أحدث الأخبار مع #طرامب


ساحة التحرير
منذ 5 أيام
- سياسة
- ساحة التحرير
ورد المنطقة شارباً و غادرها منتشياً طرامب يطيل الرسن لنتنياهو!هاني عرفات
ورد المنطقة شارباً و غادرها منتشياً طرامب يطيل الرسن لنتنياهو هاني عرفات الرئيس الأميركي ، عندما ورد المنطقة… شارباً ، ليس هو عندما …إرتوى مغادراً. في طريقه إلى السعودية ، و من على متن اير فورس وان ، قال للصحفيين: سوف تسمعون أخباراً رائعة خلال زيارتي، نهاية هذا الأسبوع، و كان يقصد بذلك غزة. لكن جبل الاخبار الرائعة الذي جاء به طرامب ، خلص إلى مجرد شعور بالوضع الإنساني في غزة. هذا ليس كل شئ ، في طريق عودته ، عاد الرئيس الأميركي ليصرح: انتظروا أسبوعين أو ثلاثة لتسمعوا أخباراً مفرحة، والحديث هنا عن غزة مرةً أخرى. هي نفس التسويفات وحالة الانتظار لأسابيع وأشهر ، التي دأبت عليها الإدارة السابقة. في المفهوم السياسي ، هذا تمديد آخر لنتنياهو و ضوء أخضر لاستمرار القتل والتدمير ولاحقاً التهجير. ماذا يعني ذلك؟ هل الخلاف ما بين نتنياهو و طرامب كان كذبة أو افتراض خاطئ؟ منذ سنوات ، وأنا و غيري من الباحثين، نحاول تفكيك رموز العلاقة ما بين الولايات المتحدة وإسرائيل، و كلما كنا نعتقد أننا نقترب من فهمها ، نجد أنفسنا أمام أسئلة أكبر من تلك التي حاولنا الإجابة عليها عند البدء. لكنني أكاد أزعم بأننا في السنوات الأخيرة، على عكس ما كان دارجاً لسنوات طويلة ، بدأنا نخرج من الكليشيهات و القوالب جاهزة ، و بدأنا نسير على طريق أقرب للواقع في فهم هذه العلاقة المركبة والمعقدة في آن. من البديهي أن طرامب و نتنياهو اختلفا في كيفية معالجة ملف الشرق الأوسط. الرئيس الأميركي ، كان يتمنى أن يأتي للمنطقة وقد هدأت المدافع، ليجلب السعودية و سوريا ولبنان ، و ربما السودان و ليبيا إلى حظيرة الاڤرايمز، خصوصاً وأن المحور المعارض للهيمنة الاميركية في المنطقة بعد التطورات الأخيرة في المنطقة، قد تم تحييده ، أو على الأقل تم إضعافه إلى درجة كبيرة، والفرصة باتت مهيأة لرسم ملامح المنطقة لعقود قادمة، الأمر الذي لم يكن متاحاً من قبل بهذا الشكل. نتنياهو حرم طرامب من هذا ( الإنجاز ) على الاقل مؤقتاً ، بسبب تعنته وإصراره على مواصلة العدوان ، الأمر الذي أدى إلى نوع من الجفاء بين الرجلين ، تبعته خطوات أميركية من جانب واحد كتعبير عن الاستياء ، لكن وهذا مهم ، العلاقة الأميركية الاسرائيلية لا تنهار عند أول خلاف ، ولهذا أسباب كثيرة منها حجم التغلغل العمودي والأفقي لأنصار إسرائيل في أميركا ، و منها ظروف النشأة لكلا البلدين ، و الدور الذي تلعبه قيادة الكنيسة ( الإنجيلية تحديداً ) ، ودور إسرائيل في الصناعات التكنولوجية، و المساهمة التي تقدمها أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية، بالإضافة إلى الخلايا النائمة لها ( السيانيم أو المندوبين ) المزروعين في مفاصل حساسة من المجتمع ، وحتى العلاقات الخاصة التي نسجتها إسرائيل مع النخب الاميركية، من رجال أعمال أثرياء ، ومؤثرين إعلاميين … الخ . الحديث هنا عن طبقات متعددة من أدوات التحكم ، أو خطوط دفاع متعددة إن شئتم ، محصنة و مدعومة، وإذا ما تم اختراق أحد هذه الحصون ، تستنفر بقية الأذرع لتدارك الأمر. طبعاً هذا ليس كل شئ ، العامل الخارجي قد يلعب دوراً في التأثير، سلباً أو ايجاباً ، بمعنى لو كان هناك موقف اقليمي صلب و جاد لكان بالامكان دفع الادارة نحو توجه أقل دعماً لإسرائيل. وكان الرئيس الأميركي أتحفنا بلهجة أكثر صرامة ، من مجرد امنيات جوفاء. لكن زعماء هذه الدول لا يريدون ذلك ، وهكذا تمخضت الزيارة عن صفر انجاز لصالح غزة ، وحتى لا تظن الظنون فإن حكومات الدول الثلاث اسوأ من بعضها في هذا الخصوص، بغض النظر عن ماذا تقول وسائلهم الإعلامية. حتى الصفقات التي وقعوها ، ليست لخدمة بلدانهم ، إنما خدمة للاقتصاد الاميركي. هذا ليس ضرباً من الخيال، أنظروا كيف أثرت رسالة الأعضاء الثلاثين في مجلس الشيوخ ، لإدخال المساعدات إلى غزة ، كذلك الأمر بعد تهديد مجموعة من الدول الأوروبية بفرض عقوبات على إسرائيل، في حال عدم إدخال المساعدات. نعم إسرائيل قوية ، و لديها الكثير من النفوذ في أميركا وأوروبا، لكنها هشة إذا ما واجهت موقفاً صلباً و جاداً. تخيلوا معي لو أن أوروبا هددت بفرض عقوبات على إسرائيل قبل اشهر من الان ، لكانت الأمور ربما سارت في منحى آخر ،و لتم إنقاذ عشرات الآلاف من الضحايا. التغيير ممكن ، و ربما سوف يسير بوتائر أسرع مما نعتقد أيضاً ، لكن هذا يتطلب مقاربات جديدة ، و يتطلب الخروج من عباءة المسلمات و اليقينيات التي درجنا عليها. هذا ضروري لكسب عقول الجماهير ، التي تعمل ضد مصالحها الحقيقية حتى الان ، بسبب خيانة النخب أو تقاعسها عن القيام بدورها على أقل تقدير. 2025-05-21


