logo
#

أحدث الأخبار مع #شمال_شرق_سوريا

"متشدونالدز وشاورما".. ضجة في القامشلي السورية بسبب مطعم
"متشدونالدز وشاورما".. ضجة في القامشلي السورية بسبب مطعم

العربية

timeمنذ يوم واحد

  • أعمال
  • العربية

"متشدونالدز وشاورما".. ضجة في القامشلي السورية بسبب مطعم

خلال اليومين الماضيين، تداول عدد من السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو لما قالوا إنه "افتتاح لأول فرع لمطعم عالمي بعد أيام من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا والتي كانت قد فرضتها واشنطن على النظام السابق". لكن المطعم الذي يحمل اسم "متشدونالدز"، تيمنا بسلسلة "ماكدونالدز" الشهيرة، افتتح في مدينة القامشلي السورية الواقعة أقصى شمال شرقي البلاد قبل أشهر، وليس بعد رفع العقوبات. إذ افتتح دون العودة للفرع الرئيسي لسلسلة مطاعم الوجبات السريعة المعروفة حول العالم، ولتجنب ملاحقة قانونية حول استخدام الاسم لجأ مالكه إلى تغيير بسيط، فقد أطلق على مطعمه اسم "متشدونالدز" لكن أغلب الناس رأوا أنه ببساطة "ماكدونالدز"، خاصة أنه استخدم واحداً من الحروف الكردية في كتابة الاسم. View this post on Instagram A post shared by Travelling The Unknown (@travelling_the_unknown) وجبات محلية.. وشاورما ويقدم هذا المطعم الواقع وسط مدينة القامشلي مختلف الوجبات المعروفة محلياً، كالشاورما وغيرها من الأطباق السورية، ما يختلف كلياً عن الوجبات التي تقدمها سلسلة مطاعم "ماكدونالدز". كما أفادت مصادر "العربية.نت" بأن المطعم افتتح قبل أكثر من 7 أشهر، لكن رفع العقوبات الأميركية أعاده إلى الواجهة بعدما ربط مؤثرون على مواقع التواصل افتتاحه بقرار الرئيس الأميركي. علما أنه من المرجّح أن يسمح رفع العقوبات الأميركية عن سوريا بعودة شركات أجنبية بما في ذلك سلسلة مطاعم عالمية لم يكن لديها أي فروعٍ في البلاد نتيجة العقوبات الاقتصادية. يشار إلى أن الرئيس الأميركي كان أعلن رفع العقوبات كاملة عن البلاد التي غرقت في حرب دامية استمرت نحو 13 سنة، خلال زيارته، الأسبوع الماضي، إلى العاصمة السعودية الرياض.

ترامب والشرع.. ماذا تريد أميركا من سوريا؟
ترامب والشرع.. ماذا تريد أميركا من سوريا؟

