logo
#

أحدث الأخبار مع #عليقمبر

من جماليات الحياة
من جماليات الحياة

الوطن

timeمنذ 8 ساعات

  • ترفيه
  • الوطن

من جماليات الحياة

بدر علي قمبر هناك العديد من المواقف ومحطات الحياة التي تمر علينا في مسيرتنا، وقد أسميتها «جماليات» لأنها بالفعل تضيف إلى حياتنا جمالاً ورونقاً وبهاءً وسعادة، وتنقلنا من بعض الأصداء الخافتة والسلبية، إلى أصداء منيرة ومبهرة، تغيّر أحوالنا المتزعزعة، وتزيل عثرات همومنا، وانشغالاتنا أحياناً بالتوافه. فتكون أيامنا الحاضرة والمقبلة على أفضل ما يرام، إن أحسنا السير فيها بإخلاص ومراقبة لله عز وجل، وعرفنا معنى «القرب منه»، وأتقنّا تنفيذ ما تعلمناه في حياتنا. بالفعل، الحياة مليئة بالجماليات التي ينبغي أن نكون من أهلها، وأن نتعلم كيف نستثمرها بصورة سليمة، وألّا نعود إلى الوراء أو نتمسك بأمور مرّت بنا سابقًا وقد أسأنا فهمها، وآن الأوان أن نضع لها حداً فاصلاً، حتى نتمكن من الاستمتاع حقاً بتلك الجماليات. هنيئاً لأولئك الذين اصطفاهم المولى الكريم من بين البشر، ليكونوا ضمن وفد «ضيوف الرحمن» في أجمل رحلة في الحياة. فكلما أقبلت أيام ذو القعدة وذو الحجة، كلما أثارت شجوننا معاني الخير في هذه الرحلة المباركة، التي أسميتها «أجمل رحلة»، والتي هي فعلاً أجمل من كل رحلات الدنيا التي يقوم بها البعض، ويجوب من خلالها الآفاق بحثاً عن السعادة، بينما لم يكلّف نفسه عناء التفكير في التسجيل لتلك الرحلة الربانية، ولم يتلذذ بنكهتها الخاصة، وأجوائها الروحية، ليكون ضمن ضيوف الرحمن. كلما أقبلت أيام الحج، ساورني الحنين لأكون هناك في مكة، أستذكر فيها خطوات النبي صلى الله عليه وسلم، وأمشي في مواطن خطاه، حيث سار بدعوته وأدى فيها حجة الوداع. كلما هلّت هذه الأيام، أجدّد فيها كلمات الجمال لأجمل مكان وأجمل رحلة، وأكتبها بمشاعر جديدة، وكأنني أكتبها لأول مرة، ولمَ لا؟ وهي الرحلة التي نتخلى فيها عن الدنيا، وعن كل المشاعر السلبية، وعن منغصات الحياة والبشر، ونتفرغ لله تعالى وحده، متطلعين لرحمته ومغفرته وعفوه. هنيئاً لمن اصطفاه الله تعالى لتلك الرحلة المباركة، سواء أكان حاجاً أو خادماً للحجاج وضيوف الرحمن. من هنا تبدأ حكاية متجددة لأجمل رحلة، نحكي فيها فصولاً من الذكريات، وسطورًا من المشاعر التي تجدد فينا الإيمان، وتقربنا من الديّان.