أحدث الأخبار مع #بيليكدوزو


24 القاهرة
٢٣-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- 24 القاهرة
رغم اعتقاله.. الحزب المعارض في تركيا يختار أكرم إمام أوغلو مرشحا للرئاسة
قال حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا ، إن 14.85 مليون صوتوا اليوم الأحد، لدعم ترشح أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول المحتجز، للرئاسة. ويأتي الإعلان بعد ساعات من احتجاز أكرم إمام أوغلو، على ذمة المحاكمة في إطار تحقيق يتعلق باتهامات فساد، وسط تواصل مظاهرات حاشدة واشتباكات مع أفراد الأمن. وفتح حزب الشعب الجمهوري مراكز اقتراع أمام الأعضاء وغير الأعضاء، اليوم الأحد، للإدلاء بأصواتهم تضامنا مع إمام أوغلو، الذي كان اسمه هو الوحيد على بطاقات الاقتراع، لانتخابه مرشحا للرئاسة. تركيا تحظر بيع الأسهم على المكشوف بعد حبس منافس أردوغان السلطات التركية تعلن عن اعتقال مئات الأشخاص بعد مظاهرات إسطنبول مظاهرات في تركيا بعد القبض على زعيم معارض ولن تشهد تركيا انتخابات عامة قبل 2028، ولكن إذا أراد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الترشح مرة أخرى، فسيحتاج البرلمان إلى إقرار إجراء انتخابات مبكرة لأن الرئيس سيكون قد استنفد فرص الترشح للرئاسة المحددة بفترتين بحلول ذلك التاريخ. ويتفوق إمام أوغلو على أردوغان في بعض استطلاعات الرأي، بحسب وكالة رويترز. وأعلنت وزارة الداخلية التركية، إيقاف رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، ورئيس بلدية بيليك دوزو محمد مراد تشاليك، ورئيس بلدية شيشلي رسول إمره شاهان، عن مزاولة مهامهم، مرجعة السبب إلى قرار حبسهم على ذمة التحقيق. وفي وقت سابق الأحد، قضت محكمة تركية باحتجاز إمام أوغلو على ذمة المحاكمة بتهم فساد، ولم تصدر قرارا فيما يتعلق بتهم الإرهاب. وتم نقل إمام أوغلو إلى سجن مرمرة لتنفيذ القرار. ودعا إمام أوغلو، الأتراك إلى تنظيم مظاهرات حاشدة في جميع أنحاء البلاد احتجاجا على احتجازه على ذمة المحاكمة، فيما قال حزب الشعب الجمهوري المعارض الذي ينتمي إليه إنه سيقدم طعنا قانونيا على القرار. ووصف إمام أوغلو، في منشور على منصة إكس، العملية القانونية المتعلقة باحتجازه بأنها إعدام خارج نطاق القضاء تماما، وقال إن هذا يعني خيانة لتركيا. وتظاهر الآلاف في العديد من المدن التركية رفضا لتوقيف إمام أوغلو، واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل لتفريق المتظاهرين بالقرب من مبنى بلدية إسطنبول، فيما اشتبك متظاهرون مع الشرطة في مقاطعة إزمير الساحلية الغربية، والعاصمة أنقرة، لليلة الثالثة على التوالي، وفق ما أوردت وكالة "رويترز". ومنذ الأربعاء، يخرج عشرات الآلاف من الأتراك إلى الشوارع في احتجاجات بعد اعتقال إمام أوغلو، الذي يعد المنافس السياسي الرئيسي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في انتخابات 2028.


إيطاليا تلغراف
٢١-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- إيطاليا تلغراف
قنبلة سياسية.. ماذا يحدث في إسطنبول؟
إيطاليا تلغراف سمير العركي كاتب وباحث في الشؤون التركية لم يكد تمرّ ساعات قليلة على قرار جامعة إسطنبول، إلغاء شهادة تخرج رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، مع ما صحب القرار من جدل وصخب على المستويين السياسي والشعبي، حتى فوجئ الرأي العام، بنبأ اعتقال إمام أوغلو في الساعات الأولى من صباح يوم 19 مارس/ آذار الجاري، تنفيذًا لقرار المدعي العام، حيث شمل القرار احتجاز أكثر من مائة آخرين. قائمة المحتجزين شملت بيروقراطيين مقربين من أكرم، ورئيس بلدية شيشلي بإسطنبول، ونائب رئيس حزب 'الجيد' في إسطنبول، إضافة إلى رجال أعمال، بعضهم تم اعتقاله وهو يحاول الفرار خارج البلاد وبحوزته 40 مليون ليرة نقدًا، فيما تمكن آخرون من الهرب فعلًا. بالطبع أثارت الاعتقالات حالة واسعة من الجدل، ففيما رآها البعض محاولة من قبل الحكومة وتحديدًا الرئيس، رجب طيب أردوغان، للحيلولة دون ترشح أكرم للرئاسة، اعتبرها آخرون واحدة من أكبر جرائم الفساد ودعم الإرهاب في تاريخ تركيا. إذ تنوعت قائمة الاتهامات ما بين الرشوة والابتزاز والتحايل، والحصول على البيانات الشخصية بدون وجه حق، وصولًا إلى اتهام أكرم بعضوية وقيادة تنظيم للجريمة المنظمة، ودعم الإرهاب كما سيأتي لاحقًا. إجمالي الفساد الذي تم الكشف عنه هو الأكبر في تاريخ تركيا، حيث يقدر بـ 560 مليار ليرة، بحسب ما نشره إعلام تركي منسوبًا إلى جهات التحقيق، فكيف بدأت القضية؟ بداية الحكاية في مارس/ آذار من العام الماضي 2024، تمّ تسريب شريط مصور، لمجموعة من الأفراد في مكانٍ ما تبين لاحقًا أنه مكتب محاماة، وهم يحملون حقائب مختلفة الحجم، ويقومون بإفراغ ما فيها من أموال على منضدة، فيما يقوم شخص بعدّها بواسطة ماكينة إلكترونية. كان من السهل التعرّف عليهم لكن أهم هؤلاء، والذي كان يقوم بعدِّ الأموال، هو فاتح كيليتش، الملقب بـ 'الصندوق الأسود' لرئيس بلدية إسطنبول، وأقرب المقربين إليه، منذ أن كان أكرم رئيسًا لبلدية 'بيليك دوزو'. المفارقة أن الشخص الذي نشر الفيديو، لم يكن ذا علاقة بحزب العدالة والتنمية الحاكم، بل رئيسًا سابقًا لفرع الشباب بحزب الشعب الجمهوري في ولاية موش، ويدعى أركان تشاكير، تمامًا مثل الشخص الذي أثار قضية عدم قانونية شهادة أكرم الجامعية، والذي كان من خارج دائرة مؤيدي أردوغان والحزب الحاكم. حينها قال تشاكير إن صفوف الأموال المتراصة أفقيًا ورأسيًا التي تظهر في الصورة، جاءت من أصحاب شركات الإنشاءات الذين نجحوا في الحصول على مناقصات من بلدية إسطنبول، أي أنها كانت بمثابة رشاوَى! ومنذ تلك اللحظة بدأت جهات التحقيق في ممارسة عملها، ويومًا بعد الآخر كان نطاق العملية يتسع شيئًا فشيئًا، إذ تم اعتقال مقربين من أكرم، ومن المنتمين لحزب الشعب الجمهوري، أبرزهم رئيس بلدية بيشكتاش بإسطنبول، رضا أكبولات، الذي اعتقل في يناير/ كانون الثاني الماضي، حيث تؤكد تقارير صحفية، إدلاءَه باعترافات تفصيلية مذهلة، حمَّل فيها أكرم مسؤولية العمليات المشبوهة المنسوبة إليه. وفي فبراير/ شباط الماضي، تم اعتقال رئيس بلدية بيكوز بإسطنبول، علاء الدين كوسلر وآخرين، بتهم التلاعب في المناقصات، ومساعدة منظمة مخصصة لارتكاب الجريمة. وقبلهما في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تم اعتقال رئيس بلدية إسنيورت بإسطنبول، أحمد أوزر، والذي حظي بدعم قوي من أكرم لترشيحه للمنصب على حساب مرشح حزب الشعب الجمهوري، الذي أجبر على الانسحاب، وذلك في إطار ما يعرف بـ 'الإجماع الحضري'. ويعود هذا المفهوم إلى حزب الديمقراطية والمساواة الشعبية DEM، حيث أعلنه في ديسمبر/ كانون الأول 2023 أي قبل الانتخابات البلدية الأخيرة بثلاثة أشهر، وذلك بزعم التعاون مع الأحزاب المختلفة لتقديم مرشحين في الولايات والمناطق المختلفة. لكن في نطاق تحقيقات جهات الأمن، اتضح أن أكرم استغل هذه المظلة، لإقامة تحالفات مع تنظيمات إرهابية، حيث تم تسجيل بعض المنتسبين لها على أنهم أعضاء في حزب الشعب الجمهوري، وذلك قبل أيام قليلة من الانتخابات البلدية في مارس/ آذار 2024. كما اتضح لجهات التحقيق، أن كثيرًا من هذه الأسماء تسللت إلى هياكل المؤسسات التابعة لبلدية إسطنبول الكبرى، وكذلك إلى مناصب قيادية في البلديات الفرعية التي فاز بها حزب الشعب الجمهوري. قصة الترشح الرئاسي مع تقدم جهات التحقيق في عملها، واعتقال مقربين من أكرم إمام أوغلو، كان الخناق يضيق عليه، فكان اللجوء إلى خطة بديلة، وهو إعلان الترشح الرئاسي، لحمل السلطة على التفكير ألف مرة، قبل اعتقاله حتى لا تشعر بالحرج داخليًا وخارجيًا. وهذا ما اعترف به النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري، سيزغين تانريكولو، إذ قال خلال مشاركة متلفزة: ' كنا على علم مسبق بتحقيقات الفساد والإرهاب التي تستهدف أكرم إمام أوغلو، لذا صممنا الانتخابات الرئاسية التمهيدية داخل الحزب لإخراجه من هذه التحقيقات'. ويبدو أن رئيس بلدية أنقرة، منصور يافاش، أدرك حقيقة تلك الانتخابات التمهيدية، فاعتذر عن عدم الترشح، وبذلك صار أكرم المرشح الوحيد، لكن الاعتقال عاجله قبل أن يحين موعد تلك الانتخابات. صعود.. وتهاوٍ ما بين صعود