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • سياسة
  • الجزيرة

ترامب والشرع.. ماذا تريد أميركا من سوريا؟

عادة ما تواجه الدول التي تخوض فترات ما بعد النزاعات المسلحة، وتعاني من عدم استقرار أمني واضطراب سياسي، تحديات كبيرة موروثة من زمان الصراع، وهو ما يتطلب عادة من تلك الدول، والأنظمة الجديدة التي تحكمها، البحث عن توازن خاص ودقيق في علاقاتها الدولية لضمان الدعم اللازم للدولة الجديدة، مع الحد من التنازلات التي قد تُفرض عليها. وفي السياق السوري، تتعامل الإدارة الجديدة مع الإرث الثقيل لنظام الأسد، وهي تتلمس خطاها للبحث عن التوازن المطلوب وسط العديد من الصراعات المحتدمة والقوى الإقليمية والدولية الساعية لضمان مصالحها. وتُعدّ الولايات المتحدة الطرف الأهم في صياغة هذا التوازن، نظرًا لاستمرار وجودها العسكري في شمال شرق سوريا، ودورها في دعم "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وتحكّمها المباشر في العديد من أدوات الضغط الاقتصادي والعسكري. غير أن قمة الرياض التي جمعت الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو/أيار 2025، مثّلت نقطة تحوّل في السياسة الأميركية تجاه دمشق، التي تزامنت مع الإعلان عن بدء رفع العقوبات، مقابل التزامات سياسية وأمنية محددة. كما ظهرت مؤشرات على تحول أميركي في ملف "قسد"، مع إبداء ترامب رغبته بأن تتولى الحكومة السورية الجديدة مسؤولية الإشراف على مراكز احتجاز عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (الواقعة حاليا تحت سيطرة قسد)، بحسب ما ورد في بيان المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفت على منصة إكس. وتعبر هذه الخطوة عن استعداد الولايات المتحدة لتقليص تحالفها مع قسد، والتعامل مع الإدارة السورية الجديدة. بالتوازي، تلعب واشنطن مؤخرا -على ما يبدو- دورًا موازنًا في ضبط التحركات العسكرية الإسرائيلية في الجنوب السوري، ورغم امتناعها عن انتقاد الغارات الإسرائيلية الأخيرة على مواقع قرب العاصمة دمشق تحت ذريعة حماية الدروز ، فإنها وجهت الدعوة إلى "خفض التصعيد" و"حماية الأقليات الدينية". يركز هذا المقال على تحليل الدور الأمني الأميركي في سوريا ما بعد الأسد، وعلى المواقف المتبادلة التي قد تشكل مستقبل العلاقة الثنائية، من خلال تفكيك ثلاث قضايا محورية: سياسة العقوبات والربط بين رفعها وبين شروط أمنية سياسية محددة يتعين على النظام السوري الجديد الوفاء بها، ودور واشنطن في إدارة التوتر الإسرائيلي السوري، وأخيرا مسار العلاقة بين الحكومة الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية. العقوبات.. بوابة الانفتاح على سوريا مثّل اللقاء بين الرئيس السوري أحمد الشرع ونظيره الأميركي دونالد ترامب مؤخرا تطورًا نوعيًا غير مسبوق في مسار العلاقات السورية الأميركية. فهذا الاجتماع، الذي عُقد في الرياض برعاية سعودية، هو الأول من نوعه بين رئيس أميركي ورئيس سوري منذ 25 عامًا، إذ تعود آخر قمة مماثلة إلى لقاء حافظ الأسد وبيل كلينتون عام 2000. وحضر القمة إلى جانب ترامب والشرع، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (مضيف اللقاء) بينما شارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر دائرة الاتصال المرئي، مما أبرز طبيعة التنسيق الدولي والإقليمي خلف هذا الحدث المفصلي. ويعكس هذا اللقاء مدى الأهمية التي توليها واشنطن للمتغيرات الجديدة في سوريا، كما يعكس استعداد ترامب للتصرف بشكل غير تقليدي أحيانا، حيث كان اللقاء مع الشرع محل خلاف داخل فريق الرئيس الأميركي حتى قبيل ساعات قليلة من زيارته للمنطقة. بيد أن لقاء ترامب والشرع لم يكن التطور الوحيد من ترامب تجاه سوريا، حيث أعلن الرئيس الأميركي عزمه رفع العقوبات الأميركية عن سوريا بصورة تدريجية. و وصف ترامب تلك العقوبات بأنها "وحشية" و"معيقة"، مؤكدًا أنه حان الوقت لكي "تنهض سوريا" من جديد. جاء هذا الإعلان بعد أكثر من عقد من عقوبات مشدّدة عزلت سوريا عن المنظومة المالية العالمية بشكل كلي. ومن الواضح أن واشنطن اعتمدت مقاربة جديدة في التعامل مع الحكومة السورية الجديدة، تنتقل فيها من سياسة العزل والعقاب إلى سياسة الانخراط المشروط والدعم الحذر، فقد أبدى المسؤولون الأميركيون استعدادهم للعمل مع سلطات دمشق الانتقالية إذا التزمت بمسار التسوية السياسية وراعت المطالب الدولية، وهو نهج مقارب لرؤية حلفاء أميركا الأوروبيين الذين اعتبروا تشكيل الحكومة الجديدة معلمًا مهمًا في الانتقال السياسي في سوريا. لم يكن التحول في الموقف الأميركي حيال العقوبات وليد قرار أحادي، بل جاء ثمرة وساطات إقليمية مكثفة وجهود دبلوماسية مشتركة، فقد لعبت السعودية وتركيا وقطر دورًا محوريًا في إقناع إدارة ترامب بمنح دمشق فرصة جديدة؛ إذ كشف ترامب نفسه أن ولي العهد السعودي والرئيس التركي أسهما في التوسط لترتيب اجتماعه مع الرئيس الشرع ولاتخاذ قرار رفع العقوبات. كما رحبت قطر علنًا بالتوجه الأميركي الجديد، وبرز دعمها عبر القنوات الدبلوماسية لهذه الخطوة. ومن جانبها وجّهت الحكومة السورية الشكر إلى السعودية وقطر وتركيا لمساندتها جهود إنهاء العزلة الاقتصادية عن دمشق، معتبرةً أن وقوف الأشقاء العرب إلى جانبها ساهم بشكل مباشر في صدور القرار الأميركي. ويعكس هذا التنسيق توجّها إقليميًا على ضرورة انتشال الاقتصاد السوري من أزمته الخانقة وتهيئة الظروف لإعادة الإعمار، باعتبار ذلك جزءًا أساسيًا من ترسيخ الاستقرار في سوريا الجديدة. خلال المحادثات، طرح الرئيس ترامب بصورة واضحة خارطة مطالب أميركية من القيادة السورية الجديدة كأثمان سياسية وأمنية للتطبيع الكامل معها ورفع العقوبات وإعادة دمج سوريا في الاقتصاد العالمي. ووفق ما ورد في بيان متحدثة البيت الأبيض، حدد ترامب خمسة مطالب أساسية موجّهة للرئيس الشرع. أول هذه المطالب هو انضمام سوريا إلى اتفاقيات أبراهام وتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، في تحول جذري عن نهج الصراع السابق، وثانيها هو إخراج كافة المقاتلين الأجانب من سوريا، ويُفهَم منه خصوصًا المليشيات غير السورية التي كانت تنشط إبان الحرب (وفي طليعتها القوات الموالية لإيران)، كما يشمل أيضا المقاتلين الأجانب الذين قاتلوا إلى جانب الثورة السورية وجرى دمج بعضهم مؤخرا ضمن وزارة الدفاع السورية الجديدة. أما المطلب الثالث فيتعلق بترحيل كوادر الفصائل الفلسطينية المسلحة المتواجدة على الأراضي السورية (وعلى رأسها حركتا حماس و الجهاد الإسلامي) إلى خارج البلاد، بما يبدد هواجس إسرائيل والولايات المتحدة حيال وجود تلك الجماعات. بعد ذلك يأتي