أحدث الأخبار مع #جيليانتيت


البيان
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- البيان
التعريفات الجمركية تتجاهل واقع سلاسل الإمداد التكنولوجية العالمية
جيليان تيت قبل ستة أشهر، كانت شركة تصنيع الرقائق إنفيديا تجسد ما أحبه المستثمرون في الاقتصاد الأمريكي: أرباحها مرتفعة للغاية، وابتكارها مثير للإعجاب، ولديها مؤسس يتمتع بشخصية جذابة، يرتدي سترة جلدية، هو جنسن هوانغ. لكن الشركة أصبحت الآن، عن غير قصد، رمزاً للكوابيس التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. يوم الأربعاء، حذرت إنفيديا من خسارة محتملة في الأرباح بقيمة 5.5 مليارات دولار بسبب قيود التصدير الأمريكية الجديدة على مبيعات رقائقها إلى الصين. سارع هوانغ على الفور إلى الصين، في محاولة لإنقاذ صفقاته. لكن الكونغرس أطلق تحقيقاً. لذا، ليس من المستغرب، انخفاض سعر سهم إنفيديا، إلى جانب شركات تكنولوجيا أخرى، بينما استوعب المستثمرون حقيقة غير سارة: أن مشاكل إنفيديا ليست سوى نقطة صغيرة من موجة أوسع بكثير من الاضطرابات التكنولوجية الوشيكة الناجمة عن حروب ترامب التجارية. هناك ثلاثة دروس كبيرة على الأقل هنا، الأول هو أن اقتصادنا السياسي الحديث تطارده فجوة ثقافية. وفي حياتنا اليومية نحن نميل إلى التصرف والتفكير كما لو أن المنصات الرقمية التي نعتمد عليها موجودة في مجال مجرد ولا حدود له. وفي الواقع، يعتمد الفضاء الإلكتروني على بنية تحتية مادية نميل إلى تجاهلها، و«أكثر سلاسل الإمداد تعقيداً على الإطلاق في تاريخ البشرية»، كما قال كريس ميلر، أستاذ جامعة تافتس، في مؤتمر عسكري وأمني في جامعة فاندربيلت الأسبوع الماضي. وأضاف ميلر أن سلاسل الإمداد هذه تعبر الكثير من الحدود لدرجة أنه «لا يوجد بلد مكتفٍ ذاتياً - ولا حتى قريباً من ذلك»، مشيراً إلى أنه في حين تهيمن اليابان على صناعة الرقائق (بحصة سوقية تبلغ 56 %)، فإن الولايات المتحدة لديها حصة تبلغ 96 % في برامج أتمتة التصميم الإلكتروني وتسيطر تايوان على أكثر من 95 % من صناعة الرقائق المتقدمة. وفي الوقت نفسه، تعالج الصين أكثر من 90 % من العديد من المعادن والمغناطيسات الحيوية اللازمة لصنع السلع الرقمية. الدرس الثاني هو أن البيت الأبيض يبدو غير مستعد بشكل جيد لعواقب الاضطرابات في سلسلة الإمداد المعقدة هذه. لنأخذ على سبيل المثال قضية المعادن الحيوية. فرضت بكين هذا الأسبوع قيوداً على تصدير سبعة من هذه المعادن، بعد أن فرض ترامب تعريفات بنسبة 145 % على الصين. لم يكن ذلك مفاجئاً، حيث فرضت الصين قبل 15 عاماً قيوداً مماثلة