أحدث الأخبار مع #عليمحمدالصلابي


إيطاليا تلغراف
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- إيطاليا تلغراف
قراءة في كتاب "المسلمون ونصرة قضايا الأمة.. أحكام وضوابط" للدكتور سالم عبد السلام الشيخي
إيطاليا تلغراف نشر في 7 مايو 2025 الساعة 21 و 48 دقيقة إيطاليا تلغراف بقلم: د. علي محمد الصلابي هذا الكتاب من تأليف فضيلة أخي وصديقي، الذي عرفته منذ أكثر من خمسٍ وثلاثين سنة في مسجد رسول الله ﷺ بالمدينة المنورة. وقد وفقنا الله عز وجل للالتحاق بالجامعة الإسلامية في المدينة، حيث كان الشيخ الدكتور سالم عبد السلام الشيخي من طلبة كلية الشريعة، وكنت من طلبة كلية الدعوة وأصول الدين. وتجاورنا في المدينة، فتوثقت بيننا الصلة، وتقوّت أواصر المودة والأخوة والتناصح. ومن ثم التقينا مجددًا في مرحلة الدراسات العليا بجامعة أم درمان في السودان، قبل أن نفترق، فيكون من نصيبه الإقامة في الغرب، وبالتحديد في بريطانيا، متفرغًا للدعوة، والتدريس، والإفتاء، والخطابة، بينما بقيتُ في ديار المسلمين منشغلًا بالبحث والتأليف في مجالي التاريخ والتفسير. وقد مضت بنا السنون، وتوالت الأعوام، وأصبح لكلٍّ منا أحفاد، واقترب وقت الرحيل إلى عالم البرزخ والقدوم على الله. نسأل الله لنا ولكم حسن الخاتمة. ولقد مرّ بخاطري شريط طويل من الذكريات، تخللته مواقف عميقة، ولقاءات مع مشايخ وعلماء وطلاب علم، ممن جمعتنا بهم العقود الماضية. ولعل الله ييسر لنا عرض تلك الذكريات وكتابتها يومًا ما، إن شاء سبحانه وتعالى. ونعود إلى الكتاب الذي أحسن المؤلف اختيار عنوانه: 'المسلمون ونصرة قضايا الأمة: أحكام وضوابط'، منطلقًا فيه من قيم الإسلام ومبادئه في نصرة المظلوم والملهوف. ولا يخفى تأثره العميق بقضايا فلسطين وكشمير وبورما، وما يعانيه أهلها من ظلم، وتحيّز، وطغيان. وقد عرض أيضًا لحالة الوهن والغثائية التي تعيشها الأمة اليوم، كما وصفها رسول الله ﷺ في الحديث المشهور: 'يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها'، وقال قائل: أوَمن قِلّة نحن يومئذٍ؟ قال: 'بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنّ الله من صدور عدوّكم المهابة منكم، وليقذفنّ في قلوبكم الوهن'. قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: 'حب الدنيا وكراهية الموت'. ويرى الكاتب أن على العلماء والفقهاء أن يوضحوا معالم طريق النصرة والمناصرة لإخوانهم المؤمنين المضطهدين في مختلف بقاع الأرض، حتى يكون موقف المسلمين قائمًا على أسس راسخة من العلم الشرعي والدليل الواضح والفقه النيّر، لكل من أراد القيام بالواجب الشرعي في النصرة. فطريق العمل ينبغي أن يُسترشد فيه بالعلم الصحيح، كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: 'من عمل في غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح'. وقد قسم الكاتب كتابه إلى أبواب وفصول ومباحث، حيث تناول في الباب الأول الجانب التأسيسي المفاهيمي لقضية النصرة، متضمنًا فصلين رئيسيين: الفصل الأول: التحديد المفاهيمي ويشتمل على ثلاثة مباحث: المبحث الأول: 'قضايا المسلمين: التعريف، والمفهوم، وبعض نماذجها المعاصرة. وقد بيّن المؤلف أن لفظ 'القضايا' يُراد به النوازل والأزمات إذا ورد بصيغة المفرد. أما عند الإضافة – كما في 'قضايا المسلمين' – فيقصد به الكوارث والمظالم والمصائب التي تحلّ بجماعة من المسلمين في أي مكان في العالم، سواء كانت ذات طابع سياسي، أو اجتماعي، أو إنساني، أو غير ذلك. كما فرّق بين مصطلحي 'القضية' و'الأزمة'، وبيّن أن 'القضية' – بحسب رؤيته – أشمل وأعمق، إذ إن الأزمات غالبًا ما تنشأ عن مشكلات داخلية في الأمة، كالأزمات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، بينما القضايا قد تنجم عن مشكلات داخلية أو خارجية، مثل الاحتلال والحروب المفروضة على المسلمين. لذلك آثر الكاتب استخدام مصطلح 'قضايا المسلمين' بدلًا من 'أزمات المسلمين'، نظرًا لشموليته ودقّته. وقارن المؤلف بين مفاهيم المشكلات، والقضايا، والكوارث، ثم تناول في المطلب الأول مفهوم القضايا في اللغة والاصطلاح، مبيّنًا الفروق الدقيقة في الاستخدام، ومقدمًا تعريفًا تأصيليًا يُبرز أبعاد المصطلح. وفي المطلب الثاني، قدّم إطلالة موجزة على أبرز قضايا المسلمين في العصر الحديث، فبدأ بـ قضية فلسطين واحتلالها، ثم قضية كشمير تحت عنوان: 'مصيبة الاحتلال واغتصاب الأرض'. وتطرق إلى ما تعانيه الأقليات المسلمة في العالم، مستعرضًا مآسيهم في عدد من الأقاليم مثل الإيغور في الصين، والروهينغا في بورما، وأشار إلى ما يتعرضون له من اضطهاد وتطهير عرقي. كما تناول مأساة الحروب والفتن الطائفية التي عصفت ببلاد المسلمين، وخصّ بالذكر ما حلّ بالمسلمين في سوريا من دمار واستبداد. ولم يغفل الحديث عن الجرائم القانونية والحقوقية، كالاعتقال السياسي، والسجن التعسفي لأصحاب الرأي