أحدث الأخبار مع #دارالأدهم


النهار
منذ 6 أيام
- ترفيه
- النهار
خالد إسماعيل يقدّم معكوس السيرة الهلالية في رواية "أبو القمصان"
تقوم رواية "أبو القمصان"، للكاتب المصري خالد إسماعيل، الصادرة حديثاً عن دار "الأدهم" في القاهرة، على تقنية السرد الذاتي، بصوت بطلها "سعيد أبو القمصان"، الذي قرر أن يكتب سيرة عائلته المنحدرة من سلالة من العبيد، من داخل السجن الذي يقضي فيه عقوبة عن جريمة قتله باحثة في الفولكلور ذي الجذور الأفريقية في جنوب مصر. هو قتلها انتقاماً "لاستعبادها" إياه، ففيما كانت توهمه بأنها مغرمة به، ظلت لسنوات عديدة تستغله في إنجاز البحوث الميدانية والنظرية التي حصلت بمقتضاها على درجتي الماجستير والدكتوراه. وهنا يقدم خالد إسماعيل سيرة معكوسة، إذا جاز التعبير للسيرة الهلالية التي مجّدت أبا زيد الهلالي الذي كان أسود البشرة، لكنه كان مقدَّراً في قبيلته لانحداره من نسل يتوارث السيادة جيلا بعد جيل، سواء من ناحية والده رزق بن نايل أم أمه خضرة الشريفة، فيما ظل رفيق دربه "أبو القمصان" يورّث العبودية لنسله، إلى أن اتخذت شكلاً جديداً مثَّله "سعيد أبو القمصان" بانسحاقه أمام "يونس الهلالي" و"دينا الصياد"، المنحدرين من أصول تحظى بمكانة اجتماعية مرموقة. لن يعرف القارئ أن "سعيد أبو القمصان"، يسرد سيرته مع تلك الصورة من العبودية، التي هي امتداد لصورة قديمة جرى إلغاؤها رسمياً في مصر في أواخر القرن التاسع عشر، إلا في بداية الفصل الخامس المعنون بـ "يونس الهلالي". تتألف الرواية من ستة فصول يتصدر كل منها اسم إحدى الشخصيات التي يتحدث عنها "سعيد أبو القمصان"، وهي جميعاً تنتمي إلى عائلته باستثناء الشخصيتين الأخيرتين، "يونس الهلالي" و"ناهد الصياد". رسائل اليائسين والراوي هنا يتوجه إلى مروي عليه مجهول، لكنه يفسح مساحة فصل كامل لرسالة كتبها عمه "فرج أبو قمصان" وهو في جبال اليمن ضمن قوات مصرية ذهبت إلى هذا البلد في عام 1963لنصرة ثورة عبد الله السلال التي أعلنت الحكم الجمهوري وألغت حكم الأئمة. رسالة "فرج" هذه عثر عليها "سعيد" في صندوق يخص جدته لأبيه واسمها "مراسيلة"، ويبدو أنها كانت بين ما سلَّمته لها السلطات عقب استشهاد ابنها ودفنه في صنعاء. وهي موجَّهة إلى الإمام الشافعي (767 – 820م)، ويبدو أن "فرج" كان ينوي وضعها في مقصورة ضريح هذا الإمام في القاهرة، على عادة كثيرين من البسطاء والتي خضعت لدراسة أنجزها عالم الاجتماع سيد عويس وصدرت عام 1965 في كتاب. هو فعل ذلك طلباً لعدل إلهي، بعدما ضج من ظلم الأحياء. لم يندم "سعيد أبو القمصان" على قتله "ناهد الصياد"، لكنه ندم على أنه لم يقتل معها صديقه "يونس الهلالي" الذي خانه معها. وهو عبر هذه الكتابة الأقرب إلى الحكي الشفاهي، سعى إلى قتل أبيه معنوياً، "المنافق الملعون الحقير، يعبد القرش ويموت في سبيل الجنيه ويتقرَّب إلى كل صاحب سلطة ويتباهى بالخنوع. جعلني خرقة بالية". فرّ "سعيد" من قهر أبيه له ولأمه، ليرتمي في أحضان قاهر آخر هو "يونس الهلالي"، لمدة عشر سنوات بدأت من تعارفهما طالبين في كلية الآداب في جامعة القاهرة: "كان بارعاً في الكذب. عشتُ معه مكسور الجناح، أطيعه ولا أعصى له أمراً، كنتُ مسلوب الإرادة ومغيّب الوعي، ولم تكن هناك رغبة من جانبي في قطع علاقتي معه، فأنا لا أعرف ملجأ غيره" (ص 107). أسطرة الواقع تزخر الرواية بالشفاهية على طريقة السير الشعبية، كما تزخر بالميل إلى أسطرة وقائع على نحو يخالف التأريخ الرسمي، ومن ذلك ما نقله "سعيد" عن أقارب له بخصوص عصابة الأربعة "ريا وسكينة وحسب الله وعبد العال"، من أن قتلة النساء هؤلاء بغرض الاستيلاء على حليهن الذهبية، هم أصلاً من الصعيد، وكانوا يحاربون الإنكليز على طريقتهم، فالنسوة المقتولات كن بغايا وزبائنهن كانوا من جنود الاحتلال في مدينة الإسكندرية في عشرينيات القرن الماضي، "لكن الحكومة الخاينة بتاعتنا لفقت لهم التهمة وقالت انهم بيقتلوا النسوان عشان الدهب والفلوس" (ص 41). أما حكاية "شفيقة ومتولي"، فتدل من وجهة نظر "يونس الهلالي" خريج كلية الآداب، إلى شهامة ذلك الشاب الذي قتل شقيقته بعدما مرَّغت شرف العائلة في الوحل، كما تدل على نخوة القاضي الذي تعاطف معه ورأى أنه لا يستحق السجن سوى لستة أشهر، لإزعاج السلطات، وليس لقيامه بالقتل. وهنا يتماهى "سعيد" مع "متولي"، لكنه عوقب بالسجن المؤبد على جريمة قتله "ناهد الصياد"، التي لم يندم عليها، كما لم يندم "متولي" على قتل "شفيقة" بل تفاخر به استناداً إلى عادات تمجد الثأر. وهكذا مضت حياة "سعيد أبو القمصان" في قهر متصل، فأبوه أورثه البشرة السوداء ما جعله عرضة طوال الوقت للتنمّر، كما أورثه لقباً ممهوراً بخاتم العبودية وفق "السيرة الهلالية" التي لا تزال تحظى بشعبية كاسحة في جنوب مصر وشمالها على حد سواء. كان "يونس" المولود في المحيط الجغرافي نفسه (محافظة سوهاج في صعيد مصر) يحتفي به ظاهرياً ويداعبه بأنه "حبة سمراء"، لكنه مداعبة تطوي في الحقيقة على معايرته بأنه من نسل العبيد الذين لطالما استعبدتهم أسرته، في الماضي والحاضر. يتولى "سعيد أبو القمصان" السرد، من البداية إلى النهاية، عن معاناته وعائلته من التنمر بسبب لون البشرة، حتى بعد أن فروا من الصعيد إلى القاهرة. كان الأطفال كلما رأوا والده الشيخ الأزهري عائداً من عمله يهتفون: "يا جوهر يا مجنون، يا عبد يا زربون"؛ "وكنتُ أراه في الشارع خانعاً يكاد يبوس أيدي من يلقاهم من الجيران" (ص 8). تعاسة متصلة لم تكن أمه من ذوات البشرة الداكنة، لكنها كانت من عائلة تتخذ من إصلاح الأحذية البالية حرفة، فكان ينظر إليها على أنها من طبقة منبوذة، ويقال لمن يعمل بها "جزماتي" أو "صرماتي". وهكذا تضاعفت معاناة "سعيد"، الذي كانت حياته سلسلة متصلة من التعاسة. في طفولته كان يعاني من تنمر طفل آخر يدعى "حموكشة": "أول مرة ضربني فيها نهب مني خمسة قروش – مصروفي – وعيَّرني بسواد وجه أبي". هذا المتنمر كانت أمه بائعة جرجير وكان أبوه من الغجر، سمكري يصلح بوابير الكاز والحنفيات وأقفال الأبواب، وفي أيام الأعياد كان يعمل في سن السكاكين والمقصّات. جدة السارد لوالده تدعى "مراسيلة"، "كانت سوداء مثل أبي"... "حزنتُ لما علمت أن أقارب والدي يخدمون عائلة خويلد وهم من العربان القادمين من بلاد المغرب العربي". كان يرغب في أن يلتحق بكلية الحقوق ليصبح وكيل نيابة، لكن والده أصر على أن يلتحق بكلية الآداب، لأن المضمون في حالته هو أن يعمل معلماً في مدرسة، وليس الالتحاق بسلك النيابة والقضاء، بالنظر إلى أصله المتواضع اجتماعياً. أما عمه "فرج" فكان يطمح إلى أن يلتحق بكلية الطب، لكنه لم يتمكن من اجتياز الثانوية العامة، فعمل في مكتبة، ما أتاح له قراءة الكثير من الكتب، قبل أن يلطمه زبون وينعته بالعبد: فيتساءل في ألم: "لماذا خلقني الله أسود اللون؟" (ص 56)، وبعد تطوعه في الجيش، استمرت معاناته من سوء معاملة رؤسائه له، الذين كانوا ينادونه: "يا غراب البين" تحقيراً له. ...

