أحدث الأخبار مع #ضياءالدينالكريفي


الإذاعة الوطنية
منذ 12 ساعات
- أعمال
- الإذاعة الوطنية
شنغهاي من قرية من الطين الى عاصمة المستقبل الذكي
حين تتجول في مركز '' معارض تخطيط شنغهاي الحضري'' تدرك من الطابق الأول أن كل شيء بدأ من هنا. من عند مصب نهر هوانغ بو حين رسمت الخريطة الأولى للمدينة بصورة بسيطة. قرية ريفية بأسوار طينية، وحولها الحقول والماء. شاهدت الخرائط القديمة وقد زرت "المدينة القديمة"، ومشيت في ازقتها الضيقة تحت المطر. تحسست في خطواتي داخل المدينة الخطوات الأولى للفرنسيين والإنڨليز الذين تركوا بصمتهم هنا. التحول الأول: التخطيط العمراني الرسمي (1959) بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تم لأول مرة اعتماد مخطط واضح: المناطق الصناعية باللون البني الداكن، والمخازن بالبنفسجي، والمساكن بالبني الفاتح، والجامعات بالوردي، والمرافق العمومية بالأخضر. لكن الطرق لم تكن مرسومة بعد. اللافت أن أحياء كثيرة ما زالت قائمة إلى اليوم كي تبقى خير شاهد على هذا التراكم الزمني الذي أصبح جزء من هوية هذا الشعب. سنة الحسم كانت 1986 الفكرة كانت بسيطة وحاسم، حين تخلت الدولة عن ملكية المصانع لصالح العمال خاصة من لديهم الكفاءة. وُضعت المصانع في متناول يد الموظفين الجادين بسعر رمزي، أصبح هؤلاء ملاكًا جددًا. النتائج كانت سريعة، الناتج المحلي الإجمالي للمدينة تضاعف بشكل صاروخي: من 8 مليارات دولار في 1986 إلى أكثر من 800 مليار اليوم. وكانت سبب ادخال شنغهاي إلى نادي أقوى مدن العالم اقتصاديًا. التحول الثاني: نقل الصناعات خارج المدينة خلال 10 سنوات، أُزيلت أغلب المناطق الصناعية من قلب المدينة. كل شيء تحوّل: المصانع نُقلت إلى الضواحي، ونسبة العمال داخل المدينة انخفضت إلى 2 أو 3% فقط. الآن، تدور شنغهاي على عجلة اقتصاد جديد: السياحة، التجارة، التمويل والاقتصاد الإبداعي. وهكذا وُلد مركز مالي ضخم أصبح يؤثر على آسيا كلها، ويراهن على المستقبل الذكي. اليوم المدينة لا تتوقف عن إعادة تعريف ذاتها. في المخطط العمراني الجديد، وانت تتجول داخل مركز التخطيط الحضري للمدينة ستجد في الطابق الثالث مستقبل البرنامج أحياء سكنية منظمة، مرافق عمومية منتشرة (مدارس، مكتبات، رياض أطفال)، مناطق خضراء جديدة، محميات طبيعية في الجزر القريبة مثل "تشونغمي" ومناطق صفراء مخصصة للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا. هنا تلمس الالتزام الحقيقي بالبيئة و التنمية المستدام. شنغهاي التي رأيتها ليست مدينة فقط، بل مختبر سياسي واقتصادي واجتماعي. تغيّرت من قرية إلى مدينة يقودها الذكاء الاصطناعي. من مركز زراعي وصناعي إلى مركز للتمويل والإبداع. كل زاوية فيها تجعلك تسأل: كيف استطاعت مدينة واحدة أن تنمو بهذه السرعة؟ كيف جمعت بين الماضي العريق والمستقبل الذكي؟ شنغهاي مدينة يجب أن تكتشفها. ومازلت رحلة النمو متواصلة. ضياء الدين الكريفي – الصين.


الإذاعة الوطنية
١٦-٠٦-٢٠٢٥
- الإذاعة الوطنية
الشرطة في شنغهاي...المدينة التي اختفت منها الجريمة
بينما كنت أتنقل في شوارع شنغهاي، جذب انتباهي شيء لم أره في مدن كثيرة، علب زرقاء وسوداء وبيضاء تقف بهدوء عند الزوايا. لم تكن صناديق بريد، بل هي مراكز شرطة متنقلة ، مزودة بكاميرات في كل اتجاه. إقتربت منها بحذر لأخذ صورة وفي الأصل لاختلس النظر إلى الداخل عبر البلور الأسود. حضور صامت يخيم على المكان. كلها شاشات لا حواجز، لا صفارات، لا عِصي ولا أسلحة. ابتسم لي الشرطي الذي كان في الداخل وافق على أخذ صورة عن بعد. لاحظت في عينيه الصرامة و القوة والنباهة في آن. "منذ 15 سنة... بدأ كل شيء بالكاميرات" كان هذا جواب أحد المسؤولين حين سألته عن سر اختفاء العنف و عن نسبة الجريمة هنا. "منذ 2010، عممنا استخدام الكاميرات. اليوم، لم يعد الإفلات من العقاب ممكنًا. حتى المشاجرات اختفت، الناس أصبحوا أكثر وعيًا. بعضهم لا يحب الكاميرات، لكن الأمن هو الحق الأعلى." في شوارع شنغهاي، لا شيء يُترك للصدفة. تدخل محطة المترو، تُفحص حقيبتك تلقائياً، تركب سيارة أجرة أنت مراقب، حتى المشاة، مرورهم يخضع لرقابة هادئة و فعالة. لا قتل في الأزقة، لا سرقات في المترو، لا عراك عند إشارات المرور. هذه المدينة حسمت خيارها لن تساوم على الأمن. شنغهاي ليست مدينة تراقبك فحسب، بل تحميك بصمت. "نحن هنا نمنع الجريمة قبل أن تبدأ لا بالعنف، بل باليقظة.". كل إشارة، كل زاوية، كل ممر ضيّق أو ساحة واسعة، هناك عيون رقمية معلقة في كل زاوية تحرسك في صمت. نظام المراقبة الرقمي والتعرف التلقائي على الوجه هو ما يعلم عن مكان المفتش عنهم أو يرسل إليه التنبيه أوالغرامة. إنها مدينة تتنفس الأمن كما يتنفس جسدها الضخم التكنولوجيا. سألت صديقي الصيني،-وهو رجل من هذه المدينة ويعرف نبضها- عن عمل عون الشرطة يوميا أجاب أنه يرشد الأجانب إن ضاعوا في الشوارع يلاحق من ركن سيارته في منطقة ممنوعة أو تجاوز الوقت المسموح به... الأمن هنا لا يُفرض… بل يُزرع في شنغهاي، لا أحد يصرخ، لا أحد يجري بلا سبب. المدرسة، السوق، محطات المترو، حتى الأزقة الجانبية التي لا يراها السائح… كلها تحت المراقبة. السكان هنا لا يظهر عليهم الانزعاج، الأمن هنا أسلوب حياة، لا إجراء استثنائي. ضياء الدين الكريفي - شنغهاي