أحدث الأخبار مع #كمالسريوي


ساحة التحرير
٢٧-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- ساحة التحرير
قدرات إيران النووية ومعوقات الاتفاق مع أمريكا! اكرم كمال سريوي
قدرات إيران النووية ومعوقات الاتفاق مع أمريكا! اكرم كمال سريوي* بحسب بعض المصادر الغربية، فإن لدى الولايات المتحدة الامريكية شكوكاً، حول امتلاك إيران للسلاح النووي، وهناك معلومات استخباراتية متداولة عن شراء إيران رؤوس نووية جاهزة من كوريا الشمالية، أو من مصادر أخرى بعد تفكك الاتحاد السوفياتي. وتؤكد المصادر أنه لدى إيران كمية من اليورانيوم المخصب بنسبة 90% وهو صالح للاستخدام في صناعة سلاح نووي، وأن إيران كانت قد حصلت على 2 كيلوغرام من الولايات المتحدة الامريكية نفسها في زمن الشاه، وقسم آخر اشترته من دول الاتحاد السوفياتي السابق. الشيء المؤكد هو ما أعلنت عنه إيران، من أنها قامت بعمليات تخصيب في منشأتها نطنز وفوردو وصلت إلى نسبة 60%، وأوضحت أنها باتت تمتلك أجهزة طرد مركزية متطورة جداً من نوع IR-6 و IR-8 و IR-9، وهذا يعني أنها قادرة على انتاج سلاح نووي خلال أشهر قليلة إذا قررت ذلك. لا شك أن إيران باتت تمتلك كل المعلومات اللازمة والتقنيات الضرورية لتخصيب اليورانيوم بنسبة عالية ولانتاج سلاح نووي، والسؤال الكبير هو هل هي فعلت ذلك حقاً، أمًا أنها ما زالت تخشى الاقدام على هذه الخطوة. بالطبع تريد إيران امتلاك قوة ردع نووية، مثلها مثل كل دول العالم المعرّضة للتهديد التي تريد فعل ذلك، لكن السياسة العالمية المتبعة منذ توقيع اتفاقية الحد من انتشار الاسلحة النووية عام 1968، والتي انضمت اليها 191 دولة حتى عام 2016، نجحت في الحد من طموحات بعض الدول بامتلاك أسلحة نووية. ولم تخرج عن القاعدة سوى أربع دول، هي الهند وباكستان اللتان قد تندلع بينهما حرب ضروس بعد التوترات الأخيرة في كشمير، وإسرائيل التي صنعت أسلحة نووية، بمساعدة فرنسية وأمريكية دون أن تُعلن عن ذلك، وهي دول لم توقع على المعاهدة، كما أن كوريا الشمالية انسحبت من المعاهدة عام 2003، و بدأت بتصنيع أسلحة نووية. تنص المعاهدة على منع انتشار الاسلحة النووية، وكذلك على ضرورة التخلص منها، ولكن بالرغم من توقيع اتفاق خفض الأسلحة النووية بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية، وتدمير قسم كبير من الترسانة النووية للاتحاد السوفياتي السابق، لكن ما زال يوجد لدى الدول النووية عدد كبير من هذه الأسلحة، والتي تكفي لتدمير الكرة الارضية أكثر من مرة. بالنسبة لإيران لم تعد العوائق علمية أو تقنية لامتلاك السلاح النووي، بل المسألة مرتبطة بعدة عوامل أخرى: أولاً موضوع العقوبات، فإيران تعلم أنها اذا قامت بتصنيع سلاح نووي ستتعرض لعقوبات دولية قاسية، وقد تتحول إلى كوريا شمالية أخرى، ولن تتمكن