أحدث الأخبار مع #شيوري


شفق نيوز
٠١-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- شفق نيوز
فيلم لأيقونة حركة "أنا أيضاً" اليابانية يترشح لجائزة الأوسكار لكن لا يمكن عرضه في البلاد
عندما قررت الصحفية اليابانية، شيوري إيتو، التحدث عن مزاعم تعرضها للاغتصاب، علمت أنها تقف في وجه مجتمع يفضل الصمت. وتقول شيوري في المشهد الافتتاحي لفيلمها الوثائقي، يوميات الصندوق الأسود (Black Box Diaries)، المرشح لجائزة الأوسكار، "أنا خائفة ... لكن كل ما أريد فعله هو التحدث عن الحقيقة". وباتت، شيوري، وجه حركة "أنا أيضاً" اليابانية، بعدما اتهمت الصحفي البارز، نوريوكي ياماغوتشي، باغتصابها وقد نفى ياماغوتشي هذه الاتهامات. والوثائقي أول فيلم تخرجه شيوري، يستند إلى مذكراتها التي تحمل الاسم نفسه، وهو إعادة سرد لسعيها لتحقيق العدالة، بعدما وجدت السلطات أن الأدلة غير كافية لملاحقة تهم جنائية. لكن هناك دولة واحدة لم يعرض فيها الفيلم الوثائقي بعد وهي اليابان حيث واجه جدلاً واسعاً. واتهمها محاموها السابقون بتضمين لقطات صوتية ومرئية، لم يكن لديها إذن باستخدامها، وهو ما اعتبروه انتهاكاً للثقة وعرض مصادرها للخطر. لكن شيوري تدافع عمّا فعلته باعتباره ضرورياً لـ "الصالح العام". إنه تحول مذهل في قصة شغلت اليابان عندما ظهرت لأول مرة، وتجاهلت شيوري التي كانت تبلغ 28 عاماً، آنذاك، طلب عائلتها بالتزام الصمت. وبعدما لم تسفر اتهاماتها العلنية عن رفع دعوى جنائية، رفعت شيوري دعوى مدنية ضد ياماغوتشي، وفازت بتعويض قدره 30 ألف دولار (22917 جنيهاً إسترلينياً). قالت شيوري لبي بي سي، إن صناعة الفيلم تضمن "إعادة إحياء صدمتها"، "استغرق الأمر مني أربع سنوات (لصنع الفيلم) لأنني كنت أعاني عاطفياً". وكانت شيوري متدربة في وكالة رويترز في عام 2015، عندما قالت إن ياماغوتشي دعاها لمناقشة فرصة عمل. وكان الأخير مدير مكتب واشنطن لوكالة "إذاعة طوكيو"، وهي مؤسسة إعلامية رئيسية في اليابان. وتدعي شيوري أنها تعرضت للاغتصاب بعد عشاء في طوكيو مع ياماغوتشي، الذي نفى مراراً الاتهامات. تشكل لقطات كاميرا المراقبة التي تظهر شيوري في حالة سُكر أثناء سحبها من سيارة أجرة إلى داخل فندق، جزءاً من أكثر من 400 ساعة من اللقطات التي قامت بتحريرها للفيلم الوثائقي. تصف شيوري، التي أخرجت وكتبت يوميات الصندوق الأسود، عملية تحرير اللقطات بأنها كانت "تحدياً حقيقياً. كانت أشبه بالعلاج بالتعرض المكثف". وعندما صدر الفيلم، أصبحت لقطات كاميرات المراقبة مصدر خلاف، إذ انتقد المحامون السابقون لشيوري، الذين ساعدوها في الفوز بالقضية، الفيلم الوثائقي. وادعى المحامون أنها استخدمت لقطات من كاميرات المراقبة، دون إذن، وأنها انتهكت تعهدها بعدم استخدامها خارج إجراءات المحكمة. عقد محاموها السابقون، بقيادة يوكو نيشيهيرو، مؤتمراً صحفياً آخر، الأسبوع الماضي، قائلين إن استخدامها للقطات يشكل تحديات لقضايا الاعتداء الجنسي الأخرى. وقالت نيشيهيرو "إذا كُشف عن حقيقة أن أدلة المحاكمة أصبحت علنية، فلن نتمكن من الحصول على التعاون في القضايا المستقبلية". وزعمت نيشيهيرو أن شيوري استخدمت أيضاً تسجيلات بدون إذن، قائلة إنها اكتشفت ذلك فقط أثناء عرض الفيلم في يوليو/تموز الماضي. وشمل ذلك، تسجيلاً صوتياً لمحقق في الشرطة عمل لاحقاً كمُبلغ عن المخالفات في عملية التحقيق، إضافة إلى مقطع مصور لسائق سيارة أجرة أدلى بشهادته عن ليلة الاغتصاب المزعوم. وقال المحامون إن كلاهما من الممكن التعرف عليهما، ولم يوافق أي منهما على الظهور في الفيلم. وقالت نيشيهيرو "لقد حاولت جاهدة حمايتها لثماني سنوات ونصف، وأشعر وكأنني تمزقت بالكامل"، مضيفة "أريدها أن تفسر الأمر وتتحمل المسؤولية". وأقرت شيوري سابقاً، بأنها لم تحصل على إذن من الفندق لاستخدام كاميرات المراقبة، لكنها تدعي أنه كان "الدليل المرئي الوحيد" الذي لديها عن الليلة التي تعرضت فيها للاعتداء جنسياً. وأضافت أن إدراج تسجيل صوتي للمحقق كان ضرورياً بسبب "التستر على التحقيق"، مضيفة أنها تنشر الفيديو "من أجل الصالح العام". وقالت شيوري في حديثها عن الخلافات مع محاميها السابقين، "نحن نقف عند وجهات نظر مختلفة"، مضيفة "بالنسبة لي، (من أجل) الصالح العام. بالنسبة لهم، فالأمر يتعلق 'بعدم خرق أي قانون'". ولم يُقدم أي تفسير رسمي لعدم عرض الفيلم حتى الآن، فيما قالت شيوري إن "اليابان ما زالت غير مستعدة للحديث عن (الفيلم)"، لكن من غير الواضح إلى أي مدى يرجع ذلك أيضاً