logo
#

أحدث الأخبار مع #تلغرافبلالالتليدي

لماذا خيار حرب شاملة في المنطقة بات مستبعدا؟
لماذا خيار حرب شاملة في المنطقة بات مستبعدا؟

إيطاليا تلغراف

timeمنذ يوم واحد

  • سياسة
  • إيطاليا تلغراف

لماذا خيار حرب شاملة في المنطقة بات مستبعدا؟

بلال التليدي نشر في 19 يونيو 2025 الساعة 22 و 57 دقيقة إيطاليا تلغراف بلال التليدي كاتب وباحث مغربي عند تعرض إيران لضربة عسكرية قاسية ذهبت بعدد كبير من القيادات العسكرية، تغير كثيرا خطاب تل أبيب، ولم يعد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو يسقف الخيار العسكري بتدمير البرنامج النووي، بل رفع السقف عاليا، وبدأ يتحدث عن تقويض النظام الإيراني، ثم ما لبث أن خفض السقف قليلا، وبدأ يغازل الداخل الإيراني، ويدعوهم إلى استثمار الضربة العسكرية لإحداث حراك داخلي ينتهي بالقضاء على النظام، في إشارة إلى صعوبة الرهان على الخيار العسكري لتحقيق هذا الهدف. لكن، مع توالي الموجات الصاروخية الإيرانية على الأهداف العسكرية الإسرائيلية، وإقرار الجيش الإسرائيلي بصعوبة تدمير البرنامج النووي بدون مساعدة أمريكية، تدفقت تصريحات المسؤولين الأمريكيين بشكل مثير، وتورط البيت الأبيض في سيولة إعلامية كبيرة تجمع الكثير من التناقض حول ما إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية بصدد التدخل، أم لا؟ وما هي نوعية هذا التدخل، جزئي لاستكمال استهداف مواقع المشروع النووي خاصة الشديدة التحصين (فوردو) أم كلي، لإنهاء النظام الإيراني، و«تطهير» الشرق الأوسط من تهديد إيران ومحاورها؟ لاحظ المراقبون تغيرا نسبيا في تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قبيل اجتماع مستشاريه في الأمن القومي، وبعده، فالتصريحات كان فيها كثير من الحذر والإشارة إلى التداعيات الخطيرة على المنطقة في حال نشوب حرب شاملة، والحديث عن وجود فرصة متبقية للتفاوض حول البرنامج النووي، كما انطلقت تصريحات أوروبية مختلفة تماما عن السابق، وبدت مقولة إتاحة الفرصة للدبلوماسية تتسع بشكل كبير، وتزامن ذلك، مع تصريحات مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافييل غروسي، أول أمس بأنه «لا يوجد دليل على وجود جهد ممنهج لتطوير سلاح نووي في إيران» بعد أن تم التصريح قبل أسبوع فقط، بأن إيران تهدد بتطوير سلاح نووي إذا هوجمت». الرئيس الأمريكي، لم يحسم قراره، وترك الأمر مفتوحا، والمراقبون يفسرون ذلك بخلاف داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية بخصوص مدى تحمل المصالح الأمريكية بالشرق الأوسط لحرب شاملة بالمنطقة، وبأن قرار الحرب هو اختصاص الكونغرس وليس الرئيس، في حين، ثمة رأي داخل أروقة صناعة القرار الأمريكي، يرى بأن واشنطن تواجه معضلة حقيقية، فترك الحرب الاستنزافية تجري بهذه الوتيرة بين طهران وتل أبيب، يعتبر مضرا بإسرائيل التي استنزفت عشرين شهرا الماضية اقتصاد حربها، والدخول إلى الحرب، ولو بشكل جزئي، يفتح المنطقة على حرب شاملة، يصعب احتواء تداعياتها، أو نزع فتيلها، ولا حتى تصور زمن لنهايتها. الخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول البرنامج النووي الإيراني، هو خلاف جديد وقديم، فتل أبيب، على الأقل كما توضح ذلك دراسة رئيس الأركان إيال زامير التي نشرها بمعهد واشنطن للشرق الأدنى في 2022، ترى أن المشروع النووي الإيراني، لا يتلخص في طبيعته السلمية أو العسكرية، أو في المعدل المقبول أو غير المقبول لتخصيب إيران لليورانيوم، فتل أبيب تحمل عقيدة استراتيجية، ترى أن النظام الإيراني، وعلى وجه التحديد الحرس الثوري، يمثل تهديدا وجوديا لها، وأن هدفه هو صنع القنبلة النووية لإفناء إسرائيل، وأنه لا عبرة، بعمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومراقبتها، فالحل الوحيد هو تدمير هذا البرنامج. التفاوض حول المشروع النووي بين واشنطن وطهران عرف مسارات متناقضة: إبرام اتفاق نووي في عهد أوباما سنة 2015، ثم إعلان دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي سنة 2018 في مرحلته الرئاسية الأولى، ثم دخوله في مرحلته الرئاسية الحالية في مفاوضات