اللهم وفّقنا لكل خير، ويسّر مسير حجاج بيتك الحرام، وكل من يخدمهم. ومن جماليات الحياة أن تتعايش مع أولئك الطيبين الذين يذكّرونك بجماليات القيم الحياتية والأخلاقية، ويدفعونك لبذل كل ما في وسعك لتكون في مقدمة ركب العطاء والخير في دنيا زائلة سريعة الانقضاء. الأستاذ محمود عبدالغفار -شفاه الله تعالى وأمدّه بالصحة والعافية وطول العمر- من أولئك المربين الأفاضل الذين تستمتع بالجلوس إليهم، والاستماع إلى حكايات الماضي الجميلة المفعمة بالخير، فيعطيك دروسًا رائعة في البذل والعطاء، وفي الحياة الاجتماعية التي لا تكتمل إلا بمشاركتك للآخرين مناسباتهم، وبمبادراتك للعطاء في كل مجال تحبّه. أما أم عيسى -حفظها الله وأمدّها بالعافية وطول العمر- فهي الأخرى من جيل الطيبين، وتذكرنا بالوالدة رحمها الله، فهي لم تنقطع يومًا في كل عام عن أداء صلاة التراويح في مسجد الإيمان، وتحرص على الصلاة ورائي، وتحضر على كرسيها المتحرك، وكلما قابلتها أمتعتني بدعواتها الطيبة، دعوات الأمهات الجميلة. أما بومحمد (ياسين)، أحد أنوار مسجد الإيمان المشعة، فهو الآخر لا يغادر المسجد بعد صلاتي الفجر والعصر قبل أن يصافحني ويسأل عن أحوالي. أرافقه إلى الخارج مستمتعاً بأحاديثه، ومتلذذاً بـ»قطعة الحلاوة» التي اعتاد أن يهديني إياها كل صباح، ثم أدعو الله تعالى أن يُجازيه على دعواته الطيبة التي يخصّني بها. فيا جمال جيل الطيبين، وكم نحن في أمسّ الحاجة لأن نصنع أثرهم في زماننا، حتى يتربى أبناؤنا على ما تعلموه. فالجلوس مع الكبار عنوان للحكمة والنضج والصفاء. ربي يحفظهم ويطيل أعمارهم. ومن جماليات الحياة أيضاً أن يصطفي لك الله بعض الأصدقاء أو التلاميذ الأوفياء المخلصين، الذين لا يبتعدون عنك، فتراهم دائمًا قريبين، يشاركونك مناسباتك، ويخصّونك بدعواتهم وكلماتهم الطيبة، ولا يرضون أن يُمسّك سوء أو أن تحزن. هم في مقدّمة أهل الوفاء، ويجملون حياتك بالخير. ومن الجماليات الأجمل، أسرتك وأهل بيتك، إخوتك وأخواتك، فهم ذخر الحياة وسندها، وهم من يحرصون على أن يكونوا بقربك في كل حين، إن أصابك همّ، أو ألمّ بك وجع، أو تأخرت عنهم، تراهم أول من يبادرون بالسؤال، أو كتبت منشوراً، تجدهم أول من يعلق عليه بأجمل الكلمات. ما أجمل العائلة الكبيرة، والأسرة الصغيرة، فهم الملاذ الآمن بعد عناء الأيام، وهم الباقون لك في هذه الحياة بعد أن تتفرغ من مشاغلك مع الآخرين. هم ذخر الدنيا والآخرة، قال تعالى: «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ». ومضة أمل:أعشق جماليات الحياة بكل تفاصيلها الصغيرة.