أكرم إلى المسرح السياسي التركي، وتهاويه ليست ثمة قصة طويلة، كالتي مرَّ بها أردوغان منذ أن كان شابًا صغيرًا في معية الراحل الأستاذ نجم الدين أربكان في حركة 'المللي غوروش' وأحزابه المختلفة، حتى وصوله للرئاسة. فقد بدأ أكرم حياته السياسية يمينيًا مغمورًا في حزب الوطن الأم، قبل أن يقرر أن ييمم وجهه صوب حزب الشعب الجمهوري 'اليساري الأتاتوركي'، لكن في طريقه إلى ذلك التحول الحاد، حاول أكرم الالتحاق بعربة حزب العدالة والتنمية الحاكم، لكن الحزب رفضه ولم يرحب به لأسباب غير معروفة. ومن خلال حزب الشعب تمكن من الفوز برئاسة بلدية 'بيليك دوزو' في إسطنبول، ومنها شق طريقه إلى الترشح لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى. في عام 2019 ترشح أكرم في مواجهة رئيس الوزراء السابق، بن علي يلدريم، في مواجهة رآها البعض غير متكافئة نظرًا لتاريخ يلدريم السياسي، وسجله المهني المعروف، لكن أكرم حقق المفاجأة وفاز عليه في الجولة الأولى ثم في الإعادة بفارق كبير، إضافة إلى نجاحه في استغلال إعادة الانتخابات لبناء مظلومية وظّفها جيدًا في تعظيم شعبيته. كان واضحًا أن الرجل لن يكتفي برئاسة البلدية الأهم في تركيا، بل سيعمل على شق طريقه إلى رئاسة البلاد، وهذا حق مشروع دونما شك، وقد عززت الدعاية الداخلية والغربية هذا الإحساس لديه، خاصة بعد فوزه للمرة الثانية برئاسة البلدية في 2023 على حساب وزير سابق حينها وهو مراد قوروم. في طريقه إلى تحقيق أحلامه، عمل أكرم على تعزيز مكانته داخل الحزب، على حساب شخصيات ذات ثقل، في مقدمتها رئيس حزب الشعب السابق، كمال كليجدار أوغلو، حيث لعب أكرم دورًا مؤثرًا في الإطاحة به لحساب رئيس الحزب الحالي، في المؤتمر العام الذي عقد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والمفارقة أن وقائع ذلك المؤتمر قيد التحقيق الآن بعد أن اتهم أعضاء من الحزب أكرم باستخدام المال للإطاحة بكليجدار أوغلو. سياسة تأميم الحزب لصالحه، والعصف بالمخالفين والتعالي عليهم، عملت على خلق جبهة عريضة ضده اجتهدت في كشف جميع أوراقه ومخالفاته لجهات التحقيق، ولعبت دورًا مؤثرًا في القضية. تداعيات اعتقال أكرم لم تكن تلك العملية الأمنية من السهولة بمكان، إذ جرَّت خلفها تداعيات اقتصادية وحزبية. فعلى المستوى الاقتصادي، تعرضت الليرة التركية، لهزة عنيفة، حيث شهدت انخفاضًا بنحو 11% قبل أن تقلص خسائرها بنحو 5.5%، حيث اضطر البنك المركزي إلى ضخ نحو 8 مليارات دولار بحسب رويترز. كما انخفض مؤشر بورصة إسطنبول الرئيسي بأكثر من 6% ما اضطرها إلى وقف التداول مؤقتًا. أما حزبيًا.. فإن حزب المعارضة الرئيسي تنتظره أيام صعبة، خاصة إذا قررت جهات التحقيقات القضائية، إلغاء نتائج المؤتمر العام، وأثبتت استخدام المال لشراء الأصوات، ما يعني عودة كليجدار أوغلو إلى رئاسة الحزب، ومن ثم إعادة هيكلته للإطاحة بجميع المقربين من أكرم، وهي عملية ستترك آثارها التنظيمية والشعبوية السلبية على مسيرة الحزب. لكن من غير المتوقع أن تشهد تركيا اضطرابات أمنية عنيفة على غرار أحداث جيزي بارك 2013، فحجم وقائع الفساد التي يتم الكشف عنها منذ اعتقال أكرم كبيرة ومهولة ومدعومة بالوثائق والصور، ما ينفي عنها صفة 'التسييس'، ويقود إلى تقليل حجم التعاطف الشعبي معه يومًا بعد الآخر. كما أن انخراط اليسار الكردي في عملية سلام مع الحكومة، سيجبره على الاكتفاء بالمواقف الكلامية، دون التورط في أي مواجهات في الشارع من أجل أكرم. وبخلاف بعض ردود الفعل الأوروبية الباهتة، فإنه من غير المنتظر أن تصعد القارة العجوز الموقف ضد تركيا، خاصة وهي تخوض معها مفاوضات ومباحثات لضمها إلى نظامها الأمني الجديد ودعم أوكرانيا. كذلك أكدت الولايات المتحدة من جانبها أن حملة الاعتقالات شأن تركي داخلي، ما يعني أن ورقة الضغوط الخارجية التي ربما كان يعول عليها أكرم، تسرّبت من بين يديه. والخلاصة أنه بدا واضحًا أن الحكومة التركية قد أحكمت أمرها قبل الإقدام على هذه العملية الأمنية، الأقوى منذ محاولة الانقلاب الفاشلة 2016، سواء من حيث إحكام الأدلة، أو التحسّب للتداعيات المحتملة.