يمرس
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- يمرس
قراءة نقدية في كتاب موت الطفل في الشعر العربي المعاصر .. الخطاب والشعرية للدكتور منير فوزي
يقدم كتاب "موت الطفل في الشعر العربي المعاصر: الخطاب والشعرية" للأديب والناقد المصري أ.د. منير فوزي دراسة مركزة تستكشف ظاهرة الموت في الشعر الحديث من منظور جديد. يركز الكتاب على صورة "موت الطفل"، حيث يغوص في أعماق الدلالات الفنية التي تحملها، مستكشفًا الأسباب التي دفعت الشعراء المعاصرين لتوظيف هذه الصورة. يبرز الكتاب كيف يمثل الطفل رمزًا غنيًا بالأبعاد الإيحائية، ويعكس في الوقت ذاته القضايا الملحة التي تواجه الطفولة وهموم المجتمع. من خلال هذا العمل، يفتح أ.د. منير فوزي نافذة جديدة لفهم العلاقة المعقدة بين الموت والحياة في النصوص الشعرية، مُبرزًا تأثيرات هذه الصورة على الوعي الأدبي المعاصر. لا يكتفي الكتاب بالرصد والتحليل، بل يقدم قراءة نقدية واعية تتتبع جذور صورة "موت الطفل" في التراث الشعري العربي. يبدأ برصد مرثية ابن الرومي الشهيرة، وصولًا إلى القصائد المعاصرة التي تتناول موت الطفل في سياقات مختلفة، مثل التجربة الذاتية، والصدمة الحضارية، والصراع العربي الصهيوني. من خلال تمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة، يقدم الكتاب رؤية شاملة ومتعمقة لصورة "موت الطفل" في الشعر العربي المعاصر. يستند إلى منهج تحليلي يجمع بين تتبع الأبنية الداخلية للقصائد والاستعانة بالمعطيات السياقية، ليقدم في النهاية دراسة رصينة تثري المكتبة النقدية العربية وتفتح آفاقًا جديدة لفهم الشعر وقضايا المجتمع. يتألف الكتاب من 124 صفحة، وصدر عن دار الأدهم للنشر والتوزيع، القاهرة عام 2020. دلالة البراءة المهددة وارتباطها بالموروث الثقافي والذكريات الجمعية يمثل التمهيد مدخلاً عميقًا إلى عالم الصورة الشعرية في القصيدة العربية المعاصرة، حيث يستعرض تطور هذه الصورة من مفهومها التقليدي الجزئي في التراث النقدي القديم، الذي كان حبيس البيت الواحد، إلى مفهومها الكلي الحديث الذي يتجاوز حدود الزمان والمكان، ليعكس واقعًا معقدًا بتفاصيله المتشابكة. يبرز هذا المدخل العلاقة الجدلية بين القديم والجديد في تشكيل الصورة الشعرية، مُؤكدًا أن الحداثة لا تنفي التراث، بل تتفاعل معه في حوار مستمر يثري التجربة الشعرية ويمنحها أبعادًا أعمق. فالشاعر المعاصر، حين يستلهم من الأسطورة والدين والتاريخ والأدب الشعبي، لا ينفصل عن جذوره البلاغية التقليدية، بل يوظفها بوعي جديد ليكشف عن جماليات فنية متجددة تعكس رؤيته الخاصة للعالم. يتناول أيضًا "صورة موت الطفل" كموضوعة فنية مركزية في الشعر العربي المعاصر، متسائلًا عن سبب اختيار الطفل تحديدًا. تُظهر الإجابة أن الطفولة، بما تحمله من دلالات البراءة والعفوية، تمثل رمزًا للحياة النقية المهددة بالموت، وبؤرة للحنين إلى المثال الضائع. كما يكشف عن المصادر التي استلهم منها الشاعر المعاصر صورة موت الطفل، بدءًا من الموروث الثقافي كقصيدة ابن الرومي في رثاء ولده، وصولًا إلى التجارب الذاتية والأحداث المعاصرة مثل الحروب والانتفاضات التي تركت بصماتها على ذاكرة الشعر. تجليات الفقد ومعاناة الطفولة في الشعر العربي المعاصر تتجلى مأساة الفقد في قصيدة "طفل" لصلاح عبد الصبور، حيث يطرح الشاعر سؤالًا وجوديًا عميقًا: "قولي… أمات؟". يعكس هذا السؤال الألم الشخصي، ويفتح بابًا للتأمل في معنى الحياة والموت. يتسم النص بلغة شاعرية غنية، حيث يصف الطفل بأوصاف حانية، مما يعكس عمق العلاقة بين الأب وابنه. يمثل الأب شخصية محورية تتجلى فيها مشاعر الفقد والضعف، حيث يشكل مشهد الطفل الميت لحظة مؤلمة تتحدى الزمن وتفاصيل الحياة اليومية. يتجسد الألم في تكرار السؤال: "قولي… أمات؟"