أحدث الأخبار مع #عادلالجبوري


ساحة التحرير
٢٧-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- ساحة التحرير
جدل العلاقات العراقية – السورية بين القطيعة والانفتاح!عادل الجبوري
جدل العلاقات العراقية – السورية بين القطيعة والانفتاح! عادل الجبوري منذ اللحظات الأولى للانقلاب الكبير في منظومة الحكم السورية، في الثامن من شهر كانون الأول-ديسمبر 2024، والمتمثل بسقوط نظام حزب البعث بزعامة بشار الأسد، واستحواذ جبهة تحرير الشام بزعامة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) على مقاليد الأمور، لم يتوقف الجدل والسجال الحاد في العراق بخصوص الآلية السليمة للتعاطي مع الوضع الجديد بالشكل الذي يجنّب البلاد الانزلاق، مرة أخرى، إلى مستنقع الإرهاب والفوضى، بعدما راح يتعافى ويستقر شيئا فشيئا. لم يكن العراق بعيدًا عن تفاعلات المواقف والتوجهات الإقليمية والدولية المرتبكة حيال سوريا الجديدة، لقد كانت تداعيات وإسقاطات المأزق السوري أكثر وطأة وتأثيرًا وقلقُا عليه من أطراف أخرى، بحكم الجوار الجغرافي والتراكمات التأريخية البعيدة والقريبة، والممتدة لستة عقود من الزمن، والتي ربما كانت وقائع وأحداث العقدين المنصرمين هي الأشد والأصعب ممّا سبقها. لقد برز اتجاهان متقاطعان، في بغداد، للتعاطي مع دمشق، بعد الثامن من كانون الأول-ديسمبر 2024. الاتجاه الأول؛ بدا أنّه ذو طابع رسمي، أو شبه رسمي، عكسته مواقف الحكومة العراقية، وتمثل بمدّ بعض خيوط التواصل المباشر وغير المباشر مع السلطات الحاكمة في دمشق، انطلاقا من جملة حقائق ومسوّغات، من بينها السعي للحؤول دون اندلاع صراع داخلي، يكون أحد ضحاياه المكوّن العلوي، من دون أن يعني ذلك عدم الحرص على المكونات الأخرى. ولكن؛ لأنّ ذلك المكون قد يكون المستهدف الأكبر لأسباب سياسية وعقدية، ربما تتجاوز حدود الجغرافيا السورية، وكذلك لدفع خطر تنظيم داعش الإرهابي عن العراق، إلى جانب تداخل المصالح والحسابات الأمنية والاقتصادية والسياسية بين العراق وسوريا. والأهم من هذا وذاك، هو العمل على منع توسع نفوذ الكيان الصهيوني في المنطقة وسوريا، من خلال بنائه علاقات جيدة مع النظام السياسي الجديد في دمشق. لقد اتضحت تلك الحقائق والمسوّغات، في تصريحات عديدة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني ومسؤولين حكوميين وساسة عراقيين، فضلاً عن الحراك ذي الطابع الأمني والدبلوماسي بين بغداد ودمشق، والذي تمثل في جانب منه بزيارتين قام بهما رئيس جهاز المخابرات العراقي حميد الشطري إلى سوريا- الأولى في أواخر العام الماضي والثانية في الرابع والعشرين من شهر نيسان/ أبريل الجاري- فضلاً عن زيارات غير رسمية لشخصيات سياسية مقربة من السوداني، إلى جانب زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للعراق، في منتصف شهر أذار/ مارس الماضي. لعلّ التطور الأهم، في ذلك الحراك، تمثل باللقاء الذي جمع السوداني بالشرع، برعاية وحضور أمير قطر تميم بن حمد بالدوحة في السابع عشر من شهر نيسان/أبريل الجاري. وقبل ذلك بيوم واحد، كان السوداني قد أعلن، في كلمة له في ملتقى السليمانية، توجيه دعوة رسمية للشرع للمشاركة في القمة العربية المزمع انعقادها في بغداد في السابع عشر من شهر أيار/مايو المقبل. هذا الأمر أثار الكثير من اللغط والجدل، في