logo
#

أحدث الأخبار مع #سايكس

إسرائيل تدفع لاسقاط سايكس- بيكو ورسم حدود وخرائط جديدة
إسرائيل تدفع لاسقاط سايكس- بيكو ورسم حدود وخرائط جديدة

المركزية

timeمنذ 3 أيام

  • سياسة
  • المركزية

إسرائيل تدفع لاسقاط سايكس- بيكو ورسم حدود وخرائط جديدة

المركزية – لم تسفر الزيارة الثالثة للموفد الأميركي الى لبنان وسوريا توم براك عن ايجابيات وتفاؤل خصوصا وقد أتت في وقت تغلي فيه المنطقة . من الاحداث التي تعيشها سوريا وارتداداتها على الساحة اللبنانية ، الى عودة التصعيد الكلامي على الجبهة الإيرانية فيما يراوح الوضع في غزة مكانه ما ينذر بمضاعفات على مستوى الشرق الأوسط ككل الخاضع لاختبارات بالغة الخطورة تستهدف وجود اقلياته . بالتالي حدود دوله التي رسمها اتفاق سايكس – بيكو فيما المطلوب من لبنان الذي يعاني أصلا من وضع هش ان ينهض بمؤسساته الرسمية ويعزز امنه واستقراره بمعزل عن هذا الغليان . جدير انه وسط هذه الأجواء المتوترة تتطاير الأوراق والملاحظات على خط واشنطن – بيروت . بنود تبقى وأخرى تزاد بحسب تقلبات المواقف تواكبها جولات مكوكية لم تنته الى حسم ، تقطعها جرعات امل غير مستندة الى اي معطى عملي وملموس وتسويق رسمي بأن الأمور "ماشية" وفق الخطة المرسومة بعيدا من الفولكلور والضوضاء حرصا على تنفيذها بهدوء وروية من دون استفزاز أي فريق لبناني . والمهم "اكل العنب لا قتل الناطور" . عضو اللقاء الديموقراطي النائب بلال عبدالله يقول لـ "المركزية" في السياق ان إسرائيل للأسف قد نجحت في زعزعة الاستقرار في المنطقة برمتها . أولا من غزة حيث تستمر بارتكاب المجازر في حق الشعب الفلسطيني في عملية إبادة قتلا وتجويعا مفروضة وسط سكوت عالمي مستغرب . ثانيا مرورا بسوريا حيث تحتل وتقصف وتغذي الطائفية بهدف تقسيمها الى دويلات متناحرة . درزية وكردية وعلوية. أيضا في غياب عالمي عما يرتكب من مخططات ترمي الى اسقاط اتفاق سايكس - بيكو وتغيير خارطة الشرق على ما صرح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو . ويتابع : وسط هذه المشهدية المقلقة والخطيرة لا يبدو الحراك السياسي في لبنان على المستويين الرسمي والقيادي فاعلا ونشيطا بل بطيئا ، كأن الأمور تراوح مكانها في حين المطلوب دق النفير العام للتحرك داخليا وخارجيا لمواجهة المخططات الإسرائيلية وتحصين لبنان حيالها. اما بالنسبة الى زيارة برّاك فهي حملت الشيء ونقيضه ولم تتسم بالايجابية انما مضى ابعد من ذلك .انطوى كلامه على تهديد ووعيد . الغريب ان واشنطن رفضت تقديم ضمانات أميركية وإسرائيلية لوقف النار وتركت الحبل على غاربه لتل ابيب لاستهداف لبنان ساعة تشاء . ويختم مشيدا بوعي العقلاء والحكماء لتمرير هذه المرحلة الشديدة الخطورة على لبنان، داعيا اللبنانيين الى التكاتف والتضامن لان اسرائيل لن تتركنا بحالنا ، ستعمل المستحيل لضرب الوحدة الوطنية العصية على مخططاتها حتى الان .

