logo
#

أحدث الأخبار مع #كنفاني

"كنفاني".. شهيد القضية الفلسطينية (3 – 3)
"كنفاني".. شهيد القضية الفلسطينية (3 – 3)

مصراوي

time٠٥-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • مصراوي

"كنفاني".. شهيد القضية الفلسطينية (3 – 3)

أنهينا مقالنا السابق بالتساؤل: وما علاقة المرأة بأدب كنفاني؟ قد يتعجب القراء الأعزاء، ويتبادر إلى أذهان البعض أنه سؤال بلا قيمة أو سؤال تشويقي لقراءة المقال القادم، إلا أن هذا التساؤل يكشف لنا جانبًا مهمًا من أدب كاتبنا العظيم. عزيزي القارئ، لما كانت المرأة عنصرًا إنسانيًا فاعلًا في المجتمع، وركنًا أساسيًا من بناء الشعب، فقد أعطاها غسان كنفاني اهتمامًا خاصًا، ونظرة متفردة بدت في أعماله بصور مختلفة، فهي جزء من صور الثورة والمقاومة والرفض أيضًا. كما أن المرأة في أدب غسان كنفاني تحتل جزءًا أساسيًا من وعيه الإيديولوجي وثقافته التي بنى شخصيته الأدبية والسياسية عليها، فكانت تشكل في عالمه الأدبي الخاص معادلًا موضوعيًا لأرض فلسطين في صورتها الإيجابية في مقابل أرض المنفى والمخيم في بعدها السلبي. ولهذا فإن المرأة في أدب غسان كنفاني مرتبطة بالأرض في معظم تجلياتها وأبعادها، وقد عبر الأديب عن هذه الفكرة بأكثر من أسلوب، سواء في روايته أم في قصصه القصيرة أم في مسرحياته، وحتى في رسائله إلى غادة السمان، على اعتبار أن تلك الرسائل تدرس في باب الأدب تحت ما يعرف بــ: أدب الرسائل. فالمرأة الكنفانية مرتبطة بالأرض الفلسطينية في معظم وجوهها وصورها. فجاءت المرأة في أدبه نتاجًا لتلك العلاقات النصية والثقافية التي تعبر عن واقع الفلسطيني والنضال المستمر من أجل تغييره وإحلال عالم السعادة والحب مكان المعاناة والحرب. ولذلك وجدنا في غسان كنفاني أنه ليس مجرد علامة مضيئة في تاريخنا المعاصر، بل هو يحمل بذور الكشف عن المسار الصحيح لعلاقتنا بهذا التاريخ. فكنفاني يقع بالضبط في نقطة التقاء الفجيعة والحلم، هذه النقطة التي تُسمى في لغة السياسة بـ "الممارسة". في هذه النقطة لم يكن الأدب ممارسة لعلاقة الإنسان بذاته أو بغيره من الناس، بل كان علاقة حميمية بالبحر الجماهيري الذي يختزن أعظم الطاقات، والذي يحمل في أحشائه فجر التحولات الجذرية. في نقطة اللقاء هذه كتب كنفاني