المحافل السياسية والأوساط الشعبية العراقية، مع أن السوداني شرح وأوضح بالتفصيل متبنيات الموقف العراقي حيال سوريا الجديدة، علمًا أنه في كل اللقاءات التي حصلت بين الطرفين غابت الأجواء الودية إلى حد كبير، والتي يفترض أن تكون حاضرة في ظل توفر الظروف الطبيعية والعلاقات البناءة. في هذا السياق تحديدًا؛ عند لقاء السوداني بالشرع ودعوته لحضور القمة العربية في بغداد، تبلورت وبرزت رؤية الاتجاه الثاني بدرجة أكبر، وهو الرافض لأي تعاطي إيجابي مع الشرع. وذلك لأسباب ومسوّغات عديدة، لعل أهمها وأبرزها: أنّ الأخير متورط وضالع بارتكاب عمليات إرهابية في العراق، قبل خمسة عشر عامًا أو أكثر، حينما كان عنصرًا بارزًا في تنظيم القاعدة الإرهابي، وبحسب ما يقال هناك ملف قضائي بشأنه، وهو مدان ومطلوب للقضاء العراقي. وأصحاب هذا الاتجاه يرون أن التعامل والتصالح، بأي شكل من الأشكال، مع شخص إرهابي، ملطخة يديه بدماء العراقيين الأبرياء، يعدّ خيانة واستخفافًا بأرواح الضحايا ودمائها. هذا فضلًا عن أن المجازر التي ارتكبت، قبل بضعة أسابيع ضد أبناء الطائفة العلوية في مدن الساحل السوري، تؤشر إلى أن منهج الحكم الجديد يقوم على أسس تكفيرية إجرامية، تستهدف إلغاء الآخر والقضاء عليه، بدلًا من التعايش والتصالح معه. بين هذين الاتجاهين؛ هناك من يرى ويعتقد بضرورة التأني والترقب لبعض الوقت، قبل اتخاذ أي مسار؛ لأنّ الصورة ما تزال غامضة ومشوشة، والأوضاع مرتبكة وقلقة، ومواقف دمشق غير متبلورة وناضجة بالقدر الكافي. هذه الرؤية تقترب كثيرًا من حراك الاتجاه الأول، وبيد أنها تتمحور في فكرة التحرك المحسوب والحذر، والتي تقوم على دراسة وبحث كل خطوة بعناية، وتشخيص مجمل أبعادها الإيجابية والسلبية، قبل الذهاب إلى الخطوة الثانية، وهكذا. في هذا الاطار؛ قد يبدو العراق أمام أحد خيارين، إما أن يعدّ ما حصل في سوريا هو شأن داخلي، وعليه أن يتعامل ويتحاور مع أصحاب القرار هناك بخصوص الملفات والقضايا المشتركة، في ضوء مصالحه الوطنية، مثل ملفات: مواجهة الإرهاب الداعشي، تأمين الحدود، تأمين حياة المواطنين العراقيين المقيمين في سوريا، التبادل التجاري وملفات اخرى. وممّا لا شك فيه أن ذلك الخيار الواقعي يمكن أن يجنّب البلاد الكثير من المشكلات والأزمات، في الوقت ذاته يجعل الحكومة العراقية قادرة على القيام بمبادرات إيجابية في الداخل السوري، لتنعكس بدورها على الداخل العراقي. أما الخيار الثاني؛ فيتمثل في أن منظومة الحكم الجديد في سوريا، ابتداءً من رئيسها، هي منظومة إرهابية من غير الممكن التعامل والتواصل معها سياسيًا، وحينذاك يكون البديل الذهاب إلى خيار المواجهة معها بمسارات مفتوحة ونهايات مجهولة. في الوقت ذاته؛ لا يمكن- ومن غير الصحيح- للعراق أن يطوي صفحات الماضي، وكأنّ شيئا لم يكن، إذ ليس صحيحًا أن يتجاهل حقائق الواقع وضرورات المصالح الوطنية العامة ومقتضيات الاستقرار الإقليمي، وكل ذلك لن يتحقق بتجاهل بعض الأمور على حساب أمور أخرى، أو التركيز على بعضها وإهمال البعض الآخر. أضف إلى ذلك؛ أنّه من الصعب بمكان القفز فوق حقيقة أن ملفات المنطقة كلها متداخلة ومتشابكة، وكل ملف يؤثر في الآخر ويتأثر به. 2025-04-27 The post جدل العلاقات العراقية – السورية بين القطيعة والانفتاح!عادل الجبوري first appeared on ساحة التحرير.