خريف لبنان المكفهر
خريف لبنان المكفهر

المردة

timeمنذ 4 أيام

  • سياسة
  • المردة

خريف لبنان المكفهر

بعد انتهاء جولته الثالثة، والتي حفلت بإطلاقه مواقف متأرجحة ومتناقضة، عَمَد الموفد الرئاسي الأميركي توم برّاك فور وصوله إلى باريس، على توزيع تغريدات ثلاث عبر منصة «إكس» جاءت كخلاصة لجولته اللبنانية. وفي وقت غلب التشدّد عليها، بدا وكأنّ الموقف الأميركي الفعلي يتلخّص فيها، بعد مشاورات سريعة لا بدّ أن تكون قد حصلت بين برّاك وواشنطن. ووسط برنامج زيارة برّاك المزدحم في لبنان، كان واضحاً أنّ التطورات الدموية الطارئة في جنوب سوريا كانت ترخي بثقلها على لقاءاته. ولذلك حظي اجتماعه بالرئيس السابق للحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، بأهمية توازي الإجتماع الذي عقده مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري. ففي لقائه مع جنبلاط، تركّز الشق الأساسي من الحوار حول أحداث السويداء والخلفيات والأبعاد المستقبلية لها، فيما احتل الملف اللبناني مساحة عادية. وفي لقاءاته الأخرى تعمّد برّاك قطع الحديث فوراً عند التطرّق إلى مسألة الضمانات المطلوبة. وقيل إنّ برّاك كان يقطع الحديث بأسلوب جاف قائلاً: «ليس هنالك من ضمانات». وقد يكون جوابه المقتضب والحازم في آن معاً، بناءً على نصيحة فريق العمل الذي يواكبه: «إنتبه من الغرق في التفاصيل. وهو أسلوب يتقن البعض ممارسته». وقد يكون هذا الفريق رأى في جواب الرئيس بري تأكيداً لملاحظاته. في أي حال فإنّ تغريدات برّاك الثلاث الباريسية أعطت انطباعاً تشاؤمياً حول مسار الأمور، وجاءت نتائج زيارة رئيس الحكومة نواف سلام لباريس واجتماعه بالرئيس إيمانويل ماكرون لتعزز الصورة السلبية. فالإستنتاج الأميركي بات واضحاً بأنّ «حزب الله» لن يُقدم على تسليم سلاحه الثقيل، وأنّه يسعى فقط لكسب الوقت والرهان على تطورات ومفاجآت، علّمتنا الأحداث التاريخية أنّها قابلة للظهور في أي لحظة في الشرق الأوسط. وجاءت أحداث الجنوب السوري لتدعم موقف أصحاب هذا الرهان. وليس صحيحاً أبداً أنّ واشنطن فوجئت بالأهداف الإسرائيلية والتي ظهرت خلف دخان أحداث السويداء. فهي تعرف جيداً سعي إسرائيل لدفع الساحة السورية، وكذلك ساحات أخرى، إلى التفتيت والتقسيم. وكلام برّاك حول اتفاق سايكس ـ بيكو جديد، يُظهر في وضوح وجود تفاهم أميركي ـ إسرائيلي حول مستقبل المنطقة. لكن الخلاف هو حول البرنامج الزمني للوصول إلى هذا الواقع. ففيما تريده إسرائيل الآن وبسرعة، فإنّ واشنطن ترى وجوب سلوك مراحل متعددة. وحيث أنّ المرحلة الحالية تستوجب المحافظة على سلطة احمد الشرع لإنجاز أهداف عدة، أبرزها على الإطلاق إلقضاء على مكامن النفوذ الإيراني. فمن المبكر الدخول في فوضى ستمنح طهران فرصة لاستعادة حضورها. فإيران أثبتت قدرتها على تعزيز حضورها ونفوذها من خلال تطويع حال الفوضى لمصلحتها طوال العقود الماضية، في وقت كانت مكاسب خصومها تتحول خسائر لا بل كوارث. و»السخاء» الأميركي تجاه الشرع سببه الرهان على دوره في تصفية الحضور الإيراني، إضافة إلى تأمين الظروف المؤاتية لقطع الأوكسيجين التسليحي عن «حزب الله»، وربما أكثر. وكذلك بناء حائط صدّ منيع يفصل سوريا عن المناطق الشيعية في العراق. وفي اجتماع باكو عاصمة اذربيجان بين الوفدين السوري والإسرائيلي، تردّد أنّ دمشق طرحت هواجسها بسبب الوضع في جنوب سوريا، وأنّها متمسكة ببسط سلطتها على كافة الأراضي السورية. ووفق تسريبات ديبلوماسية، فإنّ الجواب الإسرائيلي جاء ملتبساً، وهو ما جعل الوفد السوري يعتقد بعدم وجود موانع حقيقية أمام استعادة الحضور الكامل لسلطة دمشق. وتعزز هذا الاقتناع مع توقف إسرائيل من دون أي حركة في أول ثلاثة أيام من احداث السويداء. ومن هذه الزاوية ثمة من يرى في مرونة الوفد الإسرائيلي في باكو فخاً وقع فيه الشرع، والهدف كان تأمين ظروف الفصل بين السويداء ودمشق، وهو ما تحقق بسبب حجم المجازر التي حصلت، والتي تركتها إسرائيل تحدث، بهدف توسيع الهوة بين الدروز، والمعروف عنهم أنّهم مجتمع ثأري، وبين نظام الحكم الديني في دمشق. واستطراداً فإنّه بات من الصعوبة بمكان ردم هذه الهوة، لا الآن ولا في المستقبل القريب. وبات إنفصال السويداء عن دمشق واقع حكماً بفعل غليان النفوس، وأياً تكن أشكال الحلول والصيغ التي ستُعتمد لاحقاً. وفي الوقت نفسه، أظهرت المشاهد البشعة للمجازر التي حصلت أمراً من اثنين: إما أنّ السلطة التي يترأسها الشرع لا تزال تنبض وفق عقيدة «جبهة النصرة»، وهو ما تستبعده واشنطن، أو أنّ الشرع ما زال عاجزاً عن الإمساك بكافة الفصائل المنضوية ولو صورياً تحت رايته، وهو ما ترجحه الأوساط الدولية. ومن هنا كانت الإندفاعة العاجلة لمنح سلطة دمشق دعماً إقتصادياً فورياً بهدف شحنها بمضادات حيوية هي بأمسّ الحاجة إليها لتعزيز قبضتها. كذلك باشرت تركيا بتسليم المجموعات الموالية كلياً للشرع بعض الأسلحة والمعدات، مثل ناقلات جند مدرعة من صناعة تركية. فأنقرة التي رأت في «الفخ» الإسرائيلي ضربة مباشرة لها ولنفوذها الجديد في المنطقة، إنتابتها الخشية من تمزق ورقة سوريا بين يديها. أضف إلى ذلك، أنّ أحداث السويداء ستدفع الأكراد لعدم تطبيق الإتفاق الداعي إلى تسليم أسلحة «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) وضمّها إلى مؤسسات الدولة السورية. وهنا الخطر بالنسبة إلى تركيا لا يتوقف عند خسارة الورقة السورية بل يتمدد ليصبح خطراً داخلياً لتركيا. لأجل ذلك كان مفهوماً طغيان ملف السويداء على جولة برّاك الثالثة. فعدا عن أنّ «حزب الله» حاز على حجة قوية