ساحة التحرير
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- ساحة التحرير
خلاف طرامب ونتنياهو ..نيران صديقة!هاني عرفات
خلاف طرامب ونتنياهو ..نيران صديقة! هاني عرفات طرامب بنسخته الجديدة حير المحللين و المتابعين على حد سواء، هل هو بحق طرامب جديد يختلف عن طرامب الذي تجرأ دون غيره من الرؤساء، على نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، وقد تفاخر بتحايله على الزعماء العرب حينها ، و هو نفسه الذي جاء بهدية الإتفاقيات الإبراهيمية إلى حضن نتنياهو دون مقابل . أليس هو أيضاً من حظر سفر المسلمين إلى الولايات المتحدة ، في دوّرته الأولى؟ دعونا نترك الماضي قليلاً ، طرامب اليوم هو من يعاقب النشطاء المعارضين للعدوان على غزة، بالحبس تارة وبالأبعاد تارةً أخرى، وهو من يعاقب إدارات الجامعات على (تهاونها) مع احتجاجات الطلبة، بالحرمان من المنح الحكومية، كما جرى مع جامعة هارڤارد العريقة، وبالتهديد المباشر تارةً أخرى. بالإضافة إلى كل ذلك ، أليس هو من يهدد محكمة الجنايات الدولية بالويل والثبور، ناهيك عن موقفه من الأونروا..الخ في المقابل ، فإن الإشارات على تصاعد الخلاف بينه وبين حكومة نتنياهو حقيقية أيضاً ، وليست مجرد مناورة أو تمثيلية كما يظن البعض . الإشارات التي صدرت عن البيت الأبيض بهذا الخصوص كثيرة ، بدءا من التفاوض على إطلاق سراح الاسير مزدوج الجنسية عيدان الكسندر ، بعيداً عن تدخل الحكومة الاسرائيلية. لا يقل عن ذلك أهميةً، تصريحات ويتكوف لأهالي المحتجزين قبل أيام قليلة، عندما قال لهم بأن نتنياهو هو العائق أمام الوصول إلى صفقة تبادل، هذه بالمناسبة هي أول مرة يصرح فيها مسؤول أميركي كبير بذلك ، منذ بداية العدوان على غزة ، حتى أن الوسطاء العرب أنفسهم لم يصدروا هكذا تصريحات من قبل، و حتى زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة دون المرور بإسرائيل. وغيرها من الإشارات و التصريحات المتعاقبة لمسؤولين اميركيين في هذا الخصوص ، بما فيها تصريحات السفير الاميركي هاكابي، المعروف بصهيونيته المفرطة أيضاً. الالتباس لدى كثير من السياسيين، سببه عدم فهم الطبيعة الحقيقية للعلاقات ما بين الولايات المتحدة وإسرائيل، البعض يذهب إلى الافتراض بأن إسرائيل هي من تحكم أميركا بالمطلق ، وهذا غير صحيح ،والبعض الآخر يفترض أن إسرائيل تنفذ حرفياً رغبات الحكومات الامريكية ، دائما وفي كل الظروف، وهذا غير صحيح أيضاً. هناك توجه دائماً ينحى نحو التبسيط و الاستسهال في فهم العلاقة. نعم ، هناك تحالف استراتيجي بين البلدين قائم على مصالح مشتركة، تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ، من الواضح أن نتنياهو لم يعد يمثل هذه المصالح، بل وقد أصبحت سياساته المغامرة تضر بهذه المصالح. لذلك تحاول الادارة الاميركية ، تصحيح الوضع حتى لو كلف ذلك مغادرة نتنياهو المسرح السياسي. قصة الإفراج عن عيدان الكسندر بالمناسبة، هي وجه لقصور نتنياهو ، عن تحقيق ( المصلحة الصهيونية ) ولها معانيها العميقة في هذا الشأن ، فقد دخل عيدان الأسر بصفة جندي اسرائيلي، وخرج منه بصفة مواطن أميركي، هذا الأمر يضرب في صميم الرواية الصهيونية ، والتي تنص على أن يهود العالم يمكنهم أن يكونوا بأمان فقط في بلدهم إسرائيل. و هذا بالمناسبة ما يدفع غالبية الإسرائيليين المطالبة بإبرام صفقة للإفراج عن المحتجزين ، لأن الفشل في ذلك، يعني أن إسرائيل غير قادرة على حماية مواطنيها اليهود ، فما بالك بيهود العالم. من هنا ، من وجهة نظر صهيونية إن شئت ، و من وجهة نظر المصالح الأكثر