ساحة التحرير
١٠-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- ساحة التحرير
بغداد وأنقرة.. ما المطلوب؟ عادل الجبوري
بغداد وأنقرة.. ما المطلوب؟ عادل الجبوري منطقيًا، لا يتوقع أحد، أن تكون الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى تركيا حاسمة في حل المشاكل والقضايا العالقة بين الطرفين، ولا في إعادة بناء الثقة بالمستوى المطلوب، ولا في الاتفاق والتفاهم على جملة أمور تتعلق بالمصالح الثنائية المتبادلة والمشتركة من جانب، وبالأوضاع الإقليمية العامة من جانب آخر. فتراكم المشاكل والأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية بين العراق وتركيا على امتداد عقود من الزمن، لا يمكن حلها وتذويبها في زيارة رسمية لا تتعدى الأربع وعشرين ساعة، إن لم يكن أقل من ذلك، بل يقتضي ذلك عملاً وجهداً متواصلَين، يرتكزان على نوايا سليمة، وإرادات صادقة، وقراءات واقعية بعيدًا عن عُقد الماضي وأوهام المستقبل. فطيلة فترات زمنية طويلة، كانت لغة التصعيد والتأزيم بين العراق وتركيا هي السائدة والمهيمنة على مجمل مسيرة علاقاتهما المحكومة بالعديد من العقد والإشكاليات التاريخية التي تمتدّ بعض جذورها إلى أواخر عهد الدولة العثمانية وما أفرزته الحرب العالمية الأولى من نتائج ومعطيات ومخرجات، جعلت العراق يتحول من سطوة الأستانة في إسطنبول إلى سطوة الإنكليز في لندن. وإذا كانت الظروف السياسية لكلٍّ من العراق وتركيا قبل سقوط نظام حزب 'البعث' عام 2003 قد أبقت الملفات الخلافية محصورة في مساحات معينة محدودة، فإن المراحل اللاحقة شهدت خلطاً كبيراً للأوراق، بسبب استغلال تركيا السيئ لظروف العراق السياسية والأمنية والاقتصادية الاستثنائية، مع غياب مسار واضح ورؤية موضوعية عراقية لكيفية التعاطي معها، ومع غيرها من الأطراف القريبة إلى العراق والبعيدة عنه. ربما يرى الكثيرون أن الملفات الخلافية الشائكة والمتداخلة بين بغداد وأنقرة ترتبط بشكل أو بآخر بأحداث ووقائع سياسية 'جديدة' بعيدة كل البعد عن أحداث الماضي ووقائعه. وقد يبدو ذلك صحيحاً وواقعياً بالنسبة إلى ملفات من قبيل ملف حزب 'العمال الكردستاني التركي المعارض'(PKK) الذي ظهر على مسرح الأحداث في مطلع ثمانينيات القرن المنصرم، وملف المياه الذي بات يشكل هاجساً يؤرق مختلف أطراف المجتمع الدولي منذ نحو نصف قرن، ولا سيما مع بروز عوامل التغير المناخي واستفحالها، والقراءات الاستشرافية المتشائمة عن ارتفاع أسعار المياه لتكون أغلى من النفط، وكذلك ملف الدخول التركي على خط الخلافات والصراعات الداخلية العراقية المنطلقة من محركات قومية وطائفية ومذهبية وإثنية، غذتها عوامل خارجية إقليمية ودولية مختلفة. وبالنسبة للسوداني، فإنه بعد توليه منصب رئاسة الوزراء في تشرين الأول-أكتوبر 2022، زار تركيا للمرة الأولى في أواخر شهر آذار-مارس، 2023، ومن ثم زارها مطلع شهر تشرين الثاني-نوفمبر 2024، في مقابل ذلك، فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، زار العراق أيضاً في مثل هذه الأيام من العام الماضي، (22 نيسان-أبريل 2024)، هذا إلى جانب العديد من الزيارات