المطلب الرابع وهو تعزيز التعاون مع واشنطن في مكافحة تنظيم الدولة ومنع عودته للظهور، بينما يُلزِم المطلب الخامس والأخير دمشق بتحمّل المسؤولية الكاملة عن مراكز احتجاز مقاتلي تنظيم الدولة في شمال شرق البلاد بدلًا من الاعتماد على قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي. من جانبه، أبدى الرئيس أحمد الشرع مرونة لافتة إزاء تلك المطالب، سعيًا منه للاستفادة القصوى من فرصة الانفتاح الأميركي. وبحسب بيان متحدثة البيت الأبيض، شكر الشرع الرئيس ترامب والأمير محمد بن سلمان والرئيس أردوغان على جهودهم في تنظيم اللقاء، معتبرًا أن خروج القوات الإيرانية من سوريا قد أتاح "فرصة مهمة" لاستعادة سيادة سوريا الكاملة وبناء شراكات جديدة. كما أكّد الشرع -وفق البيان- التزامه الثابت باتفاق فك الاشتباك مع إسرائيل لعام 1974 كأساس لضمان أمن الحدود، وأبدى انفتاحًا على فكرة التحاق سوريا بركب "السلام الإقليمي" عندما تسمح الظروف بذلك. وفي خطوة رمزية تعبّر عن الرغبة في كسب ثقة الأميركيين، عرض منح الشركات الأميركية أولوية في الاستثمار بقطاع النفط والغاز السوري. هذه المواقف السورية الإيجابية قوبلت بترحيب حذر من الجانب الأميركي، حيث اعتبر ترامب أن لدى الشرع فرصة تاريخية لتحقيق تحوّل حقيقي في بلاده إذا نفّذ تلك التعهدات، مؤكدًا استعداد واشنطن لمواكبة هذا التحول ودعمه بخطوات ملموسة على الأرض. واشنطن بين دمشق وإسرائيل يُعد ملف العلاقة غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل داخل الأراضي السورية من أعقد التحديات التي تواجه السياسة الأميركية تجاه دمشق ما بعد الأسد، إذ لطالما شكلت الغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا، خصوصًا ضد أهداف مرتبطة بإيران أو حزب الله اللبناني، عامل توتر دائم. ومع سقوط نظام الأسد، وظهور حكومة انتقالية بدأت تنال دعما وزخما دوليا، دخلت واشنطن في حالة توازن دبلوماسي حساس بين شراكتها التاريخية مع إسرائيل وبين محاولتها دعم الاستقرار السياسي في سوريا الجديدة. من جهة، لا تخفي تل أبيب نيتها في مواصلة نهجها العسكري، وتستغل انشغال السوريين بالانتقال السياسي من أجل ترسيخ وجودها في الأراضي والأجواء السورية، بل وتُبرر تصعيدها أحيانًا بذريعة "حماية الأقليات" كما حصل عقب الضربة الإسرائيلية التي استهدفت محيط القصر الجمهوري. ورغم أن الولايات المتحدة لم تؤيد هذه العملية بشكل علني، فإنها امتنعت عن إدانتها أيضًا. وبدلاً من ذلك، ركّز بيان الخارجية الأميركية على إدانة ما وصفه "بالعنف والتحريض ضد أبناء الطائفة الدرزية في سوريا"، داعيا إلى "خفض التصعيد وحماية المكونات الدينية، في موقف فسّره مراقبون على أنه تماهٍ ضمني مع الرواية الإسرائيلية دون تبنٍّ مباشر للضربة. وقد رأت واشنطن أن تحميل دمشق مسؤولية التوتر الطائفي في مناطق مثل جرمانا والسويداء، يمكّنها من توجيه رسالة مزدوجة: فهي من جهة تُبقي على دعمها لإسرائيل، ومن جهة أخرى تضغط على الحكومة السورية الجديدة "لضبط سلوكها الأمني"، دون تقويض مسارها الانتقالي. غير أن واشنطن، وعلى النقيض من إسرائيل، تظل حذرة من أي تصعيد يمكن أن يقوض الانتقال السياسي في سوريا. يأتي هذا الحذر الأميركي في ظل قناعة متزايدة لدى الأوساط الغربية بأن إسرائيل تسعى، عبر تكثيف عملياتها العسكرية، إلى فرض وقائع جديدة على دمشق، مستغلة حالة السيولة السياسية وضعف البنية العسكرية للدولة بعد الحرب، وأن الاستراتيجية الإسرائيلية الراهنة تقوم على الضغط العسكري-الدبلوماسي لإجبار الحكومة السورية الجديدة على قبول الوجود الإسرائيلي على أراضيها وفي أجوائها كأمر واقع، ووضع ضغوط مستمرة على الإدارة الجديدة في دمشق. من هذا المنطلق، تبدو واشنطن وكأنها تلعب دور "الكابح" في هذا المسار، فهي راضية عن النفوذ الإسرائيلي في معادلة الردع الإقليمي بما يشمل سوريا، لكنها لا ترغب أيضا في زيادة التصعيد العسكري إلى الحد الذي يخلق فوضى تقوض عملية الانتقال السياسي في دمشق. وفي ضوء هذه الرغبة الأميركية، يمكننا قراءة التهدئة النسبية في نبرة المسؤولين الإسرائيليين تجاه النظام السوري الجديد. ففي 12 مايو/أيار الحالي، صرّح وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر ، بأن إسرائيل "تسعى لعلاقات جيدة مع الحكومة السورية الجديدة"، رغم إقراره بوجود مخاوف أمنية مستمرة تجاهها. التحول في لهجة إسرائيل لم يأتِ من فراغ، بل تزامن مع إعلان استعادة رفات الجندي تسفيكا فيلدمان الذي فُقد منذ عام 1982، في عملية نُفّذت داخل العمق السوري، ما اعتُبر مؤشرا على وجود تفاهمات أمنية غير معلنة بين الطرفين. بالتوازي مع هذه التطورات، خرج الرئيس السوري أحمد الشرع عن المألوف، معلن ا في مؤتمر صحفي بالعاصمة الفرنسية باريس عن وجود محادثات غير مباشرة مع إسرائيل بوساطة دولية، تهدف إلى تهدئة التوترات في الجنوب السوري، ومنع الانزلاق نحو حرب مفتوحة. كما أكد التزام حكومته باتفاقية فصل القوات لعام 1974، في خطوة فُهمت على أنها رغبة سورية في احتواء التصعيد بدل مواجهته، وهو ما ينسجم مع تطلعات الولايات المتحدة لاستقرار سياسي وأمني طويل الأمد في سوريا. ومن جهة واشنطن، جاءت أبرز إشارة سياسية في هذا السياق من رفض إدارة ترامب طلبا إسرائيليا بالإبقاء على العقوبات الاقتصادية ضد دمشق، وهو ما كشفته تقارير صحفية مؤخرا. هذا الرفض عكس إدراكًا أميركيًا بأن المبالغة في الضغط على سوريا الجديدة قد تعيق انخراطها البنّاء في الملفات الإقليمية، بما في ذلك ملف التطبيع مع إسرائيل نفسه. كما يبرز أن واشنطن صارت تنظر بعين القلق إلى أي سلوك إسرائيلي قد يقوض مشروعها الناشئ في بناء شريك سوري موثوق ومتوازن. في المحصلة، تلعب الولايات المتحدة في هذه المرحلة دورًا معقّدًا ومزدوجًا بين دعمها لإسرائيل ورغبتها في الانخراط مع الإدارة السورية الجديدة وتجنب الانزلاق إلى مواجهة إقليمية تعيق عملية الانتقال السياسي السورية. ويبدو أن هذا التوازن سيتطلب من واشنطن مناورة دقيقة مستمرة بين الحليف التقليدي والشريك المحتمل الجديد، لضمان استقرار المعادلة الأمنية في مرحلة ما بعد الأسد. قسد ودمشق.. دمج معقّد في ظل التحول الأميركي يُعد الدعم الأميركي المستمر لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) أحد أبرز مصادر التوتر المحتمل بين واشنطن والحكومة السورية الجديدة. فمنذ وقت مبكر من عمر الصراع في سوريا، اعتمدت الولايات المتحدة على "قسد" شريكًا أساسيًا في الحرب ضد تنظيم الدولة، ووفرت لها غطاءً جويًا ودعمًا لوجستيًا واستخباراتيًا. ورغم زوال نظام الأسد ، لا تزال واشنطن تحتفظ بحوالي 900 جندي