إزاء ملف سلاحه، فإنّ السؤال الأبرز تركّز حول النيات الإسرائيلية والحركة التي باشرت فيها تل أبيب. وتروي أوساط ديبلوماسية أوروبية، أنّه وخلافاً لكل اللغط السائد في وسائل الإعلام، فإنّ إسرائيل ومن خلال قنوات تواصل جانبية، لا تبدو متحمسة لاتفاق تطبيع مع دمشق. هي تبحث عن أهداف أخرى طابعها أمني أكثر منه سياسي، ولهذا معناه العميق. فالدوائر الإسرائيلية المعنية بالدراسات ووضع التصورات والتي تبدو منغمسة في هذه المرحلة بالبحث في الأوراق التاريخية، وخصوصاً تلك المتعلقة بمرحلة ولادة خرائط سايكس ـ بيكو، إقترحت الذهاب إلى إعادة إحياء إتفاقية «حسن الجوار»، والتي تمّ توقيعها في العام 1926 بين فرنسا، التي كانت تنتدب سوريا، وبريطانيا التي كانت تنتدب فلسطين. فما بين عام 1920، أي ما بعد مؤتمر سان ريمو الذي كرّس ترسيم حدود المنطقة وعام 1923، تمّ إقرار سلسلة إتفاقيات بين الفرنسيين والبريطانيين حول سوريا وفلسطين، تمّ خلالها رسم الحدود بين البلدين. وتمّ لاحقاً تعديل هذه الحدود بما يتلاءم مع المطالب الصهيونية خصوصاً في الشمال الشرقي، حيث منابع نهر الأردن وبحيرة طبريا. وثُبتت هذه التعديلات في العام 1926 وضمّها إلى فلسطين لتصبح لاحقاً من نصيب إسرائيل. هكذا تخطّط إسرائيل للعقود اللاحقة. والإستنتاجات حول الخلفية الحقيقية لإسرائيل جراء طرحها لاتفاقية «حسن الجوار» وليس للتطبيع، تتراوح بين أمر من اثنين: إما أنّها لا تفكر ولا تعمل إلّا للمنطقة الأمنية العازلة في جنوب سوريا تمهيداً لتطويرها لاحقاً في اتجاه منطقة مستقلة، أو أنّها واثقة من أنّ سلطة الشرع في دمشق ضعيفة وغير ممسكة بالشارع، وبالتالي قد لا تستمر طويلاً، ما يجعل من مسألة الدخول في مشاريع ومستوجبات التطبيع بمثابة إضاعة للوقت. وطالما أنّ الصورة المطلوبة من لبنان قد لا تختلف كثيراً عن المشهد السوري من الزاوية الإسرائيلية، فعندها يمكن إيجاد التفسير الإسرائيلي الحقيقي لرؤية تل أبيب لواقع المنطقة الممتدة من الحدود وصولاً إلى نهر الليطاني. لكن لواشنطن رؤية مختلفة للمرحلة الراهنة. فهي لا تبدو في وارد الدخول في ورشة تعديل الحدود الجغرافية لدول المنطقة، ولكنها لا تمانع بالذهاب الى صيغ حكم جديدة تخفف من قبضة السلطة المركزية لمصلحة تعزيز السلطات المحلية للمناطق ولو بدرجات متفاوتة. من هنا طرح الإدارات المحلية، والتي أضحت أمراً واقعاً في السويداء. لكنها تحاذر جداً أن يتمدّد هذا الواقع إلى منطقة الساحل السوري، حيث لا تزال توجد فيها قواعد تدين بالولاء لآل الأسد، والذين ما زالوا يحتفظون بعلاقة مع إيران. أي عدم إفساح المجال أمام ثغرات تسمح بإعادة تعزيز نفوذ إيران. وفي الوقت نفسه سترتفع حفيظة تركيا بسبب الأكراد والساحل السوري، وأيضاً معارضة السعودية الشديدة لأي عبث بالسلطة الفتية الناشئة في دمشق. ووفق كل ما سبق، فإنّ المشهد اللبناني يصبح أكثر وضوحاً. فإسرائيل لا تبدو في وارد «المساومة» على الوضع في جنوب لبنان. ولهذا فهي تدفع في اتجاه «تهشيل» قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)، ويساعدها البعض في هذا الهدف من دون إدراكه أبعاد ما يفعل. وهي أيضاً تريد القضاء نهائياً على ما تبقى من نفوذ إيراني في لبنان، وهي في هذه النقطة تتقاطع مع الرؤية الأميركية. وهو ما يدفع إلى توقع أن تشهد الأسابيع والأشهر المقبلة تصعيداً في عملية الضغط المالي والإقتصادي على لبنان، وهو ما لخّصه برّاك بإحجام بلاده عن مدّ يد المساعدة للبنان. والأخطر إعادة رفع مستوى الحرب والإعتداءات على لبنان، طالما أنّ أبواب الحرب لم تقفلها إسرائيل، وهو ما يسمح لها برفع مستوى حربها الجوية إلى الحدّ الأقصى في اللحظة التي تراها ملائمة. ففي الكواليس يتردّد كثيراً موعد شهر تشرين الثاني المقبل. وهذا الموعد يتطابق مع ما قيل عن برنامج زمني حمله برّاك لإنهاء ملف سلاح «حزب الله»، والذي يبدأ مع مطلع آب ويمتد لثلاثة أشهر، أي نهاية شهر تشرين الأول المقبل. كما أنّ هذا البرنامج يتلاءم مع حسابات خليجية حول ضرورة حسم المعادلة اللبنانية الجديدة، وبحيث تحمل الإنتخابات النيابية المقبلة مجلساً نيابياً بتوازنات تتجانس مع التوازنات التي رست عليها السلطة في لبنان، وهو ما سيفتح الباب أمام حقبة لبنانية جديدة وعلى أنقاض الحقبة القديمة. وثمة مؤشر آخر لا بدّ من القراءة في خلفياته الدولية. فلقد كان من المقرر أن يعلن قاضي التحقيق في ملف إنفجار مرفأ بيروت طارق البيطار القرار الظني في الذكرى الخامسة للإنفجار. وكان تردّد أنّ بيطار أنجز كل الرواية حول شحنة النيترات منذ عملية شحنها وصولاً إلى لحظة الإنفجار الرهيب. وخلال الشهرين الماضيين وعدت إحدى الجهات الدولية بإرسال ملفات تقنية مفصلة لتدعيم ملف التحقيق، لكن هذا لم يحصل بعد وتحت أعذار شتى. ومنذ مدة قصيرة أبلغت هذه الجهة الدولية أنّه ولأسباب مختلفة ستتأخّر بعض الشيء في تسليم لبنان هذه الوثائق التقنية المهمّة. ولا شك في أنّ هذه الجهة الدولية تدرك جيداً بأنّها تسعى لتوقيت آخر لصدور هذا القرار، والذي سيشكّل مفصلاً أساسياً في مسار البلد، خصوصاً أنّ هنالك مذكرات توقيف ستواكب صدور القرار الظني. ما يدفع إلى الإستنتاج بأنّ التوقيت الذي تتحكّم فيه هذه الجهة الدولية، لا بدّ أنّه يخضع لحسابات أكبر وأوسع. مع الإشارة إلى أنّ التأخير هو لبضعة أسابيع أو لأشهر معدودة في أسوأ الحالات. في الخلاصة، فإنّ من الواضح أنّ رفض إسرائيل الذهاب إلى وقف نهائي لإطلاق النار إن في غزة أو لبنان، يعكس في وضوح قرارها باستمرار الحرب لتحقيق أهداف كبيرة لم تتحقق بعد.