على اليابان وسط نزاع. في الواقع، أثارت خطوة عام 2010 صدمة كبيرة في اليابان لدرجة أن شركاتها ووكالاتها الحكومية أنشأت لاحقاً مخزونات ضخمة من هذه المعادن وطورت بعض المصادر البديلة، ما قلل اعتمادها على الصين من 90 % إلى 58 %. لكن الكيانات الأمريكية لم تحذ حذوها على ما يبدو: في فاندربيلت قيل لي إن الشركات الأمريكية لديها (في أحسن الأحوال) مخزونات تكفي لبضعة أشهر. حتى «البنتاغون» تبدو غير مستعدة بشكل جيد. وبينما يسعى البيت الأبيض الآن إلى مصادر بديلة، من قاع البحر أو أماكن مثل أوكرانيا، فمن المحتمل أن يستغرق ذلك بضع سنوات حتى يتحقق، كما حذر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية هذا الأسبوع. وهذا يعني أن أمريكا «ستكون في موقف دفاعي في المستقبل المنظور»، كما يضيف المركز. بالطبع، يصر مستشارو ترامب على أن هذا التحدي مؤقت، لأن أمريكا ستنشئ في النهاية سلسلة إمداد تكنولوجية محلية. هذه هي الحجة التي يروج لها أتباع ترامب مثل بيتر نافارو وبوب لايتهايزر وستيفن ميران، وكتاب مثل إيان فليتشر والثلاثي من ثلاثة أجيال جيسي وهوارد وريموند ريتشمان. في الواقع، إذا كنت ترغب في فهم الدافع وراء التعريفات الخاصة بكل بلد التي أعلنها ترامب مؤخراً، فيجدر بك قراءة كتاب ريتشمانز «التجارة المتوازنة»، ومقال لاحق عام 2011. يقول جيسي ريتشمان: «صيغة ترامب لحساب معدلات التعريفة الخاصة بكل بلد تشبه إلى حد كبير مقترحاتنا»، مستشهداً بشخصيات مثل وارن بافيت وجون ماينارد كينز باعتبارهم الآباء الروحيين لهذه الفلسفة التعريفية. ربما يكون الأمر كذلك، لكن حتى إن تبنيت النظريات التي تقود مثل هذه التعريفات، وهو ما لا يفعله معظم النقاد المعاصرين، فمن الحماقة الشديدة فرضها دون استعدادات دقيقة. بدء حرب تجارية مع الصين دون تخزين المعادن الحيوية هو خطأ واضح وغبي بشكل خاص. هل قد يجبر هذا ترامب على التراجع؟ ربما. بعض مستشاري ترامب أيديولوجيون لكن الرئيس نفسه معروف بأنه صاحب صفقات. هذا في حد ذاته يسلط الضوء ببساطة على الدرس الرئيسي الثالث هنا: يبدو أن البيت الأبيض قد قلل بشكل كبير من نفوذ الصين في حرب تجارية. ففي نهاية المطاف، كما يشير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، «الصين كانت تستعد بعقلية الحرب» لصراع منذ فترة طويلة. رغم ذلك، «تواصل الولايات المتحدة العمل في ظل ظروف زمن السلم»، على الأقل في عالم الشركات. هذا يتغير الآن بسرعة. وهذا يعني أن المستثمرين يجب أن يستعدوا لمزيد من صدمات الإمداد التكنولوجي. إنفيديا هي مجرد مقدمة عاصفة محتملة.