من استثمار ثرواتها الهائلة من نفط وغاز ومعادن، وهذا طبعاً سيعيق تقدم إيران، ويضعفها اقتصادياً وتكنولوجياً بشكل كبير. ثانياً على الدولة التي تخطط لامتلاك سلاح نووي، أن تكون قادرة على إيصاله إلى أرض أعدائها، وحتى اليوم لا تمتلك إيران صواريخ عابرة للقارات تستطيع حمل رؤوس نووية، تصل إلى الولايات المتحدة الامريكية، العدو الرئيسي نظرياً لإيران. أما بالنسبة لاستهداف إسرائيل، فصحيح أن صواريخ إيران باتت قادرة على الوصول إليها، لكن هناك تعقيدات كثيرة أمام استخدام السلاح النووي، فإسرائيل دولة نووية وسترد بقوة عى ايران، وكذلك يوجد في فلسطين أكثر من ستة ملايين عربي سيتأذون جراء استخدام السلاح النووي، وقد يقول البعض أن إيران لا تهتم لهؤلاء، ولكن الحقيقة هي غير ذلك، فلو كانت ايران لا تهتم بهم وبالمقدسات في فلسطين، فما هو سبب عدائها مع إسرائيل إذن؟ ثالثاً في حال قررت إيران امتلاك أسلحة نووية، فهي على الأرجح ستكرر النموذج الاسرائيلي وليس الكوري الشمالي، بحيث تصنع عدة رؤوس نووية دون أن تُعلن عن ذلك، أو تجري تجارب على أراضيها في الوقت الحاضر، وقد تنتظر تغيّراً في الموازين والعلاقات الدولية لتفعل ذلك، لكن هذا الخيار يبقى مستبعدًا الآن، ولن تُقدم إيران على ذلك، على الأقل ليس قبل تطوير دفاعاتها الجوية، بما يضمن حماية كاملة لمنشآتها النووية. ما يجري من مفاوضات الآن بين الولايات المتحدة الامريكية وإيران، ظاهرها هو الملف النووي، لكن حقيقتها افادة اقتصادية لكلا الطرفين. لقد كان الاتفاق النووي موجوداً، وكان يسمح لمفتشي الوكالة الدولية بتفتيش كل منشآت إيران النووية، في أي وقت، إضافة إلى تحديد نسبة تخصيب اليورانيوم، بما لا يزيد عن 3,6%، وهذه الشروط كانت كافية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، ولهذا السبب قال الرئيس الأمريكي الأسبق يومها باراك اوباما في عام 2015 'أن الاتفاق ممتاز'. وصل دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة الامريكية في عام 2017، وفي أيار 2018 فاجأ الجميع وأعلن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران، مما دفع بعدة دول أهمها فرنسا والمانيا وبريطانيا، للقول بأن ترامب انتهك قرار مجلس الأمن الذي يؤيد الاتفاق، وأعربوا عن أسفهم لخروج أمريكا من الاتفاق. قال ترامب يومها أن الاتفاق لا يضمن وقف البرنامج النووي الإيراني، وادّعى بأن هذا هو سبب الخروج من الاتفاق، لكن الحقيقة هي غير ذلك. فبعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران، دخلت الشركات الاوروبية والصينية بقوة إلى السوق الإيراني، ولعدة أسباب إدارية داخلية، تأخرت الشركات الامريكية بالدخول والمنافسة على تلك الثروات الهائلة، ولم يجد ترامب من سبيل أمامه لإخراج الشركات الاوروبية والصينية من إيران، سوى