إلى عقبات قانونية. وفي أحدث بيان لها الأسبوع الماضي، اعتذرت شيوري، وقالت إنها ستُعدل أجزاءً من الفيلم الوثائقي للتأكد من عدم تحديد هوية الأفراد فيه، مضيفة أنه سيُعرض نسخة معدلة مستقبلاً. وقالت لبي بي سي، "هناك لحظات أتمنى لو لم أضطر إلى وضعها في الفيلم الوثائقي. هناك لحظات لا أفخر بها ولكنني أردت أن أضعها كلها وأظهر أننا بشر أيضاً"، مضيفة "لا أحد مثالياً". وعلى مدار السنوات التسع التي تلت الاعتداء، حظي نضال شيوري ضد نظام القضاء الياباني بتغطية إعلامية واسعة، وهو شيء تقول إنها أرادت تسليط الضوء عليه في فيلمها. وتعرضت لموجة من ردود الفعل العنيفة عندما أعلنت عن قصتها للعلن في عام 2017، وحينها تلقت رسائل كراهية وإساءة عبر الإنترنت. وقالت شيوري "كان الناس يخبرونني أنكِ لا تبكي بما فيه الكفاية ... أنتِ لا ترتدي ملابس مناسبة ... أنتِ قوية جداً". وانتقد البعض طريقة ارتداء ملابسها في المؤتمر الصحفي الذي اتهمت فيه ياماغوتشي لأول مرة، وحينها قال البعض إن قميصها كان مفتوح الأزرار أكثر من اللازم. وقالت شيري إنها غادرت اليابان لبضعة أشهر خشية على سلامتها. وتبعت قضية شيوري قضايا بارزة أخرى. ففي عام 2023، كشفت الجندية السابقة، رينا جونوي، عن قصتها للعلن أيضاً، متهمة ثلاثة جنود سابقين بالاعتداء عليها جنسياً. وكان هذا هو العام الذي أقرت فيه اليابان قوانين تاريخية تعيد تعريف الاغتصاب من "الجماع القسري" إلى "الجماع غير القائم على الموافقة"، ورفعت سن القبول من 13 إلى 16 عاماً. وفي نهاية المطاف، فازت، جونوي، بقضيتها، لكن شيوري تقول إن ذلك يثبت أن التحدث علناً ضد العنف الجنسي له ثمن، وتضيف: "هل يستحق الأمر المرور بكل هذا باعتباركِ ناجية تسعى إلى تحقيق العدالة؟ لا ينبغي أن يكون الأمر على هذا النحو. عليك أن تضحي بالكثير". في الوقت الراهن، ليس من الواضح ما إذا كان فيلمها سيعرض في اليابان، لكنها تقول إن عودته إلى وطنها ستكون جائزتها الكبرى. وقالت شيوري "هذه رسالة حب مني إلى اليابان. أتمنى حقاً أن أتمكن يوماً ما من عرض الفيلم، وأن تتمكن عائلتي أيضاً من مشاهدته"، مضيفة "هذا ما أتمناه حقاً... أكثر من الفوز بجائزة الأوسكار".


الوسط
٠١-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- الوسط
فيلم لأيقونة حركة "أنا أيضاً" اليابانية يترشح لجائزة الأوسكار لكن لا يمكن عرضه في البلاد
Getty Images أصبحت شيوري وجه حركة "أنا أيضاً" في اليابان عندما قررت الصحفية اليابانية، شيوري إيتو، التحدث عن مزاعم تعرضها للاغتصاب، علمت أنها تقف في وجه مجتمع يفضل الصمت. وتقول شيوري في المشهد الافتتاحي لفيلمها الوثائقي، يوميات الصندوق الأسود (Black Box Diaries)، المرشح لجائزة الأوسكار، "أنا خائفة ... لكن كل ما أريد فعله هو التحدث عن الحقيقة". وباتت، شيوري، وجه حركة "أنا أيضاً" اليابانية، بعدما اتهمت الصحفي البارز، نوريوكي ياماغوتشي، باغتصابها وقد نفى ياماغوتشي هذه الاتهامات. والوثائقي أول فيلم تخرجه شيوري، يستند إلى مذكراتها التي تحمل الاسم نفسه، وهو إعادة سرد لسعيها لتحقيق العدالة، بعدما وجدت السلطات أن الأدلة غير كافية لملاحقة تهم جنائية. لكن هناك دولة واحدة لم يعرض فيها الفيلم الوثائقي بعد وهي اليابان حيث واجه جدلاً واسعاً. واتهمها محاموها السابقون بتضمين لقطات صوتية ومرئية، لم يكن لديها إذن باستخدامها، وهو ما اعتبروه انتهاكاً للثقة وعرض مصادرها للخطر. لكن شيوري تدافع عمّا فعلته باعتباره ضرورياً لـ "الصالح العام". إنه تحول مذهل في قصة شغلت اليابان عندما ظهرت لأول مرة، وتجاهلت شيوري التي كانت تبلغ 28 عاماً، آنذاك، طلب عائلتها بالتزام الصمت. وبعدما لم تسفر اتهاماتها العلنية عن رفع دعوى جنائية، رفعت شيوري دعوى مدنية ضد ياماغوتشي، وفازت بتعويض قدره 30 ألف دولار (22917 جنيهاً إسترلينياً). قالت شيوري لبي بي سي، إن صناعة الفيلم تضمن "إعادة إحياء صدمتها"، "استغرق الأمر مني أربع سنوات (لصنع الفيلم) لأنني كنت أعاني عاطفياً". وكانت شيوري متدربة في وكالة رويترز في عام 2015، عندما قالت إن ياماغوتشي دعاها لمناقشة فرصة عمل. وكان الأخير مدير مكتب واشنطن لوكالة "إذاعة طوكيو"، وهي مؤسسة إعلامية رئيسية في اليابان. وتدعي شيوري أنها تعرضت للاغتصاب بعد عشاء في طوكيو مع ياماغوتشي، الذي نفى مراراً الاتهامات. تشكل لقطات كاميرا المراقبة التي تظهر شيوري في حالة سُكر أثناء سحبها من سيارة أجرة إلى داخل فندق، جزءاً من أكثر من 400 ساعة من اللقطات