، وفي المقابل، تضمن الولايات المتحدة التي تحولت إلى بنك مركزي عالمي أن تحول هذه الدولارات إلى ذهب عند الطلب. - نتيجة لذلك، حولت الكثير من الدول فوائضها التجارية إلى أرصدة دولارية لدى الاحتياطي الفيدرالي، وتخلت تدريجيًا عن جزء كبير من الذهب لصالح الولايات المتحدة، والتي امتلكت أكثر من نصف احتياطي الذهب في العالم بحلول أواخر الستينيات (20 ألف طن تقريبًا). - لكن تزايد نفقات واشنطن بسبب الحرب في فيتنام والبرامج الاجتماعية، دفعها إلى التوسع في طباعة الدولارات دون غطاء كافٍ من الذهب، ومع نمو الاقتصاد العالمي، تدفقت هذه الأموال إلى الخارج، وعندما طالبت الدول بتحويلها إلى ذهب، انخفض احتياطي المعدن النفيس لدى الولايات المتحدة إلى مستويات خطيرة. - هذا الضغط كان المحرك الرئيسي وراء إعلان عام 1971، والذي عُرف لاحقًا باسم "صدمة نيكسون"، ومع ذلك، فإنه لم يكن صادمًا تمامًا، حيث توقع "روبرت تريفين" وحذر مرارًا من انهيار نظام "برايتون وودز". - ببساطة تنص نظريته أو ما يعرف بـ "مفارقة تريفين"، على أن توقف الولايات المتحدة عن تسجيل عجز بالمعاملات الدولية، يعني خسارة المجتمع الدولي أكبر مصدر لتدفق الاحتياطيات النقدية، ومع نقص السيولة سيُدفع بالاقتصاد العالمي نحو الانكماش وعدم الاستقرار. - في المقابل، فإن استمرار العجز في الولايات المتحدة، يعني أن الدولارات تتدفق إلى النظام العالمي وتدفع النمو، رغم تحذير "تريفين" من أن هذا العجز سيقوض الثقة في الدولار نفسه بمرور الوقت. الدرس الذي أغفله ترامب - يشعر الرئيس "ترامب" أن الولايات المتحدة كانت "تُستغل" من قبل شركائها التجاريين طوال أكثر من نصف قرن بسبب العجز التجاري الضخم، ويرى أنه إذا كانت بلاده تشتري من دولة ما أكثر مما تبيعه لها، فإن ذلك يعني تفوق هذه الدولة على أمريكا. - يبلغ عجز الميزان التجاري السلعي للولايات المتحدة زهاء 1.2 تريليون دولار (الأعلى في العالم) عند نحو 4% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ويقارن ذلك بعجز قدره 150 مليار دولار فقط قبل 30 عامًا. - في الفترة بين منتصف الستينيات وبداية السبعينيات، كان استقرار الميزان التجاري ملحوظًا، ففي عام 1964، حققت الولايات المتحدة فائضاً تجارياً قدره 6.75 مليار دولار، ما يعادل 1.1% من الناتج المحلي الإجمالي. - لكن في عام 1971 سجلت البلاد عجزًا تجاريًا قدره 2.3 مليار دولار، ومنذ ذلك الحين، شهدت الولايات المتحدة عجزًا تجاريًا في كل عام تقريبًا، رغم أن تحركات الرئيس "نيكسون" كانت تهدف في الأساس إلى وقف تدهور ميزان التجارة. - لم تفلح الإجراءات المتطرفة واللغة المتعجرفة (مثل عندما قال وزير الخزانة الأمريكي لوزراء مالية الدول الأخرى: الدولار عملتنا لكنه مشكلتكم أنتم) قبل 50 عامًا في منع تدهور الميزان التجاري، ومع ذلك، لم يحرم هذا الانحدار الولايات المتحدة من الازدهار. - بلغ الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للولايات المتحدة 1.1 تريليون دولار عام 1970، ورغم ارتفاع العجز التجاري بشكل كبير اليوم، بلغ حجم الاقتصاد الأمريكي قرابة 30 تريليون دولار، وقفز نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 86.6 ألف دولار من 5.3 ألف دولار. - مع ذلك، وعلى طريقة "نيكسون"، أخبر "ترامب" مؤخرًا زعماء الدول المتفاوضة على الرسوم الجمركية: "لن نقبل بعجز تجاري مع دولكم.. بالنسبة لي، العجز خسارة، لذا سنحقق فوائض، أو في أسوأ الأحوال، سنصل إلى نقطة التعادل". لماذا لن ينتصر؟ - إن سياسات "ترامب" التي تركز على تقليص العجز التجاري من خلال الإجراءات الحمائية لا تضع في الحسبان العوامل الاقتصادية الأعمق التي تؤثر على الحساب الجاري، مثل الادخار والاستثمار. - في حين يستهدف "ترامب" تقليص العجز التجاري، تشير مفارقة "تريفين" إلى أن هذا العجز هو ثمن ضروري لهيمنة الدولار عالميًا، فإذا كانت أمريكا تريد الحفاظ على المكانة المهيمنة لعملتها عالميًا فإنها تحتاج إلى استمرار العجز كما هو الحال منذ أوائل السبعينيات. - في المقابل، إذا نجحت سياساته في خفض العجز التجاري مؤقتًا، فإنها ستؤدي إلى تراجع دور الدولار كعملة احتياطية عالمية، وستكون التداعيات على النظام النقدي العالمي كبيرة، إذ قد يؤدي ذلك إلى نقص في السيولة العالمية، مما يفاقم التحديات التي تنبأ بها "تريفين". - قد تؤدي سياسات "ترامب" إلى ارتفاع التضخم وعجز مالي أكبر، مما يُفاقم "معضلة تريفين المعاصرة"، وردًا على ذلك، قد يبدأ المستثمرون الأجانب بالمطالبة بعلاوة مخاطر أعلى للاحتفاظ بالأصول الدولارية، ما يُترجم إلى ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، وفقًا لتحليل "نومورا". - توحي تصريحات وتصرفات "ترامب" بأنه لا يفضل الدولار القوي، وهذا مفهوم في إطار سعيه لتعزيز صادرات البلاد، ويدعم هذا التوجه من خلال إلحاحه على الاحتياطي الفيدرالي (منذ ولايته الأولى) لخفض أسعار الفائدة. - كانت الفكرة التي قامت عليها اتفاقية "برايتون وودز"، هي أن أمريكا القوة الاقتصادية العظمى في العالم، لا تستطيع بسهولة اتباع سياسة دولار رخيص للهيمنة في التصدير أو أن تدير شؤونها المالية الداخلية بتهور، حيث سيكون ارتفاع سعر الذهب (أو انخفاض قيمة الدولار) علامة على أنها تُطبع الدولارات وتخفض قيمة عملتها. - بالاستناد إلى مفاهيم "تريفين"، فإن تزويد العالم بعملة الاحتياطي يعني اكتساب هذه العملة للقوة، ما يؤثر سلبًا على التصنيع المحلي والقدرة التنافسية للصادرات، وبالفعل كلف الدولار الولايات المتحدة ملايين الوظائف في قطاع التصنيع وفاقم التفاوتات الاقتصادية الإقليمية. - لذلك، يبدو خفض قيمة الدولار حلاً لإنعاش التصنيع، وتعزيز القدرة التنافسية للصادرات، وتصحيح الاختلالات التجارية، فمن خلال جعل السلع الأمريكية أرخص دوليًا والواردات أغلى نسبيًا محليًا، يُمكن تعزيز النشاط الاقتصادي. - لكن تحول الولايات المتحدة إلى تحقيق فوائض، يعني أن الدولارات تتدفق بشكل عكسي إلى أمريكا، وهذا سيترك الاقتصاد والأسواق العالمية بسيولة دولارية ضعيفة، ما يترتب عليه تداعيات كارثية. - إن نجاح هذه السياسة يلحق الضرر بالدول الأخرى، وفي مقدمتها الأسواق الناشئة، وتجعل قدرتها على الوفاء بالديون أقل، وقد تُفضي إلى انكماش عالمي يتجلى أثره في تآكل الصادرات الأمريكية لأن المستوردين سيعانون كثيرًا. هل تخسر أمريكا امتيازها؟ - في ستينيات القرن الماضي، صاغ وزير المالية الفرنسي "فاليري جيسكار ديستان"، عبارة "الامتياز الباهظ" لوصف الفوائد التي تعود على الولايات المتحدة من امتلاكها لعملة الاحتياطي العالمي. - تشمل هذه الفوائد انخفاض تكلفة اقتراض الحكومة، وانعدام مخاطر سعر الصرف على الالتزامات الخارجية، وانخفاض تكلفة الواردات للمستهلكين، وتقليل خطر حدوث أزمة في ميزان المدفوعات، علاوة على التحكم في النظام المالي العالمي، لا سيما في شكل عقوبات مالية. - بالنظر إلى مفهوم العجز التجاري الأكثر بساطة؛ يشتري الأمريكيون بضائع وخدمات من الخارج أكثر مما يرسلون، وبقول آخر، يعمل الأجانب لخدمتهم أكثر مما يعملون هم لخدمة غيرهم، لذلك يعتقد بعض المفكرين الاقتصاديين أن العجز التجاري قد يكون علامة على ثراء الشعوب (نسبيًا بالطبع). - تنذر "مفارقة تريفين المعاصرة" بمشهد جديد تتسبب فيه الولايات المتحدة (متعمدة) في إيذاء كل شخص تقريبًا يعيش خارجها مع إضعاف الاقتصاد العالمي، مقابل زيادة ثرواتها "بشكل مؤقت" بينما تخاطر بفقدان الثقة في عملتها والنظام المالي، وحتى خسارة "امتيازها الباهظ". - على المدى القصير، من المرجح أن تشجع أجندة "ترامب" دولًا مثل الصين، على إضعاف عملاتها، بحيث تصبح صادراتها أقل تكلفة للمشترين الأجانب، وعلى المدى الطويل، قد يُجبر هذا النهج دولًا أخرى على الابتعاد عن الدولار والتداول بعملات أخرى إذا أصبح الوصول إلى السوق الأمريكية صعبًا للغاية. - كما تجاهل "نيكسون" تحذيرات "تريفين"، يبدو أن ترامب يعيد الكرة اليوم، دون إدراك أن هذا العجز هو الثمن المطلوب لدور الدولار كعملة احتياطية عالمية، والنتيجة المحتملة، كما في الماضي، قد تكون "اضطرابًا عالميًا لا يخدم مصالح أمريكا نفسها". المصادر: أرقام- كلود- شات جي بي تي- ڤوكس- إن بي سي نيوز- ستيت ستريت جلوبال أدفايزورز- مكتب التأريخ التابع لوزارة الخارجية الأمريكية- البنك الدولي- شيرز مجازين- نومورا- مجلة سنترال- نيويورك تايمز


العين الإخبارية
٠٩-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- العين الإخبارية
«قمة AIM للاستثمار 2025».. مصر تسعى لإنشاء «بنك مركزي» للفرص السياحية
تسعى مصر لإنشاء "بنك مركزي لفرص الاستثمار في قطاع السياحة"، ليكون بمثابة منصة رقمية تُمكّن جميع الوزارات المعنية من عرض فرص الاستثمار المتاحة في هذا القطاع، وفقا لما أكدته يمنى البحار، نائب وزير السياحة والآثار المصري. وقالت البحار في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات "وام" على هامش فعاليات "قمة AIM للاستثمار 2025" المنعقدة في أبوظبي، إن الاستدامة تُعد أحد الركائز الرئيسية لاستراتيجية الوزارة في إطار سعي مصر لمضاعفة أعداد السياح الدوليين إلى مصر، دون التأثير سلباً على الموارد الطبيعية أو المواقع التراثية التي تزخر بها بلادها. سياحة واستدامة وأوضحت أن الوزارة اتخذت حزمة من الإجراءات والسياسات للحفاظ على البيئة، من أبرزها إلزام الفنادق ومراكز الغوص في محافظتي جنوب سيناء والبحر الأحمر بالحصول على شهادة "خضراء" تضمن التزامها بمعايير إدارة المياه والطاقة والنفايات ،مشيرة إلى أن أكثر من ثلث الفنادق في مصر حصلت بالفعل على هذه الشهادة. وكشفت عن سعي الوزارة بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية الأخرى إلى إنشاء "بنك مركزي لفرص الاستثمار في قطاع السياحة"، ليكون بمثابة منصة رقمية تُمكّن جميع الوزارات المعنية من عرض فرص الاستثمار المتاحة في هذا القطاع ، لافتة إلى أن هذه المبادرة تهدف إلى تعزيز الشفافية وتسهيل الوصول إلى المعلومات، مما يتيح للمستثمرين التعرف على المشاريع المحتملة في قطاع السياحة في مصر بشكل لحظي. وأشارت إلى تصميم وإطلاق برنامج حوافز بالتعاون مع وزارة المالية والبنك المركزي المصري، لتسريع إنشاء غرف فندقية جديدة في الوجهات السياحية الواعدة. مشروعين كبيرين في شرم الشيخ والغردقة وأضافت أن الوزارة تعمل حالياً على تنفيذ مشروعين كبيرين لتحويل شرم الشيخ والغردقة إلى وجهتين سياحيتين صديقتين للبيئة، بالتعاون مع الجهات المعنية، كما تبنت الوزارة سياسة الشراكة مع القطاع الخاص لتقديم خدمات سياحية عالمية المستوى داخل المواقع الأثرية والمتاحف، بما يعزز من استدامتها ويرفع جودة الخدمات المقدمة للزوار. وذكرت البحار أن الوزارة تتعاون كذلك مع عدد من المنظمات الدولية، منها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومكتب اليونسكو الإقليمي بالقاهرة، لتنفيذ مشروعات حماية المواقع الأثرية، وبناء القدرات في مجال إدارة المواقع، فضلاً عن دعم نشر حلول الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية في المتاحف والمنشآت السياحية. ولفتت إلى أن بعض المواقع الأثرية مزودة بأجهزة لرصد تأثيرات التغيرالمناخي، كما حصل المتحف المصري الكبير على شهادتي ISO للجودة والإدارة البيئية. وأكدت أن الوزارة تنسق مع وزارة البيئة لتنفيذ عدد من المشروعات والمبادرات، منها مشروع دمج التنوع البيولوجي في التنمية السياحية، ومبادرات للحد من استخدام المواد البلاستيكية، وتعزيز السياحة البيئية، مثل حملة "إيكو إيجيبت". ذكاء اصطناعي في المتاحف وأشارت نائب وزيرالسياحة والآثار إلى أن المتاحف الكبرى في مصر، مثل المتحف المصري الكبير والمتحف القومي للحضارة، بدأت توظيف تقنيات الواقع المعزز والذكاء