الجزيرة
٢١-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الجزيرة
قنبلة سياسية.. ماذا يحدث في إسطنبول؟
لم يكد تمرّ ساعات قليلة على قرار جامعة إسطنبول، إلغاء شهادة تخرج رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، مع ما صحب القرار من جدل وصخب على المستويين السياسي والشعبي، حتى فوجئ الرأي العام، بنبأ اعتقال إمام أوغلو في الساعات الأولى من صباح يوم 19 مارس/ آذار الجاري، تنفيذًا لقرار المدعي العام، حيث شمل القرار احتجاز أكثر من مائة آخرين. قائمة المحتجزين شملت بيروقراطيين مقربين من أكرم، ورئيس بلدية شيشلي بإسطنبول، ونائب رئيس حزب "الجيد" في إسطنبول، إضافة إلى رجال أعمال، بعضهم تم اعتقاله وهو يحاول الفرار خارج البلاد وبحوزته 40 مليون ليرة نقدًا، فيما تمكن آخرون من الهرب فعلًا. بالطبع أثارت الاعتقالات حالة واسعة من الجدل، ففيما رآها البعض محاولة من قبل الحكومة وتحديدًا الرئيس، رجب طيب أردوغان، للحيلولة دون ترشح أكرم للرئاسة، اعتبرها آخرون واحدة من أكبر جرائم الفساد ودعم الإرهاب في تاريخ تركيا. إذ تنوعت قائمة الاتهامات ما بين الرشوة والابتزاز والتحايل، والحصول على البيانات الشخصية بدون وجه حق، وصولًا إلى اتهام أكرم بعضوية وقيادة تنظيم للجريمة المنظمة، ودعم الإرهاب كما سيأتي لاحقًا. إجمالي الفساد الذي تم الكشف عنه هو الأكبر في تاريخ تركيا، حيث يقدر بـ 560 مليار ليرة، بحسب ما نشره إعلام تركي منسوبًا إلى جهات التحقيق، فكيف بدأت القضية؟ بداية الحكاية في مارس/ آذار من العام الماضي 2024، تمّ تسريب شريط مصور، لمجموعة من الأفراد في مكانٍ ما تبين لاحقًا أنه مكتب محاماة، وهم يحملون حقائب مختلفة الحجم، ويقومون بإفراغ ما فيها من أموال على منضدة، فيما يقوم شخص بعدّها بواسطة ماكينة إلكترونية. كان من السهل التعرّف عليهم لكن أهم هؤلاء، والذي كان يقوم بعدِّ الأموال، هو فاتح كيليتش، الملقب بـ "الصندوق الأسود" لرئيس بلدية إسطنبول، وأقرب المقربين إليه، منذ أن كان أكرم رئيسًا لبلدية "بيليك دوزو". المفارقة أن الشخص الذي نشر الفيديو، لم يكن ذا علاقة بحزب العدالة والتنمية الحاكم، بل رئيسًا سابقًا لفرع الشباب بحزب الشعب الجمهوري في ولاية موش، ويدعى أركان تشاكير، تمامًا مثل الشخص الذي أثار قضية عدم قانونية شهادة أكرم الجامعية، والذي كان من خارج دائرة مؤيدي أردوغان والحزب الحاكم. حينها قال تشاكير إن صفوف الأموال المتراصة أفقيًا ورأسيًا التي تظهر في الصورة، جاءت من أصحاب شركات الإنشاءات الذين نجحوا في الحصول على مناقصات من بلدية إسطنبول، أي أنها كانت بمثابة رشاوَى! ومنذ تلك اللحظة بدأت جهات التحقيق في ممارسة عملها، ويومًا بعد الآخر كان نطاق العملية يتسع شيئًا فشيئًا، إذ تم اعتقال مقربين من أكرم، ومن المنتمين لحزب الشعب الجمهوري، أبرزهم رئيس بلدية بيشكتاش بإسطنبول، رضا أكبولات، الذي اعتقل في يناير/ كانون الثاني الماضي، حيث تؤكد تقارير صحفية، إدلاءَه باعترافات تفصيلية مذهلة، حمَّل فيها أكرم مسؤولية العمليات المشبوهة المنسوبة إليه. وفي فبراير/ شباط الماضي، تم اعتقال رئيس بلدية بيكوز بإسطنبول، علاء الدين كوسلر وآخرين، بتهم التلاعب في المناقصات، ومساعدة منظمة مخصصة لارتكاب الجريمة. وقبلهما في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تم اعتقال رئيس بلدية إسنيورت بإسطنبول، أحمد أوزر، والذي حظي بدعم قوي من أكرم لترشيحه للمنصب على حساب مرشح حزب الشعب الجمهوري، الذي أجبر على الانسحاب، وذلك في إطار ما يعرف بـ "الإجماع الحضري". ويعود هذا المفهوم إلى حزب الديمقراطية والمساواة الشعبية DEM، حيث أعلنه في ديسمبر/ كانون الأول 2023 أي قبل الانتخابات البلدية الأخيرة بثلاثة أشهر، وذلك بزعم التعاون مع الأحزاب المختلفة لتقديم مرشحين في الولايات والمناطق المختلفة. لكن في نطاق تحقيقات جهات الأمن، اتضح أن أكرم استغل هذه المظلة، لإقامة تحالفات مع تنظيمات إرهابية، حيث تم تسجيل بعض المنتسبين لها على أنهم أعضاء في حزب الشعب الجمهوري، وذلك قبل أيام قليلة من الانتخابات البلدية في مارس/ آذار 2024. كما اتضح لجهات التحقيق، أن كثيرًا من هذه الأسماء تسللت إلى هياكل المؤسسات التابعة لبلدية إسطنبول الكبرى، وكذلك إلى مناصب قيادية في البلديات الفرعية التي فاز بها حزب الشعب الجمهوري. قصة الترشح الرئاسي مع تقدم جهات التحقيق في عملها، واعتقال مقربين من أكرم إمام أوغلو، كان الخناق يضيق عليه، فكان اللجوء إلى خطة بديلة، وهو إعلان الترشح الرئاسي، لحمل السلطة على التفكير ألف مرة، قبل اعتقاله حتى لا تشعر بالحرج داخليًا وخارجيًا. وهذا ما اعترف به النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري، سيزغين تانريكولو، إذ قال خلال مشاركة متلفزة: " كنا على علم مسبق بتحقيقات الفساد والإرهاب التي تستهدف أكرم إمام أوغلو، لذا صممنا الانتخابات الرئاسية التمهيدية داخل الحزب لإخراجه من هذه التحقيقات". ويبدو أن رئيس بلدية أنقرة، منصور يافاش، أدرك حقيقة تلك الانتخابات التمهيدية، فاعتذر عن عدم الترشح، وبذلك صار أكرم المرشح الوحيد، لكن الاعتقال عاجله قبل أن يحين موعد تلك الانتخابات. صعود.. وتهاوٍ ما بين صعود أكرم إلى المسرح السياسي التركي، وتهاويه ليست ثمة قصة طويلة، كالتي مرَّ بها أردوغان منذ أن كان شابًا صغيرًا في معية الراحل الأستاذ نجم الدين أربكان في حركة "المللي غوروش" وأحزابه المختلفة، حتى وصوله للرئاسة. فقد بدأ أكرم حياته السياسية يمينيًا مغمورًا في حزب الوطن الأم، قبل أن يقرر أن ييمم وجهه صوب حزب الشعب الجمهوري "اليساري الأتاتوركي"، لكن في طريقه إلى ذلك التحول الحاد، حاول أكرم الالتحاق بعربة حزب العدالة والتنمية الحاكم، لكن الحزب رفضه ولم يرحب به لأسباب غير معروفة. ومن خلال حزب الشعب تمكن من الفوز برئاسة بلدية "بيليك دوزو" في إسطنبول، ومنها شق طريقه إلى الترشح لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى. في عام 2019 ترشح أكرم في مواجهة رئيس الوزراء السابق، بن علي يلدريم، في مواجهة رآها البعض غير متكافئة نظرًا لتاريخ يلدريم السياسي، وسجله المهني المعروف، لكن أكرم حقق المفاجأة وفاز عليه في الجولة الأولى ثم في الإعادة بفارق كبير، إضافة إلى نجاحه في استغلال إعادة الانتخابات لبناء مظلومية وظّفها جيدًا في تعظيم شعبيته. كان واضحًا أن الرجل لن يكتفي برئاسة البلدية الأهم في تركيا، بل سيعمل على شق طريقه إلى رئاسة البلاد، وهذا حق مشروع دونما شك، وقد عززت الدعاية الداخلية والغربية هذا الإحساس لديه، خاصة بعد فوزه للمرة الثانية برئاسة البلدية في 2023 على حساب وزير سابق حينها وهو مراد قوروم. في طريقه إلى تحقيق أحلامه، عمل أكرم على تعزيز مكانته داخل الحزب، على حساب شخصيات ذات ثقل، في مقدمتها رئيس حزب الشعب السابق، كمال كليجدار أوغلو، حيث لعب أكرم دورًا مؤثرًا في الإطاحة به لحساب رئيس الحزب الحالي، في المؤتمر العام الذي عقد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والمفارقة أن وقائع ذلك المؤتمر قيد التحقيق الآن بعد أن اتهم أعضاء من الحزب أكرم باستخدام المال للإطاحة بكليجدار أوغلو. سياسة تأميم الحزب لصالحه، والعصف بالمخالفين والتعالي عليهم، عملت على خلق جبهة عريضة ضده اجتهدت في كشف جميع أوراقه ومخالفاته لجهات التحقيق، ولعبت دورًا مؤثرًا في القضية. تداعيات اعتقال أكرم لم تكن تلك العملية الأمنية من السهولة بمكان، إذ جرَّت خلفها تداعيات اقتصادية وحزبية. فعلى المستوى الاقتصادي، تعرضت الليرة التركية، لهزة عنيفة، حيث شهدت انخفاضًا بنحو 11% قبل أن تقلص خسائرها بنحو 5.5%، حيث اضطر البنك المركزي إلى ضخ نحو 8 مليارات دولار بحسب رويترز. كما انخفض مؤشر بورصة إسطنبول الرئيسي بأكثر من 6% ما اضطرها إلى وقف التداول مؤقتًا. أما حزبيًا.. فإن حزب المعارضة الرئيسي تنتظره أيام صعبة، خاصة إذا قررت جهات التحقيقات القضائية، إلغاء نتائج المؤتمر العام، وأثبتت استخدام المال لشراء الأصوات، ما يعني عودة كليجدار أوغلو إلى رئاسة الحزب، ومن ثم إعادة هيكلته للإطاحة بجميع المقربين من أكرم، وهي عملية ستترك آثارها التنظيمية والشعبوية السلبية على مسيرة الحزب. لكن من غير المتوقع أن تشهد تركيا اضطرابات أمنية عنيفة على غرار أحداث جيزي بارك 2013، فحجم وقائع الفساد التي يتم الكشف عنها منذ اعتقال أكرم كبيرة ومهولة ومدعومة بالوثائق والصور، ما ينفي عنها صفة "التسييس"، ويقود إلى تقليل حجم التعاطف الشعبي معه يومًا بعد الآخر. كما أن انخراط اليسار الكردي في عملية سلام مع الحكومة، سيجبره على الاكتفاء بالمواقف الكلامية، دون التورط في أي مواجهات في الشارع من أجل أكرم. وبخلاف بعض ردود الفعل الأوروبية الباهتة، فإنه من غير المنتظر أن تصعد القارة العجوز الموقف ضد تركيا، خاصة وهي تخوض معها مفاوضات ومباحثات لضمها إلى نظامها الأمني الجديد ودعم أوكرانيا. كذلك أكدت الولايات المتحدة من جانبها أن حملة الاعتقالات شأن تركي داخلي، ما يعني أن ورقة الضغوط الخارجية التي ربما كان يعول عليها أكرم، تسرّبت من بين يديه. والخلاصة أنه بدا واضحًا أن الحكومة التركية قد أحكمت أمرها قبل الإقدام على هذه العملية الأمنية، الأقوى منذ محاولة الانقلاب الفاشلة 2016، سواء من حيث إحكام الأدلة، أو التحسّب للتداعيات المحتملة. إعلان