من العلماء والمفكرين والسياسيين، متوسعًا في عرض هذه الفئة وما تعانيه من تضييق وتعذيب. كما تحدث عن الحرمان من الحقوق الأساسية للإنسان، كالذين حُكم عليهم بالإقامة الجبرية في منازلهم، أو منعوا من السفر والتنقل، أو حُظر عليهم الخطابة والتواصل مع الناس. ورأى أن هؤلاء المظلومين، من المعتقلين وأصحاب الفكر والرأي، ممن سُلبت منهم كرامتهم وحريتهم، يستحقون النصرة والمناصرة، والسعي الجاد لرفع الظلم عنهم، وإغاثتهم بكافة السبل الممكنة. وفي المبحث الثاني، خصّصه للحديث عن النصرة، من حيث المفهوم والحقيقة، مبرزًا البعد اللغوي والشرعي. واستعرض فيه المعاني اللغوية التي أوردتها المعاجم لمادة 'نصر'، وهي: الإغاثة، والانتصار، والتأييد، والنجاة، والعطاء، والبذل.كما ناقش الفروق اللغوية بين النصرة والمعونة، ثم اختار تعريفًا شرعيًا للنصرة بعد دراسة، فقال: 'النصرة هي إعانة المسلمين المظلومين على الوصول إلى حقوقهم المشروعة، ودفع الأذى عنهم، وتأييدهم من أجل النجاة والخلاص من الظلم، مع إغاثتهم بكل ما يعين على تفريج كروبهم، ومواساتهم في آلامهم وأحزانهم.' وتوقف كذلك عند مفهوم التخاذل لغةً واصطلاحًا، مؤكدًا وجود ظاهرة التخاذل عن نصرة المظلومين في واقع الأمة، على الصعيد الإنساني والشرعي. وأما المبحث الثالث، فقد تناول فيه الضوابط والأحكام، وافتتحه بمدخل تعريفي، حيث عرّف الضوابط في اللغة والاصطلاح، وذكر أقوال العلماء في تعريف الضابط الفقهي، ثم عرض مناهجهم على النحو الآتي: • المنهج الأول: اعتبار الضابط مرادفًا للقاعدة الفقهية. • المنهج الثاني: التفريق بين الضابط والقاعدة، مع توضيح جوانب التمايز بينهما. وفي المطلب الثاني من هذا المبحث، عرّف الأحكام لغة واصطلاحًا، وبيّن أقسامها ومجالات تطبيقها في السياق الفقهي. وقد غلب على هذا الفصل الطابع الأكاديمي المتخصص، إذ ركز على تأصيل المفاهيم من حيث اللغة والاصطلاح، بأسلوب يوافق منهجية رسائل الماجستير والدكتوراه، ويمهّد لفهم أكثر دقة لقضية النصرة. أما الفصل الثاني المعنون بـ'أحكام النصرة'، فقد احتوى على خمسة مباحث، كان المبحث الأول منها مخصصًا لـ دواعي النصرة وأسبابها الشرعية، وقد قُسّم إلى ستة مطالب، أولها: المطلب الأول: النصرة وتحقيق الأخوة الإسلامية استدل فيه بنصوص شرعية تؤكد رابطة الأخوة في الدين، من أبرزها قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، وقوله ﷺ: 'مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.' المطلب الثاني: النصرة والذمة الواحدة للمسلمين، واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم: 'المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم'. والمطلب الثالث، تكلم عن وجوب النصرة وتحقيق الولاء بين المسلمين، واستدل بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ﴾ [الممتحنة:9]، وقوله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التوبة: 71]، وغير ذلك من الآيات وشروح العلماء لها من البغوي والقرطبي وابن كثير ومحمد سعيد القحطاني. المطلب الرابع: المسؤولية الشرعية في القيام بالقسط والشهادة استدل فيه بالآيات المحكمة التي تؤسس لمبدأ القسط، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ﴾ [الأعراف: 29]. المطلب الخامس: الخلق الإسلامي ومقتضى عدم الخذلان وقد تناول فيه مسؤولية المسلم في نصرة أخيه، وبيّن أن التخاذل خُلق مذموم يُناقض مقتضى الأخوّة الإيمانية. المطلب السادس: ترك النصرة سبب للفتنة في الأرض استدل بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾ [الأنفال: 73]، مشيرًا إلى أن عدم القيام بواجب النصرة يؤدي إلى اختلال التوازن وفساد الأرض. المبحث الثاني: النصرة الشرعية: حكمها وأدلتها تناول فيه الحكم الشرعي لإزالة الظلم عن المظلومين، ودفع المنكر والأذى، مستندًا إلى آيات قرآنية وأحاديث نبوية صحيحة تنهى عن خذلان المسلم أو تسليمه لعدوه. وأكد وجوب النصرة القلبية وجوبًا عينيًا، واستدل بالأحاديث التي بيّنت مراتب الإنكار، مركّزًا على فضل الإنكار القلبي عند العجز. المطلب الثاني: مسؤولية المرأة المسلمة في النصرة. شدد على أن للمرأة دورًا مهمًا في نصرة قضايا الأمة، وذلك من خلال تربية الأبناء، والدعاء، والتوعية، والمساهمة في مجالات النفع العام بما يتوافق مع خصوصيتها الشرعية. المطلب الثالث: أهل النصرة ومستحقوها تناول فيه الفئات التي تستحق النصرة من أهل الإسلام، وبيّن ضوابط تحديد المستحقين شرعًا وفق مبادئ العدل والرحمة. المبحث الثالث: المسؤولية الشرعية المترتبة على الامتناع عن تقديم النصرة المطلب الأول: مفهوم الجريمة الإيجابية والسلبية. عرّف الجريمة بنوعيها، وقارن بين الفعل العدواني المباشر (الجريمة الإيجابية)، وبين الامتناع المؤدي للضرر (الجريمة السلبية). واستشهد بآراء من كتب مؤثرة مثل: • 'التشريع الجنائي