أميركي في مناطق شمال وشرق سوريا، وهو ما يُثير مخاوف القيادة السورية الجديدة من خطر التفكك الوطني أو محاولات الأكراد لفرض حكم ذاتي خارج سيطرة الدولة المركزية. وقد شهد شهر مارس/آذار الماضي توقيع اتفاق غير مسبوق بين قيادة قوات قسد والحكومة السورية الانتقالية في دمشق. وقتها، ظهر الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي وهما يوقعان وثيقة من 8 بنود تمهد لإعادة توحيد الأراضي السورية تحت سلطة الدولة. نص الاتفاق على دمج مؤسسات قسد المدنية والعسكرية في مؤسسات الدولة، ووضع الموارد الاستراتيجية (المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز) تحت سيطرة الحكومة المركزية، واعتبر الاتفاق خطوة مهمة لإنهاء الانقسام الجغرافي الذي عانته سوريا، وخطوة على طريق الاستقرار السياسي والأمني. إعلان وقد رحبت واشنطن وحلفاؤها الغربيون بالاتفاق، إذ أعلنت الخارجية الأميركية دعمها لاتفاق الشرع-عبدي بوصفه "خطوة نحو سوريا جديدة جامعة لكل أبنائها"، كما كشف مسؤولون أميركيون أن واشنطن أدّت دور الوسيط خلف الكواليس لتقريب وجهات النظر بين الأكراد والحكومة السورية، وفق ما أوردته "وول ستريت جورنال". غير أن تنفيذ هذا الاتفاق، رغم الترحيب الإقليمي والدولي به، لم يكن سَلِسًا كما بدا في بادئ الأمر. فمن جهة، أعلنت دمشق استلامها السيطرة على بعض الحقول الحيوية مثل العمر والشدادي، وبدأت عمليات تنسيق أمني مع قسد ضد فلول تنظيم الدولة، بدعم وتسهيل من واشنطن. ومن جهة أخرى، برزت عدة تحديات معقدة بدأت تُهدّد استمرارية التفاهم، وعلى رأسها الطريقة التي سيجري بها دمج الفصائل الكردية ضمن الجيش السوري الجديد. ومع توقيع الاتفاق، أوفدت تركيا مسؤولين إلى دمشق لبحث تفاصيل الدمج، وأكّد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن وفدًا تركيًا ناقش اتفاق الحكومة السورية وقسد خلال زيارة للعاصمة السورية، وفق ما أوردته وكالة رويترز. وتشمل اهتمامات تركيا الرئيسية بشأن الاتفاق؛ ضمان عدم وجود مقاتلين أجانب منتمين إلى حزب العمال الكردستاني (الذي أعلن حل نفسه مؤخرا) ضمن الهيكلية الجديدة، مع إخراجهم من سوريا وإعادتهم إلى بلدانهم، بالإضافة إلى ضمان أمن الحدود وسلامة المجتمعات المحلية مثل التركمان. في الداخل السوري، لم يكن المشهد أقل اضطرابا، إذ تسبّب الاتفاق في انقسام داخلي حاد ضمن صفوف قسد نفسها، حيث عبّر عدد من القادة العسكريين المحليين (خصوصًا في منبج والقامشلي) عن رفضهم المطلق للاندماج الكامل ضمن الجيش السوري، واعتبروا ذلك تهديدًا لوجودهم، حتى إن بعضهم طالب باستمرار الحكم الذاتي تحت إشراف دولي، بينما لوّح آخرون بتعليق التعاون مع دمشق إذا لم تُحترم الخصوصية الثقافية والإدارية للأكراد. ولم يكن الغموض بشأن مستقبل الوجود الأميركي في المنطقة أقل تأثيرًا، فواشنطن رغم إشرافها على صياغة الاتفاق، لم تعلن عن أي جدول زمني واضح لانسحاب قواتها. هذا التأرجح أربك حسابات قسد، التي تخشى أن تُترك في مواجهة مباشرة مع الحكومة الجديدة أو مع تركيا حال حدوث انسحاب مفاجئ. غير أن التحول الواضح في السياسة تجاه قسد، تمثّل في إدراج تفهم جوهري خلال قمة الرياض التي جمعت الرئيسين الأميركي والسوري، إذ اشترط ترامب على الحكومة السورية تقديم ضمانات واضحة بشأن إدارة مراكز اعتقال عناصر "تنظيم الدولة" شمال شرق البلاد، والتي تديرها قسد منذ سنوات. هذا المطلب يعد مؤشرا أوليا لا يمكن تجاهله على تراجع أهمية قسد بالنسبة للأميركيين، ورغبة واشنطن في نقل الأعباء الأمنية إلى الدولة السورية الجديدة. ويشير ذلك -ربما- أن واشنطن ترى أن مسؤولية احتجاز ومحاكمة العناصر المتطرفة يجب أن تتحول من كيان غير معترف به دوليًا إلى حكومة شرعية مركزية قادرة على إنفاذ القانون في جميع أراضيها. باختصار، يمكن القول إن اتفاق مارس/آذار 2025 بين قسد والحكومة السورية أسس لمرحلة جديدة من التفاعل السياسي – الأمني، لكنه ما زال هشًا ويواجه تحديات داخلية وإقليمية معقدة. ويظل نجاحه مرهونا بمعالجة الانقسامات الكردية الداخلية، واستيعاب المكوّن الكردي دون تهميش، والأهم؛ التزام قسد بتعهداتها بالتخلي عن الطموحات الانفصالية، فضلا عن الضمانات الأميركية لتنفيذ الاتفاق على الأقل في المرحلة الانتقالية، حيث ترى الحكومة السورية الجديدة أن إعادة بناء هياكل الدولة الأمنية لا يمكن أن تُجرى في ظل جيش موازٍ، وتطالب واشنطن بوقف دعم قسد أو ضمان دمجها في المؤسسة العسكرية الوطنية. إعادة تعريف في الختام، يتضح أن الدور الأميركي في سوريا ما بعد الأسد لم يتراجع، بل أعيد تشكيله وفق مقاربة أكثر واقعية تتلاءم مع الحقائق الجديدة، حيث انتقلت واشنطن من سياسة إدارة الصراع إلى إدارة الانتقال، ومن دعم الكيانات غير الرسمية إلى التنسيق المشروط مع الدولة المركزية الناشئة. ويبرز ذلك بوضوح في ثلاثة ملفات مركزية شكّلت اختبارًا لجدية التحول الأميركي: أولا، مثّلت العقوبات أداة مركزية في يد واشنطن استخدمتها للضغط على النظام السابق، لكنها تحوّلت في عهد الحكومة الانتقالية إلى ورقة مساومة، كما أظهرت قمة الرياض التي ربط فيها الرئيس ترامب رفع العقوبات بخارطة شروط أمنية وسياسية واضحة، في مقدمتها سياسة النظام الجديد تجاه إسرائيل ومصير "المليشيات الأجنبية"، وهي ملفات شائكة قابلة للانفجار في أي وقت. ثانيًا، تعمل واشنطن على ضبط إيقاع التصعيد الإسرائيلي داخل سوريا. ورغم تمسّك الولايات المتحدة بحق إسرائيل "المزعوم" في "الدفاع عن النفس"، فإنها عبّرت عن رفض "ضمني" لتوسيع دائرة العمليات على نحو يهدد الاستقرار السياسي السوري، وهو ما يعكس رغبتها في احتواء الحليف، لا إطلاق يده دون حساب. ثالثا، حافظت الولايات المتحدة على دعم قوات قسد لسنوات كشريك ميداني، لكنها أظهرت بوادر تحوّل استراتيجي من خلال الدفع نحو اتفاق الدمج مع دمشق، ثم اشتراطها في قمة الرياض أن تتحمل الحكومة السورية مسؤولية سجون مقاتلي تنظيم الدولة، في ما يُعدّ تخليًا تدريجيًا عن "قسد" كشريك سياسي، والبحث لصالح عملية انتقال سياسي ترغب واشنطن أن تكون أكثر سلاسة وتنظيما. في المحصلة، ترسم هذه الوقائع ملامح دور أميركي جديد في سوريا لا هو بالانسحاب الكامل، ولا بالتورط المباشر، بل شراكة أمنية مشروطة، تتقاطع فيها مصالح واشنطن مع استقرار دمشق. وهي معادلة دقيقة، يبدو أن نجاحها مرتبط بقدرة الطرف السوري على التوازن بين الاستجابة للمطالب الغربية دون التفريط في سيادة البلاد، كما يرتبط بقدرة واشنطن على ضبط سقف مطالبها من النظام الجديد دون أن تخاطر بتقويضه، مع منحه ما يكفي من الحوافز لاستكمال عملية الاندماج ضمن المجتمع الدولي.