البيان
٢٩-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- البيان
استراتيجية ترامب النفطية بين التضخم والطموحات الجيوسياسية
جيليان تيت تتلاشى الوعود البراقة التي أطلقها دونالد ترامب قبل ستة أشهر، خلال حملته الانتخابية للفوز بولاية رئاسية ثانية، التي وعد فيها الأمريكيين باقتصاد «منتصر» وخفض كبير للتضخم. فقد كشف تقرير صادم صادر عن مؤسسة «كونفرنس بورد» منذ أيام عن انخفاض ثقة المستهلكين إلى أدنى مستوى لها منذ 12 عاماً، متجاوزة العتبة التي عادة ما تنذر بركود اقتصادي وشيك. ويزيد من قتامة المشهد توقعات الناخبين بارتفاع معدلات التضخم لتتجاوز 6 % جراء سياسات التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب، وهي نسبة تفوق بشكل دراماتيكي ما كان عليه الوضع في العام المنصرم، مما يشير إلى تبخر الثقة التي منحها الناخبون للرئيس الأمريكي. ومع ذلك، قد تكون هذه التوقعات المتشائمة متأثرة بالانتماءات السياسية، إذ تشير بيانات مركز «بيو» إلى أن الديمقراطيين بشكل خاص يميلون نحو النظرة القاتمة للاقتصاد، علماً أن استطلاعات الرأي حول ثقة المستهلكين تحمل قيمة تنبؤية متباينة في تقييم مستقبل الاقتصاد. وتتوافق نتائج استطلاع «كونفرنس بورد» مع العديد من الاستطلاعات الأخرى، حيث أطلق أوستن جولسبي، المسؤول الرفيع في الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، تحذيراً مفاده أن هذا التحول في المزاج العام سيعرقل خطط خفض أسعار الفائدة التي يتوق إليها ترامب بشدة، ويحتاجها لتفادي انفجار أزمة الديون الأمريكية، فما الذي يمكن أن تفعله إدارة البيت الأبيض إزاء هذا الوضع؟ الحل الأكثر وضوحاً يتمثل في تخفيف حالة القلق وعدم اليقين المحيطة بسياسات التعريفات الجمركية، غير أن هذا المسار يبدو مستبعداً في المدى القريب، خصوصاً قبل ما يطلق عليه ترامب «يوم التحرير» المقرر في الثاني من أبريل، إذ يرى الرئيس الأمريكي أن التعريفات «كلمة جميلة» منحته قوة تفاوضية كبيرة، كما ينفي مستشاروه المقربون، أمثال بيتر نافارو، أي تأثير تضخمي لهذه السياسات. ومع ذلك، ثمة قضية أخرى تستحق المتابعة وهي أسعار النفط، التي باتت تعتبر من قبل بعض مستشاري ترامب أداة أساسية لمكافحة التضخم، رغم أنها تكشف في الوقت نفسه، وبشكل غير مقصود، عن التناقضات الجوهرية في سياساتهم الاقتصادية. وعلى المستوى النظري، تبدو رؤية ترامب بشأن الوقود الأحفوري واضحة المعالم، فقد ظل سكوت بيسنت، وزير الخزانة، يروج لخطة اقتصادية أطلق عليها «السهام الثلاثة»، وهي تستهدف تحقيق عجز بنسبة 3 % ومعدل نمو 3 %، مع زيادة إنتاج النفط والغاز بما يعادل 3 ملايين برميل يومياً. ويؤكد بيسنت أن شعار ترامب «احفر يا حبيبي، احفر!» سيؤدي إلى تعزيز القطاع الصناعي الأمريكي، وسيعزز الهيمنة الجيوسياسية للولايات المتحدة من خلال انتزاع قوة التحكم في أسعار وإمدادات النفط. ويبرز عامل أكثر أهمية يتمثل في أن انخفاض أسعار البنزين يمكن أن يعمل كقوة مضادة للتضخم تعادل تأثير التعريفات الجمركية، خصوصاً عند اقترانه بسياسات تخفيف القيود التنظيمية. وهذا على الأقل هو ما تسير عليه النظرية في أوساط إدارة