الإسلامي' لعبد القادر عودة، • 'الجريمة والعقوبة' لأبي زهرة، • 'نظرية الجريمة السلبية' لداوود نعيم. المطلب الثاني: الركن المادي في الجريمة السلبية وشروط تحقق الخطر عرض فيه مكونات الجريمة بالامتناع، مركّزًا على توافر شرط الخطر المترتب على عدم الفعل. المطلب الثالث: الامتناع السلبي عند تعيين الواجب. ناقش فيه الخلاف الفقهي بين العلماء في هذا الموضوع، واستند إلى مصادر معتبرة كـ: • 'مغني المحتاج' للشربيني، • 'المغني' لابن قدامة، • 'رد المحتار' لابن عابدين، • 'حاشية الدسوقي على الشرح الكبير'. المطلب الرابع: الامتناع عن النصرة الواجبة في حق المسلم بيّن فيه الفروق بين الواجب العيني والواجب الكفائي، موثقًا بالأدلة الشرعية وآراء المذاهب السنية الأربعة. المبحث الرابع: القواعد والأصول الضابطة لوسائل النصرة الواجبة ومن أبرز ما ورد في هذا المبحث، ما عرضه في المطلب الرابع حول نظرية 'الغاية تبرر الوسيلة'، حيث فنّدها تفنيدًا علميًا وشرعيًا، موضحًا فسادها العقلي والشرعي. وقد قال في خلاصة بليغة: 'ينبغي على المسلمين وهم يقومون بواجب النصرة لقضايا أمتهم، أن يدركوا أن مخالفة الشرع في الوسائل كمخالفته في الغايات، وأن الغاية لا تبرر الوسيلة. ولا يجوز أن يُنصر المسلم المظلوم بوسائل محرمة، لأن النصرة لها ضوابط شرعية وأخلاقية لا يجوز تجاوزها.' وحذّر من توظيف هذه النظرية لتبرير القتل والاعتداء على الأبرياء، مبينًا أن من يستخدمونها يرتكبون انتهاكات باسم النصرة، وهم في الحقيقة يخالفون مقاصد الشريعة، ويرتكبون أعظم الجرائم بحق الإنسانية، كما قال الله تعالى: ﴿مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32]. وأكد أن كل مؤسسات الفتوى والمجامع العلمية المعاصرة أجمعت على تحريم الأعمال الإرهابية التي تُرتكب بزعم نصرة قضايا الأمة، واعتبر أن هذه الأعمال – من تفجيرات واغتيالات وقتل عشوائي – هي منافية للشرع، مفسدة في الأرض، وخارجة عن مقتضى الدين ومصالح الخلق. وشرح في المطلب الخامس قاعدة 'الميسور لا يسقط بالمعسور'، وفي المطلب السادس 'وسائل النصرة بين الإباحة والتوقيف'، ووضح في المطلب السابع قاعدة 'سد الذرائع' وتطبيقاتها المعاصرة، وخلاصة ما قاله العلماء في هذا الصدد. وفي المبحث الخامس تكلم الدكتور سالم عن النصرة، وتحدث عن آدابها وأسباب ضعفها في الأمة، وقسم هذا المبحث إلى مطالب مهمة منها: المطلب الأول: المسارعة إلى النصرة واستحضار الواجب الشرعي، وتوسّع في بيان عظم التكاليف الشرعية وعظم المسؤولية، ودعا إلى المسارعة في النصرة والإغاثة. المطلب الثاني: الإخلاص والاحتساب لله في نصرة المسلمين. المطلب الثالث: الحرص على القليل وإتمام أعمال النصرة، معرجاً على القاعدة الشرعية 'لا تحقرن من المعروف شيئاً'، وضرب أمثلة، منها: التصدق بما يعادل نصف تمرة، والكلمة الطيبة، وإدخال السرور على قلب من تلقاه، والنهي عن احتقار المعروف الذي يقدمه الآخرون واستصغاره، واستدل بجملة من الأحاديث النبوية في بيان أجر الأعمال الصالحة التي ظاهرها أنها قليلة وهي عند الله عظيمة، ودعا إلى إتمام العمل الصالح والاستمرار فيه. المطلب الرابع: حذر من خطورة المن والأذى. واعتبر من الآداب والأخلاق المتعلقة بواجب نصرة المسلمين لإخوانهم المظلومين وقضاياهم المتعددة والمتنوعة؛ أدب ترك المن والأذى، وبين حكم ذلك في الشريعة، واستدل بقوله تعالى: ﴿لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ﴾ [البقرة: 264]، وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى﴾ [البقرة: 262]، وأشار إلى الآثار السيئة للمن على الفرد والمجتمع. المطلب الخامس: تعرض لبيان أسباب ضعف النصرة في واقع الأمة، منها: ضعف استشعار الواجب الشرعي تجاه نصر المسلمين، وضعف معالم الإيمان وغياب مفهومه الصحيح، وغياب دور العلماء في التوعية والإرشاد بحقوق الأخوة الإسلامية، والتعلق بالدنيا والاستغراق في متطلباتها ولذاتها، والتفرق والاختلاف وعدم جمع الكلمة، والضعف التربوي والاجتماعي، والحرب الممنهجة على مؤسسات النصر والإغاثة. وأفرد الباب الثاني للجانب التنزيلي والتطبيقي لقضية النصرة. ففي الفصل الثالث من الكتاب خصه لذكر وسائل النصرة، ووزع حديثه على أربعة مباحث، المبحث الأول: نصرة المسلمين بقنوت النوازل والدعاء. وتكلم في المطلب الأول عن قنوت النوازل؛ التعريف والمشروعية. والمطلب الثاني: مذاهب العلماء في قنوت النوازل. والمطلب الثالث تكلم عن أحكام جامعة في قنوت النوازل. وفي المطلب الرابع، تكلم عن سنن قنوت النوازل وآدابه وتوصيات للمسلمين، بأن يكون الدعاء مناسباً للمقام في طوله وصياغته، وتحدث عن تأمين المأموم في دعاء القنوت، وعن رفع اليدين في دعاء القنوت وبين أقوال الفقهاء في هذه المسائل الفقهية. وأفرد في المبحث الثاني حديثه عن النصرة المالية والإغاثية. وجعل حديثه في المطلب الأول عن مقدمات وممهدات في