العقوبات وإسرائيل وقسد.. ماذا تريد أميركا من سوريا الجديدة؟
العقوبات وإسرائيل وقسد.. ماذا تريد أميركا من سوريا الجديدة؟

الجزيرة

timeمنذ 3 أيام

  • سياسة
  • الجزيرة

العقوبات وإسرائيل وقسد.. ماذا تريد أميركا من سوريا الجديدة؟

عادة ما تواجه الدول التي تخوض فترات ما بعد النزاعات المسلحة، وتعاني من عدم استقرار أمني واضطراب سياسي، تحديات كبيرة موروثة من زمان الصراع، وهو ما يتطلب عادة من تلك الدول، والأنظمة الجديدة التي تحكمها، البحث عن توازن خاص ودقيق في علاقاتها الدولية لضمان الدعم اللازم للدولة الجديدة، مع الحد من التنازلات التي قد تُفرض عليها. وفي السياق السوري، تتعامل الإدارة الجديدة مع الإرث الثقيل لنظام الأسد، وهي تتلمس خطاها للبحث عن التوازن المطلوب وسط العديد من الصراعات المحتدمة والقوى الإقليمية والدولية الساعية لضمان مصالحها. وتُعدّ الولايات المتحدة الطرف الأهم في صياغة هذا التوازن، نظرًا لاستمرار وجودها العسكري في شمال شرق سوريا، ودورها في دعم "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وتحكّمها المباشر في العديد من أدوات الضغط الاقتصادي والعسكري. غير أن قمة الرياض التي جمعت الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو/أيار 2025، مثّلت نقطة تحوّل في السياسة الأميركية تجاه دمشق، التي تزامنت مع الإعلان عن بدء رفع العقوبات، مقابل التزامات سياسية وأمنية محددة. كما ظهرت مؤشرات على تحول أميركي في ملف "قسد"، مع إبداء ترامب رغبته بأن تتولى الحكومة السورية الجديدة مسؤولية الإشراف على مراكز احتجاز عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (الواقعة حاليا تحت سيطرة قسد)، بحسب ما ورد في بيان المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفت على منصة إكس. وتعبر هذه الخطوة عن استعداد الولايات المتحدة لتقليص تحالفها مع قسد، والتعامل مع الإدارة السورية الجديدة. بالتوازي، تلعب واشنطن مؤخرا -على ما يبدو- دورًا موازنًا في ضبط التحركات العسكرية الإسرائيلية في الجنوب السوري، ورغم امتناعها عن انتقاد الغارات الإسرائيلية الأخيرة على مواقع قرب العاصمة دمشق تحت ذريعة حماية الدروز ، فإنها وجهت الدعوة إلى "خفض التصعيد" و"حماية الأقليات الدينية". يركز هذا المقال على تحليل الدور الأمني الأميركي في سوريا ما بعد الأسد، وعلى المواقف المتبادلة التي قد تشكل مستقبل العلاقة الثنائية، من خلال تفكيك ثلاث قضايا محورية: سياسة العقوبات والربط بين رفعها وبين شروط أمنية سياسية محددة يتعين على النظام السوري الجديد الوفاء بها، ودور واشنطن في إدارة التوتر الإسرائيلي السوري، وأخيرا مسار العلاقة بين الحكومة الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية. العقوبات.. بوابة الانفتاح على سوريا مثّل اللقاء بين الرئيس السوري أحمد الشرع ونظيره الأميركي دونالد ترامب مؤخرا تطورًا نوعيًا غير مسبوق في مسار العلاقات السورية الأميركية. فهذا الاجتماع، الذي عُقد في الرياض برعاية سعودية، هو الأول من نوعه بين رئيس أميركي ورئيس سوري منذ 25 عامًا، إذ تعود آخر قمة مماثلة إلى لقاء حافظ الأسد وبيل كلينتون عام 2000. وحضر القمة إلى جانب ترامب والشرع، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (مضيف اللقاء) بينما شارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر دائرة الاتصال المرئي، مما أبرز طبيعة التنسيق الدولي والإقليمي خلف هذا الحدث المفصلي. ويعكس هذا اللقاء مدى الأهمية التي توليها واشنطن للمتغيرات الجديدة في سوريا، كما يعكس استعداد ترامب للتصرف بشكل غير تقليدي أحيانا، حيث كان اللقاء مع الشرع محل خلاف داخل فريق الرئيس الأميركي حتى قبيل ساعات قليلة من زيارته للمنطقة. بيد أن لقاء ترامب والشرع لم يكن التطور الوحيد من ترامب تجاه سوريا، حيث أعلن الرئيس الأميركي عزمه رفع العقوبات الأميركية عن سوريا بصورة تدريجية. و وصف ترامب تلك العقوبات بأنها "وحشية" و"معيقة"، مؤكدًا أنه حان الوقت لكي "تنهض سوريا" من جديد. جاء هذا الإعلان بعد أكثر من عقد من عقوبات مشدّدة عزلت سوريا عن المنظومة المالية العالمية بشكل كلي. ومن الواضح أن واشنطن اعتمدت مقاربة جديدة في التعامل مع الحكومة السورية الجديدة، تنتقل فيها من سياسة العزل والعقاب إلى سياسة الانخراط المشروط والدعم الحذر، فقد أبدى المسؤولون الأميركيون استعدادهم للعمل مع سلطات دمشق الانتقالية إذا التزمت بمسار التسوية السياسية وراعت المطالب الدولية، وهو نهج مقارب لرؤية حلفاء أميركا الأوروبيين الذين اعتبروا تشكيل الحكومة الجديدة معلمًا مهمًا في الانتقال السياسي في سوريا. لم يكن التحول في الموقف الأميركي حيال العقوبات وليد قرار أحادي، بل جاء ثمرة وساطات إقليمية مكثفة وجهود دبلوماسية مشتركة، فقد لعبت السعودية وتركيا وقطر دورًا محوريًا في إقناع إدارة ترامب بمنح دمشق فرصة جديدة؛ إذ كشف ترامب نفسه أن ولي العهد السعودي والرئيس التركي أسهما في التوسط لترتيب اجتماعه مع الرئيس الشرع ولاتخاذ قرار رفع العقوبات. كما رحبت قطر علنًا بالتوجه الأميركي الجديد، وبرز دعمها عبر القنوات الدبلوماسية لهذه الخطوة. ومن جانبها وجّهت الحكومة السورية الشكر إلى السعودية وقطر وتركيا لمساندتها جهود إنهاء العزلة الاقتصادية عن دمشق، معتبرةً أن وقوف الأشقاء العرب إلى جانبها ساهم بشكل مباشر في صدور القرار الأميركي. ويعكس هذا التنسيق توجّها إقليميًا على ضرورة انتشال الاقتصاد السوري من أزمته الخانقة وتهيئة الظروف لإعادة الإعمار، باعتبار ذلك جزءًا أساسيًا من ترسيخ الاستقرار في سوريا الجديدة. خلال المحادثات، طرح الرئيس ترامب بصورة واضحة خارطة مطالب أميركية من القيادة السورية الجديدة كأثمان سياسية وأمنية للتطبيع الكامل معها ورفع العقوبات وإعادة دمج سوريا في الاقتصاد العالمي. ووفق ما ورد في بيان متحدثة البيت الأبيض، حدد ترامب خمسة مطالب أساسية موجّهة للرئيس الشرع. أول هذه المطالب هو انضمام سوريا إلى اتفاقيات أبراهام وتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، في تحول جذري عن نهج الصراع السابق، وثانيها هو إخراج كافة المقاتلين الأجانب من سوريا، ويُفهَم منه خصوصًا المليشيات غير السورية التي كانت تنشط إبان الحرب (وفي طليعتها القوات الموالية لإيران)، كما يشمل أيضا المقاتلين الأجانب الذين قاتلوا إلى جانب الثورة السورية وجرى دمج بعضهم مؤخرا ضمن وزارة الدفاع السورية الجديدة. أما المطلب الثالث فيتعلق بترحيل كوادر الفصائل الفلسطينية المسلحة المتواجدة على الأراضي السورية (وعلى رأسها حركتا حماس و الجهاد الإسلامي) إلى خارج البلاد، بما