الأدب، ممارسة تاريخية، في أقسى الظروف النضالية التي يمر بها شعب من الشعوب. «المخيم»، «الهجرة»، «المقاومة» ليست عناوين لروايات كنفاني وقصصه. إنها العصب الذي يشد الكلمات، فتخرج مليئة بطاقة الفعل، قادرة على طرح العديد من الأسئلة، وإن لم تكن قادرة على الإجابة عليها جميعًا. فنجد في كتابة كنفاني علاقة دائمة بين طرفين: القطيعة والاستعادة. القطيعة بوصفها رفضًا للماضي، رفضًا للمخيم والهجرة وقيمها التي تستلب الفلسطيني وتحيله لاجئًا. والاستعادة بوصفها اكتشافًا لجميع القيم الفضائلية الموجودة خلف ظاهرة المخيم. هذه العلاقة هي التي جعلت لكتابات كنفاني حضورًا مذهلًا. إنه الحضور وسط الآلام ووسط الدماء التي يدفعها الفلسطيني في احتفال ثوري جماعي في مواجهة لحظة الانحطاط في حياتنا العربية. ومن أبرز ما كتب كنفاني: "عالم ليس لنا"، "من قتل ليلى الحايك"، مسرحية "الباب"، "مسرحية "القبعة والنبي"، كتاب "عن الرجال والبنادق"، "كتاب "القميص المسروق، "موت سرير رقم 12"، "أرض البرتقال الحزين"، مقالات "فارس فارس"، رواية "عائد إلى حيفا"، رواية "رجال في الشمس"، "الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال"، رواية "أم سعد"، "رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان"، "الأدب الفلسطيني تحت الاحتلال 1948 – 1968م"، "في الأدب الصهيوني"، "ثورة 1936م". وفي الثامن من يوليو سنة 1972م، يخرج غسان من بيته بصحبة ابنة أخته (لميس) مُودعًا زوجته (آني) الوداع الأخير من حيث لا يشعر، حيث الموت الذي ينتظره في سيارته المفخخة. فتسمع (آني) صوت الانفجار الذي هز المكان هزًا بعد لحظات، فتتراكض الجماهير لالتقاط أشلائه، حيث يده التي سطرت تاريخ الشعب الفلسطيني، بثورته وعناده وألمه، تنتزع انتزاعًا عن جسده... مُعلنة شهادته. وأخيرًا، لقد رسم غسان كنفاني ملامح البطل الفلسطيني بكل أبعاده، ضمن رؤية ذكية تستشرف مستقبل القضية الفلسطينية، عندما كان أدبه رصدًا لتطور المراحل الزمنية التي مرت بها القضية، فكان واعيًا بأهمية التجربة الأدبية، من خلال أعماله الروائية والقصصية. ولهذا نجد غياب غسان كنفاني ليس إلا حضورًا من نوع جديد، ومعه ندرك أتم الإدراك "أن طريق الخلاص هو أن يصبح كل عربي فلسطينيًا، وكل فلسطيني عربيًا".