ترامب، فالطاقة ليست مجرد مكون رئيسي في إنفاق الأسر الأمريكية، بل إن أسعار وقود السيارات تعد من أكثر مؤشرات التضخم وضوحاً في وعي الناخبين، وتشكل ما يمكن وصفه بـ «الاستدلال المبسط» وفق مصطلحات دانيال كانيمان، عالم النفس السلوكي الشهير. ونظراً لأن انخفاض أسعار النفط سيمارس ضغوطاً اقتصادية على الدول المنتجة، فإن ذلك سيمنح ترامب ميزة إضافية تتمثل في تعزيز نفوذه التفاوضي مع هذه الدول، وهو ما يفسر تداول أوساط البيت الأبيض فكرة استهداف الرئيس لسعر 60 دولاراً، أو حتى 50 دولاراً للبرميل، مقارنة بالسعر الحالي البالغ نحو 70 دولاراً. المشكلة أن هذه الاستراتيجية تواجه تحديات رئيسية. فقد كشفت دراسة نشرها الاحتياطي الفيدرالي في دالاس عن أن منتجي النفط الصخري يرون الاضطراب الاقتصادي الحالي والتصريحات المتعلقة بخفض الأسعار بمثابة «كارثة» تدفعهم إلى رفض زيادة الإنتاج، وعبر أحد المشاركين في الاستطلاع عن ذلك بقوله: تهديد الإدارة بخفض أسعار النفط إلى 50 دولاراً أجبر شركتنا على تقليص نفقاتها الرأسمالية لعامي 2025 و2026. وبينما يحاول فريق ترامب مواجهة هذا الوضع من خلال تبني سياسات متساهلة في منح التراخيص وشن هجمات استعراضية على قطاع الطاقة المتجددة، تشير حسابات بنك جي بي مورغان إلى تراجع طفيف في عدد الآبار العاملة أو «منصات التنقيب» أخيراً، في مفارقة كبيرة مع ما شهدته فترة إدارة جو بايدن السابقة، حيث ارتفع عدد منصات التنقيب بشكل ملحوظ. وهناك تحدٍ آخر يكمن في موقف ترامب الجيوسياسي نفسه، إذ إن عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط - مثل الهجمات الأخيرة على الحوثيين - يؤدي عادة إلى ارتفاع أسعار النفط، وكذلك تفعل التعريفات الجمركية، حيث شهدت الأيام الأخيرة على سبيل المثال ارتفاعاً في أسعار النفط عقب تهديد ترامب بفرض عقوبات أو تعريفات ثانوية ضد أي جهة تقوم بشراء النفط الفنزويلي. كذلك يتجه الاهتمام نحو كندا كمحطة تالية للمراقبة، إذ لو أراد مارك كارني، رئيس الوزراء الكندي الجديد، استرضاء ترامب، فإن خياره الأفضل قد يكون التعهد ببيع كميات أكبر من النفط الخام الذي تنتجه بلاده والبالغ 6 ملايين برميل يومياً إلى الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، بأسعار مخفضة. ونظراً للعلاقة الودية الشخصية التي تربط ترامب بكارني، فقد تنجح هذه المقاربة، غير أن الغموض لا يزال يكتنف موقف رئيس الوزراء الكندي وما إذا كان سيستجيب لهذه الضغوط، وفي حال رفضه وإطلاق ترامب حرباً تجارية شاملة، فقد يؤدي ذلك إلى تقويض سياسة الطاقة الرخيصة بأكملها، حتى لو كان الركود الاقتصادي يدفع عادة نحو انخفاض الأسعار. لذا، إذا كنت تشعر بالحيرة إزاء استراتيجية ترامب في مجال الطاقة، فلست وحدك في ذلك، إذ يمثل تعزيز هذا الغموض جزءاً من تكتيك مدروس يهدف إلى تعزيز موقف الإدارة التفاوضي، لكن حتى ترامب لن يستطيع تجاهل استطلاعات رأي المستهلكين إلى الأبد. وإذا استمرت التوقعات التضخمية في الارتفاع، فتوقع مزيداً من شعارات «احفر يا حبيبي، احفر!»، وهو ما قد يمثل جزئياً تعبيراً ترامبياً عن التحدي، لكنه قد يتحول أيضاً إلى صرخة يأس.