الانسحاب من الاتفاق، والعودة إلى فرض العقوبات. اليوم بعد أن نجح ترامب في إخراج الأوروبيين من السوق الإيرانية، جاء يفاوض وحده، وليس كما حدث سابقاً بطريقة 5+1، وكل ما يريده ترامب هو احتكار السوق الإيرانية، تماماً كما فعل مع أوكرانيا، عندما طلب من زيلينسكي توقيع صفقة المعادن، بشكل منفرد، دون إشراك الأوروبيين أو غيرهم من دول حليفة. تدرك إيران مقاصد ترامب، وتعلم أنها من دون اتفاق مع الأمريكي لا عودة للاستثمارات الاجنبية إلى إيران، ولكنها لا تستطيع فك شراكتها الاستراتيجية مع روسيا والصين، وكذلك لا مصلحة لها بإعطاء شك على بياض لدونالد ترامب، والسماح باحتكار الشركات الامريكية للعمل في إيران. ولهذه الأسباب ستكون المفاوضات طويلة وصعبة بين الجانبين، رغم علمهما بأن مصلحة الطرفين هي في التوصل إلى اتفاق، وأن المواجهة العسكرية لا تخدم مصلحة أي منهما، وستجر الويلات على المنطقة والعالم، وحتى على ترامب نفسه كما على إيران. لقد سرّب ترامب وعوداً لإيران، بأنها اذا وافقت على الاتفاق، ستجني فوائد جمّة، ووعد باستثمارات أمريكية في إيران، بأكثر من أربعة ترليون دولار، وهذا يوضح أن الانتقال إلى المفاوضات المباشرة، وبحث الملفات الاقتصادية بين الجانبين، ستكون هي الأهم والأساس في أي اتفاق مستقبلي، بالرغم من وجود ملفات أخرى مهمة، مثل برامج الصواريخ، ودعم حلفاء إيران، والدور الايراني في المنطقة. أما التهديدات الأمريكية بضربة عسكرية لإيران، وفرض عقوبات جديدة، فهي أوراق ضغط بهدف الوصول إلى اتفاق شامل، يلبي مطالب ومصالح الولايات المتحدة الامريكية، ولا يرغب ترامب بأي حرب جديدة يُدرك أنها لن تحقق مصلحة بلاده الاقتصادية. وحدها إسرائيل تريد الحرب ومنع الاتفاق، لأنها تدرك أن لا مجال لها لدخول السوق الإيرانية، وأن الاتفاق سيخدم مشاريع إيران في المنطقة، في حين ترغب إسرائيل بتنفيذ مشروعها لشرق أوسط جديد، تهيمن هي على كل دوله، وتكون شرطيه الوحيد، والدولة الأكثر قوة ونفوذاً، وتدرك جيداً أن الاتفاق سيسمح بتدفق الأموال على إيران، ويجعلها ثرية وقوية، ولا شك أن ذلك سيتحول إلى تعزيز دور إيران ونفوذها، على حساب المشروع الإسرائيلي في الشرق الاوسط. ليس وحدها دول المنطقة في حلبة الصراع، بل هناك أيضاً دول أخرى، وكل طرف يتحين الفرصة المناسبة لاسقاط الخصم والفوز بالجائزة، ولذلك يمكن القول أن الأمور ما زالت في بداياتها، وقد تنفجر الصراعات بشكل عنيف في أي لحظة، لكن الواضح أن الولايات المتحدة الامريكية ترغب بشدة بالاستئثار بالثروات الإيرانية، ومستعدة لتوقيع معاهدة استراتيجية مع ايران لتحقيق ذلك. الخبير بأسلحة الدمار الشامل والقانون الدولي 2025-04-27 The post قدرات إيران النووية ومعوقات الاتفاق مع أمريكا! اكرم كمال سريوي first appeared on ساحة التحرير.


