أحدث الأخبار مع #جامعةبغداد،


هبة بريس
منذ 3 أيام
- سياسة
- هبة بريس
وفاة هيثم الزبيدي رئيس تحرير صحيفة "العرب"
هبة بريس توفي يوم أمس السبت هيثم الزبيدي، رئيس تحرير صحيفة 'العرب' ورئيس مجلس إدارتها، عن عمر ناهز 61 عامًا. كان الزبيدي يحمل شهادة البكالوريوس في الهندسة من جامعة بغداد، بالإضافة إلى شهادتي الماجستير والدكتوراه من جامعة إمبريال كوليدج بلندن. وواصل كتابة مقاله الأسبوعي في الصحيفة حتى أيامه الأخيرة، حيث عُرف باهتمامه العميق بالقضايا الثقافية والسياسية، إلى جانب مقالاته المتنوعة. واعتبرت صحيفة 'العرب' في نعيها له أن الزبيدي يُعد المؤسس الثاني للصحيفة التي انطلقت عام 1977، مشيرة إلى بصمته التحريرية المتميزة التي ساهمت في تقديم محتوى نوعي ومفيد للقراء. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X مقالات ذات صلة


Independent عربية
منذ 4 أيام
- أعمال
- Independent عربية
بين الفخر والهواجس... كيف يقارب العراقيون استضافة القمة العربية؟
بعد انقطاع دام سنوات عن استضافة الفعاليات العربية الكبرى عادت بغداد إلى الواجهة الدبلوماسية باحتضانها القمة العربية وسط أجواء رسمية احتفالية وتحضيرات مكثفة شملت تحسين البنى التحتية وتجميل العاصمة. وبينما اعتبرها كثر علامة على استعادة العراق لدوره الإقليمي، أبدى آخرون قلقهم من الكلفة الباهظة التي رافقت الاستعدادات، في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعيشها المواطن العراقي. بين الأمل والإنفاق في هذا السياق أثارت الأرقام التي رافقت كلفة استضافة القمة جدلاً واسعاً في الشارع العراقي، حيث كشف المحلل السياسي المقرب من الحكومة العراقية عدنان السراج في حوار متلفز عن أن "الكلف المالية التي تم تخصيصها من قبل الحكومة للقمة العربية تبلغ 235 مليار دينار (نحو 179 مليون دولار) على مدار اليومين المخصصين للقمة"، مبيناً أنه "لم يتم صرفها جميعاً حتى الآن، حيث صرف جزء منها لتجميل العاصمة بغداد". من جانبه أطلق النائب مصطفى سند تصريحات أكثر انتقاداً، حيث أكد في 6 مايو (أيار) الجاري أن "تكلفة القمة العربية ليوم واحد تجاوزت 250 مليار دينار (نحو 190 مليون دولار أميركي)"، مشيراً إلى أن "تبليط شارع المطار بلغت كلفته 100 مليار دينار (نحو 76 مليون دولار)، بمشروعين، واحد مباشر، والآخر يمتد إلى قاعة الشرف"، مضيفاً أن "كلف الضيافة من أدوات طعام، وصلت إلى 13 مليار دينار (10 ملايين دولار تقريباً)، من دون احتساب كلفة الطعام نفسه". أثارت هذه الأرقام تساؤلات حول أولويات الحكومة، لا سيما في وقت تعاني فيه قطاعات خدمية من نقص التمويل وتردي البنية التحتية. "العراق أولى" أم "لا بد من صورة مشرقة"؟ تباينت آراء المواطنين في شأن القمة بين من يراها ضرورة لتعزيز مكانة العراق الخارجية ومن يرى أن البلاد ليست في وضع يسمح بإنفاق هذه المبالغ الطائلة ليومين من الاجتماعات. حسين علي، مواطن بغدادي، عبر عن امتعاضه من حجم الإنفاق قائلاً "لو صرفوا هذه الأموال على تحسين الكهرباء، كان أفضل لنا. القمة مهمة، لكن ليس بهذه الكلفة. نحن نعيش تقشفاً يومياً في حياتنا". في المقابل ترى زهراء حسين، وهي طالبة دراسات عليا في جامعة بغداد، أن "العراق في حاجة إلى إعادة ترميم صورته أمام الدول العربية، وهذه القمة خطوة في هذا الاتجاه. من الطبيعي أن تكون هناك كلف، لكن المهم أن تكون هناك نتائج ملموسة". البعد الرمزي والدبلوماسي من منظور دبلوماسي يعد عقد القمة في بغداد حدثاً سياسياً كبيراً يعكس رغبة العراق في لعب دور أكثر تأثيراً في محيطه العربي، وتثبيت حال من الاستقرار السياسي بعد عقود من العزلة والحروب والاضطرابات. وفي هذا الإطار تشير مصادر حكومية إلى أن العراق يسعى من خلال هذه القمة إلى التوسط في عدد من الملفات العربية الشائكة، إضافة إلى جذب استثمارات خليجية وعربية. تجميل أم تحسين؟ وعلى رغم أن عدداً من المشاريع التي نفذت استعداداً للقمة قد تكون مطلوبة منذ زمن، فإن توقيت تنفيذها قبل القمة مباشرة دفع البعض إلى التشكيك في ديمومتها، واعتبارها مجرد "تجميل عمراني" موقت. محمد كريم، سائق أجرة من منطقة الشعلة، عبر عن هذا الإحساس قائلاً "منذ سنوات ونحن نطلب تبليط شارع في منطقتنا، ولم يسمعنا أحد، لكن من أجل القمة، عملوا شارع المطار مثل أوروبا. طيب، ونحن؟ ألسنا بشراً؟". لكن على الجانب الآخر يشير مهندسون في أمانة بغداد إلى أن المشاريع التي نفذت ستبقى وتخدم المواطنين بعد القمة، مؤكدين أن "التحسينات في البنية التحتية، بخاصة حول المطار ومناطق الكرخ، كانت مطلوبة منذ وقت طويل، وتم التعجيل بها بسبب انعقاد القمة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) مكاسب سياسية وانتقادات شعبية الحكومة من جهتها ترى أن الاستضافة تمثل إنجازاً يحسب لها، وتعكس قدرتها على تنظيم فعاليات دولية رفيعة المستوى، بخاصة في ظل ظروف أمنية معقدة. لكن هذا لم يمنع انتقادات النواب والناشطين، الذين وصف بعضهم القمة بـ"الاستعراضية". هل ستثمر القمة؟ على رغم الجدل فإن جزءاً من المواطنين يأمل في أن تؤدي هذه القمة إلى مكاسب استراتيجية للعراق، مثل إبرام اتفاقات اقتصادية أو دعم سياسي في المحافل الدولية. آمنة جاسم، ناشطة في المجتمع المدني، تلخص الموقف بقولها "نحن في حاجة إلى الأمل، حتى لو كان مكلفاً، لكن لا نريد أن يستخدم الأمل كغطاء للفساد. إذا كانت القمة ستجلب فرص عمل أو استثمارات، فليكن. أما إذا كانت مجرد مناسبة للصور والكلام، فستبقى عبئاً على الذاكرة". كما حملت استضافة القمة العربية في بغداد بعدين متضادين في أعين العراقيين، فبعد الفخر الوطني والظهور الدبلوماسي، وبعد الشكوى من الإنفاق الحكومي في بلد ما زال يرزح تحت ثقل أزمات مزمنة في مجال الخدمات، يبقى الحكم النهائي مرهوناً بما ستسفر عنه القمة من نتائج ملموسة بالنسبة إلى المواطن في واقعه اليومي، لا في نشرات الأخبار فقط.