الاصطناعي لتقديم تجربة تفاعلية ثرية للزوار خاصة من فئة الشباب. وأضافت أن الزوار يمكنهم اليوم مشاهدة بعض القطع الأثرية بحالتها الأصلية عبر تطبيقات الواقع المعزز، كما تم إطلاق عروض صوتية ومرئية في عدد من المواقع الأثرية لربط الزائر بالتاريخ بطريقة تفاعلية، مشيرة إلى استخدام تقنيات مثل 'HoloLens' والأقلام الذكية لدعم الزوار من أصحاب الهمم. وذكرت أن الوزارة أطلقت عدداً من التطبيقات والمنصات الرقمية لشراء التذاكر إلكترونياً وتوفير المعلومات السياحية بسهولة، بجانب توظيف الألعاب التفاعلية الرقمية في بعض المتاحف لتوعية الأطفال وتعزيز ارتباطهم بالتراث. وأوضحت البحار أن جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية يمثل محوراً استراتيجياً لرفع الطاقة الاستيعابية للقطاع وتحقيق أهداف التنمية السياحية المستدامة، مضيفة أن كل 15 ألف غرفة فندقية جديدة تساهم في توليد نحو ملياري جنيه من الضرائب على القيمة المضافة والأرباح التجارية. وأكدت أن مصر تطرح فرصاً استثمارية متنوعة تلبي مختلف الرؤى تشمل الفنادق الشاطئية والفنادق التراثية والنُزل البيئية وسفن الرحلات النيلية، إلى جانب مشروعات بالشراكة بين القطاعين العام والخاص داخل المواقع الأثرية والمتاحف. وأشارت إلى أن الوزارة تعمل وفق ثلاثة مبادئ لضمان بيئة استثمارية فعالة، وهي الشفافية والتنافسية والكفاءة ، لافتة إلى أنه يتم حالياً تبسيط الإجراءات وخفض التكاليف المرتبطة بالتراخيص وتوحيد نظام الدفع للخدمات السياحية. aXA6IDEwNC4yMjIuMTg0LjE3NiA= جزيرة ام اند امز GB


Independent عربية
٢٣-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- Independent عربية
هل يبقى الدولار ملكا للعملات؟
عندما يسعى الاقتصاديون إلى تفسير الدور البارز للدولار كعملة عالمية رئيسة، فإنهم يشيرون إلى عوامل هيكلية مثل حصة الولايات المتحدة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أو عمق وسيولة أسواقها المالية. هذا النهج يدعم وجهة النظر المتفائلة لعديد من المشاركين في الأسواق المالية، والتي تفيد بأنه مهما كانت الظروف، فطالما بقيت الولايات المتحدة الاقتصاد الرائد عالمياً، فسيظل الدولار ملاذاً آمناً. يقول المتخصص في الشأن الاقتصادي والعلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا بيركلي ومؤلف كتاب "الامتياز الباهظ: صعود وسقوط الدولار" باري إيتشنغرين لصحيفة "فاينانشيال تايمز" في تقرير مطول عن تاريخ ولادة الدولار الأميركي والتحديات التي تواجه عملة أكبر اقتصاد في العالم، والمخاوف التي تهدد بقاء الدولار على عرش العملات العالمية، إن الإدارة الثانية لدونالد ترمب تذكر بأن الأرقام وحدها لا تكفي، فكما يقول المؤرخون، "صعود العملات الدولية أو سقوطها لا تحدده الأسواق أو الاقتصادات بصورة مجردة، بل تحكمه أفعال الأفراد". من بين الشخصيات التي لعبت دوراً محورياً في تشكيل مكانة الدولار عالمياً، يبرز اسم المصرفي الألماني - الأميركي المتحدر من عائلة واربورغ المصرفية العريقة في هامبورغ، بول واربورغ. بدأ واربورغ حياته المهنية في عالم المال في هامبورغ وباريس ولندن، قبل أن يتزوج من عائلة كوهن، لوب المصرفية الشهيرة عام 1895، ويهاجر إلى الولايات المتحدة عام 1902. وأدرك واربورغ، من خلال خبرته الواسعة في الأسواق المالية الدولية، الفوائد التي جنتها بريطانيا من موقع لندن كمركز رئيس للائتمان التجاري والتمويل الاستثماري للتجار والمصرفيين في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، التي كانت تعتمد بالكامل تقريباً على لندن والجنيه الاسترليني في تمويلها الدولي. وكحال عديد من المواطنين المجنسين، كان واربورغ مخلصاً بشدة لوطنه الجديد، لكنه كان قلقاً من أن اعتماد الاقتصاد الأميركي على لندن والجنيه الاسترليني يجعله عرضة لصدمات خارجية لا يمكنه التحكم فيها، وأدرك أن جاذبية لندن كمركز مالي عالمي لم تكن مجرد صدفة، بل كانت تستند إلى الدور الحاسم الذي لعبه بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني)، الذي كان مستعداً دائماً للعمل كمقرض الملاذ الأخير، مما يضمن السيولة والاستقرار في السوق. ومن هذا المنطلق فإن أي محاولة أميركية لتعزيز الدور الدولي للدولار كانت محكومة بالفشل في ظل غياب بنك مركزي قادر على أداء هذا الدور. وبدءاً من عام 1906، أصبح بول واربورغ أحد أبرز الداعمين لإنشاء بنك مركزي أميركي، إذ جادل بأن إحدى الوظائف الأساسية لهذه المؤسسة يجب أن تكون تطوير سوق للأدوات الائتمانية المقومة بالدولار لتمويل التجارة الدولية. واعتمد مصطلحات أوروبية في وصف هذه الأدوات المالية، مشيراً إليها باسم "قبولات تجارية"، متوقعاً أن يقوم البنك المركزي "بقبول" أو شراء هذه السندات كوسيلة لتعزيز سوق الائتمان التجاري الجديد. وكتب واربورغ مقالات صحافية وألقى خطباً في منتديات عامة، متغلباً على خجله الناجم عن لهجته الإنجليزية الثقيلة، وفي عام 1910، كان من بين مجموعة صغيرة من المتخصصين الذين اجتمعوا في جزيرة جيكل، قبالة ساحل جورجيا، لوضع الأسس التي أدت لاحقاً إلى إصدار قانون "الاحتياطي الفيدرالي". وفي عام 1914، أصبح عضواً مؤسساً في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، إذ أسهمت القوانين التي صاغها في تمكين البنك المركزي من شراء القبولات التجارية المقومة بالدولار لدعم السوق. وبحلول عشرينيات القرن الماضي توسعت هذه السوق إلى درجة أن قيمة القبولات التجارية بالدولار باتت توازي، وفي بعض السنوات تفوق، قيمة القروض التجارية المقومة بالاسترليني والصادرة من لندن، لكن مكانة الدولار كمنافس للجنيه الاسترليني تعرضت لانتكاسة في ثلاثينيات القرن الـ20، عندما انسحب "الاحتياطي الفيدرالي" من سوق القبولات التجارية، شهدت الولايات المتحدة سلسلة من الأزمات المالية والمصرفية المدمرة. خرجت أميركا من الحرب