، مما يشير إلى حالة الاغتراب التي يعيشها الأب بعد الفقد. تتضح بصمات تشيخوف في النص، حيث يدمج عبد الصبور عناصر من قصة "الأعداء" مع تجربته الذاتية. رغم وضوح التأثر، يظل إبداعه مستقلًا، حيث يضيف لمسة شخصية تعكس عمق تجربته. يعتمد الشاعر على تصوير الموت كحالة نهائية، مما يعكس طبيعة الوجود البشري وتوتراته. يتصاعد التوتر في الحوار بين الأب وطفله، حيث يدعو الأب ابنه للهدوء في مواجهة الفوضى. تعكس هذه الديناميكية الصراع بين الأمل واليأس، حيث يحاول الأب حماية طفله رغم إدراكه لعجزه. الحوار هنا ليس مجرد حديث، بل هو صراع داخلي يعكس الاضطراب الوجودي الذي يعاني منه الأب، مما يجعل القارئ يتفاعل مع مأساة الفقد بطريقة عميقة ومؤثرة. يتناول أحمد عبد المعطي حجازي في قصيدته "مقتل صبي" تجربة الموت في المدينة ، موضحًا الصدمة التي يعيشها الفرد في مواجهة المجموع. يعكس الموت، الذي يأتي ككفن ثقيل، عجز المجتمع الحضري عن التعاطف مع الفقد. تظهر صورة الصبي الذي "لم تبك عليه عين" اللامبالاة السائدة في المدن الكبرى، مما يعكس فقدانًا عميقًا للهوية، حيث يصبح الفرد مجرد رقم في مجتمع يفتقر إلى الألفة. في نص محمد إبراهيم أبو سنة، يظهر الطفل كريشنا كرمز للبراءة والإنسانية. يجسد كريشنا معاناة الطبقات المهمشة، حيث تعكس حياته القاسية واقعًا مريرًا يتجاوز حدود الجغرافيا. يتساءل النص عن جدوى الحضارة التي يقدمها البعض كحل شامل، بينما يستمر الظلم والفقر في زعزعة استقرار المجتمعات، مما يعكس أزمة القيم الإنسانية ويحث القارئ على التفكير في معاني التقدم والإنسانية. من خلال المقارنة بين الصدمتين، نجد أن كلا النصين يعكس صراعًا داخليًا لدى الفرد في مواجهة قوى أكبر. تبرز صدمة المدينة اللامبالاة، بينما تركز صدمة المدنية على فقدان القيم الأساسية. يعكس كلاهما أزمة إنسانية عميقة، حيث يصبح الموت والفقر رمزًا للتخلف الحضاري. الشاعر السوري أدونيس وُظف في قصيدته "أغنية إلى الجرح" تجربة موت الأطفال في الجنوب اللبناني، مرسلاً رسالة مؤلمة عن الصراع العربي – الصهيوني. هنا، يتجلى النزف كرمز للفقدان الدائم، حيث يتساقط حلم الطفولة تحت وطأة الاحتلال. الموت ينسج خيوطه بأشلاء الأطفال، مما يجعل من كل جرح قصة تروى. يتكرر استخدام "قمر السيد الجنوب" كرمز للخصوبة والحياة، ليكون نورًا يتحدى الظلام، بينما تمثل الأشجار والأزهار تجدد الأمل في وجه الموت. في قصيدة "شوقي بزيع"، يتحول الطفل أيمن إلى رمز للحياة والطبيعة، حيث يجسد الصراع بين الجمال والقبح. أيمن، الذي استشهد في سن مبكرة، يمثل الروح الفلسطينية المهددة. تعكس رمزية أيمن طبيعة الحياة التي تتجدد، بحيث يصبح دمه مصدرًا لأزهار الشقائق. هكذا، يربط الشاعر بين الطفولة والطبيعة، في حين يمثل الجانب الآخر الحضارة الهمجية التي تقتل البراءة. أما مريد البرغوثي في ثلاثيته، فيقدم صورة يومية عن الحياة تحت الاحتلال. يصف مشهدًا يمزج بين البراءة والفوضى، حيث الأطفال يعدون المقاليع وسط أصوات الهتافات. يعكس