منذ 6 أيام
- سياسة
هدير البنادق بين الجارتين النوويتين.. هل يكتب وقف النار نهاية النزاع أم بداية حرب نووية بين الهند وباكستان؟
محمد الطماوي الفرق في GDP بين الهند وباكستان يعكس اختلال ميزان القوى الاقتصادية رغم توازن الردع النووي موضوعات مقترحة زيلينسكي: وقف إطلاق النار هو النتيجة الوحيدة المقبولة لمفاوضات إسطنبول وزير الخارجية السوري يُرحب بتصريحات ترامب برفع العقوبات المفروضة على سوريا الأردن يُرحب بإعلان الرئيس الأمريكي رفع العقوبات عن سوريا د.طارق الزبيدي: السلاح النووي لن يُستخدم والجميع سيكون خاسرًا في حال اندلاع الحرب د. منى سليمان: سيناريوهات متعددة للتصعيد تحدد مستقبل العلاقات والصراع بعد تدخل ترامب د. عمر البستنجي: التصعيد أداة لجس نبض القوى الكبرى وتحريك المياه الراكدة في النظام الدولي د.عمرو حسين: تكلفة الحرب ستكون باهظة لكلتا الدولتين من الناحيتين الاقتصادية والإنسانية السيد عابدين: الحادث المسبب لا يبرر التصعيد ونيودلهي اتخذت إجراءاتها قبل كشف هوية المنفذين لم تكن الجولة الأولى من القصف المتبادل بين الهند وباكستان مجرد تصعيد عابر في تاريخ طويل من التوترات المتكررة. بل بدت وكأنها جرس إنذار جديد، يوقظ المخاوف القديمة من أن تتحول شرارة محدودة إلى نيران حرب شاملة بين دولتين تمتلكان السلاح النووي، القذائف التي عبرت الحدود لم تترك فقط دمارًا ماديًا، بل فتحت أبواب القلق من القادم المجهول. في العاصمتين، إسلام آباد ونيودلهي، تتأرجح اللغة الرسمية بين إدانة واستعداد، وبين دعوات للتهدئة وتحشيد عسكري متسارع، المشهد الإقليمي والدولي يتابع بقلق بالغ، حيث إن أي خطوة غير محسوبة قد تفضي إلى انفجار يصعب احتواؤه، ومع أن الأصوات العاقلة تدعو إلى ضبط النفس، إلا أن إيقاع الأحداث على الأرض يبدو أكثر توتراً من قدرة الخطاب السياسي على تهدئته. بالرغم من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الهند وباكستان وافقتا على وقف إطلاق النار، فإن سيناريوهات التصعيد ستظل قائمة على الأرض، في ظل غياب حلول جذرية للأسباب التي أدت إلى تفجر الأزمة، ووجود مؤشرات ميدانية على استعداد الطرفين لمزيد من المواجهة. ويعزز ذلك هشاشة الثقة بين الجارتين النوويتين، واستمرار التحشيدات العسكرية، والاتهامات المتبادلة بشأن انتهاكات وقف إطلاق النار. وتجدر الإشارة إلى أن الهند تمتلك ناتجاً محلياً إجمالياً يُقدّر بحوالي 3.7 تريليون دولار، ما يجعلها من أكبر الاقتصادات الناشئة عالمياً، في حين يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لباكستان نحو 375 مليار دولار فقط، وفق بيانات البنك الدولي لعام 2024، ورغم هذا الفارق الكبير في القوة الاقتصادية، فإن فاتورة الحرب ستكون باهظة على كلا الطرفين، حيث تُقدّر الخسائر المحتملة لحرب شاملة بين البلدين بنحو 250 مليار دولار في العام الأول فقط، وفق تقديرات غير رسمية، فضلًا عن المخاطر الإنسانية الهائلة والنزوح الجماعي والانهيار البنيوي للبنية التحتية في المناطق المتأثرة بالنزاع. في ظل هذه الأجواء المشحونة، يبرز السؤال الجوهري: ما هي السيناريوهات التي تنتظر باكستان والهند بعد الجولة الأولى من القصف المتبادل؟ وهل لدى البلدين الإرادة أو القدرة فعلاً على خوض حرب شاملة؟ وهل يبقى الرهان على ضبط النفس كافياً للوقوف عند هذا الحد... أم أن القادم أعنف؟. الهجمات المتبادلة في البداية، قال د. طارق عبد الحافظ الزبيدي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، إن التهديدات المتبادلة بين الهند وباكستان ليست جديدة، بل تعود إلى حقبة ما بعد استقلال البلدين عن بريطانيا عام 1947، مشيراً إلى أن جوهر الخلاف يتمثل في النزاع على منطقة كشمير التي يدعي كل طرف أنها جزء لا يتجزأ من أراضيه. وأضاف الزبيدي أن التنازع في إقليم كشمير لا يقتصر على الهند وباكستان فحسب، بل يشمل الصين أيضاً، موضحاً أن الهند تسيطر حالياً على نحو ثلثي الإقليم، بينما تخضع قرابة الثلث للسيطرة الباكستانية، مع وجود مناطق محدودة جداً تقع تحت نفوذ الصين. وأوضح الزبيدي أن التوترات التاريخية والتهديدات المتبادلة كانت دائماً بين الهند وباكستان، رغم أن الصين لعبت في أحيان كثيرة دور الوسيط بين الجانبين، نظراً لمصالحها الاقتصادية الكبيرة في كلا البلدين، مضيفاً