لأن الدنيا قصيرة
لأن الدنيا قصيرة

الوطن

time١٥-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الوطن

لأن الدنيا قصيرة

بدر علي قمبر مؤخراً، قمتُ بتسجيل بعض المقاطع المرئية ونشرها في حسابي على الإنستغرام، وكانت مقاطع مما يجول في الخاطر، ونابعة من القلب، في خضم أصداء أوقات الدنيا المُتسارعة. وأسميتها، بلا تخطيط، «لأن الدنيا قصيرة»؛ قصيرة بكل معانيها وأسبابها ومقاصدها، ولأننا فيها ضيوف، فما زلنا نُواصل السير، ونُحاول التقرب إلى المولى الكريم بكل الوسائل، وبكل الرسائل الحياتية، بصدق النوايا، وإحسان العمل، علّها تكون قربة للمولى الكريم، ورفعة في الدارين. والمرء، في كل الأحوال، يسأل الله القبول في العمل. حكى ابن جرير قول سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى: (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة)، أي: «يفعلون وهم يعلمون أنهم صائرون إلى الموت، وهي من المبشِّرات». لذا، نحتاج دائماً أن نُذكّر أنفسنا بأن الدنيا قصيرة وسريعة الانقضاء، وأن نُطهر أنفسنا مما يشوبها من الأدران، وفكرنا من الهموم التي تُنسينا مقاصد الحياة، وذكر الله تعالى، والتقرب إليه، وكل ذلك من وساوس الشيطان. الكتابة عن رحيل الأحبة مؤلمة جداً في دنيا قصيرة؛ لأنهم كانوا في مساحات محببة إلى قلبك، وسرتَ معهم في ركب العطاء لفترات طويلة، وتعاملوا معك بإحسان المُحبين. ومهما كتبت، فلن تستطيع أن تصل إلى مبتغاك في الوفاء لهم، ولكنها سطور تُكتب لأثر الحياة، ليقرأها كل جيل، لأنك في يوم من الأيام سترحل كما رحلوا، وتتمنى لو يُكتب عنك، حتى يدعو لك الجميع بالخير، بدعوات صادقة تنفعك في آخرتك. رحل عنا منذ أيام أستاذي الفاضل أحمد علي العطاوي (بوهمام)، أحد المدرسين الأفاضل الذين كان لهم عليَّ فضل، بعد فضل الله تعالى، في التدريس والتعليم، وغرس القيم في مراكز تحفيظ القرآن الكريم. ثم زاملته في العديد من الرحلات الخارجية، ومنها رحلات الحج، وكان فيها نعم المُربي، والمُعلم، والمُساند، والقدوة في كل ما يقوم به من عمل، وبخاصة في أيام الحج، حيث كان قامة مشهوداً لها بالخير بين الحجاج، بإخلاصه وتفانيه وعمله الدؤوب الذي لا يتوقف. كان حريصاً أشد الحرص على تلبية أي دعوة أدعوه من خلالها للعشاء أو غيره، مع ثُلّة من صحبة الذكريات، وكان يحرص على الحضور رغم ظروفه الصحية، وكان آخرها قبل وفاته بشهرين. كنا تشتاق للجلوس معه في كل مرة، لعفوية شخصيته، وتصالحه مع الجميع، وقلبه الطيب، وترحيبه الخاص، ونُبل أخلاقه، وقفشاته اللطيفة التي يُذكّرك فيها بالمواقف الجميلة المُضحكة التي مرت معك. لأبي همام الكثير من المواقف التي لا تُنسى، ويكفي أنه كان يتعنى بين فترة وأخرى لزيارتي في جامع الإيمان للصلاة والسلام، فكان يهتم بالجانب الاجتماعي، وكان بالفعل عنواناً للسلام. رحمه الله، وغفر له، وثبّته، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله، وزوجًا خيرًا من زوجه، وألهم أهله ومُحبيه الصبر والسلوان، وجمعنا به ومن نحب في الفردوس الأعلى. ولأن الدنيا قصيرة، فما زلنا نتحرر باستمرار من تلك الضغوطات الحياتية التي تُلازمنا بين الحين والآخر، والتي بطبيعتها لا تنفك عن حياة الإنسان، فقد خُلق ليُمحَّص ويُبتلى. فلا تكون الأيام متساوية، وهي ضغوط تجعلنا نُراجع العديد من أساليب الحياة، ونكون قادرين على المضي في رحاب مساحات جديدة، نُقدّم فيها الخير، أو نُقدّمه بأسلوب مختلف، حتى نستطيع أن نستفيد من جميع أوقاتنا في طاعة الله تعالى والتقرب إليه. التحرر من القيود الحياتية الوهمية، وأن تفقه كيف تتعامل بحكمة مع كل المواقف، يُعطيك بلا شك قوة وتحصيناً لمواجهة تحديات الحياة ومواقفها. هناك من يهتم بنفسه، ويعمل بصمت، ونيّته إصلاح الحال، ورضا الديّان، والتغيير، والتأثير الإيجابي، وترك الأثر. وهناك من يهتم بتصيد الأخطاء، ويتتبع العورات، ويسيء الظنون، ويهمه تتبع أخبار الآخرين وتحركاتهم وأسلوب حياتهم. الصنف الأول هو الشخص المُنتج المُعطاء، الذي لا يتغير عطاؤه وإن تغيّر الآخرون، وتراه مؤثرًا في كل موقع، وفي كل ميدان تطأ فيه قدماه، ولا يفهم مقاصده إلا من فهم طيبة قلبه ومقاصد عمله. أما الصنف الثاني، فهو صنف مُتعب؛ عليك أن تحذر منه، وأن تضع لك حدوداً في التعامل معه، وأن تحذر من إيحاءات إيذائه، التي لا تظهر إلا بعد مرور الأيام. فهو يُهدر أوقاتك في القيل والقال، وهنا يكون التغافل هو الأمان النفسي للمرء عندما يتعامل مع من همّهم عيوب الآخرين. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يُبصر أحدكم القذى في عين أخيه، وينسى الجذع أو الجِذْل في عينه مُعترضا». (القذى: ما يقع في العين والماء من تُراب أو وسخ - الجذع أو الجذل: الخشبة الكبيرة). أي: يتحدث عن عيوب غيره وإن كانت صغيرة جداً، بينما لا يلتفت إلى العيب الظاهر في نفسه. ومضة أمل:يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أبشروا وأمّلوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تُبسط الدنيا عليكم كما بُسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوا، فتهلككم كما أهلكتهم» متفق عليه.