التي قامت بتحريرها للفيلم الوثائقي. Getty Images نفى ياماغوتشي مراراً الاتهامات الموجهة إليه تصف شيوري، التي أخرجت وكتبت يوميات الصندوق الأسود، عملية تحرير اللقطات بأنها كانت "تحدياً حقيقياً. كانت أشبه بالعلاج بالتعرض المكثف". وعندما صدر الفيلم، أصبحت لقطات كاميرات المراقبة مصدر خلاف، إذ انتقد المحامون السابقون لشيوري، الذين ساعدوها في الفوز بالقضية، الفيلم الوثائقي. وادعى المحامون أنها استخدمت لقطات من كاميرات المراقبة، دون إذن، وأنها انتهكت تعهدها بعدم استخدامها خارج إجراءات المحكمة. عقد محاموها السابقون، بقيادة يوكو نيشيهيرو، مؤتمراً صحفياً آخر، الأسبوع الماضي، قائلين إن استخدامها للقطات يشكل تحديات لقضايا الاعتداء الجنسي الأخرى. وقالت نيشيهيرو "إذا كُشف عن حقيقة أن أدلة المحاكمة أصبحت علنية، فلن نتمكن من الحصول على التعاون في القضايا المستقبلية". وزعمت نيشيهيرو أن شيوري استخدمت أيضاً تسجيلات بدون إذن، قائلة إنها اكتشفت ذلك فقط أثناء عرض الفيلم في يوليو/تموز الماضي. وشمل ذلك، تسجيلاً صوتياً لمحقق في الشرطة عمل لاحقاً كمُبلغ عن المخالفات في عملية التحقيق، إضافة إلى مقطع مصور لسائق سيارة أجرة أدلى بشهادته عن ليلة الاغتصاب المزعوم. وقال المحامون إن كلاهما من الممكن التعرف عليهما، ولم يوافق أي منهما على الظهور في الفيلم. وقالت نيشيهيرو "لقد حاولت جاهدة حمايتها لثماني سنوات ونصف، وأشعر وكأنني تمزقت بالكامل"، مضيفة "أريدها أن تفسر الأمر وتتحمل المسؤولية". وأقرت شيوري سابقاً، بأنها لم تحصل على إذن من الفندق لاستخدام كاميرات المراقبة، لكنها تدعي أنه كان "الدليل المرئي الوحيد" الذي لديها عن الليلة التي تعرضت فيها للاعتداء جنسياً. وأضافت أن إدراج تسجيل صوتي للمحقق كان ضرورياً بسبب "التستر على التحقيق"، مضيفة أنها تنشر الفيديو "من أجل الصالح العام". وقالت شيوري في حديثها عن الخلافات مع محاميها السابقين، "نحن نقف عند وجهات نظر مختلفة"، مضيفة "بالنسبة لي، (من أجل) الصالح العام. بالنسبة لهم، فالأمر يتعلق 'بعدم خرق أي قانون'". ولم يُقدم أي تفسير رسمي لعدم عرض الفيلم حتى الآن، فيما قالت شيوري إن "اليابان ما زالت غير مستعدة للحديث عن (الفيلم)"، لكن من غير الواضح إلى أي مدى يرجع ذلك أيضاً إلى عقبات قانونية. وفي أحدث بيان لها الأسبوع الماضي، اعتذرت شيوري، وقالت إنها ستُعدل أجزاءً من الفيلم الوثائقي للتأكد من عدم تحديد هوية الأفراد فيه، مضيفة أنه سيُعرض نسخة معدلة مستقبلاً. وقالت لبي بي سي، "هناك لحظات أتمنى لو لم أضطر إلى وضعها في الفيلم الوثائقي. هناك لحظات لا أفخر بها ولكنني أردت أن أضعها كلها وأظهر أننا بشر أيضاً"، مضيفة "لا أحد مثالياً". وعلى مدار السنوات التسع التي تلت الاعتداء، حظي نضال شيوري ضد نظام القضاء الياباني بتغطية إعلامية واسعة، وهو شيء تقول إنها أرادت تسليط الضوء عليه في فيلمها. وتعرضت لموجة من ردود الفعل العنيفة عندما أعلنت عن قصتها للعلن في عام 2017، وحينها تلقت رسائل كراهية وإساءة عبر الإنترنت. وقالت شيوري "كان الناس يخبرونني أنكِ لا تبكي بما فيه الكفاية ... أنتِ لا ترتدي ملابس مناسبة ... أنتِ قوية جداً". وانتقد البعض طريقة ارتداء ملابسها في المؤتمر الصحفي الذي اتهمت فيه ياماغوتشي لأول مرة، وحينها قال البعض إن قميصها كان مفتوح الأزرار أكثر من اللازم. وقالت شيري إنها غادرت اليابان لبضعة أشهر خشية على سلامتها. وتبعت قضية شيوري قضايا بارزة أخرى. ففي عام 2023، كشفت الجندية السابقة، رينا جونوي، عن قصتها للعلن أيضاً، متهمة ثلاثة جنود سابقين بالاعتداء عليها جنسياً. وكان هذا هو العام الذي أقرت فيه اليابان قوانين تاريخية تعيد تعريف الاغتصاب من "الجماع القسري" إلى "الجماع غير القائم على الموافقة"، ورفعت سن القبول من 13 إلى 16 عاماً. وفي نهاية المطاف، فازت، جونوي، بقضيتها، لكن شيوري تقول إن ذلك يثبت أن التحدث علناً ضد العنف الجنسي له ثمن، وتضيف: "هل يستحق الأمر المرور بكل هذا باعتباركِ ناجية تسعى إلى تحقيق العدالة؟ لا ينبغي أن يكون الأمر على هذا النحو. عليك أن تضحي بالكثير". في الوقت الراهن، ليس من الواضح ما إذا كان فيلمها سيعرض في اليابان، لكنها تقول إن عودته إلى وطنها ستكون جائزتها الكبرى. وقالت شيوري "هذه رسالة حب مني إلى اليابان. أتمنى حقاً أن أتمكن يوماً ما من عرض الفيلم، وأن تتمكن عائلتي أيضاً من مشاهدته"، مضيفة "هذا ما أتمناه حقاً... أكثر من الفوز بجائزة الأوسكار".