العالمية الثانية كالقوة العظمى الوحيدة في العالم الغربي، مما خلق فرصة جديدة لصعود الدولار، لكن هذا التحول لم يكن ليكتمل من دون تدخل شخصية أخرى محورية هاري دكستر وايت، الذي لعب دوراً أساساً في ترسيخ المكانة الدولية للعملة الأميركية. هاري دكستر مهندس النظام النقدي على عكس واربورغ الذي نشأ في عائلة مصرفية مرموقة، جاء هاري دكستر وايت من خلفية أكثر تواضعاً، فقد كان والده مهاجراً ليتوانياً بدأ حياته كبائع متجول قبل أن يفتتح متجراً للأدوات المنزلية. وعلى رغم شخصيته الحادة، خاض وايت مسيرة أكاديمية غير مثمرة قبل أن ينضم إلى وزارة الخزانة الأميركية عام 1934، إذ عمل تحت إشراف هنري مورغنثاو، ليترقى لاحقاً إلى منصب مساعد وزير الخزانة، ويتولى المسؤولية الكاملة عن الشؤون الاقتصادية والمالية الدولية المتعلقة بالحرب العالمية الثانية. وخلال الحرب، صاغ وايت الخطة التي أصبحت، مع بعض التعديلات، الأساس الأميركي لإنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ونظام "بريتون وودز"، وهي المؤسسات التي أرست النظام النقدي العالمي بعد الحرب، ورسخت هيمنة الدولار. الدور الأميركي في "بريتون وودز" لم يكن بإمكان الولايات المتحدة فرض خطتها من دون مفاوضات مع الدول الأخرى الحاضرة في مؤتمر "بريتون وودز" النقدي الذي انعقد في نيوهامبشاير عام 1944. وكان على وايت مواجهة المفاوض البريطاني جون ماينارد كينز، لكن عناصر أساسية من خطته وجدت طريقها إلى الاتفاق النهائي. سعى وايت إلى جعل الدولار العملة الدولية الوحيدة القابلة للتحويل بصورة كاملة ضمن النظام الجديد، وفي مسودة مبكرة للاتفاق، ورد أن أسعار الصرف يجب أن تربط بالذهب أو بـ"عملات قابلة للتحويل إلى الذهب". وعندما أشار الاقتصادي البريطاني دينيس روبرتسون إلى أن الدولار قد يكون العملة الوحيدة القابلة للتحويل إلى الذهب بعد الحرب، أدرك وايت الفرصة المتاحة لترسيخ موقع العملة الأميركية. قضى وايت وفريقه الليل بأكمله في إعادة صياغة الاتفاقية، مستبدلين عبارة "عملات قابلة للتحويل إلى الذهب" بعبارة "الذهب... أو الدولار الأميركي بوزنه ودرجة نقاوته كما كان سارياً في الأول من يوليو (تموز) 1944"، مما جعل الدولار محور النظام النقدي العالمي. تعزيز الهيمنة الأميركية بعد الحرب لم يكن استمرار هيمنة الدولار بعد الحرب مجرد نتيجة لمؤتمر "بريتون وودز" أو لمجهودات وايت وحده، بل احتاجت أوروبا إلى خطة مارشال لتوفير السيولة الدولارية التي مكنتها من استئناف المدفوعات الدولية وإعادة دمج اقتصاداتها في النظام العالمي. تجاوز القادة الأميركيون رفض الكونغرس للانضمام إلى منظمة التجارة الدولية عبر إقرار الاتفاق العام للتعريفات والتجارة (GATT) الذي شك حجر الأساس للنظام التجاري العالمي المفتوح. طمأن دعم الولايات المتحدة لجهود التكامل الأوروبي وإنشاء المجموعة الاقتصادية الأوروبية صناع القرار الأوروبيين في شأن الاعتماد على عملة شريك تحالف موثوق. وأكدت منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) أن واشنطن لم تكن مجرد شريك اقتصادي، بل كانت أيضاً حليفاً جيوسياسياً يمكن الاعتماد عليه، سواء من حيث الالتزامات الدفاعية أو استقرار عملتها. وعلى رغم انهيار نظام "بريتون وودز" عام 1971 وانتهاء ربط العملات بالدولار، استمرت هيمنة العملة الأميركية عالمياً، مدعومة بالمؤسسات التي بناها واربورغ ووايت وغيرهما، بما في ذلك "الاحتياطي الفيدرالي" المستقل، والنظام التجاري المفتوح، والتحالفات الجيوسياسية القوية. استمد الدولار قوته ليس فقط من الأرقام الصافية، مثل الحصة الكبيرة للولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي والتعاملات المالية، بل أيضاً من العلاقات المتشابكة والتبادل المتوازن للمصالح الاقتصادية والجيوسياسية التي عززت مكانته كعملة عالمية لا تزال تهيمن حتى اليوم. سياسات ترمب والهيمنة العالمية للدولار يقول إيتشنغرين إن دونالد ترمب لم يحتاج سوى بضعة أشهر ليضعف – إن لم يدمر – العلاقات والتوازنات التي قامت عليها هيمنة الدولار لعقود، فترمب ومسؤولوه يعيدون النظر في القيم والترتيبات التي دعمت الهيمنة النقدية الأميركية لما يقارب القرن، مما يثير للمرة الأولى في الذاكرة الحديثة الشكوك حول استمرارية المؤسسات التي تستند إليها قوة الدولار. وكثيراً ما تفوقت الولايات المتحدة اقتصادياً على الدول المتقدمة الأخرى، إذ تحتضن أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، وتقود أبحاث الذكاء الاصطناعي، وتمتلك بيئة أعمال صديقة للشركات الناشئة وثقافة تسمح لرواد الأعمال بتجربة الفشل والعودة بقوة، علاوة على أن قطاع رأس المال المغامر فيها من بين الأكثر تطوراً، مما يسهم في تمويل الابتكارات الجديدة، ناهيك بكونها وجهة جاذبة للمواهب الأجنبية. ويوضح إيتشنغرين أنه لا يوجد ضمان بأن ما كان صحيحاً في الماضي سيبقى كذلك في المستقبل، إذ يشهد قطاع الأبحاث العامة في الولايات المتحدة، وكذلك جامعاتها الرائدة، تراجعاً في قدراتها، فيما أصبح استقبال المهاجرين الموهوبين محل تساؤل في ظل السياسات المتشددة، علاوة على أن عدم اليقين السياسي والشكوك حول سيادة القانون قد يجعلان الاستثمار في أميركا أقل جاذبية. التراجع في التجارة العالمية ودلالاته شهدت حصة الولايات المتحدة من الصادرات العالمية انخفاضاً كبيراً منذ أوائل الخمسينيات، إذ تراجعت من 18 في المئة إلى 11 في المئة، هذا التراجع لا يعد في حد ذاته، ظاهرة غير صحية، بل هو انعكاس لنجاح إعادة إعمار الاقتصاد العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، وهو المسار الذي لعبت أميركا دوراً رئيساً فيه. وحذر إيتشنغرين من أنه في حال حدوث أي انخفاض إضافي في الحصة الأميركية من التجارة العالمية، نتيجة سياسات الحماية الجمركية المفرطة وفرض رسوم جمركية باهظة تحت ذريعة أن التجارة الدولية لعبة