الشاعر كيف تتداخل الأجيال، حيث ترضع الأم طفلها قيم الانتفاضة، ليكون هذا الإرث متجددًا. تُظهر هذه التقنيات الشعرية كيف أن الألم والفقد يتحولان إلى قوة دافعة نحو الحياة. تتضافر هذه النصوص لتعكس تجربة إنسانية عميقة، تبرز الصراع بين الموت والحياة، بين الاحتلال والحرية. إنها دعوة للتأمل في مصير الأطفال الذين يصبحون رموزًا للمعاناة والأمل في آن واحد، مشددة على أهمية الحفاظ على القيم الإنسانية في مواجهة قسوة الواقع. اللغة والأسلوب يتميز أسلوب أ.د. منير فوزي في كتابه "موت الطفل في الشعر العربي المعاصر: الخطاب والشعرية" بالعمق والتحليل الدقيق، حيث يأخذ القارئ في رحلة استكشافية لفهم الدلالات الفنية المرتبطة بصورة "موت الطفل". يتبنى فوزي منهجًا تحليليًا يتجاوز السطح، مُسلطًا الضوء على الجوانب النفسية والاجتماعية والسياسية التي تؤثر في هذه الصورة. تتسم لغة الكتاب بالوضوح والرصانة، حيث يجمع بين الجوانب الشعرية النقدية والمعجمية، مستخدمًا تعبيرات دقيقة تعكس عواطف الفقد والأمل، مما يجعل القارئ يشعر بعمق التجربة الإنسانية المطروحة. يعتمد على أسلوب السرد النقدي الذي يُبرز العلاقة بين النصوص الشعرية والسياقات الثقافية والاجتماعية، مما يثري الفهم الشامل للموضوع. يتبنى أ.د. منير فوزي أسلوبًا يتداخل فيه تأثير عدة مدارس أدبية، مثل المدرسة الرومانسية والحداثة، حيث يُظهر كيف أن الشاعر المعاصر يستلهم من التراث الأدبي، مُعززًا ذلك بحوار مستمر بين القديم والجديد. هذا التفاعل يُثري الصورة الشعرية ويجعلها تعكس قضايا معاصرة تمس المجتمع وتاريخه. تتجلى البيئة الثقافية في الكتاب من خلال استعراض تأثير الحروب والصراعات على صورة "موت الطفل"، مما يُظهر كيف تؤثر الأحداث المعاصرة على كتابة الشعر، ويُعزز من دلالاته الفنية. يتناول الكتاب أيضًا الجذور الثقافية لهذه الصورة، بدءًا من الموروث الشعري القديم وصولًا إلى التجارب الفردية التي تتفاعل مع الواقع المحيط. من خلال أسلوبه النقدي العميق، يُبرز أ.د. منير فوزي أهمية دراسة "موت الطفل" كظاهرة معقدة تعكس آلام المجتمع وأحلامه. يُعتبر هذا العمل إضافة قيمة للمكتبة النقدية، حيث يفتح آفاقًا جديدة لفهم العلاقة بين الموت والحياة في الشعر العربي المعاصر، مُبرزًا كيفية تجسيد الطفولة كرمز للأمل في وجه الفقد. ختامًا، تُظهر هذه الدراسة كيف أن ظاهرة موت الطفل في الشعر المعاصر تشكل رمزًا عميقًا يستحق مزيدًا من التأمل. لقد سلطنا الضوء على دلالات هذا الرمز من خلال تحليل عدة قصائد، تناولت تجارب مختلفة تعكس الصراع بين الحياة والموت، وتبرز الأبعاد الإنسانية والاجتماعية للطفولة. تأكّد من خلال المباحث الثلاثة أن موت الطفل لا يُعبر فقط عن فقدٍ شخصي، بل يمثل أيضًا معاناة جماعية، تتداخل فيها التجارب الذاتية مع السياقات الحضارية والسياسية. لقد أثبتت القصائد، من دالية ابن الرومي إلى أعمال شعراء معاصرين مثل صلاح عبد الصبور وأدونيس، أن الرمز يحمل في طياته إمكانات تعبيرية غنية، قادرة على استحضار مشاعر الفقد والأمل. تظل صورة الطفل حاضرة في الذاكرة الشعرية، تجسد الأمل والبراءة، بينما تتقاطع مع مشاعر الفزع والحنين. لذا، فإن دراستنا لا تكتفي برصد هذه الظاهرة، بل تدعو إلى إعادة قراءة التراث الشعري واستكشاف جذوره، لتفهم أعمق للمعاناة الإنسانية، ولتأكيد أهمية هذا الرمز في إبداعنا الشعري المعاصر.


