أحدث الأخبار مع #صامويلهنتنجتون


بوابة الأهرام
منذ 2 أيام
- سياسة
- بوابة الأهرام
هنتنجتون يسترد اعتباره
ما كتب من انتقادات عنيفة لنظرية المفكر السياسى الأمريكى ذائع الصيت صامويل هنتنجتون عن صدام الحضارات يفوق بأضعاف ما جاء بالمخطوطة الأصلية التى نشرها أولا بمجلة فورين افييرز المرموقة 1993، ثم تضمنها كتاب ضخم صدر بعد ثلاث سنوات بنفس الاسم ومازال يثير الجدل والنقاش والاختلاف حتى اليوم. وكان هذا طبيعيا على ضوء الآراء المثيرة التى تضمنها المقال ثم الكتاب، والذى وصفه أيقونة السياسة الخارجية الأمريكية هنرى كيسنجر بأنه أهم كتاب صدر منذ الحرب العالمية الثانية. لا نعتزم هنا استعراض ما جاء فى الكتاب أو الانتقادات القاسية له، وجانب كبير منها تركز حول نسف فكرته الأساسية، وهى أن صراعات المستقبل لن تكون بين الدول القومية، ولكن بين الحضارات المعروفة التى حددها بثمانى حضارات هى الغربية والصينية واليابانية والهندوسية والأرثوذكسية والإسلامية واللاتينية ثم الإفريقية. ورغم اعتراف الكاتب لاحقا بوقوعه فى بعض الأخطاء المنهجية إلا أن فكرته الأساسية فى جوهرها تظل قائمة وتفسر الكثير مما يجرى اليوم. ولا يعنى نشوب حروب بين بلدان تنتمى لنفس الحضارة أن نظريته مضللة فهو لم يستبعد حدوث صراعات لأسباب سياسية أو غيرها. كما أن الشواهد التاريخية منذ طرح فكرته وحتى قبلها تعزز وتؤيد ما جاء به. المذابح الوحشية التى ترتكبها إسرائيل بدعم وتواطؤ أمريكى أوروبى خير شاهد على رأى هنتنجتون. فهل يمكن مثلا أن نعزو الإبادة المنهجية الجارية إلى مجرد وجود خلافات سياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟. وجود إسرائيل نفسها تأكيد حى على نظرية صراع الحضارات فقد أنشأها الاستعمار الغربى الأوروبى أولا قبل أن تصبح واشنطن امتدادا له وتتبناها. زرع إسرائيل بالمنطقة هو استمرار للوجود الاستعمارى الغربي، ولا نفرق هنا بين صورته المعاصرة وجذوره التاريخية ممثلة فى الحملات الصليبية التى شنتها أوروبا كحضارة غربية مسيحية على الحضارة العربية الإسلامية. كل ما يجرى يحمل بصمات هذه الروح العنصرية البغيضة المتأصلة فى الثقافة الغربية. هنتنجتون نفسه أكد فى كتابه أن الصراع المقبل سيكون بين الغرب و«الآخرين» يقصد أى حضارة أخرى وإن كان قد خص الدول الإسلامية قائلا إن المستقبل القريب سيشهد صراعا بين الغرب والدول ذات الأغلبية الإسلامية، وعلى الغرب أن يعزز جبهته الداخلية بزيادة التحالف والتعاون بين أمريكا وأوروبا. الاصطفاف الأمريكى الأوروبى الصلب ضد روسيا لمواجهة غزوها لأوكرانيا أو حتى قبل ذلك هو مثال آخر على صراع بين الحضارتين الأرثوذكسية والغربية الكاثوليكية البروتستانتية. بالمثل لا يمكن تجريد المواجهة الأمريكية المحتدمة مع الصين من جذورها الثقافية. الشواهد كثيرة على صحة ما جاء به العلامة الأمريكى المتوفى 2008 وكلها لا ترد له الاعتبار فحسب، بل تأخذ بثأره ممن انتقدوه. ليس هذا رأيا شخصيا بل حكم بات أصدره المؤرخ الأمريكى نيلسى جيلمان نائب الرئيس التنفيذى لمعهد بيرجروين فى لوس انجلوس والذى نشر بحثا تضمن حيثيات حكمه فى ذات المجلة التى نشرت مقالة العالم الراحل. استهل الكاتب بحثه باستعراض مطول لظروف تغيير، وإعادة تشكيل النظام العالمى فى فترات التحول الكبرى خلال القرن العشرين، وصولا للنظام الحالى الذى شكلته وتهيمن عليه أمريكا منذ انتهاء الحرب الباردة. وهو يرى أن هذا النظام وصل إلى مرحلته النهائية، وبدأ يتحلل تدريجيا تمهيدا لسقوطه المحتم. عند هذه النقطة كان لابد أن يتطرق إلى ما ذكره المفكر الأمريكى الشهير فرانسيس فوكوياما الذى يقف على الضفة الأخرى مما أتى به أستاذه هنتنجتون. لا يتسع المجال لسرد ما قاله عن تهافت نظرية فوكوياما التى نشرها أيضا فى نفس المجلة، ثم حولها إلى كتاب بعنوان «نهاية التاريخ والإنسان الجديد» وفيه اعتبر أن انهيار الاتحاد السوفيتى ونهاية الحرب الباردة وضعا حدا لصراع الشرق الشيوعى والغرب الرأسمالى بانتصار الأخير انتصارا مدويا ونهائيا حسم معركة التاريخ للأبد، وبالتالى ستنتشر قيمه ونظام حكمه الليبرالى بغالبية