عن أحداث السويداء : الشرع وقع في فخ إسرائيل ...وماذا عن خريف لبنان؟
عن أحداث السويداء : الشرع وقع في فخ إسرائيل ...وماذا عن خريف لبنان؟

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 4 أيام

  • سياسة
  • القناة الثالثة والعشرون

عن أحداث السويداء : الشرع وقع في فخ إسرائيل ...وماذا عن خريف لبنان؟

بعد انتهاء جولته الثالثة، والتي حفلت بإطلاقه مواقف متأرجحة ومتناقضة، عَمَد الموفد الرئاسي الأميركي توم برّاك فور وصوله إلى باريس، على توزيع تغريدات ثلاث عبر منصة «إكس» جاءت كخلاصة لجولته اللبنانية. وفي وقت غلب التشدّد عليها، بدا وكأنّ الموقف الأميركي الفعلي يتلخّص فيها، بعد مشاورات سريعة لا بدّ أن تكون قد حصلت بين برّاك وواشنطن. ووسط برنامج زيارة برّاك المزدحم في لبنان، كان واضحاً أنّ التطورات الدموية الطارئة في جنوب سوريا كانت ترخي بثقلها على لقاءاته. ولذلك حظي اجتماعه بالرئيس السابق للحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، بأهمية توازي الإجتماع الذي عقده مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري. ففي لقائه مع جنبلاط، تركّز الشق الأساسي من الحوار حول أحداث السويداء والخلفيات والأبعاد المستقبلية لها، فيما احتل الملف اللبناني مساحة عادية. وفي لقاءاته الأخرى تعمّد برّاك قطع الحديث فوراً عند التطرّق إلى مسألة الضمانات المطلوبة. وقيل إنّ برّاك كان يقطع الحديث بأسلوب جاف قائلاً: «ليس هنالك من ضمانات». وقد يكون جوابه المقتضب والحازم في آن معاً، بناءً على نصيحة فريق العمل الذي يواكبه: «إنتبه من الغرق في التفاصيل. وهو أسلوب يتقن البعض ممارسته». وقد يكون هذا الفريق رأى في جواب الرئيس بري تأكيداً لملاحظاته. في أي حال فإنّ تغريدات برّاك الثلاث الباريسية أعطت انطباعاً تشاؤمياً حول مسار الأمور، وجاءت نتائج زيارة رئيس الحكومة نواف سلام لباريس واجتماعه بالرئيس إيمانويل ماكرون لتعزز الصورة السلبية. فالإستنتاج الأميركي بات واضحاً بأنّ «حزب الله» لن يُقدم على تسليم سلاحه الثقيل، وأنّه يسعى فقط لكسب الوقت والرهان على تطورات ومفاجآت، علّمتنا الأحداث التاريخية أنّها قابلة للظهور في أي لحظة في الشرق الأوسط. وجاءت أحداث الجنوب السوري لتدعم موقف أصحاب هذا الرهان. وليس صحيحاً أبداً أنّ واشنطن فوجئت بالأهداف الإسرائيلية والتي ظهرت خلف دخان أحداث السويداء. فهي تعرف جيداً سعي إسرائيل لدفع الساحة السورية، وكذلك ساحات أخرى، إلى التفتيت والتقسيم. وكلام برّاك حول اتفاق سايكس ـ بيكو جديد، يُظهر في وضوح وجود تفاهم أميركي ـ إسرائيلي حول مستقبل المنطقة. لكن الخلاف هو حول البرنامج الزمني للوصول إلى هذا الواقع. ففيما تريده إسرائيل الآن وبسرعة، فإنّ واشنطن ترى وجوب سلوك مراحل متعددة. وحيث أنّ المرحلة الحالية تستوجب المحافظة على سلطة احمد الشرع لإنجاز أهداف عدة، أبرزها على الإطلاق إلقضاء على مكامن النفوذ الإيراني. فمن المبكر الدخول في فوضى ستمنح طهران فرصة لاستعادة حضورها. فإيران أثبتت قدرتها على تعزيز حضورها ونفوذها من خلال تطويع حال الفوضى لمصلحتها طوال العقود الماضية، في وقت كانت مكاسب خصومها تتحول خسائر لا بل كوارث. و»السخاء» الأميركي تجاه الشرع سببه الرهان على دوره في تصفية الحضور الإيراني، إضافة إلى تأمين الظروف المؤاتية لقطع الأوكسيجين التسليحي عن «حزب الله»، وربما أكثر. وكذلك بناء حائط صدّ منيع يفصل سوريا عن المناطق الشيعية في العراق. وفي اجتماع باكو عاصمة اذربيجان بين الوفدين السوري والإسرائيلي، تردّد أنّ دمشق طرحت هواجسها بسبب الوضع في جنوب سوريا، وأنّها متمسكة ببسط سلطتها على كافة الأراضي السورية. ووفق تسريبات ديبلوماسية، فإنّ الجواب الإسرائيلي جاء ملتبساً، وهو ما جعل الوفد السوري يعتقد بعدم وجود موانع حقيقية أمام استعادة الحضور الكامل لسلطة دمشق. وتعزز هذا الاقتناع مع توقف إسرائيل من دون أي حركة في أول ثلاثة أيام من احداث السويداء. ومن هذه الزاوية ثمة من يرى في مرونة الوفد الإسرائيلي في باكو فخاً وقع فيه الشرع، والهدف كان تأمين ظروف الفصل بين السويداء ودمشق، وهو ما تحقق بسبب حجم المجازر التي حصلت، والتي تركتها إسرائيل تحدث، بهدف توسيع الهوة بين الدروز، والمعروف عنهم أنّهم مجتمع ثأري، وبين نظام الحكم الديني في دمشق. واستطراداً فإنّه بات من الصعوبة بمكان ردم هذه الهوة، لا الآن ولا في المستقبل القريب. وبات إنفصال السويداء عن دمشق واقع حكماً بفعل غليان النفوس، وأياً تكن أشكال الحلول والصيغ التي ستُعتمد لاحقاً. وفي الوقت نفسه، أظهرت المشاهد البشعة للمجازر التي حصلت أمراً من اثنين: إما أنّ السلطة التي يترأسها الشرع لا تزال تنبض وفق عقيدة «جبهة النصرة»، وهو ما تستبعده واشنطن، أو أنّ الشرع ما زال عاجزاً عن الإمساك بكافة الفصائل المنضوية ولو صورياً تحت رايته، وهو ما ترجحه الأوساط الدولية. ومن هنا كانت الإندفاعة العاجلة لمنح سلطة دمشق دعماً إقتصادياً فورياً بهدف شحنها بمضادات حيوية هي بأمسّ الحاجة إليها لتعزيز قبضتها. كذلك باشرت تركيا بتسليم المجموعات الموالية كلياً للشرع بعض الأسلحة والمعدات، مثل ناقلات جند مدرعة من صناعة تركية. فأنقرة التي رأت في «الفخ» الإسرائيلي ضربة مباشرة لها ولنفوذها الجديد في المنطقة، إنتابتها الخشية من تمزق ورقة سوريا بين يديها. أضف إلى ذلك، أنّ أحداث السويداء ستدفع الأكراد لعدم تطبيق الإتفاق الداعي إلى تسليم أسلحة «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) وضمّها إلى مؤسسات الدولة السورية. وهنا الخطر بالنسبة إلى تركيا لا يتوقف عند خسارة الورقة السورية بل يتمدد ليصبح خطراً داخلياً لتركيا. لأجل ذلك كان مفهوماً طغيان ملف السويداء