يمنات الأخباري
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- يمنات الأخباري
قراءة نقدية في كتاب موت الطفل في الشعر العربي المعاصر .. الخطاب والشعرية للدكتور منير فوزي
محمد المخلافي يقدم كتاب 'موت الطفل في الشعر العربي المعاصر: الخطاب والشعرية' للأديب والناقد المصري أ.د. منير فوزي دراسة مركزة تستكشف ظاهرة الموت في الشعر الحديث من منظور جديد. يركز الكتاب على صورة 'موت الطفل'، حيث يغوص في أعماق الدلالات الفنية التي تحملها، مستكشفًا الأسباب التي دفعت الشعراء المعاصرين لتوظيف هذه الصورة. يبرز الكتاب كيف يمثل الطفل رمزًا غنيًا بالأبعاد الإيحائية، ويعكس في الوقت ذاته القضايا الملحة التي تواجه الطفولة وهموم المجتمع. من خلال هذا العمل، يفتح أ.د. منير فوزي نافذة جديدة لفهم العلاقة المعقدة بين الموت والحياة في النصوص الشعرية، مُبرزًا تأثيرات هذه الصورة على الوعي الأدبي المعاصر. لا يكتفي الكتاب بالرصد والتحليل، بل يقدم قراءة نقدية واعية تتتبع جذور صورة 'موت الطفل' في التراث الشعري العربي. يبدأ برصد مرثية ابن الرومي الشهيرة، وصولًا إلى القصائد المعاصرة التي تتناول موت الطفل في سياقات مختلفة، مثل التجربة الذاتية، والصدمة الحضارية، والصراع العربي الصهيوني. من خلال تمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة، يقدم الكتاب رؤية شاملة ومتعمقة لصورة 'موت الطفل' في الشعر العربي المعاصر. يستند إلى منهج تحليلي يجمع بين تتبع الأبنية الداخلية للقصائد والاستعانة بالمعطيات السياقية، ليقدم في النهاية دراسة رصينة تثري المكتبة النقدية العربية وتفتح آفاقًا جديدة لفهم الشعر وقضايا المجتمع. يتألف الكتاب من 124 صفحة، وصدر عن دار الأدهم للنشر والتوزيع، القاهرة عام 2020. يمثل التمهيد مدخلاً عميقًا إلى عالم الصورة الشعرية في القصيدة العربية المعاصرة، حيث يستعرض تطور هذه الصورة من مفهومها التقليدي الجزئي في التراث النقدي القديم، الذي كان حبيس البيت الواحد، إلى مفهومها الكلي الحديث الذي يتجاوز حدود الزمان والمكان، ليعكس واقعًا معقدًا بتفاصيله المتشابكة. يبرز هذا المدخل العلاقة الجدلية بين القديم والجديد في تشكيل الصورة الشعرية، مُؤكدًا أن الحداثة لا تنفي التراث، بل تتفاعل معه في حوار مستمر يثري التجربة الشعرية ويمنحها أبعادًا أعمق. فالشاعر المعاصر، حين يستلهم من الأسطورة والدين والتاريخ والأدب الشعبي، لا ينفصل عن جذوره البلاغية التقليدية، بل يوظفها بوعي جديد ليكشف عن جماليات فنية متجددة تعكس رؤيته الخاصة للعالم. يتناول أيضًا 'صورة موت الطفل' كموضوعة فنية مركزية في الشعر العربي المعاصر، متسائلًا عن سبب اختيار الطفل تحديدًا. تُظهر الإجابة أن الطفولة، بما تحمله من دلالات البراءة والعفوية، تمثل رمزًا للحياة النقية المهددة بالموت، وبؤرة للحنين إلى المثال الضائع. كما يكشف عن المصادر التي استلهم منها الشاعر المعاصر صورة موت الطفل، بدءًا من الموروث الثقافي كقصيدة ابن الرومي في رثاء ولده، وصولًا إلى التجارب الذاتية والأحداث المعاصرة مثل الحروب والانتفاضات التي تركت بصماتها على ذاكرة الشعر. تتجلى مأساة الفقد في قصيدة 'طفل' لصلاح عبد الصبور، حيث يطرح الشاعر سؤالًا وجوديًا عميقًا: 'قولي… أمات؟'. يعكس هذا السؤال الألم الشخصي، ويفتح بابًا للتأمل في معنى الحياة والموت. يتسم النص بلغة شاعرية غنية، حيث يصف الطفل بأوصاف حانية، مما يعكس عمق العلاقة بين الأب وابنه. يمثل الأب شخصية محورية تتجلى فيها مشاعر الفقد والضعف، حيث يشكل مشهد الطفل الميت لحظة مؤلمة تتحدى الزمن وتفاصيل الحياة اليومية. يتجسد الألم في تكرار السؤال: 'قولي… أمات؟'، مما يشير إلى حالة الاغتراب التي يعيشها الأب بعد الفقد. تتضح بصمات تشيخوف في النص، حيث يدمج عبد الصبور عناصر من قصة 'الأعداء' مع تجربته الذاتية. رغم وضوح التأثر، يظل إبداعه مستقلًا، حيث يضيف لمسة شخصية تعكس عمق تجربته. يعتمد الشاعر على تصوير الموت كحالة نهائية، مما يعكس طبيعة الوجود البشري وتوتراته. يتصاعد التوتر في الحوار بين الأب وطفله، حيث يدعو الأب ابنه للهدوء في مواجهة الفوضى. تعكس هذه الديناميكية الصراع بين الأمل واليأس، حيث يحاول الأب حماية طفله رغم إدراكه لعجزه. الحوار هنا ليس مجرد حديث، بل هو صراع داخلي يعكس الاضطراب الوجودي الذي يعاني منه الأب، مما يجعل القارئ يتفاعل مع مأساة الفقد بطريقة عميقة ومؤثرة. يتناول أحمد عبد المعطي حجازي في قصيدته 'مقتل صبي' تجربة الموت في المدينة، موضحًا الصدمة التي يعيشها الفرد في مواجهة المجموع. يعكس الموت، الذي يأتي ككفن ثقيل، عجز المجتمع الحضري عن التعاطف مع الفقد. تظهر صورة الصبي الذي 'لم تبك عليه عين' اللامبالاة السائدة في المدن الكبرى، مما يعكس فقدانًا عميقًا للهوية، حيث يصبح الفرد مجرد رقم في مجتمع يفتقر إلى الألفة. في نص محمد إبراهيم أبو سنة، يظهر الطفل كريشنا كرمز للبراءة والإنسانية. يجسد كريشنا معاناة الطبقات المهمشة، حيث تعكس حياته القاسية واقعًا مريرًا يتجاوز