غسان كنفاني و الادب الثقافي السياسي المقاوم
غسان كنفاني و الادب الثقافي السياسي المقاوم

وطنا نيوز

time١٥-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • وطنا نيوز

غسان كنفاني و الادب الثقافي السياسي المقاوم

د محمد العزة صفحة الذكريات على الفيس بوك ، تذكرني بالتاسع من نيسان ذكرى ميلاد الكاتب المناضل غسان كنفاني ، مؤسس الادب المقاوم الفلسطيني و العربي ، في ذلك اليوم من العام الماضي أقمت مقاربة ما بين كنفاني هناك و مابين ناهض حتر هنا و ما يجمعهما من جرأة وشجاعة في صدق المنطق و صراحة الطرح دفاعا عن الاوطان في أوقات السلم أو الحرب. هدف هذا المقال تسليط الضوء على الدور النضالي الذي تلعبه الثقافة و الأثر العميق القوي الذي تزرعه في ذاكرة الشعوب و تتركه في فكر معادلة الصراع مع العدو الصهيوني ، مما يرفع مستوى الوعي القادر على صناعة الرأي العام المؤثر الصحيح و ليس المضلل ، و هذا اكثر ما يخشاه العدو الصهيوني الفاشي الكولونيالي على صورته من الاهتزاز داخل المجتمع الغربي ، حتى أنه في غزو لبنان أحرق أكثر من 25 الف كتاب داخل مكتبة مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير ، و هذا ما يفسر اغتيال الكيان الصهيوني لغسان كنفاني بالعبوة الناسفة ليضمن أن لا يبقى من يده و لسانه اي اثر ، ناسيا أن الجسد يرحل لكن الفكر لا تموت ، فكان النسف للتأكد من عدم عودة ذلك اللاجيء الذي امتلك وثيقة حق العودة بقرار 194 الأممي و كرت المؤون لوكالة الانروا ، ليغادر في رحلته الاخيرة على طائر الموت بتأشيرة موسومة بختم اللاعودة متجها نحو الحياة الأبدية هناك مع الاحياء ، هناك حيث لا يوجد كتابة أو التذكير بالعدو الصهيوني و ممارساته الوحشية و أهدافه التوسعية الاستعمارية و حقيقته الوظيفية ، و هذا ما يؤكد أن الأدب المقاوم هو أحد أوجه النضال ضد الاحتلال ، وأنه ليس حكرا على البندقية والنضال المسلح ، و ليس بديلا عنه بل يشكل معه منظومة و سبيكة مصنوعة من انواع عدة متنوعة من أساليب النضال لتشكل وحدة واحدة داخل مشروع تحرر وطني متكامل العدة و العتاد ، كما كان كنفاني يطارد جرائم الكيان الإسرائيلي بقلمه و يفضح فظائع جرائمه ضد الشعب الفلسطيني ، كانت هناك ريشة ناجي العلي و قرطاسيته ترسم ملامح الجوع و الخوف و الالم و المشي على ارجل عارية بلا أحذية ، أحذية لعنت وستظل تلعن أباطرة الحرب و رموز الاستعمار و عرابي الاستيطان ، تلعن تجار الأديان الذين اينما وجدوا حل الدمار ، لتكشف زيف خطابهم الذي وعدوا فيه الناس على لسان ربهم أنهم في الاعلى أكثر امان في الجنان ، لكنهم لا يملكوا ضمانات وعودهم على الأرض والسبب بسيط أن الله لا يعرف الكذب ، لكن الإنسان يعرفه ويراهن دائما على ذاكرة الزمان لدى نظيره في الخلق و على نعمة النسيان . في غزة يقطع حبل الحياة عن أطفالها تتركهم يهو نحو احضان الموت في اعتراف صارخ و تعبير صريح منها عن طبيعتها القاسية الفانية ، التي لا تستحق كل هذا الالم و التعذيب والقتل و التمزيق لاجسادهم البالية ، أجساد إبلاها الجوع و العطش و القتل و طول الصراع و حسابات الربح و الخسارة الاستراتيجية التكتيكية التي فرضت عليهم القبول بالعيش تحت وطأة الصمت و الموت و