أحدث الأخبار مع #حلاقإشبيلية


Independent عربية
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- Independent عربية
هل من المسلمات أن الإيطالي روسيني تفوق على موزارت بتلحين بومارشيه؟
هما في الأصل مسرحيتان انتقاديتان اجتماعيتان كتبها الفرنسي بومارشيه (بيير أوغستن كارون دي بومارشيه) (1732 - 1799) في العامين المتباعدين 1775 و1784، ليوجه فيهما نوعاً من النقد الحاد للحياة الاجتماعية في بلده عشية الثورة الفرنسية ضمن إطار مواقفه السياسية التي كانت تقدمية في ذلك الحين، وتوجه غمزات قاسية إلى التفاوت الحاد بين الطبقات الاجتماعية، تفاوت لا ريب أنه سيكون في خلفية تلك الثورة. ومن هنا اعتبار النصين من الأعمال الإبداعية التي مهدت لها. ونحن نتحدث هنا طبعاً عن "حلاق إشبيلية" و"زواج فيغارو" بالتأكيد، المعتبرتين من أشهر النصوص المسرحية الجامعة بين الجدية والهزل. لعل القاسم المشترك الأساس بين العملين هو أنهما من إنتاج إثنين من كبار موسيقيي الأوبرا عند نهايات القرن الـ18، موزارت (فولفغانغ أماديوس موزارت)، وبدايات القرن الذي يليه، روسيني (جواكينو روسيني)، إذ كانا هما من تصديا لموسقة هذين العملين بفارق 30 سنة بين العمل الأول، "زواج فيغارو" (1786) لموزارت، والثاني "حلاق إشبيلية" (1816) لروسيني. والحال أن تكامل العملين في نصي بومارشيه واستباق موزارت لروسيني بكل تلك الأعوام والمكانة التي يحتلها فن كل منهما في تاريخ الموسيقى والأوبرا بصورة خاصة، جعل دائماً من المقارنة، وربما أيضاً المفاضلة، بين العملين شغلاً شاغلاً لنقاد الموسيقى ومؤرخيها. هل تفوق التلميذ على أستاذه؟ من البديهي طبعاً أن نسارع هنا إلى تأكيد أن المقارنة لا تسري على كل المسار الموسيقي لكل منهما. فلئن كان من البديهي القول إن إنجازات روسيني لا يمكن، بصورة إجمالية، أن تقارن بإنجازات موزارت التي تضع هذا الأخير في الصف الأول المميز بين موسيقيي كل الأمم وكل الأزمنة، فإن تميز روسيني، ولكن ليس عن موزارت على أية حال، يبقى محصوراً في كونه يحتل مكانة متقدمة فقط في الفن الأوبرالي، وفقط بعد خلفه الكبير جوزيبي فيردي، لكن أوبرا "حلاق إشبيلية" تقف، وحدها، متفردة خارج إطار هذا التقييم، وليس فقط من ناحية التلقي الجماهيري العام لها، بل من الناحية الموسيقية البحتة أيضاً. فهي ليست فقط أكبر أوبرا كتبها روسيني مبدعاً فيها تجديدات كثيرة لافتة، بل من النوع الذي يفرض نفسه على الأجيال التالية ويخلق لفن الأوبرا، بصورة عامة، آفاقاً لا سابق لها. ناهيك باعتبارها أعظم عمل "كوميدي جاد" في تاريخ هذا الفن. ومن المؤسف حقاً أن يكون بومارشيه نفسه قد رحل عن عالمنا قبل سنوات عديدة من ظهور "حلاق إشبيلية"، هو الذي أثار إعجابه حقاً تلحين موزارت النص الأول، وأبدى رغبته في مشاهدة النص الثاني مموسقاً على الشاكلة نفسها. لو كان بومارشيه حياً لعبر عن سروره بما حققه روسيني، وهو المعروف بذوقه الفني البورجوازي المرهف، البورجوازي مع رغبة في أن تصل فنون طبقته هذه إلى الجمهور العريض. والحقيقة أن ذلك ما حققته أوبرا روسيني على العكس من أوبرا موزارت على أية حال. وهو أمر يجمع عليه المعلقون، ولم يبدلوا رأيهم في صدده طوال القرون التالية. وفي هذا السياق قد يمكننا أن نقول إن القسمة بين