عندما نستذكرها..
عندما نستذكرها..

الوطن

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الوطن

عندما نستذكرها..

بدر علي قمبر عدتُ بالذاكرة قليلاً إلى تلك الحقبة الأولى التي انطلقتُ فيها بشغف الكتابة، وكنتُ حينها مهتماً بالتعبير عمّا يجول في النفس، وتسليط الضوء -في غالب الأحيان- على الوقائع والمشاهد التي تمر أمام ناظري، سعياً لأن يكون لي حضور في ساحة الكتابة، وتقديم ما في وسعي لخدمة المجتمع وخدمة البحرين الحبيبة. حينها، كانت الأنظار متجهة نحو طرح المشكلات العامة، وبعض المشاهد المجتمعية التي كنتُ أناشد من خلالها الجهات المعنية للنظر فيها، والعمل على إيجاد السُبل الناجعة لمعالجتها. ولكن، مع مرور الوقت، وبعد أن تشبّع أسلوبي ببعض الأنماط الأدبية التي تبنيتُها في كتاباتي، شعرتُ أن الوقت قد حان لأتحدث عن واقع الذات الذي نعيش أصداءه، وعن المساحات الاجتماعية التي نُعايشها، ومحاكاة مشاهد الأيام التي نُعاصرها. أحببت أن أرفع شعار «ويبقى الأثر» في إطار «مسير الحياة»، الذي تبنيتُ أن أُسطّر مشاعره وحكاياته بأسلوبٍ أبعث من خلاله باقات معانٍ للأثر الجميل، الذي ينبغي أن نتبنى روحه الراقية في التعامل مع مستجدات الحياة المختلفة. من هنا، وفي أصداء «مسير الحياة»، نجد نفوسنا تتوق إلى لحظاتٍ جميلة نستذكر أثرها في حياتنا، والتي لاتزال تُشكّل لنا دافعاً أساسياً للقيام بواجباتنا في هذه الحياة التي استخلفنا الله تعالى فيها، لنؤدي أدوارنا الحياتية على الوجه الذي يُرضيه. عندما نستذكر تلك المواقف، نشعر بالحنين إلى تفاصيلها التي عِشناها، وأثرها الذي لايزال فينا، إذ مثّلت لنا قيماً حياتية مازلنا نتذوّق معانيها، وأثّرت إيجابياً في نموّ شخصياتنا، وفي إثراء خبراتنا الحياتية، وفي أسلوب تعاملنا اليومي. مواقف بقي شخوصها يُجسّدون «الوفاء الأخوي الحقيقي»، من خلال تفاعلهم، وتواصلهم، واهتمامهم، وسؤالهم بين الحين والآخر، ومن خلال حضورهم في حياتك. كل ذلك يُشعرك بالأثر الذي بقي، وبمعانيه التي استقرت في حياتك، وتسترشد بها كلما ضعفت قواك أو فتر عطاؤك في مسيرة الحياة. تستذكر المحبين في «مسير الحياة»، وأثرهم في حياتك، وأثر الخير الذي تبادلته معهم، والعطاءات الجميلة التي شاركتهم بها، فتتذكر وفاءهم، وحُسن تعاملهم، وتقديرهم. ويبقى أثر الأجور وإن تباعدت الأجساد، وأثر الدعوات الأخوية الصادقة، وإن قلت اللقاءات. أستذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «المتحابون في جلالي لهم منابر من نور، يغبطهم النبيون والشهداء». وفي الموطأ وصحيح ابن