دول العالم. وكما هو معروف فقد ثبت خطأ فوكوياما، إذ لم تتسيد الحضارة الغربية ولم تعمم نظامها السياسى على العالم بل اتسع نطاق الصدام حول ما وصفه هنتنجتون بخطوط الصدع الثقافية. ازداد تمسك الدول بهويتها الحضارية، واستمر الصدام بين الغرب والإسلام، واتسع التمرد الأمريكى اللاتينى ضد الهيمنة الأمريكية ولم يعد قاصرا على فنزويلا بعد أن فتح دى سيلفا جبهة جديدة أوسع نطاقا هى البرازيل. وطرحت ماليزيا وسنغافورة فكرة القيم الأسيوية كبديل أكثر ملاءمة من القيم الغربية. بلدان افريقية بدورها بدأت تتمرد على الهيمنة الثقافية والاقتصادية والسياسية للغرب لاسيما فرنسا. وفى 2014 أعلن الرئيسان الروسى والصينى أن البلدين يعتنقان قيما مختلفة عن تلك السائدة فى الغرب. ازدادت الصورة وضوحا بانتهاء أول عقدين من القرن الحادى والعشرين وهى ملاحظة مهمة يسجلها جيلمان، موضحا أن النظام الليبرالى الغربى يتهاوى بالفعل، وأن أمريكا نفسها بهيمنتها المستبدة وحروبها الخارجية وانتهاكاتها السافرة للقانون الدولي، وخيانتها لمبادئها عن الحرية وحقوق الإنسان أصبحت إحدى معاول الهدم والتفتيت للنظام وليست عامل استقرار له. كما أن التكتلات الاقتصادية الجديدة التى تستبعدها مثل بريكس وضعت مسمارا آخر فى نعش النظام الحالي. ينهى جيلمان دراسته الطويلة المنصفة لزميله الراحل بالقول إن نظريته لم تكن خاطئة، لكنها ولدت قبل أوانها، أى جاءت سابقة لعصرها، فلم يستوعبها العالم ورفضها.. كان هنتنجتون ورغم التحفظ على الكثير مما قال خاصة موقفه من الإسلام، يرى المستقبل ويستقرئ أحداثه ببصيرة نافذة ورؤية ثاقبة. مرة أخرى يعود جيلمان ليؤكد أن النظام الليبرالى الغربى يحتضر. ولم ولن يحدث إجماع عالمى على قيمه، لكن المؤسف من وجهة نظره أن النظام الجديد سيكون أكثر قبحا وشراسة، ويترك العالم مرتعا للأقوياء فقط. سيكون نظاما فاسدا مخضبا بدماء الشعوب الفقيرة والمغلوب على أمرها. يضيف: «هذا العالم المخيف رسم هنتنجتون ملامحه مبكرا جدا، ولم يصدقه أحد، ولعله يضحك علينا من قبره الآن!».


جريدة الوطن
منذ 7 أيام
- سياسة
- جريدة الوطن
تآلف الحضارات
*انتهى (صامويل هنتنجتون) في أطروحته الشهيرة –صراع الحضارات- انتهى إلى القول أن الصراع الحضاري سيأخذ اشكالاً متعددة بين الحضارة العلمانية الغربية والعالم الإسلامي، ويقصد الحضارة الإسلامية فأصولها مختلفة: فأصول الحضارة الغربية التي بدأت منذ عصور، واستمرت واستقرت في العالم الغربي، وأصبحت متجذرة، فكراً وسلوكاً في هُويَّة الغرب وسلوكياته، دولاً ومؤسسات وأفراداً. * اعتمدت تلك الحضارة منابع رئيسية تتمثّل في: إيجابيات الفلسفة الاغريقية، والرومانية والثقافة المسيحية، وقد استطاع المستشرقون من أصول يهودية إدخال مبادئ اليهودية، ولكن التطورات العسكرية والسياسية عبر التاريخ، فرضت طابعها على الحضارة الغربية، فأصبحت الروح الاستعمارية عنصراً هاماً- ومصدراً من مصادر الثقافة الغربية- وليس أدل على ذلك من تصريح (تيريزا مي) رئيسة الوزراء البريطانية في دفاعها عن (إعلان بلفور) بمناسبة الاحتفالات بذكراه المئوية المشؤومة حيث صّرحت بأنه كان منسجما مع الروح الاستعمارية والسياسية في عصره. * أما حضارة العالم الإسلامي أو الحضارة الإسلامية فهي ذات أصول دينية وهي الديانة الإسلامية، ولكنها تتسم بالتعددية، عِرقياً وثقافات فرعية للمكونات المجتمعية للعالم الإسلامي. * فكانت تلك التعددية مصدر إبداع وابتكار وتجديد في مرحلة تاريخية معينة. * وقد تركز معظم الفلاسفة والمؤرخين في الغرب على الجوانب السلبية للحضارة الإسلامية ومعطياتها، ومثال ذلك ما قدْمه المؤرخ البريطاني (بارفارد لويس) عما شوّه الحضارة الإسلامية من تطبيقات، وذلك في كتابه الصغير (ما الخطأ الذي حدث) أي بعنوان (What Went Wrong) بدءاً من حركة الخوارج –حتى حركة (ابن لادن). * أن التحوّلات العالمية المعاصرة، منذ انهيار جدار برلين، إلى العولمة، وتفكك الاتحاد السوفياتي وانهياره، واحداث (11/سبتمبر) وحروب الإرهاب العالمي، تؤكد أن المستقبل يتطلب تآلف وتعايش الحضارات بدلاً من صراعها.الدستور الأردنية