العملين كانت عادلة: لموزارت أناقة الفن ونخبويته والضحكات الرصينة، بينما لروسيني السخرية الشعبية والجماهير العريضة والوقفات والقفشات التي تكاد تكون تحديثات بديعة لأجمل ما في الكوميديا "ديلارتي" من قدرات اجتذاب، والمساعدة على تمضية وقت رائع في حضرة ممثلين - مغنيين يسرحون ويمرحون على الخشبة مشعلين الطمأنينة في الأفئدة والغضب الطبقي في العقول. خارج الحسابات المسبقة ولكن من المؤكد أن جواكينو روسيني (1792 - 1868) لم يقصد الوصول إلى تلك النتيجة التي قد يمكننا أن نقول عنها اليوم إنها كانت رمية من غير رامٍ، فهو في حقيقة أمره لم يكن مناضلاً وذا مواقف اجتماعية، ولا ساعياً لأية مثل سياسية عليا. كان مجرد فنان كبير لا يهتم إلا بفنه والتفوق فيه. وهنا كان كل همه أن يقول الناس إنه تفوق على كبير الكبار في فن الأوبرا الذي كان، كالناس جميعاً، يعتبره فناً إيطالياً يحاول الألمان "سرقته" و"لا بد من استعادته منهم"، وهو على أية حال الموقف الذي سيرثه فيردي فيه ساعياً هو الآخر لاستعادة هذا الفن من الألمان، ولكن هذه المرة من طريق الكبير فاغنر (ريتشارد فاغنر) الذي سيكون منافسه الرئيس سنوات وسنوات، بيد أن هذه حكاية أخرى على أية حال. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) حكايتنا هنا هي إذاً روسيني، وهذه الأوبرا التي قدمت في عرضها الأول، يوم الـ20 من فبراير (شباط) 1816 على مسرح "أرجنتينا" الروماني بقيادة للأوركسترا قام بها روسيني نفسه، وكان لا يزال في الـ24 من عمره، وهي منذ ذلك الحين واصلت حضورها المدوي على معظم المسارح الأوبرالية في شتى أنحاء العالم ولا تزال تفعل حتى الآن. ولعل اسم بومارشيه لم يخلد على أية حال إلا بفضل هذه الأوبرا، كما بفضل أوبرا موزارت التي كانت النموذج الذي احتذاه روسيني، علماً أن العملين يشكلان من ناحية النص جزأين من ثلاثية لبومارشيه يبدو ثالثهما، وعنوانه "الأم المذنبة"، منسياً اليوم. علماً أنه حتى وإن كان موزارت قد اختار لأوبراه النص الثاني فيما كان النص الأول هو اختيار روسيني، فإن أحداث هذا الأخير تأتي سباقة على أحداث "زواج فيغارو"، من دون أن ننسى أن فيغارو، الذي تحمل اسمه اليوم واحدة من أقوى صحف اليمين الفرنسي، هو البطل المشترك للعملين معاً. وما فيغارو سوى حلاق الدكتور بارتولو الذي يهيم بغرام الحسناء روزين الخاضعة لوصاية الكونت المافيفا أحد كبار المجتمع الإسباني. ومهما يكن من أمر هنا، وحتى وإن لم يكن فيغارو الشخصية المحورية، أي العاشق كالعادة، فإنه هو محرك الأحداث والوجه الكوميدي الانتقادي الصارخ والصاخب في هذه الأوبرا برمتها، وذلك ما يبديه روسيني واضحاً منذ المشهد الأول الذي يسير بالتواكب مع الافتتاحية، حيث تدخل الموسيقى وغناء فيغارو مباشرة في صلب الحبكة، مما شكل فرادة، وخلد شخصية فيغارو وتلك الأوبرا إلى الأبد. وربما لا نكون هنا في حاجة إلى الإسهاب في وصف الأحداث، فهي هنا كما تلوح دائماً في ما يسمى "أوبرا بوفا"، وتتوزع على مناورات ومغامرات ومواقف تصل في أصحابها إلى حد التهريج، غير أنه تهريج اجتماعي يبدو صارماً هنا. ولعل صرامته تنطلق مع إشعارنا، في مجال الغناء كما في مجال الموسيقى، بأن فيغارو هو في الحقيقة سيد اللعبة، وإن كان يلعبها لحساب معلمه الذي لا يعدو