٢٧-٠٧-٢٠٢٥
الطموح الأخضر المغربي يثير مخاوف إسبانيا... والهيدروجين في قلب المنافسة
في ظل التحولات المتسارعة التي يعرفها الاقتصاد العالمي، وفي خضم بحث الاتحاد الأوروبي عن شركاء جدد أكثر استقراراً وقرباً جغرافياً لضمان أمن سلاسل التوريد، تبرز المملكة المغربية كخيار استراتيجي واعد، يجمع بين الاستقرار السياسي، والموقع الجغرافي المتميز، والبنية التحتية المتطورة، والطموح المتصاعد نحو التحول الطاقي والصناعي.
وتمكن المغرب، خلال السنوات الأخيرة، من ترسيخ موقعه كمركز صناعي مستدام، ينافس اقتصادات كبرى على غرار الصين والولايات المتحدة ودول الخليج، مستفيداً من إمكاناته الطبيعية الغنية، وخاصة على مستوى الطاقة الشمسية والريحية، التي جعلت منه فاعلاً صاعداً في مجال الطاقات المتجددة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ويكمن تميز النموذج المغربي في كونه لا يقتصر على إنتاج الطاقة النظيفة من مصادر متجددة، بل يسعى إلى دمجها في نسيج اقتصادي متنوع، يمتد من صناعة السيارات الكهربائية وتطوير الأسمدة، إلى الفلاحة المتقدمة، واستغلال المعادن الاستراتيجية، مرورا بتكنولوجيا الهيدروجين الأخضر التي باتت تشكل أحد أبرز الرهانات الدولية للانتقال الطاقي.
في هذا السياق، كشفت صحيفة "لا راثون" الإسبانية، في تقرير حديث، عن مساعٍ مغربية متقدمة لتعزيز موقع المملكة كمنافس منخفض التكلفة لإسبانيا.
وأبرز التقرير أن المغرب بصدد إطلاق مشروع ضخم مخصص لإنتاج الهيدروجين الأخضر، على السواحل الأطلسية لجهة كلميم واد نون، وذلك بشراكة مع تحالف دولي يضم المجموعة الفرنسية "توتال إنرجي" وشركتها التابعة "إيرين"، إلى جانب شركاء دنماركيين هما "كوبنهاغن إنفراستركتشر بارتنرز" و"A.P. Møller Capital".
ويرتكز المشروع، حسب الصحيفة، على إنشاء قدرة إنتاجية تبلغ 1 غيغاواط من الطاقات الشمسية والريحية البرية، سيتم استخدامها في توليد الهيدروجين الأخضر عبر التحليل الكهربائي لمياه البحر المحلاة.
ويطمح هذا المشروع إلى إنتاج ما يناهز 200 ألف طن سنوياً من الأمونياك الأخضر، الموجه إلى السوق الأوروبية، وهو ما من شأنه أن يجعل من المغرب منصة مرجعية في هذه التكنولوجيا على مستوى القارة الإفريقية، حسب التقرير ذاته.
ويؤكد هذا الانخراط الدولي حجم الثقة التي بات المغرب يحظى بها كوجهة موثوقة وآمنة للاستثمار في قطاع الطاقة النظيفة، خصوصاً في ظل توجه أوروبا المتسارع نحو الاستغناء عن مصادر الطاقة الأحفورية، واعتماد حلول بديلة تتماشى مع أهداف "الصفقة الخضراء" الأوروبية.
ويتماشى هذا المشروع الطموح، حسب التقرير الاسباني، مع الاستراتيجية الوطنية للطاقة التي أطلقها المغرب قبل أكثر من عقد، والتي تهدف إلى رفع حصة الطاقات المتجددة إلى 52% من القدرة الكهربائية المركبة بحلول عام 2030، مقارنة بنسبة 37.6% حالياً.
كما تستهدف المملكة، حسب لاراثون إنتاج 10 غيغاواط من الطاقة النظيفة بحلول نهاية العقد الجاري، وهو ما يكفي لإنتاج مليون طن سنوياً من الهيدروجين الأخضر.
وإذا تحقق هذا الهدف، حسب التقرير الاسباني، فإن المغرب سيكون مؤهلاً لتأمين ما نسبته 5% من الطلب الأوروبي على الهيدروجين، مع إمكانية التفوق على إسبانيا بنسبة تصل إلى 30% بحلول عام 2050.
وفي هذا السياق، أكد التقرير على أن المغرب، بحكم موقعه وبنيته القانونية والاستثمارية، وسياسته الطاقية الواضحة، يتقدم بخطى واثقة نحو التحول إلى فاعل محوري في معادلة الهيدروجين الأخضر العالمية، بل وقد يصبح خلال العقدين القادمين أحد المزودين الأساسيين لأوروبا بهذه المادة الحيوية، وهو ما يجعله قوة صاعدة قادرة على منافسة مدريد.