ساحة التحرير
٠٥-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- ساحة التحرير
مصير حزب الله بعد الحرب!اكرم كمال سريوي
مصير حزب الله بعد الحرب! اكرم كمال سريوي خاض حزب الله حرب اسناد لغزة، ضد إسرائيل، واتت نتائجها كارثية عليه، بحيث تمت محاصرته من عدة جهات، داخلية وخارجية. تكبد الحزب خسائر بشرية بلغت أكثر من 7200 شهيد وجريح، بينهم كبار قادته، وأمينه العام السيد حسن نصرالله، الذي كان له رمزية كبيرة داخل وخارج الحزب، وأهم شخصية قيادية، في محور المقاومة ومواجهة مشاريع الهيمنة الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة. وهناك خسائر مادية باهظة على المستويين العسكري والمدني، فإسرائيل قامت بعملية تدمير شامل لقرى بأكملها في الجنوب، وكذلك طال القصف بيروت والضاحية الجنوبية والبقاع، وصولاً إلى الحدود السورية إضافة إلى جريمة تفجير البيجر، فلأول مرة يتم تفجير اجهزة مخصصة في الأصل للاستخدام المدني، ولقد تضرر جراء ذلك عدد كبير من المدنيين، غير المقاتلين في الحزب، وهذه تُعتبر جريمة حرب ارتكبتها إسرائيلي. كذلك خسر الحزب جزءاً من الدعم الإيراني، الذي كان يصله عبر سوريا، وكذلك الدعم العسكري السوري بعد سقوط نظام بشار الاسد، بحيث كانت تُشكّل سوريا عمقاً استراتيجياً ولوجستياً مهماً للحزب. كما أن إيران بوجود الرئيس بزشكيان تراجعت خطوة إلى الوراء، ليس فقط لجهة دعم حزب الله في المواجهة مع إسرائيل، بل أيضاً في علاقاتها مع الولايات المتحدة الامريكية، وسياسة دعم حلفائها في المنطقة، والتوجه الجديد لبناء علاقات جيدة مع الغرب. لقد خسرت إيران الكثير في هذه المواجهة، التي فاقمت التضخم الاقتصادي في داخلها بشكل كبير، وانهارت العملة الإيرانية، وفقدت ايران المصدر الأساسي لإدخال العملات الصعبة، خاصة بيع الغاز والنفط، فهذه الدولة التي تملك ثروات طبيعية بمئات تريليونات الدولارات، تعيش في حالة فقر وترهل اقتصادي وتخلّف كبير، في عدة قطاعات كاستخراج وتكرير النفط والخدمات الاجتماعية والرفاه. لقد فعلت العقوبات الامريكية فعلها، وفشلت إيران في تجاوز هذه العقبة، ورفضت كل الشركات الأوروبية وحتى الصينية الاستثمار في قطاع النفط الإيراني، خوفاً من العقوبات، وعدم القدرة على تسويق الانتاج. واليوم بات هذا القطاع يحتاج إلى أكثر من 500 مليار دولار لترميمه وتحديثه، ولا يمكن تنفيذ ذلك سوى بعد رفع العقوبات. ثم حصل الأسوأ بسقوط النظام السوري، الذي انفقت عليه إيران أكثر من 57 مليار دولار، إضافة إلى عدد كبير من الشهداء. اهم العناصر التي يقوم عليها حزب الله هي؛ الايديولوجيا الدينية، ومصادر التمويل، والقوة العسكرية، وفي حال فقد أحد هذه العناصر، سيواجه الحزب خطراً حقيقياً، وتراجعاً في دوره وحضوره على الساحة اللبنانية وفي المنطقة. صحيح أن حزب الله استخدم سطوة السلاح، وزاد من قوته وقدرته العسكرية، وبات قوة إقليمية لا يستهان بها، لكن الآن تغيّر الوضع، فلم ينجح