الجزيرة
٢٠-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- الجزيرة
أردوغان يفجّر قنبلة.. ماذا يحدث في إسطنبول؟
لم يكد تمرّ ساعات قليلة على قرار جامعة إسطنبول، إلغاء شهادة تخرج رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، مع ما صحب القرار من جدل وصخب على المستويين السياسي والشعبي، حتى فوجئ الرأي العام، بنبأ اعتقال إمام أوغلو في الساعات الأولى من صباح يوم 19 مارس/ آذار الجاري، تنفيذًا لقرار المدعي العام، حيث شمل القرار احتجاز أكثر من مائة آخرين. قائمة المحتجزين شملت بيروقراطيين مقربين من أكرم، ورئيس بلدية شيشلي بإسطنبول، ونائب رئيس حزب "الجيد" في إسطنبول، إضافة إلى رجال أعمال، بعضهم تم اعتقاله وهو يحاول الفرار خارج البلاد وبحوزته 40 مليون ليرة نقدًا، فيما تمكن آخرون من الهرب فعلًا. بالطبع أثارت الاعتقالات حالة واسعة من الجدل، ففيما رآها البعض محاولة من قبل الحكومة وتحديدًا الرئيس، رجب طيب أردوغان، للحيلولة دون ترشح أكرم للرئاسة، اعتبرها آخرون واحدة من أكبر جرائم الفساد ودعم الإرهاب في تاريخ تركيا. إذ تنوعت قائمة الاتهامات ما بين الرشوة والابتزاز والتحايل، والحصول على البيانات الشخصية بدون وجه حق، وصولًا إلى اتهام أكرم بعضوية وقيادة تنظيم للجريمة المنظمة، ودعم الإرهاب كما سيأتي لاحقًا. إجمالي الفساد الذي تم الكشف عنه هو الأكبر في تاريخ تركيا، حيث يقدر بـ 560 مليار ليرة، بحسب ما نشره إعلام تركي منسوبًا إلى جهات التحقيق، فكيف بدأت القضية؟ بداية الحكاية في مارس/ آذار من العام الماضي 2024، تمّ تسريب شريط مصور، لمجموعة من الأفراد في مكانٍ ما تبين لاحقًا أنه مكتب محاماة، وهم يحملون حقائب مختلفة الحجم، ويقومون بإفراغ ما فيها من أموال على منضدة، فيما يقوم شخص بعدّها بواسطة ماكينة إلكترونية. كان من السهل التعرّف عليهم لكن أهم هؤلاء، والذي كان يقوم بعدِّ الأموال، هو فاتح كيليتش، الملقب بـ "الصندوق الأسود" لرئيس بلدية إسطنبول، وأقرب المقربين إليه، منذ أن كان أكرم رئيسًا لبلدية "بيليك دوزو". المفارقة أن الشخص الذي نشر الفيديو، لم يكن ذا علاقة بحزب العدالة والتنمية الحاكم، بل رئيسًا سابقًا لفرع الشباب بحزب الشعب الجمهوري في ولاية موش، ويدعى أركان تشاكير، تمامًا مثل الشخص الذي أثار قضية عدم قانونية شهادة أكرم الجامعية، والذي كان من خارج دائرة مؤيدي أردوغان والحزب الحاكم. حينها قال تشاكير إن صفوف الأموال المتراصة أفقيًا ورأسيًا التي تظهر في الصورة، جاءت من أصحاب شركات الإنشاءات الذين نجحوا في الحصول على مناقصات من بلدية إسطنبول، أي أنها كانت بمثابة رشاوَى! ومنذ تلك اللحظة بدأت جهات التحقيق في ممارسة عملها، ويومًا بعد الآخر كان نطاق العملية يتسع شيئًا فشيئًا، إذ تم اعتقال مقربين من أكرم، ومن المنتمين لحزب الشعب الجمهوري، أبرزهم رئيس بلدية بيشكتاش بإسطنبول، رضا أكبولات، الذي اعتقل في يناير/ كانون الثاني الماضي، حيث تؤكد تقارير صحفية، إدلاءَه باعترافات تفصيلية مذهلة، حمَّل فيها أكرم مسؤولية العمليات المشبوهة المنسوبة إليه. وفي فبراير/ شباط الماضي، تم اعتقال رئيس بلدية بيكوز بإسطنبول، علاء الدين كوسلر وآخرين، بتهم التلاعب في المناقصات، ومساعدة منظمة مخصصة لارتكاب الجريمة. وقبلهما في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تم اعتقال رئيس بلدية إسنيورت بإسطنبول، أحمد أوزر، والذي حظي بدعم قوي من أكرم لترشيحه للمنصب على حساب مرشح حزب الشعب الجمهوري، الذي أجبر على الانسحاب، وذلك في إطار ما يعرف بـ "الإجماع الحضري". ويعود هذا المفهوم إلى حزب الديمقراطية والمساواة الشعبية DEM، حيث أعلنه في ديسمبر/ كانون الأول 2023 أي قبل الانتخابات البلدية الأخيرة بثلاثة أشهر، وذلك بزعم التعاون مع الأحزاب المختلفة لتقديم مرشحين في الولايات والمناطق المختلفة. لكن في نطاق تحقيقات جهات الأمن، اتضح أن أكرم استغل هذه المظلة، لإقامة تحالفات مع تنظيمات إرهابية، حيث تم تسجيل بعض المنتسبين لها على أنهم أعضاء في حزب الشعب الجمهوري، وذلك قبل أيام قليلة من الانتخابات البلدية في مارس/ آذار 2024. كما اتضح لجهات التحقيق، أن كثيرًا من هذه الأسماء تسللت إلى هياكل المؤسسات التابعة لبلدية إسطنبول الكبرى، وكذلك إلى مناصب قيادية في البلديات الفرعية التي فاز بها حزب الشعب الجمهوري. قصة الترشح الرئاسي مع تقدم جهات التحقيق في عملها، واعتقال مقربين من أكرم إمام أوغلو، كان الخناق يضيق عليه، فكان اللجوء إلى خطة بديلة، وهو إعلان الترشح الرئاسي، لحمل السلطة على التفكير ألف مرة، قبل اعتقاله حتى لا تشعر بالحرج داخليًا وخارجيًا. وهذا ما اعترف به النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري، سيزغين تانريكولو، إذ قال خلال مشاركة متلفزة: " كنا على علم مسبق بتحقيقات الفساد والإرهاب التي تستهدف أكرم إمام أوغلو، لذا صممنا الانتخابات الرئاسية التمهيدية داخل الحزب لإخراجه من هذه التحقيقات". ويبدو أن رئيس بلدية أنقرة، منصور يافاش، أدرك حقيقة تلك الانتخابات التمهيدية، فاعتذر عن عدم الترشح، وبذلك صار أكرم المرشح الوحيد، لكن الاعتقال عاجله قبل أن يحين موعد تلك الانتخابات. صعود.. وتهاوٍ ما بين صعود أكرم إلى المسرح السياسي التركي، وتهاويه ليست ثمة قصة طويلة، كالتي مرَّ بها أردوغان منذ أن كان شابًا صغيرًا في معية الراحل الأستاذ نجم الدين أربكان في حركة "المللي غوروش" وأحزابه المختلفة، حتى وصوله للرئاسة. إعلان فقد بدأ أكرم حياته السياسية يمينيًا مغمورًا في حزب الوطن الأم، قبل أن يقرر أن ييمم وجهه صوب حزب الشعب الجمهوري "اليساري الأتاتوركي"، لكن في طريقه إلى ذلك التحول الحاد، حاول أكرم الالتحاق بعربة حزب العدالة والتنمية الحاكم، لكن الحزب رفضه ولم يرحب به لأسباب غير معروفة. ومن خلال حزب الشعب تمكن من الفوز برئاسة بلدية "بيليك دوزو" في إسطنبول، ومنها شق طريقه إلى الترشح لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى. في عام 2019 ترشح أكرم في مواجهة رئيس الوزراء السابق، بن علي يلدريم، في مواجهة رآها البعض غير متكافئة نظرًا لتاريخ يلدريم السياسي، وسجله المهني المعروف، لكن أكرم حقق المفاجأة وفاز عليه في الجولة الأولى ثم في الإعادة بفارق كبير، إضافة إلى نجاحه في استغلال إعادة الانتخابات لبناء مظلومية وظّفها جيدًا في تعظيم شعبيته. كان واضحًا أن الرجل لن يكتفي برئاسة البلدية الأهم في تركيا، بل سيعمل على شق طريقه إلى رئاسة البلاد، وهذا حق مشروع دونما شك، وقد عززت الدعاية الداخلية والغربية هذا الإحساس لديه، خاصة بعد فوزه للمرة الثانية برئاسة البلدية في 2023 على حساب وزير سابق حينها وهو مراد قوروم. في طريقه إلى تحقيق أحلامه، عمل أكرم على تعزيز مكانته داخل الحزب، على حساب شخصيات ذات ثقل، في مقدمتها رئيس حزب الشعب السابق، كمال كليجدار أوغلو، حيث لعب أكرم دورًا مؤثرًا في الإطاحة به لحساب رئيس الحزب الحالي، في المؤتمر العام الذي عقد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والمفارقة أن وقائع ذلك المؤتمر قيد التحقيق الآن بعد أن اتهم أعضاء من الحزب أكرم باستخدام المال للإطاحة بكليجدار أوغلو. سياسة تأميم الحزب لصالحه، والعصف بالمخالفين والتعالي عليهم، عملت على خلق جبهة عريضة ضده اجتهدت في كشف جميع أوراقه ومخالفاته لجهات التحقيق، ولعبت دورًا مؤثرًا في القضية. تداعيات اعتقال أكرم لم تكن تلك العملية الأمنية من السهولة بمكان، إذ جرَّت خلفها تداعيات اقتصادية وحزبية. فعلى المستوى الاقتصادي، تعرضت الليرة التركية، لهزة عنيفة، حيث شهدت انخفاضًا بنحو 11% قبل أن تقلص خسائرها بنحو 5.5%، حيث اضطر البنك المركزي إلى ضخ نحو 8 مليارات دولار بحسب رويترز. كما انخفض مؤشر بورصة إسطنبول الرئيسي بأكثر من 6% ما اضطرها إلى وقف التداول مؤقتًا. أما حزبيًا.. فإن حزب المعارضة الرئيسي تنتظره أيام صعبة، خاصة إذا قررت جهات التحقيقات القضائية، إلغاء نتائج المؤتمر العام، وأثبتت استخدام المال لشراء الأصوات، ما يعني عودة كليجدار أوغلو إلى رئاسة الحزب، ومن ثم إعادة هيكلته للإطاحة بجميع المقربين من أكرم، وهي عملية ستترك آثارها التنظيمية والشعبوية السلبية على مسيرة الحزب. لكن من غير المتوقع أن تشهد تركيا اضطرابات أمنية عنيفة على غرار أحداث جيزي بارك 2013، فحجم وقائع الفساد التي يتم الكشف عنها منذ اعتقال أكرم كبيرة ومهولة ومدعومة بالوثائق والصور، ما ينفي عنها صفة "التسييس"، ويقود إلى تقليل حجم التعاطف الشعبي معه يومًا بعد الآخر. كما أن انخراط اليسار الكردي في عملية سلام مع الحكومة، سيجبره على الاكتفاء بالمواقف الكلامية، دون التورط في أي مواجهات في الشارع من أجل أكرم. وبخلاف بعض ردود الفعل الأوروبية الباهتة، فإنه من غير المنتظر أن تصعد القارة العجوز الموقف ضد تركيا، خاصة وهي تخوض معها مفاوضات ومباحثات لضمها إلى نظامها الأمني الجديد ودعم أوكرانيا. كذلك أكدت الولايات المتحدة من جانبها أن حملة الاعتقالات شأن تركي داخلي، ما يعني أن ورقة الضغوط الخارجية التي ربما كان يعول عليها أكرم، تسرّبت من بين يديه. والخلاصة أنه بدا واضحًا أن الحكومة التركية قد أحكمت أمرها قبل الإقدام على هذه العملية الأمنية، الأقوى منذ محاولة الانقلاب الفاشلة 2016، سواء من حيث إحكام الأدلة، أو التحسّب للتداعيات المحتملة.