صفرية، فسيكون له تأثير مدمر، مذكراً بأن التاريخ مليء بالأمثلة التي تبين أن الروابط التجارية القوية تدعم الاستخدام الدولي للعملة، في حين أن تعطيل هذه الروابط يضعف مكانة العملة عالمياً. وأضاف إيتشنغرين أنه مع استمرار التحولات في النظام النقدي العالمي، تبقى السياسات الاقتصادية للولايات المتحدة، وبخاصة تلك التي تتبناها إدارة ترمب، العامل الحاسم في تحديد ما إذا كان الدولار سيحافظ على مكانته كعملة الاحتياط الأولى عالمياً، أم أنه سيفقد بعضاً من بريقه لمصلحة عملات أخرى. يقول إيتشنغرين من السهل فهم أسباب هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي، فالعملة المرتبطة بأكبر اقتصاد تجاري تصبح تلقائياً الأداة المفضلة للمصدرين والمستوردين، مما يعزز استخدامها عالمياً، مشيراً إلى أن الكيانات الأجنبية التي تسعى إلى الاقتراض من الأسواق المالية لهذا الاقتصاد تجد في عملتها خياراً منطقياً، لكن عندما يتراجع وزن الاقتصاد في التجارة والتمويل العالميين، تضعف تلقائياً العوامل التي تدفع نحو الاستخدام الواسع لعملته، وهنا، قد تؤدي سياسة "أميركا أولاً" التجارية التي ينتهجها ترمب إلى تسريع هذا التراجع. خطر الإفراط في استخدام العقوبات وتشكل العقوبات الأميركية عاملاً إضافياً يدفع بعض الدول إلى البحث عن بدائل للدولار، حتى قبل الحرب الروسية - الأوكرانية استخدمت واشنطن العقوبات بصورة متزايد، إذ قفز عدد الأفراد المدرجين على قوائم العقوبات من 912 شخصاً عام 2000 إلى أكثر من 9400 شخص عام 2021. أما العقوبات المفروضة على موسكو في 2022، فقد عززت دوافع الدول لتنويع احتياطاتها بعيداً من الدولار، بخاصة مع احتمالية مصادرة الأصول الروسية المجمدة واستخدامها لإعادة إعمار أوكرانيا، وهو ما قد يشكل سابقة تقلق دولاً أخرى. إلا أن نجاح تلك العقوبات اعتمد على تنسيق أميركي - أوروبي، إذ لم تجد روسيا بدائل واسعة للدولار في نظام المدفوعات العالمي، لكن هذا لا يضمن استمرار مثل هذا التعاون، فقد رفضت أوروبا في السابق دعم سياسة "الضغط الأقصى" التي تبناها ترمب ضد إيران، مما يشير إلى إمكان تكرار الانقسامات في المستقبل. وفي حال استمر ترمب في استخدام الأدوات الاقتصادية مثل الرسوم الجمركية والعقوبات من دون تنسيق مع الحلفاء، فقد تستفيد عملات أخرى من الابتعاد التدريجي عن الدولار. المشهد المالي الأميركي المقلق وكثيراً ما كان الدولار الخيار الأول للاحتياطات النقدية العالمية وللشركات وصناديق الثروة السيادية والمستثمرين الدوليين بفضل توافره الكبير مع استقرار قيمته، لكن هذا الاستقرار ليس مضموناً للأبد، بخاصة مع تصاعد الديون الأميركية. وفي حين تشير تقديرات مكتب الموازنة في الكونغرس إلى أن الدين العام سيقفز من 99 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2024 إلى 116 في المئة في 2034، و139 في المئة في 2044، و166 في المئة في 2054، يمثل تمديد الخفوض الضريبية التي أقرها ترمب في 2017 عاملاً إضافياً قد يسرع ارتفاع الديون، ولا يوجد مستوى معين لنسبة الدين إلى الناتج المحلي يمكن عنده فقدان الثقة فوراً، لكن استمرار السياسات المالية غير المستدامة قد يدفع المستثمرين الأجانب إلى التشكيك في استقرار الدولار. هل يفقد "الاحتياطي الفيدرالي" استقلاليته؟ ويقول إيتشنغرين إن إحدى الركائز الأساسية لقوة الدولار هي استقلالية "الاحتياطي الفيدرالي"، لكن خطوات ترمب الأخيرة قد تهدد هذه الاستقلالية، ففي فبراير (شباط) الماضي، وقع ترمب أمراً تنفيذياً يؤكد أن المسؤولين الذين يتمتعون بسلطات تنفيذية واسعة يجب أن يخضعوا لإشراف مباشر من الرئيس المنتخب، مشيراً إلى أن "الوكالات المستقلة" يجب أن تمرر قراراتها التنظيمية لمراجعة البيت الأبيض قبل تنفيذها. وحذر من أن هذه التوجهات قد تؤثر في "الاحتياطي الفيدرالي"، بخاصة مع سجل ترمب في إقالة مسؤولين مستقلين، مثل طرد اثنين من الديمقراطيين من لجنة التجارة الفيدرالية. وفي حال استهدف ترمب "الاحتياطي الفيدرالي" أو رئيسه جيروم باول، فقد يثير ذلك مخاوف عالمية حول قدرة المؤسسة على الحفاظ على استقرار العملة الأميركية. هل يمكن التلاعب بحاملي سندات الخزانة؟ اليوم تتصاعد التساؤلات حول مدى عدالة التعامل مع المستثمرين الأجانب في سندات الخزانة الأميركية، إذ أفادت تقارير بأن المرشح لمنصب وزير الخزانة في إدارة ترمب سكوت بيسنت بحث إمكان إجبار المستثمرين الأجانب على تحويل سندات الخزانة ذات آجال 5 و10 سنوات إلى سندات طويلة الأجل لمدة 100 عام بأسعار فائدة منخفضة، من دون موافقتهم. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ناقش مستشارو ترمب، مثل روبرت لايتهايزر، فرض ضرائب على مشتريات الأجانب من السندات الأميركية لخفض قيمة الدولار وتعزيز تنافسية الصادرات الأميركية. ومن جانبه أيد المرشح لرئاسة مجلس المستشارين الاقتصاديين في إدارة ترمب، ستيفن ميران، هذا التوجه، مقترحاً فرض "رسوم استخدام" على المستثمرين الأجانب في سندات الخزانة، عبر حجز جزء من مدفوعات فوائدهم، لتجنب انتهاك الاتفاقات الضريبية الدولية. قد تبدو هذه الإجراءات مغرية لصانعي السياسة الأميركية الساعين إلى تعزيز الصادرات عبر إضعاف الدولار، لكن مثل هذه التدخلات قد تؤدي إلى نتائج عكسية، إذ إن المبدأ القائم على معاملة المستثمرين الأجانب والمحليين على قدم المساواة هو أحد الأسس الرئيسة لهيمنة الدولار، لذا إذا تآكل هذا المبدأ، فقد تتسارع جهود بعض الدول لإيجاد بدائل تقلل من الاعتماد على الدولار في المدفوعات الدولية واحتياطات البنوك المركزية. قد لا تختفي هيمنة الدولار بين عشية وضحاها، لكنه يواجه تحديات متزايدة، لا سيما إذا استمرت السياسات التي تقلل من جاذبيته كعملة احتياط عالمية، فالقرارات التجارية المتشددة، والاستخدام غير المنضبط للعقوبات، والمخاوف في شأن الاستقرار المالي واستقلالية "الاحتياطي