logo
#

أحدث الأخبار مع #سوث24

تقرير : العملية التعليمية على مفترق طرق خطير
تقرير : العملية التعليمية على مفترق طرق خطير

اليمن الآن

time١٨-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • اليمن الآن

تقرير : العملية التعليمية على مفترق طرق خطير

جنوب اليمن بلا تعليم : عام دراسي مشلول ولا حلول في الأفق امتحانات بدون مناهج، رواتب فقدت 90% من قيمتها، حكومة عاجزة، وجيل كامل مُهدد بالأمية. في مطلع ديسمبر الماضي 2024، أعلنت نقابة المعلمين الجنوبيين بدء إضراب شامل، بعد توقف الحكومة اليمنية عن صرف الرواتب لمدة شهرين متتاليين. القرار، الذي وصفته النقابة آنذاك بأنه "إجراء اضطراري"، أدى إلى شلل تام في العملية التعليمية في مدارس العاصمة عدن وعدد من المحافظات المجاورة. غادر الطلاب مقاعد الدراسة للعام الدراسي 2024-2025 في وقت مبكر، دون أن يتمكنوا من إنجاز حتى ربع المنهج المقرر. ويُعد هذا الإضراب امتدادًا لسلسلة احتجاجات سابقة نفذها المعلمون خلال السنوات الماضية. السبب الرئيس لهذه الإضرابات هو الانخفاض الحاد في قيمة رواتب المعلمين التي تدفع بالريال اليمني بالتزامن مع الانخفاض التاريخي لقيمة الريال أمام العملات الأجنبية [1 دولار = 2550]، مما جعل مرتبات المعلمين بين 30 – 50 دولار شهريًا، أقل بنحو 900% مما كانت عليه قبل عام 2015. لكن الأزمة لم تتوقف عند المدارس الحكومية، بل امتدت تداعياتها إلى الجامعات في محافظات عدن وأبين ولحج وشبوة، حيث أعلنت نقابات أعضاء هيئة التدريس في يناير الماضي بدء إضراب شامل للمطالبة بتسوية مستحقاتهم المالية والإدارية. وبهذا، دخل قطاع التعليم العام والجامعي في الجنوب جنوب اليمن مرحلة من الجمود الكامل، وسط غياب أي معالجات جذرية من الجهات المعنية. شمل الإضراب جميع مدارس العاصمة عدن دون استثناء، بينما طُبّق بشكل متقطع في مدارس محافظات لحج وأبين وشبوة وحضرموت، في حين لم يشمل محافظة المهرة بشكل كامل. الاضراب مستمر حتى تحقيق المطالب قال عبدالله القميري، رئيس نقابة المعلمين الجنوبيين، لمركز سوث24 إن "الإضراب مستمر حتى تنفذ الحكومة كافة المطالب المشروعة للمعلمين. هذا التحرك ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لجهود مستمرة منذ عام 2013." وأضاف القميري أن النقابة خاطبت مرارًا وتكرارًا جميع رؤساء الحكومات المتعاقبة، دون أن تلقى أي تجاوب حقيقي، معتبرًا أن هذا التجاهل يعكس رغبة في "تجهيل الأجيال"، على حد وصفه. وشدد على أن "الإضراب حق مشروع للمعلمين"، مشددًا في الوقت ذاته على أن النقابة ليست تابعة لأي جهة سياسية كما يروّج البعض، بل هي كيان مستقل هدفه الدفاع عن حقوق المعلمين ورفع مستوى التحصيل العلمي. هذا الخطاب الصارم في الاستقلالية أكده أيضًا المتحدث الرسمي لنقابتي هيئة التدريس والتوظيف في جامعات عدن ولحج وأبين وشبوة، بلعيد صالح، الذي أشار إلى وجود تنسيق مشترك بين نقابته ونقابة المعلمين الجنوبيين، أفضى إلى تشكيل لجنة تصعيد موحدة. وقال لمركز سوث24: "المعاناة واحدة والمطالب مشترك. نحن نعمل بشكل متكامل على تنظيم الأنشطة والفعاليات التي توحّد الصوت النقابي وتعزز الضغط المؤسسي والإعلامي على الجهات المعنية". إضراب الجامعات التحقت الجامعات الحكومية بالمدارس في عملية الاضراب مع إعلان نقابات هيئة التدريس في جامعات عدن، لحج، أبين، وشبوة دخولها في إضراب شامل اعتبارًا من يناير 2025. القرار جاء بعد سنوات من التدهور الاقتصادي الذي نال من مكانة الأستاذ الجامعي، وأفقده القدرة على أداء مهامه التعليمية والبحثية. بلعيد صالح، المتحدث الرسمي، أكد أن القرار "لم يكن خيارًا سهلًا ولا خطوة عابرة، بل جاء كنتيجة حتمية لمعاناة متفاقمة تجاوزت حدود الاحتمال الإنساني". وأضاف: "هذا القرار مؤلم ومفروض بعد سنوات من التدهور الاقتصادي والإهمال الحكومي المريب، الذي أدى إلى تآكل الرواتب بشكل صادم، حيث لم يتبقَ من الراتب الفعلي سوى 9%، بينما ذهب 91% منه ضحية انهيار العملة وفقدان قيمتها الشرائية." هذا الوضع المعيشي المأساوي عبّرت عنه كذلك د. أشجان الفضلي، رئيسة قسم معلم اجتماعيات في كلية التربية بجامعة عدن، التي قالت إن الأستاذ الجامعي لم يعد قادرًا على تلبية احتياجات أسرته أو الاستمرار في عمله كما ينبغي. وأضافت لمركز سوث24: "كان الأستاذ المساعد في الجامعة يتقاضى قبل الحرب راتبًا يقارب 2000 دولار، أما اليوم فلا يتجاوز راتبه 100 دولار فقط. هذا التدهور انعكس بشكل مباشر على قدرة الأكاديمي في أداء مهامه العلمية". وأشارت الفضلي إلى أن الأستاذ الجامعي "لم يعد يمتلك الإمكانيات اللازمة للوصول إلى الكلية بانتظام أو الاستمرار في إجراء ونشر البحوث العلمية، في ظل غياب الدعم المالي المطلوب. لكل أكاديمي التزامات أسرية، ويواجه صعوبات كبيرة في تلبية احتياجات أسرته." وأضحت أن الأكاديميين يقفون اليوم أمام خيارين كلاهما مر: "الإصرار على المطالبة بحقوقهم، أو القلق من ضياع الفرصة التعليمية على الطلاب، خاصة أولئك في المستويات الأخيرة من الدراسة، والذين قد يتأخر تخرجهم لعام كامل بسبب توقف الدراسة." ورغم سريان الإضراب في بعض كليات عدن ولحج وأبين، لم تلتزم به كل الكليات بشكل موحّد. فقد استمرت كليات الحقوق والهندسة والاقتصاد في جامعة عدن في الإضراب كلياً، بينما شهدت كليات أخرى التزاماً جزئياً أو عادت إلى العمل، في حين لم تشارك كليات مثل اللغات والصيدلة منذ البداية، بدافع الحاجة المالية ونظرًا لاستفادتها من رسوم عالية بالدولار الأمريكي على طلاب الموازي والنفقة الخاصة، وهو ما أضعف وحدة الضغط النقابي. وأكد بلعيد صالح أن جامعة لحج كانت الأكثر التزامًا بالإضراب، بينما شهدت جامعة أبين تراجعاً كبيراً، مع خروج أربع كليات عن الإضراب، إضافة إلى عدم تطبيقه في جامعة شبوة. مضيفًا: "كسر الإضراب في بعض كليات العاصمة كان بدافع الحاجة للإيرادات، وقد تم استقطاب المعيدين للتدريس بعد العيد في الكليات التي كسرت الإضراب." على الطرف الآخر من الأزمة، برز موقف طلابي معارض للإضراب، عبّر عنه رئيس اتحاد طلاب جامعة عدن، يحيى الطبقي، الذي أبدى قلقه من استمرار تعطيل الدراسة. وقال الطبقي لمركز سوث24: "نتفهم مشروعية مطالب النقابة في ظل التدهور الاقتصادي، لكن الطلاب يدفعون ثمن هذه الإضرابات