حدود الجغرافيا. يتساءل النص عن جدوى الحضارة التي يقدمها البعض كحل شامل، بينما يستمر الظلم والفقر في زعزعة استقرار المجتمعات، مما يعكس أزمة القيم الإنسانية ويحث القارئ على التفكير في معاني التقدم والإنسانية. من خلال المقارنة بين الصدمتين، نجد أن كلا النصين يعكس صراعًا داخليًا لدى الفرد في مواجهة قوى أكبر. تبرز صدمة المدينة اللامبالاة، بينما تركز صدمة المدنية على فقدان القيم الأساسية. يعكس كلاهما أزمة إنسانية عميقة، حيث يصبح الموت والفقر رمزًا للتخلف الحضاري. الشاعر السوري أدونيس وُظف في قصيدته 'أغنية إلى الجرح' تجربة موت الأطفال في الجنوب اللبناني، مرسلاً رسالة مؤلمة عن الصراع العربي – الصهيوني. هنا، يتجلى النزف كرمز للفقدان الدائم، حيث يتساقط حلم الطفولة تحت وطأة الاحتلال. الموت ينسج خيوطه بأشلاء الأطفال، مما يجعل من كل جرح قصة تروى. يتكرر استخدام 'قمر السيد الجنوب' كرمز للخصوبة والحياة، ليكون نورًا يتحدى الظلام، بينما تمثل الأشجار والأزهار تجدد الأمل في وجه الموت. في قصيدة 'شوقي بزيع'، يتحول الطفل أيمن إلى رمز للحياة والطبيعة، حيث يجسد الصراع بين الجمال والقبح. أيمن، الذي استشهد في سن مبكرة، يمثل الروح الفلسطينية المهددة. تعكس رمزية أيمن طبيعة الحياة التي تتجدد، بحيث يصبح دمه مصدرًا لأزهار الشقائق. هكذا، يربط الشاعر بين الطفولة والطبيعة، في حين يمثل الجانب الآخر الحضارة الهمجية التي تقتل البراءة. أما مريد البرغوثي في ثلاثيته، فيقدم صورة يومية عن الحياة تحت الاحتلال. يصف مشهدًا يمزج بين البراءة والفوضى، حيث الأطفال يعدون المقاليع وسط أصوات الهتافات. يعكس الشاعر كيف تتداخل الأجيال، حيث ترضع الأم طفلها قيم الانتفاضة، ليكون هذا الإرث متجددًا. تُظهر هذه التقنيات الشعرية كيف أن الألم والفقد يتحولان إلى قوة دافعة نحو الحياة. تتضافر هذه النصوص لتعكس تجربة إنسانية عميقة، تبرز الصراع بين الموت والحياة، بين الاحتلال والحرية. إنها دعوة للتأمل في مصير الأطفال الذين يصبحون رموزًا للمعاناة والأمل في آن واحد، مشددة على أهمية الحفاظ على القيم الإنسانية في مواجهة قسوة الواقع. يتميز أسلوب أ.د. منير فوزي في كتابه 'موت الطفل في الشعر العربي المعاصر: الخطاب والشعرية' بالعمق والتحليل الدقيق، حيث يأخذ القارئ في رحلة استكشافية لفهم الدلالات الفنية المرتبطة بصورة 'موت الطفل'. يتبنى فوزي منهجًا تحليليًا يتجاوز السطح، مُسلطًا الضوء على الجوانب النفسية والاجتماعية والسياسية التي تؤثر في هذه الصورة. تتسم لغة الكتاب بالوضوح والرصانة، حيث يجمع بين الجوانب الشعرية النقدية والمعجمية، مستخدمًا تعبيرات دقيقة تعكس عواطف الفقد والأمل، مما يجعل القارئ يشعر بعمق التجربة الإنسانية المطروحة. يعتمد على أسلوب السرد النقدي الذي يُبرز العلاقة بين النصوص الشعرية والسياقات الثقافية والاجتماعية، مما يثري الفهم الشامل للموضوع. يتبنى أ.د. منير فوزي أسلوبًا يتداخل فيه تأثير عدة مدارس أدبية، مثل المدرسة الرومانسية والحداثة، حيث يُظهر كيف أن الشاعر المعاصر يستلهم من التراث الأدبي، مُعززًا ذلك بحوار مستمر بين القديم والجديد. هذا التفاعل يُثري الصورة الشعرية ويجعلها تعكس قضايا معاصرة تمس المجتمع وتاريخه. تتجلى البيئة الثقافية في الكتاب من خلال استعراض تأثير الحروب والصراعات على صورة 'موت الطفل'، مما يُظهر كيف تؤثر الأحداث المعاصرة على كتابة الشعر، ويُعزز من دلالاته الفنية. يتناول الكتاب أيضًا الجذور الثقافية لهذه الصورة، بدءًا من الموروث الشعري القديم وصولًا إلى التجارب الفردية التي تتفاعل مع الواقع المحيط. من خلال أسلوبه النقدي العميق، يُبرز أ.د. منير فوزي أهمية دراسة 'موت الطفل' كظاهرة معقدة تعكس آلام المجتمع وأحلامه. يُعتبر هذا العمل إضافة قيمة للمكتبة النقدية، حيث يفتح آفاقًا جديدة لفهم العلاقة بين الموت والحياة في الشعر العربي المعاصر، مُبرزًا كيفية تجسيد الطفولة كرمز للأمل في وجه الفقد. ختامًا، تُظهر هذه الدراسة كيف أن ظاهرة موت الطفل في الشعر المعاصر تشكل رمزًا عميقًا يستحق مزيدًا من التأمل. لقد سلطنا الضوء على دلالات هذا الرمز من خلال تحليل عدة قصائد، تناولت تجارب مختلفة تعكس الصراع بين الحياة والموت، وتبرز الأبعاد الإنسانية والاجتماعية للطفولة. تأكّد من خلال المباحث الثلاثة أن موت الطفل لا يُعبر فقط عن فقدٍ شخصي، بل يمثل أيضًا معاناة جماعية، تتداخل فيها التجارب الذاتية مع السياقات الحضارية والسياسية. لقد أثبتت القصائد، من دالية ابن الرومي إلى أعمال شعراء معاصرين مثل صلاح عبد الصبور وأدونيس، أن الرمز يحمل في طياته إمكانات تعبيرية غنية، قادرة على استحضار مشاعر الفقد والأمل. تظل صورة الطفل حاضرة في الذاكرة الشعرية، تجسد الأمل والبراءة، بينما تتقاطع مع مشاعر الفزع والحنين. لذا، فإن دراستنا لا تكتفي برصد هذه الظاهرة، بل تدعو إلى إعادة قراءة التراث الشعري واستكشاف جذوره، لتفهم أعمق للمعاناة الإنسانية، ولتأكيد أهمية هذا الرمز في إبداعنا الشعري المعاصر.