مع طهران، تخللتها تصريحات أمريكية مضطربة، تقول الشيء وعكسه، فتقر بإمكان تبني طهران برنامجا نوويا سلميا مع خفض مستوى التخصيب، ثم ترتد بعد ذلك للحديث عن رفض مطلق لأي منطقة وسط، وألا خيار لإيران سوى التخلي عن برنامجها النووي أو مواجهة ضربة عسكرية تدميرية له. لقد تبين أن واشنطن مارست خداعا استراتيجيا ضد إيران قبل توجيه تل أبيب ضربة عسكرية مدمرة لها، وناورت بمسار التفاوض لتوفير الشروط اللوجستية والعسكرية والسياسية لتوجيه ضربة استباقية فجائية إلى البرنامج النووي الإيراني، وتبين أيضا أن إخلاء البلدان التي توجد بها قواعد أمريكية من عدد من الموظفين وعائلات القوات العسكرية الأمريكية العاملة بها، كان يعني أن القرار قد اتخذ، وأن واشنطن لاعتبارات استراتيجية أعطت الضوء لتل أبيب لتقوم بالمهمة بدلا عنها خوفا من تداعيات سلبية تضر بمصالحها الاستراتيجية بالمنطقة. قبل اجتماع الرئيس الأمريكي بمستشاريه للأمن القومي، اتجهت تصريحاته في منحى التصعيد، في محاولة لمراوغة الحليف الإسرائيلي الذي قدم أكثر من طلب من أجل انضمام واشنطن للحرب، مدعم بجملة إغراءات تحفز ترامب إلى عدم تضييع هذه الفرصة التاريخية، سواء بالتخلص من البرنامج النووي أو بالقضاء على النظام الإيراني. تغير الخطاب الأمريكي بشكل كامل مع الموجات الصاروخية الإيرانية الثلاثة الأخيرة، وذلك بعد أن تضاءلت نسبة اعتراضها من قبل أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، وتغير معادلة الهجمات الإيرانية، بتقليص عدد الصواريخ، وتوسيع الأهداف وتضخيم كلفة الاستهداف، إذ انطلقت عقب هذه المعادلة الجديدة مسارات دبلوماسية كثيفة لفسح المجال للتسوية السياسية. الرئيس الأمريكي، أفاد كثيرا من هذه الحركات، سواء كانت من طرف موسكو، أو تركيا أو بعض الدول العربية، أو من الدول الأوروبية، فقد كان يخير إيران بين الاستسلام أو المواجهة العسكرية، لكن بعد إصرار إيران على الاستمرار في الدفاع عن أرضها، ورفضها للاستسلام، بدا هذا الحراك، في تصوره، كما لو أنه يعيد طرح موضوع التفاوض من جديد، دون أن يكون الخيار المقابل هو تهديد بضربة عسكرية أمريكية لإيران. في الواقع، كان بالإمكان أن نتصور بدقة أسباب التحول في الخطاب الأمريكي لو كانت تل أبيب سمحت بقدر من الإعلان عن نتائج الضربات العسكرية الإيرانية، لكن، في ظل تعتيم إعلامي تحت طائلة متابعات قضائية، فإن المتاح في قراءة المؤشرات يعتمد تفسير تغير الخطاب الأمريكي، والتحركات الأوروبية من جهة ثانية، والمؤسسات الدولية، التي استعملت في السابق لتبرير الهجوم العسكري على إيران، وبالأخص الوكالة الدولية للطاقة الذرية. هذه المعطيات جميعها، تسمح بالقول بأن المستوى الذي بلغته الهجمات العسكرية الإسرائيلية على إيران لحد الآن، ورغم كلفتها الكبيرة بالنسبة إلى طهران، لكنها قياسا إلى الرد الإيراني، وإلى معادلة الردع، وإلى الأهداف المرجوة، سواء كانت جزئية أو كلية، لم تحقق أي هدف لا جزئي ولا كلي، بل سمحت بشكوك كبيرة حول «النصر الإسرائيلي» المزعوم، وحول مدى قدرة واشنطن الدخول للحرب، فالأقرب إلى الاستشراف في ظل ما توفر من مؤشرات، أن واشنطن ستمضي بكل قوة في استجماع عناصر التهديد (التحركات العسكرية بكل مستوياتها في المنطقة) وممارسة الضغط السياسي على إيران، لكن دون أن تحسم موقفها من الدخول في الحرب، لأن التقدير الاستراتيجي، يرجح لديها التوقف عند الأهداف التي تحققت في هذه الحرب والرهان على التحرك الدبلوماسي لوقف الحرب. ليس هناك مبرر اليوم لتعنت واشنطن في موضوع التخصيب، فالهجمات التي تلقتها المواقع النووية الإيرانية، من دون شك أرجعت عقارب الساعة إلى الوراء، وليس هناك شك أن عودة إيران لمستوى ما قبل الحرب، سيتطلب منها جهودا كبيرة ربما تستغرق بضع سنوات، ثم إن طهران لا تشترط لوقف الحرب سوى توقيف الهجمات الإسرائيلية، وهي منفتحة على «حلول وسط» في موضوع البرنامج النووي، وأنها ستبقي على تعهدها بعدم استعمال البرنامج النووي لأهداف عسكرية. السابق ثلاثة سيناريوهات محتملة لحرب إسرائيل وإيران التالي كيف يخطط نتنياهو لسيادة الشرق الأوسط عبر ضرب إيران؟