كونه عاشقاً ولهاناً لروزين، يعرف أنه لن يكون قادراً على الوصول إلى خطب ودها إن لم يعاونه حلاقه على ذلك. ومن هنا تنقلب لعبة السيد والمسود بصورة متعمدة، تجاوز في الأزمنة التالية هذه "الصدفة" في مجال القلبة الاجتماعية، ليصبح نوعاً من قاعدة في اللعبة الدرامية، قاعدة سيكون لها شأنها في الحياة الاجتماعية نفسها. ويمكننا أن نقول هنا إن جزءاً كبيراً من أهمية هذه الأوبرا، إنما يكمن هنا كما يكمن بالنسبة إلى الموسقة التي قام بها روسيني على مبدأ تكريس الموسيقى الأكثر حيوية في ألحان "حلاق إشبيلية" للحلاق نفسه، إذ من الواضح أن كل دخول أو تدخل له في مجرى الأحداث، يتواكب مع هبات واندفاعات موسيقية مدهشة تجعل مشاهده تبدو وكأنها توقظ جمهوراً ساهياً، بالتالي تجعل له في العمل ككل، بطولة، فنية إن لم تكن عاطفية، معقودة، له مُضفية على الأوبرا طابعاً ربما لم يكن ليحلم به أحد غير بومارشيه نفسه تحديداً عشية الثورة الفرنسية.

جزايرس
٢٦-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- جزايرس
ختام سيمفوني على أوتار النمسا وإيطاليا
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص. اختتمت الجزائر مهرجانها السيمفوني في دورته الرابعة عشرة، على نغمات الكمان الإيطالية وهمسات البيانو النمساوي، في احتفاء أصيل بالموسيقى بوصفها لغة تتجاوز الكلمات وتوحّد الأحاسيس. وشهدت السهرة الأخيرة من المهرجان تألق الثنائي النمساوي يوري ريفيتش (كمان) وثيودوسيا نتوكو (بيانو)، في عرض استثنائي جمع بين سحر الكمان وحساسية البيانو، استقبله الجمهور برحاب صدر.افتُتح الحفل ب«سوناتا ترِيل الشيطان" الشهيرة للمؤلف الإيطالي جوزيبي تارتيني، حيث أبدع ريفيتش في تجسيد التوتر الدرامي والعمق التعبيري، فيما قدّمت نتوكو مرافقة مليئة بالإحساس والمرهفة.وانتقل الجمهور بعدها إلى مؤلفات ريفيتش الخاصة التي تميزت بأصالة موسيقية واضحة، قبل أن يحلق الثنائي في أجواء "سوناتا الكمان والبيانو الثانية" للفرنسي موريس رافيل، لاسيما في الحركة الثانية "البلوز" التي نالت إعجاب الجمهور بإبداعها التقني. واختُتم العرض بعمل استعراضي لافت مع "فانتازيا على كارمن" لبابلو دي ساراساتي، أظهر فيه ريفيتش كامل مهاراته التقنية وسط تفاعل كبير من الحضور. وحملت الوصلة الأخيرة من حفل الختام توقيعا إيطاليا مميزا، قدمته "المؤسسة الموسيقية السيمفونية لفريولي فينيتسيا جوليا" (Orchestre FVG) بقيادة المايسترو باولو باروني، ضمن عرض أوبرالي بامتياز جسّد عبق الفن الإيطالي، بمشاركة أصوات لامعة مثل السوبرانو أنجليكا لابادولا والمغنية سفيڤا بيا لاتيرزا والتينور باولو ماسكاري. قدّمت الأوركسترا روائع من أعمال روسيني، بيليني، بوتشيني، فيردي ودونيزيتي، بدءًا من افتتاحية "حلاق إشبيلية" إلى آريات ودويتوهات أوبرالية أبهرت الجمهور، مثل "Casta diva" و«Mira o Norma" و«Parigi o cara"، حيث تجلّى التناغم الصوتي والاحترافية العالية في الأداء. في هذا السياق، أبدى المايسترو الإيطالي باولو باروني، قائد "أوركسترا فريولي فينيتسيا جوليا"، اعتزازه الكبير بالمشاركة في السهرة الختامية لمهرجان الجزائر الدولي للموسيقى السيمفونية، التي خصّصت للاحتفاء بالأوبرا الإيطالية، وصرّح قائلاً "من الرائع أن ننقل