أن بكين تسعى دائماً إلى إيجاد حلول ترضي الطرفين. وأشار الزبيدي إلى أن سياسة الردع بين الدولتين شهدت تحولاً كبيراً بعد امتلاك كل من الهند وباكستان للسلاح النووي، مؤكداً أن الهند كانت قبل عام 1998 صاحبة اليد العليا في المفاوضات، مستفيدة من امتلاكها المبكر للسلاح النووي منذ عام 1974، ما جعلها الطرف الأقوى طوال سنوات النزاع. وتابع قائلاً: "لكن بعد إعلان باكستان رسمياً امتلاكها للسلاح النووي، بات ميزان الردع أكثر تقارباً بين الجانبين، وهو ما أدى إلى تصاعد المخاوف من احتمال اندلاع حرب نووية في حال تطور النزاع إلى مراحل متقدمة". واستطرد الزبيدي موضحاً أن تجدد الاشتباكات في 22 إبريل من العام الحالي جاء بعد هجوم استهدف سياحاً هنوداً ونيباليين في منطقة بهالغام السياحية الخاضعة للنفوذ الهندي، لافتاً إلى أن الهند اتهمت باكستان بالمسؤولية المباشرة أو غير المباشرة عن هذا الهجوم. وأضاف أن الهند ردت في السادس من مايو بتنفيذ هجوم ضد الشطر الباكستاني من إقليم كشمير، كجزء من سياسة الرد بالمثل، متسائلاً في الوقت ذاته: "هل هناك طرف قادر على ضبط هذه الهجمات المتبادلة؟ وما هو مستقبل التصعيد بين البلدين؟". وأكد الزبيدي أن الفعل ورد الفعل سيظلان السمة الأبرز في المشهد الحالي والمستقبلي بين الدولتين، مشيراً إلى أن هذا التصعيد سيبقى ضمن الأطر التقليدية مثل القصف المتبادل، وتحركات عسكرية محدودة، وتراجع القوات حسب تطورات الوضع الميداني. وشدد على أنه لا يتوقع اندلاع حرب نووية في شبه القارة الهندية، معللاً ذلك بعدة حقائق، أولها أن التهديدات المتبادلة ليست جديدة، والعلاقات بين البلدين ظلت متوترة تاريخياً، وثانيها أن استخدام السلاح النووي سيؤدي إلى خسائر كارثية على الطرفين نظراً للقرب الجغرافي، حيث لا منتصر في مثل هذه الحرب. وأضاف مؤكداً أن السلاح النووي غالباً ما يُستخدم كأداة ردع استراتيجية، وليس كسلاح فعلي في المعارك، مشيراً إلى أن الدول التي استخدمته في الماضي ندمت على ذلك، ولو عاد بها الزمن لاختارت بدائل أخرى. وحول الموقف الدولي، أوضح الزبيدي أن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي، لأنها تدرك أن اندلاع حرب نووية سيقلب توازنات النظام الدولي، ويهدد هيمنة النظام أحادي القطبية الذي تسيطر عليه، مؤكداً أن واشنطن ستسعى جاهدة إلى منع مثل هذا السيناريو الكارثي. وختم الزبيدي تصريحه بالإشارة إلى أن حلفاء الهند وباكستان، إلى جانب الدول المجاورة، سيعملون على تقديم وساطات حقيقية لاحتواء الموقف، نظراً لما لديهم من مصالح مشتركة في البلدين، ولخشيتهم من أن تمتد آثار الحرب إليهم بشكل مباشر كونهم ضمن دول الطوق الجغرافي. سيناريوهات التصعيد من جانبها، قالت د. منى سليمان، باحث أول ومحاضر في العلوم السياسية، إن الهند وباكستان خاضتا ثلاث حروب شاملة منذ استقلالهما عن بريطانيا عام 1947، فضلًا عن عدد من جولات التصعيد العسكري التي انتهت دون التحول إلى حرب حقيقية، وكان آخرها عام 2019، مضيفة أن ذلك كله جاء نتيجة النزاع المستمر بينهما على إقليم كشمير ذي الأغلبية المسلمة، والذي ضمّته الهند إليها فور استقلالها، موضحة أن التوتر يسيطر على العلاقات بين البلدين منذ ذلك التاريخ، مشيرة إلى أن الدولتين تختلفان في الأيديولوجيات والسياسات والثقافة بشكل جوهري، وحول التصعيد الأخير الذي بدأ في 22 أبريل 2025، أشارت إلى أنه جاء عقب هجوم مسلح مميت على سياح هنود، حيث اتهمت نيودلهي إسلام آباد بتنفيذه، في حين نفت الأخيرة أي صلة لها به. وتابعت قائلة إن هناك ثلاثة سيناريوهات للتصعيد الحالي، موضحة أن السيناريو الأول يتمثل في استمرار القصف المتبادل المحدود على المناطق الحدودية المشتركة لإقليم كشمير لعدة أسابيع أو شهور، وربما يكون هذا هو السيناريو المرجح، يعقبه توقف نتيجة وساطة دولية، قد تطرحها واشنطن نظرًا لعلاقاتها المتميزة مع الدولتين، وربما تسعى الوساطة إلى إنهاء النزاع بشكل كامل وليس فقط وقف التصعيد، كما تتوسط واشنطن بين روسيا وأوكرانيا لإنهاء الحرب المستمرة بينهما منذ ثلاث سنوات، مضيفة أن السيناريو الثاني يتمثل في توقف القصف الحالي عند هذا الحد ثم معاودته على فترات متباعدة، مع استمرار الوضع القائم بين الدولتين، وهو ما يُعرف بـ"حالة اللا سلم واللا حرب". وأكدت أن