السلاح المتوافر لديه في منع إسرائيل من تدمير جزء كبير من لبنان، ولذلك باتت قيادة الحزب، على قناعة بأنه يجب وقف هذه الابادة التي ترتكبها إسرائيل بحق لبنان والبيئة الشيعية، بأي ثمن، فوافق الحزب على تسوية ليست في مصلحته، واعطت إسرائيل القدرة على فرض شروطها على الحزب ولبنان، وها هي تستبيح سيادة البلد وتفرض عليه الاحتلال، وتعيث فيه قتلاً ودماراً، وتُنفّذ الاغتيالات وتُصدر الأوامر والتهديدات. لا يمكن لحزب الله أن يخوض حرباً جديدة مع إسرائيل، بنفس الطرق القديمة، وإذا كان لا بد من المواجهة، فعليه تطوير نفسه، وقاعدة بياناته وأسلحته بشكل كبير، وهذه باتت مهمة صعبة، تحتاج إلى وقت وإلى التمويل الكافي. في فن الحرب يجب على القائد أن يتمتع بالقدرة على المناورة، فيعرف متى يتقدم ومتى يتراجع، ويختار الوقت المناسب لمناوراته، فالمكابرة والعناد يشكلان خطأً قاتلاً في غالب الأحيان. لم ولن يفقد حزب الله الايديولوجيا التي يقوم عليها، فهي ليست مجرد فكر سياسي، بل الجزء الأكبر منها هو عقائدي ايماني، يقوم على مرتكزات دينية ثابتة لا تتغيير، وعناصره ملتزمون بها بشكل تام. أما بالنسبة لسلاح الحزب والجناح العسكري، فهو تعرض لضربة كبرى وخسائر عديدة ، لكنه على عكس ما يعتقد البعض، فالحزب لم يفقد قدراته، وكان يقاتل حتى اليوم الأخير، وصمد على الحافة الأمامية، ومنع 70 الف جندي إسرائيلي من احتلال قرى ومدن تقع على الحافة الأمامية، مثل الناقورة وبنت جبيل والخيام، وما زال يملك كمّاً كبيراً من الصواريخ والمسيرات والذخائر، ومصانع ومنشآت محمية تحت الأرض. لكن من ناحية أُخرى، يتعرض الحزب لضغوط كبيرة من أجل تسليم سلاحه للجيش اللبناني، والتخلي عن فكرة المقاومة، والتحول إلى حزب سياسي، والاندماج في الدولة. لقد تضررت البيئة الشعبية الحاضنة للحزب بشكل كبير، وبات هناك نقاش داخلي حول جدوى استمرار الحرب ضد إسرائيل، نيابة عن الدولة اللبنانية والعرب ودعماً للمقاومة الفلسطينية، وكل ذلك على حساب الحزب والشيعة ولبنان. قدم الحزب وما زال يقدم معونات، وبعض التعويضات للمتضررين من الحرب، لكن بعد تراجع ايران ونجاح الضغوط الدولية، في منع وصول أموال ايرانية إلى الحزب، وكذلك في ظل تقلّص موارد الحزب الذاتية، بدا واضحًا أن الحزب يعاني مشكلة صعبة في إرضاء جمهوره، خاصة غير الحزبيين، وأولئك الذين تكبدوا خسائر مادية كبيرة، ويطالبون الآن بتعويضات عادلة. اضافة إلى هذه المسائل يبدو أن الشيخ نعيم قاسم، غير قادر على سد الفراغ الكبير الذي تركه استشهاد السيد حسن نصرالله، وبعض التصريحات التي ادلى بها زعماء الحزب، أعطت صورة عن عدم تماسك القيادة، وسرت شائعات عن خلل في الهرمية، لكن الحزب يؤكد أنه تم سد الفراغات في سلسلة القيادة، ومعالجة الأمر بشكل تام ونهائي. تدرك قيادة الحزب ما حصل، وحجم الضغوط التي يتعرض لها هو والدولة اللبنانية، وبالتالي لا بد من إيجاد حل لمسألة السلاح، فبناء الدولة لا يستقيم مع وجود