حبان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيّ، والمتجالسين فيّ، والمتزاورين فيّ». إنها محبةٌ تستشعر فيها خُطى الوفاء بتلك اللحظات التي لاتزال تتذكر صورها، ومواقفها التي بقيت في ذاكرة الزمان، ومحبتها الراسخة التي لا تتزعزع، ووفاؤها الذي لا ينقطع وإن تقدمت الأيام. لحظات خالدة لا تُنسى، وأثر متجدد للنفس، لتكون على موعد دائم مع الخير، ومع الاستمرار في التأثير والتغيير، وهو الأسلوب الذي تبنيتُه لأكون رمزاً للعطاء المتجدد المستدام، فيما يُرضي الله تعالى. عندما نستذكر الأيام، تتأكد لنا بعض المعاني التي قد تغيب عن أذهاننا في مسير الحياة، ويُذكّرنا بها أصحاب القلوب الندية، المُحبة للخير، المُحبة والوفية لك، فتحتاج أن تبادلهم الشعور، وتتعمق في الحديث معهم، لتُزيح عن نفسك مشاعر الهم والغم التي قد تعتريك في المسير، والتي قد تُبطئ خطوات عطائك التي اعتاد المجتمع رؤيتها ذات أثرٍ مستمر. قلوب تُحب لك الخير، وتذكّرك بالله تعالى، وتُردّد على مسامعك: «لا حول ولا قوة إلا بالله»، لتُعيد إليك معنى التسليم لله والاعتماد عليه وحده، وأن الحركة والطاعة لا تكون إلا بالله. تذكّرك أن صاحب العطاء المستمر، وصادق النية، وذا الأثر المستدام، لا يسقط، وإن سقط وجد مُتكأ. قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: «والله لا يُخزيك الله أبداً، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتُقري الضيف، وتُعين على نوائب الحق». إنها القلوب التي تُعيدك قوياً كلما فترت، وتجعلك تتيقن أن هناك من يتذكرك، ويدعو لك، ويحب أن يسمع صوتك، لتتبادل معه شجون الحياة، وتُذكّر نفسك لتقوم من جديد، وتُعطي بأثرٍ في المسير، وبصورة أفضل من ذي قبل. عندما نستذكر «المحبة»، فإننا نستذكر تلك القلوب المُخلصة الصافية النقية كماء الزلال، التي بَنَت علاقاتها على المحبة والود والثقة المتبادلة، وعلى الصفاء في التعامل، والنبل في الأخلاق، والتقدير والاحترام، وعلى إثراء الأجواء بالمعاني الإنسانية، والابتسامة المُشرقة، وقوة التقدير. هي مساحات جميلة في الحياة، أنعشت الأيادي الجادة المعطاءة، التي تحب أن تكون في طليعة ركب المُنجزين. ومن يعشق المحبة، ويُحب أن ينثر معانيها في محيطه، عليه أن يكون صادقاً فيما يُقدّم، وأن يتعامل بمحبة كما يحب أن يُعامَل بها. ومضة أمل علّم نفسك كلما فترت، أن تخوض تجربة وتحدياً جديداً، وأن تتكيّف مع الواقع الذي تعيشه، وأن تكون مؤمناً بأمر الله تعالى، فعند الله تعالى «الأفضل» لمسير أيام حياتك. فوّضنا أمرنا إلى الله تعالى، وهو نعم الوكيل.