يبدد هواجس إسرائيل والولايات المتحدة حيال وجود تلك الجماعات. بعد ذلك يأتي المطلب الرابع وهو تعزيز التعاون مع واشنطن في مكافحة تنظيم الدولة ومنع عودته للظهور، بينما يُلزِم المطلب الخامس والأخير دمشق بتحمّل المسؤولية الكاملة عن مراكز احتجاز مقاتلي تنظيم الدولة في شمال شرق البلاد بدلًا من الاعتماد على قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي. من جانبه، أبدى الرئيس أحمد الشرع مرونة لافتة إزاء تلك المطالب، سعيًا منه للاستفادة القصوى من فرصة الانفتاح الأميركي. وبحسب بيان متحدثة البيت الأبيض، شكر الشرع الرئيس ترامب والأمير محمد بن سلمان والرئيس أردوغان على جهودهم في تنظيم اللقاء، معتبرًا أن خروج القوات الإيرانية من سوريا قد أتاح "فرصة مهمة" لاستعادة سيادة سوريا الكاملة وبناء شراكات جديدة. كما أكّد الشرع -وفق البيان- التزامه الثابت باتفاق فك الاشتباك مع إسرائيل لعام 1974 كأساس لضمان أمن الحدود، وأبدى انفتاحًا على فكرة التحاق سوريا بركب "السلام الإقليمي" عندما تسمح الظروف بذلك. وفي خطوة رمزية تعبّر عن الرغبة في كسب ثقة الأميركيين، عرض منح الشركات الأميركية أولوية في الاستثمار بقطاع النفط والغاز السوري. هذه المواقف السورية الإيجابية قوبلت بترحيب حذر من الجانب الأميركي، حيث اعتبر ترامب أن لدى الشرع فرصة تاريخية لتحقيق تحوّل حقيقي في بلاده إذا نفّذ تلك التعهدات، مؤكدًا استعداد واشنطن لمواكبة هذا التحول ودعمه بخطوات ملموسة على الأرض. واشنطن بين دمشق وإسرائيل يُعد ملف العلاقة غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل داخل الأراضي السورية من أعقد التحديات التي تواجه السياسة الأميركية تجاه دمشق ما بعد الأسد، إذ لطالما شكلت الغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا، خصوصًا ضد أهداف مرتبطة بإيران أو حزب الله اللبناني، عامل توتر دائم. ومع سقوط نظام الأسد، وظهور حكومة انتقالية بدأت تنال دعما وزخما دوليا، دخلت واشنطن في حالة توازن دبلوماسي حساس بين شراكتها التاريخية مع إسرائيل وبين محاولتها دعم الاستقرار السياسي في سوريا الجديدة. من جهة، لا تخفي تل أبيب نيتها في مواصلة نهجها العسكري، وتستغل انشغال السوريين بالانتقال السياسي من أجل ترسيخ وجودها في الأراضي والأجواء السورية، بل وتُبرر تصعيدها أحيانًا بذريعة "حماية الأقليات" كما حصل عقب الضربة الإسرائيلية التي استهدفت محيط القصر الجمهوري. ورغم أن الولايات المتحدة لم تؤيد هذه العملية بشكل علني، فإنها امتنعت عن إدانتها أيضًا. وبدلاً من ذلك، ركّز بيان الخارجية الأميركية على إدانة ما وصفه "بالعنف والتحريض ضد أبناء الطائفة الدرزية في سوريا"، داعيا إلى "خفض التصعيد وحماية المكونات الدينية، في موقف فسّره مراقبون على أنه تماهٍ ضمني مع الرواية الإسرائيلية دون تبنٍّ مباشر للضربة. وقد رأت واشنطن أن تحميل دمشق مسؤولية التوتر الطائفي في مناطق مثل جرمانا والسويداء، يمكّنها من توجيه رسالة مزدوجة: فهي من جهة تُبقي على دعمها لإسرائيل، ومن جهة أخرى تضغط على الحكومة السورية الجديدة "لضبط سلوكها الأمني"، دون تقويض مسارها الانتقالي. غير أن واشنطن، وعلى النقيض من إسرائيل، تظل حذرة من أي تصعيد يمكن أن يقوض الانتقال السياسي في سوريا. يأتي هذا الحذر الأميركي في ظل قناعة متزايدة لدى الأوساط الغربية بأن إسرائيل تسعى، عبر تكثيف عملياتها العسكرية، إلى فرض وقائع جديدة على دمشق، مستغلة حالة السيولة السياسية وضعف البنية العسكرية للدولة بعد الحرب، وأن الاستراتيجية الإسرائيلية الراهنة تقوم على الضغط العسكري-الدبلوماسي لإجبار الحكومة السورية الجديدة على قبول الوجود الإسرائيلي على أراضيها وفي أجوائها كأمر واقع، ووضع ضغوط مستمرة على الإدارة الجديدة في دمشق. من هذا المنطلق، تبدو واشنطن وكأنها تلعب دور "الكابح" في هذا المسار، فهي راضية عن النفوذ الإسرائيلي في معادلة الردع الإقليمي بما يشمل سوريا، لكنها لا ترغب أيضا في زيادة التصعيد العسكري إلى الحد الذي يخلق فوضى تقوض عملية الانتقال السياسي في دمشق. وفي ضوء هذه الرغبة الأميركية، يمكننا قراءة التهدئة النسبية في نبرة المسؤولين الإسرائيليين تجاه النظام السوري الجديد. ففي 12 مايو/أيار الحالي، صرّح وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر ، بأن إسرائيل "تسعى لعلاقات جيدة مع الحكومة السورية الجديدة"، رغم إقراره بوجود مخاوف أمنية مستمرة تجاهها. التحول في لهجة إسرائيل لم يأتِ من فراغ، بل تزامن مع إعلان استعادة رفات الجندي تسفيكا فيلدمان الذي فُقد منذ عام 1982، في عملية نُفّذت داخل العمق السوري، ما اعتُبر مؤشرا على وجود تفاهمات أمنية غير معلنة بين الطرفين. بالتوازي مع هذه التطورات، خرج الرئيس السوري أحمد الشرع عن المألوف، معلن ا في مؤتمر صحفي بالعاصمة الفرنسية باريس عن وجود محادثات غير مباشرة مع إسرائيل بوساطة دولية، تهدف إلى تهدئة التوترات في الجنوب السوري، ومنع الانزلاق نحو حرب مفتوحة. كما أكد التزام حكومته باتفاقية فصل القوات لعام 1974، في خطوة فُهمت على أنها رغبة سورية في احتواء التصعيد بدل مواجهته، وهو ما ينسجم مع تطلعات الولايات المتحدة لاستقرار سياسي وأمني طويل الأمد في سوريا. ومن جهة واشنطن، جاءت أبرز إشارة سياسية في هذا السياق من رفض إدارة ترامب طلبا إسرائيليا بالإبقاء على العقوبات الاقتصادية ضد دمشق، وهو ما كشفته تقارير صحفية مؤخرا. هذا الرفض عكس إدراكًا أميركيًا بأن المبالغة في الضغط على سوريا الجديدة قد تعيق انخراطها البنّاء في الملفات الإقليمية، بما في ذلك ملف التطبيع مع إسرائيل نفسه. كما يبرز أن واشنطن صارت تنظر بعين القلق إلى أي سلوك إسرائيلي قد يقوض مشروعها الناشئ في بناء شريك سوري موثوق ومتوازن. في المحصلة، تلعب الولايات المتحدة في هذه المرحلة دورًا معقّدًا ومزدوجًا بين دعمها لإسرائيل ورغبتها في الانخراط مع الإدارة السورية الجديدة وتجنب الانزلاق إلى مواجهة إقليمية تعيق عملية الانتقال السياسي السورية. ويبدو أن هذا التوازن سيتطلب من واشنطن مناورة دقيقة مستمرة بين الحليف التقليدي والشريك المحتمل الجديد، لضمان استقرار المعادلة الأمنية في مرحلة ما بعد الأسد. قسد ودمشق.. دمج معقّد في ظل التحول الأميركي يُعد الدعم الأميركي المستمر لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) أحد أبرز مصادر التوتر المحتمل بين واشنطن والحكومة السورية الجديدة. فمنذ وقت مبكر من عمر الصراع في سوريا، اعتمدت الولايات المتحدة على "قسد" شريكًا أساسيًا في الحرب ضد تنظيم الدولة، ووفرت لها غطاءً جويًا ودعمًا لوجستيًا واستخباراتيًا. ورغم زوال نظام الأسد ، لا تزال واشنطن تحتفظ بحوالي 900 جندي أميركي في مناطق شمال وشرق سوريا، وهو ما يُثير مخاوف القيادة السورية الجديدة من خطر التفكك الوطني أو محاولات الأكراد لفرض حكم ذاتي خارج سيطرة الدولة المركزية. وقد شهد شهر مارس/آذار الماضي توقيع اتفاق غير مسبوق بين قيادة قوات قسد والحكومة السورية الانتقالية في دمشق. وقتها، ظهر الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي وهما يوقعان وثيقة من 8 بنود تمهد لإعادة توحيد الأراضي السورية تحت سلطة الدولة. نص الاتفاق على دمج مؤسسات قسد المدنية والعسكرية في مؤسسات الدولة، ووضع الموارد الاستراتيجية (المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز) تحت سيطرة الحكومة المركزية، واعتبر الاتفاق خطوة مهمة لإنهاء الانقسام الجغرافي الذي عانته سوريا، وخطوة على طريق الاستقرار السياسي والأمني. إعلان وقد رحبت واشنطن وحلفاؤها الغربيون بالاتفاق، إذ أعلنت الخارجية الأميركية دعمها لاتفاق الشرع-عبدي بوصفه "خطوة نحو سوريا جديدة جامعة لكل أبنائها"، كما كشف مسؤولون أميركيون أن واشنطن أدّت دور الوسيط خلف الكواليس لتقريب وجهات النظر بين الأكراد والحكومة السورية، وفق ما أوردته "وول ستريت جورنال". غير أن تنفيذ هذا الاتفاق، رغم الترحيب الإقليمي والدولي به، لم يكن سَلِسًا كما بدا في بادئ الأمر. فمن جهة، أعلنت دمشق استلامها السيطرة على بعض الحقول الحيوية مثل العمر والشدادي، وبدأت عمليات تنسيق أمني مع قسد ضد فلول تنظيم الدولة، بدعم وتسهيل من واشنطن. ومن جهة أخرى، برزت عدة تحديات معقدة بدأت تُهدّد استمرارية التفاهم، وعلى رأسها الطريقة التي سيجري بها دمج الفصائل الكردية ضمن الجيش السوري الجديد. ومع توقيع الاتفاق، أوفدت تركيا مسؤولين إلى دمشق لبحث تفاصيل الدمج، وأكّد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن وفدًا تركيًا ناقش اتفاق الحكومة السورية وقسد خلال زيارة للعاصمة السورية، وفق ما أوردته وكالة رويترز. وتشمل اهتمامات تركيا الرئيسية بشأن الاتفاق؛ ضمان عدم وجود مقاتلين أجانب منتمين إلى حزب العمال الكردستاني (الذي أعلن حل نفسه مؤخرا) ضمن الهيكلية الجديدة، مع إخراجهم من سوريا وإعادتهم إلى بلدانهم، بالإضافة إلى ضمان أمن الحدود وسلامة المجتمعات المحلية مثل التركمان. في الداخل السوري، لم يكن المشهد أقل اضطرابا، إذ تسبّب الاتفاق في انقسام داخلي حاد ضمن صفوف قسد نفسها، حيث عبّر عدد من القادة العسكريين المحليين (خصوصًا في منبج والقامشلي) عن رفضهم المطلق للاندماج الكامل ضمن الجيش السوري، واعتبروا ذلك تهديدًا لوجودهم، حتى إن بعضهم طالب باستمرار الحكم الذاتي تحت إشراف دولي، بينما لوّح آخرون بتعليق التعاون مع دمشق إذا لم تُحترم الخصوصية الثقافية والإدارية للأكراد. ولم يكن الغموض بشأن مستقبل الوجود الأميركي في المنطقة أقل تأثيرًا، فواشنطن رغم إشرافها على صياغة الاتفاق، لم تعلن عن أي جدول زمني واضح لانسحاب قواتها. هذا التأرجح أربك حسابات قسد، التي تخشى أن تُترك في مواجهة مباشرة مع الحكومة الجديدة أو مع تركيا حال حدوث انسحاب مفاجئ. غير أن التحول الواضح في السياسة تجاه قسد، تمثّل في إدراج تفهم جوهري خلال قمة الرياض التي جمعت الرئيسين الأميركي والسوري، إذ اشترط ترامب على الحكومة السورية تقديم ضمانات واضحة بشأن إدارة مراكز اعتقال عناصر "تنظيم الدولة" شمال شرق البلاد، والتي تديرها قسد منذ سنوات. هذا المطلب يعد مؤشرا أوليا لا يمكن تجاهله على تراجع أهمية قسد بالنسبة للأميركيين، ورغبة واشنطن في نقل الأعباء الأمنية إلى الدولة السورية الجديدة. ويشير ذلك -ربما- أن واشنطن ترى أن مسؤولية احتجاز ومحاكمة العناصر المتطرفة يجب أن تتحول من كيان غير معترف به دوليًا إلى حكومة شرعية مركزية قادرة على إنفاذ القانون في جميع أراضيها. باختصار، يمكن القول إن اتفاق مارس/آذار 2025 بين قسد والحكومة السورية أسس لمرحلة جديدة من التفاعل السياسي – الأمني، لكنه ما زال هشًا ويواجه تحديات داخلية وإقليمية معقدة. ويظل نجاحه مرهونا بمعالجة الانقسامات الكردية الداخلية، واستيعاب المكوّن الكردي دون تهميش، والأهم؛ التزام قسد بتعهداتها بالتخلي عن الطموحات الانفصالية، فضلا عن الضمانات الأميركية لتنفيذ الاتفاق على الأقل في المرحلة الانتقالية، حيث ترى الحكومة السورية الجديدة أن إعادة بناء هياكل الدولة الأمنية لا يمكن أن تُجرى في ظل جيش موازٍ، وتطالب واشنطن بوقف دعم قسد أو ضمان دمجها في المؤسسة العسكرية الوطنية. إعادة تعريف في الختام، يتضح أن الدور الأميركي في سوريا ما بعد الأسد لم يتراجع، بل أعيد تشكيله وفق مقاربة أكثر واقعية تتلاءم مع الحقائق الجديدة، حيث انتقلت واشنطن من سياسة إدارة الصراع إلى إدارة الانتقال، ومن دعم الكيانات غير الرسمية إلى التنسيق المشروط مع الدولة المركزية الناشئة. ويبرز ذلك بوضوح في ثلاثة ملفات مركزية شكّلت اختبارًا لجدية التحول الأميركي: أولا، مثّلت العقوبات أداة مركزية في يد واشنطن استخدمتها للضغط على النظام السابق، لكنها تحوّلت في عهد الحكومة الانتقالية إلى ورقة مساومة، كما أظهرت قمة الرياض التي ربط فيها الرئيس ترامب رفع العقوبات بخارطة شروط أمنية وسياسية واضحة، في مقدمتها سياسة النظام الجديد تجاه إسرائيل ومصير "المليشيات الأجنبية"، وهي ملفات شائكة قابلة للانفجار في أي وقت. ثانيًا، تعمل واشنطن على ضبط إيقاع التصعيد الإسرائيلي داخل سوريا. ورغم تمسّك الولايات المتحدة بحق إسرائيل "المزعوم" في "الدفاع عن النفس"، فإنها عبّرت عن رفض "ضمني" لتوسيع دائرة العمليات على نحو يهدد الاستقرار السياسي السوري، وهو ما يعكس رغبتها في احتواء الحليف، لا إطلاق يده دون حساب. ثالثا، حافظت الولايات المتحدة على دعم قوات قسد لسنوات كشريك ميداني، لكنها أظهرت بوادر تحوّل استراتيجي من خلال الدفع نحو اتفاق الدمج مع دمشق، ثم اشتراطها في قمة الرياض أن تتحمل الحكومة السورية مسؤولية سجون مقاتلي تنظيم الدولة، في ما يُعدّ تخليًا تدريجيًا عن "قسد" كشريك سياسي، والبحث لصالح عملية انتقال سياسي ترغب واشنطن أن تكون أكثر سلاسة وتنظيما. في المحصلة، ترسم هذه الوقائع ملامح دور أميركي جديد في سوريا لا هو بالانسحاب الكامل، ولا بالتورط المباشر، بل شراكة أمنية مشروطة، تتقاطع فيها مصالح واشنطن مع استقرار دمشق. وهي معادلة دقيقة، يبدو أن نجاحها مرتبط بقدرة الطرف السوري على التوازن بين الاستجابة للمطالب الغربية دون التفريط في سيادة البلاد، كما يرتبط بقدرة واشنطن على ضبط سقف مطالبها من النظام الجديد دون أن تخاطر بتقويضه، مع منحه ما يكفي من الحوافز لاستكمال عملية الاندماج ضمن المجتمع الدولي.