شمولية للولايات المتحدة وإسرائيل، يتجلى الخلاف بين الادارة الأميركية و نتنياهو . إدارة بايدن كانت ترى ذلك أيضاً ، لكنها كانت أضعف من أن تقف في وجه نتنياهو، المسألة لها علاقة أحياناً بمن يمسك اللجام ومن يقود العربة ، طرامب يستطيع بما له من تاريخ ، لا يرقى اليه الشك، في دعم إسرائيل ، وما له من سيطرة في غرفتي الكونغرس ، أن يصدر هذه الإشارات بقوة ، و نتنياهو لا يملك الكثير من الأوراق لمواجهته ، للأسباب آنفة الذكر. لاحظوا كيف تلتزم اللوبيات الداعمة لإسرائيل و رموزها ، بمن فيهم من أعضاء الادارة نفسها الصمت ، حيال الإهانات المتتالية لنتنياهو من قبل إدارة طرامب. فهم يعتبرون اشارات طراًمب هذه هي نيران صديقة . لكن و هذا هو المهم ، حتى الآن كل ما صدر عن إدارة طرامب ،من تصريحات ، لا يتعدى إشارات وانتقادات والى حد ما تهديدات معنوية لحكومة نتنياهو ، لكنها لم تصل بعد إلى درجة ممارسة ضغط حقيقي. إذا أرادت الادارة أن توجع إسرائيل ، فإنها تستطيع بكل سهولة، ليس فقط من خلال إمدادات السلاح ، وإنما من خلال رفع الحصانة عن إسرائيل في المحافل الدولية مثلاً ، أو في اتخاذ موقف صارم من موضوع الاستيطان ، واستئناف إيقاع العقوبات بحق قادة المستوطنين بدل رفعها ، كما حصل في بداية فترة الرئيس طرامب. ما تقوم به الادارة الان ، لا يتعدى محاولة إعادة نتنياهو إلى ( جادة الصواب الصهيوني ) دون الإضرار بإسرائيل، وذلك بالاستمرار في إرسال الإشارات عن عدم رضى الإدارة عن تصرفات نتنياهو، على أمل أن يعدل من سلوكه ، أو أن يؤدي ذلك إلى إضعافه داخلياً و من ثم انهيار حكومته. لكن حتى هذا الظرف الناشئ المؤقت ، قد يفتح نافذة للتخفيف من معاناة الفلسطينيين، وهذا ما يجب أن تنصب عليه كل الجهود. شريطة عدم المبالغة في التفاؤل أيضاً. 2025-05-14


ساحة التحرير
١٣-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- ساحة التحرير
هل نحن أمام أميركا جديدة؟هاني عرفات
هل نحن أمام أميركا جديدة؟ هاني عرفات يحتدم الجدل هذه الأيام ، وتحديداً منذ وصول طرامب إلى سدة الحكم في دورته الثانية ، و بعد استقباله ومن ثم طرده للرئيس الأوكراني بهذا الشكل المهين، و بعد إشعاله حرب التعريفات الجمركية التي تمس أقرب حلفاء أميركا، و الأوامر الرئاسية المتتالية الهادفة ، لتصفية عدد من الدوائر الحكومية الأميركية ، و مغادرة عدد كبير من المؤسسات والمنظمات الدولية. الجدل يدور حول سؤال كبير، هل نحن أمام أميركا جديدة مختلفة ؟ وإن كان الأمر كذلك ، فمن هي القوى الداخلية التي تقف خلفها ؟ سوف أحاول الاجابة على هذه التساؤلات ، رغم معرفتي المسبقة ، بأن هذا الأمر يحتاج إلى أكثر من جهد فردي، و ربما إلى العديد من الدراسات ، ومتابعة ما سوف تسفر عنه الأحداث في الشهور القادمة. والآن دعونا نعود إلى الوراء قليلاً . ليس خافياً على أحد ، أن أميركا تعاني من أزمات اقتصادية مزمنة . طرامب لم يخترع هذه الأزمات، إنما هو يحاول الخروج منها بطريقة مختلفة عن أسلافه. يقوم الفهم الطرامبي على أساس، أن أميركا ظلمت تاريخياً في علاقتها مع العالم الخارجي، و أنها منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية ، تقوم بصرف مبالغ طائلة في الجوانب العسكرية ، لحماية حلفائها في أوروبا وفي شرق آسيا ، وفي بعض مناطق العالم الغنية بالثروات الطبيعية ، مثل منطقة الخليج العربي ، ولا تحصل بالمقابل على مردود مالي مقابل هذه الحماية. هذا من الناحية السياسية ، أما من الناحية الاقتصادية ، وهي مرتبطة بشكل وثيق مع الناحية السياسية، فإن الطرامبية ترى بأن السياسة الاقتصادية العالمية التي اتّبعتها الإدارات السابقة، قد أضعفت الاقتصاد الأميركي، من خلال التسهيلات الجمركية الممنوحة للدول الأجنبية ، على حساب الاقتصاد الوطني ، وأن الحكومات الاميركية المتعاقبة ، سمحت بل وشجعت الشركات الاميركية، على الهروب للخارج ، وهذه حقيقة رغم أن السبب ليس التشجيع الحكومي بل الهرب أساساً من الضرائب العالية وتفادياً لأجور العمالة المحليّة المرتفعة، مقارنة ببلدان أخرى. في واقع الأمر ، هناك جانب من الحقيقة في هذه الادعاءات ، فميزان التجارة ما بين الولايات المتحدة