مساحات للتأمل
مساحات للتأمل

الوطن

time٠١-٠٥-٢٠٢٥

  • منوعات
  • الوطن

مساحات للتأمل

بدر علي قمبر يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً أو ليصمت». وقال تعالى: «أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم، بل ورسلنا لديهم يكتبون». إن المتأمل لأحوالنا اليوم يُدرك يقينًا المخاطر التي تترتب عليها كثرة الأقاويل، والقيل والقال، والفتن التي تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي، أو في المجالس، أو في الأعمال، أو في البيوت، وكلها مؤشرات خطيرة تؤدي في أغلب الأحوال إلى مخاطر النفور والتضاد في العلاقات، وإلى زرع الشك والريبة في جميع المواقف، والتي تنطلق من منبع عدم الإحساس، وإساءة الظن، والتجسس النابع من عدم الثقة بالآخرين. يقول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن، إن بعض الظن إثم، ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً». ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث». هناك نفوس تتعامل بمثل هذه الأساليب التي تمثل خطورة في بقاء «ملامح المحبة» في العلاقات، بل وتساهم في نشر الضغينة والفتن، التي لربما تمتد لفترة طويلة، فلا مناص حينها من إيجاد العلاج الناجع. وعندما نتحدث عن الصمت، فإنما نتحدث عن أسلوب جميل لقوة النفس، والتغافل، والتأمل، وإعطاء الفرصة للآخرين للتعبير عن مكنون مشاعرهم، والتي لربما أفصحوا من خلالها بحقيقة ما يحملونه في نفوسهم. الصمت أسلوب حكيم، يبعدك عن المهاترات والمشاحنات، وعن الخوض في متاهات الجدل العقيم، الذي لربما يخسرك نفسك وقوة تحمّلك. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة، لمن ترك المراء وإن كان مُحقًا». هنا تأتي الحكمة، وقدرة النفس على ضبط مشاعرها وأقاويلها عندما تواجه بعض النفوس العنفوانية، والتي تزرع الشك أينما كانت. الصمت يعطيك فرصة لكي تراجع حساباتك، وتضع حدًا للعديد من العلاقات والمواقف، من أجل أن تحافظ على «صحتك النفسية والجسدية»، وتحافظ على منهجك ومبادئك التي تعلمتها ونشأت عليها، والتي تمثل سمتك وأخلاقك، وتؤمن حينها بالرسائل الربانية التي لولاها لعشنا في تيه. الصمت قوّة وتأمل وإحساس، يجعلك تعيش المواقف بإحساس، وتعدل من أسلوبك، حتى تسير في «مسير الحياة» بأمن وطمأنينة وسكينة وإنجاز. قابلته منذ أيام ليسأل عني وعن أحوالي، وأحسست بأن هناك شيئاً ما يدور في خلده، فبدأ يسأل عن ملامح «الأثر» الذي رفعتُ شعاره في حياته، وملامح «ويبقى الأثر» التي اتخذتها رسالة في أسلوبي. ولأنه عاشرني في حقبة ما، وعرف سر الإحساس بالمحبة التي تجمعنا، وعرف معاني العطاء الذي تبادلناه معاً، والأسلوب الجميل الذي أدرنا من خلاله مشروعات الحياة، وكانت بصمة أثر جميلة ورائعة في المجتمع وفي نفوس الآخرين، فقد قدم لي بعض المشاعر والأحاسيس التي أثرت في نفسه، وذكرني بأن الحياة هي كما هي لم تتغير، والواجب علينا أن نسير فيها بثبات، وبرسالتنا التي حملناها من قبل، وأن نتغافل عن المزعجات، ونقوم أنفسنا، وننهض من جديد كلما اعترتنا أعاصير الحياة المُرهقة. يقابلني بإحساس مُرهف، وعرف أن هناك شخوصاً في الحياة، لا تعرف قيمتهم إلا إذا فقدتهم، فهم يمثلون قامات خير وإحسان ونجاح، تعلمت منهم الكثير، وعشت معهم أجمل لحظات الإنجاز والنجاح. وأكثر ما أسعد صاحبي كما قال، هي تلك الدعوات الصادقة من أولئك الذين تعاملنا معهم بإحسان، ووقفنا بجانبهم في فترات مضت، وأصلحنا ثقوب حياتهم، وأضحوا اليوم بلسماً شافياً للآخرين، كما تعلموه من قبل، وهو الأثر المُستدام الذي ينتقل للآخرين، كلما أحسنتَ صنيع الإحسان معهم. وكل ذلك بفضل الله تعالى. قال تعالى: «قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون».تظلم نفسك أحياناً عندما تنزعج من بعض المواقف، وتنزعج من بعض الابتلاءات والمحن والمواقف العصيبة، ولكنها ـ بحمد الله تعالى ـ رسائل ربانية واضحة بأنك اليوم على أعتاب تجديد إيمانك ويقينك بأقدار الله تعالى، وبما يكتبه لك، فلا تحزن، فإنما الحزن هو من الشيطان الرجيم. ولذلك استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال». الرسالة إيمانية وهي نعمة من الله تعالى، بأن عليك أن تعود إليه في كل ابتلاء، حتى تقوى في الشدة والرخاء، وترضى بما يكتبه الله لك في مسيرك. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيراً له». كن على يقين بأنك على خير دائماً مع أقدار الحياة، وتعامل معها بطمأنينة قلب المسلم، وسكينة نفسه، وإقباله على ربه بالدعاء الصادق. ومضة أملتذكر دائماً وصية النبي صلى الله عليه وسلم: «من استوى يوماه فهو مغبون». لذا كن على موعد للتغيير والعطاء في كل مناحي حياتك، في كل يوم تعيشه.