المتكررة، خاصة أن إضرابين سابقين لا تزال تداعياتهما تؤثر على المسار الأكاديمي." وأشار الطبقي إلى أن غياب معالجات حقيقية من قبل الجهات الرسمية فاقم من آثار الإضراب: "لا توجد إجراءات تحد من الأضرار، خصوصًا في ما يتعلق بالمستوى التعليمي وتراكم المقررات." ورغم التوقعات بأن التعليم الجامعي كانت من المفترض أن يستأنف عقب إجازة عيد الفطر [أبريل]، فوجئ الطلاب بتمديد الإضراب دون سقف زمني. ويقول الطبقي إن هذا الواقع جعل جامعة عدن تتحمّل العبء الأكبر، مقارنة بجامعات المحافظات المجاورة. ووجه الطبقي دعوته: "ندعو مجلس القيادة الرئاسي ومجلس الوزراء إلى سرعة التدخل لإنقاذ ما تبقى من مستقبل الطلاب. كما نطالب النقابة بتعليق الإضراب والبحث عن أدوات نضال بديلة لا تجعل من الطلاب ضحية لصراع ليسوا طرفًا فيه." حكومة غائبة وحلول مؤجلة رغم اتساع رقعة الإضراب وتوقف العملية التعليمية على نحو شبه كلي في مناطق الجنوب، لم تنجح الحكومة في احتواء الأزمة أو طرح حلول عملية تضمن الحد الأدنى من الاستقرار للمعلمين والأكاديميين. وتفاوتت التصريحات الرسمية بين التبرير والوعود غير المقرونة بإجراءات ملموسة. نائب وزير التربية والتعليم، الدكتور علي بن علي العباب، أقر في حديثه لمركز سوث24 بخطورة الوضع القائم، مشيرًا إلى أن الحرب في اليمن تسببت في أزمة تعليمية حادة. ولفت العباب إلى أن توقف تصدير النفط وتدهور الاقتصاد انعكسا سلبًا على التعليم، وأدّيا إلى انقطاع رواتب المعلمين ونقص شديد في موازنات تشغيل القطاع. وأضاف: "الكتب الدراسية وحدها تتطلب 28 مليار ريال، لكن المتوفر لا يتجاوز 2 مليار فقط." وفي محاولة لطمأنة المعلمين، كشف الدكتور العباب عن لقاء جمع وزير التربية والتعليم طارق العكبري برئيس الوزراء السابق أحمد بن مبارك وعدد من الوزراء، تم خلاله الاتفاق على عدة إجراءات. وكشف أن الاتفاق "تضمّن إنشاء صندوق دعم التعليم، وصرف رواتب المعلمين شهريًا، وتسوية المستحقات المالية المتأخرة ابتداءً من يناير 2025 الماضي، والعمل على إصدار الفتاوى اللازمة من قبل وزارة الخدمة المدنية." لكنه اعترف في الوقت ذاته أن هذه الأوضاع ألقت بظلالها الثقيلة على جودة العملية التعليمية، مؤكدًا أن الوزارة تحاول قدر الإمكان تحسين المخرجات رغم التحديات الهائلة. من جهته، قال وكيل محافظ عدن لقطاع التعليم، محمد لملس، إن السلطات المحلية وقيادة الوزارة لم تقفا مكتوفتَي الأيدي، بل تواصلتا بشكل مباشر مع نقابة المعلمين وممثليهم، وعبر الإعلام التربوي ومنصات الوزارة الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي. مضيفًا: "بادرنا بصرف حوافز مالية للمعلمين لتخفيف معاناتهم، وسعينا بالتنسيق مع وزارتي الخدمة المدنية والمالية إلى إطلاق العلاوات السنوية المتأخرة، وإنجاز التسويات، وصرف المستحقات المالية المرتبطة." وأكد لملس أن السلطة المحلية تقف إلى جانب المطالب المشروعة للمعلمين، لكنه في الوقت نفسه ناشدهم مراعاة حق الطلاب في التعليم، باعتبارهم مستقبل البلاد. وقال: "ندعو المعلمين إلى مراعاة حق التلاميذ والطلاب في تلقي العلم والمعرفة تحت أي ظرف. كما نحث أولياء الأمور على دفع أبنائهم للالتحاق بالمدارس، ودعم العملية التعليمية من خلال المشاركة الفاعلة في مجالس الآباء والأمهات." لكن النقابات التدريسية لم تعد تثق بهذه الوعود والرسائل من السلطات. رئيس نقابة المعلمين الجنوبيين، عبدالله القميري، قال إن "هذه الحلول الترقيعية التي يتحدث عنها المسؤولون لا تُغني ولا تُسمن من جوع. هي مرفوضة ما لم تتضمن كافة المطالب التي وضعتها النقابة." ورأى المتحدث الرسمي باسم نقابة الجامعات، بلعيد صالح، أن غياب التفاعل الحكومي يعبّر عن موقف غير مبالٍ، إن لم يكن مريبًا. "هذا الصمت يوحي بوجود توجه غير معلن لتدمير التعليم وإقصاء المعلم والأكاديمي من أي مستقبل تنموي أو حضاري." وفي ظل هذا الجمود، قررت السلطات التعليمية، رغم الإضراب، المضي قدمًا في تنفيذ الامتحانات الوزارية الانتقالية. ففي الرابع من مايو، توجه الطلاب والطالبات في العاصمة عدن وباقي المحافظات لأداء الامتحانات رغم أن أغلبهم لم يستكمل المنهج الدراسي المقرر. وفي تصريح لمركز سوث24 قالت بسمة محمد، مديرة المدرسة النموذجية للبنات في مديرية المنصورة: "استُؤنفت العملية التعليمية في مارس، وتمكن المعلمون والمعلمات في المرحلة الأخيرة من الثانوية العامة من استكمال منهج الفصل الدراسي الأول، بالإضافة إلى نحو 10% فقط من منهج الفصل الثاني." ماهي الحلول؟ أكد وكيل قطاع التعليم بعدن، د. محمد لملس، أن معالجة الفاقد التعليمي تُعد أحد التحديات الكبرى التي تواجه وزارة التر بية والتعليم حاليًا. مضيفًا: "الوزارة تسعى إلى تعويض الطلاب عن الوحدات الدراسية التي لم يتمكنوا من دراستها، وذلك بربطها بالمناهج الدراسية للعام الدراسي القادم." كما دعا الحكومة إلى إعادة النظر في سياساتها تجاه قطاع التعليم، مشددًا على ضرورة منح المعلم امتيازات تضمن له حياة كريمة. وتابع: "نطالب بوضع هيكل خاص للأجور والمرتبات يضمن للمعلم حياة كريمة تؤهله للعطاء بصدق وأمانة، مع ضمان صرف الرواتب بشكل منتظم، وفتح باب التعيينات الجديدة سنويًا، إضافة إلى منحه امتيازات خاصة تشمل الضمان الصحي وتحسين أوضاعه الاجتماعية والمهنية." من جانبه، قال د. العباب إن وزارة التربية والتعليم، رغم ضعف إمكانياتها المالية، تواصل السعي لتنفيذ خططها من خلال التعاون مع الجهات الدولية. "نحاول جاهدين تنفيذ خططنا بالتعاون مع المنظمات الدولية مثل اليونيسيف، واليونسكو، والبنك الدولي، ومجموعة الشراكة العالمية، وغيرها، لتنفيذ مشاريع تتعلق ببناء المدارس، وتوفير الحوافز، وتدريب الكوادر التعليمية، وإنشاء أنظمة معلوماتية حديثة." لكنه أكد أن تنفيذ هذه الاستراتيجية يتطلب دعمًا ماليًا كبيرًا واعتماد موازنات خاصة، وهو ما لم يتحقق حتى الآن. وسط هذا الواقع المعقد، تبدو العملية التعليمية في جنوب اليمن على مفترق طرق خطير. فالمدارس والجامعات التي كانت تمثل بارقة أمل لجيل يتوق إلى التغيير، أصبحت اليوم عنوانًا لأزمة مزمنة، تطحن فيها المطالب المشروعة للمعلمين، وتتقاطع مع عجز حكومي واضح، فيما يدفع الطلاب الثمن الأكبر من مستقبلهم. ريم الفضلي صحفية بمركز سوث24 للأخبار والدراسات