على جولة برّاك الثالثة. فعدا عن أنّ «حزب الله» حاز على حجة قوية إزاء ملف سلاحه، فإنّ السؤال الأبرز تركّز حول النيات الإسرائيلية والحركة التي باشرت فيها تل أبيب. وتروي أوساط ديبلوماسية أوروبية، أنّه وخلافاً لكل اللغط السائد في وسائل الإعلام، فإنّ إسرائيل ومن خلال قنوات تواصل جانبية، لا تبدو متحمسة لاتفاق تطبيع مع دمشق. هي تبحث عن أهداف أخرى طابعها أمني أكثر منه سياسي، ولهذا معناه العميق. فالدوائر الإسرائيلية المعنية بالدراسات ووضع التصورات والتي تبدو منغمسة في هذه المرحلة بالبحث في الأوراق التاريخية، وخصوصاً تلك المتعلقة بمرحلة ولادة خرائط سايكس ـ بيكو، إقترحت الذهاب إلى إعادة إحياء إتفاقية «حسن الجوار»، والتي تمّ توقيعها في العام 1926 بين فرنسا، التي كانت تنتدب سوريا، وبريطانيا التي كانت تنتدب فلسطين. فما بين عام 1920، أي ما بعد مؤتمر سان ريمو الذي كرّس ترسيم حدود المنطقة وعام 1923، تمّ إقرار سلسلة إتفاقيات بين الفرنسيين والبريطانيين حول سوريا وفلسطين، تمّ خلالها رسم الحدود بين البلدين. وتمّ لاحقاً تعديل هذه الحدود بما يتلاءم مع المطالب الصهيونية خصوصاً في الشمال الشرقي، حيث منابع نهر الأردن وبحيرة طبريا. وثُبتت هذه التعديلات في العام 1926 وضمّها إلى فلسطين لتصبح لاحقاً من نصيب إسرائيل. هكذا تخطّط إسرائيل للعقود اللاحقة. والإستنتاجات حول الخلفية الحقيقية لإسرائيل جراء طرحها لاتفاقية «حسن الجوار» وليس للتطبيع، تتراوح بين أمر من اثنين: إما أنّها لا تفكر ولا تعمل إلّا للمنطقة الأمنية العازلة في جنوب سوريا تمهيداً لتطويرها لاحقاً في اتجاه منطقة مستقلة، أو أنّها واثقة من أنّ سلطة الشرع في دمشق ضعيفة وغير ممسكة بالشارع، وبالتالي قد لا تستمر طويلاً، ما يجعل من مسألة الدخول في مشاريع ومستوجبات التطبيع بمثابة إضاعة للوقت. وطالما أنّ الصورة المطلوبة من لبنان قد لا تختلف كثيراً عن المشهد السوري من الزاوية الإسرائيلية، فعندها يمكن إيجاد التفسير الإسرائيلي الحقيقي لرؤية تل أبيب لواقع المنطقة الممتدة من الحدود وصولاً إلى نهر الليطاني. لكن لواشنطن رؤية مختلفة للمرحلة الراهنة. فهي لا تبدو في وارد الدخول في ورشة تعديل الحدود الجغرافية لدول المنطقة، ولكنها لا تمانع بالذهاب الى صيغ حكم جديدة تخفف من قبضة السلطة المركزية لمصلحة تعزيز السلطات المحلية للمناطق ولو بدرجات متفاوتة. من هنا طرح الإدارات المحلية، والتي أضحت أمراً واقعاً في السويداء. لكنها تحاذر جداً أن يتمدّد هذا الواقع إلى منطقة الساحل السوري، حيث لا تزال توجد فيها قواعد تدين بالولاء لآل الأسد، والذين ما زالوا يحتفظون بعلاقة مع إيران. أي عدم إفساح المجال أمام ثغرات تسمح بإعادة تعزيز نفوذ إيران. وفي الوقت نفسه سترتفع حفيظة تركيا بسبب الأكراد والساحل السوري، وأيضاً معارضة السعودية الشديدة لأي عبث بالسلطة الفتية الناشئة في دمشق. ووفق كل ما سبق، فإنّ المشهد اللبناني يصبح أكثر وضوحاً. فإسرائيل لا تبدو في وارد «المساومة» على الوضع في جنوب لبنان. ولهذا فهي تدفع في اتجاه «تهشيل» قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)، ويساعدها البعض في هذا الهدف من دون إدراكه أبعاد ما يفعل. وهي أيضاً تريد القضاء نهائياً على ما تبقى من نفوذ إيراني في لبنان، وهي في هذه النقطة تتقاطع مع الرؤية الأميركية. وهو ما يدفع إلى توقع أن تشهد الأسابيع والأشهر المقبلة تصعيداً في عملية الضغط المالي والإقتصادي على لبنان، وهو ما لخّصه برّاك بإحجام بلاده عن مدّ يد المساعدة للبنان. والأخطر إعادة رفع مستوى الحرب والإعتداءات على لبنان، طالما أنّ أبواب الحرب لم تقفلها إسرائيل، وهو ما يسمح لها برفع مستوى حربها الجوية إلى الحدّ الأقصى في اللحظة التي تراها ملائمة. ففي الكواليس يتردّد كثيراً موعد شهر تشرين الثاني المقبل. وهذا الموعد يتطابق مع ما قيل عن برنامج زمني حمله برّاك لإنهاء ملف سلاح «حزب الله»، والذي يبدأ مع مطلع آب ويمتد لثلاثة أشهر، أي نهاية شهر تشرين الأول المقبل. كما أنّ هذا البرنامج يتلاءم مع حسابات خليجية حول ضرورة حسم المعادلة اللبنانية الجديدة، وبحيث تحمل الإنتخابات النيابية المقبلة مجلساً نيابياً بتوازنات تتجانس مع التوازنات التي رست عليها السلطة في لبنان، وهو ما سيفتح الباب أمام حقبة لبنانية جديدة وعلى أنقاض الحقبة القديمة. وثمة مؤشر آخر لا بدّ من القراءة في خلفياته الدولية. فلقد كان من المقرر أن يعلن قاضي التحقيق في ملف إنفجار مرفأ بيروت طارق البيطار القرار الظني في الذكرى الخامسة للإنفجار. وكان تردّد أنّ بيطار أنجز كل الرواية حول شحنة النيترات منذ عملية شحنها وصولاً إلى لحظة الإنفجار الرهيب. وخلال الشهرين الماضيين وعدت إحدى الجهات الدولية بإرسال ملفات تقنية مفصلة لتدعيم ملف التحقيق، لكن هذا لم يحصل بعد وتحت أعذار شتى. ومنذ مدة قصيرة أبلغت هذه الجهة الدولية أنّه ولأسباب مختلفة ستتأخّر بعض الشيء في تسليم لبنان هذه الوثائق التقنية المهمّة. ولا شك في أنّ هذه الجهة الدولية تدرك جيداً بأنّها تسعى لتوقيت آخر لصدور هذا القرار، والذي سيشكّل مفصلاً أساسياً في مسار البلد، خصوصاً أنّ هنالك مذكرات توقيف ستواكب صدور القرار الظني. ما يدفع إلى الإستنتاج بأنّ التوقيت الذي تتحكّم فيه هذه الجهة الدولية، لا بدّ أنّه يخضع لحسابات أكبر وأوسع. مع الإشارة إلى أنّ التأخير هو لبضعة أسابيع أو لأشهر معدودة في أسوأ الحالات. في الخلاصة، فإنّ من الواضح أنّ رفض إسرائيل الذهاب إلى وقف نهائي لإطلاق النار إن في غزة أو لبنان، يعكس في وضوح قرارها باستمرار الحرب لتحقيق أهداف كبيرة لم تتحقق بعد. جوني منير - الجمهورية انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