السيناريو الثالث يتمثل في استمرار التصعيد وتحوله إلى حرب شاملة، وربما يتم استخدام محدود للسلاح النووي بينهما، لكنها رأت أن هذا السيناريو مستبعد. وفيما يخص العوامل التي تحول دون خوض حرب حقيقية شاملة، أوضحت د. منى سليمان أن العامل الرئيسي يتمثل في "الردع النووي" بين البلدين، حيث تمتلك كل من الهند وباكستان ترسانة نووية ضخمة، مشيرة إلى أن الإنفاق العسكري الهندي يُقدّر بعشرة أضعاف نظيره الباكستاني. وأضافت أن "السلاح النووي" يعمل كضمان لوقف التصعيد العسكري قبل تحوله إلى حرب، لتجنب اندلاع حرب نووية في جنوب آسيا قد تؤثر على العالم بأسره. وأشارت إلى أن التقارير العسكرية ترجح امتلاك الهند وباكستان ما بين 170 إلى 180 رأسًا حربية نووية، والمئات من أنظمة الإطلاق المختلفة، مؤكدة أنه في حال لجوء أي منهما لاستخدام السلاح النووي، سيكون الرد عليه مكافئًا، ما يؤدي إلى نشوب حرب نووية قد تتدخل فيها أطراف أخرى، وتتسع آثارها البيئية والإشعاعية والاقتصادية والسياسية على المستوى العالمي. واستطردت قائلة إن هناك عاملًا آخر يتمثل في المتغيرات الإقليمية والدولية، التي تتجسد في تعقيدات التحالفات الخارجية لكل من الهند وباكستان، موضحة أن باكستان ترتبط بعلاقات متميزة مع واشنطن، كما تتحالف مع الصين من خلال اتفاقيات اقتصادية وسياسية وعسكرية متعددة، حيث استثمرت بكين أكثر من 55 مليار دولار في الممر الاقتصادي مع باكستان، الذي يُعد من أبرز مشاريع مبادرة الحزام والطريق. وأضافت أن الصين تُعد الخصم التقليدي للهند، وتسعى لتشكيل محور في جنوب آسيا يضم (الصين، باكستان، أفغانستان)، لمعادلة النفوذ الهندي، موضحة أن الهند بدورها تعمل على تنويع تحالفاتها الدولية والآسيوية، حيث انضمت في عام 2022 لتحالف "كواد" الذي شكّلته واشنطن ويضم (الهند، الولايات المتحدة الأمريكية، أستراليا، اليابان)، بهدف كبح النفوذ السياسي والعسكري المتزايد للصين في جنوب شرق آسيا ومنطقة الإندو-باسيفيك. وأكدت أن الهند نجحت أيضًا في تعزيز تعاونها الاستراتيجي مع روسيا، ولم تفرض عليها عقوبات خلال الحرب الأوكرانية، مما يرجح أن تتخذ موسكو موقفًا محايدًا من التصعيد الحالي في جنوب آسيا. وأضافت أن مواقف هذه الدول الكبرى ستكون عاملًا حاسمًا في دفع نيودلهي وإسلام آباد إما نحو حرب حقيقية قد تتطور إلى حرب نووية، أو نحو السيناريو الثاني، وهو وقف التصعيد الحالي وربما التوصل إلى اتفاق سلام بوساطة أمريكية. وتابعت د. منى سليمان أن العمليات العسكرية حتى الآن في التصعيد الأخير تُعد محدودة، وتهدف فقط إلى إلحاق الضرر بنقاط التفتيش والمنشآت والمواقع الحدودية، موضحة أن كلًا من إسلام آباد ونيودلهي تتهم الأخرى بدعم مسلحين في المناطق الحدودية لزعزعة الاستقرار. وأضافت أن التصريحات العلنية من الجانبين بشأن الاستعداد للتصعيد العسكري تُوظف داخليًا لحشد الأحزاب القومية والشعبوية، ورفع شعبية النخب السياسية الحاكمة في كل من إسلام آباد ونيودلهي. ورجّحت د. منى سليمان ألا يتحول التصعيد الحالي إلى حرب شاملة حقيقية، موضحة أن كلًا من الهند وباكستان تسعى للحفاظ على أوضاعها الاقتصادية وتجنب زعزعة الاستقرار الداخلي، خاصة في ظل الأوضاع المعقدة في باكستان، التي تواجه حربًا مستمرة ضد التنظيمات الإرهابية، وتعاني من هشاشة التحالف الحاكم وتصاعد نفوذ المعارضة. وأكدت أن وضع نيودلهي الداخلي ليس أفضل، في ظل تصاعد الاحتقان الطائفي بين الهندوس والسيخ والمسلمين، فضلًا عن رغبتها في بناء قوة اقتصادية هائلة، وهو ما يعوقه خوض حرب جديدة. واختتمت تصريحاتها بالتأكيد على أن الهند وباكستان لا ترغبان في إغضاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي دعا الدولتين صراحة إلى إنهاء التصعيد الحالي، تنفيذًا لسياسته الهادفة إلى إنهاء جميع الحروب والنزاعات الدولية الكبرى خلال ولايته، مشيرة إلى أن ترامب لن يقبل باندلاع حرب نووية قد يُنتقد بسبب فشله في تجنبها، ولذلك سيضغط بكل الوسائل لوقف التصعيد الحالي بين الجارتين النوويتين. أوراق المفاوضات قال الدكتور عمر أحمد البستنجي، الباحث الأردني في الاقتصاد السياسي، إن "مشهد التصعيد بين الهند وباكستان قد يوحي وكأن المنطقة تندفع نحو حرب شاملة لا تحمد عقباها، إلا أن القراءة المتأنية للمشهد الجيوسياسي تضعنا أمام