سياسة أمريكا في المنطقة: تكتيك جديد أم تغير في الرؤية؟
سياسة أمريكا في المنطقة: تكتيك جديد أم تغير في الرؤية؟

إيطاليا تلغراف

time١٦-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • إيطاليا تلغراف

سياسة أمريكا في المنطقة: تكتيك جديد أم تغير في الرؤية؟

إيطاليا تلغراف نشر في 16 مايو 2025 الساعة 1 و 12 دقيقة إيطاليا تلغراف بلال التليدي كاتب وباحث مغربي الكثير من المحللين انخرطوا في تحليل خلفيات زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنطقة ودلالاتها، وتوقفوا عند أهم مخرجاتها، لاسيما ما يتعلق برفع العقوبات عن سوريا، والحديث المبشر عن قرب التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، هذا فضلا عن تعميق العلاقات الأمريكية الاستراتيجية مع دول الخليج، وتحول هذه الدول إلى فاعل محوري للتعاطي لحل النزاعات الإقليمية، لكن، تبقى نقطة تكثيف التفاوض لوقف الحرب على غزة نقطة محيرة، ليس فقط من جهة استشراف مستقبلها، ولكن أيضا من جهة فهم طبيعة التحولات في الموقف الأمريكي، وهل ترمز في الجوهر لتغير المعادلة الاستراتيجية بشكل كامل، وتبعا لذلك، يسير الموقف الأمريكي في اتجاه التكيف، أم أن الأمر يخضع لاعتبارات أمريكية تكتيكية صرفة؟ في البدء اتجه للتحذير من الانخراط في تحليل الحدث، وضرورة أخذ مسافة كافية للفهم، كما ولو أن الأمر يتعلق بتحول غير عادي في العلاقات الدولية، وأدوار الفاعلين الدوليين بخصوص الحرب على غزة وضرورة التوصل إلى اتفاق وقف الحرب ومستقبل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية. وقد تواترت مؤشرات تدعم هذا التوجه، منها تعزز مسار التفاوض الأمريكي مع الفاعل غير الدولي (الحوثيين، حماس) وإجراء هذا التفاوض بمعزل عن تل أبيب، والمبادرة لزيارة المنطقة دون تخصيص زيارة لإسرائيل مع أنها تحتفل بشكل متواز مع ذكرى النكبة (التأسيس الفعلي لدولة إسرائيل) ووصف الحرب بكونها «وحشية» بما يرمز بنحو من الأنحاء لإدانة إسرائيل على جرائم الإبادة حتى والرئيس الأمريكي لم يحدد المسؤول من الطرفين عن هذه الوحشية، ثم الإفراج عن الأسير الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر من خلال تفاوض أمريكي مباشر مع حماس بما يؤكد مقولة حماس بأنه «لا عودة للأسرى الإسرائيليين إلا من خلال التفاوض»، والضغط على إسرائيل من أجل إرسال وفدها المفاوض إلى الدوحة، ثم الضغط على نتنياهو من أجل توسيع صلاحية هذا الوفد من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، وحديث الرئيس الأمريكي عن الخطوات المتتالية والمدروسة لإنهاء الحرب في غزة، بما في ذلك إرسال رسائل متعددة عبر مبعوثيه إلى إسرائيل بأن مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية في وقف الحرب، وأن إصرار تل أبيب على عكس ذلك يعني السير في الاتجاه المعاكس لمصالح واشنطن. في الواقع، تبدو هذه المؤشرات، إلى جانب مؤشر رفع العقوبات عن سوريا والإعلان عن قرب التواصل إلى اتفاق نووي مع إيران صادمة لإسرائيل، وتسير على الأقل ضد مصالح حكومة بنيامين نتنياهو، التي لا تثق في سوريا أحمد الشرع، وتتطلع إلى عمل عسكري يجهز على البرنامج النووي الإيراني. لكن زخم هذه المؤشرات، لا يعني ضرورة تغير الرؤية الأمريكية تجاه إسرائيل، ولا حتى رسم رؤية مختلفة يراد عن طريق الضغط إلزام تل أبيب بمفرداتها، فقد وردت في الزيارة مفردات أخرى تدل على العودة لرؤية ترامب السابقة، أي توسيع دائرة التطبيع ضمن الاتفاقات الإبراهيمية، وتوفير مناخ من الهدوء والاستقرار الطويل في المنطقة، الذي يخدم هدف «اندماج» إسرائيل في محيطها الإقليمي. البعض لم ير في زيارة ترامب غير البعد التجاري والاستثماري، فالرجل جاء في ثلاثة أيام ليحصد قرابة ثلاثة تريليونات دولار كاستثمارات خليجية لصالح بلده، وأنه في سبيل ذلك، أخذ بعض المسافة التكتيكية عن تل أبيب، وغير لغته المتواطئة معها في موضوع نزع سلاح حماس وطرد قادتها إلى الخارج، وبدأ يتحدث عن جهة مهنية مستقلة لإدارة غزة، مع إلحاح شديد على موضوع إدخال المساعدات الإنسانية وإنهاء سياسة تجويع قطاع غزة. الواقع، أن ثمة عناصر مهمة ساهمت في تعديل الرؤية الأمريكية، منها أولا صمود المقاومة واستمرارها في المواجهة العسكرية وتكبيد العدو كلفة عسكرية كبيرة، واقتناع واشنطن باستحالة القضاء على حماس عسكريا، وحالة الاستنزاف التي تعيش عليها إسرائيل عسكريا واقتصاديا واجتماعيا فضلا عن عزلتها الدولية، ثم حالة الإحراج الدولي الذي يترتب عن الاستمرار في تجويع الشعب الفلسطيني، وقناعتها بأن تل أبيب لا تحمل أي رؤية لما بعد الحرب، وأن استمرار الحرب بهذه الطريقة يعرض المنطقة إلى التوتر واللاستقرار، لاسيما وأن حكومة نتنياهو تضرب كل مرة جنوب لبنان، وتشن هجمات على التراب السوري، بما أنذر بحصول توتر إسرائيلي تركي شديد، اضطر واشنطن للتدخل لاحتوائه. المؤشر الإضافي الذي لا ينبغي تجاهله هو الموقف العربي، الذي أظهر حالة من التراخي في التجاوب مع إدارة الرئيس الأمريكي في سياسته المستقبلية في دول الخليج بسبب دعمه وانحيازه للرؤية الإسرائيلية لاسيما قضية التهجير وإسناد إبادة قطاع غزة، وتجريف الضفة وتوسيع الاستيطان بها، فضلا عن سياسة تهويد القدس الشريف. واشنطن قرأت بشكل براغماتي كلفة استمرارها في سياسة الضغط على العرب وإسناد الموقف الإسرائيلي، واتجهت لإعادة تعريف مصالحها، وتحيين سياستها في المنطقة، مستثمرة في ذلك تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة (لبنان وسوريا وحتى العراق نسبيا) وتراجع النفوذ الروسي فيها (في سوريا) وتنامي الدور التركي في المنطقة لاسيما في سوريا والشراكة التركية الواسعة مع دول الخليج. عنوان السياسة الأمريكية الجديدة تعزيز الشراكة مع دول الخليج، واعتبارها محورا مركزيا لإدارة وحل المشاكل الإقليمية، وتعزيز الشراكة الأمريكية الخليجية التركية في اتجاه خلق شروط استقرار بعيدة المدى في المنطقة، تتأسس على توسيع المصالح الأمريكية فيها، وضمان حسن الجوار الإقليمي (عدم السماج بوجود دولة معادية لإسرائيل في المنطقة) والعمل على تحقيق هدنة طويلة بين غزة وتل أبيب، لا تتولى فيها حماس الشأن الحكومي والإداري بالقطاع، وأن تتوقف العمليات العسكرية بين الطرفين. هذه الرؤية الأمريكية الجديدة التي حظيت بدعم عربي تركي، بقيت فيها نقطة عالقة، هي الموقف الإسرائيلي، وما إذا كان سيدعم سياسة واشنطن ويجاريها لمصالح استراتيجية بعيدة، أم أنه سيغلب الرؤية الآنية على ما سواها، ويفسد بذلك الخطة الأمريكية. رؤية تل أبيب الأمنية تتأسس على معطيين: الأول وهو أن إيران ومحاورها في الإقليم تمثل تهديدا استراتيجيا لها، وأنه في وجود الحرس الثوري الوصي الفعلي على البرنامج النووي، لا يمكن الاطمئنان على أي اتفاق نووي، وأنه لا بديل عن ضرب هذا البرنامج، وأنه بدلا من خوض حرب استنزاف مع محاور إيران، يجدر قطع «رأس «الحية» لا أطرافها». والثاني، أنه في ظل وجود حماس والفصائل الفلسطينية المسلحة، فإنه لا أمن لإسرائيل، وأن السابع من أكتوبر سيتكرر، ولذلك لا بديل عن إنهاء الوجود العسكري لحماس والفصائل الفلسطينية المسلحة. واشنطن لا تجادل في هذين المعطيين، لكنها ترى أن شروط المرحلة لا تساعد على تحقيق الهدفين، وأنه ينبغي الاكتفاء بما تحقق من مكتسبات، وقلب التكتيك لجهة تحقيق هدف الاندماج الإقليمي، لخلق شروط إقليمية، تقضي على محاور إيران في المنطقة، وتنهي أجواء التوتر الإقليمي الذي كانت تستثمرها حماس في تقوية وجودها العسكري وتأمين تسلحها. التركيب بين الرؤيتين ممكن، بوجود نتنياهو وبغير وجوده. لحد الآن تجرب واشنطن خيار التفاوض مع حكومة نتنياهو لدفعها للتكيف مع الرؤية الجديدة إذ تعتقد أن وجود حكومة تقبل بوقف الحرب أفضل بكثير من انتظار انتخابات إسرائيلية سابقة لأوانها تفرز حكومة يمكن أن تقوم بالمهمة، لكن، في حال لم يتم التوصل لشيء، فإن المستقبل سيكون مفتوحا على سيناريوين اثنين: إما أن تفسد تل أبيب سياسة واشنطن وتربكها، وفي هذه الحالة سنرى امتدادا لسياسة الحرب وتعمق المشكل الإنساني واحتمال تصاعد التفكك الداخلي في إسرائيل، وإما أن يتم اللجوء لآخر الكي، أي العمل على إسقاط حكومة نتنياهو.