النصرة المالية والإغاثية، وتكلم عن الإنفاق في سبيل الله تعالى وعظم المثوبة، وعن بعض وجوه الإنفاق في النصرة المالية كإغاثة البلاد المنكوبة، وإعانة الأسر الفقيرة، والمساهمة المالية في كل ما يعين على فكاك الأسرى والسجناء في المناطق المحتلة من العالم، وإغاثة المرضى بالأدوية ونحوها، وستر المستضعفين في أنفسهم وأهليهم وذويهم وسد خلّتهم، ورعاية الأيتام والأرامل كالرعاية المادية عبر ما يسمى 'الكفالة الشهرية'، والرعاية التعليمية والصحية، وتحدث عن التخريج الفقهي للمؤسسات القائمة على النصرة والإغاثة. وفي المطلب الثاني، تحدث الشيخ الدكتور سالم الشيخي عن الزكاة الواجبة والصدقة المندوبة، وأجاب عن سؤال: هل في المال حق سوى الزكاة؟ وفي المطلب الثالث تكلم عن أحكام مختارة في النصرة المالية لواقع المسلمين، كحكم قيام المؤسسات الإغاثية نيابة عن المسلمين بالسؤال والاستجداء للمحتاجين، وبين صورة المسألة واختلاف الفقهاء فيها، وفي جواز المسألة للغير، وكراهة المسألة للغير، وبين القول الراجح في ذلك، ورجح جواز سؤال الغير فيما يتعلق بسؤال المسلم لغيره، وخصوصاً للمؤسسات الإغاثية لما يترتب على ذلك من تحقيق مقاصد شرعية للنصرة. وتكلم عن حكم جمع التبرعات لنصرة قضايا المسلمين في المساجد والمراكز الإسلامية، وتعجيل الزكاة بعد اكتمال النصاب قبل حولان الحول، وركز على صورة المسألة واختلاف الفقهاء والراجح في ذلك، وبيّن مذهب عامة الفقهاء في جواز تعجيل الزكاة، وبين الحكم الشرعي في نقل الزكاة من بلد إلى آخر. وفي المطلب الرابع، وضح ضوابط النصرة الإغاثية المالية، كإخلاص النية لله، والالتزام بالأحكام الشرعية في مجال الإغاثة، وعدم الوقوع في المخالفة القانونية، وتوسيد الأمر لأهله، والالتزام بالضوابط الشرعية عند قبول المعونات من المؤسسات غير الإسلامية. وفي المبحث الثالث، كان الحديث عن النصرة الإعلامية لقضايا المسلمين، وخصص هذا المبحث لبيان أهميتها وأحكامها وضوابطها المتعلقة بها، فتحدث في المطلب الأول عن حقيقة النصرة الإعلامية وأنواعها: كالكلمة الصادقة في وسائل الإعلام وعبر المؤتمرات والندوات واللقاءات الفكرية، والقلم النزيه الذي يكتب في الوسائل المتاحة في الصحف والدوريات ومواقع الإنترنت. وفي المطلب الثاني، بين أهداف النصرة الإعلامية وقيمتها الأخلاقية كقيمة الالتزام بالحق والصدق والتثبت في الأخبار، والعدل والإنصاف. وفي المطلب الثالث أشار إلى ضوابط النصرة الإعلامية: كتجنب المخالفات القانونية في المجال الإعلامي خارج ديار المسلمين، والاعتناء بمضمون رسالة النصرة الإعلامية كالوضوح والأدلة والبراهين، وأن تكون الرسالة بلسان القوم ولغتهم. ومن الضوابط التي ذكرها، الالتزام بآداب الخطاب الإسلامي، والتفريق بين نبذ الظلم، ومعاداة الأديان. وفي المبحث الرابع، كان حديث الدكتور سالم الشيخي عن النصرة السياسية والقانونية القضائية وواجب أهل الاختصاص، فبين في المطلب الأول حقيقة النصرة السياسية وأهدافها، وفي المطلب الثاني، بين النصرة بالمظاهرات والاحتجاجات السلمية وأحكامها وضوابطها، فبين حقيقة المظاهرات والاحتجاجات السلمية، ووضح خلاف العلماء في حكم المظاهرات، وتوسع في استعراض آراء العلماء فيها، ورجح جواز خروج المسلمين في المظاهرات السلمية للتعبير عن حقوقهم والمطالبة بها، وقال: 'وينتقل الحكم من الجواز إلى الندب إذا كانت المظاهرات لتحقيق وجه من أوجه النصر لقضايا المسلمين، وهي صورة من صور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر'. وذكر المؤلف مجموعة من الضوابط والآداب التي ينبغي على القائمين على المظاهرات، ومن خرجوا نصرةً لإخوانهم، أن يلتزموا بها، ومن ذلك: • استحضار الإخلاص لله تعالى. • الالتزام بجميع اللوائح القانونية المنظمة للمظاهرات. • اجتناب الأقوال والأفعال والأخلاق المحرّمة شرعًا، كالسّبّ والشتم والعنف وسوء المعاملة. • عدم الاعتداء على ممتلكات الأبرياء، أو تحطيم محلاتهم، أو إحراق السيارات، فإنّ هذه الأفعال كلّها محرّمة شرعًا ومرفوضة قانونًا وأخلاقًا. • اجتناب الاعتداء على المرافق العامة والمؤسسات الخدمية ونحوها، لما في ذلك من إفساد وإضرار بالمصلحة العامة. المطلب الثالث: الأصوات الانتخابية ونصرة قضايا المسلمين تناول فيه قضية استثمار الصوت الانتخابي في الدول ذات النظام الديمقراطي لنصرة قضايا الأمة، وناقش مدى شرعية توجيه الصوت نحو من يتبنى تلك القضايا ويدافع عنها. المطلب الرابع: التحالفات السياسية في سبيل نصرة المسلمين بيّن فيه حكم التحالف السياسي من أجل دعم قضايا المسلمين، مستعرضًا مفهوم التحالف في اللغة والاصطلاح، ومفهوم 'الحِلف' في الإسلام، وموقف الفقه الإسلامي من الاستعانة بغير المسلمين. وقد أسند تحليله إلى أقوال الفقهاء ومصادرهم المعتمدة، من أبرزها: • حاشية ابن عابدين • المبسوط للسرخسي • مواهب الجليل للحطاب • روضة الطالبين