ما تأثير إعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه على الملف السوري؟
ما تأثير إعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه على الملف السوري؟

الجزيرة

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الجزيرة

ما تأثير إعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه على الملف السوري؟

دمشق- أفادت وسائل إعلام تركية، اليوم الاثنين، بأن حزب العمال الكردستاني قرر حل نفسه ووقف العمل المسلح في تركيا ، منهيا بذلك تمردا استمر 40 عاما. من جانبها، قالت وكالة "فرات" القريبة من الحزب إن هذه القرارات صدرت في ختام مؤتمره الثاني عشر الذي عُقد قبل أيام. وأضافت أن المؤتمر قرر حل الهيكل التنظيمي للحزب وإنهاء "الكفاح" المسلح وجميع الأنشطة التي تتم باسمه، وأنه يرى أنه "أنجز مهمته التاريخية". وتابعت الوكالة أن العمال الكردستاني يرى أن "الأحزاب السياسية الكردية ستضطلع بمسؤولياتها لتطوير الديمقراطية الكردية وضمان تشكيل أمة كردية ديمقراطية"، وأن العلاقات التركية الكردية بحاجة إلى إعادة صياغة. أكراد سوريا كشف مصدر خاص في قوات سوريا الديمقراطية (قسد) للجزيرة نت أن مظلوم عبدي يشغل منصب القائد العام للقوات، فيما يتولى جيغر سوري قيادة القوات العسكرية بشكل كامل، وتُشرف جيندا، وهي أيضا سورية، على جهاز الاستخبارات العامة في شمال شرق سوريا. وأوضح أن جميع الأوامر تصدر من شخصية تُعرف بلقب "الدكتور"، وهي غير سورية تقيم في جبال قنديل. ووفقا له، فإن الكوادر السورية التي تلقت تدريباتها في هذه الجبال لا يُسمح لها بمغادرة البلاد نظرا لأصولهم السورية. أما التركية الذين يتحدثون اللغة العربية ولا يحملون قيودا في السجلات الرسمية السورية، فسيُحتسبون كمواطنين سوريين من "مكتومي القيد" سابقا. وأكد أن غالبية المقاتلين الأجانب سيغادرون الأراضي السورية بعد إعلان حل حزب العمال الكردستاني، حيث خرج عدد كبير منهم بالفعل، في حين أصبحت قيادة معظم الألوية العسكرية بأيدي ضباط عرب. وفيما يتعلق بقرار الحزب، رجّح المصدر نفسه أن تتنصل منه القيادة العامة لـ"قسد"، وتزعم أنه تركي ولا تربطها به علاقات رسمية. إلا أن الخوف الأكبر، وفقا له، يكمن في إمكانية حدوث خيانة من قبل الحزب في تركيا، إذا تم التوصل إلى اتفاق مع الدولة التركية على حساب الوجود الكردي في سوريا. وأكد المصدر ذاته أن الوضع الأمني في مناطق شرق سوريا مستقر في الوقت الراهن، وأن القيادة أغلقت باب الانتساب إلى التشكيلات العسكرية، مما أدى إلى انخفاض عدد المقاتلين إلى نحو النصف. وبخصوص قوات "الأسايش" (الأمن الداخلي)، أوضح المصدر أنها قوة شرطة مدنية لا تشارك في المعارك، ويجري حاليا تأهيلها أكاديميا ونفسيا تمهيدا لدمجها مع جهاز الأمن العام السوري. كما أشار إلى استعدادات لدخول وفود من حكومة دمشق لتشغيل دوائر الدولة الرسمية. وكشف أن قائد منطقة الرقة الحالي هو سوري كردي يُدعى "أنغين"، في حين يتولى "غريبوز"، وهو أيضا سوري كردي، قيادة منطقة الطبقة بريف الرقة. وأكد أن الجنرال مظلوم عبدي أبدى تشجيعه لقرار حل الحزب، مرجحا وجود وعود دولية بشأن مستقبل قوات "قسد" ضمن إطار الحل السياسي السوري، وهو ما يمنحه الكثير من الاطمئنان تجاه التفاهم مع الحكومة السورية. تداعيات إقليمية وفي أول رد فعل من جانب أنقرة، قال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم عمر جليك إن التنفيذ الكامل لقرار العمال الكردستاني حلَّ نفسه وتسليم سلاحه بشكل كامل، بما يؤدي إلى إغلاق جميع فروعه وامتداداته وهياكله غير القانونية، سيكون نقطة تحول حاسمة. يرى الباحث في الشأن التركي والعلاقات الدولية، طه عودة أوغلو، أن التصور لتقدّم حل سياسي في سوريا شكّل أساسا في التطورات الأخيرة التي شهدتها تركيا، خاصة ما يتعلق بمسار التسوية بين الحكومة والأكراد. وقال للجزيرة نت إن الخطوة التي اتخذها الحزب، إن صحت، ينبغي أن تتبعها خطوات متبادلة من كلا الجانبين، خصوصا من أنقرة في إطار معالجتها للأزمة الأمنية المرتبطة بهذا الملف. وأوضح أن لدى الجانب التركي مطالب تتعلق بقيادة الحزب وعلى رأسها الزعيم عبد الله أوجلان ، وأن هذه التطورات ستؤثر بشكل كبير على المشهد السياسي والأمني. وأضاف أن القضية الكردية لم تعد محصورة في الإطار الداخلي التركي، بل تمددت تداعياتها في السنوات الأخيرة لتشمل ساحات إقليمية ودولية متعددة، منها السورية. وحول مستقبل قوات قسد، اعتبر عودة أوغلو أن الحديث عن تفكيكها أو تسليم سلاحها لا يزال مبكرا جدا، قائلا إنها تمثل حاليا "أداة للولايات المتحدة تحت مسمى مكافحة الإرهاب، وتحديدا تنظيم الدولة الإسلامية". ولفت إلى أن هناك معضلات هيكلية تعترض طريق اندماجها بشكل فردي داخل الجيش السوري، وهو أمر مرهون بشكل كبير بالتطورات الجارية في الداخل التركي، إضافة إلى ما قد تشهده الساحة السورية من تحولات. وبشأن العلاقة بين قسد والحكومة السورية، أشار إلى وجود مشاورات تمت خلال الفترة الأخيرة خاصة فيما يتعلق بملف النفط وحقول الطاقة التي تسيطر عليها قسد تحت إشراف أميركي مباشر. وأكد أن غياب تحركات ملموسة بشأن الانسحاب الأميركي يكرس حالة الجمود في هذا الملف في ظل استمرار الخلافات بين الحكومة السورية وقسد. أما عن الدور التركي في الملف السوري، فأوضح الباحث أنه يتوقف بدرجة كبيرة على المتغيرات الإقليمية والدولية، مشيرا إلى التحركات التركية الأخيرة تجاه إسرائيل وما قابلها من مساع أميركية لتنظيم إيقاع هذه العلاقة. إعلان وأكد أن أنقرة تسعى إلى إنجاح المسار السياسي السوري، وأن هذا النجاح مشروط بتحقيق تقدم في الوضع الأمني خاصة في شمال سوريا. وختم بأن ضبط الأمن في تلك المناطق سيكون عاملا إيجابيا في تعزيز الثقة والمضي قدما نحو بناء دولة سورية جديدة. وبحسب خبراء، تشمل التأثيرات المحتملة على الملف السوري: تخفيف الضغوط التركية على قوات سوريا الديمقراطية. يُتوقع أن يؤدي حل الحزب إلى عدم شن عمليات عسكرية تركية ضد "قسد"، خاصة إذا انسحبت القيادات المرتبطة بالحزب من الأراضي السورية، مما قد يمنح الأكراد السوريين فرصة أكبر للمشاركة في إعادة تشكيل مستقبل سوريا سياسيا. تحول مهم من جانبه، قال فراس علاوي، الكاتب والباحث في العلاقات الدولية، للجزيرة نت، إن حل حزب العمال الكردستاني يمكن أن يُحدث تحولا مهما في المشهد السياسي والأمني في المنطقة. وأوضح أنه سيساعد في تهدئة الأجواء المتوترة خاصة على الحدود التركية السورية، مما قد يدفع أنقرة إلى إعادة النظر في إستراتيجياتها، سواء من ناحية التدخل في الشأن السوري أو التعاون مع دمشق. وأضاف أنه سينعكس بشكل مباشر على القوى الكردية في سوريا، وعلى رأسها "قسد" و"حزب الاتحاد الديمقراطي"، نظرا لأن العمال الكردستاني يُعد الحليف الأبرز لهما. وتابع "بالتالي، فإن إضعاف الكردستاني سيؤثر سلبا على موقف قسد التفاوضي مع الحكومة السورية". ورغم احتمال قيام قسد بحل نفسها أو تسليم السلاح، يرى علاوي أن ذلك يظل مرتبطا بسياق التفاهم، لا سيما بالاتفاق بين القيادة السورية ومظلوم عبدي، قائد قسد. وأوضح: "حل الحزب سيمنح دمشق أوراقا قوة إضافية، مقابل تراجع النفوذ الكردي، مما قد يسرّع تنفيذ الاتفاقات المبرمة بين الحكومتين السورية والتركية". بَيد أنه حذر من سيناريوهات معاكسة، موضحا أنه "إذا انتقل قادة الحزب إلى الداخل السوري دون تفكيك منظومته العسكرية، فقد نشهد تصعيدا وتشددا أكبر في الموقف الكردي داخل سوريا، ما سينعكس سلبا على المنطقة برمتها". وقال "في حال ضعُف نفوذ العناصر المتشددة داخل قسد، قد يكون الدور التركي أكثر تأثيرا دبلوماسيا. أما إذا تعزز هذا النفوذ، فقد نشهد تدخلا تركيا مباشرا، ولكن هذه المرة عبر الأدوات العسكرية". وكانت "قسد" قد وقعت اتفاقا مع الحكومة السورية يقضي بدمج قواتها ضمن الجيش السوري الجديد، والتعاون في مجالات اقتصادية وسياسية خلال اجتماع جمَع الرئيس أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي في مارس/آذار الماضي.

المملكة تُرحّب باتفاق اندماج المؤسسات المدنية والعسكرية السورية
المملكة تُرحّب باتفاق اندماج المؤسسات المدنية والعسكرية السورية

البلاد السعودية

time١٠-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • البلاد السعودية

المملكة تُرحّب باتفاق اندماج المؤسسات المدنية والعسكرية السورية

الرياض : واس أعربت وزارة الخارجية عن ترحيب المملكة العربية السعودية بتوقيع الاتفاق الذي يقضي باندماج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن مؤسسات الدولة السورية. وأشادت المملكة بالإجراءات التي اتخذتها القيادة السورية لصون السلم الأهلي في سوريا والجهود المبذولة لاستكمال مسار بناء مؤسسات الدولة بما يحقق الأمن والاستقرار ويلبي تطلعات الشعب السوري الشقيق. وجددت المملكة دعمها الكامل لوحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store