سلاح خارج سلطتها، وهناك شبه إجماع وطني على ذلك، ولا خيار أمام الحزب، سوى التخلي عن سلاحه. لكن منطق الدولة لا يستقيم مع جيش دون سلاح، وما يحصل اليوم من استفزازات إسرائيلية للجيش اللبناني، توضح بما لا يقبل الشك، ضرورة تسليح الجيش، فالرهان على الدبلوماسية والولايات المتحدة الامريكية، في مسألة الصراع مع إسرائيل، وإجبارها على احترام سيادة لبنان، وتنفيذ القرارات الدولية، لم ولن تُجدِ نفعاً. لكن ومن ناحية ثانية، فإن مسألة تسليح الجيش، بما يلزم لمواجهة إسرائيل، أمر مكلف للغاية، فلا الدولة اللبنانية قادرة على تمويل ذلك، ولا امريكا ستسمح بتزويد الجيش اللبناني بأسلحة متطورة تهدد إسرائيل. من جهة أُخرى يدرك الحزب حجم تمثيله الشعبي، ورغبة مناصريه في استمرار دوره على الساحة اللبنانية، خاصة في ظل النظام الطائفي في لبنان، ومحاولات البعض لكسر الحزب وإقصائه، ومحاصرة الشيعة، وقد كان مشهد التشييع للأمين العام الشهيد حسن نصرالله، وخليفته السيد هاشم صفي الدين، رسالة واضحة، عبّرت عن تمسّك البيئة الشيعية بخيار المقاومة وحزب الله. صحيح أن إيران نفذت خطوة تكتيكية إلى الوراء، لكنها لن تتخلى عن حزب الله، ولا مصلحة لها في ذلك، وستستمر في دعمه، وقد تكون القوة الديموغرافية للحزب، والطائفة الشيعية تحديداً، أكثر أهمية من السلاح، خاصة في اللعبة الديموقراطية، هذه الديموقراطية التي لا بد أن يرتضيها الجميع، كأفضل الحلول المتاحة، بدلاً من الاقتتال والحرب الأهلية. يطالب حزب الله بتطبيق اتفاق الطائف كاملاً دون انتقائية، بمعنى أن تسليم السلاح، ليس البند الوحيد في الاتفاق، بل هناك تطبيق بنود أخرى، أهمها انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، وتشكيل لجنة الغاء الطائفية السياسية، وإنشاء مجلس شيوخ، وهذه مطالب تلتقي حولها شريحة واسعة من اللبنانيين، وطالب بها بالأمس، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي تيمور جنبلاط. لكن هذه البنود تشكَل تحدياً كبيراً أمام لبنان، ويعلم الجميع حجم الخلافات، وحتى أن البعض يرى أنه يستحيل في المرحلة الحالية إلغاء الطائفية السياسية، وهذا يعني استمرار الصراع الطائفي في لبنان، بين من يريد التمسّك بدولة الامتيازات والمحاصصة الطائفية، وبين من يريد دولة مدنية، استناداً إلى ما اتُفق عليه في الطائف، بعد حرب أهلية، دامت أكثر من 15 عاماً. في المحصلة يمكن القول أن حزب الله باقٍ مع أو بدون سلاح، كما أن المشكلة اللبنانية باقية ومستمرة، طالما بقي النظام الطائفي وبقيت الأحزاب طائفية، وتقاتل من أجل مصالح طوائفها المنقسمة، بدلاً من الاتحاد لتحقيق مصلحة الوطن، وإن أكثر ما يخشاه اللبنانيون اليوم، هو مغالاة البعض وتشددهم في مواقف سياسية متطرفة، تشبه العودة إلى مقولة: 'فلتكن الحرب وليربح الأقوى' التي دمرت لبنان منذ عام 1975. 2025-03-05 The post مصير حزب الله بعد الحرب!اكرم كمال سريوي first appeared on ساحة التحرير.