والصين مثلاً مختل إلى حد كبير. الصين تصدر ما يقارب النصف تريليون دولار من البضائع لاميركا مقابل مائة واثنين وتسعين ملياراً تصدرها أمريكا للصين سنوياً. كما أن حجم الإنفاق العسكري الأميركي في حلف الناتو ، أكبر بكثير من مساهمة باقي أعضاء الحلف فيه. هذه تحديات حقيقية للاقتصاد الأميركي ، وهذا التدهور لا يتمثل فقط في ارتفاع المديونية العامة، لنحو ستة وثلاثين تريليون دولار فقط ،والذي يستمر في التصاعد كل سنة، بل وفي تلاشي و ذوبان الطبقة الوسطى في المجتمع الأميركي ، وارتفاع نسب التضخم و معدلات الفقر أيضاً. لذلك نلاحظ بأن حملات الانتخابات الرئاسية ، ومنذ أكثر من ربع قرن تركز على شعار التغيير والتجديد، من أجل الإيحاء للناخبين بأنّ الادارة القادمة سوف تقوم بحل المشكلات التي باتت مستعصية على الحل. فيما يختلف طرامب في معالجة هذه القضية عن سابقيه؟ طرامب يستند في رؤيته ، إلى قاعدة أساسية يراها هو وأنصاره ، تتمثل في أن الولايات المتحدة، هي الدولة صاحبة أكبر اقتصاد،و أعتى قوة عسكرية ، وأن موقعها هذا يخولها لأن تأمر فتطاع ، وأنه لا توجد دولة على وجه هذه البسيطة ، تستطيع أن تقف في وجه أميركا ، وإن تجرأت على فعل ذلك ، فسوف تفرض عليها تعريفات جمركية عالية ، أو تحرم من الحماية ، وربما فرض عقوبات مستقبلاً. الإدارات السابقة حاولت تعديل هذا الوضع بطرق شتى ، لكنها فشلت ، الفارق أن طرامب يحاول معالجة المسألة بطريقة الصدمة. لقد أصبح أسلوب طرامب معروفاً للقاصي والداني ، هو غالباً ما يستعمل أسلوب الصدمة بوضع سقوف عالية وشبة خيالية مع منافسيه وخصومه. في الواقع هناك مشكلتان تحولان بين طرامب وبين الوصول إلى الأهداف التي يريد. المشكلة الأولى: هي أن الإنفاق المالي العسكري ، الذي قدمته الولايات المتحدة ، لحلفائها سواءً في الناتو أو غيرهم ، لم يكن يوماً لسواد عيون هذه البلدان ، كما يعتقد أنصار طرامب ، فمنذ خطة مارشال لإعادة إعمار أوروبا ، وما تلاها من انفاق عسكري ، كانت تهدف إلى تعزيز و تثبيت سيطرت اميركا على العالم ، ولم تكن في يوم من الأيام مجرد هبات أو عطايا خيرية. لذلك فإن التوقف عن فعل ذلك سوف يعني بالمقابل المخاطرة بفقدان السيطرة تدريجياً ، حتى وإن كانت تصريحات طرامب و قراراته تدخل في باب المناورة ، كما يدعي أنصاره ، فإنها مناورة محفوفة بالمخاطر. لن ينسى زعماء العالم لا سيما الأوروبيين منهم ، الموقف الذي تعرض له أحد أقرانهم ( زيلينسكي) في البيت الأبيض، ولن تمر التهديدات برفع الحماية ، أو فرض التعريفات الجمركية العالية مر الكرام . أسلوب العلاج بالصدمة الذي اتبعه طرامب كان له حدين. الحد الآخر لهذا الموضوع ، هو أن أوروبا مثلاً أفاقت على واقع جديد ، لم تعتده منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، وهي الان تحاول البحث عن طريقة لحماية مصالحها بعيداً عن الولايات المتحدة ، ألمانيا مثلاً قررت رفع موازنتها الدفاعية ، وإسبانيا اتجهت نحو توقيع اتفاقيات اقتصادية مع الصين ، و من المؤكد ، أن تتوالى ردود فعل دول أخرى، في الأشهر القليلة القادمة. المشكلة الثانية: تتمثل في أن فرض الرسوم الجمركية العالية ، لن يحل بأي حال كل المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الأميركي ، لأن هذا لا يحلّ جذور المشكلة ، الشركات المهاجرة ذهبت خلف الأيدي العاملة الرخيصة والضرائب الأقل ، والمواد الخام الرخيصة بالإضافة للأسواق القريبة . وحتى لو أصبحت التعرفة الجمركية المفروضة على بضائع هذه الشركات تكافئ أو تزيد عن ما تدخره من اجور و ضرائب، فإن اعادة هذه الشركات إلى الوطن تحتاج إلى زمن طويل، يقدره بعض خبراء الاقتصاد بعقد أو عقدين من الزمن ، لتوفير سلاسل إمداد جديدة ، و خبرات مقيمة ..