للنووي • المغني لابن قدامة • أحكام أهل الذمة لابن القيم • الكافي لابن عبد البر • الموسوعة الفقهية الكويتية. وجاء عرضه فقهيًّا منهجيًّا، مع التفصيل الوافي والربط بالواقع المعاصر. المطلب الخامس: المسلمون في الغرب والنصرة القانونية والقضائية تناول فيه مسؤولية المسلمين في الغرب تجاه قضايا أمتهم، من خلال السبل القانونية والقضائية المتاحة، كرفع الدعاوى ضد المحتلين والمعتدين أمام المحاكم الدولية، أو السعي لإدانة الجرائم والانتهاكات بحق المظلومين، مع بيان حكم التحاكم إلى القضاء الوضعي في تلك البلاد، وضوابط ذلك في الفقه الإسلامي. إنَّ كتاب 'المسلمون ونصرة قضايا الأمة' للدكتور الشيخ سالم عبد السلام الشيخي يُعد إضافة حقيقية ومعتبرة إلى المكتبة الإسلامية، وهو من المراجع المتخصصة المهمة في هذا الباب. وأوصي طلاب العلم والعلماء والمشتغلين بالدعوة والفقه والحقوق، بالاطلاع عليه والاستفادة مما فيه من مقاصد وأهداف شرعية عظيمة، تخدم الأمة في حاضرها ومستقبلها. كما أوصي بترجمة الكتاب إلى اللغات العالمية، لتعميم نفعه على الشعوب الإسلامية في أصقاع الأرض، ولإبراز حقيقة النصرة الشرعية المطلوبة، المتمثلة في: إغاثة المسلمين المظلومين، والدفع عنهم، ومساندتهم للوصول إلى حقوقهم المشروعة، وتفريج كروبهم، ومواساتهم في آلامهم وأحزانهم، وفق الضوابط الشرعية والأخلاقية. وقد قدّم الدكتور سالم في هذا الكتاب خدمة جليلة للعلماء والدعاة والخطباء، في بيان أمانة البلاغ الشرعي المتعلقة بواجب النصرة والدفاع عن حقوق المسلمين المستضعفين في كل بقاع الأرض. نسأل الله عز وجل، بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، أن يتقبل من أخينا الدكتور سالم عبد السلام الشيخي هذا الجهد المبارك، وأن يبارك فيه، ويجعل له فيه القبول بين أهل العلم والدين، وأن ينفع به الأجيال المتعاقبة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ونسأله سبحانه أن يبارك في جهوده العلمية والفقهية والدعوية، وأن يجعلنا وإياه من المخلصين العاملين، والمسددين المؤيدين، وأن يختم لنا بخاتمة الإسلام، ويحشرنا في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا. كتبه: علي محمد محمد الصلابي بتاريخ: 8/ذو القعدة/1446 هجرية الموافق: 6/مايو/2025م. إيطاليا تلغراف التالي مغاربة العالم وسعي بعض الناس لحرمانهم من بعض حقوقهم:


إيطاليا تلغراف
١٦-٠٤-٢٠٢٥
- منوعات
- إيطاليا تلغراف
من أسماء الله الحسنى (الواحد)
إيطاليا تلغراف د. علي محمد الصلابي (الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) اسم 'الواحد' هو اسم من أسماء الله الحسنى التي تدل على تفرده سبحانه وتعالى بالوحدانية، فهو الواحد الذي لا ثاني له، ولا مثيل ولا نظير، وهو الواحد في ألوهيته، فلا معبود بحق سواه، وهو الواحد في ربوبيته، فلا خالق ولا رازق إلا هو، وهو الواحد في صفاته، فلا يشبهه شيء من خلقه، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وقد ورد اسم الله الواحد في أكثر من عشرين موضعاً في القرآن الكريم ومن ذلك: قوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ ]الرعد: 16[، وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ ]النحل:51[، وقوله تعالى: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ ]غافر:16[. ويقول الشيخ السعدي رحمه الله: 'الواحد الأحد' هو الذي توحد بجميع الكمالات، وتفرد بكل كمال، وجلال وجمال، وحمد وحكمة ورحمة وغيرها من صفات الكمال؛ فليس فيها مثيل، ولا نظير ولا مناسب بوجه من الوجوه، فهو الأحد في قيوميته وعلمه وقدرته وعظمته وجلاله وجماله وحمده وحكمته وغيرها من صفاته، موصوفٌ بغاية الكمال، ونهايته من كل صفة من هذه الصفات، فيجب على العبيد توحيده عقلاً وقولاً وعملاً بأن يعترفوا بكماله المطلق وتفرده بالوحدانية، ويفردوه بأنواع العبادة ( قصة بدء الخلق، الصلابي، ص1136). قال القرطبي: 'اسم الله الواحد جاء في الكتاب والسنة وأجمع عليه علماء الأمة، وهو من أعظم أسماء الله الحسنى وأولاها بالاختصاص به، وعدم المشاركة فيه، فالله تعالى متعال عن أن يشبه شيئًا من الحادثات، أو يمازجه شيء من الكائنات، بل هو بذاته متفرد عن جميع المخلوقات، وأنه ليس بجوهر ولا عرض ولا جسم، خلافًا للنصارى، تعالى الله عن قولهم وتسميتهم، وأنه لا تحلّه الكائنات، ولا تمازجه الحادثات، ولا له مكان يحويه، ولا زمان هو فيه، …. فالله تعالى هو الواحد لا نظير له، وهو الذي يعتمد عليه عباده ويقصدونه' ولا يتَكلون إلا عليه جل وعز. (أسماء الله الحسنى، القرضاوي، ص73). يقول الشيخ ابن عثيمين: «الواحد هو الفرد الذي لم يزل وحده، ولم يكن معه آخر، وهو الفرد المتفرد في ذاته وصفاته وأفعاله وألوهيته، فهو واحد في ذاته لا يتجزأ أو لا يتفرق، أحد صمد لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد. وهو واحد في