خيارات مصر والعرب في مواجهة ابتزاز ترامب
خيارات مصر والعرب في مواجهة ابتزاز ترامب

إيطاليا تلغراف

time١٤-٠٢-٢٠٢٥

  • سياسة
  • إيطاليا تلغراف

خيارات مصر والعرب في مواجهة ابتزاز ترامب

نشر في 14 فبراير 2025 الساعة 1 و 17 دقيقة إيطاليا تلغراف بلال التليدي كاتب وباحث مغربي الكثيرون ينتظرون الأجل الذي حدده دونالد ترامب لحماس من أجل الإفراج عن كل الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين، ليس لأنهم يريدون أن يعرفوا أي نوع من الجحيم يجهزه لمنطقة الشرق الأوسط، ولكنهم يريدون فقط أن يعرفوا حدود الهزل والجد في تصريحاته، وهل هناك بالفعل خطة جهزها لتهجير الفلسطينيين عن غزة، أم أن الرجل يفاوض حماس والعالم العربي من بعيد، على قضايا أخرى، ويستعمل ورقة التهجير، حتى يوافقوا على مطالبه. وعلى كل حال، فقد ظهر لجملة المروعين المهزومين، من مؤشرات سلوك الإسرائيليين ومواقفهم خلال الأربعة الأيام الأخيرة، أن الحديث عن العودة للحرب، وتدمير حماس، وإيقاف الصفقة، هي مجرد فقاعات هواء، وأن الكابنيت الإسرائيلي، أصر على ضرورة استمرار الصفقة، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ألزم وزراءه بالصمت عن ثرثراتهم الفارغة، خوفا من إفساد التوافقات التي جرت بينه وبين الرئيس الأمريكي بالبيت الأبيض. كبريات الصحف العربية، والإسرائيلية، خرجت بعيد اكتمال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالقول بأنه اكتسب الدعم الأمريكي الذي كان يطلبه، وأنه سيقلب الطاولة على حماس، وينهي الاتفاق، وأن العرب أمام تحد خطير، ومخطط جهنمي يستهدف أمنهم القومي، وأنه من اليوم ينبغي أن نبدأ التفكير في الخطوة التالية بعد غزة، وهل هي الأردن أم مصر؟ والمفارقة أن بعض الكتاب المحترمين، بدأوا يلتمسون من حماس خفض تصعيدها السياسي، وأن ذلك منها يزيد في توريط مصر والأردن، وأن المعادلة العربية لا تتحمل مزيدا من «التطرف» الذي يمكن أن يدخل المنطقة للجحيم! لنترك هذه اللغة، ولنقرأ مؤشرات الأربعة الأيام الماضية، فحماس، التي اتخذت موقفها الاثنين الماضي بتأجيل الإفراج عن الأسرى حتى يتم إلزام إسرائيل بإدخال ما ينص عليه الاتفاق من عودة النازحين، ودخول المواد الغذائية، والخيام، والمنازل الجاهزة والمحروقات ومواد البناء، كانت تعي أن بيدها خمسة أيام كاملة، لقراءة الموقف، واختبار الموقف الأمريكي والإسرائيلي، فأرادت بذلك أن تضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وبشكل خاص الوسطاء، الذين هم أعرف بغيرهم بالجهة التي تحترم الاتفاق والتي تنتهكه. الرئيس الأمريكي، أنتج خلال أقل من شهر من تنصيبه، لغتين متناقضتين للتعاطي مع الحرب