تحقيق استقصائي يكشف تورط شركات نفطية في نشر التلوث البيئي والصحي بحضرموت
تحقيق استقصائي يكشف تورط شركات نفطية في نشر التلوث البيئي والصحي بحضرموت

اليمن الآن

time١٨-٠٥-٢٠٢٥

  • صحة
  • اليمن الآن

تحقيق استقصائي يكشف تورط شركات نفطية في نشر التلوث البيئي والصحي بحضرموت

وأظهر التحقيق، الذي حمل عنوان (ندوب السرطان على خارطة الامتيازات: إرث شركات النفط في حضرموت)، والذي أُنجز على مدى ستة أشهر بين نوفمبر 2024 وأبريل 2025، وجود مؤشرات واضحة على ارتباط مباشر بين أنشطة الاستخراج النفطي وتدهور الأوضاع البيئية، وارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان، وأمراض الجهاز التنفسي والكلى، في عدد من مديريات الامتياز النفطي في حضرموت. واعتمد التحقيق على وثائق طبية، تقارير ميدانية، دراسات أكاديمية، وشهادات مهندسين متخصصين، وأشار إلى أن عمليات الحفر في حقل المسيلة – وهو أكبر حقل نفطي في البلاد – اعتمدت على تقنيات قديمة مثل الحفر الرأسي والحقن الحمضي، دون تنفيذ أنظمة معالجة أو احتواء فعّالة للمخلفات. وأظهرت البيانات أن شركة Nexen، قبل مغادرتها اليمن، استخدمت كميات كبيرة من الأحماض في عمليات تعزيز الإنتاج، ما أدى إلى تدمير بعض الآبار وتسرّب المواد إلى البيئة المحيطة. كما كشف التحقيق عن تصريف المياه المصاحبة والنفايات النفطية والكيماوية بشكل مباشر في التربة والمجاري المائية، دون أن يتم تجهيز مواقع آمنة لعزل هذه المخلفات. وأفاد التحقيق أن استخدام الحقول لمواد كيميائية مثل سوائل الحفر وكربونات الكالسيوم ومواد التشحيم، وتخلصها منها بطرق غير آمنة، أدى إلى تسرّب هذه المواد على أعماق تتراوح بين 40 و60 مترًا، وتسبب في تلوث المياه الجوفية، وظهور تغيرات واضحة في الخصائص الفيزيائية والكيميائية للمياه المستخدمة من قبل السكان المحليين. كما رُصدت انبعاثات خطرة من غازات الميثان، الإيثان، كبريت الهيدروجين، ومركبات BTX العطرية، التي تُعد من العوامل المسببة للسرطانات، في ظل غياب أي منظومة لمعالجة الانبعاثات أو رصدها. وأظهرت البيانات الرسمية التي حصل عليها مركز سوث24 من المركز الوطني لعلاج الأورام في وادي حضرموت والصحراء تصاعدًا مستمرًا في حالات السرطان خلال الفترة بين 2013 و2021. وتشير تقديرات أطباء تحدثوا ضمن التحقيق إلى أن الأرقام الفعلية أكبر بكثير من المعلن، بسبب غياب الفحص المبكر، وعدم توثيق الحالات التي تتلقى العلاج خارج المحافظة، أو تلك التي يتوفى أصحابها قبل الوصول إلى مراكز العلاج. روغم مغادرة عدد من الشركات الأجنبية البلاد بعد عام 2015، وعلى رأسها Total، Calvalley، DNO وOMV، إلا أن التحقيق لم يستبعد استمرار الممارسات ذاتها مع شركة بترومسيلة، التي تولت تشغيل أبرز القطاعات بعد عام 2011، بما فيها الكتلة 14 (المسيلة)، والكتل 10 و51 و53. وتشير الشهادات إلى أن الشركة الوطنية، رغم سيطرتها الكاملة على الإنتاج، لم تطور البنية البيئية للمنشآت، ولم تتخذ إجراءات جذرية لمعالجة النفايات أو إنشاء وحدات متخصصة لرصد التلوث ومعالجته. كما يفتقر عملها إلى شفافية البيانات البيئية أو نشر تقارير دورية توضح حجم الانبعاثات وتأثيراتها، مما يعمّق فجوة الثقة مع المجتمع المحلي. وفي سياق التحقيق، وجّه مركز سوث24 استفسارات رسمية إلى عدد من الجهات الحكومية، من بينها وزارة النفط والمعادن، وزارة الصحة العامة والسكان، الهيئة العامة لحماية البيئة، الهيئة العامة للاستكشاف والإنتاج، شركة بترومسيلة، ومحافظ حضرموت، تتعلق بمسؤولية كل جهة عن مراقبة التلوث، وسبل المعالجة، ومدى التزام الشركات بالمعايير البيئية. كما تواصل المركز بشكل مباشر مع شركات Nexen، DNO، وTotal، للحصول على ردود رسمية بشأن ما ورد في التحقيق، لكن لم يتم تلقي أي ردود حتى موعد النشر. ويخلص التحقيق إلى أن غياب الشفافية، وتداخل الصلاحيات، وافتقار الهيئات الرقابية للقدرة التنفيذية، ساهمت في تفاقم الأثر البيئي والصحي لأنشطة الشركات النفطية في حضرموت. كما أظهر التحقيق أن السكان المحليين يواجهون مصيرًا غير عادل، في ظل استمرار الإنتاج وتراكم الأرباح، دون أي التزامات حقيقية من قبل الجهات المشغلة أو الحكومة اليمنية تجاه تعويض المتضررين، أو الحد من الانبعاثات، أو معالجة التلوث المزمن الذي بات يهدد المياه والتربة والغذاء، ويقوّض مستقبل الأجيال في هذه المناطق الغنية بالنفط والمهملة في الخدمات والعدالة البيئية.