احتمال راجح بأن ما يحدث لا يعدو كونه بالونة اختبار وجس نبض إقليمي ودولي أكثر من كونه رغبة حقيقية في إشعال فتيل مواجهة عسكرية شاملة". وأضاف موضحاً أن "التوقيت الحساس للصدام والسياق الدولي المحيط به يشيران إلى أن هذا التصعيد قد يكون أداة لإعادة ترتيب أوراق المفاوضات الكبرى، وتحديداً تلك التي تجري في كواليس الحوار الأمريكي الصيني". وأشار البستنجي إلى أن "إشعال جبهة كشمير بكل ما تحمله من رمزية تاريخية وتوترات مستمرة، لا يمكن فصله عن الرغبة في وضع الصين أمام اختبار استراتيجي حرج". وأوضح موضحاً أن "الهند وباكستان دولتان حدوديتان مع الصين، وتربط كل منهما ببكين شراكات اقتصادية واستثمارية عملاقة، على رأسها مشروع طريق الحرير الجديد الذي تمر أبرز محطاته عبر الأراضي الباكستانية، وتحديداً من خلال ممر 'غوادار - كاشغر'، الذي يشكل شرياناً حيوياً في مشروع الحزام والطريق". وتابع مؤكداً أن "أي تأجيج عسكري في هذه المنطقة لا يمكن أن يكون بدون كلفة مباشرة على الاقتصاد الصيني، بل وعلى مستقبل صعود بكين كقوة اقتصادية كبرى". وأستطرد قائلاً: "لذلك، تعتبر الصين الأكثر حرصاً على عدم الانزلاق نحو حرب شاملة، حتى لا تجد نفسها أمام تهديد مزدوج يضعها أمام خيارات صعبة: إما التدخل لاحتواء النزاع بما يحفظ استقرار استثماراتها ومصالحها، أو القبول بانكشاف خطير لأحد أهم ممراتها الاقتصادية أمام نيران حرب غير محسوبة". حول البعد الأمريكي في هذا التصعيد، أشار الدكتور البستنجي إلى أن "الولايات المتحدة، رغم إظهارها قلقًا دبلوماسيًا تجاه تطورات المشهد، فإن إدارة الصراع بهذه الصورة تمنح واشنطن ورقة ضغط مثالية في مفاوضاتها مع بكين". وأضاف مؤكداً أن "كل اضطراب على حدود الصين يعد مكسبًا دبلوماسيًا، خاصة إذا كان قادمًا من جبهات شريكة لبكين، مما يشكل نقطة ضغط مباشرة على صانع القرار الصيني". وأوضح موضحاً أنه "رغم هذه المكاسب السياسية المؤقتة، لا يمكن لأي عاقل في المجتمع الدولي، وعلى رأسهم واشنطن، أن يرغب في اندلاع حرب شاملة بين قوتين نوويتين، لما قد يجره ذلك من كوارث إنسانية واقتصادية تتجاوز حدود الهند وباكستان لتطال الاستقرار العالمي برمته". وتابع قائلاً: "الهند وباكستان دولتان نوويتان، وتملكان كتل بشرية هائلة تتجاوز المليار ونصف نسمة مجتمعين، وأي اشتعال شامل للصراع يعني فاتورة دم باهظة، وموجات نزوح قد تصل إلى عشرات الملايين، الأمر الذي قد يحدث خللاً ديمغرافيًا عالميًا، بالإضافة إلى انهيار محتمل للبنية التحتية في مناطق شاسعة". وأكد مؤكداً أن "البلدين يعدان من الاقتصادات الناشئة والمؤثرة في الأسواق العالمية، سواء من حيث الاستهلاك أو الإنتاج، علاوة على امتلاكهما ثروات طبيعية وبشرية ضخمة، مما يجعل استقرارهما ضرورة عالمية لا خيارًا". وفي الختام، أكد الدكتور البستنجي قائلاً: "عطفًا على ما سبق، فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو أن يبقى الصراع محصورًا ضمن المناطق الحدودية المتنازع عليها، دون أن يتمدد إلى حرب شاملة تطال المدن الكبرى أو البنى الاقتصادية الحساسة"، وأوضح مضيفاً أن "ضغوط ضبط النفس رغم هشاشتها ما زالت كفيلة حتى اللحظة بمنع الانزلاق الكارثي"، واستطرد مؤكداً أن "ما يجري ليس سوى لعبة أعصاب مدروسة، هدفها تحريك المياه الراكدة في الملفات الكبرى، وعلى رأسها شكل النظام الدولي الجديد دون الانزلاق إلى مواجهات لا تحمد عقباها". تكلفة الحرب من من جانب آخر، يرى د. عمرو حسين – متخصص في الشأن الدولي، أن تصاعد التوترات بين الهند وباكستان عقب الجولة الأولى من القصف المتبادل على طول خط السيطرة في كشمير يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الدولتان النوويتان ستنجران إلى حرب شاملة، أم أن هناك فرصة لضبط النفس والتهدئة. وأضاف موضحاً أن سيناريوهات التصعيد تتراوح بين احتمالات عدة، تشمل الحرب الشاملة إذا استمرت الاشتباكات عبر الحدود، وحرب غير تقليدية قد تستخدم فيها الميليشيات أو الهجمات السيبرانية. وأوضح حسين أن من الممكن أن تؤدي الضغوط الدولية من القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا إلى تهدئة الأزمة وإجراء مفاوضات سلام، مما قد يساهم في تجنب الحرب الشاملة، وأكد مؤكداً على أن الهند تمتلك قوة عسكرية متفوقة من حيث العدد والعتاد، لكن باكستان تعتمد على استراتيجية الردع النووي لخلق توازن قوى. وأشار إلى أن تكلفة الحرب ستكون باهظة لكلتا الدولتين من الناحيتين الاقتصادية والإنسانية. مضيفاً أن الضغط الدولي لاحتواء التصعيد يعد ضرورياً، لكن قد لا يكون كافياً إذا استمرت الهجمات المتبادلة وتصاعدت عمليات التحشيد العسكري. وتابع حسين قائلاً إنه بالرغم من كل هذه الاحتمالات، يبقى السؤال الأهم هو: هل ستنجح الوساطة الدولية في احتواء الأزمة، أم أن المنطقة ستشهد مواجهة جديدة تهدد الأمن والاستقرار؟ تفاصيل الواقعة قال السيد صدقي عابدين، الباحث في العلوم السياسية والمتخصص في الشؤون الآسيوية، إن الهند وباكستان عادتا مرة أخرى إلى مناوشات عسكرية بعد تفاعلات أعقبت حادثًا أسفر عن مقتل 26 هنديا ونيبالي واحد، بالإضافة إلى عدد من الإصابات في الشطر الذي تسيطر عليه الهند من كشمير، موضحاً أن الإجراءات التي اتخذتها الهند بعد الحادث استدعت ردودًا باكستانية مماثلة في بعض الجوانب الدبلوماسية والقنصلية، مع تحذيرات من المساس بتدفق مياه نهر السند، بعدما أعلنت الهند عن وقف العمل بمعاهدة تنظيم تدفق النهر الموقعة بين البلدين في عام 1960. وأوضح عابدين أن باكستان أكدت استعدادها للرد على أي عمل عسكري هندي ضدها، مشيراً إلى أن باكستان قد نفت أي صلة لها بالحادث الذي حملتها الهند مسؤوليته، مهددة بعقاب شديد عليه، وأكد مضيفاً أن الهند قد قامت بعملية حشد سياسي داخلي بعد الحادث ورفعت سقف التهديدات الموجهة إلى باكستان، في حين أكدت باكستان دائماً وقوفها بالمرصاد لأي عمل عسكري هندي. وأضاف أنه لا مصلحة لأي من البلدين في الدخول في حرب شاملة لعدة أسباب، أولها أن الحرب الشاملة قد تطول مما سينهك البلدين اقتصادياً، فضلاً عن الخسائر البشرية الفادحة، وأوضح أن الحادث الذي أدى إلى التصعيد يمكن معالجته بطريقة مختلفة تماماً، خاصة وأن الهند قد اتخذت إجراءاتها التصعيدية قبل إنجاز التحقيقات في الحادث وتحديد هوية منفذيه. وأشار إلى أن أي جهة لم تعلن مسؤوليتها عن الحادث، ومع أن الهند قد أوقفت العمل باتفاقية نهر السند، إلا أنها لم تلغها، وهو ما يعني أن من السهل العودة إلى تفعيل الاتفاقية مع هدوء الأمور. واستطرد قائلاً إن هناك خلافات سابقة حول تطبيق الاتفاقية، لكن تم التغلب عليها. وأكمل موضحاً أن العامل النووي يلعب دوراً مهماً في مراعاة البلدين حدوداً لا يتم تجاوزها في عملياتهما العسكرية المتبادلة خشية أن تنزلق الأمور إلى استخدام السلاح النووي الذي تمتلكه البلدان منذ عام 1998. وأكد أن الطرفين يمتلكان وسائل إيصال هذا السلاح. وتابع مشيراً إلى أن هناك خشية من احتمالات خسارة الحرب في حال نشوبها، حيث لن تقف التداعيات عند مستقبل التيارات والأحزاب السياسية الحاكمة، بل قد يدخل البلد المهزوم في دوامة من الاحتجاجات والعنف الداخلي، وهو أمر لا يرغب فيه أي من الطرفين. واستطرد قائلاً إنه ما زال هناك هامش لجهود دبلوماسية دولية سواء من قبل الأمم المتحدة أو من قبل دول تمتلك علاقات متميزة مع الجانبين الهندي والباكستاني.


شفق نيوز
منذ 6 أيام
- سياسة
- شفق نيوز
تهجير قسري "ورعب" أمني بثلاث دول.. سيدة كوردية فيلية تحصد امتيازاً في "سر الحياة"
شفق نيوز/ كانت طفلة صغيرة لم تبلغ العاشرة من العمر حين هجمت الأجهزة القمعية للنظام السابق على منزل عائلتها واقتادت جدها وجدتها وثلاثة من أعمامها إلى مصير مجهول. هذه كانت الصدمة الأولى للطفلة الكوردية الفيلية "لقاء جبار كاكي الديوالي"، لتواجه بعدها الحياة في جو من الخوف والقلق والترقب حيث من الممكن في أي لحظة أن يتم اقتحام المنزل واعتقال آخرين. لم تستطع هذه الطفلة إكمال دراستها الأكاديمية حتى سقوط النظام السابق في العام 2003، عندها عرفت مصير عائلتها حيث عاد أقاربها إلى العراق ليتبين لها أنه تم تسفيرهم على إيران تحت ذريعة "التبعية"، هذه "التهمة الوهمية" التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الكورد الفيليين. الديوالي عرفت أيضاً أن جدتها وجدها فارقوا الحياة في التهجير القسري، وما عاد بإمكانها رؤيتهم مجدداً سوى فيما تبقى من صور لهم وذكريات في مخيلتها. خلال هذا الأسبوع من شهر أيار/ مايو 2025، حصلت الديوالي، التي أصبحت طالبة دراسات عليا، على شهادة الدكتوراه