الخ. و حتى التفكير بإيجاد بدائل محلية لهذه الشركات يتطلب وقتاً أطول ، هذا في حال توفرت كل الشروط اللازمة لتشغيل شركات كهذه. في نهاية المطاف ، فإن هذه الإجراءات التي تقوم بها إدارة طرامب ، وإن كانت كما تقول حاشيته المقربة ، تستهدف تحسين شروط التفاوض ، فإن لها ارتدادات قد لا تكون قابلة للإصلاح في الوقت المناسب. و سوف يدفع المستهلكون ثمناً باهظاً في المقابل. حيث سوف تنعكس الإضافات على التعرفات الجمركية ،على أسعار المنتجات و تضاف إلى التكلفة ، طبعاً هذا في ظل عدم وجود بدائل جاهزة محلية لهذه المنتجات ، على سبيل المثال لا الحصر ، قدر خبراء اقتصاديون أن سعر حذاء نايكي سوف يرتفع من ٤٥ دولاراً للمستهلك الآن إلى ٢٢٠ دولاراً بعد فرض التعريفات الجمركية الجديدة ، وهاتف آبل ١٦ من ٥٤٥ دولاراً إلى أكثر من ١١٠٠ دولار . و من البديهي القول أن حلفاء اميركا وأتباعها في العالم أيضاً ، و نتيجة هذه السياسات المتقلبة ، بدأوا يفقدون الثقة ، و صاروا يبحثون عن بدائل ، سواء من خلال إجراء تعديلات اقتصادية داخلية، أو من خلال البحث عن تحالفات اقليمية وعالمية أخرى. هل يمكن اعتبار الطرامبية انقلاب على الدولة العميقة؟ وإن كانت كذلك فمن هي القوى التي تسندها؟ سؤال من الصعب الاجابة عليه ألآن، كون الأمور لم تتضح بعد، ولكن نظرة أولية على مجريات الأمور ، تشير إلى أن طرامب و منذ توليه الحكم ، يعمل بشكل حثيث على تدمير المؤسسة التقليدية للحكم ، هو لم يخف هذا الأمر منذ البداية ، في أثناء حملته الإنتخابية الأولى ، كان شعاره الانتخابي هو تجفيف المستنقع في واشنطن ، بمعنى التخلص من عفن مؤسسة الحكم ، ولم يخفي أيضاً اتهامه للديمقراطيين و أيضاً للجمهوريين المنخرطين في هذه المؤسسة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، بل أنه انخرط فعلاً في تغيير سياسات خارجية ، والتي كانت تعتمد على مبدأ محور الخير، الذي تمثله أمريكا و حلفائها، مقابل محور الشر في الطرف الآخر. ولعل أقرب مثال على ذلك عملية (النتف) العلني للرئيس الأوكراني الذي كان مدللاً حتى الأمس القريب، و طرده من البيت الأبيض، و التهديد بفرض تعريفات جمركية مرتفعة على أوروبا وكندا والمكسيك واليابان وكوريا الجنوبية. إلا أنه وفي نفس الوقت ، إذا ما أمعنا النظر في مكونات القوى المؤثرة الداعمة لطرامب ( لا أتحدث عن جمهور الناخبين هنا بل النخب ) فإنها جزء من القماشة السياسية ذاتها ، أي جزء من مكونات الدولة العميقة، وإن لم تكن كلها بسبب وجود معارضة قوية لها في الطرف الآخر أيضاً. هذا يعني أن جزء من الدولة العميقة ذاتها ، وأمام المتاعب التي يتعرض لها الاقتصاد الاميركي والدور المتآكل على الصعيد العالمي ، قد قرر أن يسير في اتجاه جديد، في محاولة لرسم مستقبل مختلف ، وهو في توجهه هذا يحمل طابعاً قومياً انعزالياً ، مستغلاً الجبروت العسكري والتفوق الاقتصادي أسلحة لإخضاع دول العالم ، بديلاً للدبلوماسية الناعمة خصوصاً مع الدول الحليفة. إجمالاً فإن ما يجري الآن ، هو صراع داخل الدولة العميقة ذاتها ، وهذا الصراع لم يحسم بعد. إنه يشبه إلى حد ما الصراع الذي دار بين الرئيس الأميركي جون كينيدي وشقيقه المدعي العام من جهة و بين أطراف عديدة في الدولة العميقة ، على رأسهم في حينها، نائبه ليندون جونسون، و مدير وكالة المخابرات الفيدرالية هوڤر، و رئيس وكالة المخابرات المركزية من جهة أخرى ، وانتهى باغتياله في ظروف غامضة. كان ذلك عندما تجاوز الرئيس كينيدي، الخطوط الحمر للدولة العميقة، بالطلب من بن غوريون، ومن بعده إشكول بإخضاع المفاعل النووي الاسرائيلي للرقابة النووية، وأيضاً حينما حاول اعتبار مجلس العلاقات العامة الاميركي الاسرائيلي منظمة أجنبية، وعندما رفض طلب البنتاغون إرسال مساعدات للمتمردين الكوبيين، و محاولته الحد من صلاحيات البنك الفيدرالي المركزي ، وقضايا خلافية أخرى مع أجهزة الاستخبارات ، و أركان الجيش. ماذا بالنسبة لإسرائيل وحلفائها في الولايات المتحدة و موقعهم من هذا الصراع؟ يجب ان نتذكر دائماً أن حلفاء إسرائيل في الولايات المتحدة ، لا يضعون كل بيضهم في سلة واحدة فاعلون على ضفتي المعادلة دائماً . و يجب أن نتذكر أيضاً أنهم و مع الوقت أنشأوا شبكة واسعة ومعقدة تغلغلت في المجتمع الأمريكي ، عمودياً وأفقياً ، وهذا يشمل النخب والجمهور أيضاً ، مع أن لكل منهما أدواته الخاصة. على المستوى الشعبي ، يتركز العمل على تجذير التحالف مع الكنيسة الانجيلية ،لكسب تعاطف ملايين المتدينين من الناس ، وكذلك التركيز على وسائل الإعلام ، لبث الرسائل الإعلامية الموجهة للترويج لإسرائيل، وكبح الدعاية المضادة في نفس الوقت. أما على مستوى النخب ، فتنشط لوبيات الضغط ، والأموال التي تقدمها هذه اللوبيات ، لشراء ذمم المرشحين للمواقع المختلفة. لكن هذا ليس كل شئ ، هناك أطواق إضافية يحيط بها هؤلاء شؤونهم ، حتى لا يتركوا أي مجال للصدف ، ما ذكره أكاديمي فرنسي حول وجود ، محفل ماسوني صهيوني يضم قرابة النصف مليون عضو ، ويجند الموساد منهم خمسون ألفاً، يسمونهم السيانيم ، هو أحد الامثلة على هذا التغلغل ، هؤلاء كما يوضح الأكاديمي الفرنسي، هم عبارة عن نخبة من الأكاديميين والسياسيين والمهنيين في مجالات مختلفة ، يعملون كخلايا نائمة ، ولا يفصحون عن توجهاتهم السياسية ، حتى يطلب منهم تنفيذ عمل ما في لحظة ما. كما أن هناك مجموعة من القوانين تحت مسميات مختلفة تجرم معاداة اسرائيل او تجريمها تحت باب معاداة السامية وهناك أيضاً كبار الممولين من الموالين ، حيث لاحظنا كيف نشط هؤلاء إبان المظاهرات الطلابية تضامناً مع غزة ، و هددوا الجامعات بوقف مئات المليارات من الدولارات من التبرعات لها ، حال عدم قيام إدارات هذه الجامعات بوقف التظاهرات فيها ، بحجة معاداة السامية. كما أنهم يمتلكون أيضاً ، قنوات علاقات خاصة ، يتقرب بها بعض الأثرياء والمؤثرين بشكل شخصي من أصحاب القرار، مثل الثرية مريام شيلدون ، التي ورثت هذه العلاقة عن زوجها المتوفى اديلسون شيلدون مالك نوادي القمار المعروف، و صاحب جريدة كول هيوم الاسرائيلية واسعة الانتشار، و يقال أن لمريام دور رئيسي ، في حث طرامب على الوصول إلى صفقة لإطلاق سراح المحتجزين الاسرائيليين في غزة . هؤلاء ينشطون بشكل دائم ولديهم حضور على الطرف الآخر أيضاً . لذلك فمن المرجح أن تظل العلاقات الأميركية الإسرائيلية مستقرة ، كون حلفاء وأنصار الأخيرة ، هم جزء من نسيج الدولة العميقة و الظاهرة أيضاً، و متغلغلين في أوساط الأطراف المختلفة. السؤال هنا لا يكمن في قدرتهم على التأثير من عدمها ، بل في مدى هذا التأثير ، والذي يتفاوت تبعاً لعوامل قوة من هم في الحكم في كلا البلدين، العوامل المحلية والدولية . 2025-04-13


ساحة التحرير
١٧-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- ساحة التحرير
الطرامبية خروج من أزمة أم ولوج إليها !هاني عرفات
الطرامبية خروج من أزمة أم ولوج إليها !! هاني عرفات تتفاوت تقديرات المعنيين بالشأن الأمريكي، في فهم المنطلقات والتوجهات السياسية لطرامب ، البعض يعتقد أنه مجرد ملياردير أميركي ، مغرور و متهور و أخرق، فيما يجزم البعض الآخر بأن لدى الرجل مشروع سياسي داخلي و خارجي متكامل. في حقيقة الأمر ، أن طرامب حينما بدأ سعيه للوصول إلى السلطة، لم يكن لديه خلفية ايديولوجية مكتملة الأركان ، فهو لم يكن تاريخياً ، جزء من منظومة الحزبين الرئيسيين ، و إنما كان دائماً على أطرافها. و العلاقة التي ربطته بـ كلا الحزبين سياسياً ، كانت كعلاقة ثري أميركي ، في دعم مرشحي هذا الحزب أو ذاك ، خدمةً لمصالحه الاستثمارية. و عندما قرر دخول المعترك السياسي بشكل جدي، قبيل الانتخابات الرئاسية في العام ٢٠١٦م ، اعتمد في حملته الانتخابية، على تذمر قطاعات واسعة منّ الأميركيين ، من المنظومة الحاكمة ، صحيح أن أغلب سهام نقده ، صوبها نحو الحزب الديمقراطي، وهذا أمر طبيعي، كونه ترشح على قوائم الحزب الجمهوري، لكنه هاجم المؤسسة والسياسيين المحترفين من كلا الحزبين ، ورفع شعار (تجفيف المستنقع ) في واشنطن . هذا الأمر بالذات ، أي تغيير المؤسسة الفاسدة ، هو ما دفع بطرامب إلى مقدمة مرشحي الحزب الجمهوري في حينه، ولاحقاً حقق له فوزه الأول في الانتخابات الرئاسية . دعوات طرامب هذه ، أدت إلى زيادة أنصاره ، ليس في داخل الحزب الجمهوري فقط، و إنما من خارجه في أوساط المستقلين ، هذه القوة الشعبية الجارفة، التي جلبها طرامب للجمهوريين ، جعلت ساسة الحزب يرضخون صاغرين له، رغم أنهم لم تكن لتعجبهم هذه الشعارات تماماً . لكن هل الطرامبية كانت محض صدفة؟ بتقديري أن الطرامبية السياسية ، هي تعبير عن أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية أميركية عميقة ، و كانت سوف تظهر سواءً بشخص طرامب أو غيره أمس أو اليوم أو غداً. التراجع الاقتصادي للولايات المتحدة الأميركية ، و النمو المتسارع لقوى اقتصادية عالمية ، وانعكاسات ذلك على موقع الولايات المتحدة العالمي ، وكذلك إنزلاق فئات واسعة من الطبقة الوسطى الاميركية نحو الفقر ،والتي كانت منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية ، مصدر فخر الاميركيين ، والعمود الفقري للاقتصاد الأميركي ، دفع قطاعات واسعة في المجتمع الأميركي للانجذاب أكثر فأكثر نحو سياسات طرامب. كل ذلك ولد حالة داخلية من السخط المتراكم على الحكومات المتعاقبة ، وعلى كل طبقة السياسيين المحترفين ، وقد عبر طرامب مراراً عن غضبه على هؤلاء ، معللاً بأن هؤلاء هم السبب في تراجع أميركا أمام بلدان أقل شأناً ، دول الخليج مثالاً ، حيث صارت لدى هذه البلدان ، بنية تحتية ، و رفاهية أعلى بكثير من تلك التي يملكها أو يتمتع بها الأميركان ، هذا رغم أن هذه البلدان ، حسب الفهم الطرامبي ، ما كانت لتستمر لولا الحماية التي توفرها لها أميركا. و من أجل تصحيح هذا الوضع ، فإن على الدول الثرية الحليفة أو التابعة ، أن تدفع للولايات المتحدة بدل حماية ، و الطريقة التي اتبعها طرامب للوصول إلى ذلك ، كان من خلال ممارسة الابتزاز المباشر. في طريقه إلى السلطة والحفاظ عليها ، نسج طرامب شبكة تحالفات داخلية بضمان أن يكون هو المقرر أولاً و أخيراً فيها ، حيث تعلم خلال الشهور الاولى من فترته الرئاسية الاولى، أنه لا يستطيع الركون إلى المحترفين السياسيين، فقد قرر أن يشكل حكومته الجديدة في مرحلته الرئاسية الثانية ، بناءً على معيار واحد أساسي ، هو الولاء الشخصي . العمود الأساسي للتحالف اعتمد على جمهور الإنجيليين المحافظين ، وقدم لهم كل مطالبهم: إعادة الدين إلى المدارس، و محاربة المثلية و ظواهرها المختلفة في المجتمع ، ، وتقليص دور الحكومة المركزية في الحياة العامة . من ناحية أخرى ، دغدغ طرامب مشاعر القوميين الأميركيين ، من خلال رفع شعار ترحيل المهاجرين غير الشرعيين ، و رفعه شعارات ذات طابع عنصري ، و جعل الطريق إلى (أميركا عظيمة مرة أخرى) تمر بالضرورة عبر استيلاء أميركا على أراضي وبلدان أخرى، مثل جرينلاند، وكندا ، وقناة بنما ، و تغيير اسم خليج المكسيك ليصبح اسمه خليج أميركا. و طالب الشركات الأميركية بإعادة فروعها العالمية إلى داخل الولايات المتحدة ، وفرض رسوم جمركية عالية على البضائع الأجنبية. ورغم أن القاعدة الأساسية لجمهور طرامب ، تعتمد على المحافظين الإنجيليين المتدينين ، و القوميين المتطرفين ، إلا أن هناك قطاع واسع من الشباب الذين ضاقوا ذرعاً تاريخياً ، بالسياسات العقيمة لكلا الحزبين، في المجالات الاقتصادية والاجتماعية ، فقد وجد هؤلاء في دعوة طرامب للتغيير بصيص أمل في حياة أفضل. وبناءً على المنطلقات الأساسية سالفة الذكر ، واستناداً إلى فائض القوة العسكرية التي تملكها أميركا ، و سيطرتها على الأسواق المالية ، بنى طرامب سياساته الدولية على النحو التالي: أوروبا : هذه القارة العجوز ، بحاجة إلى اميركا بالذات أمنياً وليس العكس ، ومن هنا تكمن أهمية روسيا في سياسات طرامب، كلما تعاظم شعور الأوروبيين (بالتهديد الروسي) ، كلما زاد اعتمادهم على أميركا و تبعيتهم لها ، ومن هنا فأن بدل هذه الحماية واجب و مستحق لاميركا. الصين: هي التهديد الرئيس للولايات المتحدة اقتصادياً ، وفي حال فقدت الولايات المتحدة الأمريكية السيطرة الاقتصادية على العالم ، فإن القوة العسكرية لن تكون كافية لإخضاع العالم ، خصوصاً وأن معيار الزعامة القيمي والأخلاقي(لدول العالم الحر) ومبادئ حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية ، قد تلاشت هي الاخرى بشكل جلي، بسبب المعالجة غير العادلة و المنحازة في العقود الأخيرة، و تراجع قدرة هذا المجتمع الدولي ، الذي تتزعمه امريكا عن حل عادل لهذه القضايا . وفي الموضوع الصيني ، تم توظيف الكثير من الجهد لناحية فرض رسوم جمركية عالية ، و تأمين سلاسل الإمداد، والسيطرة على مصادر الطاقة. و من هنا تأتي أهميةً استمالة روسيا مرة أخرى ، لإبعادها قدر المستطاع عن التحالف مع الصين. سوف نسمي هذه الدول اصطلاحاً ، دول الحالات الخاصة في السياسة الأمريكية : الهند ، السعودية