المتبادلة لشخصيات ووفود سياسية واقتصادية وأمنية رفيعة المستوى من البلدين. وفي الواقع، لم يحدث كل ذلك الحراك تحولاً وتغيرًا ملموسًا في مسيرة العلاقات العراقية-التركية، ولم تصل الحوارات والنقاشات إلى نهايات واضحة ومخرجات مثمرة للقضايا الكبرى. ولعل التوصيف الدقيق للعلاقة بين بغداد وأنقرة هو 'الدوران في حلقة مفرغة' أو أنَّ الحوار بينهما كان –وما زال- أقرب إلى 'حوار الطرشان'، والدليل على ذلك هو عدم تغير شيء، بل إن الأمور اتجهت في بعض المحطات والمنعطفات إلى المزيد من التأزيم والتصعيد السياسي والعسكري والمائي، رغم أن أغلب الذين تعاقبوا على رئاسة الحكومات العراقية خلال العقدين المنصرمين زاروا أنقرة باحثين عن حلول للمشكلات ومفاتيح للأبواب المؤصدة، لكن من دون جدوى، إذ إنَّ أنقرة كانت تريد كل شيء من دون أن تتنازل عن أي شيء، فيما كانت بغداد تأتي بلا رؤية واضحة أو برؤية ضبابية عائمة. قد تبدو الصورة مع زيارة السوداني لأنقرة مختلفة نوعًا ما، ارتباطًا بمتغيرات الظروف في العراق، والمنطقة على وجه العموم. بيد أن التساؤل المهم والجوهري، هو هل أن تركيا جادة وقادرة على تغيير وتعديل سياساتها الخاطئة ومواقفها وتوجهاتها السلبية حيال العراق؟. لا شك أن الإجابة على مثل هذا التساؤل تنطوي على قدر من الصعوبة، بسبب حجم التعقيدات والتشابكات والمؤثرات التي تحكمت في مسارات العلاقات بين بغداد وأنقرة في مختلف المراحل والحقب التاريخية والراهنة، مع التأكيد على حقيقة أن زيارة السوداني لتركيا، تأتي في خضم انشغال الأخيرة بكمٍّ كبير من المشكلات السياسية والاقتصادية الداخلية، والمآزق الخارجية المرتبطة بمطامح ومطامع التوسع والهيمنة والنفوذ في ميادين قريبة وبعيدة، كأنها تحاكي حقبة الإمبراطورية المترامية الأطراف، وتتطلع إلى استعادة أمجاد الماضي المندثر تحت ركام المعارك والحروب العالمية والإقليمية على امتداد ما يزيد على قرن من الزمن. ولا شك أن قيام تركيا بمراجعة مسارات علاقاتها مع العراق، يعد خياراً واقعياً وعقلانياً لا بد منه بالنسبة إلى ساسة أنقرة، مثلما أن العراق في ظل حكومته الحالية وما طرحته من برنامج خدمي إصلاحي تنموي انفتاحي، وضع في أولوياته التعاطي مع كل الأطراف وفق قاعدة المصالح المتبادلة، وتكريس نهج الانفتاح، وتوفير عوامل الجذب الاقتصادي، والتعامل مع الملفات الخلافية بطريقة متوازنة، بحيث لا تفضي إلى المزيد من الصدامات والاختلافات وكذلك فإن علاقات إيجابية مثمرة بين بغداد وأنقرة من شأنها أن تعطي زخماً كبيراً لمسار المصالحات الإقليمية، وتوفر بيئة مناسبة وفضاءات أوسع للحوار والتفاهم بين الفرقاء والخصوم الإقليميين، بعيداً من الأجندات والمشاريع الدولية التي ثبت بما لا يقبل الشك أن الهدف منها هو إغراق المنطقة بالمزيد من المشكلات والأزمات والصراعات والحروب بمختلف عناوينها ومسمياتها وأشكالها ومظاهرها. 2025-04-10


ساحة التحرير
٢٢-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- ساحة التحرير
مشروع 'ممر داود' الصهيوني وإسقاطاته الخطيرة على العراق! عادل الجبوري