صفاته لا شبيه له على الوجه اللائق به من غير أن يماثله أحد فيما يختص به، وهو واحد في أفعاله لا شريك له، واحد في ألوهيته لا معبود حق إلا هو» (تقريب التدميرية، ابن عثيمين، ص138). وقد ورد اسم الله «الواحد» في اثنتين وعشرين آية من كتاب الله، وورد اسم «الأحد» في سورة الإخلاص، وأصل اشتقاق الاسمين واحد، فكلاهما من جذر واحد من كلمة (وحد)، وهي تدلُّ على وحدانية الذات، فلا إله إلا الله، ووحدانية الصفات، فليس له شبيه ولا سَمِيٌّ: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى:11]، وتدل على انفراده من الأشياء، وانفراد الأشياء منه، قال الخطابي رحمه الله: (الواحد: الفرد الذي لم يَزَلْ وحده). فالقرآن الكريم والسنة أوضحا غاية الإيضاح تَفَرُّد الخالق عن المخلوق. وفي كتاب الله جل وعز سورة تُسمَّى: «الإخلاص»: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإخلاص:1-4]، وقد سُمِّيت هذه السورة بالإخلاص؛ لأنها اشتملت على إثبات الكمال والحدانية لله سبحانه وتعالى، فأثبتت اسمه العظيم وهو: «اللَّه»، وأثبتت وحدانيته، وأثبتت صَمَدِيَّته، ثم نَفَت عنه ما كانوا يَدَّعونه من وجود الوالد أو الولد، أو أن يكون له كُفُو أو شريك أو مُشابِه، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه السورة في الركعة الثانية من راتبة الفجر، وراتبة المغرب، ويقرؤها في صلاة الوتر، وركعتي الطواف (مع الله، العودة، ص235). مراجع: * قصة بدء الخلق، علي محمد الصلابي، طبعة دار ابن رجب. * أسماء الله الحسنى، يوسف القرضاوي، ط1، الدار الشامية، تركيا، 2017م. * شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة، سعيد علي القحطاني، السعودية، 1988 * تقريب التدميرية، ابن عثيمين * مع الله الاسم الأعظم، سلمان العودة، ط5، مؤسسة الإسلام اليوم للنشر، السعودية، 2010م. إيطاليا تلغراف


إيطاليا تلغراف
٠٥-٠٣-٢٠٢٥
- منوعات
- إيطاليا تلغراف
من أسماء الله الحسنى: اسم (الله) جلّ جلاله
نشر في 5 مارس 2025 الساعة 6 و 06 دقيقة إيطاليا تلغراف بقلم: د. علي محمد الصلابي (الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) إن اسم 'الله' هو الاسم الأعظم الذي تحمل حروفه عظمةَ الخالق، وجلال المُبدع، وجمال المُصور. هو الاسم الذي إذا ذُكر ارتعدت له السماوات والأرض، وخرَّت له الجبال سجدًا، وانكسرت أمامه قلوب العباد خضوعًا وخشوعًا، اسم يجمع كل صفات الكمال، ويرتفع فوق كل نقص أو عيب. فما أعظمه من اسم! وما أروعه من ذكر! ذلك الاسم الذي لا يُسمى به غيره، والذي يحمل كل معاني العزة والجلال، والرحمة والكمال، وهو مفتاح كل خير، وسبب كل بركة، وملجأ كل خائف، وملاذ كل طالب. فاسم الله هو الجامع لجميع معاني أسماء الله الحسنى، والمتضمن لسائر صفات الله تعالى، ' ولهذا يضيف الله تعالى سائر الأسماء الحسنى إلى هذا الاسم العظيم، كقوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 180]، ويقال: الرحمن، والرحيم، والقدوس، والسلام، والعزيز، والحكيم من أسماء الله ولا يقال: الله من أسماء الرحمن، ولا من أسماء العزيز ونحو ذلك، فعُلم أن اسمه (الله) مستلزم لجميع معاني الأسماء الحسنى، دالٌ عليها بالإجمال '. قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: ' الله: هو المألوه المعبود، ذو الألوهية، والعبودية على خلقه أجمعين، لما اتصف به من صفات الألوهية التي هي من صفات الكمال، وأخبر أنه الله الذي له جميع معاني الألوهية، وأنه هو المألوه المستحق لمعاني الألوهية كلها، التي توجب أن يكون المعبود وحده، المحمود وحده، المشكور وحده؛ المعظم المقدّس ذو الجلال والإكرام، واسم الله هو الجامع لجميع الأسماء الحسنى والصفات العلى '. الله أعظم الأسماء: قال الإمام الغزالي في (المقصد الأسنى): ' (الله) هو اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإلهيّة، المنعوت بنعوت الربوبيّة، المتفرّد بالوجود الحقيقي، فإٕن كل موجود سواه غير مستحقّ الوجود بذاته، وإنما استفاد الوجودّ منه .. فكل موجودٍ هالكٌ إلا وجهه، والأشبه أنه جار في الدلالة على هذا المعنى مجرى أسماء الأعلام، وكل ما ذُكر في اشتقاقه وتعريفه تعسف وتكلّف، وهو أعظم الأسماء، لدلالته على ما يجمع الصفات الإلهية كلها، وأنه لا يقال لغير الله تعالى'، ويقول أيضاً: ' اعلم أن هذا الاسم (الله) أعظم أسماء الله في التسعة والتسعين؛ لأنه دال على الذات الجامعة للصفات الإلهية كلها، حتى لا يشذ منها شيء، وسائر الأسماء لا يدل آحادها إلا على آحاد المعاني من علم أو قدرة أو فعل أو غيره؛ ولأنه أخص الأسماء، إذ لا يطلقه أحدٌ على غيره، لا حقيقةً ولا مجازاً، وسائر الأسماء قد يُسمّى به غيره: كالقادر والعليم والرحيم.. وغيره، فلهذين الوجهين يُشبه أن يكون هذا الاسم أعظم هذه الأسماء' (المقصد الأسنى، الغزالي، م1ص61). يقول الشيخ القرضاوي: ' ولفظ الجلالة