عبق الموسيقى الإيطالية إلى جمهور بهذا الذوق والحسّ، نحن سعداء جدًا بهذا اللقاء الفني." وأوضح باروني أن الأوركسترا التي يقودها حديثة النشأة لكنها تحمل طموحًا كبيرًا لتوسيع حضورها عالميًا، خصوصًا من خلال تقديم عروض متنوعة وغنية من ريبرتوار الأوبرا الإيطالية. وعن معرفته بالموسيقى الجزائرية، أشار إلى أنه لا يزال في بدايات استكشافها، لكنه عبّر عن حماسه لاكتشافها عن قرب، قائلاً "أحبّ كل أنواع الموسيقى، وأرى أن ما تزخر به الجزائر من تنوّع لحني وآلات فريدة قد يكون مصدر إلهام جديد لنا." كما تحدّث عن خصوصيات قيادة الأوركسترا في عرض أوبرالي، مبرزًا أهمية التناغم بين جميع العناصر الفنية للحفاظ على الروح الدرامية. وختم تصريحه بالتأكيد على رغبته في العودة مستقبلًا "كانت تجربة ثرية بكل المقاييس، وأنا متشوّق للتعرف أكثر على هذا البلد الجميل وموسيقاه العريقة."بالمناسبة، عبّر محافظ المهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السيمفونية المايسترو عبد القادر بوعزارة، عن فخره وامتنانه لنجاح هذه الدورة رغم "كلّ التحديات والصعوبات"، مؤكّداً أنّ "الصمود هو ما قادنا اليوم إلى هذه السهرة الختامية الرائعة". وأضاف أن ّكل طبعة من طبعات المهرجان تمثّل تجربة مليئة بالجهد والعاطفة، قائلاً "كما أقول دائماً: الجمهور هو المهرجان، والمهرجان هو جمهوره"، وخلال هذه الطبعة سجّلت أوبرا "بوعلام بسايح" حضور حوالي 10 ألاف شخص عاشق للموسيقى الكلاسيكية. وأشاد المحافظ بدور وسائل الإعلام التي واكبت الحدث، معتبراً أنها كانت شريكاً أساسياً في نقل رسائل الفن والموسيقى، وأكّد أنّ الجزائر أصبحت، من خلال هذا الحدث، "عاصمة عالمية للموسيقى الكلاسيكية"، مشيراً إلى أن هذا الطموح قد تحوّل إلى واقع ملموس. وشكر بوعزارة الجماهير التي حضرت بقوة وساندت التظاهرة، مشدّداً على أنّ الموسيقى "قوة ناعمة" ولغة مشتركة توحّد الشعوب، وتشكّل وسيلة فعّالة للحوار والتقارب الثقافي. كما أشار إلى تلقي المنظمين العديد من رسائل الدعم والتشجيع، ما يشحن العزيمة على الإعداد للطبعة المقبلة.وكشف المحافظ عن أنّ الطبعة الخامسة عشرة من المهرجان من المنتظر أن تُنظم في نفس الفترة تقريباً، ابتداءً من 30 أفريل 2026، بمشاركة دول جديدة ومتنوعة. وختم بوعزارة كلمته برسالة محبة وسلام، قائلاً "الموسيقى السيمفونية هي روعة تمسّ الروح، وتسمو بالعقل، وتبني جسور المحبة والتفاهم"، مبدياً امتنانه للوفود الدولية المشاركة، مؤكّداً على القيم الإنسانية التي يجسّدها الشعب الجزائري من رحمة وعطاء وإبداع وتابع "عاشت الموسيقى، عاشت الجزائر. إلى اللقاء في العام المقبل". السهرة السابعة والأخيرة من المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية، حضرها وزير الثقافة والفنون السيد زهير بللو والوزيرة المحافظة السامية للرقمنة السيدة مريم بن مولود، وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر، وشهدت تكريم عدد من العازفين وأساتذة المعاهد الجهوية للموسيقي وكذا الفاعلين والمساهمين في إنجاح الدورة، ضمن مسعى تثمين دور جنود الخفاء الذين لعبوا أدوارا كبيرة في إنجاح الدورة ال 14 من المهرجان على غرار سيد علي لعروم، دلولة سعدي، مصطفى والي، عبد الله راجع ومحمد سوتو.