مشروع 'ممر داود' الصهيوني وإسقاطاته الخطيرة على العراق! عادل الجبوري قبل بضعة أيام، بثّت القناة 12 'الإسرائيلية' تقريرًا مفصلًا عما يسمّى بمشروع 'ممر داود' من حيث مساراته الجغرافية وأهدافه وأبعاده الإستراتيجية، حيث أظهرت الخرائط التي تضمنها التقرير وصول المشروع إلى عمق الأراضي العراقية، لينتهي عند نهر الفرات، وربما أبعد من ذلك. ولم تكن القناة المذكورة، هي المصدر الأول للحديث عن 'ممر داود' والكشف عن الكثير من تفاصيله، بل إن أوساطًا وشخصيات سياسية وعسكرية وأمنية 'إسرائيلية'، أسهبت خلال الشهور القلائل الماضية في الترويج والتنظير والتبشير به، وليتحول الكلام النظري بعد سقوط النظام السوري في الثامن من شهر كانون الأول – ديسمبر 2024 إلى تطبيقات وممارسات عملية على أرض الواقع، عبر استغلال مظاهر الفوضى وغياب السلطة المركزية القوية، وتراجع وانحسار دور وحضور وتأثير قوى وأطراف إقليمية ودولية، ارتباطًا بتداعيات التغييرات الدراماتيكية السريعة في المشهد السوري. وكان من بين التطبيقات والممارسات العملية لمشروع 'ممر داود' على أرض الواقع، دخول الجيش الصهيوني إلى عمق الأراضي السورية، ووصوله إلى تخوم العاصمة دمشق، وقيام سلاح الجو الصهيوني بتدمير العديد من المنشآت العسكرية والاقتصادية الإستراتيجية في سورية، من مخازن أسلحة وقواعد عسكرية ومصانع ومعامل، ناهيك عن دخول جهاز المخابرات الخارجية (الموساد) بقوة إلى سورية بالتنسيق مع أجهزة مخابرات إقليمية ودولية، وكذلك عبر التنسيق مع السلطات الجديدة هناك. وبدلًا من أن يكون الجيش الصهيوني محاصرًا ومهدّدًا وقلقًا في مرتفعات الجولان، توسع وتمدد ميدانيًا، وبات اليوم يصول ويجول في مساحات غير قليلة من الجغرافيا السورية، بلا رادع، ليقترب بقدر أكبر من العراق. خلاصة مشروع 'ممر داود' الذي يعد جزءًا من التشويهات الدينية التأريخية للكيان الصهيوني، تتمثل في جانب منها بالامتداد من النيل إلى الفرات، وهذا يقتضي تدمير وتخريب وتقسيم وإخضاع ثلاث دول عربية كبيرة ومؤثرة، هي مصر وسورية والعراق. ويرى ساسة الكيان الغاصب أنهم نجحوا نسبيًا في إخضاع مصر وسلبها زمام المبادرة من خلال إبرام اتفاق كامب ديفيد قبل سبعة وأربعين عامًا، وأصبحت الطريق أمامهم سالكة لإنهاء الدولة السورية، وتحويلها إلى دويلات متناحرة ومتصارعة في ما بينها، ليؤسس له وجودًا هناك، يتيح له الوصول إلى العراق، بمساعدة ومباركة الولايات المتحدة الأميركية، وأطراف أخرى، كأن تكون دولًا ومنظمات وأحزاب وشخصيات. وإذا كانت مشاريع ومخطّطات إغراق العراق بالفوضى والعنف والإرهاب بواسطة الجماعات والتنظيمات الإرهابية التكفيرية، كالقاعدة و'داعش' قد باءت بالفشل، فإن الدوائر الخارجية – الأميركية والصهيونية بالتحديد – لن تستسلم وتيأس، بل إنها سوف تبقى تجّب وتحاول، مثلما جربت وحاولت في السابق. ولعل 'ممر داود' لايختلف كثيرًا من حيث الجوهر والمضمون عن مشروع 'الشرق الأوسط الكبير'، أو مشروع 'صفقة القرن'، أو عموم ما يطلق عليه بـ'السلام الإبراهيمي'. ولا شك أن المخطّطات والمشاريع الصهيونية التي تستهدف تفكيك وحدة العراق، وتقسيمه وتشظيته جغرافيًا، وبث الفتن