من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة دمشق عن رسالتها الموسومة "هيدرولوجية إدارة الموارد المائية باستخدام تقانات الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية (حوض بيشتي هولير في محافظة أربيل نموذجاً)". إلا أن هذا النجاح الأكاديمي لم يكن أمراً سهلاً، فقد جاء بعد كفاح وإصرار وتحديات، إلا أن الديوالي تخطتها ولم تستسلم لمختلف الظروف التي واجهتها لتحقيق هدفها. تقول الديوالي لوكالة شفق نيوز، "أكملت دراستي الجامعية وحصلت على شهادة البكالوريوس في جامعة بغداد، لكنني مُنعت من التعيين في دوائر الدولة من قبل النظام السابق". وتضيف "في العام 2012 حصلت على وظيفة في مجلس النواب الاتحادي، وواصلت دراستي وحصلت على شهادة الماجستير عام 2019 من جامعة بغداد، وفي العام 2022 قدمت أوراقي إلى جامعة دمشق من أجل الحصول على شهادة الدكتوراه وتم قبولي بتلك الجامعة". ووفق مقتضيات الدراسة الجامعية في سوريا والقوانين النافذة هناك، يجب على طالب الدكتوراه الإقامة مدة 12 شهراً خلال فترة الدراسة، وهو ما دفعها إلى مغادرة بغداد والانتقال إلى دمشق. ولم تتوقع الديوالي أن تتسارع الأحداث ويقع ما لم يكن في الحسبان خلال فترة قصيرة، إذ سرعان ما اندلع القتال، لكنها أصّرت على مواصلة دربها، وكانت تتنقل بين بغداد ودمشق وفق الجدول الزمني لدراستها على الرغم من خطورة الأوضاع الأمنية. كانت هذه المرأة تعتمد على عزيمتها وإصرارها من أجل بلوغ أهدافها، وهي تسلك الطريق البرية عبر منطقة البوكمال في الذهاب والإياب من العراق إلى سوريا وبالعكس بعد تعذر السفر الجوي والخوف من تعرض المطارات للقصف. لكن الرحلات البرية هي الأخرى لم تخلو من الخطر. وتعرضت الديوالي للقصف أكثر من مرة في منطقة دير الزور، ولكنها تمكنت من تجاوز جميع العقبات والتحديات من أجل تحقيق طموحها في نيل شهادة الدكتوراه. وتوضح الديوالي "كنت أسكن في العاصمة دمشق وأتابع سقوط المدن السورية مدينة تلو الأخرى حتى الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024، وهو اليوم الذي أعلن فيه عن سقوط دمشق وانهيار النظام السياسي في سوريا". وتتابع "كانت الأوضاع الأمنية خلال سقوط النظام تتسم بالخطورة الشديدة، ما يجعل بقائي في العاصمة السورية مغامرة كبيرة، لذا قررت على الفور السفر إلى لبنان حيث تعذرت عودتي إلى العراق". وتصف الديوالى رحتلها من سوريا إلى لبنان براً، بأنها كانت محفوفة بالمخاطر "واجهت خطر المسلحين والقصف الإسرائيلي في آن واحد". وتؤكد "بعد دخول المسلحين العاصمة السورية وانهيار الوضع الأمني، لم يعد البقاء ممكناً في دمشق، ولم تكن هناك وسيلة نقل، وهو ما دفعني مع آلاف العائلات إلى قطع المسافة من دمشق إلى الحدود اللبنانية مشياً على الأقدام والركض والانبطاح لتجنب خطر القصف". وتزامن خطر المسلحين والقصف الإسرائيلي في وقت واحد حين كانت الديوالي تركض باتجاه الحدود اللبنانية، فيما تسقط الصواريخ على جانبي الطريق المزدحم بمئات العائلات الهاربة من جحيم القصف وبنادق المسلحين بحثاً عن طوق نجاة في وضع أمني معقد وعصي على الوصف. تنبطح الديوالي حيناً وتركض حيناً آخر أسوة بمن يرافقها على طريق النجاة هذا "حين وصلت الحدود مكثت 36 ساعة قبل أن أتمكن من العبور بسبب الأعداد الكبيرة التي توافدت على الحدود اللبنانية السورية". وتبين "بعد وصولي إلى لبنان، غادرت بسرعة عائدة إلى العراق، ومكثت أراقب الأحداث نحو شهر ونصف الشهر، قبل أن اضطر للعودة إلى سوريا مجدداً لكي لا يتم ترقين قيدي، لأن جامعة دمشق لم تقبل أي عذر للغياب، فيما لم توافق الجامعات العراقية على نقل مناقشة أطروحتي إلى بغداد". وهكذا عادت هذه المرأة الفيلية إلى دمشق مجدداً غير مكترثة بالتهديدات الأمنية، وليس في عقلها سوى قطف النجاح والحصول على الشهادة العليا، تقول "عدت وحيدة إلى سوريا، كنت أخشى مرافقة أي فرد من عائلتي خشية تعرضهم للخطر، وفي دمشق أستأجرت شقة صغيرة بالقرب من الجامعة أقمت فيها لثلاثة أشهر وواصلت دراستي رغم الخوف وعدم استقرار الأوضاع". وتردف الديوالي "خلال الأشهر الثلاثة كان ينتابني الرعب، ولم يكن بمقدوري الخروج لأي مكان سوى الذهاب إلى الجامعة والعودة للشقة لأن الظروف الأمنية معقدة". وأخيراً ناقشت لقاء الديوالي أطروحتها وحصلت على شهادة الدكتوراه بتقدير"امتياز".