تكرر في القرآن (2697) مرة، وهذا يدل على أن القرآن جاء ليصل الناس بالله، يعرفهم بالله إذا جهلوا، ويذكّرهم به به إذا نسوا، ويقوي صلتهم به إذا ضعفوا، ولا يوجد مثل هذا في كتاب من الكتب السماوية، فطالما طالعت في أسفار التوراة الخمسة الموجودة، فيما يسمى الكتاب المقدس، وطالعت العهد الجديد والعهد الجديد، فما وجدت ذكراً لله بهذه الكثافة، وفي القرآن تجد ذكر الله في كل بضع آيات من آياته، وهذا غير ذكره بأسمائه وصفاته وأفعاله، فالقرآن كله كتاب يهدي إلى الله، ويقوي علاقة الإنسان بربه، يريد منّا القرآن أن نكون مع الله دائماً داعين مستغفرين، عابدين مستعينين، متضرعين طائعين، منيبين خاشعين' (أسماء الله الحسنى، القرضاوي، ص56 بتصرف). لفظ الجلالة في كلمة الشهادة ومعنى التوحيد: إذاً فاسم (الله) هو أعظم أسمائه جلَّ وعلا، وأكثرُها تردُّداً في القرآن والسنة. و(الله) هو أكثرُ الأسماءِ اشتهاراً وترديداً على ألسنةِ المخلوقين كلّهم بمختلف لغاتهم وألسنتهم. و(الله) اسمٌ للربِّ المعبودِ المحمودِ، الذي يمجِّدهُ الخلقُ، ويسبّحونه، ويحمَدونه، وتسبّحُ له السماواتُ السبع، والأرضونَ السبعُ، ومن فيهنّ، والليل والنهار، والإنس والجن، والبَرُّ والبحر، ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ [الإسراء :44] (لا إله إلا الله، الصلابي، ص13). ' و(الله) هو الربُّ الذي تألَهُهُ القلوبُ، وتحنُّ إليه النفوسُ، وتتطلَّعُ إليه الأشواقُ، وتحِبُّ وتأنَسُ بذكرهِ وقربِهِ؛ وتشتاقُ إليه؛ وتفتقر إليه المخلوقاتُ كلُّها في كلِّ لحظةٍ وومضةٍ، وخطرةٍ وفكرةٍ، في أمورِها الخاصّةِ والعامّةِ، والكبيرةِ والصغيرةِ، والحاضرةِ والمستقبلةِ، فهو مبديها ومعيدُها، ومُنْشِئُها وباريها، وهي تدينُ له سبحانه وتُقِرُّ، وتفتقِرُ إليه في كلِّ شؤونها وأمورِها، فما مِنْ مخلوق إلا ويشعرُ بأنَّ الله تعالى طوّقه مِنَناً ونعماً، وأفاضَ عليه من آلائه وكرمه وإفضاله وإنعامه بالشيء الكثير، فجديرٌ إذًا أنْ يتوجَّه قلبُ الإنسان إلى الله تبارك وتعالى بالحبِّ والتعظيم والحنين. و(الله): عظيمٌ في ذاته، وصفاته، وأسمائه، وجلاله، ومجده، لا تحيطُ به العقولُ، ولا تدرِكُه الأفهام، ولا تَصِلُ إلى عظمته الظنون، فالعقولُ تحارُ في عظمته، وإن كانت تستطيع بما مُنِحَتْ من الطّوْقِ والقدرةِ على أن تدرِكَ جانباً من هـذه العظمةِ، يمنحُها محبةَ اللهِ، والخوفَ منه، والرجاءَ فيه، والتعبُّدَ له، بكلِّ ما تستطيع ' (مع الله، سلمان العودة، ص36). فهو ﴿ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ﴾ [ طه: 8]، و﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۖ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ﴾ [الحشر: 22]، و﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [ الحشر: 23]، فالحمدلله الذي عرفنا بذاته وبأسمائه، وشرّفنا بمناجاته باسمه الأعظم، وأكرمنا إذ أمرنا بتكراره وترديده في تلاوتنا للقرآن، وفي صلاتنا وأذكارنا ودعائنا. مراجع: • المقصد الأسنى في أسماء الله الحسنى، الغزالي، تحقيق بسام عبد الوهاب الجابي، قبرص، ط الجفان. • أسماء الله الحسنى، يوسف القرضاوي، الدار الشامية، تركيا، 2017م. • لا إله إلا الله، علي الصلابي، دار الأصالة، إسطنبول، 2022م. • مع الله، سلمان العودة، دار الإسلام اليوم، 2008م. إيطاليا تلغراف السابق رؤية القائد الجديد للجيش الإسرائيلي: 2025 عام حرب


إيطاليا تلغراف
٢٦-٠٢-٢٠٢٥
- منوعات
- إيطاليا تلغراف
من أسباب الضلال (الذنوب والمعاصي)
إيطاليا تلغراف بقلم: د. علي محمد الصلابي (الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) ما هلكت الأمم إلا بعصيانها وتكبرها وامتناعها عن التوبة، ولقد كانت ومازالت كثرة الذنوبُ والمعاصي من أهم أسباب الضلال، وخصوصاً إذا لم يتبعها توبة واستغفار، فهذه سنة الله الجارية في خلقه، وذلك أن الذنوب سبب في صدأ القلب وتكون الران عليه الذي يمنع من دخول الإيمان إلى قلب صاحبه، قال تعالى:' وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ' (المطففين: 12 – 14) . أي ليس الأمر كما زعموا، ولا كما قالوا: أن هذا القرآن أساطير الأولين، بل هو كلام الله ووحيه وتنزيله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما حجب قلوبهم عن الإيمان به ما عليها من الران الذي قد لبس قلوبهم من كثرة الذنوب والخطايا (تفسير ابن كثير، 4/ 485) ثم إن الذنوب إذا تتابعت على القلوب أغلقتها، وإذا أغلقتها أتاها حينئذ الختم من قبل الله عز وجل، فلا يكون للإيمان إليها مسلك ولا للكفر منها مخلص، فذلك هو الطبع والختم الذي ذكره الله تعالى في قوله: 'خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ' (البقرة: 7). وجاء قوله تعالى مهدداً للذين يقترفون الذنوب والمعاصي بأن يطبع على قلوبهم فلا يدخلها الإيمان، قال تعالى: 'أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ' (الأعراف: 100). ( السنن الإلهية في الحياة الاجتماعية، شريف صالح، 1/ 119). ثم إن الذنوب والمعاصي سبب في مرض القلوب، لأن صحتها تكون بمعرفة الله وطاعته والإنابة إليه والتزام أمره، وإيثاره على غيره، ومحبته والتوكل عليه، وإفراده بالعبودية دون سواه، فإذا تتابعت هذه الذنوب وتكاثرت اشتد مرض القلب، ثم لا تزال الذنوب بالقلب حتى تغلب عليه فيموت بالكلية، ومن مات قلبه فإنه لا ينتفع بالهدى ولا الإيمان، ولا يسمع ولا يعقل ولا يبصر، فالقرآن الكريم لا ينتفع به إلا من كان حياً أما من صار في عداد الأموات فإنه لا ينتفع به، قال تعالى:'' إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ * لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ'' (يس: 69 -70). وقال تعالى:' إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ' (الأنعام: 36) (الإيمان بالقدر، الصلابي، ص133). مراجع: 1. تفسير ابن كثير. 2. السنن الإلهية في الحياة الاجتماعية، شريف الشيخ صالح، السعودية، 1987م. 3. الإيمان بالقدر، علي الصلابي، دار الأصالة، ط1، تركيا، 2023م. إيطاليا تلغراف


إيطاليا تلغراف
٢٤-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- إيطاليا تلغراف
الدكتور علي محمد الصلابي يرد على تهديدات نتنياهو للسلطات السورية
إيطاليا تلغراف انتقدت الأمانة العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، التهديدات التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي للشعب السوري، ومطالبته السلطات السورية الجديدة بجعل جنوب دمشق منطقة خالية من السلاح.. واعتبرت ذلك استمرارا في نهج الغرور والاستعلاء الذي يتعامل به الاحتلال مع شعوب المنطقة، وهو استعلاء مؤذن بخراب كيان الاحتلال. وقال الشيخ الدكتور علي محمد الصلابي تعقيباً على تهديدات نتنياهو للسلطات السورية: 'يبدو أن كثيراً من الناس، ومنهم رئيس كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو لم يستوعبوا أن سوريا الجديدة ليست سوريا النظام السابق، وأيضا إذا أراد الله أمرا هيأ له أسبابه، يبدو أن زعماء الكيان الصهيوني الغاصب للأراضي المحتلة غرهم حِلم الله واستدراجه لهم، ويتعاملون مع شعوب الشام وشعوب المنطقة باستخفاف عجيب، فتصريحات نتنياهو تدل على الغرور والكبرياء وهذا ليس غريبا على كيان غاصب ظالم'. وأضاف الشيخ علي الصلابي: 'تصريحات نتنياهو بشأن الجنوب السوري تدل أيضا أنه لم يستوعب بعد أن الله سبحانه وتعالى يهيئ أسبابا عظيمة لمرحلة حضارية مقبلة في التدافع بين الخير والشر وبين الهدى وبين الضلال، وبين الحق وبين الباطل، واضح أن نتنياهو لم يستوعب هذه التغيرات الكبيرة التي جرت وتجري في سوريا، ويبدو أن هذا يسري أيضا على كثير ممن هم أمثاله، غرتهم القوة المادية الزائلة'. وأكد الشيخ الصلابي أن 'شعب سوريا بقيادته الجديدة أذن له الله بالتخلص من نظام الظلم والجور ومن الغزاة، وهذا عند علماء الاجتماع والمتخصصين في قيام الدول وسقوطها وفقه الحضارات واستيعاب المحطات التاريخية التي تمر بها الإنسانية، والذين رزقهم الله البصيرة والعقل، وبعد النظر، يعني أن بلاد الشام وخصوصا سوريا وفلسطين وهذه المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة'. وقال: 'بالنسبة لسوريا التي دخلت في علاقة جديدة بين الحاكم والمحكوم على المستوى المحلي، فهي اليوم ليست سوريا الأمس بقواها المتعددة الروحية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والثقافية إلخ..، فهي تغيرات جذرية.. هذا على المستوى المحلي بالإضافة إلى تطلعات الشعب السوري واستعداده للدفاع عن مكتسباته التي نالها بعد تضحيات كبيرة، ليس من السهل أن يسلم لأي قوة ظالمة'. وأضاف: 'أيضا في التحالفات الاستراتيجية على المستوى الإقليمي، فقد دخلت سوريا الجديدة في تحالفات استراتيجية يصعب أن تضعف، وهذه تحالفات ستكون لها انعكاسات إيجابية لصالح الشعب السوري والشعوب المستضعفة'. وأشار الصلابي إلى 'أن رعاية الله لهذا الشعب ستجعله مع قيادته الجديدة، يتعامل مع سنن الله الجارية، كالتدافع والأخذ بالأسباب وسنن النصر والتمكين والتصدي للمخططات والمكر، وقريبا ستتغير بإذن الله موازين القوى السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والحضارية لصالح هذا الشعب العزيز'. وقال: 'إن نقطة الصعود في بلاد الشام انطلقت من أغلالها بإذن ربها، وتجري وفق أقدار الله نحو القوة والسيادة، فالأحداث جمعت بين السنن الجارية والتوفيقات الربانية العظيمة، التي تدخل في قول الله تعالى: ﴿ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم﴾، وفي تدبير الله العجيب ومكره بخصومه لصالح أوليائه من أحفاد خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح وهم على نهج نور الدين وصلاح الدين سائرون'، وفق تعبيره. إيطاليا تلغراف