والصراعات بين مكوناته، تعود إلى المراحل الأولى لتأسيس الكيان الغاصب قبل نحو ثمانية عقود من الزمن، وقد تصاعدت وتيرة تلك المخطّطات والمشاريع بعد خضوع العراق للاحتلال الأميركي عام 2003، إلا أن عوامل وظروف عديدة ساهمت في أحباط وإفشال كلّ ما سعت إليه 'تل أبيب' ومعها واشنطن وعواصم إقليمية ودولية أخرى، من بينها وجود المرجعيات الدينية، والوعي المجتمعي، ووجود الغالبية الضامنة، وطبيعة العلاقات الرصينة مع جهات صديقة. وبينما تواجه سورية اليوم تحديات وتهديدات كبيرة للغاية، وتبدو الصورة ضبابية ومشوشة فيها إلى حد كبير، فإن العراق نجح أيّما نجاح سابقًا في التغلب على ذات التحديات والتهديدات، وتحويلها إلى فرص وآفاق واعدة. بيد أن ذلك لا يعني أن الأمور باتت على ما يرام بالكامل، انطلاقًا من جملة حقائق لا بد من أخذها بعين الاعتبار، ومن بين تلك الحقائق: – إنّ الأمن القومي العراقي مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمن القومي لجيرانه وعموم محيطه الإقليمي، لذا فإن أي اضطراب وفوضى سواء في سورية أو غيرها من دول الجوار الجغرافي، لا بد أن تنعكس سلبًا على أمن العراق، وهو ما يتطلب التحسب لذلك كثيرًا. – وبما أنّ مخطّطات ومشاريع الكيان الصهيوني التوسعي، تكاد تكون واحدة حيال كلّ دول وشعوب المنطقة، فإن نجاحها – أي المخطّطات والمشاريع الصهيونية – في دولة ما لا يعني انتهاء الأمر عند ذلك الحد، وإنما على العكس، يعني التحفز والاندفاع بوتيرة وإيقاع أكبر نحو الأمام. ووصول الكيان الصهيوني إلى سورية، لا بد أن يشجعه على ضع العراق في سلم أولوياته للمراحل اللاحقة. – وجود نقاط التقاء وتقارب وتماثل في المصالح والأهداف بين الكيان الصهيوني والتنظيمات الإرهابية التكفيرية التي عاثت في الأرض فسادًا في العراق قبل خمسة عشر أو عشرين عامًا، والتي أصبحت تحكم سورية اليوم. فالجماعات والتتظيمات الإرهابية التكفيرية تحلم بالعودة إلى خلط الأوراق مجددًا في العراق، وأكثر من ذلك، ربما رفع وصول هيئة تحرير الشام إلى مقاليد الحكم في سورية، من سقف طموحاتها ومطامعها وإمكانية تكرار سيناريو عام 2014 انطلاقًا من الموصل أو من أي محافظة عراقية أخرى. في ذات الوقت، فإنّ الكيان الصهيوني، يسعى جاهدًا لاختراق الجغرافيا العراقية وتفكيكها وتشظيتها وتقسيمها عمليًا، وبالتالي الاقتراب أكثر فأكثر من إتمام هدفه الإستراتيجي المتمثل بتدمير وتخريب وإخضاع مصر وسورية والعراق، وفوق ذلك، الاقتراب من إيران والعمل على محاصرتها، وإضعاف محور المقاومة. هذا التلاقي والتوافق في المصالح والأهداف بين 'تل أبيب' والتنظيمات الإرهابية، يعني في ما يعنيه، أن العراق واقع في بؤرة الاستهداف ضمن مشروع تفتيت المنطقة وتوسيع مساحات الكيان الصهيوني وهيمنة ونفوذه، وهذا ما ينبغي التنبه إليه والحذر منه، رغم أن مجمل الدلائل والمؤشرات والمعطيات، تؤكد أن وضع العراق الأمني والسياسي والمجتمعي اليوم يختلف كثيرًا عما كان عليه في عام 2014 وما قبله. 2025-03-22 The post مشروع 'ممر داود' الصهيوني وإسقاطاته الخطيرة على العراق! عادل الجبوري first appeared on ساحة التحرير.