النهار
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- صحة
- النهار
عادل الصالحي يكشف عن ابتكاره الثوري في علاج التوحد: أمل جديد للأطفال
في مقابلة حصرية مع الدكتور عادل الصالحي، أحد الأسماء العراقية اللامعة في مجالي علم النفس والعلاج النفسي والعصبي، نجد شخصًا لم يقتصر دوره على تقديم حلول علاجية فحسب، بل قدّم للعالم ابتكارًا مهمًا في علاج مرض التوحد. وعلى رغم بعض التصورات المغلوطة التي تم ترويجها مؤخرًا، يوضح الدكتور الصالحي في هذه المقابلة أنه ليس طبيبًا بشريًا، ولكنه خريج بكالوريوس في علم النفس من جامعة بغداد، وحاصل على ماجستير في علم النفس الإكلينيكي من الجامعة المستنصرية، حيث تميز بحصوله على المركز الأول في دفعته. حصل الدكتور الصالحي على شهادة الدكتوراه من جامعة سيغموند فرويد في فيينا، متخصصاً في علوم العلاج النفسي والعصبي، إذ ركز بحثه على اضطراب طيف التوحد. كما تمت معادلة شهاداته الأكاديمية في جامعة فيينا، إحدى أعرق الجامعات الأوروبية. كان هذا التفاني في العلم والعمل هو ما دفعه لتطوير تقنية علاجية تُعد قفزة علمية كبيرة في مجال علاج التوحد. رغم التحديات التي مر بها، يواصل الدكتور الصالحي إثبات أن العلوم الإنسانية والنفسية لا تقل أهمية عن التخصصات الطبية الأخرى. في هذا اللقاء الحصري مع "النهار"، نغوص بعمق في تفاصيل ابتكاره في علاج التوحد، ونتعرف على رؤيته وآرائه حول هذا المجال الذي يشكل أملًا جديدًا لكثيرين ما هي آلية العلاج؟ لا يمكن الإفصاح عن تفاصيل آلية العلاج حاليًا، لأن محتواه يخضع لحماية قانونية بموجب براءة اختراع موقتة. لكن عموماً، النموذج العلاجي يعتمد على مدخل مناعي-عصبي، أي أنه يستهدف تعديل الاستجابات المناعية والالتهابية التي يُعتقد أنها تلعب دورًا في اضطراب طيف التوحد لدى فئة محددة من الأطفال. وقد تم تطوير هذا النموذج استنادًا إلى تحليل علمي دقيق ومراجعة أدبيات بحثية حديثة. هل العلاج موجّه لكل حالات التوحد؟ لا، العلاج ليس عامًا لجميع حالات اضطراب طيف التوحد، بل وُضع نظريًا ليستهدف الحالات التي تنتمي إلى ما يُعرف بـ'النمط المناعي للتوحد' (Immune-mediated subtype)، وهي حالات تظهر فيها مؤشرات على وجود اضطرابات في التوازن المناعي أو التهابات مزمنة. هذه الفئة يتم تحديدها لاحقًا من خلال التحاليل والاختبارات خلال المرحلة السريرية. كم استغرقت مرحلة التحضير قبل تقديم براءة الاختراع؟ استغرقت عملية تطوير النموذج المفاهيمي والبحث النظري والميداني أكثر من عامين ونصف عام، وتضمنت مراجعة مئات الأبحاث العلمية، إلى جانب تحليل إحصائي وسجلات سريرية، مع إعداد ملف قانوني علمي دقيق باللغة الإنكليزية لتقديمه الى مكتب البراءات والعلامات التجارية الأميركي (USPTO). تم ذلك بمجهود ذاتي كامل من دون أي دعم من جهة حكومية أو خاصة. ما أبرز النتائج التي لوحظت على من جُرّب عليهم العلاج؟ حتى الآن، لم يُجر أي اختبار بشري. العلاج لايزال في مرحلة ما قبل السريرية (Preclinical Phase)، ولم يتم استخدامه على الأطفال أو البالغين. ما توافر لدينا هو نتائج من نماذج محاكاة نظرية ومخبرية تدعم جدوى الفكرة على المستوى الأولي فقط، من دون أن تكون بديلًا من التجربة الواقعية. هل خضع هذا العلاج لتجارب سريرية رسمية؟ لا، لم تبدأ التجارب السريرية بعد. نحن في صدد التحضير لمرحلة ما قبل السريرية على نماذج حيوانية متخصصة، والتي تهدف الى تقييم أمان التركيبة وجدواها، وفقًا لأعلى المعايير الأخلاقية والعلمية المعتمدة دوليًا. بعد نجاح هذه المرحلة فقط سيتم تقديم طلبات الى الجهات التنظيمية للموافقة على التجارب البشرية. ما الآثار الجانبية المحتملة؟ لا يمكن تحديدها حاليًا، لأن التجارب السريرية لم تبدأ بعد. تقييم الآثار الجانبية هو جزء أساسي من مراحل التطوير اللاحقة، وسيتم التعامل معه بدقة وشفافية من خلال فرق متعددة التخصص وخاضعة لمراجعة أخلاقية ولجان مستقلة. ما مدى أمان استخدامه على المدى الطويل؟ هذا أيضًا غير معروف في هذه المرحلة. لا يمكن الحديث عن الأمان الطويل الأمد إلا بعد اجتياز مرحلتَي ما قبل السريرية والسريرية بنجاح، بإشراف علمي منظم ومرخّص من الجهات المعنية. نلتزم أعلى درجات الحذر، لأن صحة الإنسان فوق كل اعتبار. هل هناك جهات دولية أو محلية داعمة لهذا المشروع؟ لا. المشروع حتى هذه اللحظة هو مجهود فردي بالكامل، تم تطويره وتمويله وتنفيذه بجهد ذاتي مني شخصيًا من دون أي دعم مالي أو مؤسسي من أي جهة داخلية أو خارجية، سواء كانت جامعات أو مؤسسات حكومية أو منظمات خاصة. رسالتك لأهالي الأطفال المصابين بالتوحد؟ أقول لكل أم وأب: أنتم الأمل الحقيقي. أقدّر الألم الذي تعيشونه، ولكن أطلب منكم أن تصبروا، لأن الطريق العلمي دقيق ولا يمكن القفز فوق مراحله. نحن لا نبيع وهمًا ولا نُطلق وعودًا، بل نعمل وفق منهج علمي صارم، وكل خطوة نعلنها ستكون مدعومة بالأدلة والموافقات الرسمية. نحن معكم… ومن أجلكم نعمل بصبر وتفانٍ. متى سيكون هذا العلاج متوفرًا؟ العلاج لن يكون متاحًاً قبل الانتهاء من التجارب العلمية الموثقة على مرحلتين: أولًا على النماذج الحيوانية (preclinical)، ثم على البشر بإشراف لجان دولية، وبعد الحصول على التصاريح الرسمية. لا يوجد تاريخ محدد حاليًا، ولكننا نَعد بالإعلان عن أي تقدم بشفافية كاملة.