الاقتصادية
٢٤-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- الاقتصادية
كيف يتم إنقاذ اقتصاد أمريكا؟
في صحيفة نيويورك تايمز، انزلقت جيليان تيت من صحيفة فاينانشيال تايمز إلى ما أصبح فخا شائعا: محاولة "عَـقـلَـنة" السياسات الاقتصادية التي تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الثانية. أوضحت قائلة: "من ناحية، يريدون ضمان احتفاظ الدولار بمكانته المتفوقة كَـعُـملة احتياطية عالمية وأن يستمر النظام المالي القائم على الدولار في الهيمنة. لكنهم في الوقت ذاته، يعتقدون أيضا أن الدولار مقوّم بأعلى من قيمته بحكم كونه عملة الاحتياطي العالمي، وهذا يعني أن الناس يواصلون شراء الدولار، وهذا ما يدفع قيمته إلى الارتفاع". بالتالي، يريد أنصار ترمب "اتفاق مار-أ-لاجو" الذي بموجبه تساعد دول أخرى على إضعاف الدولار مقابل تخفيف الرسوم الجمركية، والحماية العسكرية، وما إلى ذلك. في نهاية المطاف، ستندرج الدول ضمن واحدة من 3 مجموعات: الخضراء (الأصدقاء)، أو الحمراء (الأعداء)، أو الصفراء (المنحازون جزئيا). تقول لنا تيت: "إنها جرأة غير عادية. لكن هل هم كذلك حقا؟ إذا كانت الفكرة تتلخص في تعزيز التصنيع الأمريكي من خلال اتفاقيات التلاعب بالدولار دون نسف مصادر أكثر أهمية للازدهار الأمريكي، فإن ذلك يتطلب بالفعل خطة متماسكة. سيكون لزاما على أنصار ترمب تذكير الناس بأن ترمب كان يكره اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية وطالب بالفعل كندا والمكسيك بمساعدته على إصلاحها أثناء فترة ولايته الأولى. وتضع اتفاقية الولايات المتحدة-المكسيك-كندا ( USMCA ) الناتجة عن ذلك هذه الدول في المجموعة الخضراء. تتمثل المهمة الآن في إقناع دول أخرى بأن تفعل الشيء ذاته: أن تأتي إلى مار-أ-لاجو، وتُـقَـبِّـل الخاتم، وتوافق على صفقات مماثلة. لأن ترمب انتهك بالفعل شروط اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، فلن يكون لدى الدول الأخرى أي حافز لتلبية ما يطلبه. وإذا كنت عُـرضة لذلك النوع من العقاب الأحادي الجانب الذي يستطيع ترمب أن يوقعه بك، فأنت تواجه مشكلة. لكن الحل ليس العمل مع ترمب، بل إزالة المشكلة. على هذا، ينبغي للمكسيك أن تسعى بالفعل إلى تعميق علاقاتها التجارية مع أوروبا والصين، اللتين تسيطران على بعض الأجزاء المتطورة تكنولوجيا من سلاسل القيمة الخاضعة للعولمة والتي يعتمد عليها الاقتصاد المكسيكي. ينبغي لها أيضا أن تستكشف الطرق لفرض أقصى قدر من الألم على ترمب وناخبيه (ولكن ليس على أمريكا في المجمل) إذا لزم الأمر. وعلى نحو مماثل، ينبغي لكندا أن تعمل على ربط الأجزاء الغنية بالموارد من اقتصادها بالصين وأوروبا. وهذا يعني التخلي عن أي خطط لتشييد بينة أساسية جديدة لنقل الموارد إلى الجنوب، والخروج بإستراتيجية تنمية جديدة لأونتاريو. على مدار 150 عاما، كانت الرقعة الجنوبية من المقاطعة جزءا لا يتجزأ من مجمع التصنيع الأمريكي في الغرب الأوسط. وقد استفاد الجانبان بدرجة كبيرة. لكن الطلاق بات ضروريا الآن. تَـدرُس بقية بلدان العالم بالفعل كيفية تقليص الخطر المقبل من أمريكا ترمب، التي ستجد نفسها قريبا في وضع مماثل لبريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. تشير التقديرات إلى أن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي دون سبب وجيه جعل المملكة المتحدة ولكن هل من الممكن عكس اتجاه التيار؟ يُـذَكِّرُنا هذا بولاية رونالد ريجان الثانية. بعد فضيحة إيران-كونترا، أعلن البيت الأبيض، في فبراير 1987، أن السيناتور السابق هوارد بيكر سيشغل منصب رئيس الأركان. وقد خاص بـ"الاقتصادية" حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2025.