ساحة التحرير
٠٥-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- ساحة التحرير
ترامب والعراق والملفات الإقليمية الشائكة! عادل الجبوري
ترامب والعراق والملفات الإقليمية الشائكة! عادل الجبوري بدا العراق كما لو أنه غائب تماماً عن حسابات واهتمامات وأولويات الرئيس الأميركي القديم-الجديد، دونالد ترامب، إذ إن مجمل تصريحاته وقراراته التي أدلى بها واتخذها خلال الأيام الأولى من ولايته الرئاسية الثانية، لم تتطرق إلى العراق، لا من قريب ولا من بعيد. في ذات الوقت، فإن التعاطي العراقي مع دخول ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى، افتقر إلى الوضوح، فالبيانات الرسمية الحكومية، اتسمت بالدبلوماسية التي تفرضها مناسبات وأحداث من هذا القبيل. وتصريحات وبيانات القوى السياسية تباينت بحسب علاقاتها مع واشنطن، أو موقعها في معادلات الصراع والمحاور الإقليمية والدولية. وما ينبغي الإشارة إليه هنا هو أن ولاية ترامب الرئاسية الأولى (2017-2021)، كانت حافلة بالكثير من الاحتقان والتشنج والتأزيم بين بغداد وواشنطن، بسبب الاستهدافات الأميركية لقوات الحشد الشعبي، وانتهاكها السيادة الوطنية العراقية، حتى وصل بها الأمر إلى تنفيذ عملية اغتيال كل من نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبي مهدي المهندس، وقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، على أرض عراقية، وتحديداً قرب مطار بغداد الدولي، ناهيك عن دخول وخروج كبار الساسة الأميركان، وفي مقدمتهم ترامب نفسه، إلى العراق بأساليب وطرق فجّة، في انتهاك صارخ لكل الضوابط والتقاليد والأعراف السياسية والدبلوماسية التي تنظم العلاقات بين دول وحكومات العالم. أضف إلى ذلك فإنه في عهد ترامب الأول، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على العديد من الشخصيات السياسية والجهادية العراقية، تحت ذريعة ارتباطها بالجمهورية الإسلامية الإيرانية أو حزب الله اللبناني. هذه المواقف الأميركية السلبية حيال العراق، والتي كانت في جانب كبير منها انعكاسًا لطبيعة شخصية ترامب ونهجه العدائي التأزيمي، تداخلت وتشابكت مع مجمل مواقفه وسياساته حيال جملة ملفات إقليمية، كالملف النووي الإيراني، وملف الأزمة السورية، وملف الصراع الفلسطيني-الصهيوني، وملف التطبيع بين تل أبيب وعدد من العواصم العربية. ولعله كان من الطبيعي جدًا، أن تختلط الأوراق، وتتشابك الخيوط، وتضطرب المسارات، لا سيما بعد عملية المطار في فجر الثالث من كانون الثاني-يناير 2020، واتخاذ البرلمان والقضاء العراقي قرارات استفزت واشنطن، من قبيل، إلزام الحكومة بإنهاء الوجود الأميركي، ورفع دعاوى قضائية ضد ترامب باعتباره مجرمًا، فضلاً عن تصعيد العمليات العسكرية لفصائل المقاومة ضد القوات الأميركية المتموضعة في قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، وقاعدة فيكتوريا في بغداد، وقاعدة حرير في أربيل، وأكثر من ذلك استهداف السفارة الأميركية، لأنها تضم أعدادًا لا يستهان بها من الجنود، وتعد مركزًا لوضع الخطط والإشراف على تنفيذها ضد الحشد والمقاومة. من