خريف لبنان المكفهر
خريف لبنان المكفهر

الجمهورية

timeمنذ 4 أيام

  • سياسة
  • الجمهورية

خريف لبنان المكفهر

ووسط برنامج زيارة برّاك المزدحم في لبنان، كان واضحاً أنّ التطورات الدموية الطارئة في جنوب سوريا كانت ترخي بثقلها على لقاءاته. ولذلك حظي اجتماعه بالرئيس السابق للحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، بأهمية توازي الإجتماع الذي عقده مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري. ففي لقائه مع جنبلاط، تركّز الشق الأساسي من الحوار حول أحداث السويداء والخلفيات والأبعاد المستقبلية لها، فيما احتل الملف اللبناني مساحة عادية. وفي لقاءاته الأخرى تعمّد برّاك قطع الحديث فوراً عند التطرّق إلى مسألة الضمانات المطلوبة. وقيل إنّ برّاك كان يقطع الحديث بأسلوب جاف قائلاً: «ليس هنالك من ضمانات». وقد يكون جوابه المقتضب والحازم في آن معاً، بناءً على نصيحة فريق العمل الذي يواكبه: «إنتبه من الغرق في التفاصيل. وهو أسلوب يتقن البعض ممارسته». وقد يكون هذا الفريق رأى في جواب الرئيس بري تأكيداً لملاحظاته. في أي حال فإنّ تغريدات برّاك الثلاث الباريسية أعطت انطباعاً تشاؤمياً حول مسار الأمور، وجاءت نتائج زيارة رئيس الحكومة نواف سلام لباريس واجتماعه بالرئيس إيمانويل ماكرون لتعزز الصورة السلبية. فالإستنتاج الأميركي بات واضحاً بأنّ «حزب الله» لن يُقدم على تسليم سلاحه الثقيل، وأنّه يسعى فقط لكسب الوقت والرهان على تطورات ومفاجآت، علّمتنا الأحداث التاريخية أنّها قابلة للظهور في أي لحظة في الشرق الأوسط. وجاءت أحداث الجنوب السوري لتدعم موقف أصحاب هذا الرهان. وليس صحيحاً أبداً أنّ واشنطن فوجئت بالأهداف الإسرائيلية والتي ظهرت خلف دخان أحداث السويداء. فهي تعرف جيداً سعي إسرائيل لدفع الساحة السورية، وكذلك ساحات أخرى، إلى التفتيت والتقسيم. وكلام برّاك حول اتفاق سايكس ـ بيكو جديد، يُظهر في وضوح وجود تفاهم أميركي ـ إسرائيلي حول مستقبل المنطقة. لكن الخلاف هو حول البرنامج الزمني للوصول إلى هذا الواقع. ففيما تريده إسرائيل الآن وبسرعة، فإنّ واشنطن ترى وجوب سلوك مراحل متعددة. وحيث أنّ المرحلة الحالية تستوجب المحافظة على سلطة احمد الشرع لإنجاز أهداف عدة، أبرزها على الإطلاق إلقضاء على مكامن النفوذ الإيراني. فمن المبكر الدخول في فوضى ستمنح طهران فرصة لاستعادة حضورها. فإيران أثبتت قدرتها على تعزيز حضورها ونفوذها من خلال تطويع حال الفوضى لمصلحتها طوال العقود الماضية، في وقت كانت مكاسب خصومها تتحول خسائر لا بل كوارث. و»السخاء» الأميركي تجاه الشرع سببه الرهان على دوره في تصفية الحضور الإيراني، إضافة إلى تأمين الظروف المؤاتية لقطع الأوكسيجين التسليحي عن «حزب الله»، وربما أكثر. وكذلك بناء حائط صدّ منيع يفصل سوريا عن المناطق الشيعية في العراق. وفي اجتماع باكو عاصمة اذربيجان بين الوفدين السوري والإسرائيلي، تردّد أنّ دمشق طرحت هواجسها بسبب الوضع في جنوب سوريا، وأنّها متمسكة ببسط سلطتها على كافة الأراضي السورية. ووفق تسريبات ديبلوماسية، فإنّ الجواب الإسرائيلي جاء ملتبساً، وهو ما جعل الوفد السوري يعتقد بعدم وجود موانع حقيقية أمام استعادة الحضور الكامل لسلطة دمشق. وتعزز هذا الاقتناع مع توقف إسرائيل من دون أي حركة في أول ثلاثة أيام من احداث السويداء. ومن هذه الزاوية ثمة من يرى في مرونة الوفد الإسرائيلي في باكو فخاً وقع فيه الشرع، والهدف كان تأمين ظروف الفصل بين السويداء ودمشق، وهو ما تحقق بسبب حجم المجازر التي حصلت، والتي تركتها إسرائيل تحدث، بهدف توسيع الهوة بين الدروز، والمعروف عنهم أنّهم مجتمع ثأري، وبين نظام الحكم الديني في دمشق. واستطراداً فإنّه بات من الصعوبة بمكان ردم هذه الهوة، لا الآن ولا في المستقبل القريب. وبات إنفصال السويداء عن دمشق واقع حكماً بفعل غليان النفوس، وأياً تكن أشكال الحلول والصيغ التي ستُعتمد لاحقاً. وفي الوقت نفسه، أظهرت المشاهد البشعة للمجازر التي حصلت أمراً من اثنين: إما أنّ السلطة التي يترأسها الشرع لا تزال تنبض وفق عقيدة «جبهة النصرة»، وهو ما تستبعده واشنطن، أو أنّ الشرع ما زال عاجزاً عن الإمساك بكافة الفصائل المنضوية ولو صورياً تحت رايته، وهو ما ترجحه الأوساط الدولية. ومن هنا كانت الإندفاعة العاجلة لمنح سلطة دمشق دعماً إقتصادياً فورياً بهدف شحنها بمضادات حيوية هي بأمسّ الحاجة إليها لتعزيز قبضتها. كذلك باشرت تركيا بتسليم المجموعات الموالية كلياً للشرع بعض الأسلحة والمعدات، مثل ناقلات جند مدرعة من صناعة تركية. فأنقرة التي رأت في «الفخ» الإسرائيلي ضربة مباشرة لها ولنفوذها الجديد في المنطقة، إنتابتها الخشية من تمزق ورقة سوريا بين يديها. أضف إلى ذلك، أنّ أحداث السويداء ستدفع الأكراد لعدم تطبيق الإتفاق الداعي إلى تسليم أسلحة «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) وضمّها إلى مؤسسات الدولة السورية. وهنا الخطر بالنسبة إلى تركيا لا يتوقف عند خسارة الورقة السورية بل يتمدد ليصبح خطراً داخلياً لتركيا. لأجل ذلك كان مفهوماً طغيان ملف السويداء على جولة برّاك الثالثة. فعدا عن أنّ «حزب الله» حاز على حجة قوية إزاء ملف سلاحه، فإنّ السؤال الأبرز تركّز حول النيات الإسرائيلية والحركة التي باشرت فيها تل أبيب. وتروي أوساط ديبلوماسية أوروبية، أنّه وخلافاً لكل اللغط السائد