ساحة التحرير
٠٩-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- ساحة التحرير
معادلة ترامب وسر نجاحها!اكرم كمال سريوي
معادلة ترامب وسر نجاحها! اكرم كمال سريوي لا يمكن لرئيس الولايات المتحدة الامريكية أن يرتجل حلولاً ومشاريع على مستوى العالم، بل كل شيء مدروس بإتقان، ومن قبل فريق كبير من المفكرين، الذين يرسمون الخطط القريبة والبعيدة في أمريكا، وهم غالباً لا يُخطئون. يعلم دونالد ترامب أن مسألة ترحيل الفلسطينيين من غزة والضفة أمر مستحيل، ورغم أنه لا يهتم للقانون الدولي، ولا باتفاقية جنيف الرابعة، التي تعتبر التهجير القسري جريمة حرب، لكنه يهتم طبعاً لمصالح أمريكا، ولتنفيذ الخطط المرسومة، ويلعب دوره ببراعة للوصول إلى الأهداف. خطاب ترامب عن ترحيل الفلسطينيين، اعتمد مبدأ 'الهجوم خير وسيلة للدفاع' ويريد منه أمرين: الأول هو تحويل العرب من موقع المهاجم، المطالب بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وإنشاء دولة فلسطينية، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وحق العودة، ومعادلة 'الأرض مقابل السلام'، إلى موقع المدافع، الذي يرفض تهجير الفلسطينيين، ويطالب بوقف الحرب. بشكل أوضح، إن معادلة ترامب الجديدة، هي 'السلام والتطبيع مقابل وقف الحرب ومنع تهجير الفلسطينيين'. والأمر الثاني الذي أراد ترامب، هو إنقاذ نتنياهو، الذي تعرض بعد توقيع الإتفاق مع حماس، إلى حملة شرسة في الداخل الإسرائيلي، حيث تم اتهامه بالإخفاق والفشل في السابع من أكتوبر، ثم في حرب دامت أكثر من 15 شهراً، دون أن تقضي على حماس، أو تستعيد الأسرى، ورغم الدمار الكبير في غزة، خرجت حماس قوية وممسكة بالوضع على الأرض، هذا إضافة إلى تهم الفساد التي تلاحق نتنياهو، ومذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية، باعتباره مجرم حرب. بعد عاصفة ترامب، اختفى السجال داخل إسرائيل عن كل هذه المواضيع، وطغت مسألة ترحيل الفلسطينيين على النقاشات والتحليلات والمواقف. أراد ترامب إشغال العالم بمسائل يعلم أنها مستحيلة، من ضم كندا وغرينلاند، والسيطرة على قناة بانما، وصولا إلى ترحيل الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية، وبناء ريفيرا الشرق في غزة. هذا الخطاب يدغدغ مشاعر عدد كبير من الأمريكيين، والأهم أنه يشغل الإعلام والرأي العام والمسؤولين العرب، عن المواضيع الأساسية، ويجعلهم يشعرون أنهم انتصروا، وحققوا إنجازاً، بمنع تهجير الفلسطينيين، فيبيع ترامب للعرب إنجازاً وهمياً ومن 'كيسهم'، مقابل موافقتهم على التطبيع مع إسرائيل، وفتح الطريق 'طريق السلام' من الهند إلى الخليج مروراً بحيفا بوابة الشرق الجديد نحو أوروبا. وفي خضم الفوضى السياسية والعاصفة الإعلامية التي أثارها ترامب، قد يسهل تمرير المشروع الرئيسي لإسرائيل، بضم الضفة الغربية، كما حدث بضم الجولان والقدس المحتلة. هذا ما سيحصل إذا وقع العرب في فخ ترامب، وسر نجاح خطته تكمن في جر العرب إلى النقاش في هذا الأمر والدفاع عن موقفهم الرافض لترحيل الفلسطينيين. والحل الوحيد أمام العرب ليس الدخول في نقاش مع الأمريكي حول هذه المسائل والتصريحات، بل بموقف حازم ورفض أي نقاش مع ترامب في هذه المسألة، واعتبار تصريحاته كأنها لم تكن، وحصر جدول أعمال أي اجتماع بين الرؤساء العرب وترامب أو الموفدين الأمريكين حول فلسطين، بضرورة وقف الإبادة، والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، كمدخل لأي عملية سلام. 2025-02-09 The post معادلة ترامب وسر نجاحها!اكرم كمال سريوي first appeared on ساحة التحرير.