سيدر نيوز
٠١-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- سيدر نيوز
فيلم لأيقونة حركة 'أنا أيضاً' اليابانية يترشح لجائزة الأوسكار لكن لا يمكن عرضه في البلاد
Join our Telegram عندما قررت الصحفية اليابانية، شيوري إيتو، التحدث عن مزاعم تعرضها للاغتصاب، علمت أنها تقف في وجه مجتمع يفضل الصمت. وتقول شيوري في المشهد الافتتاحي لفيلمها الوثائقي، يوميات الصندوق الأسود (Black Box Diaries)، المرشح لجائزة الأوسكار، 'أنا خائفة … لكن كل ما أريد فعله هو التحدث عن الحقيقة'. وباتت، شيوري، وجه حركة 'أنا أيضاً' اليابانية، بعدما اتهمت الصحفي البارز، نوريوكي ياماغوتشي، باغتصابها وقد نفى ياماغوتشي هذه الاتهامات. والوثائقي أول فيلم تخرجه شيوري، يستند إلى مذكراتها التي تحمل الاسم نفسه، وهو إعادة سرد لسعيها لتحقيق العدالة، بعدما وجدت السلطات أن الأدلة غير كافية لملاحقة تهم جنائية. لكن هناك دولة واحدة لم يعرض فيها الفيلم الوثائقي بعد وهي اليابان حيث واجه جدلاً واسعاً. واتهمها محاموها السابقون بتضمين لقطات صوتية ومرئية، لم يكن لديها إذن باستخدامها، وهو ما اعتبروه انتهاكاً للثقة وعرض مصادرها للخطر. لكن شيوري تدافع عمّا فعلته باعتباره ضرورياً لـ 'الصالح العام'. إنه تحول مذهل في قصة شغلت اليابان عندما ظهرت لأول مرة، وتجاهلت شيوري التي كانت تبلغ 28 عاماً، آنذاك، طلب عائلتها بالتزام الصمت. وبعدما لم تسفر اتهاماتها العلنية عن رفع دعوى جنائية، رفعت شيوري دعوى مدنية ضد ياماغوتشي، وفازت بتعويض قدره 30 ألف دولار (22917 جنيهاً إسترلينياً). قالت شيوري لبي بي سي، إن صناعة الفيلم تضمن 'إعادة إحياء صدمتها'، 'استغرق الأمر مني أربع سنوات (لصنع الفيلم) لأنني كنت أعاني عاطفياً'. وكانت شيوري متدربة في وكالة رويترز في عام 2015، عندما قالت إن ياماغوتشي دعاها لمناقشة فرصة عمل. وكان الأخير مدير مكتب واشنطن لوكالة 'إذاعة طوكيو'، وهي مؤسسة إعلامية رئيسية في اليابان. وتدعي شيوري أنها تعرضت للاغتصاب بعد عشاء في طوكيو مع ياماغوتشي، الذي نفى مراراً الاتهامات. تشكل لقطات كاميرا المراقبة التي تظهر شيوري في حالة سُكر أثناء سحبها من سيارة أجرة إلى داخل فندق، جزءاً من أكثر من 400 ساعة من اللقطات التي قامت بتحريرها للفيلم الوثائقي. Getty Images تصف شيوري، التي أخرجت وكتبت يوميات الصندوق الأسود، عملية تحرير اللقطات بأنها كانت 'تحدياً حقيقياً. كانت أشبه بالعلاج بالتعرض المكثف'. وعندما صدر الفيلم، أصبحت لقطات كاميرات المراقبة مصدر خلاف، إذ انتقد المحامون السابقون لشيوري، الذين ساعدوها في الفوز بالقضية، الفيلم الوثائقي. وادعى المحامون أنها استخدمت لقطات من كاميرات المراقبة، دون إذن، وأنها انتهكت تعهدها بعدم استخدامها خارج إجراءات المحكمة. عقد محاموها السابقون، بقيادة يوكو نيشيهيرو، مؤتمراً صحفياً آخر، الأسبوع الماضي، قائلين إن استخدامها للقطات يشكل تحديات لقضايا الاعتداء الجنسي الأخرى. وقالت نيشيهيرو 'إذا كُشف عن حقيقة أن أدلة المحاكمة أصبحت علنية، فلن نتمكن من الحصول على التعاون في القضايا المستقبلية'. وزعمت نيشيهيرو أن شيوري استخدمت أيضاً تسجيلات بدون إذن، قائلة إنها اكتشفت ذلك فقط أثناء عرض الفيلم في يوليو/تموز الماضي. وشمل ذلك، تسجيلاً صوتياً لمحقق في الشرطة عمل لاحقاً كمُبلغ عن المخالفات في عملية التحقيق، إضافة إلى مقطع مصور لسائق سيارة أجرة أدلى بشهادته عن ليلة الاغتصاب المزعوم. وقال المحامون إن كلاهما من الممكن التعرف عليهما، ولم يوافق أي منهما على الظهور في الفيلم. وقالت نيشيهيرو 'لقد حاولت جاهدة حمايتها لثماني سنوات ونصف، وأشعر وكأنني تمزقت بالكامل'، مضيفة 'أريدها أن تفسر الأمر وتتحمل المسؤولية'. وأقرت شيوري سابقاً، بأنها لم تحصل على إذن من الفندق لاستخدام كاميرات المراقبة، لكنها تدعي أنه كان 'الدليل المرئي الوحيد' الذي لديها عن الليلة التي تعرضت فيها للاعتداء جنسياً. وأضافت أن إدراج تسجيل صوتي للمحقق كان ضرورياً بسبب 'التستر على التحقيق'، مضيفة أنها تنشر الفيديو 'من أجل الصالح العام'. وقالت شيوري في حديثها عن الخلافات مع محاميها السابقين، 'نحن نقف عند وجهات نظر مختلفة'، مضيفة 'بالنسبة لي، (من أجل) الصالح العام. بالنسبة لهم، فالأمر يتعلق 'بعدم خرق أي قانون''. ولم يُقدم أي تفسير رسمي لعدم عرض الفيلم حتى الآن، فيما قالت شيوري إن 'اليابان ما زالت غير مستعدة للحديث عن (الفيلم)'، لكن من غير الواضح إلى أي مدى يرجع ذلك أيضاً إلى عقبات