في وسائل الإعلام، فإنّ إسرائيل ومن خلال قنوات تواصل جانبية، لا تبدو متحمسة لاتفاق تطبيع مع دمشق. هي تبحث عن أهداف أخرى طابعها أمني أكثر منه سياسي، ولهذا معناه العميق. فالدوائر الإسرائيلية المعنية بالدراسات ووضع التصورات والتي تبدو منغمسة في هذه المرحلة بالبحث في الأوراق التاريخية، وخصوصاً تلك المتعلقة بمرحلة ولادة خرائط سايكس ـ بيكو، إقترحت الذهاب إلى إعادة إحياء إتفاقية «حسن الجوار»، والتي تمّ توقيعها في العام 1926 بين فرنسا، التي كانت تنتدب سوريا، وبريطانيا التي كانت تنتدب فلسطين. فما بين عام 1920، أي ما بعد مؤتمر سان ريمو الذي كرّس ترسيم حدود المنطقة وعام 1923، تمّ إقرار سلسلة إتفاقيات بين الفرنسيين والبريطانيين حول سوريا وفلسطين، تمّ خلالها رسم الحدود بين البلدين. وتمّ لاحقاً تعديل هذه الحدود بما يتلاءم مع المطالب الصهيونية خصوصاً في الشمال الشرقي، حيث منابع نهر الأردن وبحيرة طبريا. وثُبتت هذه التعديلات في العام 1926 وضمّها إلى فلسطين لتصبح لاحقاً من نصيب إسرائيل. هكذا تخطّط إسرائيل للعقود اللاحقة. والإستنتاجات حول الخلفية الحقيقية لإسرائيل جراء طرحها لاتفاقية «حسن الجوار» وليس للتطبيع، تتراوح بين أمر من اثنين: إما أنّها لا تفكر ولا تعمل إلّا للمنطقة الأمنية العازلة في جنوب سوريا تمهيداً لتطويرها لاحقاً في اتجاه منطقة مستقلة، أو أنّها واثقة من أنّ سلطة الشرع في دمشق ضعيفة وغير ممسكة بالشارع، وبالتالي قد لا تستمر طويلاً، ما يجعل من مسألة الدخول في مشاريع ومستوجبات التطبيع بمثابة إضاعة للوقت. وطالما أنّ الصورة المطلوبة من لبنان قد لا تختلف كثيراً عن المشهد السوري من الزاوية الإسرائيلية، فعندها يمكن إيجاد التفسير الإسرائيلي الحقيقي لرؤية تل أبيب لواقع المنطقة الممتدة من الحدود وصولاً إلى نهر الليطاني. لكن لواشنطن رؤية مختلفة للمرحلة الراهنة. فهي لا تبدو في وارد الدخول في ورشة تعديل الحدود الجغرافية لدول المنطقة، ولكنها لا تمانع بالذهاب الى صيغ حكم جديدة تخفف من قبضة السلطة المركزية لمصلحة تعزيز السلطات المحلية للمناطق ولو بدرجات متفاوتة. من هنا طرح الإدارات المحلية، والتي أضحت أمراً واقعاً في السويداء. لكنها تحاذر جداً أن يتمدّد هذا الواقع إلى منطقة الساحل السوري، حيث لا تزال توجد فيها قواعد تدين بالولاء لآل الأسد، والذين ما زالوا يحتفظون بعلاقة مع إيران. أي عدم إفساح المجال أمام ثغرات تسمح بإعادة تعزيز نفوذ إيران. وفي الوقت نفسه سترتفع حفيظة تركيا بسبب الأكراد والساحل السوري، وأيضاً معارضة السعودية الشديدة لأي عبث بالسلطة الفتية الناشئة في دمشق. ووفق كل ما سبق، فإنّ المشهد اللبناني يصبح أكثر وضوحاً. فإسرائيل لا تبدو في وارد «المساومة» على الوضع في جنوب لبنان. ولهذا فهي تدفع في اتجاه «تهشيل» قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)، ويساعدها البعض في هذا الهدف من دون إدراكه أبعاد ما يفعل. وهي أيضاً تريد القضاء نهائياً على ما تبقى من نفوذ إيراني في لبنان، وهي في هذه النقطة تتقاطع مع الرؤية الأميركية. وهو ما يدفع إلى توقع أن تشهد الأسابيع والأشهر المقبلة تصعيداً في عملية الضغط المالي والإقتصادي على لبنان، وهو ما لخّصه برّاك بإحجام بلاده عن مدّ يد المساعدة للبنان. والأخطر إعادة رفع مستوى الحرب والإعتداءات على لبنان، طالما أنّ أبواب الحرب لم تقفلها إسرائيل، وهو ما يسمح لها برفع مستوى حربها الجوية إلى الحدّ الأقصى في اللحظة التي تراها ملائمة. ففي الكواليس يتردّد كثيراً موعد شهر تشرين الثاني المقبل. وهذا الموعد يتطابق مع ما قيل عن برنامج زمني حمله برّاك لإنهاء ملف سلاح «حزب الله»، والذي يبدأ مع مطلع آب ويمتد لثلاثة أشهر، أي نهاية شهر تشرين الأول المقبل. كما أنّ هذا البرنامج يتلاءم مع حسابات خليجية حول ضرورة حسم المعادلة اللبنانية الجديدة، وبحيث تحمل الإنتخابات النيابية المقبلة مجلساً نيابياً بتوازنات تتجانس مع التوازنات التي رست عليها السلطة في لبنان، وهو ما سيفتح الباب أمام حقبة لبنانية جديدة وعلى أنقاض الحقبة القديمة. وثمة مؤشر آخر لا بدّ من القراءة في خلفياته الدولية. فلقد كان من المقرر أن يعلن قاضي التحقيق في ملف إنفجار مرفأ بيروت طارق البيطار القرار الظني في الذكرى الخامسة للإنفجار. وكان تردّد أنّ بيطار أنجز كل الرواية حول شحنة النيترات منذ عملية شحنها وصولاً إلى لحظة الإنفجار الرهيب. وخلال الشهرين الماضيين وعدت إحدى الجهات الدولية بإرسال ملفات تقنية مفصلة لتدعيم ملف التحقيق، لكن هذا لم يحصل بعد وتحت أعذار شتى. ومنذ مدة قصيرة أبلغت هذه الجهة الدولية أنّه ولأسباب مختلفة ستتأخّر بعض الشيء في تسليم لبنان هذه الوثائق التقنية المهمّة. ولا شك في أنّ هذه الجهة الدولية تدرك جيداً بأنّها تسعى لتوقيت آخر لصدور هذا القرار، والذي سيشكّل مفصلاً أساسياً في مسار البلد، خصوصاً أنّ هنالك مذكرات توقيف ستواكب صدور القرار الظني. ما يدفع إلى الإستنتاج بأنّ التوقيت الذي تتحكّم فيه هذه الجهة الدولية، لا بدّ أنّه يخضع لحسابات أكبر وأوسع. مع الإشارة إلى أنّ التأخير هو لبضعة أسابيع أو لأشهر معدودة في أسوأ الحالات. في الخلاصة، فإنّ من الواضح أنّ رفض إسرائيل الذهاب إلى وقف نهائي لإطلاق النار إن في غزة أو لبنان، يعكس في وضوح قرارها باستمرار الحرب لتحقيق أهداف كبيرة لم تتحقق بعد.