البيان
٢١-٠٣-٢٠٢٥
- صحة
- البيان
لماذا قد يصبح دواء إنقاص الوزن ورقة مساومة جيوسياسية؟
جيليان تيت هل يمكن أن يصبح دواء إنقاص الوزن سلاح حرب؟ ربما بدا مثل هذا السؤال سخيفاً في السابق، لكنه لم يعد كذلك الآن. ففي وقت سابق من العام الجاري، عندما عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شراء غرينلاند من الدنمارك، انتشرت شائعات على الإنترنت، مفادها أن الحكومة الدنماركية قد تشجع شركة نوفو نورديسك، الشركة الدنماركية التي تنتج دواءي أوزيمبيك وويغوفي لعلاج السكري وإنقاص الوزن، على الرد برفع أسعارهما بنسبة 500 % للعملاء الأمريكيين. كانت هذه مجرد خدعة، لكن مؤخراً، حذّر لارس فرورغارد يورغنسن، الرئيس التنفيذي للشركة، من أن حرب ترامب التجارية قد تؤدي إلى «زيادة أسعار» الأدوية. ومن الأفكار التي تتداولها إدارة ترامب، أن الأدوية قد تكون ورقة مساومة في المفاوضات المستقبلية مع الدنمارك، ربما من خلال الضغط من أجل استحواذ أمريكي. وعلى أية حال، فإن العديد من الناخبين الأمريكيين «يهتمون بأوزيمبيك»، كما أخبرني أحد المراقبين، مشيراً إلى أن تكتيكاً آخر محتملاً من جانب الولايات المتحدة، قد يتمثل في المطالبة برفع قيمة الكرونة، للحفاظ على ارتباط الدنمارك بالتمويل القائم على الدولار. هل سيحدث هذا فعلاً؟ أجد صعوبة في تصديق ذلك، كما أن هناك عوامل كثيرة قد تُعيق ترامب. لكن في غضون ذلك، ينبغي على المستثمرين الذين يُحللون العالم، الانتباه إلى أربع نقاط مهمة. أولاً: كما أشار إيلون ماسك منذ أيام، فإن ما يُسمى «نافذة أوفرتون» - أو إطار الأفكار السياسية - يتسع بسرعة، ولا شيء مستبعد. ثانياً، يُريد فريق ترامب توسيع نفوذه التفاوضي من خلال مزج القضايا الاقتصادية والمالية والتجارية والتقنية والأمن القومي بطريقة غريبة على أي شخص تدرب في برنامج ماجستير إدارة أعمال من القرن العشرين - أو حتى في الاقتصاد. ثالثاً، لدى بعض مستشاري ترامب رؤية ذهنية للتنافس بين القوى العظمى، تبدو مألوفة بشكل غريب لدارسي تاريخ آسيا الوسطى. ونوك، عاصمة غرينلاند، هي هنا نسخة القرن الحادي والعشرين من سمرقند أو كابول - وأوزيمبيك أقرب ما يكون إلى الزعفران. وهذا يُفسر تركيز ترامب على الشمال المتجمد، بمعادنه وطرق عبوره المستقبلية، وحدوده الطويلة مع روسيا. وكذلك تذبذبه تجاه حلف الناتو. وكما أشار المدون كورتيس يارفين، المعروف بأفكاره «التنويرية المظلمة»، في نداء وجهه مؤخراً إلى ترامب: «يجب ألا نرث افتراضات السياسة الخارجية الأمريكية من عصر «الأمن القومي»، كما لا ينبغي أن نرث المنظمات التي تُنفذ هذه السياسة