ندوب السرطان على خارطة الامتيازات : إرث شركات النفط في حضرموت
ندوب السرطان على خارطة الامتيازات : إرث شركات النفط في حضرموت

اليمن الآن

time١٦-٠٥-٢٠٢٥

  • صحة
  • اليمن الآن

ندوب السرطان على خارطة الامتيازات : إرث شركات النفط في حضرموت

تحقيق استقصائي (عبد الله الشادلي - مركز سوث24) كيف حوّلت شركات النفط مناطق الامتياز بمحافظة #حضرموت إلى بؤر أورام. 📍 شهادات عائلات 📍 وثائق طبية 📍 إفادات خبراء ومختصين 📍 صور حصرية في إحدى القرى الواقعة ضمن مديرية ساه بمحافظة حضرموت، كانت الطفلة ليلى تمضي أيامها في اللعب حول المزارع القريبة، حيث كانت العائلة تعتمد في ريّ أرضها وشربها على بئر ماء لا تبعد كثيرًا عن مواقع الشركات النفطية العاملة في المنطقة. لم تكن العائلة، مثل غيرها من العائلات القروية، تملك وعيًا بيئيًا يسمح لها بطرح تساؤلات حول ما قد تحمله تلك المياه من مخاطر. كل ما كان يعنيهم هو أنها وفيرة، متاحة، وطعمها لا يوحي بأي خطر. لكن ذات صباح من أواخر سبتمبر 2024، سقطت ليلى مغشيًا عليها. دخلت في غيبوبة لم يعرف أحد تفسيرًا لها. وبعد سلسلة من الفحوصات، جاء التشخيص الطبي الصادم: سرطان حاد في الدم. الحاجة إلى علاج عاجل خارج البلاد كانت واضحة، لكن الأسرة لم تكن تملك لا الوسائل ولا الوقت. لم يكن ذلك سوى بداية مأساة ما تزال فصولها تتكرر في مناطق الامتياز النفطي بمحافظة حضرموت، حيث تتقاطع مأساة السكان مع نتائج غير منظورة لأنشطة استخراج النفط. في حديثه لمركز سوث24، قال سالم، شقيق ليلى: "كنا نشرب من البئر نفسها التي نشرب منها منذ سنين. لم يكن أحد من الجهات المعنية، لا الدولة ولا الشركات، قد أخبرنا بأن تلك المياه قد تكون ملوثة أو أن القرب من المنشآت النفطية قد يعني التعرض لخطر الموت البطيء." المسألة لم تعد مقتصرة على حالة فردية، بل باتت تأخذ شكلًا ممنهجًا. حالات مشابهة لليلى تظهر في مديريات أخرى كغيل بن يمين والضليعة، حيث تُسجل إصابات بأنواع مختلفة من السرطان لدى أطفال ونساء ورجال من مختلف الأعمار. في الوقت ذاته، لا توجد بنية صحية قادرة على الاستيعاب، ولا تدخلات طبية وقائية، ولا رقابة بيئية تواكب حجم النشاط النفطي. كل ذلك يعزز سؤالًا مركزيًا بات مطروحًا بإلحاح: هل تسببت عمليات استخراج النفط في حضرموت، عبر ما تنتجه من تلوث مائي وهوائي وتربة ملوثة، في تحويل هذه المناطق إلى بؤر صحية مهددة؟ خلفية عامة تحتل محافظة حضرموت موقعًا محوريًا في خريطة إنتاج النفط في جنوب اليمن، إذ تحتضن أكبر الحقول النفطية في البلاد ضمن ما يُعرف بـ حوض المسيلة الرسوبي، الذي يمتد في الجزء الشرقي من حضرموت. هذا الحوض يُعد من أغنى الأحواض الجيولوجية بالهيدروكربونات في البلاد، ويغطي جغرافيًا نطاقًا واسعًا يشمل عدة مديريات، أبرزها: غيل بن يمين، رُخية، الديس الشرقية، الشحر، ووادي العين، ويتداخل جزئيًا مع مديريات مثل تريم وساه. وتضم هذه المناطق الامتيازات التشغيلية المعروفة باسم الكتل الإنتاجية، مثل بلوك 14 (المسيلة)، بلوك 32 (هواريم)، بلوك 51 (شرق الحجر)، وبلوك 53 (شريوف). بدأ الاكتشاف النفطي الحقيقي في المسيلة عام 1991 على يد شركة Nexen الكندية، وشهد الحقل إنتاجه الأول عام 1993 عبر خط أنابيب يمتد نحو 138 كم إلى محطة الشحر (الضبة)، وهو المنفذ الرئيسي لتصدير النفط الخام من حضرموت إلى الأسواق العالمية. خلال ذروة نشاطه في أوائل العقد الأول من القرن 21، وصل إنتاج بلوك 14 وحده إلى نحو 225,000 برميل يوميًا، ما جعله أكبر كتلة إنتاجية في البلاد. وتضم الكتلة حقولًا متعددة أبرزها: السنة، الحجة، والكمال، وهي تتميز بخام متوسط إلى خفيف يعرف باسم "مزيج المسيلة". نطاق حوض المسيلة ليس جغرافيًا فقط، بل يمتد فنيًا ليشمل شبكة من البنى التحتية المتقدمة، منها محطات فصل ومعالجة، ومرافق تخزين، وخطوط أنابيب تربط بين الكتل المختلفة (14، 10، 32، 53، وغيرها) باتجاه الشحر. كما يُعد الحوض محركًا اقتصاديًا حيويًا للبلاد، إذ كانت صادراته تمثل قبل الحرب نحو 80% من إجمالي صادرات النفط الوطنية، ولا يزال يشكل الشريان الوحيد المتبقي لتصدير النفط الخاضع للحكومة اليمنية. السياق الديمغرافي تُعد محافظة حضرموت أكبر محافظات اليمن من حيث المساحة، حيث تمتد على أكثر من 187 ألف كيلومتر مربع، أي ما يعادل ثلث مساحة البلاد، وتضم 28 مديرية إدارية. وتتميز بتنوعها الجغرافي بين الساحل، والوادي، والصحراء، ما يمنحها أهمية استراتيجية واقتصادية بالغة. يبلغ عدد سكان المحافظة، في إحصاء لعام 2022، أكثر من 1.55 مليون نسمة، يتوزعون بين 725,885 إناثًا و825,461 ذكورًا، مع تركز ملحوظ في المديريات الحضرية ومناطق الوادي، مقابل كثافة منخفضة في المديريات الصحراوية الشاسعة. تتصدر مدينة المكلا قائمة المديريات من حيث عدد السكان، إذ تضم 289,334 نسمة، وتُعد المركز الإداري والاقتصادي الأبرز في حضرموت. تليها مديريتا سيئون وتريم في وادي حضرموت بعدد سكان يناهز 160 ألف نسمة لكل منهما، حيث تلعبان دورًا دينيًا وتجاريًا محوريًا في المنطقة. أما مديرية القطن فتتميّز بمساحة واسعة تبلغ 3,135 كيلومترًا مربعًا وسكان يزيدون على 100 ألف نسمة، بينما تُعرف شبام بكثافتها العالية ضمن مساحة لا تتعدى 118 كيلومترًا مربعًا. وفي الساحل، تبرز الشحر وغيل باوزير بأهميتهما التاريخية والزراعية، مع عدد سكان يفوق 75 ألف نسمة لكلٍ منهما. في المقابل، تمتد مديريات مثل رماه، ثمود، وزمخ ومنوخ على مساحات ضخمة تتجاوز في بعضها 20 ألف كيلومتر مربع، لكنها لا تضم سوى بضعة آلاف من السكان، ما يعكس التحديات التنموية التي تواجه هذه المناطق النائية. هذا التفاوت في الكثافة السكانية والتوزيع الجغرافي يُبرز الحاجة إلى سياسات تنموية متوازنة، تعزز استثمار الموارد وتُعيد توزيع الخدمات العامة بما يواكب الأهمية الاستراتيجية لحضرموت كعمق اقتصادي، ومركز سكاني متنوع، ونقطة توازن حاسمة في خارطة البلاد. الشركات والإنتاج شهدت محافظة