ماكرون وخفايا الإعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية!ميشال كلاغاصي
ماكرون وخفايا الإعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية!ميشال كلاغاصي

ساحة التحرير

timeمنذ 5 أيام

  • سياسة
  • ساحة التحرير

ماكرون وخفايا الإعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية!ميشال كلاغاصي

ماكرون وخفايا الإعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية! م. ميشال كلاغاصي يدرك الرئيس ايمانويل ماكرون أن المشاريع الكبرى, كمشروع الشرق الأوسط الجديد, هي أحداث تاريخية مفصلية قد لا تتكرر, وأقله تدوم مفاعيلها ونتائجها وتستمر لعقود وربما لقرون, كما يدرك أنه سليل فرنسا الطرف الرئيسي في اتفاقية سايكس – بيكو, التي تخضع اليوم لمبضع الجراح الأمريكي – الإسرائيلي, على حساب كافة القوى الدولية, ومن بينها فرنسا, وإحالة دورها إلى التقاعد, ومنع مشاركتها برسم خرائط المشروع الجديد. ناهيك عن إدراكه حجم الضلال والنفاق الذي إعتمده مستغلاً وجوده في الإليزيه لأجل مصالحه الخاصة ولأجل غطرسته, وبأنه أخذ فرنسا بعيداً عن شعارات الثورة الفرنسية والجمهوريات المتعاقبة, بعد أن ساق بلاده بغباء نحو فخاخ التبعية الأمريكية, ونحو خسارة فرنسا مقعدها الدولي السابق في قيادة العالم, وفقد بمرور الوقت كل أمل في التعويض, أو بتغيير المقعد الممنوح لفرنسا كدولة تابعة, بالإضافة إلى ضئالة الوقت المتبقي لمغادرته الإليزيه في 25 أيار/2027. أمورٌ بمجملها قادته نحو استغلال إنغماسه في التبعية لمحاربة روسيا, على أمل تحقيق شيء من الإنتصار في حال خسارتها وهزيمتها, لكن الإفلاس أصاب فرنسا وأنهك خزينتها وإقتصادها وأفقر شعبها, وبات ماكرون يسابق الزمن برفع سن التقاعد, وزيادة ساعات العمل, وإلغائه مؤخراً يومين من أيام العطل الرسمية, وتجميد رواتب ومزايا المتقاعدين, بهدف زيادة الإنفاق الدفاعي الفرنسي وشراء الأسلحة الأمريكية لصالح الناتو ودعم سلطات كييف المترنحة سياسياً وميدانياً, وتقترب شيئاً فشيئاً من إعلان الإستسلام, وبات يخشى إقالته شعبياً في شوارع باريس والمدن الكبرى من خلال التظاهرات الشعبية الغاضبة التي سبق واختبر بعضها . وراح يبحث عن مسالك اّخرى تُفيد إخماد غضبه وفشله وهزيمته, ووجد ضالته بتحفيز الأوروبيين وتجنيدهم في معسكرٍ أوروبي تحت عناوين 'الأمن الأوروبي' , 'الجيش الأوروبي', 'السيادة واستقلال القرار الأوروبي', بهدف الإنتقام من الولايات المتحدة أيضاً, وعرقلة مصالحها وخطط الرئيس ترامب الذي أعلن رغبته بإعادة أمريكا 'لتكون عظيمة مجدداً'. رغبته بالإنتقام, دفعته نحو إعلان عزم بلاده على الإعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول القادم, وتحفيز الأوروبيين الذين لم يفعلوها من قبل, رغم إدراكه المسبق لحجم الغضب الأمريكي والإسرائيلي من هكذا إعتراف, بتوقيتٍ حساس سيلحق الضرر بإدارة ترامب, وسيؤثر بشدة على مشروع الشرق الأوسط الجديد , خصوصاً وأنه قيد التنفيذ الحالي على الأرض. لم يخف ماكرون مباهاته بقراره , وبأن تكون فرنسا أول دول مجموعة السبع الكبرى التي تتخذ هذه الخطوة', في وقتٍ سارعت فيه الولايات المتحدة للتعبير عن استيائها وإنتقادها الشديدين لما أعلنته فرنسا, ولم يتوان الرئيس ترامب عن صفعه مجدداً, والتقليل من أهمية كلامه وبأن: 'كلامه لا وزن له ولن يغير شيئاً'…. من السذاجة بمكان الإعتماد على صحوة ماكرون, وعلى إنسانيته, ومناصرته المفاجئة للقضية الفلسطينية والفلسطينيين, وهو الذي لم يتوقف – منذ بداية عملية طوفان الأقصى -, عن دعمه وتأييده لـ 'حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها', ولم يُنصف المناضل الكبير جورج عبد الله بعفوٍ رئاسي واستمر بسجنه 41 عاماً حتى لحظة خروجه يوم أمس, علماً أنه المعروف بروحه النضالية وبدفاعه المستميت عن المقاومة والقضية الفلسطينية, بالإضافة إلى عدم إنصات ماكرون لأصوات العديد من نوابه, وبعض الأحزاب والهيئات والجمعيات الفرنسية والشعب الفرنسي, المؤيدة لوقف الإبادة الجماعية, والتهجير القسري, والتجويع القاتل الوحشي الذي يتعرض له الفلسطينيون في غزة. من الواضح, أنه يسعى إلى استفزاز الإدارة الأمريكية والرئيس ترامب من جهة, وتل أبيب من جهةٍ أخرى, على أمل حصوله على أي مكاسب إضافية تعينه في الداخل الفرنسي, وبإمكانية نجاحه ورفع مستوى تكليفه بالأدوار الدولية, على غرار منحه فرصة استقبال مظلوم عبدي زعيم قوات سورية الديمقراطية, ورعاية لقائه بالمسؤولين السوريين في الحكومة الجديدة, كذلك لقاء المسؤولين السوريين والإسرائيليين والمبعوث الأمريكي توماس براك على أرض فرنسا. لا يمكن تصور تخلى ماكرون عن أطماعه في الشرق الأوسط, وسواحل البحر الأبيض المتوسط, وعينه على استخراج الغاز المُكتشف, وهو الذي يحمل أوراق اعتماد الشركات الفرنسية المتخصصة كـ 'توتال إنرجي' على عاتقه الشخصي, كي يضمن عدم خروجه من الإليزيه خاوي الوفاض, وبفرصة التدوين على صفحاته الأخيرة, بأنه سيغادر كالأبطال وليس كالجبناء. م. ميشال كلاغاصي // 26/7/2025

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store