و إسرائيل: كل دولة من هذه الدول ، تتمتع بميزة ما ذات فائدة لاميركا ، فالهند بحجمها الديمغرافي ، وتطورها التقني ، لا سيما في مجال الخبرة الإليكترونية الرخيصة ، عليها أن تظل أقرب للولايات المتحدة من قربها من الصين ، و السعودية بما تمتلكه من مصادر طاقة وثروة ، و موقع و قدرتها على التأثير في المحيط، ضرورة لاميركا أيضاً. أما إسرائيل فعدا عن دورها التقليدي القديم ، في خدمة المصالح الاميركية ، والذي تراجع كثيراً ، خلال العقود الاربعة الماضية ، إلا أنها تفرض نفسها على الأجندة ، بسبب تغلغلها الذي لا يمكن تجاهله في مؤسسات القرار الأميركي ، ومن خلال العلاقات الخاصة ، وكذلك علاقتها بالمؤسسة المالية ، و نفوذها في اوساط الكنيسة و الجامعات أيضاً ، وهي بذلك تفرض نفسها فرضاً على التوجهات السياسية الأميركية. الفلسفة العامة لسياسات طرامب الخارجية ، تعتمد على مبدأ ،أن التلويح بفائض القوة العسكرية والسيطرة الاقتصادية على العالم ، كفيلان بتحقيق الأهداف ، دونما حاجة لخوض حروب مباشرة. وهذا بالمناسبة لا يتفق تماماً ، مع توجهات الحكومة الاسرائيلية ، مما قد يؤدي إلى نوع من الخلاف بين البلدين في المستقبل ، تحديداً فيما يتعلق بايران. السنوات القليلة القادمة ، كفيلة بأن تكشف ، أن هذه التوجهات الطرامبية ، سوف تفشل فشلاً ذريعاً ، داخلياً و خارجياً ، التعامل مع الحلفاء الكبار ، بهذه الطريقة ، قد يجعلها تنحني أمام العاصفة ، في انتظار عودة الأمور إلى سابق عهدها بعد رحيل طرامب،وهو أمر غير مضمون بالمناسبة ، لكنها لن تظل على ما هي عليه إلى الأبد، خلال فترة لن تطول ، سوف تبدأ هذه البلدان بالبحث عن حلول لمشاكلها بنفسها و بعيداً عن الولايات المتحدة. وهو ما يفتح المجال أمام نشوء قوى و تكتلات عالمية جديدة. 2025-03-17


ساحة التحرير
٠٤-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- ساحة التحرير
المطلوب مساعدة فلسطين لا اسرائيل!هاني عرفات
المطلوب مساعدة فلسطين لا اسرائيل! هاني عرفات كتبت بالأمس و حذرت من خطورة تقديم مشروع عربي، ظاهرياً يكون بمثابة رد على مشروع طرامب التهجيري ، والذي يقضي بإحلال قوات عربية أو أجنبية في غزة ، و دور رمزي للفلسطينيين حسب الخطة، وفي جوهره يحقق للاحتلال مبتغاه من اليوم التالي للحرب ، وهذا يصب في خانة التعاطي مع المشروع الطرامبي ، و سوف يؤدي تلقائياً إلى إطالة أمد الاحتلال ، و تفتيت الكيانية الفلسطينية بعد تفتيت الوحدة السياسيّة. اليوم يخرج علينا زعيم المعارضة الاسرائيلية يائير لأبيد ، باقتراح يتضمن تولي مصر ادارة قطاع غزة لمدة خمسة عشر عاماً ، و أن تقوم بالإشراف على اعادة الإعمار ، بتمويل خليجي أميركي ، و تدمير الأنفاق و نزع سلاح المقاومة ، مقابل اعفاء مصر من ديونها الخارجية البالغة مئة و خمسة و خمسين مليار دولار. يجب الحذر من التعاطي مع التهديدات الاسرائيلية والاميركية سواءً تلك التي تتوعد بجحيم أكبر من الذي حصل في غزة!! أو بتهديدات التهجير الطرامبية. بطبيعة الحال ، التعاطي مع مثل هذه التهديدات يجب أن يكون برفضها ، والقيام بحراك دبلوماسي واسع لمنعها، و ليس بالتعاطي معها كنقطة بداية، و ليس من خلال محاولة ايجاد حلول مشتقة من هذه التهديدات.بل من خلال خطة متكاملة هدفها انهاء الاحتلال . خلال عشرين عاماً مما اسميه (التفاوض مع الذات)، لأنه و منذ العام ٢٠٠٠ عملياً لم تنخرط اسرائيل في أية مفاوضات مع الفلسطينيين. خلال هذا الوقت، خسر الفلسطينيون في الضفة مئات الاف ألدونمات لصالح غول الاستيطان ، فيما بلغ عدد المستوطنين في الضفة و القدس ، نحو ثمانمئةو وخمسين الف مستوطن ، أي مستوطن لكل ثلاثة فلسطينيين . هل لكم أن تتخيلوا ما سوف يكون عليه الحال بعد خمسة عشر سنة في الضفة الغربية والقدس، في حال استمرار الوضع الحالي ؟ اذا كان لا بد من قوات فصل عربية او دولية ، فيجب ان يتضمن المشروع كل الاراضي المحتلة وليس قطاع غزة وحسب ، و وقف شامل للاستيطان. هذه هي المبادرة العربية المطلوبة ، وخلاف ذلك يكون مساعدة للاحتلال وليس للفلسطينين. 2025-03-04 The post المطلوب مساعدة فلسطين لا اسرائيل!هاني عرفات first appeared on ساحة التحرير.