تحت طائلة المسؤولية لمن ينتهك حدود مساحة الحرية المحرمة أو المطالبة بالعيش في كرامة لا سمح الله على هذه الفانية أو على الأقل بقطعة قماش ناعمة تلف اجسادهم الطاهرة المنهكة العارية عند دفنهم ، وان لم تتوفر ، يطالبوا بأن لا ينزع عنهم ثيابهم و أحزمتهم القماشية المتشبثة بخصرهم المدافعه الساترة لعوراتهم ، التي تخفي تحتها قصة تحكي عن براءة طفولتهم و معاناتها ، تلك القصة التي اسقطت الستار عن عورات و شعارات الكثير من وكلاء و كمبرادورات الحرب الناطقين باسم الرب و الدين المدعين الدفاع عن الإنسانية و معادات السامية و عن الحب و السلام و خطاب الكراهية في زمن الحرب ، لينطق الواقع على أرض الحقيقة بوصفهم وحوشا بشرية ، تقتات على معاناة و نكبات الشعوب و انهيار مجتمعاتها لضمان تربعهم على واجهة الوصاية السياسية و حجز المقاعد في الصفوف الأمامية على طاولة المفاوضات غايتهم منها اخذ حصتهم عند تقسيم الغنائم . لتظل رسالتنا كما قالها كنفاني ذات يوم ، رغم الظلم لكننا 'سنعيش اطول من هذا الكيان '، وان رحلت أجسادنا ستظل ارواحنا تطوف المكان لأننا أصحاب الأرض والعنوان. في السياق ذاته انتهز هذا المقال لأعرج على الحوار الذي جمع د محمد القطاطشة و د مصطفى البرغوثي على أحد الفضائيات، و قد سنحت لي الفرصة في الماضي بالالتقاء مع د البرغوثي رئيس المبادرة الوطنية للديمقراطية ، حيث استمعنا منه الى شرح و تحليل عميق مطول حول أوضاع الداخل الفلسطيني و اخر المستجدات على ساحته و توقع سيناريوهات الحل ، كل ما قاله القطاطشة و البرغوثي صحيح ينضح و ينبع من ذات القناعة و يفصح عن ذات الواقع لكن لعل د مصطفى البرغوثي لم يصرح بكل شيء عن رأيه السياسي و رؤيته تجاه الوضع العام الحالي . على صعيد المقاومة هو يتفق و نتفق معه أن النضال ضد الكيان الإسرائيلي لا يقتصر على النضال المسلح فقط ، بل تتعدد اشكاله إلى كل ماهو متاح لتنجب صور عبقرية اخرى من صور النضال الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية و السياسية المقاومة الاشد تأثيرا و أقل كلفة على الفلسطيني خاصة في ظل الاستهداف الممنهج بشكل غير مسبوق للديمغرافيا ، الامر الذي يوجب اتخاذ كافة التدابير للحفاظ عليها و تجنب القيام بأي مغامرات غير محسوبة بدقة . لعل د مصطفى البرغوثي يفاجئنا ذات يوم و الاعلان بقبول حل الدولة الفلسطينية الديمقراطية الواحدة بعد الإفصاح عن قناعته بسقوط خيار حل الدولتين و بعد فشل اسلو من وجهة نظره و غسل يداه منها ، ليطالب بحل يستقيم و تحقيق المفهوم الحقيقي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، و الذهاب نحو إدارة تكنوقراط لتكون البوابة لتثبيت الوضع السياسي و الاعتراف باثنيتين الذي قد يكون الوسيلة الأنسب للحفاظ على الشعب الفلسطيني وثباته فوق ترابه الوطني التاريخي على أرضه ، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي العنصري و رفض الاستسلام له و الهجرة عنها . قد لا يقتنع العديد بهذا الطرح، لكنها الطمأنينة ذاتها التي أعطيت لام موسى و ما أوحي لها أن تلقيه في اليم يلتقطه عدو لي و لك و تصديقا لقوله تعالى (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ )(7) صدق الله العظيم