على غزة، الأولى عملية، تدفعه في اتجاه تنفيذ الاتفاق بجولاته الثلاث، بما يفضي إلى إنهاء الحرب بشكل كامل. والثانية، سريالية، يهدد فيها حماس، والعالم العربي بجحيم في الشرق الأوسط، ويطلب في مقابل وقف ذلك أن تقوم حماس بالإفراج عن كل الأسرى، ومن غير تقطير. لا يهمنا كثيرا قياس لغته العملية إلى لغته السريالية، ولا السريالية إلى العملية، فالتقدير الذي اخترناه منذ أن اجترحنا التحليل في هذا الموضوع، أنه يريد أن يغطي عن أزمة، رافقت الإدارة الأمريكية السابقة والحالية، منذ أن بدأ الحديث عن التفاوض لإنهاء الحرب والإفراج عن الأسرى، فإسرائيل، ليس لديها تصور لليوم التالي، وقد لجأت في عز جولة التفاوض الأول إلى التهديد بفتح جبهة رفح، للضغط على الجانب المصري للقيام بمسؤوليته في إعداد تصور لما بعد الحرب، تغيب فيه حماس عن المشهد السياسي والعسكري بقطاع غزة، فلم تنجح في ذلك، مع أنها سيطرت على رفح ومحور فيلادلفيا وأنتجت ذرائع كاذبة تم فضحها من بعد إسرائيليا، فقط من أجل أن تنجح في عملية الضغط هذه. اليوم، وبعد أن اضطرت إسرائيل لإبرام الصفقة مع حماس من ثلاث جولات، أثبتت أنه لم تعد لديها قدرة للاستمرار في الحرب، سياسيا وعسكريا واقتصاديا أيضا، فصارت عارية تماما، وزاد من عرائها المشاهد الاستعراضية لكتائب عز الدين القسام، وهي تقدم رسائل سياسية مختلفة كل سبت، وتجرع إسرائيل الهزيمة بكأس مرة، لم يستطع المسؤولون الإسرائيليون أنفسهم إنكارها. ضمن هذا السياق، لم يجد دونالد ترامب بدا من ممارسة التفاوض بدلا عن إسرائيل، وذلك حتى يضغط على حماس بالالتزام باستكمال جولات الاتفاق، حتى ولو لم تلتزم إسرائيل به، ويضغط على كل من مصر والأردن، بورقة التهجير، حتى يلجئهما إلى إعداد خطة واضحة لما بعد غزة، لا تكون فيها حماس حاضرة في المشهد. الأربعة أيام الماضية، شهدنا فيها مؤشرين، الأول، هو رفض مصري وأردني قوي لحل التهجير، بل ورفض عربي أيضا. ظهر ذلك من خلال زيارة العاهل الأردني للبيت الأبيض، وتصريحه برفض بلاده لحل التهجير وانتظاره للمقترح المصري. والثاني، هو تصريحات إسرائيلية، تتدرج كل يوم، في اتجاه الاستجابة لتحذير حماس، بدءا من مغادرة لغة إلغاء الصفقة، ومرورا بالتأكيد على التمسك بالاستمرار بإتمامها، وانتهاء في اليومين الأخيرين بالحديث عن إطلاق ثلاثة أسرى، وليس كل الأسرى كما جاء في تهديد ترامب، ثم تسريب معطيات من مسؤولين إسرائيليين أمنيين وسياسيين، بالتوصل لتفاهمات مع الوسطاء، من أجل أن تقوم منظمات دولية، بإدخال ما كان موضوع تحذير حماس. نقطة الوصل التي ستصل بين المؤشر الأول والثاني، بدون شك هي عودة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى المنطقة، بما تعنيه من إطلاق دينامية التفاوض على المرحلة الثانية، والتي تريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن تتزامن مع تقديم القاهرة لمشروعها، إذ ليس على الطاولة اليوم أي مشروع، بالمطلق، بما في ذلك مشروع التهجير الذي يعتبر فزاعة أمريكية للعرب، وأن الأوراق التي يستعملها دونالد ترامب للضغط على مصر والأردن، هي من نوع آخر(استقرار أنظمة كل من مصر والأردن) وذلك بعد تأكده بفراغ المروحة الإسرائيلية والأمريكية من أي تصور لما بعد الحرب في غزة. قراءة مؤشرات الأيام الأربعة الماضية، يفيد بأن عملية الإفراج عن الأسرى غدا السبت ستكون سلسة، وأن إسرائيل ستستجيب بنوع ما لتحذير حماس، وسيتم تسوية المشكل، حتى يتم تأمين استمرار الصفقة، وسنرى دخول كم مقدر من مطالب حماس التي بررت قرارها بتأجيل الإفراج عن الأسرى، لكن ستبقى المعضلة المستمرة، أي مشروع يتم تقديمه للرئيس الأمريكي حتى يطمئن على أمن إسرائيلي يقدم تصورا للجهة التي ستدير قطاع غزة سياسيا وإداريا، وتتكفل بإعادة الإعمار، وهل الأمر سيعهد لشخصيات فلسطينية تكنوقراطية محايدة، أم سيتم ما كانت الولايات المتحدة الأمريكية تصر عليه من قبل من دخول قوات عربية إلى قطاع غزة لإدارتها؟ الخيارات البراغماتية المتاحة أمام مصر والعالم العربي بهذا الصدد ليست كثيرة، فهذه الدول كانت دائما ترفض دخول قواتها إلى غزة، لأن هذه اللعبة خطرة، وربما هي أخطر من التهجير نفسه، لأنها ستعرض الأمن القومي المصري لتهديدين جديين، الأول، عسكري وأمني، والثاني استراتيجي (التهجير). خيار إدارة محلية بشخصيات وطنية، وربما حتى من حماس ولكن بوجوه غير معروفة، خيار مطروح، لكنه، لا يستهوي كثيرا الاحتلال الإسرائيلي، لأنه يدرك أن مثل هذه الإدارة ستكون مجرد واجهة، لحماس صاحبة القوة، فهي تريد قوات تقوم بما عجزت عن الجيش الإسرائيلي، أي تقوم بالقضاء على حماس، ولذلك، يرجح أن حماس لن تتشدد مع هذا المقترح إن كانت الشخصيات المقترحة محل قبولها. تقديري أنا أكبر ورقة تمتلكها مصر اليوم هي وحدة الموقف العربي والإسلامي والدولي، ضد «حل» التهجير، والموقف الدولي المقتنع بحل الدولتين، ثم إدارة الوقت. فإسرائيل هي المتضررة الأكبر من مرور الوقت، لأنه ما من أسبوع يمر من الجولة الأولى من الصفقة إلا وبنيانها السياسي والاجتماعي يهتز، والعلاقات بين المؤسسات داخلها تزداد توترا، وسيكون من الضروري، أن يكون السعي لحشد الموقف العربي ضد التهجير، أسرع من السعي لتقديم مقترح لما بعد الحرب على غزة، وذلك، حتى يضيق الوقت أكثر، ويصير الطلب على أقل السيناريوهات ضررا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store