الفيدرالي"، كلها عوامل قد تدفع الدول والمستثمرين إلى البحث عن بدائل أخرى في المستقبل. تحالفات أميركا وتقويض هيمنة الدولار أحد العوامل الرئيسة التي تعزز مكانة الدولار عالمياً هو الثقة التي تضعها الدول الحليفة في الولايات المتحدة، فالدول عادةً ما تحتفظ باحتياطاتها من عملات شركائها الاستراتيجيين، ليس فقط لأنهم يعدون أوصياء موثوقين على هذه الأصول، لكن لأن ذلك ينظر إليه على أنه إشارة إلى حسن النية في العلاقات الثنائية. ولم يكن هذا النمط وليد العصر الحديث، بل كان واضحاً قبل الحرب العالمية الأولى، إذ احتفظ أعضاء التحالف الثلاثي (ألمانيا، والنمسا - المجر، وإيطاليا) والتفاهم الثلاثي (فرنسا وبريطانيا وروسيا) باحتياطاتهم من عملات بعضهم بعضاً. وفي الثلاثينيات لم تحتفظ دول الكومنولث والإمبراطورية البريطانية وحدها باحتياطاتها في لندن، بل فعل ذلك أيضاً عديد من الدول الحليفة الأخرى، مما عزز قوة الجنيه الاسترليني ضمن ما كان يعرف بمنطقة الاسترليني. في الستينيات دعمت حكومتا ألمانيا واليابان الدولار للحفاظ على مكانته العالمية تقديراً للتحالف الدفاعي مع واشنطن، بخاصة مع وجود القوات الأميركية على أراضيهما. واليوم تحتفظ تايوان وكوريا الجنوبية واليابان بجزء كبير من احتياطاتها بالدولار بسبب اعتمادها على المظلة الأمنية الأميركية. لكن هذا النموذج قد يواجه اختباراً قاسياً بسبب مواقف ترمب المتشددة، فخلال فترة رئاسته الأولى أثار قلق الحلفاء من خلال خلافاته العلنية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى جانب تبنيه سياسة مهادنة روسيا، وإذا شعر الحلفاء بعدم اليقين في شأن التزام أميركا بتحالفاتها، فقد تبدأ الدول في تقليل اعتمادها على الدولار في احتياطاتها ودفوعاتها الدولية. في نهاية المطاف يعتمد مستقبل الدولار على مدى التزام القادة الأميركيين بسيادة القانون واحترام فصل السلطات والوفاء بالتزامات بلادهم تجاه شركائها الدوليين، وسيتحدد هذا أيضاً بقدرة الكونغرس والمحاكم والرأي العام على فرض ضغوط على الإدارة للحفاظ على تلك الالتزامات. وختم إيتشنغرين بالقول، "اليوم وبالنظر إلى ما يحدث في أميركا من كان يعتقد أن الأمر قد يصل إلى هذا الحد؟".


قاسيون
٠٩-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- قاسيون
هل يكون mBridge هو المشروع البديل لنظام SWIFT غربي الهيمنة؟
نشأة mBridge انبثق مشروع mBridge من سلسلة مبادرات تجريبية في مجال العملات الرقمية للبنوك المركزية، هدفت إلى تحسين المدفوعات عبر الحدود. كانت البداية عام 2019 عبر مشروع مشترك بين سلطة النقد في هونغ كونغ، وبنك تايلاند. في مرحلته الأولى، تم بناء نموذج أولي باستخدام منصة R3 Corda للربط بين البنوك في هونغ كونغ وتايلاند لإجراء التحويلات المالية وتداول العملات بشكل مباشر باستخدام عملات رقمية صادرة عن البنكين المركزيين. تلت ذلك مرحلة ثانية (2020-2021) شهدت إيجاد نموذج أوّلي أكثر تطوراً على منصة Hyperledger Besu وإضافة بنك مركزي ثالث بشكل افتراضي للتجربة أثبتت هذه التجارب المبكرة إمكانية تحسين سرعة وكلفة التحويلات عبر الحدود مقارنة بالنظام المصرفي التقليدي. في عام 2021، انضم بنك التسويات الدولية «BIS» إلى المبادرة، وكذلك معهد العملة الرقمية في البنك المركزي الصيني ومصرف الإمارات المركزي. تم تشكيل لجنة توجيهية للمشروع تضم هذه الجهات الخمس، وترأسها BIS بالتنسيق مع لجان فنية وقانونية وسياساتية وتجارية لضمان تكامل الجهود. لاحقًا، في يونيو 2024 انضمّ البنك المركزي السعودي كشريك كامل في المشروع، في إشارة إلى تزايد الاهتمام الإقليمي والدولي بهذه المنصة. وقد شاركت نحو 25 جهة رسمية كمراقبين في المشروع بحلول أواخر 2023، بينها مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وعدة بنوك مركزية من قارات مختلفة «بما فيها فرنسا وإيطاليا وتركيا وجنوب إفريقيا وأستراليا والنرويج وغيرها» وحتى بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك والبنك المركزي الأوروبي حضرا بصفة مراقب. يعتمد mBridge على تقنية دفتر الأستاذ الموزع «Distributed Ledger Technology»، حيث طوّرت البنوك المركزية نفسها سلسلة كتل خاصة بالمشروع تُعرف باسم «mBridge Ledger». تتميز هذه المنصة بأنها إذنّية «أي مغلقة ومقتصرة على المشاركين المصرح لهم»، ومصممة خصيصاً لربط عدة عملات رقمية لبنوك مركزية مختلفة ضمن بنية تقنية واحدة. يقوم كل بنك مركزي مشارك بتشغيل عقدة حاسوبية «Validator Node» على شبكة البلوكشين الخاصة بالمشروع، مما يتيح له التحقق من صحة العمليات والمشاركة في آلية الإجماع اللامركزية. كما يتم ربط البنوك التجارية تحت كل بنك مركزي، لتمكينها من تنفيذ المعاملات بالنيابة عن عملائها عبر الشبكة. أي أن الهيكل يتضمن طبقتين: طبقة البنوك المركزية التي تشغل العقد الأساسية وتصدر عملاتها الرقمية على المنصة، وطبقة البنوك التجارية التي تتصل بالمنصة لإجراء المدفوعات لعملائها. المنصة مزودة أيضاً بعقود ذكية لضبط وتنفيذ العمليات وفق القواعد التنظيمية لكل دولة «مثل شروط إصدار العملة الرقمية، والاسترداد، وتحويلات الدفع مقابل الدفع PvP للصفقات الثنائية». من الناحية العملية، أثبتت المنصة قدرتها، من خلال تجربة رائدة بالعملة الحقيقية أجريت بين أغسطس وسبتمبر 2022. شارك في هذه التجربة 20 بنكاً تجارياً من هونغ كونغ والصين والإمارات وتايلاند، نفذت أكثر من 160 معاملة دفع وصرف أجنبي لصالح عملاء شركات باستخدام عملات رقمية صدرت على المنصة من قبل البنوك المركزية الأربع. بلغ إجمالي المبالغ المصدّرة على المنصة ما يتجاوز 12 مليون دولار أمريكي مكافئ، وتم تسوية مدفوعات بما يفوق 22 مليون دولار خلال أسابيع التجربة. أظهرت النتائج إمكانية التسوية الفورية والمباشرة بين البنوك عبر الحدود وتقليص الحاجة للوسطاء التقليديين. mBridge