موجز 24
١٩-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- موجز 24
السلطات التركية تتهم رئيس بلدية إسطنبول بالفساد
اعتقلت تركيا أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول اليوم الأربعاء بتهم فساد، وهي خطوة انتقدها حزب المعارضة الرئيسي بوصفها «محاولة انقلاب على الرئيس المقبل». وعلى رغم مشكلاته القانونية، تعهد إمام أوغلو بمواصلة النضال. وقال في رسالة مصورة على منصة «إكس»: «لن أستسلم»، بحسب «رويترز». ونشرت النيابة العامة في إسطنبول صباح اليوم (الأربعاء) نتائج تحقيقات كانت قد أجرتها عن أنشطة إمام أوغلو المالية. وقالت النيابة، في بيان صحافي، إن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى «متورط مع شركات متعاقدة مع البلديات في مناقصات غير نظامية، وتزوير عطاءات من خلال التوريد المباشر أو شراء الخدمات، والاحتيال والاستحواذ غير القانوني على البيانات الشخصية، إلى جانب الرشوة والابتزاز بطريقة منظمة». ووفق تلفزيون «سي إن إن تورك»، فإن إمام أوغلو قام بتعيين أشخاص كانوا معه منذ توليه منصب رئيس بلدية بيليك دوزو (2014) رؤساءً لوحدات وشركات تابعة لبلدية العاصمة، وشكلوا هياكل فرعية لضمان استمرار عمل الشبكة التي تدير العطاءات غير النظامية، والمشتريات المباشرة أو الخدمات في العديد من الشركات التابعة للبلدية. ولم يتضح فوراً رد إمام أوغلو على اتهامات نيابة إسطنبول. وفي أعقاب إلقاء القبض على إمام أوغلو، بات من الصعب الوصول إلى شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الرسائل القصيرة. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مواطنين أتراك، أن قيوداً فرضت على تطبيقات «إكس» و«يوتيوب» و«إنستغرام» و«تيك توك» و«واتساب» و«تليغرام» وخدمات أخرى. وأظهر موقع «نت بلوكس»، المتخصص بفحص جودة الوصول إلى شبكات التواصل الاجتماعي، أن مزودي خدمة الإنترنت قيدوا الوصول إلى تلك المنصات بشكل حاد. وكانت جامعة إسطنبول قد أبطلت أمس (الثلاثاء) شهادة رئيس بلدية المدينة أكرم إمام أوغلو، أحد أبرز المعارضين للرئيس رجب طيب إردوغان، عادَّة أنه نالها من دون وجه حق. القرار من شأنه أن يقوّض مساعي إمام أوغلو للترشح في مواجهة إردوغان في انتخابات 2028؛ إذ يأتي قبل أيام على تسميته المرتقبة مرشح حزب «الشعب الجمهوري» للرئاسة. وينص الدستور التركي على وجوب أن يكون أي مرشح رئاسي حائزاً شهادة تعليم عالٍ. وسارع إمام أوغلو للتنديد بهذا القرار. وكتب على منصة «إكس»: «القرار الصادر عن مجلس إدارة جامعة إسطنبول غير قانوني»؛ مشيراً إلى أن القرار بشأن شهادته يعود لمجلس إدارة كلية تجارة الأعمال التي تخرج فيها. وقال إمام أوغلو الذي استهدفته في السابق تحقيقات قضائية عدة يقول معارضون إنها ذات دوافع سياسية: «سنحارب هذا القرار غير القانوني في المحكمة». وتابع: «سنبني نظاماً يمحو الظلم من ذاكرة هذا البلد»، وكان قد أعيد انتخابه العام الماضي رئيساً لبلدية إسطنبول، في استحقاق حقَّق فيه فوزاً مدوِّياً. وكان قد حذَّر في وقت سابق من أنه في الأيام القادمة «سيحاسب أولئك الذين اتَّخذوا هذا القرار أمام التاريخ ونظام العدالة». وفي السنوات الأخيرة، طالت إمام أوغلو تحقيقات قضائية عدة، وقد فُتحت بحقه 3 قضايا جديدة في هذا العام. وصدر بحق إمام أوغلو حكم بالسجن عامين وسبعة أشهر، وحظر مزاولته الأنشطة السياسية في عام 2022 لإدانته بـ«إهانة» أعضاء اللجنة الانتخابية العليا. واستأنف إمام أوغلو هذا الحكم. وغالباً ما يتعرض إمام أوغلو لانتقادات إردوغان الذي كان أيضاً رئيساً لبلدية إسطنبول في أواخر التسعينات، قبل أن يتولى رئاسة الحكومة وبعدها الجمهورية.