حضرموت تحولات كبيرة في خارطة الشركات النفطية العاملة فيها منذ بدء الإنتاج النفطي مطلع التسعينيات وحتى اليوم. بدأت القصة عام 1987 حين حصلت شركة Canadian Occidental Petroleum، التي تحولت لاحقًا إلى Nexen الكندية، على امتياز بلوك 14 (المسيلة). وفي عام 1991، أعلنت عن أول اكتشاف تجاري ضخم في حقل "سونا"، مما شكل انطلاقة حقيقية لقطاع النفط في حضرموت. وفي التسعينيات، توسعت خارطة الشركات العاملة في حضرموت. برزت شركة Total الفرنسية عبر امتياز بلوك 10 في شرق شبوة، والذي يُدار فنيًا كبنية مرتبطة بحقول المسيلة. اكتشفت الشركة عدة حقول منها خرير وعتوف ووادي طريبة، وتم ربط إنتاجها بالبنية التحتية للبلوك 14. وفي عام 1999، انضمت شركة DNO النرويجية إلى المشهد النفطي بعد اكتشافها في بلوك 32 (هواريم)، وبدأت الإنتاج في عام 2001. كما شاركت DNO في تطوير بلوك 43 وبلوك 53 (شريوف)، بالتعاون مع شركة Dove Energy البريطانية التي أدارت حقل الشريوف بدءًا من 2002. في المقابل، دخلت شركة Calvalley Petroleum الكندية إلى بلوك 9 (مالك) في المنطقة الغربية من حضرموت، وتمكنت من بدء الإنتاج في أواخر عام 2005. وقد أدارت هذه الشركات عملياتها وفق نظام اتفاقيات المشاركة في الإنتاج (PSA) مع الحكومة اليمنية. مع حلول العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، بدأت الحكومة اليمنية تتجه نحو استعادة السيطرة على أهم الأصول النفطية. ففي نوفمبر 2011، رفضت تجديد عقد شركة Nexen بعد 20 عامًا من تشغيل البلوك 14، وأسندت تشغيله إلى شركة وطنية جديدة هي "بترو مسيلة"، التي باتت منذ ذلك الحين المشغل الرئيسي لأكبر حقول اليمن النفطية. جاء عام 2015 والأعوام التالية بموجة اضطرابات غير مسبوقة بعد اندلاع الحرب ، مما دفع معظم الشركات الأجنبية إلى إعلان "القوة القاهرة" ومغادرة البلاد. وشملت هذه الشركات: Total، Calvalley، DNO، وOMV. توقفت أغلب عمليات الإنتاج والتصدير، وتم إخلاء الطواقم الأجنبية، بينما تراجعت معدلات الصيانة والإشراف الفني. مخالفات جسيمة منذ بدء الإنتاج في بلوك 14 (المسيلة) عام 1993، اعتمدت الشركات المشغلة على تقنيات حفر تقليدية باستخدام آبار رأسية ومنحرفة بعمق يتراوح بين 1500 إلى 2500 متر ، تستهدف خزانات رملية من العصر الطباشيري (تكوين "كيشن") فوق صخور المصدر الجوراسية. خلال السنوات الأولى، كانت الآبار تتدفق ذاتيًا، لكن بحلول منتصف العقد الأول من القرن 21، بدأت علامات النضوب بالظهور. بحلول 2008، سجلت شركة Nexen الكندية نسبة مياه مصاحبة تتجاوز 95% من إجمالي الإنتاج في بعض آبار المسيلة، وهو ما يعني أن من بين كل 100 برميل يتم ضخه، لا يزيد النفط الصافي عن 5 براميل فقط. وقد وصلت كمية المياه المعالجة يوميًا في بعض منشآت المسيلة إلى أكثر من 2 مليون برميل، ما فرض ضغطًا هائلًا على مرافق الفصل والمعالجة. وفي سياق التحقيق حول الأثر البيئي لصناعة النفط في حضرموت، برزت شهادات متطابقة تؤكد وجود انتهاكات جسيمة ارتكبتها الشركات العاملة في قطاع النفط، وعلى رأسها شركة "كنديان نكسن". في هذا الصدد، قال المهندس الجيولوجي عماد بامسدوس، الذي عمل مشرفاً لدى منظمة اليونيسف في مشروع حفر آبار مياه ارتوازية بمديرية الضليعة التي ينحدر منها في العام 2018، إن شركة "كنديان نكسن" نفذت قبل مغادرتها اليمن بسنوات قليلة عملية حقن حمضي (ACID INJECTION) في آبار النفط بمنطقة المسيلة. وأوضح أن الهدف من هذه العملية كان رفع إنتاج النفط، إلا أن الكمية الكبيرة من الحمض المستخدمة "أدت إلى زيادة مؤقتة في الإنتاج، ثم تسببت بتدمير الآبار وخلفت آثاراً بيئية جسيمة". وتحدث بامسدوس لمركز سوث24 عن الانبعاثات السامة الناتجة عن إسالة النفط الخام على التربة، مؤكدًا أن هذه العمليات تطلق غازات خطرة مثل الميثان والإيثان والبروبان، إلى جانب مركبات عطرية متعددة الحلقات (BTX) التي ترتبط مباشرة بسرطانات الجهاز التنفسي. وأشار أيضًا إلى أن غاز كبريت الهيدروجين المنبعث من هذه العمليات قد يؤدي، في حال استنشاقه بتراكيز مرتفعة، إلى شلل في الدماغ أو حتى الوفاة، فضلًا عن تلوث المياه الجوفية بعناصر مشعة ومالحة. وللتعمق في المخاطر البيئية المرتبطة بعمليات استخراج النفط، استعان معد التحقيق بالمهندس الكيميائي عامر أحمد، الذي شغل مهام مشرف مشاريع في عدد من المنظمات الدولية، من بينها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، كما عمل سابقاً في شركة بترومسيلة. وقد أوضح المهندس عامر لمركز سوث24 أن أحد أبرز مصادر التلوث النفطي في مناطق الاستخراج هو الاستخدام غير المنضبط للسوائل والمواد الكيميائية المساعدة في عمليات الحفر. وشرح أحمد أن هذه المواد تشمل بشكل رئيسي سوائل الحفر وكربونات الكالسيوم ومواد التشحيم، وكلها تُعد من الملوثات البيئية الشائعة في مواقع العمل النفطي. وأشار إلى واقعة ميدانية حدثت في إحدى قرى مديرية تريم، حيث تم التخلص من تلك المواد بطريقة غير آمنة عقب عمليات الحفر الاستكشافي، قائلاً: "بدلاً من التعامل معها بطريقة آمنة، تم وضعها في حفر غير مهيأة لعزل هذه المواد، مما أدى إلى تسربها إلى التربة والمياه". وأضاف المهندس عامر أن هذه المواد الكيميائية الخطرة، ونتيجة لغياب إجراءات العزل والمعالجة البيئية، بدأت بالظهور خلال الفترة ما بين عامي 2012 و2018 على أعماق تتراوح بين 40 إلى 60 متراً تحت سطح الأرض، مسببةً تلوثاً ملحوظاً في المياه الجوفية. ويقول: "في البداية، ظن البعض أن هذه المخلفات هي نفط، ولكن اتضح أنها ناتجة عن مخلفات الحفر". وقدم الخبير البيئي عبدالقادر الخراز، صورة أكثر شمولًا حول الأثر الممتد لهذه الأنشطة في مناطق الامتياز النفطي. وأوضح لمركز سوث24 أن عمليات إعادة الحقن غير الآمنة، تعد واحدة من أبرز مصادر التهديد البيئي في مناطق الامتياز النفطي، لا سيما في محافظة حضرموت. مشيراً إلى أن "بالنسبة للمياه المصاحبة للنفط، فإنها تظهر في إنتاج آبار