كبديل لنظام سويفت يتمحور دور mBridge حول تحويل طريقة تنفيذ المدفوعات عبر الحدود من نظام المراسلة المصرفية التقليدي «سويفت SWIFT» إلى نظام التسوية المباشرة باستخدام عملات البنوك المركزية الرقمية. في الوضع الراهن، تعتمد معظم التحويلات الدولية على إرسال رسائل عبر شبكة سويفت بين البنوك المراسلة، ما قد يستغرق وقتاً ويستلزم وجود وسيط «بنك مراسل» يمتلك حسابات بين البنوك لإتمام التسوية. أما مع mBridge، فتنشئ البنوك المركزية المشارِكة عملة رقمية للبنك المركزي مخصصة للاستخدام على المنصة، بحيث تستطيع البنوك التجارية شراء تلك العملة الرقمية «المكافئة للعملة المحلية للبنك المركزي الآخر» وإرسالها مباشرة إلى بنك المستفيد في الدولة الأخرى. على سبيل المثال، إذا أرادت شركة في الإمارات الدفع لمورّد في الصين عبر mBridge، يقوم بنك الشركة في الإمارات بتحويل الدرهم الرقمي (e-AED) إلى اليوان الرقمي (e-CNY) على المنصة وإيداعه مباشرة في بنك المورّد الصيني، دون الحاجة لبنوك مراسلة أو رسائل سويفت. بهذه الآلية يتم الاستغناء عن منصة الرسائل التقليدية والبنوك الوسيطة، مما يختصر الوقت والتكاليف ويرفع كفاءة العمليات. الأهم أن هذه البنية البديلة تقلل من هيمنة «نقاط الاختناق Bottlenecks» الأمريكية، وهي العوائق أو العقبات التي تعيق التدفق السلس للعمليات المالية أو التجارية في النظام المالي. فمن المعروف أن نظام سويفت، رغم كونه جمعية مقرها بروكسل، خاضع بشكل كبير للتأثير الغربي والأمريكي تحديداً. لقد أصبحت شبكة سويفت أداة ضغط أساسية في العقوبات الأمريكية، حيث أن استبعاد دولة أو بنك من سويفت يعني فعلياً عزله عن جزء كبير من التجارة العالمية. ويهدف مشروع mBridge إلى تقديم مسار موازٍ للتعاملات الدولية لا يمر عبر البنية التحتية الخاضعة للإشراف الأمريكي. فإذا نجح هذا المشروع وشاع استخدامه، ستتمكن الدول المشاركة من تنفيذ المدفوعات البينية بعملاتها الخاصة مباشرة، ما يجنبها التعرض لخطر الانقطاع عن نظام المدفوعات العالمي إذا ما فُرضت عليها عقوبات أو ضغوط سياسية. بالفعل، ناقشت قمة مجموعة بريكس 2024 فكرة إنشاء «جسر بريكس BRICS Bridge» اعتماداً على تقنية mBridge لتحقيق استقلالية جزئية عن النظام المالي الدولي الذي تشرف عليه الولايات المتحدة وعن قيود منصة سويفت. مثل هذا التوجه يعكس رغبة دولية متزايدة في تنويع قنوات الدفع وتقليل الاعتماد على منظومة أحادية مسيطر عليها من قوة واحدة. ومن منظور تقني، يوفر mBridge بنية تحتية مشتركة يمكن أن تعمل عليها عملات عدة في آن واحد، مع مراعاة القواعد والقيود الخاصة بكل بلد، مما يجعله نموذجًا قابلاً للتوسع والاستنساخ إن أثبت نجاحه. الأبعاد الجيوسياسية للمشروع يحمل mBridge أبعاداً جيوسياسية بالغة الأهمية، فهو ليس مجرد مشروع تقني لتحسين الكفاءة، بل يأتي في سياق تنافس دولي على النفوذ المالي. دفعت العقوبات المالية الأمريكية القاسية على دول مثل روسيا وإيران وفنزويلا هذه الدول وحلفاءها للبحث عن وسائل للالتفاف على منظومة الدولار والهيمنة الأمريكية على المدفوعات. وفي هذا السياق، تنظر قوى مثل الصين وروسيا إلى التقنيات المالية الجديدة - وعلى رأسها عملات البنوك المركزية الرقمية - كفرصة لبناء شبكات دفع موازية لا تخضع للإملاءات الغربية. تتصدّر الصين على وجه الخصوص هذا المشهد، فمشروع mBridge بحد ذاته يُوصَف بأنه مبادرة بقيادة صينية ضمنياً، حيث أن الصين هي أكبر اقتصاد مشارك فيه وصاحبة المصلحة الكبرى في نجاحه. ترى بكين أن تعزيز استخدام عملتها (اليوان الرقمي) عبر الحدود سيوسّع نفوذها الاقتصادي ويقلل اعتمادها وعمل شركائها على الدولار الأمريكي. من الجدير بالذكر أن زيادة الانتشار العالمي لليوان لطالما كانت هدفاً استراتيجياً للصين لم يتحقق بالكامل عبر الطرق التقليدية، لذا فإنّ تبني تقنيات مبتكرة مثل mBridge قد يكون سبيلاً لتحقيق هذا الهدف. إلى جانب الصين، تنخرط دولة الإمارات في المشروع بدافع تنويع شراكاتها المالية والاستراتيجية. فالإمارات تسعى لترسيخ نفسها كمركز مالي متقدم وتتطلع إلى تعزيز علاقاتها التجارية والاستثمارية مع الشرق. تتيح مشاركتها في mBridge لها منصة دفع متقدمة مع شركاء رئيسيين خارج المنظومة التقليدية، وتنسجم مع خطواتها في توثيق الروابط الاقتصادية والعسكرية مع الصين. الجدير بالذكر أن ممثل مصرف الإمارات المركزي في المشروع هو خبير سبق أن عمل 17 عاماً في هيئة النقد بهونغ كونغ، ما يشير إلى عمق التعاون الفني بين هونغ كونغ والإمارات في هذا المجال. ترى تايلاند من جهتها في المشروع فرصة لتحسين كفاءة تحويلاتها خاصة مع الصين وهونغ كونغ، ولتكون في طليعة متبني التقنية المالية في جنوب شرق آسيا. أما انضمام السعودية حديثاً فيعكس بعداً جيوسياسياً مهماً، إذ إنه يأتي في ظل تقارب سعودي مع مجموعة بريكس ورغبة في تقليل الاعتماد الحصري على الدولار في التسويات النفطية والتجارية. انخراط مؤسسة النقد السعودي في mBridge قد يمهد مستقبلاً لاستخدام الريال الرقمي في تسوية صفقات النفط والتجارة مع الصين وغيرها مباشرة، مما يُضعف هيمنة الدولار في تلك الصفقات. ظهرت دول أخرى كمصر وتركيا وجنوب أفريقيا كمراقبين، ودول غربية مثل فرنسا وإيطاليا تراقب هي أيضاً، ممّا يدل أنّ حتى حلفاء الولايات المتحدة التقليديين يشعرون بضرورة مواكبة هذه التحولات تحسباً لأي تغيرات في المشهد المالي الدولي. تأثير المشروع على هيمنة الدولار يمثل مشروع mBridge جزءاً من اتجاه أوسع نحو ما يسمى «إلغاء الدولرة De-Dollarization». منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تمتعت الولايات المتحدة بما يُعرف بـ«الامتياز الباهظ Exorbitant Privilege» لدولارها الذي أصبح عملة الاحتياط العالمية الرئيسية ووسيط التبادل الأساسي في التجارة الدولية. ربطت هذه الهيمنة بين ثلاثة عناصر: انتشار استخدام الدولار، وسيطرة شبكة سويفت للرسائل المالية، وشبكات البنوك المراسلة «مثل CHIPS» لتسوية المدفوعات. يمثّل أيّ تحدٍ لأحد هذه الأعمدة تحدياً لمكانة الدولار. يقدم mBridge في هذا الإطار بديلاً تقنياً للتسويات لا يعتمد على الدولار أو شبكاته. فالمشاركون فيه يمكنهم نظرياً إجراء المدفوعات بعضهم لبعض بعملاتهم المحلية الرقمية دون الحاجة لعملة وسيطة كالدولار. إذا توسع نطاق استخدام المنصة ليشمل مزيداً من الدول والعملات، فقد يعني ذلك تراجعاً تدريجياً في طلب الدولار للتسويات التجارية. على سبيل المثال، أعلنت دول بريكس صراحة تعزيز التجارة فيما بينها بالعملات المحلية وتقليل الاعتماد على الدولار. ومعظم هذه الدول لديها مشاريع عملات رقمية للبنوك المركزية قيد التجربة أو الإطلاق. بالتالي، شبكة مثل mBridge يمكن أن تكون المنصة المشتركة التي تربط تلك العملات المحلية الرقمية لتسويات التجارة البينية، مما يقلل تلقائياً استخدام الدولار كوسيط. علاوة على ذلك، سيُضعف نجاح mBridge أحد أدوات النفوذ الأمريكي المهمة: العقوبات المالية. فقد بنيت فعالية العقوبات الأمريكية تاريخياً على هيمنة الدولار وشبكات الدفع المرتبطة به، أي أن الدول أو الكيانات المستهدفة تُمنع من استخدام الدولار أو المرور عبر النظام المالي الأمريكي فتُعزل اقتصادياً. أما إذا توفر لها نظام موازٍ للتبادل المالي مع الشركاء بعيداً عن أعين ورقابة واشنطن، فستقلّ قدرة الولايات المتحدة على فرض عزلة مالية على خصومها. وقد حذّر محللون من أنه في حالة توسّع مثل هذه الشبكات البديلة، قد نشهد انقساماً في النظام المالي العالمي «financial bifurcation» بين تكتلات تستخدم أنظمة منفصلة. سيقوّض هذا الانقسام دور الولايات المتحدة كقائد ومعيار للنظام المصرفي الدولي، كما ستخف فعالية سلاح العقوبات بشكل ملموس. إنّ ظهور mBridge وغيره من المبادرات «مثل منصة BRICS Pay المخطط لها، أو الشبكات الإقليمية الأخرى» يشكّل سابقة ومؤشراً على تغير اتجاهات النظام المالي. فحتى لو اقتصر استخدام mBridge في المدى القريب على الصين وشركائها المقربين، فإن حجم التجارة لهؤلاء ليس ضئيلاً، ومع الوقت قد يزداد عدد المنضمين مما يقتطع حصة أكبر من كعكة المدفوعات الدولية بعيداً عن الدولار. لذا يمكن القول إن المشروع يمثل خطوة إستراتيجية في مسار إضعاف الهيمنة الدولارية، وإن كان تأثيره الكامل سيعتمد على مدى تبنيه وتوسعه في السنوات المقبلة. ردود فعل الأسواق أثار مشروع mBridge منذ الإعلان عنه اهتماماً واسعاً في الأوساط المالية العالمية. فعلى صعيد القطاع المصرفي الدولي، شاركت بنوك تجارية عالمية كبرى في التجارب المبكرة للمشروع. خلال مرحلة الاختبار في 2022، انضمت مصارف مثل HSBC وستاندرد تشارترد وUBS وسوسيتيه جنرال وغيرها، إلى جانب البنوك الصينية الكبرى للمشاركة في تنفيذ المعاملات عبر المنصة. أشار هذا الانخراط من بنوك غربية إلى اعترافها بجدية المشروع ورغبتها في فهم آليته وربما التحوط لاحقاً بإمكانية استخدامه أو منافسته. كذلك أبدت المؤسسات المالية الدولية اهتماماً، فقد انضم الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد والبنك الدولي لمتابعة المشروع كمراقبين. في المقابل، أبدت الجهات الغربية الرسمية شيئاً من التحفظ والقلق حيال الأبعاد الاستراتيجية لـ mBridge. فمع تصاعد الحديث عن إمكانية استخدام المنصة للتهرب من العقوبات – خاصة بعد العقوبات المشددة على روسيا 2022 – تعالت أصوات في الغرب تحذّر من المشروع. وقد ظهر ذلك جلياً خلال قمة بريكس 2024، حيث طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رؤيته لتعاون دول بريكس في مجال العملات الرقمية والمدفوعات البديلة، مما زاد قلق القوى الغربية من فقدانها لقدرة السيطرة على العقوبات. وبالفعل، بعد أيام من القمة، أعلن بنك التسويات الدولية (BIS) بشكل مفاجئ انسحابه من الدور التنسيقي في مشروع mBridge. وجاء هذا القرار بعد أن وُجه سؤال مباشر لمدير BIS حول ما إذا كان mBridge قد يُستخدم كمنصة لتجاوز العقوبات على دول بريكس، وهو ما نفاه المسؤول، حيث برر خطوته بأن المشروع وصل مرحلة يستطيع الشركاء إكمالها ذاتياً وأن الانسحاب ليس لدواعٍ سياسية. بمعنى آخر، فضّل الغرب النأي بنفسه رسمياً عن المنصة خشية إضفاء شرعية عليها. أما الأسواق المالية بوجه عام، فتتابع تطورات mBridge ضمن إطار أوسع من التوجه نحو CBDC. ورغم الضجة الإعلامية حول المشاريع البديلة والدعوات للإبتعاد عن الدولار، لم نشهد حتى الآن تقلبات حادة في أسعار الصرف أو الأصول تُعزى مباشرة إلى mBridge. يرجع ذلك إلى أن المنصة لا تزال في مراحل الاختبار ولم تدخل الخدمة التجارية الفعلية بعد، وبالتالي تأثيرها الملموس لم يتحقق. بيد أن التوقعات المستقبلية بدأت تنعكس في استراتيجيات بعض الدول والمستثمرين. على سبيل المثال، رصد المحللون تسارعاً في خطط العديد من البنوك المركزية لتطوير عملات رقمية منذ 2022، بالتوازي مع تصاعد التوترات الجيوسياسية. تضاعف عدد مشاريع الـ CBDC عبر الحدود عالمياً خلال عام واحد بعد العقوبات على روسيا، مما يوحي بأن التأمين ضد سلاح العقوبات أصبح أولوية لدى الكثيرين. أيضاً، بدأت بعض البلدان تنوّع احتياطاتها الأجنبية بعيداً عن الدولار بشكل أكبر «مثل زيادة احتياطي الذهب أو عملات غير تقليدية»، تحسباً لسيناريو تغير دور الدولار مستقبلاً. ومع اقتراب mBridge من الإطلاق، قد نشهد تفاعلاً أكبر في الأسواق، فنجاح التجارب قد يشجع بنوكًا مركزية أخرى على الانضمام أو بدء مشاريع مشابهة، بينما أي عقبات أو تعثر قد يطمئن الأسواق بأن الدولار سيبقى بلا منافس حقيقي قريباً. في كل الأحوال، يدرك المراقبون أن هيمنة الدولار لن تُفقد بمجرد تقنية جديدة إلا إذا صاحبها تحول سياسي واقتصادي أوسع يدفع كبرى الاقتصادات لتبني البدائل على نطاق واسع.