غسان كنفاني و الادب الثقافي السياسي المقاوم
غسان كنفاني و الادب الثقافي السياسي المقاوم

عمون

time١٢-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • عمون

غسان كنفاني و الادب الثقافي السياسي المقاوم

صفحة الذكريات على الفيس بوك ، تذكرني بالتاسع من نيسان ذكرى ميلاد الكاتب المناضل غسان كنفاني ، مؤسس الادب المقاوم الفلسطيني و العربي ، في ذلك اليوم من العام الماضي أقمت مقاربة ما بين كنفاني هناك و مابين ناهض حتر هنا و ما يجمعهما من جرأة وشجاعة في صدق المنطق و صراحة الطرح دفاعا عن الاوطان في أوقات السلم أو الحرب. هدف هذا المقال تسليط الضوء على الدور النضالي الذي تلعبه الثقافة و الأثر العميق القوي الذي تزرعه في ذاكرة الشعوب و تتركه في فكر معادلة الصراع مع العدو الصهيوني ، مما يرفع مستوى الوعي القادر على صناعة الرأي العام المؤثر الصحيح و ليس المضلل ، و هذا اكثر ما يخشاه العدو الصهيوني الفاشي الكولونيالي على صورته من الاهتزاز داخل المجتمع الغربي ، حتى أنه في غزو لبنان أحرق أكثر من 25 الف كتاب داخل مكتبة مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير ، و هذا ما يفسر اغتيال الكيان الصهيوني لغسان كنفاني بالعبوة الناسفة ليضمن أن لا يبقى من يده و لسانه اي اثر ، ناسيا أن الجسد يرحل لكن الفكر لا تموت ، فكان النسف للتأكد من عدم عودة ذلك اللاجيء الذي امتلك وثيقة حق العودة بقرار 194 الأممي و كرت المؤون لوكالة الانروا ، ليغادر في رحلته الاخيرة على طائر الموت بتأشيرة موسومة بختم اللاعودة متجها نحو الحياة الأبدية هناك مع الاحياء ، هناك حيث لا يوجد كتابة أو التذكير بالعدو الصهيوني و ممارساته الوحشية و أهدافه التوسعية الاستعمارية و حقيقته الوظيفية ، و هذا ما يؤكد أن الأدب المقاوم هو أحد أوجه النضال ضد الاحتلال ، وأنه ليس حكرا على البندقية والنضال المسلح ، و ليس بديلا عنه بل يشكل معه منظومة و سبيكة مصنوعة من انواع عدة متنوعة من أساليب النضال لتشكل وحدة واحدة داخل مشروع تحرر وطني متكامل العدة و العتاد ، كما كان كنفاني يطارد جرائم الكيان الإسرائيلي بقلمه و يفضح فظائع جرائمه ضد الشعب الفلسطيني ، كانت هناك ريشة ناجي العلي و قرطاسيته ترسم ملامح الجوع و الخوف و الالم و المشي على ارجل عارية بلا أحذية ، أحذية لعنت وستظل تلعن أباطرة الحرب و رموز الاستعمار و عرابي الاستيطان ، تلعن تجار الأديان الذين اينما وجدوا حل الدمار ، لتكشف زيف خطابهم الذي وعدوا فيه الناس على لسان ربهم أنهم في الاعلى أكثر امان في الجنان ، لكنهم لا يملكوا ضمانات وعودهم على الأرض والسبب بسيط أن الله لا يعرف الكذب ، لكن الإنسان يعرفه ويراهن دائما على ذاكرة الزمان لدى نظيره في الخلق و على نعمة النسيان . في غزة يقطع حبل الحياة عن أطفالها تتركهم يهو نحو احضان الموت في اعتراف صارخ و تعبير صريح منها عن طبيعتها القاسية الفانية ، التي لا تستحق كل هذا الالم و التعذيب والقتل و التمزيق لاجسادهم البالية ، أجساد إبلاها الجوع و العطش و القتل و طول الصراع و حسابات الربح و الخسارة الاستراتيجية التكتيكية التي فرضت عليهم القبول بالعيش تحت وطأة الصمت و الموت و تحت طائلة