قانونية. وفي أحدث بيان لها الأسبوع الماضي، اعتذرت شيوري، وقالت إنها ستُعدل أجزاءً من الفيلم الوثائقي للتأكد من عدم تحديد هوية الأفراد فيه، مضيفة أنه سيُعرض نسخة معدلة مستقبلاً. وقالت لبي بي سي، 'هناك لحظات أتمنى لو لم أضطر إلى وضعها في الفيلم الوثائقي. هناك لحظات لا أفخر بها ولكنني أردت أن أضعها كلها وأظهر أننا بشر أيضاً'، مضيفة 'لا أحد مثالياً'. وعلى مدار السنوات التسع التي تلت الاعتداء، حظي نضال شيوري ضد نظام القضاء الياباني بتغطية إعلامية واسعة، وهو شيء تقول إنها أرادت تسليط الضوء عليه في فيلمها. وتعرضت لموجة من ردود الفعل العنيفة عندما أعلنت عن قصتها للعلن في عام 2017، وحينها تلقت رسائل كراهية وإساءة عبر الإنترنت. وقالت شيوري 'كان الناس يخبرونني أنكِ لا تبكي بما فيه الكفاية … أنتِ لا ترتدي ملابس مناسبة … أنتِ قوية جداً'. وانتقد البعض طريقة ارتداء ملابسها في المؤتمر الصحفي الذي اتهمت فيه ياماغوتشي لأول مرة، وحينها قال البعض إن قميصها كان مفتوح الأزرار أكثر من اللازم. وقالت شيري إنها غادرت اليابان لبضعة أشهر خشية على سلامتها. وتبعت قضية شيوري قضايا بارزة أخرى. ففي عام 2023، كشفت الجندية السابقة، رينا جونوي، عن قصتها للعلن أيضاً، متهمة ثلاثة جنود سابقين بالاعتداء عليها جنسياً. وكان هذا هو العام الذي أقرت فيه اليابان قوانين تاريخية تعيد تعريف الاغتصاب من 'الجماع القسري' إلى 'الجماع غير القائم على الموافقة'، ورفعت سن القبول من 13 إلى 16 عاماً. وفي نهاية المطاف، فازت، جونوي، بقضيتها، لكن شيوري تقول إن ذلك يثبت أن التحدث علناً ضد العنف الجنسي له ثمن، وتضيف: 'هل يستحق الأمر المرور بكل هذا باعتباركِ ناجية تسعى إلى تحقيق العدالة؟ لا ينبغي أن يكون الأمر على هذا النحو. عليك أن تضحي بالكثير'. في الوقت الراهن، ليس من الواضح ما إذا كان فيلمها سيعرض في اليابان، لكنها تقول إن عودته إلى وطنها ستكون جائزتها الكبرى. وقالت شيوري 'هذه رسالة حب مني إلى اليابان. أتمنى حقاً أن أتمكن يوماً ما من عرض الفيلم، وأن تتمكن عائلتي أيضاً من مشاهدته'، مضيفة 'هذا ما أتمناه حقاً… أكثر من الفوز بجائزة الأوسكار'. ** مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.


BBC عربية
٠١-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- BBC عربية
فيلم لأيقونة حركة "أنا أيضاً" اليابانية يترشح لجائزة الأوسكار لكن لا يمكن عرضه في البلاد
عندما قررت الصحفية اليابانية، شيوري إيتو، التحدث عن مزاعم تعرضها للاغتصاب، علمت أنها تقف في وجه مجتمع يفضل الصمت. وتقول شيوري في المشهد الافتتاحي لفيلمها الوثائقي، يوميات الصندوق الأسود (Black Box Diaries)، المرشح لجائزة الأوسكار، "أنا خائفة ... لكن كل ما أريد فعله هو التحدث عن الحقيقة". وباتت، شيوري، وجه حركة "أنا أيضاً" اليابانية، بعدما اتهمت الصحفي البارز، نوريوكي ياماغوتشي، باغتصابها وقد نفى ياماغوتشي هذه الاتهامات. والوثائقي أول فيلم تخرجه شيوري، يستند إلى مذكراتها التي تحمل الاسم نفسه، وهو إعادة سرد لسعيها لتحقيق العدالة، بعدما وجدت السلطات أن الأدلة غير كافية لملاحقة تهم جنائية. لكن هناك دولة واحدة لم يعرض فيها الفيلم الوثائقي بعد وهي اليابان حيث واجه جدلاً واسعاً. واتهمها محاموها السابقون بتضمين لقطات صوتية ومرئية، لم يكن لديها إذن باستخدامها، وهو ما اعتبروه انتهاكاً للثقة وعرض مصادرها للخطر. لكن شيوري تدافع عمّا فعلته باعتباره ضرورياً لـ "الصالح العام". إنه تحول مذهل في قصة شغلت اليابان عندما ظهرت لأول مرة، وتجاهلت شيوري التي كانت تبلغ 28 عاماً، آنذاك، طلب عائلتها بالتزام الصمت. وبعدما لم تسفر اتهاماتها العلنية عن رفع دعوى جنائية، رفعت شيوري دعوى مدنية ضد ياماغوتشي، وفازت بتعويض قدره 30 ألف دولار (22917 جنيهاً إسترلينياً). قالت شيوري لبي بي سي، إن صناعة الفيلم تضمن "إعادة إحياء صدمتها"، "استغرق الأمر مني أربع سنوات (لصنع الفيلم) لأنني كنت أعاني عاطفياً". وكانت شيوري متدربة في وكالة رويترز في عام 2015، عندما قالت إن ياماغوتشي دعاها لمناقشة فرصة عمل. وكان الأخير مدير مكتب واشنطن لوكالة "إذاعة طوكيو"، وهي مؤسسة إعلامية رئيسية في اليابان. وتدعي شيوري أنها تعرضت للاغتصاب بعد عشاء في طوكيو مع ياماغوتشي، الذي نفى مراراً الاتهامات. تشكل لقطات كاميرا المراقبة التي تظهر شيوري في حالة سُكر أثناء سحبها من سيارة أجرة إلى داخل فندق، جزءاً من أكثر من 400 ساعة من اللقطات التي قامت بتحريرها للفيلم الوثائقي. بعدما كسرت المحظور.. محكمة يابانية تأمر بتعويض صحفية في قضية اغتصاب اليابان تدرس إعادة تعريف الاغتصاب فما السبب؟ تصف شيوري، التي أخرجت وكتبت يوميات الصندوق الأسود، عملية تحرير اللقطات بأنها كانت "تحدياً حقيقياً. كانت أشبه بالعلاج بالتعرض المكثف". وعندما صدر الفيلم، أصبحت لقطات كاميرات المراقبة مصدر خلاف، إذ انتقد المحامون السابقون لشيوري، الذين ساعدوها في الفوز بالقضية، الفيلم الوثائقي. وادعى المحامون أنها استخدمت لقطات من كاميرات المراقبة، دون إذن، وأنها انتهكت تعهدها بعدم استخدامها خارج إجراءات المحكمة. عقد محاموها السابقون، بقيادة يوكو نيشيهيرو، مؤتمراً صحفياً آخر، الأسبوع الماضي، قائلين إن استخدامها للقطات يشكل تحديات لقضايا الاعتداء الجنسي الأخرى. وقالت نيشيهيرو "إذا كُشف عن حقيقة أن أدلة المحاكمة أصبحت علنية، فلن نتمكن من الحصول على التعاون في القضايا المستقبلية". وزعمت نيشيهيرو أن شيوري استخدمت أيضاً تسجيلات بدون إذن، قائلة إنها اكتشفت ذلك فقط أثناء عرض الفيلم في يوليو/تموز الماضي. وشمل ذلك، تسجيلاً صوتياً لمحقق في الشرطة عمل لاحقاً كمُبلغ عن المخالفات في عملية التحقيق، إضافة إلى مقطع مصور لسائق سيارة أجرة أدلى بشهادته عن ليلة الاغتصاب المزعوم. وقال المحامون إن كلاهما من الممكن التعرف عليهما، ولم يوافق أي منهما على الظهور في الفيلم. وقالت نيشيهيرو "لقد حاولت جاهدة حمايتها لثماني سنوات ونصف، وأشعر وكأنني تمزقت بالكامل"، مضيفة "أريدها أن تفسر الأمر وتتحمل المسؤولية". وأقرت شيوري سابقاً، بأنها لم تحصل على إذن من الفندق لاستخدام كاميرات المراقبة، لكنها تدعي أنه كان "الدليل المرئي الوحيد" الذي لديها عن الليلة التي تعرضت فيها للاعتداء جنسياً. وأضافت أن إدراج تسجيل صوتي للمحقق كان ضرورياً بسبب "التستر على التحقيق"، مضيفة أنها تنشر الفيديو "من أجل الصالح العام". وقالت شيوري في حديثها عن الخلافات مع محاميها السابقين، "نحن نقف عند وجهات نظر مختلفة"، مضيفة "بالنسبة لي، (من أجل) الصالح العام. بالنسبة لهم، فالأمر يتعلق 'بعدم خرق أي قانون'". ولم يُقدم أي تفسير رسمي لعدم عرض الفيلم حتى الآن، فيما قالت شيوري إن "اليابان ما زالت غير مستعدة للحديث عن (الفيلم)"، لكن من غير الواضح إلى أي مدى يرجع ذلك أيضاً إلى عقبات قانونية. وفي أحدث بيان لها الأسبوع الماضي، اعتذرت شيوري، وقالت إنها ستُعدل أجزاءً من الفيلم الوثائقي للتأكد من عدم تحديد هوية الأفراد فيه، مضيفة أنه سيُعرض نسخة معدلة مستقبلاً. وقالت لبي بي سي، "هناك لحظات أتمنى لو لم أضطر إلى وضعها في الفيلم الوثائقي. هناك لحظات لا أفخر بها ولكنني أردت أن أضعها كلها وأظهر أننا بشر أيضاً"، مضيفة "لا أحد مثالياً". وعلى مدار السنوات التسع التي تلت الاعتداء، حظي نضال شيوري ضد نظام القضاء الياباني بتغطية إعلامية واسعة، وهو شيء تقول إنها أرادت تسليط الضوء عليه في فيلمها. وتعرضت لموجة من ردود الفعل العنيفة عندما أعلنت عن قصتها للعلن في عام 2017، وحينها تلقت رسائل كراهية وإساءة عبر الإنترنت. وقالت شيوري "كان الناس يخبرونني أنكِ لا تبكي بما فيه الكفاية ... أنتِ لا ترتدي ملابس مناسبة ... أنتِ قوية جداً". وانتقد البعض طريقة ارتداء ملابسها في المؤتمر الصحفي الذي اتهمت فيه ياماغوتشي لأول مرة، وحينها قال البعض إن قميصها كان مفتوح الأزرار أكثر من اللازم. وقالت شيري إنها غادرت اليابان لبضعة أشهر خشية على سلامتها. وتبعت قضية شيوري قضايا بارزة أخرى. ففي عام 2023، كشفت الجندية السابقة، رينا جونوي، عن قصتها للعلن أيضاً، متهمة ثلاثة جنود سابقين بالاعتداء عليها جنسياً. وكان هذا هو العام الذي أقرت فيه اليابان قوانين تاريخية تعيد تعريف الاغتصاب من "الجماع القسري" إلى "الجماع غير القائم على الموافقة"، ورفعت سن القبول من 13 إلى 16 عاماً. وفي نهاية المطاف، فازت، جونوي، بقضيتها، لكن شيوري تقول إن ذلك يثبت أن التحدث علناً ضد العنف الجنسي له ثمن، وتضيف: "هل يستحق الأمر المرور بكل هذا باعتباركِ ناجية تسعى إلى تحقيق العدالة؟ لا ينبغي أن يكون الأمر على هذا النحو. عليك أن تضحي بالكثير". في الوقت الراهن، ليس من الواضح ما إذا كان فيلمها سيعرض في اليابان، لكنها تقول إن عودته إلى وطنها ستكون جائزتها الكبرى. وقالت شيوري "هذه رسالة حب مني إلى اليابان. أتمنى حقاً أن أتمكن يوماً ما من عرض الفيلم، وأن تتمكن عائلتي أيضاً من مشاهدته"، مضيفة "هذا ما أتمناه حقاً... أكثر من الفوز بجائزة الأوسكار".