حضرموت، حيث يأتي النفط عادة مصاحباً للمياه، على عكس مناطق أخرى مثل مأرب التي تكون فيها المصاحبات غازية". وأعرب الخراز عن قلقه من استمرار استخدام طريقة خاطئة في التعامل مع هذه المياه، موضحاً أنها "كانت تعتمد على أساليب قديمة، ولكنها أصبحت غير صديقة للبيئة". تتفاقم هذه الإشكالية، بحسب الخراز، نتيجة احتواء المياه المصاحبة على "مكونات هيدروكربونية خطرة، بالإضافة إلى نفايات الحفر والمواد الكيميائية المستخدمة في عمليات الحفر"، وهو ما يخلق مشاكل كبيرة للتربة والمياه. ويضيف بأن "في بعض الأحيان، كان يتم تصريف هذه المياه مباشرة إلى التربة، مما أدى إلى تلوث كبير في العديد من مناطق حضرموت". تأثيرات هذه الممارسات تمتد إلى القطاع الزراعي والمائي، إذ يشير الخراز إلى أن التلوث الناتج "يؤثر سلباً وبشكل طويل الأمد على التربة والمياه الجوفية، مما يؤدي إلى تضرر الأراضي الزراعية والمحاصيل"، مؤكداً أن "المياه المستخدمة في الزراعة في تلك المناطق تتعرض لتغير خصائصها وللتلوث، مما يؤثر على جودة المياه المستخدمة في سقي الأراضي الزراعية". ولا يقتصر الأثر على المزروعات، إذ يُستخدم الماء ذاته في أحيان كثيرة لـ "إطعام الحيوانات، مما يسبب أضراراً للمواشي التي تُربى في تلك الأراضي"، بحسب قوله. وعند الحديث عن الأثر الصحي المباشر، يلفت الخراز إلى ملاحظة "انتشار أمراض سرطانية في مناطق إنتاج النفط، مثل حضرموت وشبوة ومأرب"، موضحاً أن هذا "يرتبط بشكل مباشر بالصناعة النفطية، التي تُعتبر المصدر الرئيسي لمثل هذه الأمراض في هذه المناطق". ويخلص إلى أنه "لا توجد منشآت صناعية أخرى تؤثر بهذا الشكل، مما يبرز الحاجة الملحة لمعالجة المخلفات النفطية بشكل مسؤول". ومن الناحية العلمية، هناك ما يدعم هذا الربط بين النفط والسرطان من حيث الأدلة العلمية والآراء الفنية. ففي أبريل 2021، نشرت المكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة دراسة للباحث F.M. Onyije بعنوان 'معدل الإصابة بالسرطان والوفيات بين العاملين في صناعة البترول والمقيمين في مجتمعات إنتاج النفط'. خلصت الدراسة إلى أن القرب من منشآت إنتاج النفط يرتبط بارتفاع خطر الإصابة بسرطان الدم، لا سيما لدى الأطفال. كما رصدت الدراسة نسبًا مرتفعة من الوفيات في المناطق التي تشهد نشاطًا نفطيًا متواصلاً. قصص ضحايا في مديرية غيل بن يمين، الواقعة شرق مدينة المكلا، كانت مروى، الطفلة ذات الستة أعوام، تقف أمام مرآتها الصغيرة عندما لاحظ والدها انتفاخًا غير طبيعي في أحد جانبي رأسها. في البداية، ظنّ أن الأمر مجرد التهاب عابر، لكنها سرعان ما بدأت تعاني من صداع حاد ونوبات قيء. في أغسطس 2014، وبعد سلسلة من الفحوصات التي أجريت في مستشفى بالمكلا، تبيّن أن مروى مصابة بورم سرطاني خبيث في الدماغ. بدأ والدها، عمر محمد، رحلة طويلة من العلاج الكيماوي لجعل حياة ابنته أقل ألمًا، لكن الاستجابة للعلاج كانت بطيئة. لم تكن الأسرة تملك تأمينًا صحيًا، ولم تكن هناك جهات رسمية تعنى بتغطية التكاليف الباهظة، فاضطر الأب إلى بيع ممتلكات صغيرة كانت تملكها الأسرة لتغطية النفقات. لم يتردد عمر في تحميل المسؤولية المباشرة للشركات العاملة في محيط المنطقة، وعلى رأسها DNO النرويجية، نكسن الكندية، وجزء من قطاع توتال الممتد بين حضرموت وشبوة، مؤكدًا أن الانبعاثات والتسريبات الناتجة عن عملياتها هي السبب وراء إصابة ابنته ومعظم الحالات التي ظهرت في المنطقة، على حد قوله لمركز سوث24. القصة ذاتها تتكرر في الضليعة، حيث يعيش محمد باقطيان، أب لطفل يُدعى هاشم، يبلغ من العمر خمسة عشر عامًا. في ديسمبر 2021، لاحظ تغيّرات في حركة ابنه وصعوبات متكررة في النطق والتوازن. لم تمضِ أسابيع حتى أكدت تقارير طبية محلية أن هاشم مصاب بورم في الدماغ. لم تُقدَّم لهم أي مساعدة من أي جهة حكومية أو نفطية، رغم وجودهم ضمن منطقة الامتياز النفطي. يقول باقطيان إن الأسرة اضطرت إلى بيع منزلها ومجوهرات نسائها وكل ما تمتلكه لتوفير تكاليف العلاج والتنقل بين سيئون وعدن. ويضيف أن ما يزيد المأساة هو الشعور بالعزلة، حيث لا يوجد أي دعم نفسي أو طبي أو قانوني يُقدَّم لأسر المصابين، وكأن السرطان الذي جاءهم من تحت الأرض لم يكن مسؤولية أحد. وفي حالة موثقة أخرى من غيل بن يمين، يظهر تقرير طبي صادر عن أحد المستشفيات الحكومية، في يوليو 2024، لطفل يبلغ من العمر ثماني سنوات، يؤكد إصابته بسرطان في البلعوم والجهاز اللمفاوي. لم يتسنّ لمعد التحقيق، التصريح بهوية الطفل بناءً على رغبة الأسرة التي تواصلنا معها في الحفاظ على الخصوصية، لكن الوثيقة الطبية تكشف مدى تفشي المرض في الفئة العمرية الأضعف. لم يكن الطفل يعاني من مشاكل صحية سابقة، ولم يكن هناك تاريخ عائلي مع المرض، ما يعزز فرضية ارتباط المرض بعوامل بيئية خارجية. الأرقام تشير البيانات الرسمية التي حصل عليها مركز سوث24 من المركز الوطني لعلاج الأورام بوادي حضرموت إلى تصاعد مقلق في عدد الإصابات بالسرطان خلال الفترة الممتدة من عام 2013 حتى أغسطس 2021. ففي عام 2013 سُجّلت 161 حالة، لكن الأرقام ارتفعت تدريجيًا خلال الأعوام التالية، لتبلغ 189 حالة في 2014، ثم قفزت إلى 259 حالة في 2015، قبل أن تصل إلى 312 حالة في عام 2016. هذا التسارع في وتيرة الإصابة يثير علامات استفهام جدية حول الأسباب البيئية والصحية، خصوصًا مع توسع النشاط النفطي في المنطقة خلال العقود الأخيرة. جدول يوضح حالات السرطان الجديدة للأعوام من 2013م حتى أغسطس 2021، وفقًا للتوزيع الجغرافي، بحسب إحصائيات المركز الوطني لعلاج الأورام – حضرموت الوادي والصحراء رغم هذا التصاعد، شهد عام 2017 انخفاضًا طفيفًا في عدد الحالات إلى 259، ثم ارتفعت مجددًا في 2018 إلى 274 حالة، قبل أن تتراجع إلى 236 في 2019. إلا أن هذا الانخفاض لا يبدو مؤشراً على تحسن حقيقي، بل قد يعكس ضعف إمكانيات التوثيق والفحص المبكر، أو ظروف النزاع وتأثيراتها على الخدمات الصحية. مع حلول عام 