المسؤولية لمن ينتهك حدود مساحة الحرية المحرمة أو المطالبة بالعيش في كرامة لا سمح الله على هذه الفانية أو على الأقل بقطعة قماش ناعمة تلف اجسادهم الطاهرة المنهكة العارية عند دفنهم ، وان لم تتوفر ، يطالبوا بأن لا ينزع عنهم ثيابهم و أحزمتهم القماشية المتشبثة بخصرهم المدافعه الساترة لعوراتهم ، التي تخفي تحتها قصة تحكي عن براءة طفولتهم و معاناتها ، تلك القصة التي اسقطت الستار عن عورات و شعارات الكثير من وكلاء و كمبرادورات الحرب الناطقين باسم الرب و الدين المدعين الدفاع عن الإنسانية و معادات السامية و عن الحب و السلام و خطاب الكراهية في زمن الحرب ، لينطق الواقع على أرض الحقيقة بوصفهم وحوشا بشرية ، تقتات على معاناة و نكبات الشعوب و انهيار مجتمعاتها لضمان تربعهم على واجهة الوصاية السياسية و حجز المقاعد في الصفوف الأمامية على طاولة المفاوضات غايتهم منها اخذ حصتهم عند تقسيم الغنائم . لتظل رسالتنا كما قالها كنفاني ذات يوم ، رغم الظلم لكننا "سنعيش اطول من هذا الكيان "، وان رحلت أجسادنا ستظل ارواحنا تطوف المكان لأننا أصحاب الأرض والعنوان. في السياق ذاته انتهز هذا المقال لأعرج على الحوار الذي جمع د محمد القطاطشة و د مصطفى البرغوثي على أحد الفضائيات، و قد سنحت لي الفرصة في الماضي بالالتقاء مع د البرغوثي رئيس المبادرة الوطنية للديمقراطية ، حيث استمعنا منه الى شرح و تحليل عميق مطول حول أوضاع الداخل الفلسطيني و اخر المستجدات على ساحته و توقع سيناريوهات الحل ، كل ما قاله القطاطشة و البرغوثي صحيح ينضح و ينبع من ذات القناعة و يفصح عن ذات الواقع لكن لعل د مصطفى البرغوثي لم يصرح بكل شيء عن رأيه السياسي و رؤيته تجاه الوضع العام الحالي. على صعيد المقاومة هو يتفق و نتفق معه أن النضال ضد الكيان الإسرائيلي لا يقتصر على النضال المسلح فقط ، بل تتعدد اشكاله إلى كل ماهو متاح لتنجب صور عبقرية اخرى من صور النضال الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية و السياسية المقاومة الاشد تأثيرا و أقل كلفة على الفلسطيني خاصة في ظل الاستهداف الممنهج بشكل غير مسبوق للديمغرافيا ، الامر الذي يوجب اتخاذ كافة التدابير للحفاظ عليها و تجنب القيام بأي مغامرات غير محسوبة بدقة . لعل د مصطفى البرغوثي يفاجئنا ذات يوم و الاعلان بقبول حل الدولة الفلسطينية الديمقراطية الواحدة بعد الإفصاح عن قناعته بسقوط خيار حل الدولتين و بعد فشل اسلو من وجهة نظره و غسل يداه منها ، ليطالب بحل يستقيم و تحقيق المفهوم الحقيقي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، و الذهاب نحو إدارة تكنوقراط لتكون البوابة لتثبيت الوضع السياسي و الاعتراف باثنيتين الذي قد يكون الوسيلة الأنسب للحفاظ على الشعب الفلسطيني وثباته فوق ترابه الوطني التاريخي على أرضه ، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي العنصري و رفض الاستسلام له و الهجرة عنها . قد لا يقتنع العديد بهذا الطرح، لكنها الطمأنينة ذاتها التي أعطيت لام موسى و ما أوحي لها أن تلقيه في اليم يلتقطه عدو لي و لك و تصديقا لقوله تعالى (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ )(7) صدق الله العظيم