الجزيرة
٢١-٠٢-٢٠٢٥
- ترفيه
- الجزيرة
مذكرات الصندوق الأسود.. شهادة محاصرة بين الصمت والإفصاح
كيف يمكن للصورة أن تنقل وجعا مكبوتا؟ وكيف يمكن لفيلم أن يحوّل ألم شخص إلى شهادة جماعية تهزّ وعي المجتمع؟ فيلم 'مذكرات الصندوق الأسود' (Black Box Diaries) هو فيلم وثائقي ياباني، لكنه ليس مجرد فيلم يوثّق تجارب ضحايا العنف الجنسي؛ بل هو محاولة جريئة لفتح الصناديق المغلقة التي تحمل أوجاعا دفنتها ثقافة الصمت. الفيلم يمزج بين السرد الشخصي واللغة البصرية ليكشف عن تلك المساحات الخفية في النفس البشرية، حيث تختلط مشاعر العار والخوف بالرغبة في التحرر. هذا ليس فيلما عن الضحايا بقدر ما هو فيلم عن الصمت الثقيل الذي يحيط بهم، وعن ثقافة البوح والصمت التي تتفاوت بين المجتمعات. فهناك من يعترف ليُشفى، وهناك من يصمت ليبقى. ولكن بين الاعتراف والصمت، أين يقف الفيلم؟ هل هو فعل مقاومة أم مجرد استعراض للألم؟ استدعاء الذاكرة الممزقة في هذا الوثائقي من إخراج 'شيوري إيتو' (Shiori Itô) التي هي أيضا بطلة القصة وموضوع الفيلم، نشاهد رحلة 'شيوري' الشخصية في تحقيقها الخاص في قضية اعتداء جنسي تعرضت له في اليابان. الفيلم مستوحى من مذكراتها الصادرة عام 2017 والتي تحمل العنوان نفسه، ويمنح المشاهدين نظرة قريبة ومؤلمة على معركة طويلة من أجل العدالة. يبدأ الفيلم بمشهد صادم: لقطات كاميرات مراقبة تظهر 'شيوري إيتو' وهي تُسحب إلى فندق. الصورة غامضة، لكن الإحساس بالخطر واضح. بعد لحظات، ينقطع المشهد. ننتقل فجأة إلى عام 2017، حيث تقف 'شيوري' أمام عدسات الصحافة، وجهها هادئ لكن كلماتها تقطع الصمت الطويل: اتهام علني بالاعتداء الجنسي عليها من الصحفي الشهير 'نوريوكي ياماغوتشي' (Noriyuki Yamaguchi) والمقرب من رئيس الوزراء 'شينزو آبي' (Shinzo Abe). هذا التداخل بين الماضي والحاضر ليس عشوائيا؛ إنه حجر الأساس في بنية الفيلم، فلا يسير الزمن في خط مستقيم، بل يتلاعب بنا، مثل الذاكرة المشتتة التي تطارد صاحبها حيث كل مشهد بمثابة لحظة ضائعة من ماضٍ يتكشف ببطء. ولا يقدم الفيلم إجابات سريعة، بل يتركنا نجمع التفاصيل بأنفسنا، نبحث بين المشاهد عن الحقيقة. صوت 'شيوري' هو الراوي لهذه الرحلة، حيث نسمعها تتحدث بهدوء وتصف تفاصيل ليلتها المظلمة، بينما نرى لقطات من حياتها اليومية: مكالمات هاتفية مع المحققين، مشاهد عادية من شوارع طوكيو، صفحات من مذكراتها المصورة، حوارات مع أصدقائها كل لقطة هي دعوة للدخول إلى عالمها الداخلي، عالم يتأرجح بين الألم والأمل. ثم يأتي السؤال الحتمي: كيف يؤثر الماضي على الحاضر؟ الزمن في الفيلم ليس مجرد سياق، بل خصم قوي، يعيد صياغة الذكريات ويختبر قدرتها على التحرر. والماضي والحاضر يتداخلان بلا توقف، مثل موجات متتالية تدفع القصة إلى الأمام، وتطرح علينا سؤالا واحدا: هل يمكن حقا التحرر من قيود الذاكرة، أم أن الماضي سيظل حاضرا للأبد؟ هذه الرحلة السينمائية ليست مجرد تسجيل لحدث شخصي، بل استكشاف عميق لطبيعة الصدمة والذاكرة. إنه عمل يتجاوز حدود الوثائقي التقليدي، ليأخذنا إلى مكان يتقاطع فيه الألم مع الشجاعة، وحيث تصبح الصورة أداة لكشف ما لا تستطيع الكلمات قوله. بين ثقافة الصمت والإفصاح شاءت 'شيوري' أو أبت، فهي قدمت مقارنة ضمنية بين ثقافات الشرق والغرب في تناول قضايا العنف الجنسي. ففي اليابان، تسود ثقافة الصمت التي تضغط على الضحايا لإخفاء معاناتهم وتجنب الفضيحة الاجتماعية. هذا الصمت مدعوم بقوانين قديمة تعاقب الضحية بدلا من الجاني، وبنظام يحمي الجناة ويمنحهم حصانة اجتماعية. في المقابل، يظهر الفيلم كيف أن 'شيوري' تتحدى هذه الثقافة من خلال كسر الصمت والتحدث علنا عن تجربتها. تذكر المصادر أن 'شيوري' قامت بتسجيل محادثاتها مع المحققين خوفا من التلاعب بالتحقيق. هذه الشهادة البصرية تعكس صراعا بين الرغبة في الاعتراف والخوف من الوصم، وبين الحاجة إلى العدالة والخشية من التبعات الاجتماعية. يستخدم الفيلم الرموز الثقافية لبناء سرد متعدد الطبقات، فمثلا، يظهر مشهد 'شيوري' وهي ترتدي قميصا بأزرار مفتوحة في المؤتمر الصحفي، ليتحول إلى رمز للتحدي والتمرد ضد القيود الاجتماعية التي تفرض على النساء. هذه اللقطة البسيطة تحمل دلالات عميقة حول كيفية استخدام الملابس كأداة للتعبير عن الذات وكوسيلة لمقاومة القمع. علاوة على ذلك، فإن اختيار أغنية 'سوف أحيا' (I Will Survive) في المشهد الأخير ليس مجرد اختيار موسيقي، بل هو تعبير عن الانتصار والقدرة على الصمود في وجه الصعاب. ومع ذلك، يثير الفيلم نقاشا حول تحيزه الثقافي، فهل استطاع الفيلم أن يقدم طرحا عالميا يتجاوز الحدود الثقافية، أم أنه وقع في أسر التحيز الثقافي الياباني؟ هناك من يرى أن الفيلم نجح في تسليط الضوء على القضايا العالمية للعنف الجنسي، بينما يرى آخرون أنه يركز بشكل مفرط على السياق الياباني، مما قد يحد من قدرته على التواصل مع جماهير مختلفة، ونحن نرى أنه بين هذا وذاك، فالمشكلة عالمية بالتأكيد، لكن الحياة لا تسير في خطوط مستقيمة، فهناك الكثير من العوامل التي تؤثر على مسار الأحداث، وكثير من هذه العوامل هي ناتج عن الثقافة المحلية في اليابان، والتي تمثل حاجزا بين المُشاهد والإدراك العميق للفيلم وأحداثه وشخصياته. السينما كفعل مقاومة وشفاء يكشف الفيلم كيف يمكن للسينما أن تصبح مساحة للعدالة الرمزية، حيث تتحول الصورة إلى سلاح لمواجهة البُنى الاجتماعية السائدة. ففي كل مشهد، تستعيد 'شيوري إيتو' السيطرة على سرد قصتها، رافضة أن تبقى في دور الضحية الصامتة. وبسرد قصتها بصوتها الخاص، تتحول من مجرد شاهدة إلى مقاومة تتحدى ثقافة الصمت وتطالب بحقها في العدالة. لا يسجل الفيلم واقعة عنف فحسب، بل يصبح فعلا احتجاجيا يفضح الصعوبات التي تواجه الضحايا في النظام القانوني الياباني. مشاهد طرق 'شيوري' المتكرر لأبواب الشرطة والمسؤولين للحصول على إجابة ليست مجرد لقطات توثيقية، بل دليل حي على معركة طويلة من أجل الاعتراف، فمن المثير أن استخدام السينما هو في ذاته مسار النقد الذي يتعرض له الفيلم في داخل اليابان. يكفي أن نعرف أنه رغم ترشحه للأوسكار، إلا أنه لم يتم عرضه داخل اليابان بعد، بل إن بعض الشهود الذين شاركوا شهاداتهم بشرط أن تستخدم فقط في المحكمة، لجأوا للقضاء لمحاكمة 'شيوري' بعد نشر شهاداتهم على الملأ باستخدام وسيط السينما. ما يميز الفيلم أيضا هو اختيارها للمشاهد، وللتباين بين صوتها ولحظات الصمت وهو ما بدا متعمدا كي يمنح الفيلم بُعدا عاطفيا وإنسانيا عميقا. ومع ذلك، يبقى السؤال معلقا: هل نجح الفيلم في مقاومة استهلاك الألم، أم وقع في فخ المتاجرة بالمعاناة؟ البعض يرى أن الفيلم خلق تجربة عاطفية صادقة وعميقة. وآخرون يرون أن استعراض الألم بهذا الشكل قد يتحول إلى نوع من الاستغلال. السؤال ليس بسيطا، لكنه يفتح نقاشا مهما حول أخلاقيات السينما: كيف يمكن نقل تجربة شخصية مؤلمة دون أن تصبح جزءا من استهلاك بصري سطحي؟ الجانب النفسي وأخلاقيات التوثيق يتعامل الفيلم مع الأخلاقيات السينمائية بطريقة دقيقة وحساسة، فمن خلال إعطاء 'شيوري' السيطرة الكاملة على السرد، يتجنب الفيلم الوقوع في فخ استغلال معاناة الضحية، إذ يُظهر الفيلم كيف أن عملية التوثيق نفسها يمكن أن تكون جزءا من عملية الشفاء، حيث تسمح للضحية باستعادة السيطرة على قصتها وعلى هويتها، ويشير الفيلم إلى أن 'شيوري' صورت نفسها لحماية نفسها، ولتوثيق ما يحدث معها. من منظور نفسي، يمكن فهم العلاقة بين الضحية والمخرج والجمهور من خلال مفهوم 'التعاطف' و'التقمص'. فمن خلال مشاركة 'شيوري' لتجربتها بصراحة وصدق، فإنها تخلق مساحة للتعاطف والتفاعل العاطفي مع الجمهور. في الوقت نفسه، فإن الفيلم يتجنب الوقوع في فخ التقمص الذي قد يحول تجربة الضحية إلى مجرد مادة استهلاكية من خلال الحفاظ على مسافة فنية، يدفع الفيلم الجمهور إلى التفكير في القضايا المطروحة، بدلا من مجرد الانخراط في ردود فعل عاطفية سطحية. تبقى إجابة السؤال معلقة رغم ذلك، فهناك فارق كبير بين مجرد التصوير والنشر، وبالأخص على نطاق دولي، فقد اختارت 'شيوري' أن تواجه الجمهور بالإنجليزية وليس بلغتها الأم، هذا الفيلم موجهه لجمهور غربي ومن خلفه جمهور عالمي. في نهاية المطاف، يعيد فيلم 'مذكرات الصندوق الأسود' طرح الفكرة الأساسية: هل يمكن للسينما أن تحرر الحقيقة دون أن تسجنها في قوالب استهلاكية؟ الفيلم لا يقدم إجابات جاهزة، بل يدفعنا إلى طرح الأسئلة والتفكير في دور الصورة في كشف الحقائق المكبوتة، وهو ليس مجرد وثيقة عن قصة شخصية، بل هو استعارة عن الصندوق الأسود الذي يحمل في طياته ذكريات مؤلمة وتجارب لا يمكن نسيانها. يقدم الفيلم تأملات أخيرة حول قوة السرد البصري في تفكيك ثقافة الصمت، فـ'شيوري' لا تمنح صوتا لنفسها فحسب، بل تمنح صوتا للعديد من الضحايا الآخرين الذين يعانون في صمت. الفيلم ليس مجرد عمل فني فحسب، بل هو صرخة تطالب بالعدالة وتحث على التغيير. وفي نهاية المطاف، يبقى الفيلم شهادة قوية على قدرة السينما على كشف الحقائق المكبوتة، وإلهامنا للتغيير، وتقديم أمل للمستقبل.