الخارجية من القرن العشرين». ويُعتبر يارفين متطرفاً ومعادياً للديمقراطية لدى العديد من المراقبين الرئيسين. لكن يُقال إنه أثّر في شخصيات مثل جيه دي فانس نائب الرئيس ترامب؛ لذا فهو يستحق القراءة، ليس أقلها، لأنه قال أيضاً إنه «كلما زادت القوة التي تستخدمها، زادت القوة التي تمتلكها، عليك الاستمرار في استخدام القوة، وإلا ستفقدها». وهذا يُسلط الضوء على نقطة رابعة: مؤسسات مثل حلف الناتو، ودول أصغر، تبدو فجأة ضعيفة. ما عليك سوى استحضار الإذلال الأخير لفولوديمير زيلينسكي، رئيس أوكرانيا، في المكتب البيضاوي. قد يكون ذلك نموذجاً لكيفية تصاعد التنمر. لكن هل بمقدور هؤلاء المهددين الرد؟ هذا الأسبوع، أصر ينس ستولتنبرغ الرئيس السابق لحلف الناتو، وميته فريدريكسن رئيسة وزراء الدنمارك، على أنهما قادران على ذلك. وفي الدبلوماسية، عليك قضاء معظم وقتك مع من تختلف معهم، حسبما قال ستولتنبرغ، عقب إصدار فيلم وثائقي عنه بعنوان «مواجهة الحرب». وأضاف: «علينا أن نكون مستعدين لاحتمالية أن تُقلص أمريكا وجودها في أوروبا». أو كما رددت فريدريكسن: «الدبلوماسية تتعلق بالسياسة والقيم، لذا إذا حدث أمرٌ مشابه «للحادثة» في المكتب البيضاوي، فعليك العودة إلى الوراء ومواصلة العمل». لكن مشكلة الناتو تكمن في أن نفوذه يعتمد على العقلية، بقدر ما يعتمد على المعدات العسكرية، ما يعني أن قوته الرادعة ستنهار في حال وجود انقسام. أما إذا أخذ البيت الأبيض بنصيحة يارفين، فقد يتفاقم التنمر، ويوجه ليس فقط نحو الدنمارك، بل أيضاً نحو دول مثل كندا، التي تقع جغرافياً (ربما لسوء الحظ) بين أمريكا والشمال المتجمد. في الواقع، قيل لي إن مستشاري ترامب يدرسون التركيز على الدولار الكندي (وكذلك الكرونة الدنماركية)، كهدف لإعادة التقييم. لذا ينبغي على مستثمري نوفو نورديسك مراقبة الوضع عن كثب. وقد ينضم الكثيرون أيضاً إلى الدبلوماسيين الغربيين في الدعاء، كما قال أحدهم «بأن يكون هناك تغيير في انتخابات التجديد النصفي الأمريكية». وإذا كنتم ترغبون في بعض الراحة المؤقتة في الوقت الحالي، فقد وقّع ما يقرب من 300 ألف دنماركي هذا الأسبوع، عريضة بعنوان «لنشترِ كاليفورنيا من ترامب - مغامرة الدنمارك الكبرى القادمة». هو ذا يستدعي إنشاء صندوق بقيمة تريليون دولار لجلب «الراحة إلى هوليوود»، و«مسارات الدراجات إلى بيفرلي هيلز»، ووضع خوذة فايكنج على رأس ميكي ماوس في.. مزحة؟ أجل. لكن الناخبين الغربيين - والمستثمرين - يواجهون مستوى من التقلبات الجيوسياسية لم يشهدوها في حياتهم من قبل، حيث يزداد اختلاط الحقائق بالخيال الجامح يوماً بعد يوم.