الرهان أولاً على الناس
الرهان أولاً على الناس

قاسيون

time٠٧-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • قاسيون

الرهان أولاً على الناس

بارودة هو كل ما احتاجه السوريون، لإعادة ترتيب أوراقهم، والتأكيد على إمكانية الحل، وعلى إمكانية الاختيار بين واقعين، يملأ أحدهما ضجيج اليأس والفرقة والانقسام، بينما يدعو الثاني إلى الوحدة والبناء. هكذا اعادت بارودة أبناء الجنوب السوري فتح صندوق الذاكرة الجمعية السورية على قواسم مشتركة وأعادت الكشف عن مخزون جمعي لا تخطئ بوصلته في معرفة العدو الحقيقي. وصححت مسار التصويب على مكان آخر، هو مصدر الهزيمة الأصلية والبؤس الأصلي. شيفرة ودلالة على موقف في رواية أم السعد لا يكتفي كنفاني بتحويل السلاح إلى معادل جمالي للحياة الحرَّة. بل يهدي روايته (أم سعد) إلى أم سعد، مقدماً بذلك رسالة لها دلالات عميقة يظهره النص الكامل للإهداء «إلى أم سعد، الشعب المدرسة»، توضح تفاصيل الرواية وحوارات شخصياتها أمثولة الشعب المعلم، في رسالة «غرامشية»، إلى النخب المنفصلة عن الناس وعن الشعب رغم استخدامها المتكرر له في طروحاتها، آملة في تعلّم هذه النخب أن الشعب هو المدرسة والنظرية الحقيقية وأنه يطرح نظريته بالممارسة المباشرة وليس بالكلام فقط. يؤمن كنفاني بتكامل الأدوار بين الشعب وطليعته أو مثقفه الثوري، مثقف يؤمن بمدرسة الجماهير ولا يبخسها حقها تقول أم السعد: «أنت تكتب رأيك، أنا لا أعرف الكتابة، ولكني أرسلت ابني إلى هناك، قلت بذلك ما تقوله أنت أليس كذلك؟». لا تقف أم السعد مكتوفة الأيدي بل تأخذ موقفاً، وتقول كلمتها بإرسال ابنها وفلذة كبدها، إلى العمل المسلّح، ليكتب بدمه حكاية شعب يرفض الاستسلام، ويستبدل اليأس والإحباط بالأمل في تحقيق النصر. بلغة واضحة وشفافة يصف غسان نهوض المخيم وانتفاضه على البؤس وإعلان رفض الهزيمة، من خلال دخول العمل الفدائي إلى المخيمات، يشرح تهاوي القواعد الاجتماعية والقيم القديمة التي كانت من أسباب الهزيمة، ويعلن عن قيم أخرى ثورية مستمدة من واقع جديد يرفض المهادنة والاستسلام للقدر. تصبح رصاصة ابنها تعويذة للتغير. تستبدل أم سعد حجابها القديم الذي كتبه لها شيخ ما برصاصة سعد المخبأة في فراشه، تقول معبرة عن وعي فطري: «صنعه لي شيخ عتيق منذ كنا في فلسطين وذات يوم قلت لنفسي: إن ذلك رجل دجال بلا شك... حجاب، إني أضعه منذ كان عمري عشر سنين، ظللنا فقراء وظللنا نهترئ بالشغل وتشردنا...». «لا مكان للمحتلّ على أرضنا» تحمل البارودة رمزية خاصة عندما تتوجه إلى العدو. وتقف في وجه المحتل وتمنعه من تدنيس البلاد. يوقن السوريون أنّ نوى وتل الحارة وكويا وجبل الشيخ... إلخ، ليست مجرد أسماء أماكن وقرى في المنطقة الجنوبية السورية، إنها أسماء تختزل فكرة ومعنى المقاومة وتحرير الأرض، وتنعش الذاكرة ليس فقط حول مواجهة العدو، بل ضرورة توحيد السلاح في هذه المواجهة. وأن الدماء التي روت أرض الجنوب هي رسالة واضحة للعدو وجيشه بأن الأرض السورية محرّمة على المحتلّ وأنه سيواجه بمقاومة شعبية مفتوحة لن تتوقف إلا بتحريرها. ما يحتاجه السوريون اليوم أكثر من أي وقت مضى هو توحيد صفوفهم. وهو ما عبروا عنه بعد الغارات التي قام بها الكيان الصهيوني مؤخراً على مناطق مختلفة من البلاد، وبالمشاركة الواسعة في تشييع شهداء الجنوب السوري. بلغة محكمة لا تقبل التأويل، جميلة وسلسة عبر السوريون عمّا يريدونه فعلاً، «تسقط إسرائيل ولا تسقط درعا»، «ولا مكان المحتلّ على أرضنا» عبارات رفعها مشاركون في تشييع شهداء بلدة نوى التي منع أهاليها تقدم قوات الكيان الصهيوني بأسلحتهم الفردية، وأجبرها على التراجع والانسحاب إلى المواقع التي أتت منها بعد اشتباكات عنيفة أقرّ جيش الاحتلال في بيان له بأن قواته لم تتمكن من التوغل داخلها وتعرّضت لإطلاق نار كثيف، وكان رد جيش الاحتلال على مصادر النيران بضربات جوية ومدفعية مكثّفة، طالت المناطق السكنية في البلدة. وكانت قد سبق ما جرى في بلدة «نوى» ملحمة صمود أخرى قام بها أهالي بلدة «كويا» بريف درعا الغربي، بعد أن واجهوا آليات جيش الاحتلال وأسلحته الثقيلة بأسلحتهم الفردية، ومنعوا تقدم القوات «الإسرائيلية» في بلدتهم، وأجبروها على الانسحاب. ما قام به أبطال هذه البلدات وشهداؤها يثبت أنه يمكن الرهان على الناس وأبناء البلاد، والحياة أثبتت أن الجماهير المقاومة هي القادرة على تحقيق الانتصار وتحويله إلى حقيقة واقعة.