2020، عادت الأرقام إلى الارتفاع بوضوح، إذ سجل العام وحده 343 حالة إصابة، فيما بلغت الحالات المسجلة خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2021 نحو 351 حالة، ما يمثل الذروة خلال الفترة كلها. أما التوزيع الجغرافي للحالات فيكشف أن مديريات سيئون (551 حالة)، وتريم (436)، والقطن (330)، وشبام (239)، وساه (95) تصدرت معدلات الإصابة، وهو ما يرتبط جزئياً بكثافة السكان، لكنه يطرح أيضاً تساؤلات حول قرب هذه المناطق من مواقع الامتيازات النفطية وعمليات التخلص من النفايات. ويبدو لافتاً أن عدد الحالات الواردة من خارج الوادي بلغ 427، ما يعكس استقطاب المركز لحالات من محافظات أخرى، ويزيد من الضغط على قدراته المحدودة. وتُظهر البيانات الرسمية الصادرة عن المركز الوطني لعلاج الأورام في وادي حضرموت والصحراء لعام 2019، التي تحصل عليها مركز سوث24، أن السرطانات في المنطقة تتوزع بنمط يسلط الضوء على فجوات الرعاية الصحية وأولويات التدخل. ووفقاً للإحصائية، تصدّر سرطان الثدي قائمة أنواع السرطان المسجلة، بـ 36 حالة، ما يجعله الأكثر شيوعاً، لا سيما بين النساء. هذا الرقم يعكس غياب برامج الفحص المبكر المنتظمة، ويفتح باب التساؤل حول مستوى الوعي المجتمعي وضعف التغطية الصحية الوقائية في المديريات الريفية على وجه الخصوص. يحتل سرطان الدم (اللوكيميا) المرتبة الثانية، بـ 20 حالة، وهو ما يشير إلى مخاطر صحية مزدوجة، خصوصاً في صفوف الأطفال والشباب. ويُعد انتشار هذا النوع مؤشراً حساساً على احتمالية وجود عوامل بيئية أو تلوث مزمن في مناطق الامتياز النفطي أو المناطق المجاورة لها، خاصة أن دراسات بيئية تربط بين التعرض طويل الأمد لمخلفات الحفر والغازات السامة وبين سرطانات الدم. كما تكشف الإحصائية أن سرطان القولون والمستقيم يأتي في المرتبة الثالثة بـ 18 حالة، تليه سرطانات الرأس والعنق بـ 13 حالة، والبروستاتا والرحم بـ 10 و11 حالة على التوالي. ويُلاحظ تزايد في معدلات سرطانات المعدة، العظام، والمثانة، في حين تسجَّل حالات أقل في أنواع مثل الكبد، الكلى، والجلد. هذا التنوع في الإصابات، وتوزعها الجغرافي، يطرح تساؤلات عميقة حول أنماط التغذية، وجودة المياه، ومدى تأثير النشاط الصناعي والنفطي على صحة السكان. الإحصائية توزعت على 13 مديرية في وادي حضرموت، وكان النصيب الأكبر من الحالات في مديريات سيئون وتريم وشبام، ما يعكس حجم الكثافة السكانية من جهة، وربما أيضاً قرب بعض المناطق من مواقع الأنشطة الصناعية أو مناطق التخلص من النفايات النفطية. ويعتقد مختصون تحدثوا لمركز سوث24، مثل أخصائي علاج الأورام محمد عوض الشنيني الذي ينحدر من منطقة غيل بن يمنين النفطية، أنَّ أرقام الإصابات بالسرطان والأمراض الأخرى الخطيرة في وادي حضرموت على وجه التحديد أكبر بكثير مما تعلنه مراكز علاج الأورام التابعة لوزارة الصحة. وأشار إلى أن الأرقام قد تكون أكبر بسبب غياب الفحص المبكر، وسفر بعض المرضى للعلاج خارج المحافظة دون تسجيل رسمي، أو وفاتهم قبل الوصول إلى المراكز المتخصصة. ويوضح الطبيب أن السرطان لا يُشخَّص في كثير من الحالات إلا في مراحل متأخرة، ما يجعل الإحصاء الرسمي مرآة باهتة لحجم الأزمة.\ عدالة غائبة في حضرموت، لا تتوزع المسؤولية البيئية بين الفاعلين بشكل عادل، بل يغلب عليها الصمت والتواطؤ. الشركات النفطية التي راكمت أرباحًا يومية طائلة من باطن الأرض، كانت تغادر مواقعها مساءً دون أن تترك خلفها سوى مخلفات مجهولة المصير. لا بيانات بيئية تصدر بانتظام، ولا تقارير شفافة توضّح أساليب التخلص من النفايات أو طبيعة المواد المستخدمة في الحفر والإنتاج. وعلى المستوى الرسمي، تعاقب على وزارة النفط اليمنية في السنوات الأخيرة أكثر من وزير، بعضهم من أبناء حضرموت أنفسهم، دون أن يصدر عن الوزارة أي موقف أو تقرير يتناول التدهور البيئي في مناطق الامتياز. هذا الصمت الرسمي لا يكشف فقط عن ضعف في الرقابة، بل يعبّر عن غياب الإرادة السياسية في فتح هذا الملف أو مجرد مناقشته علنًا. ويعلّق المهندس الجيولوجي عماد بامسدوس قائلًا: "لا أتصور أن ثلاثة وزراء من حضرموت مرّوا على وزارة النفط دون علمهم بالممارسات البيئية غير المسؤولة في مناطقهم. هل كانوا يجهلون أم كانوا يتجاهلون؟". أما الخبير البيئي الدكتور عبدالقادر الخراز، فيؤكد أن المنشآت النفطية في حضرموت لم تتخذ أي إجراءات بيئية فاعلة خلال السنوات الماضية. ويشير إلى أن النفايات تُدفن مباشرة في الأراضي المحيطة، وتُصرف المياه الملوثة في الحقول، بينما تُترك الغازات تتسرب في الهواء دون معالجة أو رقابة. ويضيف أن هذه الشركات "لا تتحمل أي مسؤولية أخلاقية أو اجتماعية تجاه السكان، بل تتعامل مع المناطق وكأنها مجرد مواقع تشغيل، لا تتطلب التزامًا أو ردًّا على ما تسببه من ضرر دائم". وضمن إطار التحقق المهني والبحث عن الرأي الآخر، خاطب مركز سوث24 للأخبار والدراسات عدة جهات حكومية ونفطية في سياق إعداد هذا التحقيق حول الآثار البيئية والصحية لعمليات استخراج النفط في محافظة حضرموت. وشملت هذه المخاطبات الرسمية وزارة النفط اليمنية، ووزارة الصحة اليمنية، وهيئة حماية البيئة، وهيئة استكشاف وإنتاج النفط، وشركة بترومسيلة، إضافة إلى محافظ حضرموت، حيث تم إرسال خطابات رسمية في منتصف أبريل 2025 تتضمن طلبات مقابلة وتوضيحات بشأن ما وثّقه فريق التحقيق من أدلة على تلوث بيئي وارتفاع ملحوظ في معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية في مناطق الامتياز النفطي. الرسائل الموجهة إلى الجهات ركزت على دور كل منها في الرقابة والمعالجة. وقد منح مركز سوث24 أسبوعًا من تاريخ الاستلام عبر البريد الإلكتروني وعبر الواتساب لمسؤولين في هذه الجهات، لتلقي الردود، مؤكداً التزامه بنقل وجهات النظر الرسمية بكل شفافية، غير أن الجهات المعنية لم تبادر بإرسال أي رد حتى موعد النشر. عبد الله الشادلي *صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات

وقفة نسوية بارزة في عدن احتجاجًا على الانهيار المعيشي وانقطاع الكهرباء
وقفة نسوية بارزة في عدن احتجاجًا على الانهيار المعيشي وانقطاع الكهرباء

اليمن الآن

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • اليمن الآن

وقفة نسوية بارزة في عدن احتجاجًا على الانهيار المعيشي وانقطاع الكهرباء

سمانيوز/متابعات نظّمت مئات النساء، يوم السبت 10 مايو، وقفة احتجاجية في ساحة العروض بمديرية خورمكسر في العاصمة عدن بجنوب اليمن، للتعبير عن رفضهن لتدهور الأوضاع المعيشية واستمرار أزمة انقطاع الكهرباء. الوقفة، التي وُصفت بأنها من أكبر التحركات النسوية التي شهدتها المدينة منذ سنوات، جاءت في وقت تشهد فيه عدن موجة حر خانقة وانقطاعات كهرباء تصل إلى أكثر من 20 ساعة يوميًا، وسط شلل شبه تام في الخدمات العامة. توافدت النساء من مختلف مديريات المدينة ورفعن لافتات تطالب بتوفير التيار الكهربائي والمياه، وصرف الرواتب المتأخرة، وتحسين قيمة الريال اليمني الذي اقترب من حاجز 2600 ريال مقابل الدولار الأميركي لأول مرة في التاريخ. قالت إحدى المشاركات في حديث لمركز سوث24: 'الحياة لم تعد تُطاق. لا كهرباء، لا ماء، لا رواتب. الغلاء ينهش الناس والسلطات غائبة'. عبّرت المشاركات عن استيائهن من تجاهل الجهات الحكومية لمعاناة المواطنين، محمّلات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا المسؤولية الكاملة عن ما وصفنه بـ 'الانهيار المعيشي المتسارع'. أشارت المحتجات إلى أن أزمة الكهرباء في عدن لم تعد أزمة موسمية، بل أصبحت واقعًا يوميًا يقضّ مضاجع السكان، ويهدد صحتهم وحياتهم، خصوصًا الأطفال والمرضى وكبار السن. كما حذّرت بعض المشاركات من أن استمرار هذا الوضع قد يدفع نحو موجة احتجاجات أكبر وأكثر حدة، في ظل غياب أي بوادر جدية للحلول من قبل الحكومة أو السلطات المحلية. ‎

بعثة رسمية للمجلس الانتقالي الجنوبي في واشنطن
بعثة رسمية للمجلس الانتقالي الجنوبي في واشنطن

اليمن الآن

time٠٢-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • اليمن الآن

بعثة رسمية للمجلس الانتقالي الجنوبي في واشنطن

قالت مصادر مطلعة لـ "مركز سوث24"ان المجلس الانتقالي الجنوبي يستعد لتدشين بعثته في الولايات المتحدة الأمريكية في غضون الساعات القادمة. ‎ واوضحت المصادر ان تدشين البعثة الرسمية للانتقالي في واشنطن يأتي بعد استكمال الإجراءات القانونية والتراخيص الممنوحة من السلطات الأمريكية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store