الدستور
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- الدستور
الروائى عادل بشرى: "تكوين" سرد رمزى عن لحظة الخلق الأولى
صدرت حديثًا عن دار الأدهم للنشر، رواية جديدة للكاتب عادل بشري، تحت عنوان "تكوين"، هي عمل أدبي فلسفي يتناول فكرة البداية والخلق والوجود، بأسلوب شعري تأملي، يمزج بين العلم والروحانيات، ويطرح أسئلة كونية عميقة مثل: "من أنا؟"، "لماذا وُجدت؟"، "ما معنى الحياة؟". "تكوين" سرد رمزي عن لحظة الخلق الأولى وفي تصريح خاص لـ "الدستور"، كشف الكاتب عادل بشري عن ملامح روايته "تكوين"، مشيرًا إلى أنه تبدأ رواية 'تكوين"، بمشهد تأملي في الفضاء عبر تلسكوب جيمس ويب، تقوده العالمة "إلينا مورو"، والتي تكتشف صورًا مدهشة من عمق الزمن والكون، في رحلة علمية تتحول إلى تأمل وجودي. تأخذنا الرواية في سرد رمزي عن لحظة الخلق الأولى، حيث يظهر الله والنور والظل في حوار فلسفي، يخلق فيه الإنسان (آدم) من غبار النجوم. وتابع "بشري": "تتطور الأحداث داخل فضاء زمني ومكاني غامض، حيث نتابع إدراك آدم لذاته، وتفاعله مع الكون والخالق، في تجربة حسية تجمع بين الدهشة، الوحدة، والرغبة في الفهم. طرح النص أسئلة وجودية مثل: هل الإنسان مخلوق حر؟ ما أهمية السؤال؟ كيف يعرف الإنسان خالقه وذاته؟ هل الاكتمال نعمة أم قيد؟ في النهاية، رواية "تكوين" تصل رسالة أن الرحلة الوجودية هي بحث لا ينتهي، وأن الأسئلة نفسها قد تكون الغاية، لا الإجابة. الرواية مكتوبة بلغة شعرية عميقة، تعتمد على التكرار الرمزي، الصور المجازية، والسرد غير الخطي، وهي أقرب إلى نص تأملي أو رؤيوي من السرد التقليدي. ومما جاء في رواية "تكوين" نقرأ: بدأ الحلم كهمسة، تتجعد عبر الامتداد الخالي، تنهيدة شوق لا تعرف بعد ما تشتاق إليه، الله الذي كان كل شئ، مد فكره ليأخذ شكلًا، كفخار يبلل أطراف الطين، لم يكن هناك تعجل في الخلق، فالأبدية بلا ساعات، ولكن كان هناك رغبة في ضبط إيقاع الكون الوليد، إيقاع يتماوج كأول دقة قلب، نبض يستدعي النور والظل. الحرارة والبرودة، الثنائيات التي ستملأ يوما جنة خضراء. استجاب التراب للشكل، أكتاف كمنحدرات التلال، أذرع منحنية كالأودية، أضلاع تمتد كأشعة الشمس، أصابع نحيفة وخشنة الحواف، متلهفة للإمساك والإبداع، كان الوجه آخر ما نحت، قناع ينتظر لمسة إلهية، تردد الله من الرهبة والقلق.


الدستور
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- الدستور
الشاعر سمير الأمير يطلق روايته "المزاحمية".. اليوم
يحل الكاتب الشاعر، سمير الأمير، في ضيافة صالون التحالف الثقافي بالمنصورة، في السابعة مساء اليوم الخميس، في أمسية ثقافية لإطلاق وتوقيع ومناقشة روايته "المزاحمية"، والصادرة حديثًا عن دار نفرتيتي للنشر والتوزيع. تفاصيل أمسية سمير الأمير حول روايته المزاحمية يشارك في أمسية إطلاق رواية المزاحمية للكاتب سمير الأمير، ويتحدث عن الرواية وتقنيات كتابتها الروائي الكبير أحمد صبرى أبو الفتوح، الكاتبة الروائية داليا أصلان. ويدير المناقشة الشاعر الناقد محمد عطوة،ب حضور لفيف من أدباء الدقهلية وأعضاء الصالون، وذلك فى مقر حزب التحالف بالدقهلية، طلخا شارع صلاح سالم، برج خفاجى الدور السابع. وفي تصريحات خاصة لــ"الدستور" كشف الشاعر سمير الأمير، ملامح روايته "المزاحمية" وتفاصيل القضايا التي تعالجها، مشيرا إلى أن أحداث الرواية تدور حول تجربة عمل مدرس مصري في إحدى المدن التي تقع أسفل هضبة نجد، ووترصد علاقته بزملائه المعارين وزملائه من أهل البلدة وطبيعتهم وعاداتهم. ثم استقدام زوجته وعائلته ومن ثم علاقتهم بالعائلات المصرية في الغربة وكذلك علاقته بطلابه من أبناء البادية، وصدامه مع بعض عاداتهم، ثم استيعابه وتكيفه معها واكتشافه لأوجه التشابه والاختلاف بينهم وبين الطلاب في مصر. كما يتناول سمير الأمير في الرواية ارتباطه بصداقات قوية مع بعض أهل البلدة ممن يعرفون مصر جيدا ويحتفظون لها بمكانة كبيرة وكذلك رصده الفروق بين الحياة في الوادي والحياة في البادية. غلاف الرواية ويتناول الشاعر بعض المشكلات الناشئة من الرغبة بجمع المال التي قد تجعل الإنسان يتنازل عن بعض اخلاق المهنة مقابل الانخراط في الدروس الخاصة، وكذلك وصوله للحظات مفصلية تخص السؤال الأهم في حياته حين كان ابنه على وشك دخول المدارس وقراره بالعودة لمصر لرغبته في أن يتعلم الابن في المدارس المصرية، عوضا عن تعريضه للمشكلات التي يعانيها الطلاب الوافدين أيضا. وفي هذا الإطار العام للسفر والعودة يتم تناول بعض مشكلات المثقفين في مصر وانعكاسها على حياته في الغربة وفي الوطن. و"سمير الأمير"، شاعر ومترجم مصرى صدر له: يصل ويسلم للوطن أشعار بالعامية المصرية، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب 2002- ديوان "برة المجرة" 2003 - "ردح شعبى من تراث القهر" – شعر كتاب المرسم 2006- ديوان "مجرد رد فعل" 2011 هيئة الكتاب واتحاد الكتاب - "كلام بالصدفة وبالقصد" 2013 ــ "تفاصيل حلم ما كملش" هيئة الكتاب 2017 -"اكتب هنا"، بالإضافة إلى أعمال فكرية نذكر من بينها: كتاب "محنة الثورة" على نفقة الكاتب. ديوان "عرب الدغايمة" عن دار الأدهم 2021.