أبغض الحلال
أبغض الحلال

الجزيرة

time٠٢-٠٤-٢٠٢٥

  • منوعات
  • الجزيرة

أبغض الحلال

"إن أبغض الحلال عند الله الطلاق" هذا الحديث النبوي الشريف يدل على أن ترك الطلاق أفضل إذا لم تدعُ الحاجة إليه، وما جعلني أكتب هذا المقال هو قراءتي عنوان كتاب يشبه مقولة "الطلاق انطلاقة نجاح باهر"! لا أريد ذكر اسم الكتاب ولا المؤلفة حتى لا يُحسَب عليَّ ترويجٌ، ولا أريد ذكر ما يروّج له عن احتفاليات الطلاق، والإعلان عنه كأنه فرصة العوض الجميل، وبداية الحياة الرائعة الناجحة، وأن الزواج هو مقبرة السعادة. ولا أريد أيضًا تصوير الطلاق على أنه نهاية الحياة وبداية المأساة وفشل يضاف إلى حياة الفرد.. الطلاق ليس فشلًا ولكنه مشكلة، خصوصًا في حال وجود أطفال، وهو عقبة تترك أثرها في الشخص، والبعض يمرضون ويحتاجون إلى دعم ومساعدة. وهو لا يعني أيضًا أن الدنيا ستفتح لك الأبواب على مصراعيها، وهو تجربة لا تستدعي كتابة كتاب يحفزك على الطلاق، ويصوره كتجربة نجاح تواجه بها المجتمع! ثم أي مجتمع؟ لقد تطورنا ولم يعد أحد مشغول بأحد، كل شخص مشغولٌ بدنياه ومشاكله الخاصة.. ستثبت لمن؟ وتواجه من؟ واجه نفسك وتحدَّ نفسك وانشغل بها، ودعك من الانشغال بنظرات الناس؛ فأنت تتعامل مع مجتمع من مختلف الأطياف والطبقات والثقافات. الدنيا انفتحت على بعضها، ولا أتوقع أنه إذا خاض شخص تجربة الطلاق فقد وُضع تحت المجهر كالسابق؛ فالموضوع لا يستدعي كتابة كتاب لوصف الطلاق كتجربة ناجحة وباب للعوض الذي يغلقه الزواج، ولكن لا أستغرب ذلك؛ فنحن في زمن يُلهث فيه وراء النقود، وأنا إذا دفعت المبلغ اللازم سأنشر ما أشاء من الكتب التي تحمل أفكارًا لا يعلم بها إلا الله. لماذا أصبح الزواج يُصوَّر على أنه ارتباط ثقيل وروتين ممل ومصدر للمشاكل، والطلاق يُصوَّر على أنه سعادة وانفتاح وحرية؟ لا أعرف حرية من ماذا؛ فالإنسان منذ اليوم الأول في حياته عليه واجبات وارتباطات، والتزامات الحياة لا تخلو من ذلك. الزواج له متطلبات ومشكلات والتزامات، والطلاق له متطلبات وعقبات ومشكلات والتزامات، وإذا كنا نقارن حياتنا بما نشاهده على الشاشات -باختلاف أنواعها- فهنا المشكلة الحقيقية، هنا الفراغ الذي يؤدي بصاحبه في النهاية إلى فراغ روحي ونفسي أكبر، سواء أكان متزوجًا أم مطلقًا، والمشكلة أن تتحول تفاهة الشاشات إلى ثقافة تُكتب في كتب، ويروج لها على أنها غذاء روحي ثمين، ويرفد قارئه بتجربة نفيسة. إني أحن بصدق إلى روائيين وكُتّاب مثل كنفاني والعقاد وغيرهما، ممن كانوا عندما يؤلفون الكتاب يأخذون على عاتقهم مسؤولية فكرهم الواعي، وإثراء قارئهم بمختلف المعلومات والأفكار التي تغذي الروح فعلًا. أما اليوم، فنحن أصبحنا نخاف على أنفسنا وأبنائنا من الكتب أيضًا، فأنت مطالب بأن تدفع ابنك للقراءة، ولكنك مطالب أيضًا بمعرفة ما يقرأ. عندما كنت في عمر ابنتي، كانت القصص البوليسية والألغاز تُعتبر من الأشياء التي لا تثري قارئها، ولا تسمن ولا تغني من جوع، ولكني عندما أجد ابنتي اليوم تقرأ كتابًا يدعو للطلاق، ويمثله على أنه تجربة رائعة ونجاح أتحدى به المجتمع، أتساءل: كيف ستتحمل مستقبلًا أعباء الزواج ومسؤولية الأسرة؟ لقد أصبح الإنسان مطالبًا بمتابعة كل كتاب وقصة ومقالة، فلم يعد الخطر قادمًا فقط من الشاشات، بل أيضًا من الكتب. إذا كان الطلاق ممتعًا والحرية رائعة إلى هذا الحد، فلماذا نتزوج؟ للإنجاب الشرعي مثلًا؟! إذا أنجبنا فمن سيربي؟ هل ستكون التربية أفضل عندما تكونين "سينغل ماما" أو "سينغل داد"؟ إن الفكرة كبيرة، وتندرج تحتها نشأة جيل لا يتحمل مسؤولية نفسه، فضلًا عن أن يتحمل مسؤولية فرد. الموضوع معقد ويحمل الكثير من الأفكار الهادمة للمجتمع وتفكك الأسر. أعود وأقول إن كل إنسان له تجربته، والطلاق تجربة صعبة، وأحيانًا لا يوجد حل آخر، لكنها تختلف عما نشاهده على الشاشات… وسواء اخترت الزواج أو الطلاق، كن على قدر المسؤولية، ولا تعمم تجربتك على أنها إكسير السعادة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store