كل هذه الخلفيات وغيرها عاد ترامب من جديد إلى البيت الأبيض، وهو متحمس جداً لقلب الأمور رأسًا على عقب، وتصحيح كل المسارات والسياسيات الخطأ لسلفه جو بايدن! وهذا لسان حاله في كل حديث قبل فوزه في السباق الرئاسي وبعد الفوز أيضاً. بيد أن البدايات أشارت إلى عكس ذلك، فبدلاً من إعادة ترتيب الأوراق، وفك تشابك الخيوط، راح ترامب يضرب يمينًا وشمالًا، فمرة يشرع بترحيل اللاجئين إلى بلدانهم بواسة طائرات عسكرية بطريقة مهينة ومذلّة، ومرة يطالب بتهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، ومرة يفصح عن نيته الاستيلاء على دول ومناطق أخرى، ومرة يغيّر أسماء بحار وخلجان! وفي خضم هذه التفاعلات والانفعالات، يبدو أن التعاطي الأميركي-الترامبي مع الملف العراقي، يرتبط-أو يتحدد بثلاث مسائل، هي: *مسارات الأمور في عموم المنطقة، لا سيما في سورية ولبنان وفلسطين، لأن التصعيد يمكن أن يدفع واشنطن إلى تعزيز حضورها ووجودها العسكري في المنطقة، بدلاً من تقليصه، تحت ذريعة مواجهة تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى. لأن الولايات المتحدة التي عززت أساطيلها وجيوشها في المنطقة لمحاربة داعش قبل بضعة أعوام، وفق زعمها، ستجد في عودة هذا التنظيم إلى الواجهة، وخصوصًا بعد سقوط نظام بشار الأسد في سورية، فرصة ذهبية لتعزيز ذلك الوجود وليس المحافظة عليه فقط. *مسار العلاقات الأميركية-الإيرانية، وفي ما إذا كان يتحرك باتجاه التهدئة وإعادة إحياء الاتفاق النووي، أم استمرار ترامب في التشبث بمواقفه التصعيدية المتشددة ضد طهران، ومواصلة سياسة 'الضغوط القصوى' لإرغامها على الإذعان والاستسلام. ومن غير الواضح ما إذا كان ترامب ومستشاروه، قد أدركوا أن تلك السياسة فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافها، وأنه لا بد من التفكير والبحث عن أساليب ووسائل وأدوات أخرى للتعامل مع طهران التي أثبتت التجارب أنه من الصعب جداً-إن لم يكن من المستحيل-إخضاعها وتركيعها. *طبيعة ومستوى الحضور العراقي في المحيط الإقليمي والفضاء الدولي، إذ كلما كان ذلك الحضور إيجابياً وبناءًا وتفاعليًا في توسيع آفاق العلاقات ومدّ جسور التواصل، أتاح للعراق اكتساب نقاط قوة، تمكنه من فرض بعض من خياراته. ولأن إشكاليات العراق مع الولايات المتحدة الأميركية لا تقتصر على الوجود العسكري، إذإن هناك قضايا وملفات اقتصادية ومالية، من قبيل تحكم بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بأموال العراق وعموم نشاطه الاقتصادي ذي الطابع الخارجي، فإن تفكيك تلك الإشكاليات يتطلب وقتاً غير قليل، ويتطلب أدوات ضغط فاعلة لا تترك إدارة ترامب تفعل وتقرر ما تشاء، وكيفما تشاء. ويخطئ من يعتقد أن ترامب يمكن أن يحقق هدف حل الحشد الشعبي، أو حتى نزع سلاح الفصائل المسلحة المقاومة التي ربما كان لها دور واضح وملموس في الحرب ضد الكيان الصهيوني، وفي ردع واشنطن ومنعها من القيام بأفعال تتقاطع مع مصلحة وأمن البلاد. 2025-02-05 The post ترامب والعراق والملفات الإقليمية الشائكة! عادل الجبوري first appeared on ساحة التحرير.