رسائل من غزة '2'
رسائل من غزة '2'

الوطن

time١٧-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الوطن

رسائل من غزة '2'

بدر علي قمبر في كل يومٍ نتنفس فيه الخير، تدور خواطرنا حول بعض السطور والمشاعر التي لا تنفكّ عن أذهاننا كلما نُعايش مجمل الظروف التي يعيشها المسلمون في أنحاء الأرض، وبخاصة تلك الظروف الصعبة المُزرية التي لا تليق بكرامة الإنسان ومكانته وصونه في الشريعة الإسلامية. أحوال أهلينا في غزة مازالت هي المسيطرة على تفكيرنا، وبخاصة لأولئك الذين فهموا حقيقة وجودهم على هذه الأرض، وفهموا مقاصد العيش ومعاني خلافة الله تعالى في الأرض. فليس كل تفكيرٍ يتعلّق بهم، وليس كل شعورٍ يُصبّ في صالحهم، فهناك البعض مازال يفكر في منحًى آخر، منحى (النفوس المريضة) التي تفكر في المشاعر السلبية، وإثارة الشكوك في مناحي الحياة. غزة اليوم مازالت تعطينا دروساً في الأمل، وفي تنفّس العطاء، وفي استنشاق أجواء الآخرة. لمَ لا، وهم مازالوا صامدين على أرضهم، يذودون عن حياض الإسلام والمسلمين، يدافعون عن كرامتهم وعن أرضهم المباركة التي ذكرها المولى الجليل في القرآن الكريم. فهي رسالة عزة وصمود، لكل مسلمٍ لم يستطع حتى هذه اللحظة أن يعرف لغزة مكانتها في نفسه، أو أن يعيد التفكير في قضية «فلسطين» المنسية، التي أُعيدت إلى الأذهان مرة أخرى، وأُعيد تاريخها المنسي ليكون شعاراً لأبنائنا الصغار حتى ينشؤوا على معاني العزة وحب الإسلام، الذي لولا حبه، لما كنا نستنشق عبير السعادة. فالسعادة الحقيقية إنما تتمثل في محافظتنا على المعاني السامية التي حثنا عليها ديننا الحنيف، وأن نتمسك بهويتنا، ونتمسك بالقيم الإسلامية التي نعيش تحت ظلالها، ونعلم أبناءنا على سوانحها السامية. رسالة «العزة» والثبات على مبادئ الإسلام، هو الفخر الحقيقي للمسلم، ويجب عليه أن يعتز بها، لا أن يتجرّد تفكيره منها، ويفصل عيشته عن «مقومات الإسلام وقيمه السامية»، فذلك -لعمري- توجهٌ سلبيٌّ عقيم، قد يردي بصاحبه إلى متاهات الشرود الذهني، والانعكاس عن الثبات على طريق الاستقامة، التي يسلك فيها المسلم طريق الصراط المستقيم، ولا يحيد عن الطاعات التي تقرّبه إلى الخطوة الأولى للفردوس الأعلى. ولو تأملنا معاني الهداية، نجدها في دعواتنا التي نكررها في الصلاة كل يوم في سورة الفاتحة: «اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ»، وإن زاغ المرء عنها، تذكّر قوله تعالى: (فاستقيموا إليه واستغفروه). وجاء سفيان الثقفي رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم، وقال له: قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «قل آمنت بالله، ثم استقم». رسالة ذلك الأب الجريح الصامد الصابر، الذي فقد في لحظة واحدة ستة من أبنائه، وصلى عليهم الجنازة، وقد استُشهدوا وهم في طريقهم (لعمل الخير) في سيارتهم التي كانوا يستقلّونها ليُقدّموا المساعدات لغيرهم، وقد كانوا، ومنذ بداية الحرب، في شعلة من النشاط والعمل الخيري ليُقدّموا وجبات الطعام للأسر في غزة. العظة هنا أن الأبوين، وفي مسير حياتهما، يعانيان الكثير من أجل أن يربّيا أبناءهما، ويزرعا فيهم القيم السامية، ويُضيّقا على أنفسهما من أجل أن يتعلّم أبناؤهما أفضل تعليم، ومن أجل أن يُؤدّوا أمانتهم في هذه الحياة، فيُربّوا الأجيال على معاني الهداية، ويُمهدوا لهم سبل الخير من أجل أن يُساهموا في رفعة ونهضة الأوطان. ولعل النتاج الحقيقي في نهاية المطاف، هو ما كتبه الله تعالى لهم وهم في بطون أمهاتهم. وقد تأتي لحظة خاطفة، لحظات الفقد المريرة، يحسّ فيها الأبوان أنهما قد أحسنا الزرع، بثمارٍ يانعةٍ عاشوا أثرها في عمرٍ متقدم، وهذا ما يتمناه كل الآباء، وفي المقابل قد يعتري قلبهما الحنون، إحساس الخوف والوجل وعدم الرضا، من علاماتٍ غير مستساغة، ظهرت ملامحها في الأبناء وقد كبروا وكبرت معهم أحلامهم. من هنا، فإن الدعاء هو الفيصل في كل مقام؛ الدعاء بالخير والهداية لهم. رددوا دائماً أدعية القرآن الكريم للذرية: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِن أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً). وقال تعالى: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ). رسالة من غزة، أن لا ننساهم ولو للحظة واحدة من «الدعاء»، وأن لا نفتر عن مناصرتهم بما نستطيع، فقد اشتدّ بهم الكرب، وعظم الخطب، وليس لهم سوى المولى الكريم، ودعواتنا الصادقة، بأن يرفع عنهم المولى الكريم ما هم فيه من البلاء والمحنة، وأن يستر عوراتهم، ويؤمّن روعاتهم، وأن يحفظهم بعينه التي لا تنام. نسأل الله تعالى أن يكتب لهم الخير حيثما كان، وأن يعجل بزوال هذه الغمة عنهم، وعن أمتنا الإسلامية جمعاء، وأن يفك الحصار عنهم، وأن ترجع غزة كما كانت آمنة شامخة عزيزة إلى أيديهم، وأن تُعمر بالخير، وتعود الحياة السعيدة إلى جنبات حياتهم، وأن يُعوّضهم الرحمن خيراً عن كل فقد، ويجمعهم بأحبتهم في الفردوس الأعلى. ومضة أملرسائل الحياة لا تتوقف، وفي كل يوم يرسل لك المولى عز وجل رسالة جديدة، تُعيدك إلى صوابك، وتحذّرك من أعاصير الحياة، وتكشف لك الحقائق المستورة، لتضع حدّاً لبعض المسالك.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store